Skip to main content

Full text of "كتاب تاريخ مصر الحديث جرجي زيدان ج 2"

See other formats







اك 






ر*» 
وو 
و 


رمكسرا لورَرَاء الالشمق 


9 
و 





4 جهت. عللو 


منشورات مكتبة اليقظة العربّة 


(لإمش/اء 
« من المؤ منين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من ففى نحبه 
ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا » . 
صدق الله العظيم 
سورة اللأحزاب ؛ الآية (7؟) 


هذه ذكريات رجل جاوز الثمانين من عمره . وقاسبى ما قاساه قِ 
حربين عايتين : حرب ١418-1915‏ م: حيث اشيرك في القتال فجرح 
العراق وي خخارجه : وقد عاصر ست حكومات ٠‏ أو ستة من أنواغ الحكم 
وهي : الحكم الملكي العثماني والاوتوقراطي . وحكمه الدستوري » وحكم 
الاحتلال البريطاني » وحكمه الانتدابي ١‏ م الحكم الملكي شبه المستقل . 
والحكم الجحمهورري الذي كان يراه أفضل انواع الحكم منذ كان طالباً ي كاية 
الحقوق يجامعة اسطنبول بي العقد الثاني . وقد كان بي بعض هذه العهؤاد يصعد 
إلى القمة تارة » ويمط إلى الحضيض تارة أخرى . وسيجد القاريء بي هذه 
الذكريات حقائق دامغة » ومعلوهات دةيقة : ووثائق ومستندات لا شائبة فيها. 

فبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى في أخريات عام ١414‏ م. وسقوط 
الحكم الفيصلي في دمشق ي أواسط عام 11مء شرع الضباط العراقيون 


١ 


الذين اشتركوا ني الثورة الي أعلنها الحسين بن علي شريف مكة المكرهمة على 
الترك في العودة الى العراق فكان فيهم بعض الحقوقيين المتخرجين من جامعة 
اسطنبول في العهد العثماني » فأسهموا في الحكومة الى قامت فيه تحت الانتداب 
البريطاني. وقد بدأ صراع عذيف بين رجال الحكم العرائي ورجال الانثداب 
البريطاني استمر عشر سنوات » وانتهى بدخول العراق عضواً في عصبة الامم . 
حيث انتهى الانتداب على صورة رسمية » وبدأ نزاع من نوع آخر ولكن 
بين الساسة والاحزاب» انتهى بثورة الشعب واللحيش ضد الطغيان البريطاني 
الذي كان بلعب بمقدرات العراق السياسية من وراء ستار : تساعده ثلة مسن 
الساسة الذين ر بطوا مصير هم بمصيره . وكان المأمول أن تتحسن الأحوال العامة 
البلاد بعد انتهاء الحرب العاهية الثانية » وينحسر التدخل البريطاني اتجساراً 
تام » ولكن سير الأمور أثبت العكس . فكان صراع عنذيف بين الفئة 
الحا كمة المسندة من قبل الاجنى . وفئات الشعب المتطلعة الى الانعتاق 
والحرية» حبى قامت ثورة 15 تموز وهي الثنورة ابي وضعت حداً 
نبائياً بين عهدين متباينين ونظامي حكم مختلفين » مما سيطلع عليه القارىء 
الكريم بين صفحات هذا الكتاب . 

ويسرني أن أهدي هذه الذكريات الى جيل الاحفاد الصاعد » جيل 
الجمهورية الحالدة : جيل الاورة الباسلة » جيل الشباب الذي ستقع على عاتقه 
مسؤوليات جسام في مستقيل حياتهم السياسية والاجتماعية . آملا” أن يأخذو 
منها بعض الدروس والعبر » وان يتحماوا المسؤولية بايمان وثة في النفس 
ليبلغوا الأهداف السامية . 

وقبل أن أخدم هذه الكلمة أرى من الواجب أن أشكر الصديق العزيز 
السيد عبد الرزاق الحسبي الذي ساعدني على تدوين هذه الذ كريات » وتبويبها. 
والاشراف على طبعها »والسلام على من اتبع الهدى . 


بسبنزاتم 


(رينا لا تواخذنا إن نسينا أو أخخطأنا ) 
* :|| - اس/٠ء‏ 


بعد ان فرغت من طبع كتاني « سيرة وذ كريات مانين عاماً » قدمت 'نسخاً 
منه الى بعض الاصدقاء والذوات ممن رأيت ان اطلعهم عايها . وقد تلقيت 
ببالغ الشكر والاعتزاز ‏ رسائل تقدير وتثمين من بعض هؤلاء » ولم ير 
آخرون موجبآً لاكتابة . هذا من جهة » ومن جهة أخرى فقد نمل إلي" ان 
نشر كتابي هذا كانت له ردود فعل في الاوساط المختلفة بعضها ايجاني » والبعض 
الأخر عل + فمن مدر لحهودي وصدق مةولى » يكن فك قا" يميت 
عدم إلامه بالامور ابي كانت سائدة يي الحقبة الي ار ودونت أخبارها » 
وإما لسبب شخصي لا يمت الى التاريخ أو الاحداث بصلة . 

وما أني تلقيت ببالغ الشكر والاعتزاز تقدير البعض ٠‏ فقد تلقّيت النقد 
ايضاً برحابة صدر وثقة بالنفس فلم امتعض ححتى مما قاله البعض لدوافسع 
شخصية » اذ لم يكن في وسعي الاهتمام بذلك كلّهء ما دمت كتبت ٠١‏ كتبته 
بصدق وايمان عن كل ما شاهدته بنفسى أو اشتركت فيه شخصياً . وكان كل 
ما كتتته سن الى الوثائق والمنعيدات ال ما ولت الحفظ بأضيفا أو نسخها , 
وأرجو ان يثق القارىء الكريم بأني 30-0 الاساءة الى أحد» او التعرردض 
بأحد » وائما وجدت من واجي ان أدون كل شيء عرفته بصدق وامانة 


واخلاص » ليطلع الاحفاد : جيل الثورة الصاعد . على الغثُ والسمين من. 
احداث تاريخنا في تلك الحقبة من الزمن» وليحيطوا علماً بما جرى ني أيام 
الآباء والاجداد . فان كنت هفوت ني بعض ما جاء في الكتاب كا قبل - 
فاني أطلب المغفرة من باري النسمات . واذا كانت العاطفة قد ساقتتي الى بعض 
ما لا يرضي البعض » فحسبي اني بشر لا حجر فصرت أقسو في بعض الاحيان 
وأرفع الستار عن بعض مازي من كانت «قدرات البلاد في أيديبم عشرات 
السنين . فكانوا أشد بلاء على البلاد والوطن والامة العربية حتّى من أولئنك 
الذين أذلّونا » وقد قاسيت على أيديهم التشريد وعذاب السجون ٠‏ ثلاثة 
سجون : أمريكية : وانكليزية. وعراقية »كما لقي الآخرون من اخحواني الابعاد 
والشنق والتشريد لمجرد اننا كنا ندافع عن كرامة بلادنا واستقلالها » وكرامة الامة 
العربية وانا أترك للقارىء الكريم ان يحكم بما يراه بعد أن يطلع على كل ما في 
الكتاب من صغيرة وكبيرة . 


ولا يسعبي - قبل ان اختم هذه الكلمة ‏ إلا" ان انشر بكل فخر واعتزاز 
الرسالة الي تلقيتها من الاستاذ حسين جميل : وهو أحد الاقانيم الثلائة للحزب 
الوطني الديمقراطي (كامل الحادرجي ‏ حسين جميل - محمد حديد ) وزعمائه 
الآخرين البارزين وكان قد شهد معظم الاحداث الي ورد ذكرها ني كتابي : 
كنا أنشر رسالة تلقيتها من نجل المرحوم السيد ابراهيم الواعظ يدافع فيها عن 
والده . واني لا أشك ان له الحق ني الدفاع عن والده لأبرهن بنشرها بأني ما 
قصدت الاساءة الى أحد في كل ٠١‏ كتبته » ولا سيما في هذء القضية فان المبالغ 
الي جمعت باشراف لحنة التبرعات ٠‏ ققصد بها تخايد رجل ضحى بياته في 
سبيل كر امته وكرامة بلاده واستقلالها. ويظهر ان صور الاحكام الي صدرت 
في هذه القضية وبعث بها نجل المرحوم كانت بالافراج لا بالبراءة . وفيما بلي 
رسالة الاستاذ حسين جميل ثم رسالة السيد مصطفى الواعظ . 


5 


بغداد ي 9؟/ «/ 1/6و١‏ 

الاخ الكبير الكريم الاستاذ:ناجي شوكت حفظه الله 

أهديكم وافر نحياتي واحنرامي وارجو ان تكونوا بخير وصحة » وبعد : 

أتقدم إليكم بالشكر الحزيل على تفضلكم باهدائكم اياي كتابكم القيم 
وسيرة وذكريات » هذا الكتاب الذي كنت انتظر صدوره لأبادر الى قراءته » 
مذ عرفت انه دون وأعطي للمطبعة » وذلك لمعرفني بمدى مشا ركتكم الواسعة 
في أحداث العراق » وسعة اطلاعكم على دخائل سياسته وخفايا وقائعه » 
ومعرفني بصدقكم وصحة روايتكم . فلما ان تفضلم باهدائه لي في أول يوم 
صدوره » انصرفت إليه » وانشغلت به لم اتركه إلى كتاب سواه » او قراءة 
أخرى - على خلاف ما اعتدت من قراءة أكثر من كتاب واحد في اليوم 
الواحد » اقرأ هذا واتركه إلى سواه ثم أعود الى الكتاب الاول - ولكن كتابكم 
شداني إليه » ولم استطع تركه إلى قراءة اخرى فأتممت قراءته في ثلاثة أيام 
وهو ب(770) صفحة ء قرأته قراءة دارس متمعن . وقد استعدث ببذه 
القراءة تاريخ العراق الحديث «دوناً بصدق وأمانة » وتوفيقكم في عرض 
احداثه عرضاً جميلا” منطقياً» وتحليل الكثير من وقائع تار مه وتفسيرها تفسيراً 
سليماً . والكتاب الى جانب ذلك كشف » ولأول مرة » خفايا بعض الاحداث 
المهمة » وعرّف الشعب وجمهور القراء ما كان يجري وراء الستار . ومسن 
ناحيي - على اني عاصرت تاريخ العراق منذ خمس وأر بعين سنة وق ر أت كثيراً 
من تاريخه الحديث وأحدائه ووقائعه ‏ عرفت عن طريق كتابكم جوانب مهمة 
ن هذا التاريخ كنت أجهلها . 

لهذا كله فانكم بكتابكم القيم هذا ٠‏ دهم تاريخ العراق الحديث سخدمة 
عظيمة تسجل لكم بالشكر والثناء والتقديرء وأضفتم الى المكتبة العردية ثروة 
لا تقدر بثمن . 


أكرر لسيادة الاخ الكبير الكريم الشكر والاءتنان على تفضله باهداي 
الكتاب » جزا كم الله على ٠١‏ قدمم لوطنكم من خدمات في الماضي والحاضر 
خير الحزاء . ويكفيكم تقدير «واطنيكم وحب أبناء شعبكم » وثناء التاريخ 
على ما قدمم » وهذا خير جزاء . 

حفظكم الله وأمد في عمركم وصانكم من كل سوء . مع أطيب التحنات 


وأحسن التمنيات . 


من المخلص 
رسالة السيد مصدطفى الواعظ : 
سيدي 
محة 5 


اجتمع في شخصك هن خلال الثمانين عاماً» رجل القانون ورجل الادارة 
ورجل الدبلوماسية ورجل السياسة » وحين سطر قلمك تلك السيرة فلا جناح 
عليك ما سطرته عن شخصك » أما حين تتعرض - ظلماً ‏ برجل - وهو في 
رحاب الله لا يقل عنك «ركزاً بين أبناء وطنه » أباً وعائلة . ولا يقل عنك 
بذلا وخدمة لعروبته وإسلاءه ووطنه » واعظاً وحامياًء نائباً وقاضياً » أديباً 
ومؤرخاً » فاها - ويا للأسف - (كبوة ) الاصيل و ( زلة ) الحكيم » ويا 
لهما من ( كبوة وزلة ) . 

وأختم قولي مستشهداً : 

ديا أيها الذين آمنوا » إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوماً يجهالة » 
فتصبحوا على ما فعلم نادمين » . 5 

مصطفى ابراهم الواعظ 


١91/6 /4 /١5 بغداد‎ 


رأيت ان خخير ما استهل به كتابة هذه المذكرات » نقل النص الأصلى 
وبلغته التركية لما سجله المرحوم والدي في يوم ولادني على ظهر الصفحة الأولى 
من القر آن الكريم 3 الذي كان يحتفظ به بصورة دامةع مع ترجمة هذا النتص 
باللغة العسردية . 

فها إني نحاوزت الثمانين من عمري» وقد استجاب الباري تعالى دعاء 
والدي فأمد” في عمري » ومنحى الصحة والعافية » وبوأني أعلى المناصب 
وأرفعها قٍُ بلادي العز يزة . وكان رائدي الاخلاص لاوطن » والتضحية 2 
سبيل الأمة . فالحمد لله والشكر له تعالى حيث حقق طموح والدي»؛ رحمه الله 
بر حمته الواسعة » الذي رعاني شفقته » وأجزل على من نعمه » وما زال بي 
هكذا حى وافاه أجله المحتوم . 


النلص باللغة الركية 


نور ديده مز محمد ناجنيك قدم ذور عالم وجود أولمس أوج يوز طقوز 
سنه ماليه سبي مارتنك اون اوجنجي وأوج يوز أون سنة هجرية قمرية سي 
أكرءي صلى الله عليه وسلم أفندمز حضر تلرنيّك واشبو قرآن عظيدلك حر منتنه 
كندوسبي بزه ياغشلاسون وكندو سنه عمر طويل وتوفيق بي عديل احسان 
بويوسون وهيج بر الم وكدريي بزه كوسير مسون . آمين ثم آمين بجاه سيد 
المرسلين . 


ترجمة الكلمة اللركية 


أبصر قرة عيننا محمد ناجي نور عالم الوجود في الساعة الواحدة من ليلة 
يوم السبت المصادف السابع من شهر رمضان المبارك لسنة ١٠١١‏ الحجرية » 
والثالث عشر من شهر آذار لسنة ١٠09‏ الرومية . 

فيا واهب الأمال . الذي تنزهت ذاته عن الاقران والامثال» يجحاه حبيبك 
الاكرم صلى الله عليه وسلم » و بحرمة كتابك العظيم هذاء من" به عليناء وأحسن 
إليه » وامنحه العمر الطويل» والتوفيق الذي ليس له بديل» واحفظه اللهم من 
أي مكروه يسبب لنا الآلام آمين ثم آمين يجاه سيد المرسلين . 


١١ 


موجز ليرجمة الحياة 


ولدت ي مدينة الكوت القاعة على الضفة اليسرى من دجلة ي جنوي 
بغداد في 70 آذار 1891 م. <يث كان والدي يشغل «نصب القاكم مقامية 
فيها . فهو شوكت باشا ابن الحاج رفعت بك ابن الحاج أحمد آغا ( ينيجري 
آغا بي بغداد ) أما والدتي فهي فاطمة بنت راغب بكء أكبر أنجال سليمان 
فائق بلك ابن الحاج طالب كهية الوالي داود باشا . وسليمان فائق هذا هو المؤرخ 
العرائي الشهير » ووالد المرحومين : محمود شوكت باشا وحكمت بلك . وقد 
حك تعلم المرآن في ١‏ الحلة » حيث انتقل والدي من الكوت اليها ليشغل 
«نصب القائم مقامية فيها. ولما بلغت السابعة من عمري التحقت بالمدرسة 
الابتدائية » ثم انتقلت الى المدرسة الاعدادية » حيث أنهيت الدراسة الي 
استغرقت سبع سنوات فيها . ثم التحقت بكلية الحقوق في جامعة استانبول 
سنة 1١408‏ و حرجت فيها سنة 19317 وكان والدي قد انتخب لعضوية مجلس 
المبعوثان العثماني » واصطحبي لا كمال محصيل العالي فيها . 

كان أول منصب حكومي تقلدته بعد حرجي من الحقوق هو ( معاون 
المدعي العام ) في محكمة بداءة الحلة بموجب الارادة الشاهانية الصادرة في الثامن 
من شباط سنة ١81٠‏ رومية . ولما أعلنت الحرب العالمية الاولى في أواسط عام 
4مء التحقت بكلية ضباط الاحتياط ني الرابع عشر من أيلول ١414‏ 
اذ دعي جميع خر يجي الحامعات والمدارس الاعدددية الى الحدمة في اللحيش : 
ونخرجت فيها برتبة وكيل ضابط » فألحقت بفوج الحراسة لموقع بغداد , 
واشتركت ببذه الصفة في الفوج الذي طارد قوات الحئرال طاوزاد المنسحبة 
من جوار سلمان باك إلى مدينة الكوت في *كانون الاول 1416 م وبقيت في 


1١١ 


هذا الفوج !ذ!نح للفرقة الحامسة والثلائين الي ضربت الحصار على القوات 
المذكورة حبى اذا حاولت القوات البريطانية الزاحفة من البصرة بقيادة الحثر ال 
ابلمر فك الحصار عن القوات ادحصورة بقيادة الحئرال طاوزند؛ كلفت 
الفرقة النركية المذكورة بصد هذه المحاولة . وعندما اصطدم اللحيشان : 
العثماني والبريطاني في شيخ سعد » قرب على الغربي»؛ أصبت بجروح بايغة 
نقلت على أثرها الى بغداد للتداوي » حتى اذا التأمت جروحي وشفيت من 
مرضي عينت مرافقاً لقائد الطيران الألماني في اليش العثماني السادس» وهو 
يرمئذ الزعيم فون أولوغ تعد ان وفعت الى رتية ملازمثان . ولا ندا لت 
الحيش البريطاني القتال للزرحف على بغداد » سافر مقر الطيران المذكور الى 
الكوت للاسهام في عرقلة الزحف . فلما تفوقت القوات البريطانية الزاحفة على 
القوات التركية المنهكة » واضطر الاتراك للانسحاب الى بغداد» وقعت أسيراً 
بأيدي الانكليز في أوائل آذار 1911 فأرسلت مع بقية من أسر الى البصرة 
فالهند حيث معتقل بلاري بولاية حيدر آباد . 

وكان الحسين بن علي » شريف مكة المكرمة ٠‏ قد أعلن الثورة على الاتراك 
في التاسع من شعبان 14 هء والعاشر من حز يران 1915 م . وكانت بر يطانية 
قد أسرّت الى العرب الذين كانوا يقاتلون في صفوف الحيش العثماني فأسروا 
من قبل اميش البريطاني » انها لا تمانع من يرغب منهم في الالتحاق بقوات 
الشريف حسين » وانها ستهسر لهم سبل هذا الالتحاق اذا أظهروا الرغة في 
ذلك . وقد انتهرت هذه الفرصة فالتحقت بالثورة المذكورة » وعينت مرافقاً 
لقائد الفرقة الأولى للجيش النظامي العربي الذي كان يقوده الأمير فيصل » 
ثالث أنجال الشريف حسين . وقبل أن يتقدم جيش الأمير نحو دمشق بمدة 
قصيرة . تقرر ايفادي الى العراق ي مهمة خاصة فتوجهت الى القاهرة لاسافر 
اليه بطريق البحر » ولكن سرعان ما دخيل الحيش العرلي الشام فانتفت الغاية من 
سفري الى العراق » وعدت الى دمشق بحسب الأوامر الي صدرت إلي” » 
وعبنت مشاوراً للحقوق في ديوان الشورى الذي كان يرأسه المغفور له 


١ 


انون اناا ماقي وين م جصلك عل اقنازة ره وجئت الى بغداد في 
أول حزيران ١47١‏ فوجدت.الحركة الوطنية في أوج ذرونها » وفي عمل دائب 
من أجل تقوية الشعور بالواجب المقدس والتضحية بكل غال وعزيز فانتميت 
الى ( حزب الحرس ) وهو الحزب الذي أخذ على عاتقه التمهيد لاشعال الثورة 
ضد الاحتلال البر يطاني . 
ولما اتخذ الانكليز قرارهم النهائي في السابع عشر من حزيران ١47١‏ 
بالاعداد لانتخاب مؤْ تمر عام يقرر مستقبل البلاد السياسي » قبل ان تندلع 
الثورة في الثلاثين من الشهر المذكور » صرت عضواً في لحنة اعداد قانون 
الانتخاب لهذا المؤتمر . 
أدون فيما يلي الوظائف الي أسندت إل بايجاز » وسأعود الى ايضاح 
كل منها باسهاب  :‏ 
١‏ -عينت معاوناً لمتصرف اواء بغداد في "١‏ كانون الثاني 147١‏ ثم وكيلا” 
له في أول تشرين الاول ١47١‏ وقد استقلت من ذلك في ٠١‏ أيار سنة 
. 
'! - أعيد تعريى متصرفاً لاواء الكوت بالوكالة في ١8‏ أيلول ١477‏ وبي آذار 
1478 أصبحت متصرفاً أصيلا” . 
نقلت الى متصرفية لواء الحلة في ١‏ مايس ١477‏ . 
- نقلت الى متصرفية لواء بغداد في ؟؟ مايس 1414 وأشغلت مع المتصرفية 
( أمانة العاصمة ) بالوكالة لبعض الوقت. 
ه ‏ نقلت الى متصرفية لواء الموصل في ه موز 1475 ترفيعاً الى السرجة 
الاولى. وني ١8‏ حزيزان ١19717‏ سحبت يدي عن العمل لأسباب 
سأذكرها. 


جل 


5 عدت الى الحدمة متصرفاً للواء بغداد في 4 آب 19477 وانتخبت نائباً 
عن لواء الديوانية في مجلس النواب في دورته الثانية عام 1478 . 


1 


- بعد انتخاني نائياً » دخلت وزيراً للداخلية في ( الوزارة السءدونية الثالثة ) 
في الثالث من حزيران 55 . 
م ولا تألفت (الوزارة السعدونية الرابعة ) في ١4‏ أيلول ١479‏ دخيلت 
وزيراً للعدلية فيها . 
4 وبعد انتحار السعدون وتأليف وزارة ناجي السويدي في 18 تشرين 
الثاني 19474 دخخلت وزيراً للداخلية فيها . 
٠‏ - مثلت العراق في مؤتمر الكويت في شباط 1410 » وهو المؤتمر الذي هيأ 
اجتماع الملك فيصل بالملك عبد العزيز آل سعود . 
١‏ بعد استقالة وزارة ناجي السويدي في آذار 19470 عينت وزيراً مفوضاً 
للعراق في أنقره في ١4‏ آب 197٠‏ . 
دخلت وزيراً للداخلية في وزارة ذوري السعيد الثانية المؤلفة في ١9‏ 
تشرين الاول ١90*١‏ وانتخبت نائباً عن لواء الدليم . 
٠‏ - ألفت الوزارة للمرة الاولى في " تشرين الثاني ١97‏ و احتفظت بمنصب 
وزارة الداخلية فيها وقد استقالت وزارني في "7 آذار 1١91#"‏ . 
4 - دخلت وزيراً للداخلية في وزارة جميل المدفعي الاولى , المؤلفة في 7 
تشرين الثاني “19417 . 
- بعد استقالة وزارة المدفعي بشهرين » عينت وزيراً مفوضاً للعراق في 
أنقره للمرة الثانية في ١7‏ مايس » ولبثت في هذا المنصب الى أواخر عام 
1 . 
دخخلت وزيراً للداخلية في وزارة نوري السعيد الثالثة » الي تألفت في ٠١‏ 
كانون الاول ١978‏ وأشغلت منصب رئيس الوزراء بالوكالة في ١7‏ 
كانون الثاني 1418 ثم استقلت من منصي الوزاري أثر اختلاي مع 
رئيس الوزراء في 7١‏ نيسان 1979 . 


14 


- دخلت وزيراً للعدلية في وزارة رشيد عالي المؤلفة في "١‏ أذار ١44٠‏ 
واستقلت من هذا المنصب في 76 كانون الاول .١944٠‏ 

دخلت وزيراً للدفاع في وزارة رشيد عالي الرابعة في ؟١‏ نيسان ١944١‏ 
أثر الانقلاب العسكري الذي أطاح بالامير عبد الاله . 


وفيما بلي قائمة بالأوسمة الممنوحة إلي من مختلف الحكومات : 
١‏ من قبل الحكومة العراقية : وسام الرافدين من الدرجة الأولى ومن النوع 

المدني سنة ١8177‏ . 
؟ من قبل الحكومة المجرية : وسام الاستحتماق واللياقة من الدرجة الأولى 

عام 19178 . 
 #"‏ من قبل الحكومة الإيرانية وسام الهمايون من الدرجة الأولى عام ١94179‏ . 
4-من قبل الحكومة الإيطالية : وسام تاج إيطاليا من الدرجة الثالثة عام 

؟9 . . 
ه-همن قبل الحكومة العردية الحجازية : وسام النهضة والاستقلال عام /191 . 
5 من قبل الحكومة العربية الحجازية ( نوط معان ) . 

وكان قد منح هذا النوط الى ضباط الفصائل الذين اشتركوا في حرب معان 
أثناء الثورة العربية الكبرى سنة ١41/4‏ . 

حادثان طريفان 

تعر ض حياة الانسان ني أحايين كثيرة أحداث عرضية لا يتصورها 
عمل » ولا يجد لها أي تفسير . وسأذكر حادئين صادفا والدي في حياته » 
وقصهما على معارفه وأقريائه . 

وأول هذين الحادئين يتصل لي قبل أن أبصر النور . اذ كنت ما أزال 
جنيناً في بطن أمي » وقد سبق لما أن فقدت نخمسة من البئين » أي كنت 


١6 


سادسهم » فلما كان الشهر السادس من الحمل » زار والدي في مقر القائم 
مقامية بالكوت» وكيل المجتهد الاعظم في هذه المدينة وقال له : انه رأى 
أمير المؤمنين علي بن أني طالب في المنام وبشره بمولود جديد له سيكون ذكراً 
على كل حال» واقترح عليه ان يسمي الوليد ( محمد ناجي ) لأن الله جل وعلا 
سينجيه من الموت الذي سبق اليه أولاده الحمسة . فلما يسر الله الولادة لأمي 
وأبصرت النور » سماني والدي مد ناجي كا اقترح وكيل المجتهد الاعظم . 

ولد أهدى الوكيل المومى اليه الى والدي حرزاً مكتوباً » وطلب اليه أن 
أحمله آناء الليل وأطراف النهار لآن فيه بركة تنجيي من كل مكروه وكان 
والدي يحرص على أن أحمل هذا الحرز بصورة دائمة . وكنت في الحقيقة معنزاً 
به » ومقدراً لقيمته المعنوية » حبى اذا أسرني الانكليز يحوار الكوت عام 
انتزعوه مبي مع الملابس الي كانت علي لما أجبرونا على الاستحمام 
فكان ذلك آخر علمي به . 

أما ثاني الحادثين اللذين أشرت اليهما فويق هذا » فم دكان في قضاء الكوت 
شقي من الاكراد الفيلية التابعين لولاية ( بشت كوه ) الايرانية يدعى سليمون 
اعتاد قطع السابلة بين الكوت وبدره » وسلب ما يحده في حوزنها من نقود 
ومخشلات ٠»‏ كما اعتاد السطو على الببوت حى ضج الناس من أعماله وشكوه 
الى السلطات المختصة مراراً . فلما تولى والدي زمام القضاء » أراد أن يقضي 
على هذا الشقي ويضع حداً لسوء تصرفاته فأخذ يضيق عليه الحناق حتى اذا 
ضاق سليمون ذرعاً ببذه التدابير » لحأ الى تدبير غريب ليحمل والدي على 
تركه وشأنه . 

كان سليمون على الرغم من شقاوته وسوء أعماله لا يعتدي على الفقراء » 
ولا يتصدى لغير المتمولين والأثرياء » ولم يسبق له ان ارتكب جرية قتل أو 
هتك عرض لا ني الطريق العام ولا في المدن . وكان والدي ينام في غرفته » 
وأنام أنا في غرفة أخرى» ترعاني وترعى المهد الذي أنام فيه اذ كان عمري 


لحل 


ني أخرهو جد نب الخاصة المسماة ان وفي ذات ليلة قصد سايمون 
دارنا في غسق الايل . ودخل الغرفة' البي أنا فيها ٠‏ وشهر السلاح في وجه 
ارو عهندا إناها بالقتل ان هي صرت أو واولت ومؤكداً لما انه سوف 
لا يلدق ني أي ضرر » واعا سيأ خذني الى سطح الدار » و ضعي على أول 
السلع ا ان ترجعبي الى مهدي . وتخبر والدي بالذي جرى لي » ولكن 
بعد أن تمنحه فرصة كافية يستطيع أن يبتعد عن الدار وهكذا كان الأمر . فقد 
لفني بالقماط لف محكماً : وصعد بي الى السطح » ووضعي على العتبة بكل 
رفق ثم انصرف الى سبيله . وكان قصده من ذلك نهديد والدي وإفهامه بأنه 
قادر على الحاق الأذى به الا أنه لا يريد بي سوءاً وقد كتب بذلاك رسالة له بي 
لبوم الثاني من الحادث . وكان والدي قد وثق من صحة هذه الاقوال » وزاده 
وثوقاً ما سمعه عنه انه سطا ذات يوم على دار أحد الاثرياء وسرق مخشلات 
كثيرة كانت في حو زته. 7 علم ان بين هذه المخشلات مصاغاً لاحدى النساء 
الفقيرات كانت قد رهنته عند هذا الثري المراني فذهب إليها بالمخشلات 
المذكورة » وطلب اليها ان تسحب منها مصاغها فسححته مع الشكر والاءتنان . 
وعلى هذا قدر والدي شهامة هذا الرجل ء ووجد ان في الامكان 
الاستفادة منه ي بعض النواحي فتشبث له لدى والي بغداد إيشمله بعطف 
الدولة » ويمنحه عفواً خاصاً عما ارتكبه في سالف الازمان. وقد وفق فيما 
تشبث به . وبعد ان حصل له على هذا العفو أدخله عريفاً في مرتبات الشبانه . 
وبعد مرور أكير من 7١‏ عاماً على هذا الحادث زارني سليمون في الحلة» 
وكنت نائب المدعي العام فيها » وقد ظهرت عليه آثار الشيخوخة فاستقبلته 
استقبالا” حسناً. وأكرمت وفادته وسألته عما اذا كانت لديه حاجة استطيع ان 
أقضيها له فشكرني وانصرف ولم أشاهده بعد ذاك . 


8 سيرة وذ كر يات(؟) 


اخوني ودراستي 


رزق الله والدي من بعدي بثلاثة بنين هم : الطبيبان ساءي وص 
والضابط رفعت . وكنت واياهم ننتقل معه من قضاء الى قضاء . من ا 
الى الحلة فبغداد حيث شغل والدي منصب رئيس ديوان الولاية ثم ع 
الحلة ٠رة‏ ثانية . وكنت قد بلغت السابعة من عمري فألحقى بالمدرسة الا 
في بغداد » اذ كان جدي رفعت بلك قد انتقل الى رحمة ربه وبقيت ذا 
جديد حسن باشا غير مشغولة فأشغلها أفراد عائتي » وبقي الوالد ينتقل » 
من وظيفة الى أخرى حبى اذا انتخب نائباً في مجلس المبعوثان العثماني » 
الى استنبول وترك عائلته في بغداد . أما أنا فقد التحقت بالمدرسة الاب 
المسماة ( المدرسة الابتدائية الحميدية ) وكانت هذه المدرسة تشغل البناية 
أصبحت مدرسة للحقوق بعدئذ . وكان بين رفاقي في هذه المدرسة : مصه 
عاصم المحامي الذي قتل في فاتح عام 144٠‏ م. وكا ن كامل مهدي باشا الذي 
يستمر على الدراسة فتركها وبقي متأخراً عن رفاقه ثم اشغل «نصب رئه 
المفتشين في أمانة العاصمة » يوم أصبحت أنا وزيراً للداخلية في عام 9478 
ولما أبيت دراسبي الابتدائية ( وكانت مدة الدراسة ثلاث سنوات يم 
ذاك ) دخلت المدرسة الاعدادية الملكية » وكانت تشغل بناية واسعة قرب جاه 
مدرسمة الحاتون وببوت آل الدفتري » وهي البناية التي أمر بهدمها حكمم 
بك سليمان يوم أصبح مديراً لمعاروف الولاية في عام 1418 م » وأقامة 
موضعها مدرسة للاناث على آخر طراز . وكانت أول مدرسة اعدادية للبنات 
تفتح في بغداد في هاتيك الايام . 
كانت مدة الدراسة في الاعدادي الملكي تستغرق سبع سنوات . منها ثلاث 
سنوات للرشدية » وسنتان للاعدادي الاول » ومثلها للاعدادي الثاني . وكان 
رفاقي ي هذه المدرمة » وي الضف الذي كنت فيه » السادة : حمدي صدر 
الدين آل مامو » وببجت زينل » ومزاحم أمين الباجهجي » ونشأت السنوي » 


14 


وابراهيم الشابندر » وعبد العزيز بابان » وفاضل محمود ء وعبد العزيز الخياط 
(الاعرج ) وخليل مردان ء وأربعة آآخرون لا نحضرني أسماؤهم . وكان 
بينهم شاب موسوي يدعى خضوري . وقد أصبح كل من هؤلاء فيما بعد 
اما محامياً بارزاً أو حاكاً مشهوراً أو موظفاً مرموقاً أو وزيراً. وكان مدير 
مدرستنا رجل تركي قدير يدعى حسيناً ) وكان معمماً متديناً شديد التعصب » 
وكنا مخشى بطشه وشدة مزاجه . وكان هذا المدير الفاضل معاونان يسمى 
أحدهما علي أفندي » بينما كنا نسمي الثاني ( حجيه وضحه ) لأنه كان يكثر 
من استعمال الكلمات ( وضح وضوحاً أكبر ) على حين كنا نطلق على معاون 
آخر اسم (كأن ) لأنه كان يكثر من استعمال هذه الكلمة . وتلك شنشنه معروفة 
لدى طلاب المدارس في كافة أعمارهم وصفوفهم . أما أساتذة المدرسة فكان 
البارزون منهم السادة: عبدالحليل آل جميل: ومعروف الرصائي. وأحمد 
صبري . 

كان طلاب صفنا على جانب كبير من الذكاء والنباهة » وكانوا يحرصون 
على الدوام وتلقي الدروس حرصاً شديداً بحيث كانوا يستحضرون دروسهم 
قبل أن يتلقونها من أفواه أساتذمهم . وهذا كان الاساتذة والمدرسون يقدرون 
ذكاءهم ويراعون جانبهم » ولكن هؤلاء الطلاب كانوا نزقين طائشين الى 
جانب ذكائهم وحرصهم على دروسهم » شأمهم شأن الطلاب النشطين وكان 
من الصعب أن ينجو "أحد الاساتذة من شيطنتهم وصبينتهم واللعب على 
ذقوسهم . ١‏ 

كنا نطلق كلمة ( زرافة ) على أحد الاساتذة لأنه كان له عنق طويل كعنق 
الزرافة » وكنا نطلق كلمة ( قرابة ) على استاذ آخر لأنه كان قصيراً بديئاً . 
بينما كنا نسمي معلماً ثالثاً (كنف ) أي مرحاض لانه كان عصي المزاج وينادي 
الطلاب ببذه الكلمة (كنف ) كلما احتد مزاجه . 

لا كنا في الصف الحامس الاعدادي الملكي كان في الصف السادس الذي 


15 


يفوقنا سئة واحدة كل من الأخوين السويديين توفيق » وثابت ٠»‏ وهائم 
السنوي » وشمس الدين » وهو من أصل تركي . وكان في الصف السابع 
النهاثي) السادة كمال حبيب بك من آل عبد الخليل في الحلة» وحمود ضبحي 
الدفتري » وحكمت سليمان » وعبد الله ثنيان . وكان كمال بك الاول في 
الصف وكان في الصفين السادس والسابع عدد من الشبان اليهود يراوح بين 
الثلاثة واللدمسة . ولما أصبح حسين أفندي مديراً لمدرستنا وهو الذي وصفنا 
طباعه الحشنة أعلاه تضايق هؤلاء اليهود من صراءته فتشتتوا أيدي سبأ . 


إعلان المشروطية 


لما أعلنت المشروطية في 74 موز من عام 1408 كنا في عطلة الصف 
السادس . فلما استأنفنا الدراسة في الصف السابع توهمنا ان اعلان المشروطية 
بعبى الحرية ني الكلام » والتمرد على القيود المدرسية . وكان طلاب المدرسة 
الحربية العسكرية قد سبقونا الى هذا الوهم فتمردوا على مدير مدرستهم 
وأخرجوه منها عنوة » فشجعنا عملهم هذا على القيام بمثله في مدرستنا ولكن 
تمردنا لم يكن على مدير المدرسة بل كان على معاونه الأول » لأنه كان خشن 
الطباع ٠‏ صارم النظام » سريع البطش » على الرغم من سعة علمه » واتساع 
ثقافته . فقد كان معروفاً بين طلاب المدرسة بالشذوذ الجنسي » ولم يكن هذا 
ماف علينا بل كان خجلنا في أحابين كثيرة ويدمي ى قلوبنا فمررنا الانتقام منه . 
ولا همينا عل التمررد. فد هذا المعاون”: مالف نهنا ينض عللانن الطيف 
الحامس فلما دخل علينا بي الصف ثرنا ي وجهه » ورفضنا الاستماع الى 
درسه . وما لبثنا ان تركنا الصف وصرنا تحرص بقنية الطلاب على الاضراب 
والتمرد فلما شعر مدير المدرسة بذلك أمر بسد باب المدرسة فكسرناها وخ رجنا 
متجهين >و السراي لمقابلة الوالي . وكان عددنا يناهز الحمسين طالباًء ولكن 
هذا العدد أخذ بالتناقص حتى اذا بلغنا «لدخل غرفة الوالي كان قد وصل الى 
الستة ولما لمحنا الواللي ‏ وكان محمد فاضل باشا الداغستاني وهو يعرفني بعض 


"٠. 


المعرفة ‏ نادافي برفق باللغة التركية ( تعال إلي ولدي تعال ) وبعد ان فهم 
الغرض من #يئنا بصورة مختصرة طلب إلى مرافقه أن يأخذنا الى مدير المعارف » 
على الموقف برمته » وهذا رفض مقابلتنا » وقررت ادارة المدرسة 
طزدنا طرداً موقتاً ‏ أي مدة اسبوع ‏ فاستسلمنا للقضاء والقدر » ورجعنا 
الى بيوتنا خفي حنين وصار رفائي المطرودون معي وهم ببجت زيئل » وفاضل 
محمود )» ومصطفى عاصم » وعياد العزير الجييات: , ومزاحم الباجهجي » 
بيقضون مدة دوام المدرسة في دارنا وأهلهم بحسبون اهم يداومون ي المدرسة 
حتى اذا انتهت ٠دة‏ الطرد عدنا الى المدرسة كسيري االحواطر . 


عودة إلى الدراسة والانتقام 


رجعنا الى المدرسة ونحن نفكر في الثأر لأنفسناء وتأبى الصدف الا أن 
تواتينا فرصة ذهبية . فمّد زحف مود شوكت باشا من سلاذيك على استانبول » 
وتسبب في خلع السلطان عبد الحميد عن العرش» والمناداة محمد رشاد خليفة 
على المسلمين » واذا بمراد بك شقيق محمود شوكت باشا يعين لديوان الولاية 
رأساً » ويوعز الى اندعي العام بالتحقيق هع معاون مدير مدرستنا » موضوع 
البحث » فيرتبك هذا ويبرب خلسة الى الافغان عن طريق ايران » وأصبحنا 
نحن الطلاب امطرودين أسياد الموقف .» وأصبحت كلمتنا هي العليا » وتأثير نا 
في المدرسة أمراً مفروغاً منه . وعلى هذا تألفت الحنة مدرسية من مدير المدرسة 
رئيساً » وأحد الاساتذة عضواً . وكنت أمثل الطلبة عضواً في اللجنة . وأخذت 
اللجنة تصدر مجلة مدرسية اسبوعية باسم (لمعة «هارف ) . 

كانت شهاداتي المدرسية الابتدائية والاعدادية تتميز بعلامة « علي الأعلى » 
(أي امتاز عدا ):وكتت الأوؤل:في الصت مدة حزامي الأنخيرة في مدارس 
بغداد . وبعد نحرجي سافرت بمعية والدي الى استانبول للاشتراك في مسابقة 


"١ 


الدخول في «كاية الملكية شاهانه » لأن الالتحاق ببذه الكلية كان يقتصر على 
أربعين طالباً في كل سنة » وكان والدي قد انتخب لعضوية مجلس المبعوئان 
فصادف وصولننا الى عاصمة الحلافة بعد انتهاء المسابةة المذكورة » لأن السفر 
من بغداد الى العاصمة المذكورة كان يستغرق 717 يوماً . فهو من بغداد الى 
حلب بطريق الفلوجة » الرمادي » حديثة » دير الزور » يستغرق سبعة عشر 
يوماً بالعربات » ومن حلب الى بيروت بالقطار يوم كاملا" » ومنها الى 
اسطنبول بالبحر تسعة أيام اذ ثمر الباخرة بقبرص ٠‏ وسلانيك » وأزمير » 
ثم بالدردنيل وبحر مرمره ( على حين ان السفر من بغداد الى الاستانة بالطيارة 
اليوم لا يستغرق أكثر من ساعتين ) وحيث وصلت دار الحلافة متأخراً » فقد 
التحقت بكلية الحقوق التابعة الحامعة استانبول فكان رقم تسجيلي 41609 وكانت 
كليتا الحقوق والملكي شاهانه في بناية واحدة . 

كان طلاب الحقوق يمثلون مختلف القوميات والأديان في الامبراطورية 
العثمانية . كان فيهم الاتراك » والعرب » والأرمن » والألبان » والبوشناق » 
والارناؤوط » والاروام » وغيرهم . وكان فيها المسلمون » والمسيحيون ء 
واليهود . وكانت أكبرية العرب من الشام وحلب والقدس ». وكان عدد 
العراقيين فيها يناهز الحمسة عشر طالباً . ومن بين الطلاب السوريين الذين 
تعرفت عليهم ني هذه الكلية رياض الصلح » وسعد الله الحابري » وربما كان 
بنغوريون بين الطلاب اليهود فيها . أما أساتذة الحقوق فكانوا من أجل" 
الاساتذة والمحامين والحقوقيين » وكان بينهم بعض الوزراء وكبار موظفي 
الدولة أضراب حقي باشا الذي أشغل منصب الصدر الأعظم فيما بتعدء. 
ومصطفى فوزي عضو دائرة الافتاء » وكان يدرسنا مجلة الاحكام العدلية » 
وأبو العلاء زين العابدين استاذ أصول الفقه الاسلامي» وزهراب بلتُ مدرس 
الحقوق الحزائية وهو من أصل أرمني » وقد قتل مع من قتلهم الانحاديون 
خلال الحرب العالمية الاولى في مذبحة الارمن الي راح ضحيتها زهاء مليون 
رجل كا هر المشهوز ين الناس.. 


ف 


. تكن الدراسة في كلية الحقوق مثلها في المدارس الابتدائية» أو 
الرشدية ؛ أو الاعدادية . فقمد كان الاساتذة يلقون محاضراتهم القاء » وكان 
علينا ان نصغى اليها ونتفهمها ثم نكتبها فكانت الافادة من ذاك مضاعفة . 
وبعد ان قضديت في هذه الكلية أر بع سنوات: وهى مدة الدراسة القانونية ؛ 


تحر جت فيها عام 191١1‏ م. 


وصف بغداد 

لا بد لي أن أصف بغداد وصفاً موجزاً قبل أن أذكر عودتي اليها موظفاً . 

لم تكن بغداد الي أدركتها أيام صباي وما زلت أتذ كرها كما هي اليوم 
من حيث السعة » والانتظام » وسعة الشوارع » وكثرنها. كانت بغداد في 
أواخر الَرن التاسع عذير وأوائل القرن العشرين أشبه بالقرية الكبيرة منها 
الى المدينة العصرية . وكان جانب الر صافة محاطاً خندق من بقايا سورها القديم 
الذي أمر ببدمه الوالي مدحت باشا. وكان هذا السور بمتد من حوالى المستشفى 
الحمهوري وبهو أمانة العاصمة الى الباب الشرثي. وكان فيها من النفوس نحو 
مئة ألف نسمة . ولم يكن فيها من الأطباء غير طبيب يوناني واحد يدعى 
(يانقو) يدور على بيوت المرضى راكباً على حمار له. وكان في المستشفى 
العسكري جراح واحد اسمه ( عرفان بك ) أما العلاجات فكانت تباع لدى 
العطارين اذ كانت في طول بغداد وعرضها صيدليتان فقط أحداهما في سوق 
الشورجة يمتلكها رجل يبودي » والثانية في الميدان وصاحبها مواطن أرمي . 
أما الجراحة فكان يقوم بها الحلاقون والمجبرون من الاكراد الفيلية وما زلت 
أتذكر أخي الدكتور صائب شوكت وكيف كسر ذراعه في حادث سقوط ء 
وكيف جبره رئيس حمالي الكمرك وهو رجل فيل يدعى ( شمه ) 
باتقان بعد أن أخفق اللحراح العسكري عرفان بك في نجبيره . وكان المسؤول 
عن الأمن كله مفوض واحد يدعى رفعت » مع خمسة أفراد من الشرطة . 


رف 


وكان لكل محلة تشكيلاتما الخاصة » وتؤلف عادة من الإمام » والمختار» 
والهيئة المختارة . وللحق أقول ان الأمن في هذه المجلات كان يحافظ عليه 
بواسطة هؤلاء بكل دقة . وكانت هذه المحلات معروفة ومحددة فمنها محلة 
جديد حسن باشا » وتليها محلة الحيدرخانة » فالميدان. فكان معظم موظفي 
الدولة يسكنون في هذه المحلات لقربها من دواوين الحكومة والقشلة العسكرية. 
ثم بلي ذلك عقد النصارى وهي المحلة الي كان يسكنها معظم نصارى بغداد , 
وتقام فيها كنائسهم . وكان لليهود محلات خاصة بهم و بمعابدهم كحلة التوراءة: 
وعد القشل . كنا كانت لحم مدرستان : ابتدائية ومتوسطة يقال لمما ( اليانس 
اسرائيل ) أي مدرسة الانحاد الاسرائيل . وقد فتحت للجعفرية مدرسة أهلية 
بعد اعلان الدستور العثماني في عام ١408‏ سميت ( مكتب الثري الحعفري 
العثماني ) ومقرها في سوق الغزل . 

كانت الأمواصلات بين بغداد والاعظمية نحري بواسطة العربات الحشبية » 
أما ما بينها وبين الكاظمية فقد أمنتها شركة الترامواي الاهلية المؤلفة سنة 
4 م وكانت العربات ( الكاريات ) الي نجري على هذه السكة مؤلفة من 
طابقين نجرها الحيول وقد بقيت مستعملة الى عام ١9441/‏ م حيث رفعت حلت 
السيارات محلها بعد تعبيد الطريق وتزفيتها . 

كان معظم سكان صوب الكرخ - ان لم نقل كلهم - ءن عرب عكيل » 
ومن التكارتة » والسوامرة . ولم يكن لهذا الصوب سور يحمية كنا هو الحال 
في الرصافة . وكانت معظم علاوي الطعام ومخازن الاخشاب الفوغ تقع في 
الكرخ » وكذلك ٠راسي‏ الاكلاك الاتية من الموصل وسامراء » رالمحملة 
بالفواكه ولا سيما الرقي والبطيخ . 

وكان السفر بين بغداد والبصرة والمدن القائمة على ضفي دجلة يحري 
ببواخر شركة لنج الموسسة عام 184٠‏ م. كما ان البضائع الواردة من المند 
والصادرة الى خارج العراق كانت تنقل بواسطة هذه البواخر . 


>32 


١ 
وكانت في بغداد قنصلية لكل من انكلراء وفرنساء وروسياء‎ 

والتساء :ايان أوكاتك تفكيلات الزلات عنارة عق الو الي بساعده باون 
أو رئيس ديوان » مع مدير معارف لشؤون المدارس » ودفتردار للامور 
الملاية » ومديريات للنفوس والطابو والأوقاف . أما محاكم الولاية فكانت 
عبارة عن محاكم البداية » والاستئناف » والحقوق» والشرع . وكانت بغداد 
مقراً لقيادة اليش السادس . وكان قادة هذا اليش م. بين قادة- االحيش 


العثماني بدرجة مشير أو فريق . 
تأجيل الامتحانات المدرسية 


كانت الامتحانات السنوية نحري عادة في أوائل شهر حزيران من كل 
سنة . أها في السنة الرابعة اللي ألميت فيها دراسي في كلية الحقوق فقد تأجل 
امتحانها الى تشرين الثاني بسبب حرب البلقان الي استمرت بين الامبراطورية 
العثماذية من .جهة . ودول بلغاريا وصربيا واليونان من جهة أخرى » وكان 
الحيش العثماني لسوء تنظيمه » وتفاهة سلاحه » وجهل قادته » قد اضطر 
الى التراجع حبى أسوار استانبول أي الى « يشيل كوي »( مطار استانبول 
الحالي ) وبالنظر لانتشار وباء الكوليرا بين الحنود والاهلين وحالة الحرب 
المذكورة » فد تعطلت الدراسة والامتحانات نحو ستة أشهر . 


سكناي في مقرى كوي 


نت خلال سي دراسي الحةقوق أقطن في «مقرى كوي » احدى 
ضواحى استانبول الواقعة على طر يق سكة حديد استانبول ‏ باريس . وتبعد هذه 
القرية عن العاصمة نحو نصف ساعة بالقطار . وكان الغرض من سكناي في 
هذه الضاحية أن أكون قريباً من عمي شقيق والدي أمين بك من جهة » وبعيداً 
عن ضوضاء المدن ولياليها من جهة أخرى . وكنت أسكن داراً صغيرة مؤ لفة 


"6 


من ثلاث غرف » ونحخدمي سيدة رومية الاصل كانت تقوم بواجبات البيت 
كافة . وكان المبلغ الذي خصصه والدي لي عشر ليرات ذهبية عثمانية في 
الشهر » وكنت أدسرف ليرتين للايجحار » ومثلهما للخادمة الرومية» وما تبقى 
لتأمين حاجاتي من مأكل وملبس وأجور نقل ونحو ذلك . وكان والدي يتقبل 
هذا الانفاق الشهري رغبة منه في توفير أسباب الرفاه والراحة لي » والابتعاد 
عن أوضار المدنء في حين كانت مخصصات الطلاب العراقيين والعرب تتراوح 
بين الحمس ليرات والست في الشهر . 

كان علي أن أغادر مسكني مع بزوغ الشمس لأستقل القطار من محطة 
مقرى كوي الى محطة ( قوم قبو ) في استانبول القريبة من الكلية . وكنت لا 
أبالي بالبرد والثلوج لأني كنت ما أزال في ريعان الشباب. وكثيراً ما كانت 
درجة الحرارة تصل الى نحت الصفر . ولا أتممت دراساتي في -كلية الحقوق» 
تخرجت بدرجة ( علي الأعلى ) أي ممتاز جداً . وكان الاول في الصف طالب 
من الموصل يدعى ( حافظ سعيد الحوادي ) وقد استشهد في معارك شيخ سعد 
بالقرب من علي الغرني عام ١915‏ رحمه الله برحمته الواسعة . 

كنت أقضي لبالي الجمعة في دار عم والدي محمود شوكت باشا ١‏ وكثيراً 
ماكنت أبات فيها تلك الليالي ثم أعود الى داري في مقرى كوي . وكنت استفيد 
فوائد كثيرة من وجودي في هذه الدار » ومن جلوسي على مائدة العشاء حيث 
كانت نحري أحاديث مختلفة في السياسة والاحوال العامة في مختلف البلدان العالمية . 


أول طائرة 


لقد وصل أخيي سامي الى استانبول في عام 141١‏ ووصل بعده أخي صائب 
في عام “41 وقد دخلا الكلية الطبية العسكرية » بعد اجتيازهما امتحان 
القبول » فكان وصولمما فرصة طيبة لي . ولعل أهم ما حدث لي أثناء مقامي 
في دار الحلافة مشاهدة أول طائرة في حياتي . كان الطيار الفرنسي ( لايله ريو ) 


ها 


قد عبر مضيق المانش بين « دوفر » الانكليزية و «كالي » الفرانسية بطائرته 
الخاصة » وأراد أن يعبر البسفور من جهة اسطنبول الاوروبية الى جهتها الآسيوية 
بطائرته هذه » فتقلها بالقطار من باريس الى استانبول . وكان يوم نجربته 
العبور هذا يوماً مشهوداً إزدحم أكير من عثيرة آلاف نسمة في ميدان تقسيم 
قرب المدرسة الحربية العسكرية لمشاهدته » وما كاد الطبار يستقل الطائرة 
وبربط نفسه بمقعدها ويحرك آلانها ويزحف على الارض بضع مئات من 
الامتار » ثم ير تفع بها عن الارض بمقدار مخمسين متراً ليعبر الى اسكودار 
حنى أخذت هذه الطائرة تميل ذات اليمين وذات الشمال » ثم هوت على 
الأرض وأصيب الطيار برضوض وكسور فاضطر للعودة بها الى باريس بالقطار. 


مقتل ناظر الحربية 


لا تولى حزب الائتلاف حكم الامبراطورية العثمانية » ترأس كامل 
باشا منصب الصدر الاعظم تر أن ناظم باشا منصب وزارة الدفاع ‏ 
فأغاظ هذا حزب الاتحاد والنري. » وسعي للتنكيل ببذه الحكومة » فاقتحم 
ثلة من الضباط - كان على رأسها أنور باشا ‏ بناية مجلس الوزراء أثناء انعقاد 
جلسته فتلقاهم أحد مرافقي ناظم باشا فقتلوه » وحدثت ولولة خرج على أثرها 
وزير الحربية ناظم باشا لاستطلاع احبر فأردوه قتيلا” ف الحال ء ودخلوا 
على كامل بادا وأرغموه على تقديم استقالته من «نصبه » ولا كلف محمود 
شوكت باشا من قبل الحليفة بتأليف الوزارة الهديدة» اشعرط أن تكون وزارته 
وزارة محايدة فلا يدخلها أحد من حزب الائتلاف » ولا من حزب الانحاد 
والئرئي . الأمر الذي سبب استياء الانحاديين» وفي الاخير تجاونهم في أمر 
<راسة الرئيس الحديد . فدرّر خصومهم قتل محهود باثا وذلك بأنهم رتبوا 
تشييع جنازة وهمية كانت تسير في وقت حدد فيه خروج الصدر الاعظم 
من وزارة الحربية الى مقر رئاسة الوزراء في الباب العاللي» فلما اقنر بت السيارة 


يفا 


الى كانت تقل توقفت احترامأ لمرور النعذر ٠‏ فاذا بالطلقات النارية تطلق 
عليه وهو داخل السيارة وتصيب «قتلا” منه » ومن مرافقه » وجرح السائق . 
وقد شيع جثمان القتيل الى مرقده باحتفال مهيب اشيرك فيه قادة اخيش » 
والسفراء » والاعيان » والنواب » هما اشكرك فيه نخالد بك وحكمت بلك 
شقيقا القتيل الكبير » واشتركت أنا بصفة كوني قريباً له . أما الدفن فكان في 
(.حريت أبديه تبدسي ) ثم أجريت محاكئات سريعة لمن اهم في تدبير هذه 
تنفع فيه حتى شفاعة زوجته لدى اللدليفة . 


أحداث مختلفة 


من الحوادث المهمة الي جرت في الامبراطورية العثمانية» وانا ما أزال 
في اسطنبول » استيلاء الطليان على طرابلس الغرب » المعروفة اليوم بليبيا . ثم 
زيارة ملوك بلغاريا » والصرب ٠‏ واليونان » الى مقر الحلافة الاسلامية ثم 
حرب البلقان . 


الدخول في خدمة الدولة 


بعد تخرجي من كلية الحقوق عام 141 انصرفت للبحث عن وظيفة 
تناسب محصيل ونحقق طموحي . وكان على من يرغب الاتخراط في الوظائف 
العدلية أن يجتاز سنة اختبار أو تمرين . أما في دواوين وزارة العدلية » أو في 
احدى محا كمها » أو بمعية أحد المحامين المعروفين . وقد استثنت الحكومة من 
هذا التمرين أبناء العرب المتخرجين في كلية الحقوق2» وكذلك الذين كانوا 
يحسنون العربية » لأن المرافعات في البلاد العربية بدأت نجري باللغة العربية » 
وكانت الدولة يحاجة الى موظفين يتقنون هذه .اللغة . وعلى هذا قررت أن أطلب 
تعييبي في احدى المحاكم وقصدت ديوان وزارة الغدلية وقابلت وزير العدلية 


514 


ابراهيم بك ؛ وكنت تعرفت عليه بي دار محمود شوكت باشا » وعندها عرف 
الغرض من هذه المقابلة » أمر بتعبيني . وكانت هناك ثلاثة شواغر : نائب 
حاكم في كل هن دمشق » وكربلاء » ونائب مدعي عام في #كمة الحلة , 
فاخئرت الوظيفة الاخيرة فصدرت الارادة الشاهانية بتعريبي نائب مدعي عام 
في الحلة. 

نبيأت للسفر وحزمت لوازمي روي م أبحرت بالباخرة من استانبول 
الى بيروت في أؤائل آذار 1114 ومنها الى جرابلس بالعربات » ومنها الى 
الفلوجة بالشختور . وكان معي من رفاق السفر طبيب جراح ؛ وقام مقام 
عسكري » وبيكباشي عسكري » فأصبحنا أربعة » وأجرنا شختورين اثنين 
وكان الفرات في حالة فيضان فاستفدنا من فيضانه » وقطعنا المسافة بين 
جرابلس والفلوجة بستة أيام بدلا" من ستة عشر يوماً » كانت تقطع في العربات 
ومن الفلوجة أبرقت للوالد عن وصولي سالاً فأسرع الى استقبالي من هذه 
القصبة » واتجهنا تحو بغداد بالعربة فبلغناها مساء . وهكذا فرحت بلقاء 
والدي ووالدتي وسائر أفراد عائلي . 

بعد أن أقمت في بغداد بضعة أيام استجماماً للراحة » مبأت للسفر الى 
الحلة لاستلام عملي في محكمتها فتسلمته ي يوم 78 نيسان ١1414‏ وكان رئيس 
المحكمة ال حاج صالح الباجهجي حا كا لطيفاً ومتديناً » ولم تكن ال حلة بغريبة 
عني لأني قضيت مدة من طفولتي فيها . 


الالتحاق بالحدمة العسكرية 


لم تكد تعلن الحرب العالمية الأولى في آب من عام 1414 م حني دعيت 
الى الخدمة العسكرية » وذلك بالالتحاق في مدرسة ضباط الاحتياط الي دعي 
اليها كافة خريجي المدارس العالية والثانوية في بغداد. وكان بين هؤلاء 
المدعوين أصدقائي واخخوان الدراسة معي السادة : نصرت الفارسي » وعلاء. 


>53 


الدين النائب » وابراههم الشابندر »ء وغيرهم وكان التدريب في المدرسة 
المذكورة شاقاً ومرهقاً . وبعد بضعة أشهر صدرت الأوامر بسفر المدرسة الى 
بعقوبة انتظاراً لوصول قائد الهيئة السفرية الى كان من المقرر ذهابها الى الهند 
عن طريق ايران والافغان لاحداث القلاقل وخاق الجاعب للانكليز فيها . 
وكانت الهيئة برئاسة رؤوف بك » وهؤلفة من فوج مشاة» وسرية خيالة من 
الدروز » وبطرية مدفعية » وسرية رشاشات » وقد تسربت الينا أنباء سرية 
ان الغاية من تسفير مدرستنا الى الهند عن هذه الطريق الطويلة وتكليفها بهذه 
المهمة الشاقة هي القضاء علينا والتخلص منا بصفة كوننا من الشبان العرب . 

كان رؤوف بك من ضباط البحرية العثمانية » وكان قائداً للمدمرة التركية 
المسماة.( حميدية ) وقد ذاع صيته بين الاوساط العسكرية فقد استفاد »من 
سرعة مدهرته هذه في أثناء الحرب التركية اليونانية فأغار على ميناء أثنه المسماة 
( بيره ) ثم قصفها وعاد الى استانبول منتصراً على الرغم من تفوق الاسطول 
اليوناني المذكور على الاسطول العثماني . 

والظاهر ان القائد الغام أنور باشا أراد أن يستفيد من اقدام رؤوف بك 
وجرأته فعهد اليه ببذه المهمة الشاقة . 

سافرنا الى بعقوبة سيراً على الاقدام وقد ربطنا حقائبنا على ظهورنا , 
وحملنا سلاحنا على أكتافنا » واستغرق هذا السفز يومينكاملين فلما بلغنا 
القصبة المذكورة كنا متعبين منهوكين . وبعد وصول رؤوف بك الينا سافرت 
الهيئة الى شهربان » ومنها الى مندلي » ثم الى خخانقين » فقصر شيرين 
داخل حدود ايران . وقد أبقى القائد طلاب المدرسة المذكورة في القصر 
المذ كور » وتوجه الى كرمنشاه فعسكر في قرية ( كرند ) الحميلة يجبالها وحسن 
مناظرها فأخذ جنوده يعتدون على الناس » ويسلبون القوافل» ويقتلون 
الابرياء » الأمر الذي أثار حفيظي وكنت حينذاك رئيس عرفاء المدرسة 
(كانت المدرسة قد اعتبرت سرية ) وقدكتبت رسالة شخصية الى والدي أعدد 


8 


ذيها هذه المظالم » ولا سيما وقدكان هدف البعثة ‏ كما قيل لنا - توحيد كلمة 
المسلمين وتوجيههم وجهة مخدمة الوحدة الاسلامية . وكان والدي بصفة كونه 
أحد أعضاء مجلس البعوثان فقد اصطحبه القائد نور الدين معه الى جبهة الكوت 
ايكون واسطة التفاهم دينه وبين رؤساء العشائر » وقد حملت كتابي هذا 
لوالدي الى خانقين بنفسي » ووضعته في بريدها » ولم أكن أعلم ان رؤوف 
بك قد فرض الرقابة ( السانسور ) على بريد خخانقين . فلما عثر الرقيب على 
الرسالة موضوعة البحث » واطلع المومى اليه عايها » جن جنونه . وبعد 
أسبوع جاء الى قصر شيرين » وزار المدرسة . وكنا علمنا بقرب مجيئه فهيأنا 
أنفسنا لاستقباله والأرحيب بمقدهه ٠»‏ واذا به بيأني غاضباً متجهماً . قائلا 

انه.جاء لتوبيخ البعض منا لا (يحبيناء وانه لا يهاب نائباً ولا قائداً ولا ححى 
أنور باشا » وانه يتلقى الأوامر من الحليفة مباشرة » وانه سيسحق كل فرد منا 
اذا وجد فيه اعوجاجاً أو تمرداً » وانه سيشد المتمرد بذيل الخحصان حتى يلاي 
حتفه . قال هذا كله وهو يوجه أنظاره الحادة الي شخصياً ففهمت الغرض 
والهدف من ميته الى المدرسة . وتأبى الصدف الا أن يلاي رؤوف بك مصيره 
بعد مدة قصيرة . فقد وصل الى قصر شير ين أحد نبلاء عائلة القيصر الالماني 
موفداً الى ايران » بغية التفاهم وتوحيد العمل ضد الانكليز » وكانت معه 
مبالغ طائلة من الليرات الذهبية لينفقها في هذا السبيل . فلما طلب الى رؤوف 
بلك تعبين موعد لمقابلته أجابه بواسطة قائد حامية القصر بأنه يعتذر عن مقابلة 
ختزير ألماني . والظاهر ان هذا الأمير كان يتمتع بمركز «رموق في استانبول . 
فما كاد يبرق اليها بالحادث حتى تسلم رؤوف بك أمراً بعزله » فلما عاد الى 
القصر في طريقه الى بغداد أراد أن يسلم على المدرسة فاذا بطلاءها يرفضون 
«قابلته » ويشيعونه بالشتائم . وبعد أن حل محله عاطف بك صدرت أوامر 
القيادة بعودة المدرسة ة الى بغداد » حيث منح الطلاب رتبة وكيل ضابط » 
ووزعوا على الوحدات . وكان نصيي ان التحقت بياحدى سرايا فوج الانضبياط 
قُ بغداد » وهو الفوج الذي ألحق بالفرقة الحامسة والثلائين الي كلفت بمطاردة 


م 


الحئرال طاوزند الى الكوت » وضرب الحصار عليه . 

كان رؤوف بك متغطرساً ومتهوراً . والظاهر ان أنور باشا أراد أن 
يتخلص منه ويبعده عن ممّر الحلافة » فندبه الى هذه المهمة الخحيالية » فلما 
عزل منها صدرت الاوامر الى مديرية مدرستنا بالعودة الى بغداد . ومما أتذكره 
عن رؤوف بك هذا انه كان أحد المائة وخمسين شخصاً الذين أمر مصطفى 
كنال باشا بأبعادهم عن تركية بعد قيام الحمهورية الركية » ولم يعد اليها الا" 
قبيل وفاة الرئس المشار اليه في جملة من عاد . وحين كنت سفيراً للعراق في 
أنقره » اجتمعت به في عام 198 ونحدثنا عن الماضي البعيد » ولم يشأ أن 
يخفي عبي بأنه كان مغالياً في أعماله واجراءاته . 

لما عادت مدرستنا من « قصر شيرين » الى بغداد » أشغلت قسماً مسن 
( القشلة العسكرية ) للاقامة فيها . وبعد مدة وجيزة أصدرت الةيادة العامة 
أوامرها بمنح رتبة وكيل ضابط الى كل تلميذ من تلاءذة الملدرسة » وتبع ذلك 
توزيعنا على قطعات الحيش المختلفة . وكان نصبي ونصيب أربعة من زملائي 
ان أصبحنا قواداً لفصائل سرايا فوج انضباط بغداد . فلما مي جيش الحثر ال 
طاو زند بالهزيمة الشنيعة في معارك سلمان باك » واضطر للتقهقر الى الكوت » 
ألحق الفوج المذكور بالفرقة |( ه" الي طاردت هذا القائد البريطاني واشتركت 
في محاصرته . وكان فوجنا يسير في مؤخخحرة الفرقة ماشياً فوق جنث القتلى وبين 
روائحها الكريبة . وللحقيقة أقول ان قيادة الحيش النركي كانت قديرة 
وجريثة » وكان جنوده شجعاناً على الرغم من سوء تغذيتهم وقلة مؤنهم . فقد 
كان القوت عبارة عن التمر القسب وبضع ( بقسمات ) متحجرة . وأما ألبستهم 
فكانت أسمالا" بالية وغير كافية . أما طعامنا نحن الضباط فكان البرغل والبطاطة 
في حين كانت أرزاق اللحنود الانكليز المعلبات والنواشف النوعة والكثيرة» 
وألبستهم جيدة ووفيرة تقيهم البرد وتبعد عنهم المرض » على حين كانت 
قيادهم ضعيفة وميرددة . يضاف الى ذلك ان وسائل النقل لدى العدو كانت 
متنوعة وسريعة ومتينة » وأعتدنه ممتازة ووفيرة . ولم نكن ال حالة لدى جيشنا 


يضن 


كذلك . وقد أدى هذا التفاوت في المأ كل والملبس والسلاح والعتاد ووسائل 
النقل » الى عدم تمكن اللحيش التركي من الالتفاف حول الحيش البر يطافي 
وَأضرء والاستيلاء على سلاحه وعتاده فسهل له الافلات والعودة الى الكوت 
والأعواء ينا 
ووفقاً للخطة الي رسمتها القيادة العليا » عبرت فرقتنا الحامسة والثلاثون 

دجلة من نقطة تقع شمالي الكوت ٠‏ الى ضفة ضفة النهر الغربية » وأخذت مواضعها 
على الساحل بالقرب من صدر الغراف » مقابلة جيش العدو على ضفة دجلة 
الشرقية » وكانت المسافة بين الضفتين نحو أربعمائة مئر » وقد استمرتث 
التراشقات بين الطرفين عدة أيام حاول اللديش التركي خلالها اقتحام اليش 
البريطاني المحاصر مرتين فلم يفلح على الرغم من تكبده خسائر جسيمة في 
الارواح والعتاد ؛ ححى اذا وصل الحبهة المارشال الالماني غولج باشا ودرس 
الوضع الحرلي من كافة نواحيه دراسة دقيقة » نصح القيادة التركية بأن تكف 
ع٠‏ مواصلة 1-7 وتشدد الحصار على اخيش المحصور حتى يضطر الى 
الاستسلام . فلما شرع الجترال ايلمر في قيادة جيش الانقاذ الزاحف من 
الحنوب لنجدة جيش الحترال طاوزند » أصدرت القيادة التركية أوامرها إلى 
فرقتنا بوجوب ترك الحصار الى قوة تركية أخرى» والتوجه نحو الحنوب 
للاشتراك مع قوى أخخرى لوقف تقدم جيش الانقاذ المذكور . فعبرنا دجلة 
الى ضفتها اليسرى » وبعد سير متواصل استمر ثلاثة أيام وضلنا الى قرب 
قرية الشيخ سعد » وشرعنا في حفر اللحنادق قبالة الحيش الانكليزي . 


إصابتي جرح خطير 


كان الفوج الذي ينمهي أليه فصيلٍ في مواقع الاحتياط 4 وكان مو ضعه 
ف مؤخرة الحنادق الامامية» وكنت أنا قائد الفصيل الاول للسرية الاولى 
الفوج 62 موضصوع البحث» وكان بعض الضباط العرب قواداً لفصائل أخرى 


رفن سيرة وذكريات (م) 


من الفوج نفسه » ومن جملتهم حافظ سعيد الحوادي الموصلي الذي تكلمنا 
عنه فيما سبق اذ كان الاول في صفنا بكلية الحقوق» مع وصفي نجل قاضي 
غداد أحمد شوق بثك أحد الانواك من أرضروم . وبعد أن تمركز الحيش في 
مواقعه وتقدم جيش الحئرال ايلمر بعض التقدم » بدأت الحرب بين الطرفين 
فشرع الحيش البريطاني بقصف مواضعنا الامامية بشدة بالمدافع الثقيلة أولا” » 
ثم بالرشاشات . وقد استمرت المناوشات بين الحيشين منذ الصباح الباكر حى 
ما بعد الظهر ء واستطاع الحيش البريطاني ان يتقدم بعض التقدم فأدركت 
القيادة التركية خطورة الوضع , ولا سيما بعد أن ظهرت آثار التعب على 
جنودها وكثرة ال1سائر الي وقعت فيها » ووضح ان جيش العدو يوشك أن 
يستولي على خنادقنا . عندها أصدرت أوامرها الى فوجنا الذي كان في الاحتياط 
كما قدمنا ‏ أن يقوم بتقوية الحبهة فخرج الفوج من خنادقه نحت وابل من 
قصف المدفعية. والرشاشات والبنادق الي كان يطلقها العدوء وكانت الارض 
مكشوفة مما أدى الى أن 'يوقع في فوجنا خسائر كبيرة . ولكن بقية باقية من 
هذا الفوج استبسلت فاندفعت بشجاعة متناهية حى اذا وصلت الى الحنادق 
الامامية استطاعت أن تؤدي واجبها في وقت الهجوم وقد أصبت شخصياً 
ا يسرء وسقت على الارض أمخبط بدمي 
ولا أعي شيئاً . ولم تمر علي. بضع.دقائق حبى رأيت وصفي « ضابط الفصيل 
اللوولل ندل + ؛ منحنياً علي » ومعه أحد الحنود يحاولان انقاذ حياتي » على 
الرغم من ان وابل الرصاص كان ينهمر كالمص » وبعد ان ضمد جروحي » 
انحى علي" وصفي الشهم ليخفف آلامي » واذا بطلقة ترق عينيه من أعلى 
الأنف وتخرج من رقبته عند اللوزتين وتصيبي في أسفل بطي حيث 0 
مدة ثلاثة أشهر ثم أخرجت بعد عملية موفقة . 

لا أصابتي ووصفي الرصاصة . سقط وصفي على كتفي الأيمن » وكان 
الدم يشخر من رقبته ويتدفق من جرحه كما لو كان مذبوحاً ذبح الانعام . ولا 
شعرت بقرب نبايته » وددت الشهادة لنفسي لأفدي هذا الصديق الكريم ولكنه 


إن 


١ 
حكم الله جل وعلا . وقد بقي رأسه على كتفي بعد خروج روحه الى بارمما‎ 
لين ات البانة فليا لاروك اللتيس الم را كارتا ري شتيدة‎ 
من قساوة البرد وشدة النزيف » وكيرة ما يحيط بي من قتلى وجر حى » فسحبت‎ 

كتفي عن الشهبد وصفي برفق » ونظرت اليه نظرة حزن دود مطروحاً على 
أرضه . فاما بزغ زور القمر من الشرق » وكان بدراً » وخفْ اطلاق النار 
ولعلعة المدافع”والبنادق » عاد إلي صوالبي وتذكرت أهلي وأصدقائي : وصرت 
أتصلع الى مصيري وهل سأبقى طريحاً حيث أنا ؟ وأخذت الدموع تنهمر من 
عيني فسلمت أمري إلى القضاء والقدر » واذا بصوت أسمعه من بعيد يقَول 
( ناجي بك » ناجي بك ) فاذا به رأس العرفاء في الفصيل الذي كنت قائده » 
روقد عبر علي مطروحاً على الأرض ٠»‏ فائحى علي" ولفّي بمعهفه وحملني على 
ظهره وهرول بي الى الحلف . وبعد مسيرة ألف مثر تقريباً شاهدنا جنديين 
يحملان ( محفة ) سدية مرذبى فوضعني رأس العرفاء في السدية » ثم سلمعلي” 
وأوصى لي خيراً وانصرف . وقد جاء بي الحنديان الى المفرزة الصحية المتنقلة 
الصغيرة التابعة لفرقتنا الحامسة والثلاثين فضمدوا جروحي محدادأ:. ووضعوني 
على محفة خشبية شبيهة بالعربات . وكان الى جانبي ضابط آخر مصاب في 
طيلار ف وها نه تند با لطن ,ب واقلةرستر نا ان سدلةة | صدور اطول الل قل اذا 
أردنا عبور مبر الكلال . وكان فائضاً ‏ ابتلت ألبستنا وأصاب البلل ضماداتنا 
فلم تعد ذات فائدة . وعلى كل ففد وصلنا مستشفى الميدان التابع للفرقة ( ١ه‏ ) 
التركية وقد أبوا قبولنا بادىء بدء على أساس أننا لسنا تابعين لفرقتهم ١‏ ولكنهم 
قبلونا في الاخير مكرهين بعد ان أسمعناهم بعض كلمات العتاب والتأنيب . ثم 
نقاونا في اليوم التاللي الى الباخرة المعدة لنقل الحرحى والمتجهة الى بغداد . وقد 

زارنا القائد العام نور الدين باك بي مةصورتنا » وحيا بسالتنا , وشكرنا باسم 
القيادة ٠‏ وأعطى كلد” منا عشر لبرات ذهبية 0 
( نوط الحرب ) وهو كناية عن المدالية » ثم انصرف فسارت الباخرة بنا متجهة 
نحو بغداد فبلغناها بعد أيام حيث رست في شريعة المصبغة . وكان في استقبالنا 


م 


الدكتور سامي سليمان» وأطباء آآخرون» ومضمدون» وجنود مع السديات اللازمة 
لنقل الحر حى الى الم.تشفى العسكري » وكان يشغل بناية المحا كم الحالية . وقد 
فضلت الانتقال الى دارنا في محلة جديد حسن باشا مباشرة دون الذهابالىالمستشفى 
فساعدني على ذلك الدكتور ساهي » وتبرعت بسريري لأحد الحرحى . وعند وصولي 
الى باب دارنا رجحت أن يكون نقلي الى الدار محمولا” من قبل شخصين بدلا" 
منأن أكوب على السديةفيسبب ذلك انزعاجا لأعلي , وهكذا أدخلتالدار وارينميت 
في حضن والدثي » وكان الاقارب والمعارف يتفطرون ألا وهم يشاهدوني على 
هذه الصورة » ويح دون الله الذي نجاني من .وت محتوم . فأبدلت ثيالي الوسخة 
المليئة بالقمل » وتمت زوماً هادثاً في سرير نظيف وبين أهلي وأقربائي . وكان 
الطبيب الحراح المقدم خليل سر اني يعودني مرتين في كل اسبوع ومعه ممرضة 
لتبديل اللفائف والضمادات. وقد بقيت في سريري هدا شهرين كاءلين ثم صرت 
أتمشى ني الدارء وأنا متكىء على العصاء حبى كتب الله لي الشفاء . وما يذ كر 
هذه المناسبة ان الطبيب خليل باث» بينما كان يتلمس جروحي ذات يوم. صاح 
بجذل ( وجدنها وجدتمها ) فسألته ماذا وجدت ؟ فال وجدت الرصاصة وعليك 
أن تمسكها فلا تدعها تتحرك من موضعها حى أتمكن من اخراجها , وما لبث 
ان أمر بنقلي الى المستشفى » ثم انه جاء بالمبضع وأخرج بيسر الرصاصة الي 
بقيت في جسمي ما يقارب الثلاثة أشهر » ثم منحت اجازة مرضية لمدة شهرين 
من قبل القيادة العامة . 
وفاة والدي 

كان والدي قد انتمل الى الرفيق الاعلى ني الاسبوع الذي أصبت بجروحي 
الحطرة » ولم يخبرني أحد بوفاته لثلا تؤثر هذه الاخبار في معنويائي فيتأخر 
شفائي حتماً . وكنت كلما سألت عنه أجابوني بأجوبة مموّهة حتّى اذا شفيت 
تماماً » أخبر وني بالنبأ الفادح ٠‏ فوقع على رأسي وقوع الصاعقة رحمه الله 


برحمته الواسعة . 


لضن 


نقلي إلى الطيران الأآماني 


قبل أن تنتهي اجازني المرضية بأيام ؛ زارني في الدار ضاله عسكري 
وطلب إلي أن أقابل غائد موقع بغداد في ساعة حددها لي في التالي . 
القشلة المسكرية في الوقت المضروب وأذا أضرب أخماسا ب.داس » 
حمسا هذه المقايلة ألف حساب . ولا استأذنت ودخلت على #اثد الشار اليه 
ان في وجهي وقال : ان رئاسة أركان الحيش العامة ..نيش السادس قد 
اختارتك لتكون مرافقآ عسكريا لقاقذ الطيرآن الآماني نتوصية من ضيري :بلك 
نحل الحاج علي آغا أحد زملائي القدامى ني مدرسة الضباط الاحتياط » وسألي 
عما اذا كنت مستعداً لرك ما تبقى من اجازتي والالتحاق بوظيقتي الحديدة » 
فأجبته بأني على أتم استعداد رك الاجازة » وتلبية أي أمر تصدره القبادة 
بحقي . فصافحي وأعطاني عنوان مقر قيادة الطيران » وتمنى لي كل خخير 
وتوفيق . وكنت في قرارة نفسي فرحا مستبشراً ببذه النعمة العظمى الي أنعم 
الله بها علي . فلما كان الوم التالي » ذهبت إلى العبخانة » حيث مقر القيادة 
المذكورة » فاستقبلي وكيل ضابط عر بي من آل الحالدي في فلسطين . وكان 
بشغل و ظيفة مير جم في القيادة لإلمامه باللغات العربية » والتركية » والألمانية ‏ 
فقدمي إلى العقيد الركن الالماني فون اولوغ » وتسلمت واجباني فوراً . وكان 
ف هذا المقر ضابط تركي يشغل وظيفة مساعد للقائد المذكور مع عريف جندي 
اماق ككاتن طائعة, 
كان هذا القائد الالماني من العائلات الارستقراطية » وكان وجيهاً خلوقاً 
ومتواضعاً » ولا أنسى اللطف الذي شاهدته منه خلال الأشهر العشرة الي 
اشتغلت خلاها بمعيته فكان ينظر إلي” كأخ . لا يعرف الغطرسة التي عرف بها 
القادة الأتراك » ولا يتأخر عن تلبية الدعوات الي كنت أوجهها إليه مع بعض 
الضباط لتناول بعض الأكلات البغدادية في دارنا . 


يض 


حفلات وسهرات 

كنت خلال هذه الفترة أتردد على دار العم مراد سليمان في أغلبالليالي : 
وكانت الدار المذ كورة تضم من المداومين الدائمين السادة : جميل صدتي 
الزهاوي » وأحمد القيماقجي , وعزت الفارسي » وعبد الرزاق الشيخ قاسم , 
والدكتور سامي سليمان » وكان الزهاوي يسمعنا من شعره كل طريف ولذيذ» 
كما كان يسمعناءعن آرائه في الكون والعلم كل غريب . أما القيماقجي فكان 
يبتكر لنا الحكايات المضحكة الي تدخل السرور على قلوبنا . وعنت لنا فكرة 
يومذاك أن نقيم مأدبة عشاء تعقبها سهرات في ليالي الجمع وذلك في دار مراد 
بك الواقعة في الصليخ ( وقد هدمت هذه الدار بعد اقتران السيد رشيد عالي 
الكيلاني من كبرى كر يمات مراد بك وقام مقامها قصر الكيلاني ا حالي ) وكان 
القائمون على إقامة هذه السهرات مراد بك » وحكمت بك » وكامل مهدي 
باشا » والدكتور سامي سليمان » وصاحب هذه المذ كرات . فكان على كل منا 
أن يرتب مستلزمات الحفلة » ويببىء الطعام » والشراب » والمطربين( جالغي 
بغداد ) وله أن يدعو بعض الأصدقاء . كل ذلك على نفقته الحاصة . وكانت 
هذه النفقات لا تتجاوز الحمس ليرات ذهبية (يا للبلاش ) على الرغم من 
امتلانها بالقوزي المحشي » والسمك المسقوف . والأكلات النادرة» والنقل 
والشراب » وكان الزهاوي ينقلب في مثل هذه الليالي الي تمتد حبى الصباح 
إلى شخصية أخرى لا تمت إلى العلم والشعر بصلة » وعند الفجر كنا نشكل 
دائرة ( حلقة ) حول الزهاوي ‏ رحمه الله ونردد الأغنية المعروفة 
(يا مسعد الصبحية ) حبى إذا أخذ التعب من كل منا مأخذه : ذهب إلى سريره 
أذ قسط من النوم والراحة ومن ثم نعود إلى بغداد . 

تلك هي الحياة البي كنا نحياها في عر الشباب على الرغم من أن نار الحرب 
كانت مستعرة » وحالة الطوارىء معلنة في جميع الأرجاء » فكانت هذه 
السهرات الملاح تنسينا بعض تلك الويلات . وقد مرت تللك الذكريات والآيام 
بسرعة خاصفة لننتقل إلى عالم آخر . عالم المتاعب والمصاعب والويلات . 


8 


عودة إلى عالم الحياوب والقتال 


تلقت قيادة الطير ان الالماني في أوائل عام 1417 أمراً بالسفر إلى جبهات 
لقتال » والالتحاق بمقر القيادة العامة للجيش السادس », لأن الحرب أخذت 
نشتد” » والطير ان البريطاني بدأ يتفوق على الطير ان التركي . فسافرنا إلى الحبهة » 
واتخذنا مقرنا خلف مقر القيادة المذكورة شمال غربي الكوتء ثم بدأت 
الغارات المعادية تشن علينا » كما شرعنا نحن في الإغارة على عدونا . وقد تمكنا 
من إسقاط طائرتين معاديتين تقابلهما صائرة واحدة لنا أسقطها العدو » وكانت 
من طراز ( فوكر ) وكان قائدها من أحسن الطيارين . وحلّقت طائرة بريطانية 
ذات يوم على مقرنا وقصفته بقنبلة سقطت فوق خيمة المطعم وكنا ‏ لحسن 
الحظ - قد تركناه قبل بضع دقائق فأنقذنا الله من خطر عظيم . 


وقرعي في الآسر 


كانت حروب الفلااحية المشهورة قد استمرت محو السنة . فلما وثقت 
القيادة البر يطانية من ان اقتحام خطوط دفاع الفلاحية أصبح مستحيلا” » 
فررت الالتفاف على الحيش التركى وإحاطته من االحلف . وقد أيّد طيارونا 
بأن العدو شرع في نصب جسر على دجلة ليتيسر العبور الحيشه » وقطع خط 
اارجعة على جيشنا . وي هذا الوقت نفسه كان على إحسان باشا قد سحب 
فيلقه من الحبهة إلى إيران لصد جيش القوزاق الروس الذي كان قد وصل 
إلى خانقين . كل هذا أضعف الحبهة التركية في وق ت كان جيش العدو قد تعزز 
بالقرات المقبلة إليه من الحذوب. بقيادة الحئرال مود . فلما رأى القائد التركي 
العام » وهو يومئذ خليل باشا : انه إذا لم ينسحب إلى الوراء ببقية جيشه» فإن 
جيش العدو سيطوقه حتماً . لذا أصدر أوامره إلى جميع قطعاته برك مواقعها 
والانسحاب نحو الشمال . وكانت قيادة الطيران الألماني في جملة من صدرت 
إلبها أوامر الانسحاب : فقد قال لي القائد فون أولوغ : ان الطيارين سينقلون 


من 


بطائراتهم جواً إلى بغداد » وان علِي” أن أحمل الأثقال الحاصة بالمقر من أمتعة 
وعتاد وقنابل ي إحدى ( الدوب ) الراسية حبى تصل إحدى البواخر فتسحبها 
إلى بغداد » وقد أضاف القائد إلى ذلك قوله لي : أود أن أحدثك كصديق لا 
كضابط ان هز يمتنا هذه شنعاء » وسوف لا نصمد في الدفاع عن بغداد . فإذا 
وصلت إليها سالاًء فسلّم ما في الدوبة إلى أحد الضباط الألمان الذرين قد نيحد 
في مقرنا هناك» ونمختفي حيث تشاء بصفة كونك عر بباً لا تركياً ولا سيما وان 
الدولة على وشلك الامبيار . 

وداعت القائد الآلماني » وشرعت من توي أعد العدة للقيا بواجي 
العسكري الذي أناطه بي » فنقلنا إلى الدوبة كل ما أمكن نقله من المواد وبقينا 
في انتظار الباخرة لتسحبنا إلى بغداد وفقاً للخطة . مرت بنا إحدى البواخر قبل 
الظهر تسحب ثلاث دوب فربطنا بها دوبتنا فكانت الرابعة »وكان على ظهرها 
نحو ألف ضابط وجندي جريح » فقد كان سير الباخرة بطيئاً . وفي العصر 
شاهدنا باخرة انكليزية تمخر خلفنا » وطائرة للعدو نحلق فوقنا » وقد بدأت 
الباخرة الحربية الانكليزية تقصف باخرتنا بأسلحتها الرشاشة بعد أن قصفتنا 
بمدفعيتها من بعيد » وقد أصابت إحدى القنابل الباخرة » واخترقت سطحها 
واستقرت شظاياها في الممصورة الي كنت فيها وتركتها قبل لحظات » وعندها 
اجتمع كبار الضباط بربان الباخرة » وطلبوا إليه أن يرفع علم الاستسلام 
الأبيض » ويجنح إلى أقرب نقظة في الساحل . وما كاد يفعل ذلك حتى الحقت 
بنا الباخرة الانكليزية والتصقت بها » ثم أرسل قائدها البريطاني أحذ ضباطه 
مع مترجم خخاص وطلب إلى ربان باخخرتنا أن يبتعد بها إلى وسط النهر ويتلقى 
الأوامر الواجبة الاتباع . 

قضينا ليلتنا على هذه الصورة . فلما كان الوم التاليي » عادت الباخرة 
البريطانية إلينا قبيل الظهر » وكانت قد تركتنا لتشرك في تعقيب فلول الحيش 
التركي المثر اجع إلى الشمال نحو يغداد » فأصيبت بإصابات بالغة اضظر مها إلى 
التراجع حو الحنوب » ثم صدرت الأوامر إلى باخخرتنا بأن تسير خيلف الباخرة 


ل 


الريطانية حى بلغنا المعسكر الصحيع للجيش البريطاني بعد يومين » فأنزلر؛ 
الفباط والحنود » وطلبوا إليهم نزع ألبستهم كافة ثم الدخول إلى أحواض, 
مليثة بالمياه المعقمة » فارتداء الألبسة الخاصة اللي جيء بها وهي شبيهة ببدلاات 
الحنود الانكليز ثم العودة إلى الباخرة . وكان الغرض من ذلك كله تأمين النظافة 
والابتعاد عن وباء الطاعون . فلما كان اليوم التالي » أعادوا إلينا ألبستنا » 
وزودونا بالطعام النفيس مع زجاجات من الويسكي . وللحق أقول أن معاملة 
الإنكليز لنا - وكنا في أسرهم كانت مرضية » وعنايتهم بنا كانت جيدة . 

صدرت الأوامر إلى باخرتنا بالسفر إلى البصرةء وكان عليها حو مائة 
ضابط وألف جندي » فبلغنا العشار بعد ثلاث ليال » وأنزلونا إلى معتقل أعد” 
لاستقبالنا خصيصاً » فمكثنا فيه مدة . وكان من بين الضباط الذين أتذكرهم 
ابراهيم كمال » وجمال بابان » وابراههم امار وحسن سامي تاتار , 
وعوني النقشبلي . وقد زارنا مزاحم الباجهجي ني المعتقل بعد أسبوع من وصولنا 
ومعه بعض الهدايا لبعض اخوانه » كما أعطى البعض الآخر مقداراً من الدراهم 
قائلا” : انها هدية من أشراف البصرة . وكان يقيم يومئذ في البصرة . وبعد 
إقامتنا في هذا المعتقل شهراً كاملا" نقلونا إلى معتقل آخر خاص بالعرب فالتقينا 
فيه بمحمود جلبي الشابندر » وببعض الذوات الذرين أبعدتهم السلطات المحتلة 
عن بغداد » م نقلنا إلى باخحرة كبيرة مخرت عباب البحر إلى بومبي » ومنها تم" 
إرسال قسم من الأسرى إلى معتقل بيلاري » والقسم الآخر إلى معتقل(سمر بور) 
وكان نصيبي المعتقل الأول حيث ذهبنا إليه بالقطار » وبعد مسيرة يومين بلغنا 
بيلاري القريبة من حيدر اباد . 

كان المعتقل رحباً ومقسماً إلى قسمين : خصص أحدهما للضباط والحنود 
الأتراك » وخصص الآخر للضباط والحنود العرب والأكرادء وكانت غرفه 
واسعة رحبة » فوضعوا كل ستة أشخاص في إحدى هذه الغرف » وخخصصوا 
له أحد الخدم مع طباخ من الحنود الأتراك . ومن بين الذين شاهدناهم مراد بك 
شقيق حكمت سليمان » وعزت الفارسي » وعطا اللخطيب » وعبد الرزاق 


5١ 


الشيخ قاسم . السيد حبيب العيدروسي » والملا نعمان الأعظمي ٠»‏ وصلاح 
الدين الشجري المشهور ب ( الملا شجر ) وكانوا يدفعون لكل ضابط تسعين 
روبية في الشهر : ومو مبلغ كان يكفي لسد احتياجنا من طعام وشراب 
ولباس » فقد كان سعر كيلو اللحم ثلاث آنات ٠‏ وزنبيل الفاكهة من الموز 
والبرتقال والأناناس برببة واحدة» والبدلة بعشر ربيات . أي كان المصروف 
الشهري لا يتجاوز الثلاثين روبية . وكان يسمح لنا بالحروج من المعتقل مرتين 
قي الأصبوع حيث نتنزه مشياً على الأقدام , أو ركوباً بالدراجات »: 
وكثيراً ما كنت أبتعد عن رفاتي فأزور بعض القرى ومعايد الحندوك » 
وشاهدت محرقة الموتى والشواهق الي تترك الحثث فوقها لتأكلها الطبور 
الكواسر والنسور » كماكنت أشاهد ني طريقي الافاعي والقردة » وهي نشي 
جماعات وتتسلق أشجار جوز الهند والموز فتلقي بالفا كهة على اللارض لتلعب 
مها . وكنا في المعتقل نطلع على أحوال العالم بواسطة النشرات الي توزع علينا. 


الالتحاق بالنورة العربية الكبرى 


كنا علمنا بأن حوالى خمسين ضابطاً ومئات من الحنود العرب قد تركوا 
المعتقل والتحقوا بالثورة الي أعلنها شريف مكة المكرمة الحسين بن علي في 
التاسع من شعبان ١75‏ ه » والعاشر من حزيران 1416 م وما لبثنا ان اطلعنا 
على المنشورات الي كان يصدرها الشريف بين حين وحين . فاجتمع فريق 
منا وتذاكر في أمر الانضمام الى هذه الحركة العربية المباركة » واتصلنا بآمرية 
المعتقل » وطلبنا إليها تسهيل انضمامنا فوعدتنا بدرس الطلب وعرضه على 
السلطات المختصة لتصدر أوامرها . وبعد أقل من شهر زارني مساء أحد الايام 
مترجم المعتقل » ونقل إلي رغبة مدير المعتقل في مقابلي صباح اليوم التالي 
فلما تمت هذه المقابلة » قال لي : ان الموافقة قد تمت » وان علينا ان نجمع 
أسبابنا وننتقل الى بناية أخرى من المعتقل لانجاز المعاملات اللازمة » والسفر 
الى بومبي . ولما عدت الى أصحاني » اطلعتهم على ما حصل ومن ثم رجوت 


نت 


كم الحبر » والتسلل الى البناية الالخيرة دون ضجيج ولا استفزاز . 

ذكرت من قبل اني كنت أقيم في الغرفة الي يقيم فيها مراد بك سليمان 
عم والدتي » وكان هذا من غلاة الاتحاديين » كما كان يرى في اقدامي على ما 
أنا مقدم عليه نخيانة للدولة فكيف السبيل للتوفيق بين رغببي ووجهة نظره ؟ 
أخبرت جماعة الغرفة اني سأذهب الى طبيب المعتقل في صباح اليوم الباكر 
التداوي . فلما أسفر الصبح تركت كافة أسبالي وفرائي على حالها » وتركت 
الغرفة وهم نيام » وانتقلت الى المحل الآخر في انتظار بقية الرفاق . فلما كان 
الظهر رأيت قافلتهم تتجه نحوي وأغراضهم محملة على أكتاف الحنود » فلما 
وصلوا إلي كاذوا في حالة يرئى لما من العصبية والغضمب من جراء الاهانات 
والشتاكم ابي تعرضوا إليها » وفضلات الطعام والبيض الي رماها عليهم زملاء 
المعتقل من أتراك وأكراد » فهونت الامر عليهم » وقلت لحم امهم أخطأوا في 
خروجهم وأسبابهم مرة واحدة » وعلى شكل مظاهرة مثيرة » وانه كان عليهم 
أن يتسلاوا واحداً بعد آخر دون اثارة أو استفزاز . ثم أخذ غضبهم يزول 
بالتدريج » وشرعنا في تبيئة أمورنا . فلما كان اليوم التالي غادرنا بيلارى 
بالقطار الى بومي » وبعد بضعة أيام استقللنا الباخرة الى السويس » وكانت 
حربية كبيرة وعلى ظهرها بعض الضباط والحنود المتجهين نحو فلسطين . 
وكانت معاملتنا ونحن على ظهر هذه الباخرة لا مختلف عن المعاملة الي كان 
يعامل بها الضباط الانكليز لآن الضباط الهنود وضعوا في مةصورات الدرجة 
الثانية » بينما كنا نحن في الدرجة الاولى . وبعد سفرة استغرقت عدة أيام بلغنا 
ميناء السويس فلبثنا فيها مدة » وبعدها سافرنا الى القاهرة بالقطار وكان في 
استقبالنا يوم وصول القطار الى القاهرة موظفون من المكتب العربي الملحق 
بالقيادة البريطانية العامة فأنزلونا في أحد الفنادق انتظاراً للسفر الى الحجاز . 
فلما تيسرت باخرة لنقلنا إلى « ميناء العقبة » ركبناها والتقينا على ظهرها يحميل 
المدفعي » وبعض الضباط العرب الذين كان الانكليز قد أسروهم في جبهة 
فلسطين. ولدى وصولنا الميناء المذدكور وزعونا على قطعات الحيش العرني 


وف 


النظامي الشمالي » الذي كان يقوده الأمير فيصل ثالث أنجال الشريف حسين , 
وكان نصيي !؛: عينت مرافقاً لمولود باشا مخلص قائد الفرقة الاولى : والالتحاق 
بالفرقة الي كانت تعسكر فوق هضبة الوهيدة القريبة من عيون للمياه فممرنا 
+ (أني اللسن ) حيث مقر الأمير فيصل ثم بلغنا الوهيدة في اليوم التالي . 
كانت القيادة العامة للجيش العرلي الشمالي قد أنيطت بالامير فيصل » 
وكانت مؤلفة من البدو المتطوعين نحت قيادات الشرفاء » ومن قبائل عربية 
أأخرى نحت قيادات رؤسائها » ومن بينهم عودة أبو تابه شيخ عشيرة 
الحويطات المشهور . أما القوات النظامية في هذا الحيش فكانت مؤلفة من 
فرقة مشاة » وبطرية ميدان » وبطرية جبلية » وسرية رشاشات » وسرية 
خيالة » وقد عقد لواء هذه القوة الى جعفر باشا العسكري » وكان نوري 
السعيد رئيس أركانها . وقد ألحقت ببذه القوة النظامية قوة فرنسية صغيرة 
قوامها جنود جزائريون يقودهم ضابط فرنسي هو الكابان بيزاني » مسع 
بطرية وفصيل رشاش » وكانت هناك قوة أخرى تتولى نخريب سكة حديد 
الحجاز ويطلق عليها « مفرزة التخريب » وكان ثماذون ني المائة من هذه القوات 
من الحنود العراقيين . وتسعون في المائة من ضباطهم . أما الضباط السوريون 
- وكانوا قلة ‏ فكان معظمهم يشغل الوظائف في مقر الامير فيصل في أني 
اللسن » وني المنزل واللوازم في العقبة . مثال ذلك كان فخري البارودي رئيس 
الديوان ويساعده ضباط سوريون . وكان السيدان رسم حيدر وضحمسين قدري 
في هذا المقر أيضاً » وكانا قد التحقا بيحيش الثورة بعد التحاقنا بها بمدة . كان 
مولود مخلص رجلا" شهماً وضابطاً جسوراً وله عادات قبلية نبيلة » وكنت 
متنا منه. فلما جرع في سترب معان .عين الفعيد: عامم :راجي بمحله » وهو 
بغدادي الاصل » فبقيت معه بعض الوقت ١‏ ثم نقلت الى مفرزة التخريب 
الي مر ذكرها » والي التحقت بها القطعات الحزائرية الفرنسية» مع فصيل 
هجانه وكانت بقيادة الامير زيد تعسكر في شمالي الوهيدة بالقرب من نبع الماء 
المسمى ( الفكي ) وني حرب معان كان الاستيلاء على المدينة وشيكاً . وبعد 


(03 


١ 


مناو ت بالمدفعية وهجمات من قبلنا قوية » واستشهاد وجرح عدد غير قليل 
هن اضباط والحنود » شحت ذخيرتنا فاضطررنا لفك الحصار والعودة إلى 
و الوهيدة » . وقد فهمنا من الدكتور ناجي الأصيل بعد شهرين » وكان الطبيب 
العسكري في عمان ثم هرب والتحق بنا » فهمنا منه ان الاتراك المحصورين في 
معان كاذوا قد صمموا على الاستسلام وترك معان على شرط ان نوافق على 
انسحابهم مع أسلحتهم التامة نحو الشمال » وذلك في الوقت الذي قررنا نحن 
فلك الصار عنهم والعودة الى الوهيدة . 


مفرزة التخريب 


كانت «١‏ مفرزة التخريب » تغزو محطاث سكة حديد الحجاز في كل 
أسبوعين مرة . فكنا نسير ليلا" من مقرنا في الفكي إلى قرب المحطة المراد 
الاستيلاء عليها فنبدأ الهجوم.عند الفجر » وتحثل" المحطة بعد أن نكون قدأسرنا 
القوة الي فيها » ثم ندمرها ونشرع في نسف السكة في مواضع متعدادة شمالا” 
وجنوباً » وأتذكر أني شاهدت لورانس في إحدى الهجمات » وقد اشترك 
معنا في تخريب السكة والاستيلاء على المحطة ونسف قطار كان محمتلا” 
بالحمنود. ش 

وكان وقوع أي عربي في الأسر بيد الأتراك معناه إعدامه بتهمة خيانة 
الدولة . وذات يوم قمنا بجوم على « محطة االحردونة » ولم نتمكن من الاستيلاء 
عليها فأسر الأتراك عدداً من ضباطنا وجنودنا بعد أن تكبدنا وإياهم خسائر 
ثقيلة . وعند عودتنا إلى المقر » بعث الأمير زيد ريمالة إلى فائد المحطة الركي 
طلب فيها الحفاظ على الأسرى » وهداده بقتل كل ضابط أو جندي تركي 
أسره العرب مقابل كل ضابط أو جندي يقتل من قبلهم » وقد كتبت الرسالة 
بيدي أناء ووققع الأمير فيها بتوقيعه » ثم أرسلناها بيد أحد الحنود الأتراك 
الذرين أسرناهم . وبعد مرور أربع وعشرين ساعة عاد إلينا الرسول يحم ل جواب 
فائد المحطة بالموافقة على طلبنا » ولم يعدم أحد من أسرانا بعد ذلك . 


16 


انتدالي لمهمة خطيرة 


مرت الأيام والشهور » والمناوشات بيننا وبين الآتراك في استمرار » 
حتى إذا بدا صيف عام 1418 علمنا همساً أن الحترال أللنبي أتم استعداده 
للزحف على الشام . وفيما نحن في انتظار هذه الحركة تلقيت أمر) هن القيادة 
العامة بوجوب التوجه إلى ألي اللسن ومقابلة الأمبر فيصل » فدهشت لمذه 
المفاجأة وتوجهت إليها بالسيارة ‏ فاستقبلني فخري البارودي ؛ وأدخلي خيمة 
الأمير فتلقاني سموه د بلملف بلطف » وأمرني أن أجلس إلى قربه » ثم شرع ني الحديث 

عن المهمة الي ندبي إليها » قال : 

هناك اتفاق بين الإنكليز والفرنسيين يقضي بأن تكون ولايتا بغداد والبصرة 
وكذا فلسطين » نحت إشراف إنكلترا » وولايتا الشام والموصل نحت إشراف 
فرنسا » إذا ما انتهت الحرب بفوز الحلفاء . وان البريطانيين يريدون الآن 
مساعدتنا في مؤتمر الصمح لتحقيق استقلال البلاد العر بية الذي وعدونا به منقبل 
وعليه تقرر ما يلي : 

لما يشرع الحنرال اللنبي في شن هجومه على سورية » ستكون القوات 
العر بية نحت إمرثني في مقدمة الحيش البريطاني لاحتلال دمشق وحدهاء ليصبح 
للعرب حق الفتح ببذه الصورة فلا يبقى للفرنسيين مثل هذا الحق . أما فيما 
يتعلق بولاية الموصل فقد فكرنا في امماذ إجراء ممائل في العراق . وهو أن تؤلف 
قوة عسكرية من الضباط والحنود العرب الذدين وقعوا في أسر البريطانيين 
ويقودهم أحد كبار الضباط العرب فتكون هذه القوة في مقدمة اللحيش 
البريطاني الذي سيحتل ولاية الموصل »؛ ويكون لها حق الفتح فيها كما سيكون 
في الشام » وبذلك تنتفي علاقة الفرنسيين ببذه الولاية أيضاً » وتبذل بريطانيا 
قصارى جهدها في مؤيمرات الصلح لتضم ولاية الموصل إلى ولابي البصرة 
وبغداد . وعليه قررت إيفاد حنة إلى العراق مؤلفة من ثلاثة رجال : عراقي » 
وسوري » وفلسطيي » وستكون أنت العضو العراتي في هذه اللجنة » وفخري 


ب 


البارودي العضو السوري » أما العضو الفلسطيي فسيجري انتخابه فيما بعد. 
وعليك أن تسافر إلى القاهرة وسيلتحق بك العضوان : السوري والفلسطيي » 
ويجري الآن مبيئة الرسائل الموقعة من قبلي إلى أعيان بغداد ووجوهها » وإلى 
رؤساء القبائل البارزين » وستسلم من القاهرة رسالة من القيادة البريطانية العليا 
إلى القائد البريطاني العام في الهند » والقائد البريطاني العام بي العراق . وفي 
هاتين الرسالتين طلب تسهيل الأمور . وتأمين النفقات المقتضية للوفد . وعليك 
الآن أن تعود إلى الوهيدة » وبىء نفسك» وتودع قائدك ورفاقك » م تعود 
إلي لتجد الرسائل في انتظارك . 

عدت إلى الوهيدة وقضيت ليلي فيها » فلما كان صباح اليوم التالي وبينما 
كنت أتناول فطوري في خيمة جمال بابان وببهاء الدين نوري ٠‏ أغارت ثلاث 
طائرات ألمانية علينا وأجبرتنا على ترك الحيمة والاحتماء وراء الصخور 
والكهوف . فلما انتهت الغارة عدنا إلى الحيمة فإذا بها قد تمزقت واحترقت » 
وهكذا نجاني الله من الموت للمرة الثالثة . 

تركت الوهيدة بعد الظهر إلى أي اللسن فتسلمت الرسائل من فخري 
البارودي مع ( ١6١‏ ) جنيهاً ذهباً لتأمين نفقاتي (أي ربع كطمه لأن ني كل 
كطمه ألف جنيه ) وكانت الكطمات يومئذ كثيرة » وانجهت نحو ميناء العقبة 
فبلغته في فجر اليوم التالي » وبعد استراحة يومين أبحرت إلى ميناء السويس 
فاسترجت فيها يوماً واحداً . ثم أخذت القطار إلى القاهرة فنزلت في فندق 
يقرب من حديقة الأزبكية » وذهبت إلى المكتب العربي ني الوم الثاني فتعرّفت 
لأول مرة على الدكتور عبد الرحمن الشابندر » كنا تعرّفت على بعض الاخوان 
العرب » ثم قابلت مدير المكتب » وبعد أن سمع الشيء اللازم عن مهمي » 
واطلع على بعض الوثائق قال انه سيتخذ التدابير المقتضاة لتأمين سفري إلى 
البصرة عن طريق الهند بأول باخرة تنجه إلى بومي » فانصرفت منه شاكراً . 
ولما عدت إليه .علمت أن انتظاري قد يطول ففضلت الانتقال من الفندق إلى 
أحد البانسونات في شارع سليمان باشا » حيث الراحة أكثر » والنفقات أقل » 


/و 


إذ استأجرت غرفة عند شقيقتين روميتين كانتا تتقاضان ١8‏ جنيهاً مصرياً لقاء 
السكن والطعام والخدمات الأخرى . 

كانت الأيام الي قضيتها ني القاهرة ٠ن‏ أسعد أيام شبابي . ولا سيما بعد 
الحر مان الذي قاسيت مرارته خلال سني الحرب الضروسء وكانت هذه الآيام 
عر بسرعة فكنت أنتقل من مطمم إلى آخر » ومن منتزه إلى حديقة » ومن 
القناطر الخيرية إلى حدائق الحيوانات ... الخ كنا كنت أقضبي اللياليي في المسارح 
والسينمات ودور التمثيل الشهيرة في مصر . وقد أنساني كل ذلك ما قاسيته من 
شظف العيش وماسى الحرب وال حرمان المطلق » وقد مرّت على ثلاثة أشهر 
وأنااعل هذه الصدورة. ْ 


اعلان الهدنسة 


وفي يوم ١١‏ تشرين الثاني ١9414‏ خرجت من مزلي على عادني وإذا بي أجد 
الشوارع تموج بالبشر والحنود الإنكليز السكارى » والناس في فرح وحبور .. 
هذا يبرول » وذاك يرقص » وآخر يغني غناء الطرب . وسألت أحد المارّة عن 
السبب » وإذا به يفاجئي بخبر إعلان الهدنة فكانت فرحة لا تنسى . وحيث لم 
يكن يومذاك راديو ولا تلفزيون فكنا نتطلّم إلى الأخبار بواسطة الصحف الي 
تصدر في الصباح والمساء . 

وني نباية الشهر أوعز إل المكتب العرني بوجوب التوجه إلى الشام لانتفاء 
الغاية من سفري إلى العراق » وإلغاء مهمّي » فسافرت بالقطار إلى فلسطين » 
فدمشق » وراجعت القيادة العربية العامة فيها فأبلغتني اها قرّرت تعييي مشاوراً 
حقوقباً في ديوان الشورى ا حربي الذي كان يرأسه ياسين الحاشمي . 


العودة الى العراق 
بعد وصولي إلى دمشق وتسلّمي واجبات وظيفني الحديدة' » صرت أفكر 


54 


في أمر عودتي إلى العراق . فطلبت اجازة للسفر إلى بغداد فمنحوني إياها في 4؟ 
كانون الثاني 1418م وكان السفر' بين دمشق وبغداد» إما برأ عن طريق حلب 
دير الزور - عنه ‏ بغداد » وإِما من دمشق إلى القاهرة بالقطار ثم الإبحار من 
السويس إلى بومي فالبصرة » وقد نصحي المعارف والأصدقاء أن أتبع 
الطريق الثاني . وبعد أن وداعتهم ووداعت سمو الأمير زيد الذي كان ينوب 
مناب أيه الأمير فيصل » وتسلّمي رواتب ستة أشهر سلفاً ؛ راجعت المكتب 
العر بلي وكان قد انتقل من القاهرة إلى دمشق فز ودوني برسالة مفتوحة لتسهيل 
سفري بكل الوسائل المتيسرة » برنة كانت أو بحرية » وهكذا رجعت إلى 
القاهرة في أوائل شباط » وقد تأخرت فيها حبى أوائل أيار لندرة المحلات في 
البواخر » وضرورة تأمين عودة الضباط والحنود الهنود إلى بلادهم . وبعد أن 
تيسّر الحجز لي في إحدى البواخر » توجهت إلى البصرة عن طريق السويس - 
عدن - بومي ؛ وعند وصولي عدن سألت عن معتقل الأسرى الذي كان فيه 
طه الحاشمي » حيث كنت أحمل إليه رسالة من أخيه ياسين . ونحيات اخوانه 
العراقيين » وقلت له ان الاخوان بحاجة إليك وهم في انتظارك » ثم تابعت 
سفري إلى بومي » وكان لدي عنوان ناد بريطاني فأقمت فيه بعض الوقت 
حى إذا تيسرت باخرة إلى البصرة حجزت فيها » وتوكلت على الله حى بلغت 
البصرة في أواخر مايس 1418م وكنت غادرها أسيراً في مايس من عام /14311 
ومن البصرة توجهت بالباخرة إلى بغداد » المدينة الحبيبة العزيزة » ولم يكن 
أهلي على علم برجوعئ فلما باغتهم بوصولي . ساد البيت الهرج والمرج : 
وحمد الجميع الباري على عطفه ولطفه ورجوعي سالا . 

الآن وقد رجعت بحمد الله إلى أهلي وبلادي سالاً من ويلات الحرب 
الضروس ٠»‏ وآمنآ على مستقبلي » وحراً في تصريف أعمالي » فقد وجب علي 
أن أقوم بواجباتي نحو بي » بصفة كوني أصبحت رب العائلة » و نحو 
وطني بصفة كوني شاب يستطيع أن يساهم فيما يتطزبه الوطن من أمثالي مسن 


خصدمات . 


44 سيرة وذكريات (4' 


كنت قبل أن أغادر دمشق إلى أرض الوطن قد زرت المكتب العرلي الذي 
انتقل من القاهرة إلى الشام فزودني برسالة مفتوحة إلى من يخصه الأمر لتسهيل 
عفري إلى بغداد . وكان رئيس هذا المكتب يومئذ السر كنهان كورنواليس » 
الذي التحق بالملك فيصل عند توجهه إلى العراق في حزيران ١97١‏ وأصبح 
سكرتيراً خاصاً له » ثم أصبح مستشاراً لوزارة الداخلية » وبقي في منصبه هذا 
إلى أن انتهت خدماته عام ه 1891م وكانت مدة إشغاله هذا المنصب الحطير 
الوسيط المؤثر بين الوزارات العراقية ودار الاعتماد البريطانية » وحلاال 
المشكلات والحلافات الي كثيرأً ما كانت تحدث بين البلاط الملكي والسدار. 
المذكورة . وكان المومى إليه قد زودني برسالة تعريف شخصية إلى الحخاكم 
الملكي العام في العراق » علاوة على الرسالة المفتوحة » فلما وصلت إلى بغداد 
زرت حاكم بغداد العسكري الذي كان ينوب عن الحاكم المشار إليه ء 
وقدامت إليه رسالة التعريف المذكورة » وبعد أن قرأها وتأمل فيها » كلمي 
أن أقبل العضوية في إحدى المحاكم النظامية على أساس أن غيري من الحقوقيين 
العراقيين قبلوا مثل هذه الوظائف » فاعتذرت عن قبول هذا التكليف . لآن 
أمامي واجبات مهمة وكثيرة » وعلِي أن أقوم بها قبل كل شيء ومنها إدارة 
أملاك العائلة الي أهمل شأنها زمنآ طويلا” بأيدي الأغراب . 


واجباتي نحو أسرتي 
أجل كان علي" أن أطلع عن كثب على كيفية إدارة أملاكنا في أثناء غياني 
وغياب أخوتي عن العراق » وما حصل منها من واردات » وما أنفق في سبيل 
صيانتها من نفقات . وبعد أن أحطت علماً بذلك كله » انصرفت إلى إدارة هذه 
الأملاك من بساتين الدورة القريبة من بغداد » وأراضينا الزراعية في ناحية 
المحاويل بلواء الحلة » فتمكنت خلال عامين من تسديد الديون الي تراكات 


بذمة المرحوم والدي » وهي نحو ألف ومائي لبرة عثمانية ذهباً ٠‏ سدادما 
بالعملة الهندية » وهي يومئذ الروبية » وقد بلغت نحو عشرين ألفاً منها . 

عاد أخواي الطبيبان : سامي وصائب إلى العراق بعد عودتي إليه فاجتمع 
شمل العائلة في دارنا القديمة بمحلة جديد حسن باشا » بمن فيها من | لحدة . 
والوالدة » والعمة » وبعض الأقارب , والحدم ؛ بحيث ناهز عددهم الخمسة 
وعشرين نسمة . وقد لم” في هذه ني الأثناء قران أخي سامي . وبذلك أنجزت 
واجباني نحو أسرتي » ووجب علي الآن أن أقوم بواجبي تجاه وي . 


واجباني نحو وطني 


زارني في داري بعد عودني إلى العراق وانتظام شمل العائلة من جديد . 
زارني أصدقاء ومعارف عديدون كان من بينهم علي البازركان » مدير المدرسة 
الأهلية الي تأسست في منتصف أيلول عام 1519م » وكانت بنايتها تقع في 
زقاق خلف جامع السراي . وبعد أن رحب بعودتي سالاً » أعرب عن رغبته 
في أن أزور المدرسة فزرنها نزولا" عند هذه الرغبة » ولما أعدت زيارتما انتحى 
في المومى إليه جانباً وقال : انه يود أن يتحداث إلي" بأمور تتصل بالوطصن 
ومستقبله » فذكر الأوضاع الي كانت تسود العراق وسورية » وسياسة 
الاستعمار الي بدأت السلطات البريطانية تمارسها باستمرار احتلال البلاد؛ 
ونحو ذلك . ثم أسرّ إلي” بأن لفيفآ من الشباب الوطني المتحمس ألّف حزباً 
سياسياً الخدمة قضية البلاد الوطنية باسم ( جمعية حرس الاستقلال ) واقترح 
علي أن أنضم إلى الحزب . ولا أطلعي على أسماء الذنوات العاملين في هذه 
المؤسسة وكان بينهم محمد جعفر أبو التمن » وبهجت زينل » ومحمود رامز : 
وجلال بابان » وبي الدين السهروردي» وعارف حكمة » مضافاً إلمشخصه » 
وافققت بدون تردد على هذا الانتماء » ثم انتخبت عضواً في الهيئة المركزية . 
وكانت هناك شخصيات أخرى تناصر الحزب وتتعاون معه بينها : السيد 


6١ 


محمد الصدر » والسيد يومف السويدي . وكان الصدر رئيس شرف للحرس » 
وأبو التمن أمين سره وهمزة الوصل بينه وبين السادة العلماء وروساء القبائل » 
والبازركان مدير إدارته والمسؤول عن تأمين الاتصالات بين أعضائه ونبيئة ما 
يقتضي لعقد المواليد النبوية البي كانت تعقد أسبوعياً في جامع الحيدر خانه . 
وفي غيره من المساجد الإسلامية لا فرق بين سنيها وشيعيها حيث كانت تتل 
المنقبة النبوية » ويعرج منها على قضية البلاد الوطنية حيث تنثار حمية 
المجتمعين » وتسوقهم إلى إشعال نار الحماس في نفوس الجماهير ٠»‏ ونشر 
الدعاية وتوزيع المنشورات » وكان السيد محمد الصدر عندما يستقل عربات 

الترام من الكاظمية إلى بغداد ليحضر المواليد » كان يستقبل استقبالا” شعبياً 
بالموسات والأهازيج الوطنية » وكثيراً ما كنت أدعو السيد المومى إليه إلمدارنا 
ليستريح فيها » ويتناول الطعام قبل أن يتوجه إلى مقر الحرس في المدرسة 
الأهلية . ولا يسعني هنا إلا" أن أذكر أن أول علم عراتي رفع في المواليد ؛ وقد 
بلغ طوله المثرين » كان قد خاطته أنامل أهل بيني بألوانه الأربعة الي ترمز إلى : 


بيص صنائعنا سود وقائعنا 
خصر مرابعنا حمر موا ضنا 
عضوبي في حنة 


لما قررت الحكومة البريطانية تأليف الحنة من أعضاء مجلس المبعوثان 
العثماني وبعض الشخصيات العراقية لإعداد قانون انتخاب المؤتمر العراقي » 
الذي كان في النية عقده لتقرير وضع البلاد » وطرق سمعي بأني قد أدعى إلى 
العضوية بصفة كون والدي كان مندوباً في المجلس المذكور » رأيت من واجي 
أن أستمزج رأي الهيئة المركزية لحزب الحرس في الموضوع حتى لا يفاجأ 
الحزب . فقررت الحيئة بالأكرية » وبمخالفة عضو واحد ء الموافقة على 
اشنراكي في اللجنة » بصفبي الشخصية لا الحزبية » وكنت أنا أيضاً أميل إلى 


ف 


هذه الفكرة للأسباب التالية ٠ ٠‏ 

ان العضوية في اللجنة - موضوعه .حث- ليست من الوظائف 
الحكومية . 

؟! ‏ ان عضويي عبارة عن نيابة والدي . 

م« ان في الإمكان أن أخدم الققضية الوطنية بإدخال بعض المواد الي تفيدها 
في اللاشحة . 

- ان وجودي في اللجنة سيمكني من الاطلاع على أسس أحكام مواد 
اللانحة والاسرشاد بآراء الحزب وتوجيهاته . 
بعد أن وافقت الحيئة الإدارية لزب حرس الاستقلال على | شتر كي في 


دائرة الحاكم الملكي العام في العراق 
بغداد في 9 اوكست ( آب ) 157١‏ 
لحضرة الأأكرم ناجي بك آل شوكت المحترم 

بما أن اسمكم قد صدق على انتخابه للهيثة الانتخابية في بغداد لتكون 
عضواً إضافياً في الهيئة المذكورة » فعليه يتشرّف الحاكم الملكي العام بدعوى 
حض رتكم للحضور عند انعقاد ا حلسة الثانية . 

التوقيع : الكبنن كليئن 

بما أن بحنة الانتخابات قد انتخبت حضرتكم لتكوزوا عضواً في اللجنة 
الم كورة » للاستفادة من آرائكم السديدة » وقد جرى التبليغ الحضرتكم من 
قبل الحكومة » فأرجو من حميتكم الوطنية تشريفكم صباح الحميس القادم 
الموافق 7١‏ ذي القعدة 4*١1ه‏ و1١‏ اوغسطوس ١157م‏ الساعة واحدةعربية» 


وأشكركم سلفاً .. ولكم الفضل»: 74 ذي القعدة و١٠‏ اوغسطوس ١197م.‏ 


طالب النقيب 
رئيس بلحنة الانتخابات العراقية 


+ 


وقد استطعت فعلا” أن أكون أحد العاملين على تدوين لاحة القانون » 
مستنيراً بسجل أحكام قانون الانتخاب التركي . 

ملاحظة : على من أراد الاطلاع على منهاج حزب الحرس ونشاطاته 
فليرجع إلى ص 5١‏ من كتاب ١‏ الثورة العراقية الكبرى » للسيد عبد الرزاق 
الحسني » الطبعة الثالثة لعام 1917م . 


إشعال نار النورة 


استمر حزب الحرس على إثارة عواطف الحمهور في بغداد ء وعللى 
الاتصال بالسادة العلماء ورؤساء القبائل في الألوية الأخرى . ولا سيما في 
منطقة الفرات الأوسط » استعداداً لمجاببة سلطات الاحتلال البريطانية » 
والوقوف أمام سياستها الاستعمارية صفاً واحداً . ولما ظهرت نيامها المبيتة للعبث 
بالوعود الي قطعتها للعرب أيام محنتها وبان غدرها . اندلع لهيب الثورة في 
الثلائين من حزيران 147١‏ اثر حادثة بسيطة وقعت في ناحية الرميثة بلسواء 
الديوانية » وسرعان ماعمت مدن الفرت الأوسط . ولواء ديالى » وسرت 
سريان النار في الهشيم . ويبمي أن أذكر للقارىء الكريم بأني بكتاني هذا إنما 
أدوّن مذكراتي الشخصية لا أحداث الثورة العراقية لأن لهذه الثورة مؤرخوها . 
وكتابها ؛ وقد نشرت عنها بعض الكتب المفيدة سواء باللغة العربية أم باللغات 
الأجنبية » وأخخص” بالذكر منها كتاب « الثورة العراقية الكبرى » للسيد 
عبد الرزاق الحسبي . هذا المؤرّخ الثبت الذي أفبى زهرة شبابه في كتابة 
تاريخ العراق الحديث من مختلف ذواحيه السياسية » والاجتماءية » والبلدانية » 
والعقائدية » وجمع في كتبه جل الوثائق والمستندات الي حصل عليها إما من 
أربامها » وإما من مصادرها الرسمية وغير الرسمية . على اي أود أن أدون 
الأسباب الي أدات - بنظري ‏ إلى اندلاع هذه الثورة البي ألحقت بالإنكليز 
نحو ألفي إصابة ما بين قتيل وجريح » ومفقود وأسير . مضافاً إلى أربعين 
مليون باون باعيراف المصادر البريطانية . 


65 


لم يكد العراقيون يقفون على أخبار مؤبمر الصلح المنعقد في باريس » وما 
كان بحري في الشام من اجتماعات ومؤتمرات لإعلان استقلال سورية » وما 
كاد البريطانيون يجهرون بنكث عهودهم والإخلال بوعودهم . وما كاد 
مصطفى كال باشا وأعوانه من أحرار تركية يشرعون في قتال القوات اليونانية 
بعد تمزّق الامبر اطورية العثمانية » ما كاد يحري ذلك كله حبى شعر العراقيون 
بظلم الإنكليز لهم » وعدم إمكان استمرار صبرهم على ما كانوا يلقونه مسن 
ضباط هذه الدولة الاستعمارية من ضروب الإهانات » والعبث بمقدرات 
البلاد » حى اضطروا إلى امتشاق الحسام في وجه هذا العدو الغاشم وتلقينه 

دروساً قاسية في كيفية ردع المعتدي وانتزاع الحقوق منه . 
ان لثورة 1478 الكبرى في نظري عدة عوامل وأسباب فهي : - 

١‏ أولا” موضعية : فإن رؤساء القبائل الذين يمخشى بأسهم لم يعد في إمكانهم 
تحمل عجرفة الضباط العسكريين البريطانين وتعمدهم في إذلالهم » والخط 
من كراماهم . وهي : 

١‏ - دينية : بالنسبة لارتباط هؤلاء الروساء برجال الدين وتأثرهم بتوجيهاهم 
وفتاواهم . وهي : 

قومية : بالنسبة إلى الجمعيات السرية الي تألفت من قبل شبان متحمسين » 
وضباط قوميين » وقد أنخذ هؤلاء يوقدون نار الحماسة في نفوس القبائل» 
الحمية الدينية والنعرة القومية للوقوف أمام الأجني الناكث للوعود . 
وفي اعتقادي انه لولا هذه « الثورة العراقية الكبرى » لما استطاع العراق 

أن يحصل حتى ولا على شبه استقلال » ولا كان من الممكن أن يدخل عضواً 

في عصبة الآأمم إلى جانب الدول العظمى الي كانت تتمتع بهذه العضوية . كنا أن 

ثورة العراق مهّدت السبيل إلى قيام ثورات خخطيرة في البلدان العر بيةالاخرى. 


فالعراق الذي أصبح أول دولة عربية مستقلة . واحتل” مقامه بين دول العالم 
في الوقت الذي لم يكن هناك أي بلد عربي يحلم بالاستقلال » إنما هو مدين 
لثورته الكبرى هذه . كانت فرنسا نحكم المغرب العربي في شمال إفريقية ؛ 
وتتحكتم في سورية ولبنان . وكان الإنكليز يحكمون فلسطين والعراق , 
ومسيمنون على إمارات الحليج العربي هيمنة تامة لقاء رواتب شهرية لاا تسمن 
ولا تغبي من جوع »2 وكانت اليمن ونجد وحائل نحكم حكماً قبلياً شبيهاً بحكم 
القرون الوسطى » وكان الحجاز « اسم بلا جسم » فلا مجلس نيابي » ولا حكومة 
مدنية . فعلينا أن تحمد ثورتنا الي خلصتنا من الأوضاع الممائلة » وكونت لنا 
كياناً مستقلا” كانت تغبطه عليه بقية الأقطار . 


لقد استمرت دورة العشرين أكبر من أربعة أشهر استطاع الثوار أن 
يغنموا خلالها من الإنكليز ميات كبيرة من البنادق والرشاشات وبعض المدافع » 
وأن يقاتلوهم بسلاحهم هذا » كما استطاعوا أن ينتصروا عليهم في بعضالمعارك 
انتصاراً أذهل الضباط البريطانيين » وجعلهم يعتقدون بأن الثوار يدارون من 
قبل ضباط أتراك » مع أن الجميع يعلمون بأن هؤلاء القبائل تمرسوا على قتال 
الأتراك » وعلى الحرب فيما بينهم منذ زمن بعيد . نعم لا ينكر أن بعض الشبان 
من الضباط العرب الذين نخدموا في الحيش العثماني » أسدى إلى الثورة نحدمات 
جليلة في التوجيهات القتالية ونحوها . فلما بدأت الامداد الحربية الجيش 
البريطاني تتوارد عليه من الهند بكيرة » وعادت القطعات الي كانت تصطاف 
في جبال كرند بإيران إلى صفوفها » رجحت قوة الحيش على قوات القبائل » 
وأخذت الدعايات الإنكليزية في بغداد وفي بعض المدن تؤثر في النفوس » 
ونحملها على وجوب المسالمة وترك سفك الدماء » ولا سيما بعد أن حل" السر 
برسي كوكس »2 المعروف بدهائه » بحل السر أي. في . ولسن » المشهو, 
بغلظته وقلة خيرته . 


65 


منشور عام إلى جميح طوائف العراق وعشائرها 


ما كاد السر برسي كوكس يصل إلى بغداد في تشرين الأول ١147م‏ حى 
أذاع البيان الآني في 7١‏ من هذا الشهر : 

إن فخامة نائب المللك السر برسي كوكس يعلن للحميسع أفراد العشائر 
وطوائف العراق بأن حكومة بريطانية العظمى انتدبته ليعود إلى العراق لتنفيذ 
مقاصد الحكومة الثابتة بمساعدة روساء الامة » ولتشكيل حكومة وطنية في 
العراق بنظارة حكومة بريطانية . ولقد يصعب على فخامته تنفيذ منويات 
الحكومة البريطانية ما دامت بعض أقسام العشائر والطوائف في العراق تعادي 
الحكومة . ويظن ان الاحوال الحاضرة نتجت عن الشكوك الواهية الي تخامر 
أفكار بعض طبقات الامة في زوايا الحكومة البريطانية . ويعتقد فخامته بتوصله 
لازالة كل شلك أو ريبة خخامرت أفكار الذين قابلوه حبى الآن . ولا يعلم فخامته 
غرض العشائر الذين يشغلون أنفسهم بالحرب» فاذا كان هناك سوء مفهومية 
يمكن ازالته فيسر فخامته أن يبلغ العشائر ذلك بواسطة أقرب حاكم سياسي 
إليهم . اه. ا 

تأليف حكومة موقىة 

بعد ان استطاع السر برسي كوكس أن ينهي مشكلة الثورة بدهائه : 
ووعوده » وسائر اجراءاته » ألف حكومة موقتة برئاسة السيد عبد الرحمن 
الكيلاني نقيب اشراف بغداد في 7١‏ تشرين الاول ١47١‏ دخل فيها السيد 
طالب النقيب وزيراً للداخلية » وساسون حزقيل وزيراً للمالية » وجعفر باشا 
العسكري وزيراً للدفاع » الى وزراء آآخرين لادارة شؤون البلاد حجى يم 
تقرير شكل الحكومة الواجب اقامتها في البلاد . 


)١(‏ راجم أصل المنشور ني ص ١١0‏ من الحزء الأول مل كتاب « تاريخ العراق السياسي 
الحديث » سيد عبد الرزاق الحسي . 


/اه 


كانت ثلاثة انجاهات تتفاعل في العراق : سهدف الانجاه الاول الى اقامة نظام 
حكم ملكي ديمقراطي يرأسه أحد أنجال الحسين بن علي شريف مكة المكرمة : 
وكان هذا الانجاه يلقى تأييد الاكثر بة الساحقة في البلاد» ولاسيما منقبل القبائل. 
والى جانب هذا الانجاه كانت هناك زمرة من الناس تتمبى أن يكون الرئيس 
لنظام الحكم الملكي في العراق أحد أفراد بي عثمان » وهولاء إما كانوا من 
أصل تركي ٠‏ أو من بقايا الموظفين في الحكومة العثمانية . أما الانجاه الثالث 
فكان يرى أن يكون نظام الحكم جمهورياً » وأن يتولى رئاسة الجمهورية 
عراقي هو أحد ثلاثة : هادي باشا العمري » والسيد طالب النقيب » والسيد 
عبد الرحمن النقيب » وقد تغلب الانجاه الاول بالنظر الى ان سياسة بريطانية 
في العراق كانت :بدف الى مثل هذا الحكم والملك ؛ ولا سيما بعد أن أرغم 
المللث فيصل على ترك سورية والحروج منها في 74 تموز 147١‏ واضطرار 
الانكليز للبحث عن عرش له يؤمن تعاونه معهم » ويحقق بعض الوعود الي 
قطعوها للعرب للظفر باستقلالها » ولا سيما وان نظام الحكم ف بريطانية هو 


ملكي ديمقر اطي . 


قضية زواجي 


منذ عدت الى العراق في منتصف عام ١414‏ والوالدة تلح علي في أمر 
الزواج لتنعم بحفيد لها وهي على قيد الحياة . وقد كنت منرددا في الاقدام على 
هذا الامر لانصرافي الى تسديد الديون الي كانت بذمة المرحوم والدي من 
جهة » وانشغالي بالقضايا الوطنية من جهة أخرى . فلما وفقي الله الى تسديد 
تلك الديون وأشرفت ١‏ الثورة العراقية الكبرى » على الاندلاع لتحقيق تباشير 
مستقبل الوطن وتظهرها في الافق » لم يبق ما يحول دون نحقيق حلم الوالدة ؛ 
ولا سيما بعد أن قاربت الثلائين يمن عمري » فتوكلت على الله وعقدت على 
كبرى كريمات السيد آصف محمود عارف آغا في آذار من عام 147١‏ وبعد 


4ه 


مدة عقد السيد أحمد السيد داود الكيلاني عقد نكاحه على كريمة السيد آصف 
الثانية » كنا عقد السيد كامل رفعت اللحادرجي على كر بمته الثالثة . 
كانت العادة أن بقيم أكبر أفراد العائلة سنآ مأدبة عشاء في داره ليلة 
الزفاف . يدعو إليها العريس وأصدقاء»: ثم يزف العريس بعد الوليمة الى 
داره « بيت الزوجية » محاطاً بأصدقائه وأقاربه . وي أثناء تناول الطعام اقرح 
أحد المدعوين أن يوقع الذين حضروا المأدبة على قائمة الطعام » وتقدم هذه 
القائمة الموقعة من قبلهم هدية إلي كتذكار هذه المناسبة السعيدة . وكان الشاعر 
الفيلسوف جميل صدثي الزهاوي أحد المدعوين على تللك الوليمة » فلما جاء 
دور توقيعه على القائمة كتب فيها ما يلي : 
انما العائلات كالأبسراج وتمام الحياة بالازواج 
انت يا صاحبي وخل فؤادي بعد هذا من العز وبة ناج 
وبعد مرور تسعة أشهر على قراني » وفي آخخر يوم من السنة نفسها رزقت 
مولوداً فكان ذكراً وسميته « طلالا" » وكان يوماً مشهوداً للوالدة إذ حقق 
الباري جل وعلا أمنيتها . 


في خدمة المكومسة 

ما تألفت « الحكومة العراقية المؤقتة » في 78 تشرين الاول ١47١‏ برئاسة 
السيد عبد الرحمن النقيب ؛ امخذت عدة قرارات مهمة لاظهار التبدل الذي 
حصل في البلاد » وكان ابدال الحكام السياسيين البريطانيين في الالوية وفي 
الاقضية بحكام عراقيين في مقدمة هذه القرارات . وقد ارتثي أيضاً ابدال 
اسم الحاكم السيامي بالمتصرف », ومعاون الحاكم بالقاتم مقام » وهلم جرا . 
وعلى هذا الاساس ثم تعبيي معاوناً لمتصرف لواء بغداد » في جملة من ثم 
تعيينهم في الوظائف الادارية الاخرى » كالحاج سليم الذي عين قائم مقاماً 
لقضاء الكاظمية » وعبد الله الصانع الذي عين قاتمقاما لقضاء الهندية » فلما 


64 


وصل الملك فيصل الى العراق في حزيران من هذه السنة » وشرع في اجراء 
الاستفتاء العام لتنصيبه ملكا على العراق » كانت متصرقية لواء بغداد مناطة 
بالسيد رشيد الحوجه فأسند اليه ادخال فقرة في مضبطة الاستفتاء الخاصة بهذا 
اللواء لا تقرها السلطات العليا » وأكره على تقديم استقالته من منصبه » فكلفت 
بوكالة متصرفية هذا اللواء للمدة من ١‏ تشرين الثاني 1471١‏ حنى أول كانون 
الثاني 1477 » اذ استقلت من منصبي الاصلي على أثر تعيين السيد توفيق 
الحالدي محافظاً لبغداد » حيث ابدل مقام المتصرفية في هذا اللواء بالمحافظة » 
تمييزاً لها عن بقية الالوية » ولكن وزارة الداخلية رفضت قبول استقالي » 
ووجهت إلي" هذا الكتاب الرسمي : 

وزارة داخخلية العراق 

العدد 51١‏ التاريخ 4 جنوري (كانون الثاني ) ١5717‏ 

حضرة معاون متصرف لواء بغداد ناجى بلك المحيرم 

بعد التحية : وعطفاً على نحريركم المؤرخ 1977-1١-1‏ 

بناء على ما عهد فيكم من | لكفاءة » فالوزارة لا توافق على قبول 
استقالتكم هذا ولكم الاحبرام . 


وزير الداخلية : الحاج رمزي 


فاضطررت إلى العدول عن الاستقالة بضعة أشهر حيث أشغلت مذصب 
معاون المحافظ حنى اذا عين السيد توفيق الحالدي وزير آ للداخلية في أول 
نيسان 1477 في الوزارة النقيبية الثانية » آثرت الابتعاد عن وظائف الحكومة 
بالمرة » والانضراف الى ادارة أملاكي وأمور عائلي . فتقدمت بكتاب 
استقالني مرة ثانية . وعلى الرغم من ألحاح الوزير الخالدي على أن أعيد النظر 
في الموضوع فقد أصررت على التخلي عن الوظيفة فقبلت الاستقالة في ١‏ مايس 
وتلقيت الكتاب الآني نصه : 


و5 


وزارة داخاية العراق  ٠‏ 

العدد 5458 التاريخ ؟١‏ رمضان ٠١14٠‏ مي (مايس ) ١975‏ 

سعادة معاون محافظ بغداد ناجي بك آل شوكت باشا المحترم 

بعد التحية : يسوؤني جداً الحاحكم بطلبكم الاستقالة . وبما اني لم أكن 
راغباً في قبول استقالتكم » فقد أخرت القبول مؤملا" رجوعكم عن ذلك . 
وبما انكم لم تزالوا مصرين على الاستقالة » فاني أعمل ذلك بناء على حاجتكم 
للراحة من عناء الاشغال بعد معاناتكم اياها هذه المدة الطويلة . فمع كل أسف 
قد قبلت استقالتكم مقدرين حسن خدهاتكم . هذا واني أشكركم شخصياً لما 
قد رأيته منكم من حسن الادارة والمقدرة فالمرجو تسليم الادارة موقتاً بالوكالة 
الى المحاسب الحاج رفعت أفندي », واعلامنا بتاريخ انفكاكم . وبالحتام اتمى 
لكم النجاح وأرجو أن لا نحرم الاءة من خدماتكم مع تقديم خالص الاحبرام 

وزير الداخلية : توفيق الحخالدي 


عودني الى الحدمة 


كان وزير الداخلية السيد الحالدي ‏ هذا كلما التقَى ني في بعض 
المناسبات يطلب الي" أن أعود الى الحدءة في الحكومة . ولا سيما بعد أن 
أتتظمت الامور الادارية فيها » ونقلت معظم الوظائف من الايدي الاجنبية 
الى الايدي العراقية » وأصبح من واجب كل وطي أن يسهم في خدمة بلاده 
عن هذا الطريق . فلم يسعبي نجاه هذا الالحاح » ونجاه تر غيب المعارف 
والاصدقاء إلا" أن أوافق على ما يريده الخالدي مي . فصدرت الإرادة في 
الثالث عشر من أيلول 1477 بتعييبي متصرفاً للواء الكوت بالوكالة » ثم أسندت 
المتصرفية المذكورة إلي" بالاصالة في أول مارس ١947‏ . 

اني وان كنت ني كتاني هذا أدوّن مذكراتي الشخحا.ة » وليس من 
واجباتي أن أبحث فيه عن تاريخ العراق » قدبمه وحدبنه » لان لهذا التاريخ 


5١ 


أربابه والمختصون به » الا اي وجدت من الضرورة بمكان أن أدون أهم ما 

جرى في أيام وظائفي هذه في بغداد » ولا سيما ما كان له صلة بها أو قريبة 

منها » وها أنا أذكر الاهم حرصاً عليه من الضياع : 

١‏ وأولى القضايا الي سأبحثها هنا قضية اقصاء السيد طالب باشا النقيب من 
منصبه كوزير للداخلية في الوزارة النقيبية الاولى ( أي الحكومة الموقتة ) 
وإبعاده الى الهند في نيسان 147١‏ . كان السيد صالب من أشراف البصرة 
وأعيانما البارزين » فهو سليل السادة الرفاعية » وكان جسوراً جريئاً ؛ 
ومحسناً معروفاً » يحب السيطرة وكانت الحكومة العثمانية مخشى بأسه 
وترعى جانبه . ولما وجدت ان نفوذه آخذ بالازدياد » قررت التخلص 
منه فأرسلت الى البصرة قائداً عسكرياً محنكاً ليساعد والي البصرة وهو يومئذ 
بديع نوري بلك شقيق المرحوم الاستاذ ساطع الحصري على الفتلك به » 
والتخلص منه بأية صورة كانت وكان للسيد طالب أصدقاء وعيون في 
استانبول فلما أسروا انيه نبأ هذا الاعزام » قرر أن يتغدى بخصمه قبل أن 
يتعشى به فقتل الوالي والقائد بواسطة أعوانه . وأا ثم احتلال الانكليز 
للعراق وتقرر اقامة حكم وطي في البلاد » كان طالب باشا يطمع في أن 
يكون رئيساً للجمهورية فيها . ولما كانت الحكومة البريطانية قد قررت أن 
يكون نظام الحكم في العراق ملكياً » وكانت تريد فيصل بن الحسين ملكا » 
حشيت منافسة السيد طالب له » فدبرت مكيدة لابعاده عن البلاد » فدعته 
الليدي كوكس الى وليمة شاي أقامتها في دار الاعتماد فلما انتهت الوليمة 
وهم في ركوب سيارته » لم يحدها في مدخل الدار المذ كورة » بل وجد 
سيارة أخرى أرغمه ضابطان بريطانيان على ركوبها ثم نقلوه الى البصرة 
فالهند. 

؟ لا عقد مؤتمر القاهرة في ١7‏ آذار ١97١م‏ للنظر في أمر تمخفيض النفقات 
البريطانية في العراق » تقرر تكليف الملاك فيصل الذي كان قد فقد عرشه 
في سورية في 74 موز 1476م ء بالسفر إلى العراق » وترشيح نفسه لعرش 


5 


البلاه على أن تسنده بريطانية في ذلاك كل الاسناد . فوصل الملاك إلى بغداد 
5 8 حزيران ١151م.‏ 

م - قرّر مجلس الوزراء العرائي أي ١١‏ تموز المناداة بسمو الأمير فيصل ملكا على 
العراق» ويششترط أن تكون حكومة سموه <كومة دستورية نيابية ديمقراطية 
مقيّدة بالقانون . ١م27‏ , 

رحب المندوب السامى البريطاني بقرار مجلس الوزراء ٠.‏ وطلب إجراء 
استفتاء عام حول هذا الموضوع ٠‏ علاوة على القرار المذكور » فأجرى 
الاستفتاء دواسطة المضابط » وكانت النتيجة أن صوّت 907 / بالموافقة . 

هني 7١‏ آب ١91١م‏ جرت -<فلة التتويج في ساحة برج الساعة بالةشلة وقد 
حضرها المندوب السامي » والقائد العام للجيش البريطابي : وجلسا إلى ينه 
وإلى شماله . ولم أحضر أنا هذه الحفلة على الرغم من أني كنت معاون 
المتصرف ٠‏ وكان بي لا يبعد عن محل" الاحتفال إلا" بأقل من ٠٠١‏ متر . 

١‏ لم أوقع على مضابط البيعة » موضوعة البحث : لا بصفبي عراقياً 
مصوتاً » ولا بصفة كوني موظفاً إدارياً » لأني كنت ميالاة إلى نظام الحكم 
الحمهوري . وكان المستر فلي مستثار وزارة الداخلية يؤيد فكرة ال+مهورية 
ويساعد الجماعة الي تدين با » ولذا أبعد عن العراق وحل” محله السر 
كنهان كور نواليس . 

7 - حدّت الذكرى الأولى لتتويج الملك فيصل في 7 تموز 1971م فكانت 
البلاد تغلي نليان المرجل من التدخل البريطاني » وسوء أحوال البلاد السياسية 
والاقتصادية والمالية . وكان في بغداد حز بان وطنيان هما : الازب الوطبى 
العزاق + وعد هه النيفة الفراقلة + فانعيرا هذه القرهية + .وقانا مظاهرة 
صاخبة أمام البناية الي كان يقيم الملاك فيها . وللا أقبل المندوب السامي لتقديم 
التهنئة مبذه المناسبة فوجيء مبتافات معادية وإهانة متعمدة » فما كاد 
يرجع إلى دار الاعتماد حتى اذ من الإجراءات الي لم تكن بالحسبان . 


. 4 ص»‎ ١ راجم تاريخ الوزارات العراقية  الحسي ج‎ )١( 





1 


4 قيل أن الملك فيصل أصيب بالزائدة الدودية » وان حالته تتطلّب إجراء 
عملية جر احية مستعجلة له » فأجراها الحراحون البريطانيون ف يوم 4؟ آب 
7م »ء وتولى المعتمد الساءي حكم البلاد » فأهر بسد الحز بين السنا مي 
وإبعاد زعمائهما إلى جزيرة هنجام » وأقفل الصحف المعارضة ونفى 
أصحاببها » وأمر الطائرات فقصفت بعض القبائل المضطربة وعمل ماعمل 
حى إذا شفي الملك من مرضه » حمله المندوب مسؤولية ما حدث » وطلب 
إليه أن يعترف بشرعية ما أجراه مما تبجده مفصلا” في كتاب « تاريخ الوزارات 
العراقية » للسيد عبد الرزاق الحسي فقد احتوى هذا الكتاب بأجزائه 
العشرة الصغيرة والكبيرة من حوادث العراق المختلفة ولا سيما طبعته الرابعة . 


في متصرفية لواء الكوت 


لما صدرت الإرادة الملكية بنقلي إلى وكالة متصرفية لواء الكوت في الثامن 
عشر من أيلول 1177م ؛ أخذت عائلي وسافرت إلى مقرعملي الحديد فوراً , 
وكانت وسائط النقل بين بغداد والكوت يومئذ البواخر النهرية فركبت إحداها ؛ 
وتوجهت اليها » وقد استغرق السفر أسبوعاً » ووصلنا المدينة مساء » فلما كان 
صباح اليوم التالي توجهت إلى دار المتصرفية » وكان سلفي السيد أحمد حالت 
في انتظاري لإجراء مراسيم الدور والتسايم المتبعة في هذه الأحوال . 

كانت بناية المتصرفية تنكون من ثلاثة أضلاع » وكان في منتصف الضلع 
الوسط غرفة واسعة ذات باب كبيرة مع مدخل خاص » وعلى سطحها سارية 
العلم العراقي » فحسبت أنها غرفة المتصرف بطبيعة الحال ولكن المتصرف سلفي 
مر بها » وأخذني إلى غرفة أخعرى لا تختلف عن بقية الغرف في هذه البناية » 
لكنها خصصت للمتصرف . وبعد أن شرعت في التعرف على موظفي المتصرفية 
في غرفهم » ووصلت إلى الغرفة الكبيرة ذات السارية العالية » رغبت في 
مشاهد ها . وكم كانت دهشي حين علمت انها غرفة المششاور البريطاني » دون 


535 


المتصرف الوطني ؛ فسألت سلفي كيف استساغ البقاء.في غر فته وتخصيص هذه 
الغرفة الكبيرة إلى مشاوره وعليها سارية. يرفرف فوقها العلم العراقي ؟ فرد علي 
انه لا يم" بمثل هذه المظاهر . فقلت له الها ليست أموراً شخصية وانها تدخل 
في صمي كرامة الحكومة وسلطتها . ش 

كان السيد أحمد حالت من خيرة موظفي ال حكومة العثمانية » وكان رجلا” 
مسناً ومتواضعاً » فلم ير من الأهمية بمكان أن يلق المشكلات من أجل غرفة 
كبيرة ليشغلها هو أو مشاوره البريطاني . وبعد أن أنم تسليمي زهام الأمور 
وانصرف » طلبت سكرتير المشاور وسألتهعما إذا كانت غرفة المشاور مفتوحة 
أو مغلقة ؟ فأجاب انبا غير مةفلة » وليست فيها أوراق رسمية أو أشياء خاصة 
بهء أي انبا لا تحوي غير الآثاث . فأمرت السكرتير المذكور مع مدير 
التحرير أن ينقلا فوراً أثاث غرفة المشاور إلى الغرفة الي كان يشغلها سلفي » 
ونقل أثاث هذه الغرفة إلى غرفة المشاور . وكان المشاور بالاجازة في خارج 
العراق » إذ كان يزور بلاده » فلما انتهت هذه الاجازة وعاد إلى مقرعمله » 
رأيت من باب المجاملة أن أدعوه وقرينته على وليمة عشاء أقمتها هما في 
داري » وكنت وإياه متقاربين في السن » وقد وجدته إنساناً لطيفاً مجاملا” » 
كما وجدت قرينته أنيقة وهثقفة . فلما كان اليوم التاللي وبدأ دوام الموظفين » 
زارني المشاور في مكتبي الرسمي ٠‏ أي في الغرفة الي كان يشغلها من قبل » 
فشكرني أولا” على وليمة العشاء الي أقمتها في الليلة المنصرمة » ثم قال انه يود 
أن يسألني عن الأسباب البى حملتنى على احتلال غرفته في أثناء غيابه وأخخصص له 
الغرفة الي كان يشغلها المتصرفون السابقون ؟ وأضاف إلى ذلك قائلا” : ان هذه 
الغرفة الكبيرة كانت قد خمصصت لحكام اللواء » وانه هو الحاكم في لواء 
الكوت . فرددت عليه بقولي : ( يا مسئر هيجكوك أنت الآن لست بالحاكم » 
بل الحا كم هو أنا » بصفة كوني متصرفاً للواء . أما أنت فتشغل منصب المشاور 
فقط : وهذا ما اتفق عليه الفريقان : البريطاني والعراتي » وعلى هذا لا أدري 
كيف استسغت إشغال الغرفة ذات سارية العلم العراتي بينما بشغل المتصرتف 


58 سيرة وذكريات (ه) 


غرفة صغيرة لا سارية فوقها ولا علم ؟ ) . 

كر اضر مكرك وين ن نوكر الام اسمن لتر كل 
مستشار وزارة الداخلية وينتظر جوابه فيعمل بمقتضاه . فقلت له : إني أعرف 
المسئر كورنواليس مستشار الداخلية معرفة تامة » واي وائق كل الوئوق من أن 
الرجل سيشير عليك بالسكوت » وعدم إثارة المتاعب بين بريطانية . والعراق 
من أجل قضايا أرى فيها كرامة للوطن . وحتى لو فرضنا جدلا” بأني سأتلقى 
أمراً من وزير الداخلية بإخلاء الغرفة » موضوعة البحث » وتسليمها إليك » 
ففي مثل هذه الحالة سأجمع أثاث بيني وأتوجه به إلى بغداد » دون سابق 
إنذار » فأقدام استقالني ويأتي الوقت الذي يسمح لي بنشر مثل هذه الأمور في 
الحرائد المحلية ليقف الرأي العام على ذوع الاستةلال الذي منحته بريطانيا 
للعراق . فبهت امستر هيجكوك لحذه المفاجأة » والتمس مني أن أمهله بعيض 
الوقت ليقابل قرينته ويستطلع رأيها في الموضوع فقلت له انك تعمل خيراً 
بعملك هذا . فذهب ثم عاد ليدعوني على تناول صعام الغداء على مائدته مسع 
زوجته فأدركت حلا" بأن زوجته نصحته بألا" يتخذ من هذه الققضية البسيطة 
مسوغاً الحلق المتاعب . وهكذا انتهت أولى المشكلات . ولكن نتائنجها كانت 
في غاية المصلحة العامة إذ جعلت الموظفين يشعرون بواجباتهم » والأهلين 
يفخرون ببذه البادرة الوطنية الحسنة » على أن بعض ضعاف الايمان مسن 
الموظفين والأهلين كاذوا يتوقعون أن تكون هذه الصفقة خاسرة » وأن أكون 
أنا ضحيتها . وهكذا ارتفع مقام المتصرف في عيون الأهلين » وصاروا 
يتوقعون نحسناً متواصلا . وتشاء الصدف أن أصبح رئيساً للوزراء ووزيراً 
للداخلية في " تشرين الثاني 1917م أي بعد عشر سنوات فتصلي بين برقيات 
التهاني هذه الرسالة : 

شركة نفط العراق -كركوك4 -١1--19177م‏ 

عزيزي ناجي بلك 
بعد التحية : 

هل يمكن أن أقدام لكم ماني الخالصة بمناسبة تعييتككم رئيساً للوزراء ؟ 


565 


إنني أتذكر جيداً لما كنت وإياكم في الكلوت كيف كنم نتباحثون معاليكم 
عن مستقبل العراق . كما واني أعيد ذكرى إخلاصكم وميلكم الوطني . 
واعتدال نظرياتكم :ووفرة اصلاعكم . وقد افتكرت حينذاك بأنكم ستكونون 
من الوزراء الأكفّاء » ولكن ما كنت أعلم بأني في خلال عشرة سنوات 
سأكون مهنثا إياكم بحصولكم على الشرف السامي كرئيس للوزراء . 

أؤمل من الصميم أن العراق ‏ المستقل الآن بإرشاداتكم الحكيمة » 
سيعرف الآن السلام والرفاهية والسعادة . 


المخلص : هيجكوك 


كنت فرحاً ومسروراً وسعيداً لأن أجد نفسي أشغل منصباً رفيعاً في البلدة 
الي ولدت فيها » وأصبت يجروح بليغة في ميدان القتال بالقرب منها » ثم 
وقعت أسيراً بأيدي الإنكليز ني مياهها » ولهذا سارت الأمور أيام اشتغالي فيها 
سيراً حسناً . فالأمن مستتب » والمنازعات القبلية تكاد تكون معدمة » والديون 
الما كمة نجى بيسر. وكنت أزور رؤساء العشائر في محالهم » وأستمع إلى 
شكاواهم إن وجدت ٠‏ وأتفقد أمور الأقضية والنواحي بين الفينة والفينة . 
وكان في مركز اللواء شبه طبيب هندي واحد » ومدرسة ابتدائية واحسدة 
للبنين » فوفقت لإنشاء مدرسة أخرى من تبرعات الأهلين» كما وفقت لتمشية 
الانتخابات الأولية للمجلس التأسيسي » على الرغم من الصعوبات » اليكانت 
تكتنفها » ومقاطعة البعضض لها. وقد قدّرت الوزارة ذلك كله فأسندت إلي” 
مقام المتصرفية بالأصالة في أول آذار عام 1977م . 


في متصرفية لواء الحلة 


تقرر نقلي من متصرفية لواء الكوت إلى متصرفية لواء الحلة في الثالث عشر 
من شهر مايس 1977م فسلمت إدارة اللواء وشؤونه إلى خلفي السيد عبدالله 
الصانع » وتوجهت إلى الحلة لتسلّم أمور اللواء من سلفي ا حاج سليم ٠‏ الذي 


3 


نقل إلى مديرية الشرطة العامة . ولم تكن ( الحلة ) بالغريبة عي إذ كنت قد 
قضيت فيها شطراً من زهرة طفولي » حيث كان والدي يشغل وظيفة 
القائمقام فيها » كما اني كنت نائب المدعي العام فيها بعد حرجي من كلية 
الحقوق باستنبول . 

كانت الأحوال العامة في هذا اللواء على غير ما يرام » وخلافاً لما كانت 
عليه في لواء الكوت . فد كانت الحكومة مصرة على إجراء الانتخابات العامة 
للمجلس التأسيسي الذي يقرر نوع الحكم للبلاد ؛ في حين كان معظلم 
سكتان اللواء قد تأثروا بفتاوى العلماء » اسوة بمعظم السكان » ولا سيما في 
الألوية الحنوبية . وكان العلماء قد أفتوا بحرمة الاشتراك في هذه الانتخابات » 
ما لم تلغ الأحكام العرفية »وتمنح الصحف حريانها الشرعية » ويسحب رجال 
الاستشارة من الألوية والأقضية إلى العاصمة . 

كانت هذه المقاطعة قوية جداً في ألوية كربلاء والحلة والديوانية » وكانت 
رغبة الحكومة قوية في إجرالها » ولما شعرت بأنما ستتوقف حتماً إذا ما وقفت 
مكتوفة اليدين إزاء هذه المقاطعة » اتخذت إجراءها الحازم بإيعاد العلماء الذين 
أفتوا بالحرمة إلى خارج العراق . وكان مولود باشا » الذي كنت مرافقاً له في 
ثورة الحجاز» كان يشغل متصرفية لواءكربلاء » وكان على الحكومة أن تتخذ 
الاحتياطات الضرورية لصيانة الأمن العام في الألوية الثلاثة المذكورة » عند 
تطبيق قرار الإبعاد » فلما بلغنا بهذا القرار » اجتمعت والسيد مولود مخلص » 
وبحثنا موضوع التدابير اللازمة لصيانة :الأمن والسكينة » في حالة مرور العلماء 
بقضاء المسيب ٠‏ التابع للواء الحلة في طريقهم إلى بغداد . وقد ثم ذلك - بفضل 
هذه التدابير - دون أي حادث مزعج » كما أن العلماء عوملوا بالاحترام 
والإكرام اللذين كانت تسمح ببما الظروف السائدة . 

وبلغي في اليوم التالي أن وكيل المجتهد المقبم في الحلة شرع يشاغب ويدس 
ضد الإبعاد » وأخذ يحرّض الناس على المضي في مقاطعة الانتخابات » فرأيت 


8 


من الضروري احاذ التدابير الرادعة فور لأحول دون تأئر الأهلين والقبائل 
بشغبه » وقررت إبعاده إلى بغداد . فطلبت إلى مدير الشرطة أن يزور الرجل 
في داره بعد عودته من صلاته في المسجد مساء » ويستصحبه إلى محطة القطار : 
ثم يرسله بالقطار النازل من البصرة إلى بغداد فيأثناء مروره بالحلة . وكان من 
عادةالرجل بعدأن يؤدي الفريضة فيالمسجدء القريب من داره» أن يسهر بعض 
الوقت مع من يأتمون به في صلاته » ثم يعود إلى داره . والظاهر أن مدير 
الشرطة كان حديث عهد بالإجراءات والاحتياطات بي مثل هذه الظروف . 
فقام بعمل طائش كاد يوقعنا في ورطة .. فقد اصطحب ثلة" من الشرطة وأحاط 
بالمسجد المذكور » وأكره وكيل المجنهد على أن يتجه معه إلى محطة القطار . 
وهكذا استله من بين جماعته ومريديه » وذهب به إلى المحظة » وإذا ببؤلاء 
المريدين يخرجون إلى الشوارع على شكل مظاهرات صاخبة . وكانت الساعة 
حوالى العاشرة ليلا . وبينما أنا أنتظر نتائج الإبعاد إذا بخادمي يقول : ان 
الأهلين بدأوا يحيطون بداري » وان عددهم آخذ بالازدياد . وكنت أسكن في 
الدار وحدي ٠»‏ ولم يكن معي فيها غير الحادم المذكور ء فأطفأت الأنوار 
في غرفي المطلّة على الشارع » وصرت أتطلع إلى ما يحري في الشارع , 
ومسدمي بيدي » وإذا بالحادم يقول: ان المتجمهرين يطلبون إليه أن يفتح باب 
الدار ليدخلوها ويقابلوني فيها » فكان الوضع في منتهى الحراجة » وزاد في 
حراجته اني لم أتلق من مدير الشرصة شيئ ما جرى ونم ) ورأيت من المصلحة 
ألا" أقابل الناس لثلا” يطلبون أمراً قد لا أرضاه » مثل العدول عن إبعاد وكيل 
المجتهد . لذا طلبت إلى نخادهي أن يتسلّق سطح الدار » ويتسلل إلى معاون 
مدير الشرطة » وهو ني داره القريبة من داري » ويستدعيه إلى مقابلي فوراً . 
بعد أن يتخذ التدابير البي يراها مناسبة لإبعاد المتجمهرين حول الدار . وكان 
المعاون المذكور عند حسن الظن فيه . فقد لستطاع أن يشتت الجموع المحتشدة 
في الشوارع . وني الساعة الحادية عشرة بدأ الوضع يتحسّن . والازدحام 
يحف . وإذا بالميجر ايس. ايج. لونكريك : مشاور اللواء البريطاني » 


54 


وصاحب المؤلفات التاريخية المشهورة . بحضر لمابلي » ويستفسر عن الوضع 
العام في اللواء » والاسباب الي حملتي على إصدار الاوامر بابعاد وكيل 
المجتهد من الخحلة الى بغداد » وسط هذا الحو المضطرب دون أخخذ رأيه ‏ 
وألمح الى انه لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية تردي الوضع العام : لانه لم 
تكشر ا ا موضوع أصلا ع ونصحي أن ألغي قرار الابعاد » وان اطلق 
سراح رجل الدين على الفور . فأجبته اني مستعد لتحمل كل مسؤولية عما 
سيحدث من جراء العمل الذي أقدمت عليه » كما اني مستعد لاخبار الوزارة 
باني التخذت القرار - موضوع البحث - دون استشارة المشاورء ولذا فاني 
لا أستطيع التراجع عن قراري وأنا في بدء اشتغالي في الوظائف الحكومية 
الكبرى ذات المسؤولية العظمى . وقلت له : ان كل ما أرجوه منه هو ألا" 
يتقبل مراجعة أي شخص في هذا الموضوع » على اساس الي قمت به على 
مسؤوليي . وبينما نحن على هذا الخال وصل عندي معاون مدير الشرطة وقص 
علي" ما جرى على نحو ما ذكرته أعلاه وقال أن تصرف المدير غير الممزن هو 
الذي سبب كل هذه الغوائل» فطلبت اليه أن يركب وكيل المجتهد ني القطار » 
ويرتب الدوريات الضرورية لمحافظة الامن » ويطلب ‏ لى الناس منع التجمع . 
وفي الوقت نفسه بعثت بيده رسالة الى آمر الفوج في المعسكر القريب مسن 
المحطة ليضع القوة اللازمة في الانذار » مسب الصلاحية المخولة الي » وأن 
ينتظر الاوامر النهائية فيها ينبغي عمله عند الحاجة » وأبرقت الى وزارة الداخلية 
بكل التفاصيل لأحيطها علماً بالموضوع » وطلبت اليها أن تأمر بمعاملة الرجل 
المبعد بالاحترام اللائق» وان يكون نحت المراقبة في إحدى الدور القريبة من 
من الشرطة . 

بعد أن تأكدت من ان الامور أخذت مجراها الطبيعي » غفوت غفوة 
قصيرة ثم تناولت فطوراً خفيفاً في الصباح الباكر » وتوجهت الى مقر عملي 
لأكون على استعداد لمجاببة ما يستجد في النهار . 

كانت المدينة هادئة ساكنة كأن شيئاً لم يحدث في الليلة الماضية » وقد 


٠ 


زارئي السيد سلمان البراك - الذفي أصبح وزيراً مزمناً فيما بعد ونقل إلى" 
رغبة وفد من ال حلة في مقابلي » وصلب مبي الموافقة على مقابلته » وتعبير 
الوقت اللازم لهذه المقابلة » فقبلت الطلب » وعينت وقتاً للمقابلة . فلما حضر 
الوفد - وكان مؤلفاً من نحو عشرين شخصاً - سألي عن الاسباب الي أدت 
الى ابعاد عالمهم » ورجوبي المساعدة على اعادته . فشرحت هم الاسباب الي 
حملي على اتخاذ قرار الابعاد » وقلت لهم اذا تعهدثم لي بامهاء مقاطعة 
الانتخابات وتأمين جريانها بحسب الاصول ٠‏ فأني أعدكم بارجاعه بعد اسبوع 
واحد فأظهروا استعدادهم للتعاون مع الحكومة في هذا الشأن . ولما حصات 
لدي القناعة التامة بأن الامور تحري مجراها الطبيعي » أبرقت الى وزارة الداخلية 
أن تأمر برفع الرقابة عن الرجل » والسماح له بالعودة الى الحلة » لانتفاء 
الغاية من بقائه مبعداً » ولزوال الاسباب الي أدت الى ابعاده . وهكذا انتهت 
هذه المشكلة وزارني الميجر لونكريك وقال : 
«لقد جحت في خطتك نجاحاً ملحوظاً وانه كان يخشى العواقب من هذا 
الابعاد»). 
لا بد لي قبل الانتهاء من هذا البحث من شرح الاسباب الي حملتي على 
أن أقف موقفي المذكور من مقاطعة رجال الدين للانتخابات » وأن أبذل 
قصارى جهدي لدعم الانتخاب وتأمين جاحه فأقول : 
أولا" - انني ملزم بتنفيذ مقررات الاكومة بصفة كوني أحد أعضائها الموكل 
اليهم تنفيذ أوامرها . 
ثانياً ‏ بالنظر الى علاقاتي برؤساء القبائل وذوي النفوذ في اللواء » كنت مقتنعاً 
بأنمم لم يكونوا في قرارة نفوسهم مؤمنين بأحقية المقاطعة » وانما كانوا 
يسايرون العلماء في أمرها مسايرة لثلا يغضروا عليهم : ويمخلقون المشكللات 
لهم فيما اذا ساعدوا السلطة في ذلك . 
امئاً - كنت معتقداً بأن وجود مجلس تأسيسي: منتخب من قبل الشعب من شأنه 


ا/0 


أن يؤمن الموازنة بين الملك فيصل وحكومته من جهة » ودار الاعتماد 
البريطانية من الحهة الاخرى . حتى وان احتوى هذا المجلس أقلية ضئيلة 
من النواب الذرين يستطيعون التأثير في الأكثرية الساحمّة فيه » لأنهم ببذه 
الصفة يكونون قد نبهوا الرأي العام للوقوف ضد أي مقررات تريد الحكوهة 
أن تفرضها ضد مصلحته . 

رابع - كنت أخشى تفاقم نفوذ الرجال الروحانيين ‏ في حالة نجاح فتاواهم 
بالمقاطعة -- وتدخحّلهم في أمور الدولة بحيث تصبح لأوامرهم الدينية قوة 
القانون والنظام » وهذا ما يضر بكيان حكومة عصرية تريد اللحاق بركب 
الحضارة والمدنية . وافي مع اجلالي واحبرامي لمؤلاء الرجال المحمر مين 
ولأشخاصهم بالذات » كنت أفضل أن يحصروا جهودهم ني الامسور 
الدينية » ويتركوا الواجبات الدنيوية الى أصحابها من رجال الحكومة . 


قضايا أخرى 


لم يحاسبي في لواء الحلة من المشكلات ٠»‏ بعد قضية مقاطعة الانتخابات » 
ما يستحق الذكر سوى انتشار الميضة في العراق » واحتمال تسربها الى اللواء ؛ 
وحدوث بعض الاصابات في اللوائين المجاورين » كر بلاء والديوانية » ولكن 
تدابير الوقاية الصارمة الي بكأنا اليها » مكنتنا من التخلص من ذلك بحمد الله 
تعالى . 

لم يكن ف الحلة يومئذ غير مدرسة متوسطة حكومية واحدة للبنين ؛ 
ومدرستين لليهود ابتدائيتين إحداهما للبنين » والاخرى للبنات . ولما أردت 
فتح مدرسة للاناث » قوبلت بعاصفة شديدة من المعارضة من قبل وجوه المدينة 
وسرانها. فد قالوا ان المضي في تنفيذ هذا المشروع سيؤدي حتماً الى تأبيد 
مقاطعة الانتخابات والدعاية ضدها ففشل بذلك مشروعي مع الاسف . 

أجل هكذا كان الوضع العام قبل خمسين سنة فأين هو الآن من اشتراله 


8ق 


الفئيات الحليات في الالعاب الرياضية العامة » وهن” حاسرات الرؤوس » 
وبالشياب القصيرة ؟ يرقصن نت الفلكلورية » ويمارسن الالعساب 
الرياضية ؟ 

كانت بي الحلة أقلية عرد 6 انعطلة اه من بقاا التنى البابلٍ بلا شلك - 
وكان لهذه الاقلية نفوذها الواسع على رؤساء القبائل ونجار المدينة شأنها في كل 
بلد وجدت فيه » إذ كانت تمد الرؤساء والتجار بالنفوذ لقاء أرباح فاحشة . 


لم تطل أيام متصرفيني ني ال حلة كثيراً » فقد تلقيت ني ١9‏ أيار ١474‏ 
الكتاب الآفي : 
وزارة الداخلية 
بغداد في ١9‏ مايس 1474 ء العدد ٠ه"ل/ا‏ 

سعادة ناجي بلك آل شوكت باشا متصرف اواء الحلة المحترم . 
بعد التحية : 

نظراً لما نعهده فيكم من حسن الادارة والمقدرة » وبناء على اعتمادنا على 
همتكم : فقد نسبنا تحويلكم الى لواء بغداد » وقد وافق مجلس الوزراء الموقر 
في جلسته المنعقدة في 14 نيسان سنة 1474 على ذلك » وسيرسل لكم صورة 
من الارادة الملكية حين صدورها . 

فالرجاء توديع وكالة متصرفية لواء الحلة الى محمود نديم بك الطبقجلي . 
والاسراع وخادم مهام وظيفتكم الحديدة » وإنباءنا تاريخ انفكا ككم 
ومباشرتكم. وي الحتام نرجو لكم دوام الموفقية جاع للك والاحان " 


7 


وي الرابع من حزيران ١1474‏ تلقيت من وزارة الداخلية الكتاب المرقم 
الآلي نصه : 
سعادة ناجي بك آل شوكت باشا متصرف لواء بغداد المحترم . 
بعد التحية : والحاقاً لكتابنا رقم 776٠‏ وتاريخ 14 مايس 141714 . 
نرسصل بطيه صورة من الارادة الملكية الناضقة بتحويلكم من اواء الحلة 
الى لواء بغداد » فا مر جو اعلامنا بوصوفا ولكم وافر الاحترام . 
عن وزير الداخلية : عبد العزيز المظفر 


رقم ".0 

أصدرت ارادتي الملكية » بناء على ما قرره مجلس الوزراء » 

بنقل ناجي بلك آل شوكت باشا متصرف اواء الحلة الى متصرفية لواء 
بغداد » وعلى وزير الداخلية تنفيذ هذه الارادة . 

كتب ببغداد في اليوم الثاني والعشرين هن أيار سنة 1474 واليوم الثامن 
عشر هن شوال عنة ١147‏ . 

فيصل 

وزير الداخلية : علي جودة رئيس الوزراء : جعفر العسكري 


تركت الحلة الى بغداد بعد تسلمي أمر النقل المثبت أعلاه : وشرعت ني 
مزاولة عملي في 7١‏ مايس 1474 وقد استمر اشغالي لمتصرفية هذا اللواء أكثر 
من عامين جرت خلالما حوادث على جانب عظيم من الخطورة والاهمية بالنظر 
الى مستقبل البلاد وسعاد.ها . ولهذا فق د كانت واجباني في هذا اللواء لا تقتصر 
على الاهور المتعلقة بالمتصرفية فحسب» بل كانت تتعداها الى القضايا العامة . 
وقد قمت بواجبات أمانة العاصمة لبعض الوقت » علاوة على واجببات 
المتصرفية » حبى اني طلبت الانتقال الى متصرفية أخرى لأفي كنت أفضل أي 


ة”, 


إواء آخر على لواء بغداد فلم تقر“ وزارة الداخلية طلبي . وكلما ساعدتي به 
خلال وجودي متصرفاً باواء بغداد اما منحتي اجازة لمدة شهرين قضيتها مع 
أهلي في لبان . 

سأذكر هنا أهم القضايا اللي صادفتي في بغداد . 


المعاهدة العرافية ‏ البريطانية 


كان مجلس ١'لمفاء‏ الاعلى المنعقد في ( سان ربمو ) في 74 نيسان ١947١‏ 
قد منح بريطانية الانتداب على العراق وفلسطين ؛ كما منح فرانسة الانتداب 
على سورية ولبنان » وقد ثار العراقيون في وجه بريطانية ثورنهم الكبرى في 
حزيران من هذه السنة » رفضاً لانتدابها هذا » وطلباً للاستقلال التام » فلم 
تر بريطانية بدا من افراغ الانتداب في شكل معاهدة نحقق مطالب العراقيين 
بعض التحقيق » ونتجعل عصبة الامم ( صاحبة الانتداب ) تطمئن الى ان 
بريطانية ما تزال عند تعهدالبها الانتدابية نجاه هذه العصبة. وقال جرت 
المفاوضات الي أدت الى عمّد المعاهدة في ظروف قاسية » وأحوال متقلبة , 
صعبة » حبى ثم وضعها في ٠١‏ تشرين الاول 1477 م. ولا كانت لهذه 
المعاهدة اتفاقيات عسكرية » ومالية » وقضائية » وادارية » فقد وفقت وزارة 
جعفر العسكري الاولى الى انجاز هذه الاتفاقيات » وتقدمت بها الى المجلس 
التأسيسي في ” نيسان سنة 1454 لابرامها . وكان المجلس المذكور قد اجتمع 
لأول مرة في ١17‏ آذار ١474‏ وكان يوم اجتماعه يوماً مشهوداً فلقيت المعاهدة 
معارضة شديدة من قبل فريق من النواب. وبعد مكاتبات وتبديدات 
وإغراءات ٠‏ بين الانكليز والملك فيصل تارة » وبينهم وبين الوزارةتارة 
أخرى » ثم التصديق على المعاههة والاتفاقيات الملحقة بها ليلة ١١-5٠١‏ 
حزيران ١474‏ وقد قبلها 17" مندوباً وخالفها 4؟ واستنكف عن ابداء الرأي 
عمانية مندوبين من أصل مائة مندوب حضر منهم جلسة الاقتراع 54 مندوباً . 


3,6 


ومن شاء الاطلاع على ظروف عمد هذه المعاهدة » وما ألحق بها من 
ملاحق » وما جرى ا من مراسلات ومحابرات » وها اذ من اجراءات 
لتصديقها » فليرجع الى ص ١7١‏ 148 من الحزء الاول من « تاريخ الوزارات 
العراقية » للسيد عبد الرزاق الحسني » فان فيه كل تفصيل وتفسير وعلى كل 
فقد صادق البرلان البريطاني على هذه المعاهدة كما صادق عليها مجلس عصبة 
الامم في 77 أيلول 1474 وانتهى أمرها . 


القانون الأساسي العرافي 

بعد أن انتهى المجلس التأسيسي من إقرار المعاهدة العراقية ‏ الإنكليزية » 
انصرف الى تدقيق لائحة القانون الاساسي العراتي الذي رفعته الوزارة اليه في 
" نيسان ١474‏ وكانت مواد هذا القانون موضوع مراسلات ومكاتبات 
استمرت بين انكلرا والعراق مدة طويلة » وأفرغت في قوالب متعددة لتنسجم 
مع بنود الانتداب من جهة » وبين طموح العراقيين في ال حرية والاستقلال 
من جهة أخخرى . وقد تحت المصادقة على هذا القانون في ٠١‏ موز ١4174‏ وتأخر 
نشره بصورة رسمية الى ١١‏ آذار 06 . 


قانون انتخاب النواب 


ا التأم المجلس التأسيسي في ١7‏ آذار 1474 أعلن خخطاب العرش الذي 
ألقاه الملك فيصل الاول في يوم الافتتاح ان وظائف هذا المجلس تنحصر في 
ثلاثة أمور هي : - 

. البت في المعاهدة العراقية  البريطانية‎ ١ 
. سن القانون الاساسي للملكة‎ - 
. سن قانون انتخاب مجلس النواب‎ - '* 


كل 


وحيث ثم البت بي المعاهدة » وفرغ المجلس من تصديق القازنون الاساسي 
(الدستور ) فقد بقي عليه أن يدقق في لائحة قاذون انتخاب النواب ويعلن 
انتهاء مهامه الثلاث . 

قدمت الوزارة لائحة القانون المذكور ي " نيسان ١574‏ فناقشه المجلس 
مناقشة مطولة » وأجرى فيها بعض التعديلات الي اقتضتها ظروف العراق 
الخاصة » وم التصديق النهاثي عليها في ؟ آب سنة 1474 وعلى هذا أعلن 
انتهاء مهام المجلس التأسيسي » وصدرت الادارة الملكية بفضه في ١‏ آب 
4 . 


تأليف وزارة جديدة © 
بعد أن فرغ المجلس التأسيسي من مهامه » وصدرت. الارادة الملكية 
بفضه » استقالت وزارة السيد جعفر العسكري في ١‏ آب 1474 ء ودعي 
السيد ياسين الماشمي الى تأليف وزارة جديدة » فألفها في هذا اليوم ومن أهم 
الامور الي حدثت أيام هذه الوزارة » وها بعض الصلة بمتصرفية لواء بغداد . 
-١‏ وصول قرينة الملك فيصل «أي جلالة ملكة العراق» الى بغداد في ا" 
كانون الاول ١184785‏ . 
١‏ - عودة طالب باشا النقيب الى العراق في أول أيار ١476‏ بعد ابعاده عنه في 
نيسان 19177 . 
* - وصول الامير غازي ولي عهد العراق الى بغداد في ه تشرين الاول ١678‏ . 
؛ - تشوش الاهلين واضطرابهم من جراء اجتياز القوات السعودية الحجاز » 
واضطرار الملك حسين الى مغادرته . 
ه - الشروع في الانتخابات النيابية لمجلس النواب العراتي . 
5- نشر القانون الاساسي العرائي في ١؟‏ آذار 1478 . 


// 


وزارة عبد المحسن السعدون الثانية 


بظهر ان مهمة وزارة السيد ياسين الحاشمي الاولى قد انتهت بمنح امتياز 
شركة النفط » ونششر الدستور العراقي . فقد استقالت وزارته في 7١‏ حزيران 
6 ووجب التفكير في تأليف وزارة أخرى » ولا سيما وقد كان أمام 
الوزارة المقرر تأليفها مهام خختطيرة أهمها بحث الحلاف التركي العراقي حول 
ولاية الموصل » وما يحتمل أن يؤدي ذلك الى تمديد أجل المعاهدة العراقية ‏ 
البريطانية » فأختير عبد المحسن السعدون لتأليف الوزارة للمرة الثانية وقد ثم 
ذلك في ١؟‏ حزيران ١976‏ . 

كانت الانتخابات النيابية لمجلس النواب قد تمت بنجاح » ودعي المجلس 
النياني لعقد اجتماعه لأول مرة فاجتمع اجتماعاً غير عادي في 17 تموز ١978‏ 
وقد ساد المدوء والنظام حفلة الافتتاح » فلم يحدث ما يستحق الذكر . ثم 
أعقب اجتماعه اجتماعاً اعتيادياً في أول تشرين الثاني ١94178‏ . 

ولأجل أن تسود الروح الديمقراطية في العراق » تألف حز بان سياسيان . 
ألف أحدهما عبد المحسن السعدون ليسند وزارته بواسطة أكثرية في المجلس » 
وقد سماه و حز ب التقدم » وألف ياسين الحاشمي وجماعته حز با سياسياً معارضاً 
في ١9‏ أب ١9768‏ وقد سماه « حزب الشعب ). 


حادلة غرق بغداد 
أرى لزاماً علي أن أدون باسهاب الاسباب الي أدت الى غرق بغداد في 
منتصف نيسان سنة 5 م2 وما سبق هذا الغرق من الاحتياطات »)وما 
أعقبه من الاجراءات » لآن الحادث أثر تأثيراً عميقاً في محرى حيائي السياسية 
طيلة أعوام ليست بقليلة . 
يشطر بغداد الى صوبين كبيرين هما : الرصافة والكرخ » بر دجلة 


7,23 


العظيم » ويسمث هذا النهر باللغة الفْرزنسية ( مموذة ) أي النمر وقد اعتاد 
هذا النهر الحبار أن يطغى ني كل سسنتين أو ثلاث سنوات طغياناً بسبب غرق 
المساحات المزروعة الكبيرة ؛ وهدم السدود المحيطة بضفتيه » بمحيث تصبح 
بغداد شبه جزيرة » تحيط بها هياه الفيضان ٠ن‏ جميع أصرافها » ويستمر وضعها 
على هذه الصورة نحو شهرين فتنتشر الاوبثة » وتكثر الحشرات » ويسوء 
المناخ . وهن الامور الي تكاد تكون مقررة » ان ارتفاع الممزه في دجلة يبدأ 
من أواخر مارس » ويمتد حبى أوائل أيار . 

وفيعام 147 جاء الفيضان بكرا » قد وافت الانباء من تركية ل حيث 
منبع دجلة ‏ ان فيضان هذه السنة مسيكون فوق المعدل المغتأد فانحذت 9 
بالاشتر اك مع أمانة العاصمة ؛ جميغ الاحتياصات والتدائير لاتقاء الحطر ودرئه 
قبل المفاجأة » ومن هذه التدابير تقوية السداد » واقامة اللخراسة الدائمة و 
سيما في المواقع الحطرة » وذلك من شمال الضليخ حئن الكرادة الثرقية 
ا ظ 

وفي ليلة ؛٠‏ نف طني لاا الى ذرجة لم يسبق 
ها مثيل نل عدة أعوام » وكان أمين الفاصمة يلازم مقر تمله في الليل والنهار » 
وكنت أنا دائم الحركة والنجوال بغية مراقبة السداد المحيّطة بالعاصمة ٠‏ وني 
ليلة م - انبئقت فجوة في سدة الصليخ » :بالقرب من دار السيد حكمت 
سليمان » فاستعنت بالحشور والاوثاد والبواري من التغاب على خطرها , 
وتمكنت هنْ سدها عند الفجر » بعد ان أجدثت اضراراً _طفيفة في بعض 
الحقول والبساتين المجاورة . ثم تناولت فطؤري في دار السيد حككمت سليمان » 
وعدت الى داري في جديد حسن. باشا لأنال قسطاً من الراحة » بعد ذلاك العناء 
الشديد » واذا ني أفاجأ عند الظهر بنبأ نلفوني من الشرطة ؤمن أمانة العاصمة 
يمول :أن كدسرة” جديدة حدثت في سدة البلاظ الملكي © وان الماه المتدفقة 
بدأت تى: تغمر أطراق البلاط . قنؤجهت آلى هذا المحل فؤراً » واذا ني أشاهذ 
المياه » وقد تحمرت بناية البلاط كلها » وان السيل امتتد الى ل لايع العام : 


ا _ 


ويكاد يفصل الاعظمية عن بغداد . ثم اتسع الحرق على الراتق فغمرت الياه 
المنطقة برمتهاء ووصلت الى مدخل العاصمة في الباب المعظم » بعد أن ا كتسحت 
كل ما صادفته أمامها من أموال نجارية كانت في محطة القطار » وبيوت طينية 
لفقراء » وصرائف وخيم للم ازعين 4 وعيؤانات:.وآناث كين ١+‏ : يك 

كان اليوم يوماً عسيراً » والحادث حادثاً خطيراً » سلب راحتي » وقض” 
مضجعي » وأدخل الحزن على قلي . وقد أصدرت أوامري الى مديرية الشرطة 
باجراء الكشف وفتح التحقيق فوراً بمساعدة مهندسي الامانة والري » فأتضح 
ان الكارئة كانت نتيجة فتح أبواب قنطرة البلاط لسفي المزرعة الملكية » خلافاً 
للاوامر الي تقضي بعدم فتح أي باب مهما كان السبب لآن هذا الفتح من شأنه 
أن يؤدي الى هجوم تيار الماء على طرفي الباب فتنهار أطرافها الترابية » من 
حيث لا يشعر أحد » وتكون النتيجة الوبال الذي لا راد له . 


كان للملك فيصل مزرعة في الوزيرية القريبة من البلاط يديرها رجل 
سوري يدعى توفيق المفني » وكان هذا الرجل يوشك أن يعقد زواجه على 
احدى كريمات صفوة باشا العواء » ناظر الحزينة الخاصة » ومدرس الملك 
فيصل من قبل » وقد ثبت انه هو الذي أمر بفتح القنطرة وتسبب في حدوث 
الكارثة » فأمرت بتوقيفه فوراً وسوقه الى المحا كمة » وكان معظم موظفي 
البلااط المي إن لم أقل كلهم من السوريين والحجازيين ولذا كان من 
الصعب توقيف أحدهم أو سوقه إلى المحاكة دون ازعاج هؤلاء ولكن أمر 
التوقيف نفذ فعلاً” » وصعب اطلاق سراح المتهم حتى بكفالة الحزينة الملكية » 
لأن الرأي العام كان ساخطاً سخطاً شديداً » وآثار الحريمة الي ارتكبها توفيق 
المفي ما تزال مائلة للعيان . وبعد مدة طويلة أطلق سراحه تسترا على البلاط 
وحاشيته . 


كنت اعتقد ان تدبيري الملمع اليه اعلاه سيكون مو ضع تقدير الملك 


م٠‎ 


وثقته » وانه هو الذي سيأمر محا كة مدير مزرعته » وانزال العقاب الصارم 
بحقه » ولكن الظاهر اني كنت مخطثاً في تصويري للموقف فبعد مدة طويلة 
قال لي السيد عبدالعزيز القصاب وزير الداخلية في أثناء حدوث هذه الكارئة : 
ان الملك فيصل صلب فصل من الحدمة. ولكن رئيس الوزراء عبد المحسن 
السعدون التمس منه تأخير ذلك حتى ينتهي التحقيق الحاري في هذا الشأن . 
ومعرفة المسؤول عن الكارثة » وأضاف السيد القصاب الى ما تقدم قوله : 
ان السعدون انتهز فرصة سفر الملك فيصل بالاجازة » وقيام أخيه الملك علي 
بالوكالة نيابة عنه » فأستصدر قراراً من مجلس الوزراء بنقلٍ الى متصرفية لواء 
الموصل » :ؤهكذا استطاع أن ينهي مشكلي على هذه الصورة بحيث يصعب 
على الملك الاصرار على طلب الفصل اذا ما عاد الى العراق . 

لم أكن مطلعاً على ماكان يدور في الحفاء حول كارثة غرق بغداد » حبى 
أصبحت وزيراً للداخلية في وزارة السيد عبد المحسن السعدون الثالثة في بم 
حزيران عام 1474 ولمست ما يتحلى به هذا الرجل العظيم من نبل وشهامة » 
ومروءة واستقامة » وتقدير بالغ لكل من يقوم بواجباته بأمانة واخلاص فقد 
وقف هذا الرجل وقفة مضرية في وجه الملك فيصل ازاء رغبته في فصلى من 
الملدملة : ْ 


انتقالي إلى متصرفية الموصل 


دعاني السيد عبد العزيز القصاب ٠»‏ وزير الداخلية في وزارة السعدون 
الثانية » الى وليمة عشاء في داره في احدى أمسيات أوائل تموز 1975 : وبعد 
ان تناولنا الطعام قال : انه علم بأني طلبت من وزارة الداخلية أكثر من مرة 
ان تنقلي الى لواء آخر » وسألي عما إذاكنت ما أزال على هذا الرأي . فأجبته 
على الفور: بأني ما زلت أفضل العمل ني أي لواء من ألوية العراق ما عدا 
لواء بغداد . فال : ان لواء الموصل من الالوية الكبرى الي نحتاج الى مثل 


١م‏ سيرة وذكريات 3( 


حز مي ونشاطي واخلاصي » فهو موطن جنسيات مختلفة » وأقضية كثيرة » 
ومساحته واسعة » ومجال العمل فيه فسيحاً . يضاف الى ذللكت كله ان لحنة محديد 
الحدود بين تركية والعراق الي أقرّتها عصبة الامم ستصل الى اللواء للقيام 
بواجباتها وانه - أي القصاب - مستعد لنقلي الى هذا اللواء مع الترفيع الى 
الدرجة الاولى . فلم يسعني إلا" الموافقة على ذلك مع الشكر والتقدير فصدرت 
الارادة الملكبة بذاك في الحامس من شهر تموز ١475‏ وهي بتوفيم الملك علي 
لأن الملك فيصل كان ما يزال ني خارج العراق وتلقيت من وزارة الداخلية 
هذا الكتاب : 
وزارة الداخلية 
بغداد في ١5‏ تموز 1١975‏ العدد م447 

سعادة ناجي بك آل شوكت باشا متصرف أواء بغداد 
بعد التحية : 

بناء على ما نعهده فيكم من المقدرة الادارية » فقد نسبنا نحويلكم الى 
متصرفية لواء الموصل ونرسل اليكم طياً صورة من الارادة الملكية الناطقة 
بذلك فنرجو الاسراع لاستلام وظيفتكم الحديدة وانبائنا بتاريخ مباشرتكم . 

هذا وتقديراً لحسن خدماتكم فقد قررنا ترفيعكم الى وظيفة متصرف من 
الدرجة الاولى » وسيصدر البيان اللازم في هذا الشأن » ولسعادتكم الاحترام . 

وزير الداخلية : عبد العزيز 


وفيما يلي نص الارادة الملكبة المؤيدة لقرار النقل : 

٠١07 رقم‎ 

بعد الاطلاع على المادة 1 المعدلة من القاذون الاساسي » وبناء على السلطة 
الي خولي اياها جلالة الملك فيصل الاول » قد أصدرت هذه الارادة نيابة 
عن جلالته . 


لذ 


ينقل ناجي بك شوكت متصرفااواء بغداد الى متصرفية لواء الموصل . 
على وزير الداخلية تنفيذ هذه الارادة . 
والعشرين من شهر ذي الحجة سنة ١164‏ ه . 
نائب المللك : علي 


وزير الداخلية : عبد العزيز رئيس الوزراء : عبد المحسن السعدون 

وهذا بيان وزارة الداخلية المرقم 46٠‏ والمورخ ١4‏ موز 5 الخاص 
بر فيع الدرجة . 

بيان : 

رفع ناجي بك آل شوكت باشا متصرف اواء بغداد الى وظيفة متصرف 
من الدرجة الاولى اعتباراً من ١‏ نموز 19475 . 


وزير الداخلية : عبد العزيز القصاب 


نبذة عن جغرافية الموصل 

هذا لواء فسيح الارجاء » متباعد الاطراف » كثير الخخصب )جم 
الحيرات . محده شمالا” تركية » ويؤلف ربه الحد الفاصل بين سورية 
والعراق . تبلغ مساحته 01,7171 كيلو متراً مربعاً » ويقطنه أقل هن مليون 
نسمة بقليل » وفيه تسعة أقضية هي : قضاء الموصل « وهو داخلي » ثم أقضية : 
الشيخان » وعقرة » ودهوك ». والعمادية » وزاخخو » وسنجار » وتل أعفر . 
والزيبار . فيه من التّوميات : العرب » والا كراد » والر تمان » ومن الاديان 
المسلمون » والنصارى » واليهود » ومن المسلمين السنيون . والغلاة من الشيعة 
العلي اللاهية ) ومن المسيحيين: الكلدان » والسريان ٠»‏ والاثوريين . ويقهم 


م 


بطريق الكلدان في مدينة الموصل نفسها . ويضاف إلى جميع هؤلاء الطائفة 
اليزيدية ابي تقطن قضاء الشيخان وقضاء سنجار . وي باعذرا في القضاء الاول 
( الشيخان ) يقع مزار الشيخ عدي بن مسافر الاموي قدس أسرار اليزيدية , 
ومهبط وحيهم » وي قضاء سنجار تقع سائر مزاراهم » وهؤلاء أقلية اختلف 
الناس في أصلها وحقيقتها » وعلى من أراد التوسع في معرفة أسرارها وديانتها 
فليرجع الى كتاب السيد عبد الززاق الحسبي واسمه ( اليزيديون في حاضرهم 
وماضيهم ) وقد طبع ست طبعات . 

وطبقات الموصل ليست كبقية الطبقات في سائر ألوية العراق فهناك 
الاشراف والوجوه الذين يطلقون على أنفسهم (الارستقراطيون ) وأشهر 
عائلاهم الحليليون » والعمريون » واآل العبيدي ٠‏ والصابونجي » وحديد, 
وكشمولة » والفخري » وآل جلميران » وآل الفخري .. الخ . وقد وجدت 
من تقارير أسلائي الذين شغلوا مقام المتصرفية في هذا اللواء الحسم ما يستلزم 
الخيطة والحذر من كل حركة يتحرك فيها الموظف الاداري » ومن كل عمل 
يقدم عليه حبى وإنكان فيه الحير والبركة للواء وأهله المختلفي القومية » واللخة » 
والدين . ولا سيما وقدكانت المنافسة بين العائلات الموصلية شديدة » والتمسك 
بالتقاليد القديمة قوية . 

في ضوء هذه الاوصاف من الاحساسات والاوضاع » توجهت الى «دينة 
الموصل وكان بي استقبالي عدد كبير من الوجوه والاشراف ورجال الدين 
فضلا” عن كبار ضباط الحيش والموظفين . وعلى الرغم من اني كنت لا أحب 
أمثال هذه المظاهر . فقد صافحت الحميع مصافحة ود وامتنان » وشكرتهم 
على نجشمهم عناء الاستقبال » وأبديت عواطفي نحوهم ونحو نخدمة لوائهم 
بقدر ما يصل إليه جهدي » ثم توجهت الى الدار المخصصة لسكي . 

توجهت في اليوم التالي لوصول الى المدينة الى دار الحكومة فطفت على رؤساء 
الدوائر والموظفين أتفقد أحوالهم » وأسلم عليهم ني غرفهم . ثم عدت الى 


6 


مكتبي از اولة أعمالي . وقد انقضى الاضبوع الاول وأنا أتقبل التهاني المعتادة 
من قبل السراة والاشراف ورجال الدين : ثم اعادة الزيارة إليهم وشكرهم 
على شعورهم . 

كان الرجل الذي يتولى منصب المشاور البريظاني في اللواء أنيقاً في ملبسه » 
معجباً بنفسه . واسع الاطلاع . كثير الدربة » يدعى المسبر جاردين . وكان 
بين الحكام في المدينة نوري القاضي » وجمال بابان » ماكان تحسين العسكري 
مديراً للشرطة » وجلال بابان قاتمقاماً لقضاء دهوك » ومصطفى العمري 
قائمقاماً لقضاء تل أعفر .. الخ . وكانت مؤسسات اللواء واسعة من محاكم 
جزاء وبداية واستئناف » الى مديرية معارف » فمديرية صحة فكوارك .. 
الخ . وكان فيها مستشفى ومدرسة ثانوية » وأكبر من ثلاثين مدرسة بين 
متوسطة وابتدائية وأهلية » للبنين والبنات » كما كان فيها عدد من االجوامع 
والكنائس والاديرة . فان الموصل كانت قاعدة للنصرانية » وتضم مختلف 
طوائفهم من كلدان » وسريان » وارثوذكس » مضافاً الى البعثة البروتستانية 
التبشيرية . كل هذه كانت نجعل مهام المتصرف متعددة ومختلفة و«تشعّبة هذا 
فضلا عن وجود المنطقة الكردية في اللواء » والمنازعات القبلية الي تسبب 
المتاعب ٠‏ ومشا كل الحدود العراقية ‏ السورية الي تتطلب اليقظة والحذر , 
ثلا يقع ما يكير صفو الامن . يضاف الى كل ما تقدم وجود لحنة الحدود 
الموفدة من قبل عصبة الامم لتثبيت الحدود بين تركية والعراق » وضرورة 
اتصال المتصرف بها بين حين وآآخر لتسهيل أعمالها » وتأمين راحتها وتنقلاها » 
واتخاذ كافة التدابير للحيلولة دون وقوع اعتداء عليها : فضلا” عن لحنة الحدود 
المؤلفة وفق أحكام المادة الثالثة عشرة من المعاهدة العراقية ‏ التركية الموقعة في 
أنقرة في الحامس من حزيران 1475 الي كانت جتمع في كل ستة أشهر مرة 
ل الموصل نحت رئاسة متصرف اللواء » وأنعرى في ماردين أو ديار بكر 
الركيتين برئاسة الولاة الاتراك 


جولة ي اللواء 


قبل ان يحل موسم الامطار وتساقط الثلوج » الذي كثيرأ ما كان يؤدي 
الى انقطاع الطرق » شرعت في أوائل أيلول في جولة تفقدية لاقضية دهوك ‏ 
وزاخخو » والعمادية » وعقرة » والزيبار » مستصحباً معي مدير شرطة اللواء ؛ 
وقائممقام كل قضاء أفتشه . للاطلاع على أحوال المنطقة » ومعرفة حاجات 
الاهلين » والاستماع الى مطالبهم » ومعرفة تصرفات الموظفين وسلوكهم . 
وكانت هذه الحولة تم في احايين كثيرة على ظهور الحيل والبغال بين الحبال 
الشاهقة » والأودية 507 فلا طرق مزفتة » ولا مسالك واضحة » ولا 
مرا كز للشرطة كثيرة لمحافظة الامن » والضرب على أيدي قطاع الظرق . وكنت 
أدهش للمناظر الطبيعية الحلابة في عراقنا ا حبيب » وكثرة البساتين المثقلة بأنواع 
الفواكه والنقل . فهذه ان لم تكن تضاهي » أجمل مناطق الاصطياف في 
أوروبا » فهي لا تقل عنها بجة وحبوراً إلا" ان وسائل الاصطياف كانت بدائية) 
إن لم تكن ٠عدومة‏ » خلافاً لما هي عليه اليوم من أحوال تغبط عليها حيث 
وفرت الحكومة فيها وسائل العمران والراحة بعد أن فتحت الطرق وزفتتها » 
وأنارت الشوارع بالكهرباء » وسهلت الوصول إليها » ويسرت الاصطياف 
فيها وعلى كل فقد استغرقت هذه ا حولة عشرة أيام» ومكنتي من الاطلاع 
على كل ما يجب الاطلاع عليه وشرعت في مزاولة مهمبي واداء واجبات. 
وظيفي . 

اود أن أبدأ بذكر حادثة طريقة هي أول ما صادفته في هذا اللواء . فة'. 
جرت العادة أن تتبادل المذكرات الرسمية بين المتصرف والمشاور البريطاني 
لنقل الآراء والمقشترحات وكيفية المعالحة» في الضايا المهمة. وفي احسد 
الاجتماعات بيي وبين المشاور بادرني المومى اليه بالسؤال : هل شعرت بتبدل 
ظاهر في نحريري عنوانك في المذكرات الي أرفعها إليك ؟ اجبته اني لا أهمم 
لمثل هذه الظواهر . فقال “نزت العاف عي وين اسلافك هنا أن اعتسيون 


ىم 


المذكرات البي أبعث بها إلى المتصرف بكلمي ( سعادة المتصرف )ويعنون 
هو مذكراته إلي" بكلمة (سعادة المشاور ) وقد شعرت بأنك في مذكراتك 
المرفوعة لي رفعت كلمة ( السعادة ) فرفعت الكلمة ذانها من مذكراتي اليك 
بالمقابلة . قلت له : يجوز ان هذا التبدل لفت نظري لكي لم أهم به لأن مثل 
هذه الألقاب هي من مخلّفات العهد التركي الزائل » الي لا يصح الاستمرار 
على الاخذ بها » واني أرجو لك السعادة الحقيقية في حيانتك لا على الأوراق 
الرسمية . وأخيراً اتففت واياه على أن نستعمل الرموز بل الكنايات ني الأوراق 
المذكورة كأن يرمز بالحرفين ( م ص للمتصرف ) و (م ش للمشاور ) و(م 
ح للمحاسب ) و (م ت لدير التحرير ) وهلم جرا. 

كان اجتماع المششاور ني » واتفاقه واياي على استعمال الرموز بدل 
الالقاب مسلياً وطريفاً » وضع حداً للفخفخات ونحوها . وقد ذكرتي هذه 
الحادثة الطريفة بتلك الي جرت بي الكوت مع الفارق بين الحادثتين فد كانت 
حادثة الكوت تمس كرامة الحكومة » بينما كانت حادثة الموصل مضححكة 
وهسلية . 


يزوران الموصل 


زار الملك فيصل الاول مدينة الموصل في نيسان ١475‏ فأستقبل استقبالا” 
من قبل رؤساء الدوائر والوجوه والاشراف »؛ بحسب العادة » وأدت ثلة من 
الحيش التحية الحلالته » وأقامت البلدية مأدبة غداء على شرفه » وبعد أن أقام 
مدة قصيرة غادر المدينة مشبعاً بمثل ما استقبل به من الاجلال والاحترام , 
دون أن يحتلٍ بأحد » أو تحري بينه وبيبي محادثة خاصة خلال هذه الزيارة . 

م زارها المعتمد السامي البريطاني السر هري دوبس ليقف على أعمال 
لحنة الحدود » الي ذكرنا أمرها في صدر هذا الفصل» فرأيت من باب المجاملة 
أن أدعوه الى تناول طعام الغداء في داري في اليوم الثاني لوصوله » فكانت 


/ع1م/ 


المأدبة خاصة حضرها هو ومرافقه والمشاور وأنا . وكان المعتمد يتكلم العر بي 
بأسلوب لا بأس به ولذا جرى الحديث في أثناء المأدبة ببذه اللغة ندون تكاض», 
ولم يتطرق أحدنا الى الامور السياسية أو الادارية . 


ناد للموظفين ومنتزه للأهلين 


كانت الموصل مقراً لقيادة الحيش للمنطقة الشمالية » وكان لضباط الحيش 
ناد يرتادونه في أوقات الفراغ » ويتناولون الطعام والمرطبات في حانوت تابع 
النادي المخصص لهم » فرأيت من الضروري أن أؤسس نادياآخر للموظفين 
الممكيين ليرتاحوا فيه أوقات فراغهم » اسوة باخوانهم العسكريين . وكانت 
في رأس الحسر » جنوبي المدينة وعلى شاطثها الايمن » قظعة أرض استملكتها 
البلدية فأقامت البناية المطلوبة عليها على نفقتها ثم أجرت البناية لتكون نادياً 
الموظفين وكانت بدلات الاشتراك في هذا النادي زهيدة وحسب درجات. 
الموظفين وهكذا أصبح للموظفين المدنيين ناد خاص بهم يرتادونه في عطلهم , 
ويقضون فيه ساعات فراغهم » ويتناولون فيه مرطبانهم » وتخلصوا بذك من 
المفاهي وارتياد المحلات الي لا تليق بهم . 

وعلى الساحل الايسر من دجلة كانت قطعة أرض واسعة تمتد من رأس 
الحسر الى الناحية الشمالية منه . وكان مهندس البلدية أرشد العمري قد وضع 
خارطة هذه القطعة لحعلها متنزهاً عاماً للمديئة (بارك) فلما أحطت علماً بذلك 
طلبت الى رئيس البلدية أن يعرب للمجلس البلدي عن رغبي ورجالي في 
تنفيذ هذا المشروع ال حيوي المهم» فقرر المجلس رصد المبالغ اللازمة للتنفيذ 
في ميزانية البلدية » والشروع في تطبيق الحارطة على الارض وتسويتها 
وغرسها . ولم يسعدني الحظ - مع الاسف ‏ لوضع الحجر الاساسي هذا 
المشروع الحليل » ولكبي علمت بأنه أصبح الآن أهم وأعظم متنزه في الشمال» 
بما فيه من متئزهات وقاعات للراحة والمطالعة » وأشجار باسقة ونحو ذللك . 


848 


كنت في الحامسة والثلائين من عمري يوم وصلت الى الموصل وتسلمت 
أمون اللواء فيها . وكان أسلإني الثلائة ( وهبي بلك » والد الدكتور صبيح 
الوهي » ورشيد االحوجه » وعبدالعزيز القصاب ) قد نجاوز كل منهم 
الحامسة والاربعين» يوم تسلموا أمور هذا اللواء » وكانت الطبقة المورمنة على 
الوضع في المدينة تتكون من الآباء والاجداد من الذين نجاوزت أعمارهم 
الحمسين والستين فكان طبيعياً أن ينظر إلي" هؤلاء باستغراب حين يلمسون 
الفارق الكبير في الاعمار وي الذهنيات . 


أمور أخرى 


كانت العادات القديمة والتقاليد البالية هي الي تسود هؤلاء الناس وهذه 
الاوساط . وكان أعضاء مجلس ادارة اللواء وأعضاء المجلس البلدي في المدينة 
من بقايا العهد العثماني الزائل . وقد بحثت كثيراً للتعرف على شباب البلد وحثه 
على الاسهام في نخدمة الوطن فلم أجد غير ائنين أو ثلائة أصبحوا فيما بعد 
نواباً في مجلس الامة . ولما وافى الاجل رئيس البلدية » صعب على ايجاد رجل 
مفتح الذهنية » عصري التفكير ٠‏ فيتولى رئاسة البادية » ويواكب متطلبات 
العصر » حتى علمت أن لأحد أعضاء المجلس البلدي ولداً يدرس في أورويا 
ففكرت في الاستفادة من مثل هذا الرجل الذي أقدم على ارسال ولده الى الخارج 
ليتابع دروسه وسط هذا الحضم من البشر . كان هذا الرجل الحاج حسين 
حديد» والد السيد حند حديد الذي أصبح من الرجال البارزين» وقد وليته رئاسة 
البلدية الشاغرة بالوكالة فكنت موفقاً في هذه التولية اذ ساعدني كثيراً على تمشية 
بعض القضايا المهمة » الي كنت أخشى أن تجابه بالمعارضة من قبل بقية 
الاعضاء في المجلس واني أذكر فيما يلي بعض الامور العجيبة والقضايا الغريبة 
لا على سبيل الحصر بل على سبيل المثال . 

وددت الاطلاع على ميزانية البلدية عند إعدادها وقبل المصادقة عليها . 


4 


وجدت فيها احجب العجاب وقد رجوت رئيس البلدية أن جمع أعضاء المجلس 
لاحضر اجتماعه بنفسي وجدت : 
7١‏ في فصل رسوم البلدية : اعفاءات لعدد من الناس والمؤسسات مخالفة 

القانون . 
7 اعفاء بعض الشخصيات من رسوم الماء والكهرباء . 
7 غض النظر عن المطالبة ببعض الديون المثرا كمة في ذمم بعض الشخصيات . 

فسألت السادة الاعضاء عن السبب في سكوتهم عن هذه المخالفات ؟ 
فإذا بأجوبة واهية غير مقنعة » ولا مستندة إلى مسوغ . فقلت لهم : لا يسوغ 
قانوناً إعفاء أي رجل أو أية مؤسسة ‏ ححتى وإن كانت حكومية - من رسوم 
الماء والكهرباء . فإن كان هناك مكلف معدم وغير متمكن من أداء هذه 
الرسوم » فإن في الإمكان تخصيص إعانة له في فصل ( إعانة الفقراء والمعوزين) 
وإذا كان المكلّف مسجداً تابعاً إلى الأوقاف فإن على مديرية الأوقاف أن 
تدفع ما يئرتب على مسجدها من هذه الرسوم » وإذا كانت المؤسسة الدينية 
وقفا فعلى المتولي أن يسدد ذلك . أما المساجد الي لا وقف لما ولا متول 
فيجوز إعفاؤها قانوناً . 

انتقلنا بعد ذلك إلى أسماء الذين يشملهم الإعفاء حتى إذا وصلنا إلى 
أحدهم ولا أود أن أذكر اسمه » أصاب أعضاء المجلس البلدي الوجوم وإذا 
بأحد الأعضاء يقول: ان هذا الرجل منزلة دينية مرموقة بحِث تصعب مطالبته 
فلا بد هن التجاوز عنه» فأجبته : سأتبرع أنا بدفع ما يترتب على هذه الشخخصية 
الدينية من كيسي ٠‏ وإذا بالأعضاء يتقبلون مي هذا التبرع مع الشكر » وكان 
في قرارة تفسي أن هذا المكلف إذا م سمع بتبر عي هذا فسيتيره داسا بكرامته 
فيبادر إلى تسديد ما بذمته » ولا سيما وانه غير محتاج وفي وضع مالي لا بأس 
به » ولكنه قبل التحدي من قبلي » وصرت أدفع بالنيابة عنه حى نقلت إلى 
لواء بغداد . 


هذا ما كان يتعلق برسوم البلدية » وأما ما كان يتعلق بالضرائب الحكومية 


مؤسفة في الوقت نفسه. . 

تنا كدت متجها إلى مقام المنصرفية ذات يوم إذ لفت نظري امرأة جالسة 
على مدخل السراي مع صفليها الصغيرين » فسألت الشرطي الحارس على الباب 
عمن تنتظر هذه المرأة ؟ فقال الها تنتظر المتصرف لتعرض عليه ظلامة لما 
فأمرت يجلبها . فلما دخلت علي" ني مقامي الرسمي وعرضت أمرها » علمت 
انها أرماة توي بعلها وترك ها هذين الطفلين» وان لديها ماكنة خياصة تستعين 
بها على توفير لقمة العيش لها ولطفليها » وان دائرة الضريبة حجزت ماكتتها 
لقاء خمس ربيات تراكمت لا بذمتها عن ضريبة دار سكنها الي لا تملك 
غيرها . فدفعت إلى محاسبة اللواء المبلغ المتحقق بذمتها » وطلبت إليها أن تعيد 
الماكنة إلى صاحبتها . 

إن هذه القضية البسيطة حملتي على أن أستوضح من محاسبة اللواء عن 
بعض الأمور الالية المتعلقة بالضرائب فطلبت موافاتي بقائمة المدينين للحكومة 
برمتهم » فلما جيء لي ببذه الفائمة» وجدت أن معظم المدينين كانوا من وجوه 
المدينة ونجارها ٠‏ والمتمولين فيها » فأصدرت أوامري إلى المحاسبة بوجوب 
تبليغ هؤلاء المدينين ليسددوا ما في ذممهم فوراً » وأن يطبق قاذون جباية 
الديون المستحقة بحق الجميع خلال المدة المنصوص عليها في القانون » وهي 
عشرة أيام » فإن أبوا ذلك محجز أموالهم ثم ينذرون لمدة 74 ساعة للتسديد 
فإن أصرًوا على الامتناع فيباع هذا المحجوز » وتسداد الديون وقد انصاع 
معظم المدينين لهذه التدابير القانونية وامتنع أحد الذوات (ح. ع ) عن هذا 
الانصياع فلم بم للتبليغ الأول » وامتنع عن تسلّم ورقة التبليغ للمرة الثانية 
وأهان الموظف المختص” » وطرده » فطلبت إلى محاسبة اللواء أن تحجز أمواله 
بحسب أحكام القانون إذا امتنع عن التبلغ للمرة الثالثة » كما أمرت مدير 
الشرطة أن يرافق مأمور التبليغ أحد الموظفين » وقد فهمت بعد ذلك من 


5 


محاسب اللواء أن !لذات (ح. ع ) لا رأى جداية المطالبة وصرامة التديير سلّم 
أمره إلى الله فدفع قسطأ من الدين الذي كان بذمته » وطلب إمهاله إلى اليوم 
التالي ليسد د الباقي . 

كان لذيوع خبر هذه القضية بين الموصليين وقع عظيم في المدينة؛ ولا سيما 
بين المتنفذين » فقد أصبح مفهوماً لدى الجميع أن الحكومة لا تفرّق بين فقير 
معدم ) وثري متنفذ » وأن الجميع سواسية في الحقوق وفي الواجبات » وذلك 
على الرغم من الأثر المعكوس الذي حصل لي فقد أخذ الموتورون ينظمون 
الحملات الظالمة ضدي , ولكي خرجت في النتيجة منتصراً على الجميع ساطع 
الوجه » وضاح الحبين . 


لحنة الحدود 

لما فرغت عصبة الأمم من تدقيق الحلاف بين العراق وتركية حول عائدية 
ولابة الموصل » والبت فيه في ضوء التقرير الذي أعدته لحنتها الخاصة التي 
أوفدها إلى العراق لهذه الغاية في آخر عام 1474م » قررت هذه العصبة نفسها 
تأليف للحنة ثانية لتخطيط الحدود بين العراق وتركية بعد أن قبل الطرفان بقرار 
لخنتها الأولى »ء وانتهى أمر هذه المشكلة الي شغلت الرأي العام ردحاً مسن 
الزمن . وكانت بحنة الحدود هذه مؤلفة من عراقيين » وأتراك » وانكليز» 
نحت رئاسة السيد ( باتسلاين ) النمسوي . ويوم تسلّمت أمور اللواء » كانت 
اللجنة «واظبة على أداء واجبانها » وقد انمخذت الموصل مقراً دائماً لها في القصر 
المستأجر من قبل الحزينة الملكية الخاصة . 

كانت دائماً عمليات التخطيط تسير بصورة حسنة ومن دون أن نظهر أبة 
مشكلات بين الحهات الي يبمها الأمر » ولم يحدث بصورة مطلقة ما يكدر 
الأمن أو يقلق راحة الأعضاء » وحين أشرفت أيام اشتغاللي في هذا اللواء على 
مبايتها » كانت أعمال اللجنة على وشلث الانتهاء أيضاً من إعداد التقارير » ورسم 


1١ 


الخرائط اللازمة » فرأيت من ضرورات المجاملة أن أقيم مأدبة عشاء على شرفها 
فكانت هذه المأدبة فرصة حسنة لتبادل الآراء والأحاديث ». ولا سيما بييي وبين 
رئيس اللجنة الذيكان مثقفاً ثقافة عالية» وذا شخصية محترمة جداً. فلمًا تم" 
نقلي إلى متصرفية لواء بغداد؛ تلقيتمنه رسالة طريفة باللغة الفرنسية هذا تعريبها: 

لحنة تخطيط الحدود بين تركية والعراق 

١‏ أيلول 19471 م 

سيدي : 

إن اللجنة » بعد الانتهاء من أعمالحاء كلّفتي أن أقدم لحضر تكم إحساسات 
شكرانما الخالص نجاه جهودكم المبرورة الي مهدت السبيل أمامها لإنجاز 
مهمتها . وانا لنشكركم خاصة على ما قمتم به من الترتيبات في أمر تأمين منزل 
لنافي الموصل » وقد كان المئزل بديعاً ومستكملا” لأسباب الراحة » 
هذا وتفضلوا بقبول فائق احير امنا سيدي : 

باسم اللجنة : الرئيس 

إلى ناجي بلك شوكت متصرف أواء بغداد : سراي حسن باشا 

وكانت هناك الحنة أخرى تسمى بلجنة الحدود الدائمة » قد تألفت بموجب 
المادة ١8‏ من المعاهدة العراقية ‏ البريطانية ‏ التركية الموقّع عليها في أنقرة 
في الحامس من حزيران سنة “197١م‏ ء وكان يمثل العراق ني هذه اللجنة 
متصرف اللواء » ومشاوره البريطاني » وأحد ضباط الحيش أو الشرطة » 
وبمثل تركية فيها والي ماردين أو ديار بكر » مع قائد الحيش التركي فيالولاية . 
وكانت اللجنة نمجتمع في كل ستة أشهر بصورة دائمة مرة في العراق » ومرة في 
تركية . وني بحر المدة ابي قضيتها في الموصل اجتمعت اللجنة مرتين : مرة في 
الموصل نحت رئاسي ؛ والأخرى في جزيرة ابنعمر تحت رئاسة والي ماردين ٍ 
وكان من واجبات اللجنة الرئيسية النظر في الحوادث المخلة بالأمن الي تقع بين 
حين وآآخر . 


٠ 


وني أول اجتماع ثم عفده ني الموصل جرى استقبال أعضاء اللجنة من 
الحدود التركية » وأنزلوا ضيوفاً على الحكومة العراقية في القصر المستأجتر من 
قبل الحزينة الحاصة لنزول الملك فيه في أثناء زياراته للموصل . وكان لقائي 
بشخصيات تركية محترمة » منذ وفوعي في الأسر سنة 1915م » أول لقاء 
رسمي فكان من الطبيعي أن يكون الحديث بيي وبين أعضاء الوفد التركي 
مشوباً بالحيطة والحذثر » ولكن ذلك زال مع مرور الأيام » وأخذت الأحاديث 
الودية بحري مجراها الحسن » ولا سيما بعد أن رأى رئيس الوفد المشار إليه اني 
أتكلم اللغة التركية بطلاقة لا تقل عن صلاقتهم » لأني كنت درست في جامعة 
استانبول » وتثقفت ثقافة تركية واسعة . وبعد أن استغرق اجتماع هذه اللجنة 
أسبوعاً كاملا" » غادر الوفد إلى بلاده مشيعاً بالاحترام . وبعد ستة أشهر كان 
الاجتماع الثاني في ( جزيرة ابنعمر ) في تركية » وكان والي ماردين الذي حضر 
اجتماع الموصل قد نقل إلى ولاية أخرى » وحل محله وال آخر وقد استغرق 
هذا الاجتماع الثاني أربعة أيام كانت الأحاديث خلالها على غاية من الود” 
والصفاء » وعدنا إلى الموصل مشيعين بالاحترام أيضاً . 


أسطورة القصر الملكي 


لم يكن ني الموصل قصر ملكي بالمعنى المقصود بالقصور الملكية » بل كل 
ما كان فيها دار قديمة تمتلكها إحدى العائلات الموصلية المعروفة » وقد 
استأجرتها الحزينة الملكية الخاصة من هذه العائلة نحت إشراف متصرفية اللواء 
لينزل فيها الملك فيصل الأول كلما قام بزيارة لهذا اللواء . وقد اتخذت هذه 
الدار مقراً للجنة تخطيط الحدود العراقية ‏ التركية » ومسكناً لإقامة أعضاء 
اللجنة . كما كانت متصرفية اللواء ت#خصصها لإقامة أعضاء الوفد الثر 
اللجنة المذكورة . لهذا لم أرّ مانعاً من إعطاء موافقني الخاصة الأولية على طلب 
مديرية معارف منطمّة الموصل لإجراء الامتحان لطلااب المدرسة الثانوية في 


45: 


القصر - موضوع البحث - تمهيداً لوصول موافقة الحزينة الخاصة » كما هو 
متصرفية لواء الموصل العدد : 417/85 
التاريخ 5 حزيران 1911م 
بالإشارة لكتابكم المؤرّخ 6 حز يران 1471م رقم 1١74‏ ونظراً لاحتياجكم 
لبناية القصر الملكي لمدة موقتة لإجراء امتحان المدرسة الثانوية فيه » لتعسّر 
إجراء امتحان مدرسي الثانوية والحضرية في بنايتهما المشركة في وقت واحد 5 
فأنا نوافق على إجراء الامتحان في القصر المذ كور .. 
متصرف اواء الموصل : ناجي شوكت 
صورة إلى - ناظر الحزينة الخاصة ‏ لتأييد الموافقة على ذلك 
خدمة اللمعارف . 
صورة إلى - يحيى أنور كاتب الضريبة لمقابلة مدير المعارف » 
والاتفاق على ما يجب عمله وعليكم حفظ الآثاث في غرفة مغلوقة . 


سحب يدي عن العمل 
وبينما كنت في انتظار الموافقة النهائية من ناظر الحزينة المذكورة » 
فوجئت بعد عودني من دار الحكومة إلى داري » وتناول طعام الغداء في يوم 
حزيران 1971م » بالحادم لينقل إلي رغبة مدير نحرير اللواء في مقابلي » 
وقد دخل غرفة الاستقبال فعلا” . ولما جئت إلى هذه الغرفة وجدت مدير 
التحرير يمسك بيده على ورقة وعيناه مغرورقتان بالدموع وهو يقول : ان لديه 
خبراً سيئاً من بغداد . فحسبت أن أحداً من أفراد عائلي قد توي » ولكنه 


ه46 


أضاف أن لديه برقية مستعجلة من وزارة الداخلية وهي تمسي شخصياً . فلما 
أخذت البرقية من يده وقرأما مرة ومرتين » أصابي الوجوم والذهول , 
ولكبي ضبطت أعصابي وأخخذتي العزة بالنفس . 

كانت البرقية رمزية حمل رقم 4807 وتاريخ  "- ١4‏ 979١م‏ ؛ 
وتقول : 

متصرف ال موصل 

تصديقكم على إجازة مدير المعارف لإشغال القصر الملكي المخصص 
لسكن صاحب الحلالة هناك بدون مراجعة أولي الشأن » يعتبر جاوزا لحدود 
وظيفتكم » وجرأة في عدم الاكتراث بأمور كهذه » وتصرفاً لا يقبل التساهل 
لذلك قررنا سحب يدكم حالا” من وظيفتككم الحالية فيجب أن تودعوا أمور 


اللواء إلى قائمقام المركز وتتوجهوا للعاصمة . 
وزير الداخلية : رشيد عالي 


لم تكن التهمة الي ورد ذكرها في هذه البرقية صحيحة ؛» ولا كانت 
القضية ‏ من حيث الأساس كما صوّرما البرقية » لهذا قررت الثأر لكرامي 
وكيل الصاع صاعين إذا ما وصلت إلى بغداد ووقفت على جلية الأمر . فطلبت 
إلى مدير التحرير أن يخبر قائممقام المركز بأني أنتظره في داري ٠‏ فلما بحضر » 
أحطته علماً بالموضوع » وأصلعته على برقية وزير الداخخلية الرمزية » وسلّمت 
إليه إدارة اللواء » ثم جمعت بمساعدة الأهل ما أحتاج إليه من ألبسة ولوازم 
خفيفة » وفررت مغادرة المدينة صباح اليوم التاليي ١9‏ حزيران » وإذا بنخبة 
ممتازة من ذوي الشهامة واللطف يحضرون لتوديعي » ويظهرون أسفهم لمذه 
الحادثة . وكان في مقدمة هؤلاء الحاج حسين حديد وكيل رئيس البلدية ؛ 
ومصطفى الصابونجي . وجمال بابان » ومدير التحرير » فشكرت لؤلاء 
عواطفهم وكرم خلقهم » وتوجهت إلى العاصمة توأ في مساء اليوم نفسه . 

لم أتحمل الإهانة الي لحقتني ببذه البرقية » ولم أشأ الصبر على هذا 


1 


العدوان المفاجىء » فأعددت رداً قاسياً توجهت به إلى مقر الوزارة في صباح 
العشرين من حزيران وسلّمته إلى سكرتير الوزارة يدا بيد » دون أن أطلب 
مقابلة الوزير وهو يومئذ السيد رشيد عالي الكيلاني » الذي خضع إلى مشيئة 
البلاط دون أن يتعمق في درس الموضوع ويكتشف أهدافه . ولما كان هذا 
الرد على جانب من الأهمية فقد رأيت من الضروري إثباته هنا » ولا سيما 
بعد أن وجهت صورة منه إلى رئيس مجلس الوزراء » وهو يومئذ السياد 
جعفر العسكري » وهذا نص الكتاب : 

وزير الداخلية بغداد ٠١‏ حزيران 19171ام 


امتثالا” لما جاء في برقيتكم الرمزية المرقمة 4801 والمؤرخة 5-1١14‏ 5 
9107م لقد أودعت أمور متصرفية لواء الموصل إلى قائمقام المركز وحضرت 
العاصمة . فأود إذن أن أبدي لكم بأني لم أكن قد يجاوزت حدود وظيفي 
بصورة ما » ولا يمكن أن يكونعملي جرأة وعدم اكتراث في أمر عظيمم . 
واعتبر ذنباً لا يقبل التساهل » إذ أن القصر المستأجّر على حساب الميزانية 
الخاصة في الموصل لا يعد" خاصاً بسكبى صاحب الحلالة » بل هو نخال ليس 
فيه سوى بعض أثاث بالية تعود للحكومة كانت قد ابتيعت من أجل بلحنة عصبة 
الأمم عند زيارتها الموصل . وهذا القصر لم يكن يوماً ما منيعاً لهذه الدرجة . 
إذ كان قد أشغل من قبل المتصرف السابق كدار للسكن ٠‏ وأشغل من قبل لحان 
الحدود المختلفة . ويفهم من هذا أن صاحب الخحلالة لا يمانع في إشغال القصر 
من قبل ضيوفه عندما لا يحتاج إليه جلالته فكم بالحري إذا استضيف في هذا 
القصر لبضعة أيام تلاميذ المدارس ٠»‏ وهم ذواة المستقبل وعصارة حياة الأمة 
العراقية . 

ومع كل هذا ان الأمر المعطى من قبلي إلى مدير المعارف لم يكن قطعياً 
لأني أرسلت صورة من الكتاب إلى ناظر الحزينة الحاصة لاستحصال موافقته 
النهائية الي لم تمنح بتاتاً . فالقصر لم يشغل , والأمر لم ينفّذ بالفعل . 


4 سيرة وذ كر يات(97) 


ما كان ليدور يلدي البتة أن عملي هذا سيعد” تجاوزاً لحدود الوظيفة , 
وجرأة في عدم الاكتراث في أمور لا أعرف كيف أفسر وأعلل تعظيمكم 
إياها » رغم ما فيها من بساطة . إني كنت واثقاً ولن أزال راغباً في أن أكون 
مقتنعاً بأن صاحب الحلالة الذي لا يزال يساعد المدارس والمعارف بأنواع 
التبرعات وشتى الإنعامات » ثأن الملوك » لو علم بالأمر لأمر بتقديم القصر 
المشار إليه إلى التلاميذ ليس لإجراء امتحاهم فيه وحسب ٠»‏ بل لبركه للمعارف 
بتاتاً ٠‏ ولكان استصوب موافقبى المبدئية إذ كنت مفكرا بأمها ستكون وفق 
رغائب جلالته . ْ 

وبعد كل هذا يا معاي الوزير » هب أني أخطأت بعملي هذا » رغم ما فيه 
من حسن فية » ورغم طلبي موافقة ناظر الهزينة الخاصة فهل يجوز أن يعد 
هذا العمل أمراً خطيراً رستوجب سحب يد متصرف من وظيفته ؟ فماهي إذا 
النسبة بين عمل مثل هذا وبين المسائل الي تستوجب سحب يد الموظف لأمور 
شائنة ؟ أفلمثل هذا السبب تسحب يد متصرف من أكبر وأهم لواء ني العراق » 
وي اللواء أمور خطيرة تتعلق بحياة البلاد والأمن العام » كتخطيط الحدود 
العراقية ‏ التركية » ومسألة رحيل الكواجر » وحركات بارزان » الخ .. الخ . 
وعلى كل لست أخال وجدانكم غير مضسطرب من هذه المعاملة . 

إن الرجل الذي سحبم يده من وظيفته في ظروف خاصة ومهمة تتعلق 
بحياة البلاد في أهم (واء في العراق جبينه ناصع » وأعماله وخدماته » سواء كان 
في هذا اللواء أو في غير .خدمة حكومية واضحة ومسجلة في قيود وزارتكم . 
أهكذا بلطف الموظف الذي ضحى براحته » وأيد سطوة الحكومة فياللواء' » 
وبدأ بالإعمار وتأمين الأمن : والضرب على أيدي الحونة والممافقين ؟ أهكذا 
يشجرم الموظف الذي أحسن ثيل حكومته في مؤتمرين مهمين ٠‏ وأدى 
خدمات إن لم تقداروها أنم فلا بد أن يقدرها سواكم كما أنما لا تلبث أن 
تقدآر من قبل الأمة . 

يا معاي الوزير ! إني لست من الموظفين الذرين يتمسكون بوظائفهم . 


48 


فإن لي شرفاً شخصياً بمنعي من أن أكون ممسوس الكرامة . ولكن الشيء امؤلم 
والمؤسف هو أن العراق لا يزال يحكم بدون قوانين » وحالة الموظفين فوضى » 
إذ أنهم يعاملون بمعاملات لم نجر في القرون الوسطى . ولا في زمن الحكم 
البائد . 

فكيف إذن هي حالة الموظفين الصغار إذا كانت هذه حالة الموظفين 
الكبار ؟ تلعب بهم الأهواء » وتتقاذفهم الأيدي الي لا يمكن أن تتشرف بعملها 
هذا لما فيه من جور . اني أعهد فيكم نزاهة ووجداناً سليماً » وشهامة عربية 
وشياباً منوراً » أفليست هذه المعاملة ما خيب الظن ؟ 

لست حريصاً على الكراسي » ولست متهالكاً عليها » ولا «تيصيصاً : 
ولكني وجدت هذه الضربة تحط من كرامي . لذلك أطلب منكم » محافظة 
شرفي » وإعادة اعتباري » وتضمين أضراري . وأناشدكم الله باسم الإنسانية 
أن لا تدعوا الموظفين ألعوبة في الأيدي في عصر الدستور والحرية . فإننا نعيش 
في عصر العشرين » ولكل شخص وجائب وحقوق يجب احترامها . وبصفي 
عربياً خدمت القضية العربية أيام الثورة العظمى ٠‏ وبصفبي عراقياً خدمت 
بلادي حسب طاقني ٠‏ اجتهادي » أتقدم وأطالب الحكومة بشدة بألا" نجعل 
موظفيها » وهم الأيدي العاهلة » ألعوبة . فالدهر قلب يا معالي الوزير » 
فاتقوا الله يا من تتولون شؤون هذه الأمة ., ولا نحيدواعما يوحيه إليكم 
وجدانكم :5 

إني لن أتنازل عن حقي وطلب إعادة شرفي » ما زالت في البلاد أمة لا 
روح » وما زالت أمامنا سلطات عليا لا تمثي وراء الأهواء . وما زلت أنا 
شاباً من أبناء هذه البلاد يشعر أن من واجبه أن يخدم.بلاده ويحول دون وقوخ 
المظالم والتعديات فيها . 

ناح الكت 
صورة إلى - رياسة الوزراء 


16 


أثر احتجاجي في الأوساط 


كان لتقديمي هذا الاحتجاج ببذه اللهجة الشديدة دوي في الأوساط بعد 
أن علم أمره وشاع خبره » وقد زارني في داري بعض الأصدقاء ٠‏ وأسروا 
لي أن أطلب مقابلة الملك وألتمس المفترة منه والصفح عن ذني ليأمر بإعادتي 
إلى الحدمة » ولكبي رفضت ذلك رفضا باتآ على أساس الي لم أرتكب جرماً 
يستحق مثل هذه الإهانة ولم آت بعمل يستلزم مثل هذا الإجراء » وأن الذي 
وشى ضدي لدى مقام الملك يحب أن يفهم أن ني البلاد أناساً لا يتحملون 
الضيم ولا يطأطأون الرأس للباطل . وكنت أقصد بذلك السيد صفوت العواء 
ناظر الخزينة الملكية الحاصة الذي كانت له كريمة مخطوبة إلى السيد توفيق المي 
ناظر المزرعة الملكية الذي تسبب في غرق بغداد قبل عامين فأمرت بتوقيفه 
وإجراء التحقيق ضده بحسب المصلحة الي قضتها ظروف الغرق والأضرار 
البليغة ابي لحقت بالتجار والأهلين . 


مقابلتي للمعتمد السامي 


بقي أمر الاحتجاج الذي قدمته الى وزارة الداخلية حديث المجالس واذا 
بمعاون مستشار وزارة الداخلية المسر ادمونس يتصل بي » ويعرب عن رغبة 
المعتمد السامي في مقاباني فاذا لم أرّ مانعاً من ذلك فانه سيحدد لي وقت المقابلة 
ومحلها » فكان من الطبيعي أن أرد على هذا التكليف بالموافقة ولا سيما والما 
ستتيح لي فرصة عرض القضية على حقيقتها . 

توجهت الى دار الاعتماد يجاب الكرخ لمقابلة المعتمد في الوقت الذي 
تحدد فوجدت في انتظاري أحد المرافقين حيث استصحبي الى مكتب المعتمد 
توا فتلقاني هذا مسلماً ومصافحاً ثم أجلسي وقدم إلي سيكارة وقال انه يتذكر 
اجتماعنا في الموصل قبل فترة من الزمن » وانه تناول طعام الغداء على مائدني » 


٠٠ 


وائه رغب أن يجتمع بي الآن ليعرف الاسباب الي أدت الى سحب يدي من 
يتضرفة الوضل لآنه سعع ان أي سحاشية شية البلاط من حمل حزازات قديمة وأراد 
أن ينتقم مي بالوقيعة بيبي وبين المللك . ثما قال انه سمع ان كنت من قبل من 
على النطاء نووري لحرن تأنه ليلدلا : اني جمهوري النزعة منذ 
كنت أتلقى علومي في جامعة استانبول ولكن بعد أن تمت البيعة للملك فيصل 
الاول لم تصدر مي أية بادرة تدل على اني ضد نظام الحكم الملكي القائم » 
أو ضد الملك شخصياً » وان في البلاط ني الحقيقة ‏ من لهم حزازات 
قديمة معي ( وقد أوضحت للمعتمد قضية تسبب توفيق المفني مدير المزرعة 
الملكية في غرق بغداد » وتوقيفي اياه على الرغم من اني كنت أعلم بأنه خطب 
احدى كريمات مدير الحزينة الخاصة )-كذلك شرحت المعتمد قضية موافمي 
على اجراء امتحان طلبة ثانوية الموصل في القصر المستأجر للملك » وان هذه 
الموافقة كانت مبدئية وليست نبائية » وان هذه الدار المستأجرة سبق ان أشغلت 
من قبل رئيس وأعضاء بحنة تخطيط الحدود بين تركية والعراق دون استثئذان 
من أبة جهة فسر المعتمد ببذه الايضاحات وشكرني على ذلك واعتذر عما اذا 
كان قد سبب لي ازعاجاً في هذه المقابلة ثم ودعبي مسلماً ومصافحاً حى باب 
غرفته وقد استغرقت المقابلة زهاء نصف الساعة . 

وما تجدر الاشارة اليه ان السرهئريدوبس لم يكن انكليزياً خالصاً بل 
كان اير لندياً . 


مقابلني لرئيس الوزراء 


أعزي السنن. < جعفر العسكري رئيس الوزراء عن رغبته في الاستماع الى 
ظلامي » بعد أن اطلع على رساي » فاستدعاني الى مكتبه في الوقت المحددء 
واستقبلني بمرحه المعروف » وابتسامته الدائمة » ونهكمه الذي يعرفه أصدقاؤه 
م قال رحمه الله انه اطلع على كتاني شديد اللهجة الذي وجهته الى وزير 


الل 


الداخلية وأرسلت بنسخة منه اليه » وانه فهم الموضوع عن حقيقته » وانه 
يعطيي بعض ال حق ني ما عملته » إلا انه يستغرب من وجود عبارة (اني لن 
أتنازل عن حقي وطلب اعادة شرفي ما زالت في البلاد أمة لها روح » وما زالت 
أمامنا سلطات عليا لا تمشي وراء الاهواء ) في كتاني الى وزير الداخلية لان 
بعض الحهات ني البلاط - الي تعرفها جيداً ‏ فسرت كلمي سلطات عليا 
بالمعتمد السامي . فأجبته في ا حال : اذاكانت هاتان الكلمتان قد فسرتا بالمعتمد 
السامي من قبل من أعرفهم أنا وتعرفهم أنت فلهم أن يفسروها كا يرغبون » 
وكا توحي به مصالحهم » فهم أدرى بحقيقة سلطة المعتمد على البلاد وعلى 
البلاط . ولكي لم أكن لاقصد هذا المععى بصورة مطلقة ؛ وانما قصدت 
الرأي العام وأقصد الشعب العراقي الذي لولاه لما كان للملك فيصل أن يصبح 
ملكاً على العراق . 

كنت من المعجبين بصفاء سريرة السيد العسكري » وطية قلبه » وحبه 
الدائم لعمل الحير » ولذا فأني لم أتأخر عن التزول على طلبه حين أعرب عن 
رغبته في أن أبعث الى رئاسة الوزراء كتاباً ملحقاً للكتاب شديد اللهجة الموجه 
الى وزير الداخخلية على أن يكون نخحفيف اللهجة » سامي الخدف » بغية التمهيد 
لانباء هذه الازمة فبعئت اليه ببذا الكتاب . 

فخامة رئيس الوزراء 

في 7٠١‏ حزيران قدمت لفخامتكم كتاباً بينت فيه كيف ان الاسباب البي 
أوجبت سحب يدي من متصرفية الموصل هي ليست "ما تلقيتها ني باديء 
الامر » ولا أشك الآن من انه قد حصلت لديكم قناعة بأن ام نألة كانت بسبطة 
ومبنية على حسن نية . كنا اني لا أشك ولا زلت قانعاً وسأبقى وائقاً من ان 
صاحب الحلالة مولاي الملك المعظم هو الاب الشفوق لعموم الموظفين » ولا 
سيما أنا عبده الحاضع الذي خدمت بدمي نحت لوائه المحبوب في الثورة العربية 
العظمى بي الحجاز » ابنه البار وخادمه المطيع لا يمكن أن أعمل عملا حلاف 
رضاء جلالته واني حاضر أن أناقشكم عن جميع ما سمعم به من بعض 


٠6١ 


المغر ضين عبي لتعلموا وتتيقنوا من ان غايي الوحيدة كانت ولا تزال هي خدمة 
مليكي المعظم وبلادي بكل صدق واخلاص . فقد مضى يا صاحب الفخامة 
على سحب يدي من متصرفية الموصل ما ينوف على الاربعين يوماً وانا أنتظر 
النتيجة والقرار النهائي » الذي أنا ؤاثق من انه سيكون برهاناً ساطعاً على عطف 
وتوجه مولاي صاحب الحلالة » وعلى ان حكومته دستورية ديمقراطية معى 
الكلمة . وختاماً أرجو قبول فائق الاحترام . 

المخلص : ناجي شوكت 


مقابلني لخلالة الملك 


بعد تقديمي الكتاب الثاني المثبت نصه أعلاه ‏ الى رئيس الوزراء 
بئلاثة أيام » اتصل في المرافق السيد تحسين قدري قائلا” : ان صاحب الحلالة 
أمره أن يتصل ني » وينقل الي" رغبة جلالته في الاجتماع بي . ثم سألي عما 
اذاكان تحديد الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم التالي يكون موافقاً لي ؟ فأجبته 
بالإيجاب وكنت قبل هذا رفضت نصح الاصدقاء والمعارف المستمر لاطلب أنا 
مثل هذه المقابلة » وأطلب العفو من صاحب العرش . 

ذهبت الى البلاط الملكي في الوقت المعين » وكان الملاك قد فرغ من مقابلة 
زواره » فأستصحبي السيد نحسين الى غرفة جلالته » فرأيته واقفاً أمام منضدته 
وهو يقلب بين الاوراق » فلما لمحي منحنياً للسلام عليه أخخذ بيدي وقال : 
تعال لنر ك هذا المقام الرسمي » ونذدهب الى دائرني الحاصة . وهنا جلس 
جلالته وأجلسي الى جواره » وشرع في حديثه قائلا” : 

اني سمعت كثيرأ من الاقاويل عنك . سمعت انلك جمهوري النزعة » 
وانلك كنت . من المعارضين لفكرة الملكية على الرغم من انك كنت موظفاً في 
الحكومة . وقيل لي أثناء غرق بغداد قبل عامين انلك قصدت الاساءة إلي” 
بنوقيفلك مدير مزر عي » وأخيراً تحرأت علي" بالسماح لطلاب ثانوية الموصل 


ل 


باحتلال القصر الملكي ما اضطرني الى أن أطلب من المتكومة معاقبتلك بفصلك 
من الحدمة . وقد وددت الآن أن أسأل منلك مباشرة عن الاسباب الي حملتك 
على الاتيان بكل ما ذكرت ؟ 

أجبت صاحب الخحلالة على الفور قائلا” : 

سيدي : انذكوني جمهوري النزعة لا يعي بأني ضد جلالتلك . لقد درست 
في جامعة استانبول » واعتنقت هذا المبدأ منذ كنت طالباً في كلية الحقوق في 
الجامعة المذ كورة » ودرست تاريخ العرب والاسلام وآل عثمان » وتاريخ 
أوربا وملوكها » كنت أقرأ مثلا” ان ملكا عظيماً خدم بلاده بكل ما أوني به 
من حب واخخلاص حتى أوصل شعبه الى مراتي الفلاح فان مات وخلف صباً 
طائشاً نزقاً شبه مجنون » أنزل ولي عهده ذلك الشعب من قمة مجده الى حضيض 
الشقاء والتدهور » لأنه حل محل أبيه بالوراثة . أما ما يتعلق يجلالتكم فقد 
أصبحم المللك الشرعي على هذه البلاد بحكم الاستفتاء الذي ثم » وارتضاكم 
العراقيون ملكا دستورياً ديمقراطياً » فهل من المعقول أن أتصدى لحلالتكم أو 
أفكر في الاساءة الى مقامكم ؟ وأما قضية توقيف مدير مزرعتكم ‏ يا صاحب 
الحلالة - فأني كنت أعتقد انكم ستقدرون عملي » وتكافؤني على الحزم الذي 
اتخذته تجاههء وتأمرو بفصله من عمله فوراًء بعد أن ثبت تسببه في نكبة البلاد 
وذلك بفتحه بوابات القنطرة لسقي مزرعة القطن الحخاصة يحلالتكم لاني فكرت 
- وأنا المتصرف المسؤول - اني اذا لم انخذ مثل هذا الموقف الحازم فستتعرض 
الحكومة الى تقولات وانتقادات لا يسلم العرش من شظاياها . وأما قضية سماحي 
لطلاب ثانوية الموصل باجراء امتحاءهم في القصر الملكي فقد بحثتها باسهاب في 
كتاني المرفوع الى وزارة الداخلية» وأخشى أن يكون هذا الكتاب قد أخحفي 
عن جلالتكم بقصد » وها أنذا أقدم صورة من كل من الكتابين الاول والثاني . 
ولما لم يبق” لدي ما أقول قال جلالته : 

طيب يا ناجي لننسى كل ما حدث فهل تبايعني الآن وتؤدي اليمين أمامي 
بأنك ستكون صادقاً لي وعضواً مفيداً في خدمة بلادك وأمتك ؟ ولا سيما وان 


6١ 


البلاد بحاجة ماسة الى أمثالك من الشباب المثقف ثقافة عالية ؟ أجبته انني أبايعك 
بصدق واخلاص »؛ طلا أنت سيد البلاد تسعى لتوطيد استقلاها ورفاه شعبها 
وتأمين الرخاء والعدل بين أبناتما . 

وببذا القدر من الحواب انتهى الحديث واذا بالحادم يقول بحلالة الملك : 
ان الغذاء جاهز فيأخذني جلالته الى المائدة ونتناول الطعام سوية » ولم .يكن 
أحد غيرنا على المائدة . وعلى أثر ذلك صدرت الارادة الملكية في الرابع من 
آب 19717 باعادة تعييبي متصرفاً للواء بغداد إذ لم يكن من اللياقة والحكمة 
أن أعود الى الموصل . 

وتأبى الصدف الا أن بموت الملك فيصل موته المفاجىء في ليلة الثامن من 
أيلول سنة 191 فيتولى العرش ولي عهده الامير غازي - بحكم الوراثة ‏ 
ثم يقتل هذا الملك في الرابع من نيسان سنة 19474 في الحادثة الي سأشرحها 
فيما بعد ١‏ فيتولى الامير عبد الاله » نجل الملك على » الوصاية على المللك 
فيصل الثاني الطفل » حفيد فيصل الاول ونجل الملك غازي القتيل » فيسير 
بالبلاد برعونة وخفة سببتا ضياع العرش » وانتهاء حكم الهاشميين في العراق 
بعد ثورة 1١4‏ تموز 1408 وقيام نظام الحكم الجمهوري في البلاد . 

مراسللات خحطيرة 

بعد مرور خحمسين سنة على هذه ا حادثة الغريبة في بابها » قرر السيد عبد 
الرزاق الحسبي صاحب المؤلفات الكثيرة - والسيد الحسي يزورني في كل 
اسبوع منذ 79 سنة ‏ قرر أن يعيد طبع كتابه ( تاريخ العراق السياسي 
الحديث ) طبعة ثالثة موسعة ومزيدة » وقدم طلباً رسمياً للسماح له بمراجعة 
ملفات البلاط المكي وسائر المخابرات المهمة اللي يضمها (المركز الوطي 
لحفظ الوثائق ) وقد حصل على الاجازة الرسمية لتحقيق غرضه فعتر ‏ ني 
ضمن ما عثر عليه على الوثائق الست الأنية أنشرها كحقيقة تاريحية لا لبس 
فيها ولا غموض . 


١7-كتاب‏ المتصرفية الى مديرية المعارف 
الرقم ‏ 417/85 
التاريخ ١970-5-5‏ 
بالاشارة الى كتابكم المؤرخ 4 حزيران /19371 رقم .1١174‏ ونظراً 
لاحتياجكم لبناية القصر الملكي لمدة موقتة لاجراء امتحان الدراسة الثانوية فيه » 
لتعسير اجراء امتحان مدرسي الثاذوية والحضرية في بنايتهما المشركة في وقت 
واحد » فأنا نوافق على اجراء الامتحان في القصر المذكور . 


ناجي شوكت : متصرف لواء الموصل 


- كتاب رئيس الديوان الملكي الى رئاسة الوزراء . 


سري وشخصي 
بغداد في ١١8‏ حزيران ١9717‏ 
الموصل الى مدير المعارف لاطلاعكم عليه . 
ان حضرة صاحب الحلالة يعتبر ان موافقة المتصرف على احتلال القصر 
الملكي دليل على عدم مبالاته » وتصرف منه لا يقبل التساهل .وكذلك فجلالته 
لا يسعه أن ينظر اليه بعد الآن كمثل لحكو مته » ويعتبر وظيفته منتهية اعتباراً 
من تاريخ هذا الكتاب » وتفضلوا بقبول فائق الاحيرام . 


التوقيع : ر سم خبدر 


م5-_كتاب رئيس الوزراء الى وزارة الداخلية : 
ديوان مجلس الوزراء في 5-15 ١191790‏ رقم 1784١‏ | سري 

معاللمي وزير الداخلية 

بعد التحسية : 

بلغي ان متصرف الموصل قد تصدى لعمل خخطير » خخارج عن سلطته » 
وذلك انه أجاز لمدير معارف منظقة الموصل باشخال القصر الخاص بسكن صاحب 
الحلالة في الموصل » بدون مراجعة أولي الشأن في الامر واستحصال موافقتهم 
على ذاث . ولما كان هذا العمل مخالفاً للاصول » ودليلا على تجاوز المتصرف 
حدود وظيفته » وعلى جرأته المتناهية في عدم الاكتراث بالامور » أرى انه 
من الضروري سحب بده من الوظيفة » واتخاذ الاجراءات اللازمة بحقه في 
بغداد . فأرجو أن تنظروا في هذا الامر وتعرفوني بالنتيجة بالسرعة الممكنة . 
اقبلوا فائق الاحيرام . 

جعفر العسكري 
*-كتاب رئيس الوزراء الى المللك : 
بغداد في "١‏ موز ١971/‏ 
الرقسم 510 

سيدي صاحب الحلالة : 

راجعني ناجي بك شوكت باسطاً أصدق البراهين وأقوى الادلة على حسن 
نيته » وشديد اخلاصه وتفانيه في خدمة حكومة جلالتكم . وشجعبي حلم 
جلالتكم الابوي على الاعراب عن قناعني التامة بأن سلوك المومى اليه كان مبنياً 
على نيته الحسنة » واخخلاصه الصادق . فهذه العقيدة الراسخة أبسطها أمام 
مولاي صاحب الحلالة المعظم ؛ وأنا أنتظر الارادة المطاعة في ما ينبغي أن أعمله 
في هذا الشأن . 


عبد جلالتكم المخلص : جعفر العسكري 


١١و‎ 


ه”- كتاب المللك الى المعتمد البريطاني : 

١و71/ حزيران‎ ٠  دادغب‎ 

الرقم ١51-1--55-1م‏ 

أرسل الى فخامتكم في طيسه صورة كتاب متصرف الموصل الى وزير 

الداخلية » ومن مطالعته تتبينون حقيقة الموقف. اني أقدر آراء فخامتكم السديدة 
بصدد هذه المسألة حق قدرها . وكا أخبرتكم في اجتماعنا الاخير لا أحب 
أن أحرمه من خدمة الحكومة . ولكن حفظاً لروح الانقياد والانضباط بين 
الموظفين » لا أرى في الوقت الحاضر مندوحة من سؤال مجلس الوزراء أن 
ينهي وظيفته حالا” . على اني سأنظر كا بينت لفخامتكم - عند أول فرصة 
في كيفية الاستفادة من خدماته مجدداً . 


د 
5 كتات المعتمد الى المللثك : 

دار الاعتماد بغداد حز يران ١971/‏ 

يا صاحب الحلالة 


عند مثولي في حضرتكم يوم ١‏ حزيران 19717 تقدمت الى جلالتكم 
بمعروضات حارة فيما يتعلق بقضية ناجي بلك آل شوكت باشا متصرف الموصل 
الذي أقصاه وزير الداخلية عن وظيفته في الموصل » بناء على ايعاز من جلالتكم 
وذللك بسبب سماحه لمدير المعارف باستعمال منزل جلالتكم في الموصل لاجل 
الامتحانات المدرصية » من دون أن يعرض الامر على جلالتكم مقدماً . 
فتفضلم جلالتكم وبيتم انه قبل الحكم فيما اذاكان منالممكن العفو عن ناجي 
بلك واعادته الى وظيفته » يحب أن ندققوا كتاب الاحتجاج على ما عومل به : 
الذي كان قد وجهه الى وزير الداخلية عند وصوله الى بغداد » وقلتم جلالتكم 
انه كان قد بلغكم ان ناجي بك قد استعمل بعض عبارة كعبارة « الاحتجاج 


٠١4 


لدى سلطة أعلى » الي يتراءى لي انما تدل على ان المومى اليه ظن ان له حق 
الاحتجاج لدى المعتمد السامي هن فوق رأس حكومة جلالتكم . وبينم أنه 
اذاكان ناجي بك قد استعمل مثل هذه العبارة » وقصد بها أن يفهم ان للمعتمد 
السامي الحق باعادته الى وظيفته فيستحيل العفو عنه واعادته الى الوظيفة » لآن 
ذلك ما يؤثر تأثيراً قاضياً على هيبة جلالتكم وهيبة الحكومة العراقية . فرجوت 
من جلالتكم أن لا تتصلب في هذه النقطة ثم عرضت أولا” انه من الاأمور 
البعيدة الاحتمال للغاية أن يلمّح ناجي بك - وهو معروف بأنه من الوطنيين 
العراقيين المتطرفين ذوعا في حالة من الاحوال الى الاحتجاج لدى الحكومة 
البريطانية أو المعتمد السامي » وهو الذي امتنع طيلة مدة خدمته عن أن يكون 
له علاقة ما بهما . وبالفعل انه على ما أتذكر ‏ لم يقم بزيارة واحدة لدار 
الاعتماد زيارة المجاملة المعتادة لما كان متصرفاً ببغداد . وثانيآً رجوت من 
جلالتكم أن تتأمل في ان الشخص الذي يعتبر انه قد أسيء اليه كثيراً ما يسمح 
لنفسه أن تطوح بها العواطف », وأن يسطر أموراً يأسف فيما بعد من أجلها . 
ثم أبديت انه لا يمكن أن يؤول الى غير الزيادة في شرف وفضل جلالتكم 
اذا تعطفتم بغض النظر عن أية مدة في البيان ؛ أو خخطأ في التعبير قد يكون ورد 
في احتجاج ناجي بك » وقلت اني على كل حال متيقن من ان الرأي لن يكون 
في جانب جلالتكم اذا أصرٌ جلالتكم على إنزال عقاب العزل أو التوقيف 
الطويل » بموظف محنك من خيرة الموظفين » من أجل خخطيئة في الآداب يمكن 
لافيها بتوبيخ رسمي . ثم ذكرت جلالتكم بقضية عزل جميل بلك العزاوي 
متصرف الديوانية مؤخراً لأسباب تافهة نسبياً » تلك القضية الي كذلك شعرت 
بأني مضطر التوسط بشأنها » وأكدت لحلالتكم اني مقتنعاً ‏ بناء على معلومات 
تلقيتها ‏ من ان عمل الحكومة في هاتين القضيتين قد زعزع زعزعة تامة ثقة 
موظفي الحكوهة في طول البلاد وعرضها . فامهم الآن يحسون جميعاً بأنهم 
عرضة للعزل الكيفي في أية دقيقة » لأسباب شخصية أو تافهة » الامر الذي 
لا يقتصر على جعلهم مستضعفين ومتذبذبين في أعمالهم وميالين لسوء الاستعمال 


يل 


لكي ينتهزوا الفرصة بسرعة للاستفادة من مراكز هم المتقلقلة » بل انه كذلك 
بقضي على سلطتهم بين الناس . ثم بينت ان المستر جاردين قد سبق وبين في 
تقرير منه ان عواقب اقصاء ناجي بك كانت وخيمة . فصغار الموظفين لم يبق 
لهم من اهتمام بعملهم . والزعماء المحليون القليلو الانقياد أخذوا. يرفعصون 
رؤوسهم ٠‏ ووارد الاموال الاءيرية أخذ ينقطع » وانحط مستوى الانضباط 
بوجه عام » وقل الاحترام للسلطة العامة . وأخيراً عدت فعرضت على جلالتكم 
ان المللك العصري » سواء في الشرق أم في الغرب » لا يكتسب احترام وعطف 
شعبه بالالتجاء الى الوسائل الككيفية » وان الشعب العراتي يزداد تكرياً لحلالتكم 
إذا لاحظ أن جلالتكم تراعون بكل دقة حدود الملك الدستوري ٠‏ وتستظيعون 
ضمن الحدود المذكورة بما لكم من عظيم الميبة والنفوذ وساحر الشخصية » ثم 
ختمت معروضاني بالسؤال من جلالتكم ان تطلعوني على قراركم في أقزب 
٠٠‏ بمكن قبل اعلانه . 

ها قد مضى علي الآن اسبوع كامل في انتظار سماع قرار جلالةكم بينما 
نتائج أقصاء ناجي بل السيئة السمعة على البلاد آخذة في الازدياد . فلا يسعي 
أن أخفي عن جلالةكم اني اعتبر ان اطمثنان كبار الموظفين على رسوخ 
مراكزهم » وكونهم في حرز من العزل الكيفي » وهن اقصالمم لأسباب تافهة » 
من الامور الضرورية لأجل تأءين ثبات وحسن نظام مالية حكومة العراق , 
فهو اذا من الامور الي يحق الحكومة صاحب الحلالة البريطانية أن تصر على 
الاخذ بما تقدم من مشورة بشأنها بموجب أحكام معاهدة التحالف . وقد 
عر ضت حقائق القضية برمتها على حكومة صاحب الحلالة البريطانية بالبرق » 
فتلقيت جواباً امها توافق على آرائي حول هذه النقطة . وعليه اذا لم تكونو 
جلالتكم الآن مستعدين لأن تدبرو هن تلقاء نفسكم أمر اعادة ناجي بك في 
القريب العاجل إلى وظيفته كتصرف الموصل ؛ سأجد نفسي مضطر - على 
أشد الكره ‏ الى أن أتدخل وألتمس هن جلالتكم رسمياً أن تأمرو باعادته 
الا" اني متأكد من ان جلالتكم ستساعدوني على اجتناب القيام بمثل هذا العمل ) 


١٠ 


الذي يوي غاية الالم القيام به » نظراً الى ما أكنه لحلا لتكم من الاحيرام 
العظيم والاخلاص الشديد . 
. صديق جلالتكم المخلون 
ه . دوبس 
حضرة صاحب الخلالة المللك فيصل المعظم أيد الله ملكه ‏ بغداد 


في متصرفية لواء بغداد 


انتهت ١‏ اسطورة القدصر الملكي » على الصورة الي شرحتها باسهاب » 
وألغت وزارة الداخلية أدر سحب اليد » وأصدرت تعليمانها الى مديرية 
المحاسبات العامة لتصرف الي" الرواتب الي تراكمت بين تاريخ السرحب 
وتسلمي متصرفية لواء بغداد في الثامن من آب 14717 م » وكانت قد جرت 
في بحر تلك المدة حوادث هامة رأيت ان آني على بعضها ولو بصورة موجزة 
وهي: ‏ 
١-استقالت‏ «وزارة جعفر العسكري الثانية» في 8 كانون الثاني م97١‏ 

لاختلافها مع الحهة البريطانية في تفسير معاهدة التحالف المعقودة بين 

الطرفين » وكيفية تعديل الاتفاقيتين : المالية والعسكرية الملحقتين بتلك 

المعاهدة » واستقالة وزيري المالية والداخخلية من الوزارة . 

١‏ - ألف السيد عبد المحسن السعدون وزارة جديدة للمرة الثالثة في ١4‏ كانون 
الثاني ١937+‏ واستحصل ارادة ملكية في الثامن عشر من هذ؛ الشهر بحل 
مجلس النواب » والشروع في انتخاب مجلس جديد » كشرط أساس لقبوله 
تأليف الوزارة . وقد جرى صراع عنيف بين أنصار الحكومة وأنصار 
المعارضة اثناء جريان الانتخاب أسفر عن فوز مرشحي الفريقين » كا تم 
فوز رشيد عالي الكيلاني بالنيابة » ولكن عن اواء الكوت لا عن لسواء 
بغداد كما كان يتمى ويتوقع . 


١١١ 


“كان الشيخ ضاري المحمود » رئيس قبيلة الزوبع » قد امهم بقتل الكولونيل 
لحمن في ١١‏ آب ١47١‏ وظل هارباً » فقبض عليه أحد السواق الارمن 
في خريف 141717 طمعاً في الحائزة الي خصصتها الحكومة البر يطانية للقبض 
عليه وجرت عانةه رمدو حي الزرت ضيه اكنه استبدل بالسجن 
المؤبد لطعنه في السن » ولأنه كان مريضاً حقاً » فانتقل الى رحمة ربه في 
اليوم الاول من شباط » وهو في المستشفى الملكي . وكانت الاستشارة 
البريطانية ترغب في ان ينقل المتوفى الى مثواه الاير سرأ » بينما كانت 
جمهرة كبيرة من الشباب الوطي المتحمس قد أحاطت بالمستشفى لتشييع 
الحنازة في موكب شعبي عظيم » وكاد يقع اصطدام بينهم وبين كوكبة 
من الشرطة الي تولت 11 النظام » فزارني وفد من هؤلاء الشبان 
في مقام المتصرفية وتعهد بالمحافظة على الامن والنظام أثناء تشييع الحنازة 
فأمرت الشرطة بالانسحاب ولم يحدث ما يكدر صفو الامن العام . 
4 كان السر الفرد موند » أحد غلاة الصهيونية البريطانيين» قرر زيارة العراق 
لتفقد أحوال اليهود فيه؛ وقد علم الشباب الوطي المتحمس ان هذه 
الزيارة ستكون ني 8 شباط 1478 فاستعدوا للقيام بمظاهرات صاخبة ضده , 
تعبي رأ عن سخطه على وعد بلفور الغاشم . وكنت علمت ان الرجل سيحل 
وحاشيته ضيفاً على دار الاعتماد البريطانية » وخشية أن يصاب؛ بمكروه 
وتنتشر الدعاية السيئة ضد العراق في الحارج » رأيت من المصلحة أن 
يستقبله مفتش الشرطة العام « وهو بربطاني » من جسر الحر » ويأخذه 
الى دار الاعتماد سرأً عن طريق الكاظمية » لأن الشباب كان قد نظم 
المظاهرة الي اشير ك فيها الالوف من الاهلين »وائنجهوا الى االحسر المذ كور 
فعلا” . ومع ان مفتش الشرطة العام أنم المهمة الي ندبته اليها إلا ان 
المتظاهرين تصدوا للسيارة وأحدثوا ضرراً بها عطلها فعلا ؛ فتقله المفتش 
بسيارته ثم سافر الرجل دون أن يتمكن من مقابلة أحد أو يقوم بعمل 


مفيد له . 


١1١ ؟‎ 


هوني العاشر من شباط أيضاً اجتمع لفيف كبير من الاهلين في جامسع 
م ل 0 0 10 اككال 
مظاهر اهم ضد ألفرد موند ». ففرّقت الشرطة جمعهم . 

٠‏ ان هذه الحوادث الثلاث اضطرت المتصرفية الى اصدار أوامرها الصارمة 
كنع التجمعات ٠»‏ أو القيام بالمظاهرات » مهما كانت دوافعها وأسبابها » 
وني الوقت نفسه اضطرت الوزارة الى استصدار مرسومين نقلت بموجبهما 
بعض صلاحيات المحاكم الى الادارة ثم ألغتهما بعد ان انتفت الحاجة 
البهما باستقرار الامور » واستمال وزير العدلية السيد حكمت عليمان من 
منصبه احتجاجاً على عدم أخذ رأيه فيهما قبل اصدارهما كما ان حزب 
المعارضة كان قد احتج على صدورهما . 


من الإدار الى السياسة 


حصلت على اجازة اعتيادية في أوائل أيار 19474 أقضيها خارج العراق 
استجماماً للراحة » وطلباً للهدوء والسكينة . وقد أنزت متطلبات السفر كلها 

من أخذ الحواز » وتنظيم الحوالة المصرفية » وغير ذلك . وكنت مز معاً مغادرة 
بغداد في أول حزيران 1478 لكي فوجئت بنداء تلفوني في صباح ٠‏ أيار » 
وكان المتكلم رئيس الوزراء السيد عبد المحسن السعدون » وقد أر اد حضوري 
الى ديوان الرئاسة قبل انتهاء الدوام الرسمي . فلما حضرت فاجأني بأمر لم 
يكن لبخطر على بالي قط . 

قال لي السعدون ‏ رجمه الله انه علم بأني حصلت على اجازة أقضيها 
فرجوته أن يوضح الأمر لي فقال : تقرر تعيينلك وزيراً للداخلية ٠»‏ وأزيدك 
علماً بأن صاحبك الملك هو الذي رشحك لهذا المنصب . 

كان السيد حكمت سليمان قد استقال من منصب وزير العدلية للسبب 


١ 11*‏ سيرة وذكريات (م) 


الذي ذكرته آنفاً » ولكن السعدون طلب اليه أن يؤجل استقالته حبى يلتأم 
مجلس النواب الحديد وكان السعدون قد تولى منصب وزارة الدفاع بالوكالة , 
يوم ألف وزارته الثالثة » وكان الملك فيصل قد استدعاني أيام متصرفيي في 
بغداد » وطلب إلي مساعدة السادة : ياسين الحاشمي ؛ ونوري السعيد » 
ورشيد عالي» في الانتخابات النيابية الحديدة بما لي من دالة على رئيس الوزراء . 
الوزراء . فلما فانحت السعدون بما طلبه الملك مني » أجاب انه لا بمانع في 
مساعدة ياسين ونوري » ولكنه لا يريد هذه المساعدة لرشيد . ولأجل التوفيق 
بين رغبة الملك ورغبة السعدون تقرر نترشيح رشيد عن لواء الكوت . والظاهر 
ان الملك ارتاح هذه النتائج فأشار على السعدون أن يأخذني وزيراً للداخلية » 
بدلا" من السيد عبد العزيز القصاب وزير الداخلية الذي انتخب لرئاسة مجلس 
النواب في ١4‏ أيار 1478 . 

وي ” حزيران ١978‏ صدرت الارادة الملكية بتعيين : 
-7١‏ ناجي شوكت متصرف اواء بغداد وزيراً للداخلية . 
- نوري السعيد وزيراً للدفاع . 
ع5 داود الحيدري وزيراً للعدلية . 

كنت أفضل أن أبقى موظفاً ادارياً لاني لم أكن من محترني السياسة , 
ولأني كنت شاباً عراقياً يبحمل بعض الآراء ني السياسة ا حار جية الي ر بما لا 
يقرها الساسة المخضرمون والوزراء المزمنون » ولاجل أن لا نصطدم آرائي 
بآراء هؤلاء كنت أرجح الادارة على السياسة » فلما سمع السعدون 
هذه الآراء مي قال : انك مخطيء يا ناجي . تقد كنت أساير الانكليز ولكي 
لا أتساهل معهم » وكنت أعتقد بأن مسايرتي لهؤلاء قد تؤدي الى حملهم على 
انصاف بلادي » والآن بعد أن تأكدت من عدم وجود أية فائدة من المسايرة » 
فقد قررت أن أتصلب في مطالبتهم بحقوق البلاد المشروعة . فكررت شكري 
له » ووعدته اني سأكون عند حسن ظنه ف . فلما كان اليوم التاليي قصدت 


>15 


ابلاط الملكي لتقديم الشكر الى الملك فيصل على الثقة الي وضعها في » ولا 
سيما وقد فهمت من السعدون بأن الملك هدو الذي رشحي لهذا المنصب 
الحطير . فلما حظيت بالمقابلة وشكرته على الثقة قصصت عليه ما دار بيي 
وبين رئيس الوزراء في اليوم السابق هذه الزيارة فظهرت على أسارير وجهه 
مع الاتكليز . 


رسالة من العم طالب التقيب 


وأود - بمناسبة تقلدي منصب وزارة الداخلية ‏ أن أنقل فيما يلي نص 
رسالة وجهها إلي" الزعيم العراقي المعروف » السيد طالب باشا النقيب » في 
الثامن من شهر حزيران 1478 م » وهو بمثابة العم لي : اذ كان والمرحوم 
والدي صديقين حميمين » وأخوين متعاطفين » واني ما زلت احتفظ بهذه 
الرسالة لامها تذكرني بأيام دراسي الجامعية في استانبول » وماكنت ألقاه من 
نشجيع وارشاد من قبل المغفور له الوالد الحليل » وماكان يتوسمه في من ذكاء 
ملحوظ وسلوك مستقيم » وما كان يتوقع لي من مستقبل باهر بحيث أصبحت 
وزيراً للداخلية فعلا” » وأعقب ذلك تقلدي منصب رثاسة الوزراء في أواخر 
عام ١977‏ وهذا نص رسالة النقيب : 
البصرة 4 حزيران ١978‏ 

ولدي العزيز المصفى من الذهب الابريز » دمت كما رمت آمين . 

لقد بشرتنا الايام بسرورها » والاوقات بحبورها » لتوجيه وزارة الداخلية 
لعهدة معاليكم العلية . 

لو تعلم ما خالحبي من السرور » وما دعوت لكم من الموفقية الي لا 
أشك انكم تعتقدونها من والد مخلص لا تغيّره عن ودكم الايام » أو تقلب 


١16 


الازمان » ربنا مبديكم الى حسن السبيل وبرقيكم لأعلى درجة المجد ليم 
وأخوانكم الكرام . 
واعلم من كان والديه قد رضوا عنه بطفولته » ودعوا له حين رجوليته , 
فلا يحشى من طوارق الزمان » وسيرقى رقياً حثيثاً بغية والديه الكرام . واني 
أهنيك بالمنصب » وأوصيك لارضاء المخلوق » وإن كان ذلك صعب على 
كل ذي همة ونشاط » لان ارضاء الحلق صعب » ولكن السعي والاجتهاد 
يفتت الحماد . ولا أنسى يوم كنا مع أخي والدكم المرحوم ( يوم كنا في مقري 
كوى ) وأنت تأتي من جامعة الاستانة في أعلى نمرة في الحقوق ويقول : ان 
فراسي في ناجي لن تضيع . فحقيقة فراسة الوالد في الولد حكمة . واذا زدت 
على ذلك أقول نبوة . هذا وبشرني عن صحتك وصحة اخوانك ولفيف العائلة 
ودمت لوالدك . 
طالب النقيب 


مهام وزارة الداخلية 


لم تكن المهام المناطة بوزارة الداخخلية » في العشرينات » كنا هي اليوم 
في السبعينات . كانت ترتبط بوزارة الداخلية المديريات العامة : للصحة » 
والبلديات » والسجون » ومديرية المطبوعات » وقد أصبحت كل من هذه 
المديريات وزارة مستقلّة الآن . كما كانت ترتبط بها مديرية الشرطة العامة » 
ومشاورية الحقوق المناط بها تدقيق قضايا دعاوى العشائر الصادرة من قبل 
المتصرفين وتقديم المشورة اللازمة عنها الى الوزير . 

وكانت لوزارة الداخلية سلطة الاشراف على متمررات وزارة المالية الخاصة 
بقضايا توزيع الاراضي الاميرية » أو الاستيلاء عليها » أو بيعها » ولا سيما 
ما كان خاصاً منها بالعشائر » كماكان على الوزارات والمتصرفيات موافاة وزارة 
الداخلية بصور المراسلات الي نجري فيما بينهم الاطلاع عليها : وابداء الرأي 


١1 


فيها » يضاف الى ذلك كله كان على وزاوة الداخلية مسؤولية وقائع الحدود , 
لني كثيراً ما تقع بين العراق وكل من سورية وتركية وايران . كما كانت نحت 
تصرف وزير الداخلية المخصصات السرية » وكذا المخصصات الموضوعة 
في ميزانية الشرطة العامة لهذا الغرض » إذ لم يكن قد وضع شيء من مشل 
هذه المخصصبصات نحت تصرف رئيس الوزراء . 

كان لوزير الداخخلية سلطات الحاكم الملكي البريطاني العام » الي انتقلت 
الى الحكوءة العراقية عند تأليفها في 7 آب 147١‏ م» وكا كان هن حىق 
الحاكم المشار اليه أن يرحل أية عشيرة » أو يحداد اقامة أي شخص » أو 
يعزل رئيس أية قبيلة » أو ينصب غيره » فد كان لوزير الداخلية مثل هذا 
الحق . وخلاصة القول انه كان لوزير الداخلية من الصلاحيات » وعليه هن 
التبعات » ما لم يكن لأي وزير آنخر من وزراء الدولة » حتى ولا لرئيس 
الوزراء نفسه » وهذا السبب كان التنافس على هذا المنصب الوزاري عظيماً . 
والتناحر من أجل تسم كرسيه جسيماً » سواء أكان ذلك بن الوزراء أنفسهم » 
أو بين رجال الحزب الواحد » ولعل الصراع الدائم بين السيدين : رشيد عالي 
الكيلاني وحكمت سليمان » والذي أدى الى خروج الاخير من حزب الانخاء 
الوطي » واتفاقه مع الفريق بكر صدثي على إحداث انقلاب 794 تشرين الاول 
5 ؛ والاطاحة بوزارة السيد ياسين الحاشمي ثم وفاته بالسكتة القلبية في 
بيروت في 7١‏ كانون الثاني /198 م ؛ وتدخل الحيش في تأليف الوزارات 
واسقاطها » خير دليل على ذكر ما تقدم . 

كان على وزير الداخلية ‏ أيضاً ‏ أن يستشير مستشار وزارته في الامور 
الهامة » ولا سيما ذات العلاقة بالمعاهدة العراقية ‏ البريطانية » وما يتفرع عنها 
من ملاحق » وكان عليه أن يحضر جلسات مجلس الاعيان والنواب » وجلسات 
اللجان المختلفة في المجلسين المذكورين عند تدقيقها اللوائح القانونية » وكان 
عليه أن يقابل الملك ثلاث مرات ني الاسبوع على الاقل . أما عدد الاوراق 
الي كان عليه أن يوقع فيها » أو يبدي الرأي حوها في كل يوم » فكان لا يقل 


١ ١/ 


عن الار بعمئة كتاب . على حين ان ملاك الوزارة كان مقتصراً على سكرتر 
واحد ؛ مع مساعد له » ومترجمين اثنين وثلاثة أو أربعة كتاب للطابعة , 
وقلم للاوراق » وشعبة للحقوق » وأخرى للمحاسبة يديرها محاسب يساعده 
بضعة كتاب . أي ان مجموع ملاك ديوان الوزارة كان أقل من ملاك أية مديرية 
من المديريات الغامة في الوقت الحاضر . أما ديوان المستشار البريطاني التابع 
لوزارة الداخلية فكان مؤلفاً من المستشار وثلاثة معاوذين » وشعبتين : احداهما 
للترجمة » والاخرى للاوراق . ويوم أصبحت وزيراً للعدلية ؛ وددت أن 
أحصي عدد الاوراق الي أوقعها ني الوم الواحد فكان لا يتجاوز العشر في 

يوم تسلمت زمام وزارة الداخلية » طلبت الى سكرتير الوزارة أن يعد 
لي قائمة بأسماء الموظفين الاجانب المستخدمين في ديوان الوزارة » وني 
المديريات الملحقة بها » سواء كانوا من البريطانيين أو ال هنود » فدهشت لكيرة 
عددهم وضخامة رواتبهم » وشرعت فوراً بتقليص هذا العدد الى أدنى حد 
كانت تسمح به الظروف والاحوال » وبدأت بلحنود الذدين انتهت 
هلق عقودهم ومازالوا يديرون وظائفهم » فأقصيتهم من مرا كزهم » وأصدرت 
الانذارات الاصولية لمن توشك عقودهم على الانتهاء » على أن تدفع اليهم 
رواتبهم وما يستحقونه من تعويضات بموجب هذه العقود . وقد أدت العملية 
الى تخلص الوزارة من العشرات من الندين كانوا يرهقون ميزانية الدولة دون 
مسوغ . 

القناصل الإيرانيون 

لم تكن الحكومة الايرانية قد اعئرفت با حكم الوطني الذي قام في العراق 
في 7 آب 19471 على الرغم من وجود جالية كبيرة لها فيه » وعلى الرغم من 
وجود الحدود الطويلة الممتدة بين المملكتين » وتشابك المصالح التجارية : 


١14 


وكان القناصل الايرانيون يراجعون «ار الاعتماد البريطانية » دون الدوائر 
العراقية » في جميع الامور المتعلقة بالحالية الايرانية » يضاف الى ذلك ان 
هؤلاء القناصل كانوا يتدخلون في الشؤون الداخلية للعراق » ويأتون بأعمال 
لا تجيزها الاصول المرعية . ولهذا طلبت الى رئاسة مجلس الوزراء إعلام دار 
الاعتماد المذكورة بأن العراق سيعتير هؤلاء القناصل أشخاصاً عاديين اذا 
استمروا على نحريض القبائل القاطنة على الحدود للتجنس بالحنسية الايرانية . 
وقد أيدت رثاسة الوزارة وزارة الداخلية في طلبها هذا » وأذنت لها طلب 
مساعدة الحيش عند الضرورة » ولكن سرعان ما تحسنت الاحوال » واعترفت 
ايران بالعراق في 78 نيسان 1174 م » وتبودلت الرسائل الودية بين شاه ايران 
ولك العراق » وأعقب ذلك زيارة الملك لطهران » وذلك بعد ان قرر العراق 
استبدال الاتفاقية العدلية الملحمة بالمعاهدة العراقية ‏ البر يطانية الاولى بغير ها : 
والغاء الامتيازات الاجنبية في العراق . 


الاتفاقيتان المالية والعسكرية 


ألحقت بالمعاهدة العراقية ‏ البر يطانية ( الاولى ) اتفاقية عسكرية وأخرى 
مالية » في جملة ما ألحق بها من اتفاقيات أخرى » وقد شكى العراق ثقل بنود 
هاتين الاتفاقيتين » واشترط المجلس التأسيسى - عند تصديقه المعاهدة 
وملساتات تسديليها غتدنامنادق عن ذلك المعاهذة روث ردلت وار 
جعفر العسكري الثانية » جهوداً مضنية في سبيل هذا التعديل » فجاءت وزارة 
عبد المحسن السعدون الثالثة لتواصل السعي ني هذا السبيل . فد قرر مجلس 
الوزراء في جلسته المنعقدة في ١١‏ تشرين الاول ١14718‏ تأليف لحنة من 
وزراء المالية » والدفاع » والمعارف : للدخول ي مفاوضات مع الجهسة 
البريطانية حول التعديلات المقئرحة » وموافاة المجلس عما بحري في هذا الشأن 
آنأ آنا » وتلقى التوجيهات في هذا الصدد . 


16 


انعورف المفاوضاك :ين :الدانين: العراق والتئيطان اك وق لاد 
أشهر كان الحانب البريطاني خلالها يراوغ ويداور في مفاوضاته » دون أن 
يصل با الى نقطة حاسمة » حتى اذا ضاق السعدون ذرعاً ببذه الاساليب قرر 
الاستقالة من منصبه » بعد أن اجتمع بزعماء المعارضة » وأطلعهم على المراسلات 
الي تمت بينه وبين دار الاعتماد » واتفق الجميع على ان لا تؤلف أية وزارة 
جديدة لا تقر وجهة النظر العراقية في هذه المفاوضات . وي ١9‏ كاذون الثاني 
46 وجه كتاباً خطيراً الى المعتمد السامي برقم ١4١‏ هذا نصه : 

سري وخصوصي 
العدد ١9١‏ 
التاريخ ١9‏ كاذون الثاني سنة ١979‏ 

عزيزي السر هري 

أكتب الى فخامتكم هذا الكتاب بصورة خصوصية » وقد قصدت منه 
أن أطلعكم على موقف الوزارة الحالية » بعد أن بلغت بقرار حكومة صاحب 
الحلالة البريطانية النهاني » فيما يتعلق بتعديل الاتفاقيتين : المالية والعسكرية ؛ 
كا ورد في كتاب فخامتكم المرتهم بي أو 18 والمررخ في ١‏ كاذون الثاني سنة 
. 

لقد أبديت لفخامتكم في فرص ممحتلفة ان التعديلات الي طلبت هذه 
الوزارة ادخاها على الاتفاقيتين هي أقل ما يمكن أن يرضى به مجلس الامة 
والشعب العراقيٍ » اللذان يعتقدان ان ني تللك التعديلات ما بخفف وطأة 
الاتفاقيتين ال حاليتين » اللتين يعتبر اهما مححفتين بحق البلاد » ولا تأتلفان مع 
مبدأ السيادة الوطنية . وكانت هذه الوزارة تعلق آمالا كبيرة على عطف حكومة 
صاحب الحلالة البريطانية » ومساعدنها » لعلمها ان الاقتراحات الي أبدتمها لا 
تضر بحقوق حكومة صاحب الحلالة البريطانية ولا تؤثر على المصالح الي لها 
في هذه البلاد . أما وقد بعثت الآن حكومة صاحب الحلالة البريطانية يجوابها 


١ 


النهائمي » وهي أنها ليست مستعدة للموافقة على تلك الاقئر احات » ففد شعرت 
الوزارة الحاضرة بقسط كبير من اليأس والفشل » وترى ان موقفها أصبح 
حرجاً جداً . 

ذكرتم فخامتكم » في كتابكم المبحوث عنه في أعلاه » انه : لما كانت 
التعديلات لم تفض الى اتفاق بين الفريقين » فان حكومة صاحب الحلالة لا 
رغبة لها في الالحاح على ابرام معاهدة 19717 كما امها مستعدة تمام الاستعداد 
لتمديد أجل دوام الترتيبات الحالية » وللاستمرار على أساس الوثائق المعمول 
بها الآن الى أن يبرر تقدم العراق تغييراً عاماً . واقترحم فيما يتعلق بالوضعية 
الدستورية الي قد تنشأ فيما اذا وجدت الحكومتان نفسيهما مضطرتين الى اتباع 
هذا السبيل ان أعلن لمجلس الامة انه : قد حصل الاتفاق على ان تبقى أحكام 
الاتفاقيتين الحاليتين نافذة في الحال الحاضر » مع عدم الالتفات الى المواعيد 
الزمنية المعينة في الاتفاقيتين المذدكورتين بشأن المساعدة العسكرية الي تقدمها 
حكومة صاحب الحلالة البريطانية » وتولي المسؤولية التامة من قبل الحكومة 
العسراقية . 

لقد أخبرتموني فخامتكم بهذا الاقتراح شفوياً في المواجهة الي جرت لي 
«معكم يوم الاربعاء الماضي ٠‏ وف ذلك الاثناء أبديت لفخامتكم موافقني على 
الادلاء ببيان الى مجلس الامة » على الصورة المتقدمة » ولكن في نفس الوقت 
ذكرت لكم الصعوبات والمشاكل الي أخشى ان تصادفها الوزارة اذا ما 
عملت ببذا التدبير . 

بعد أن تركت فخامتكم فكرت في الامر ملياً » فوجدت ان العمل بهذا 
الاقتراح لا بمكن أن يؤدي الى النتيجة المتوخاة منه . لو فرضنا ان الوزارة 
أدلت الى مجلس الامة بالبيانات المقترحة فمما لا شك فيه ان مجلس الامة لن 
يوافق على استمرار ال حالة الحاضرة» وسموف يقرر أما اعتبار العراق متولياً 
المسؤولية التامة » واما عدم الثقة بالوزارة » والشقى الاول معناه أيضاً عدم 


١1١ 


الثفة » لأن تول المسؤولية هي من جملة الامور الي لم يحصل الاتفاق عليها 
بين الفريقين . 

ثم لو فرضنا إن ا لكومة بمساعدة حز بها مع اعتقادي بأن هذا مستحيل- 
تمكنت من الحصول على تأييد المجلس هذا التدبير » فانها لن تتمكن من البقاء 
5 دست الحكم » حيث ان المعارضين سيسعون طبعاً بكل ٠١‏ لديهم مسن 
الوسائل للاحتجاج على مسلك الوزارة » ومن المحتمل جداً أن تؤدي مشاغباتهم 
واحتجاجانمم » الى قلاقل واضطرابات قد تأني بنتائج وخيمة على البلاد لا 
بمكن أن يعرف مداها أحد . 

وهنالك اعتبار آآخر بمنع الحكومة من العمل ببذا الاقتراح » وهو ان 
قبولها به » ومجامبتها مجلس الامة ببذه النتيجة » بعد ان صرحت على لسان 
اعضائبها مراراً ابا ستبذل كل ما في وسعها لتعديل الاتفاقيتين » بالصورة الي 
تطمئن رغبات الامة » معناه الرجوع الى القهقرى » وقبول الحالة الحاضرة ؛ 
الي أعربت هي نفسها عن عدم الارتياح اليها . اعتقد ان هذا محل. بكرامة 
الوزارة ومدعاة الى القول بحقها أقاويل شى . 

بناء على هذه الاعتبارات ٠‏ يظهر انه ليس أمام الوزارة سوى طريق واحد 
للتخلص من الورطة الي هي فيها » وهو تقديم استقالتها » وترك مقاليد الحكم 
الى وزارة أخرى . وعليه عزمت على أن أرفع استقالني الى جلالة الملك » 
بداعي ان حالي الصحية لا نسمح لي بالاستمرار على ادارة أمور الحكومة 
بعد الان . 

لا أنوي أن أدلي الى مجلس الامة بأية بيانات عن المفاوضات » لانني أخشى 
أن يتخذ المجلس المذكور قراراً قد يكون مخالفا الحطة الوزارة المقبلة . على 
اني اذا اضطريت الى ذلك » فلا أرى مانعاً من اخباره بالنتيجة بصورة 
حختصرة . : 
تفضلوا يا صاحب الفخامة بقبول فائق الاحترام . 


المخلص : عبد المحسن السعدون 


١" 


فخامة السر هيري ار . سي . دوبس 


كي . مي . آي .كي . سبي . أم . دجي . الخ 

المعتمد السامي لحكومة جلالة ملك بريطانيا بالعراق ‏ بغداد . 

هذا وقد انتهت خدمات المعتمد السامي السر هري دوبس ف العراق » 
وقرر السفر الى بلاده في الثالث من شباط » فأقام الملك فيصل مأدبة عشاء 
نكر بماً له في مساء اليوم الاول من هذا الشهر » تبودلت فيها خطب المجاملة 
بين الطرفين » ولكنها كانت حمل في طيانها عبارات التمويه والتضليل المعروفة 
في العرف الديلومامي . 

وي الثامن من آذار ١474‏ وصل الى بغداد السر جلبرت كلايئن ليخلف 
السر هري في منصبه . وكان كلاتين هذا ممن أشغل منصباً في الثورة العربية 
الكبرى » » وكانت له معرفة بالسيد توفيق السويدي وزير المعارف في ( وزارة 
السعدون المستقيلة ) كما كان يحمل ذوايا جديدة نحو العراق » فتألفت وزارة 
جديدة برئاسة توفيق السويدي في 78 نيسان ١979‏ لكنها لم تلبث في الحكم 
طويلا” فقد اضطرت للاستقالة في ه7٠‏ آب ١474‏ لأسباب » أهمها قضية 
التعريفة الكمركية الي أعدها هذه الوزارة فتسربت أنخبارها الى بعض المضار بين 
لمرموقين قبل نشرها بيوم واحد » بعد أن جرت مضاربات استفاد منها بعض 
التجار والمتنفذين فوائد كثيرة . 

وبينما الناس يتوقعون تبدلا” محسوساً في العلاقات العراقية ‏ البريطانية 
بسبب التصريحات الي أطلقها المعتمد السامي الحديد إذا ببذا المعتمد ( كلاتين ) 
بموت بالسكتة القلبية في ١١‏ أيلول 21474 تي وقت كانت المراسلات جارية 
بين بغداد ولندن لاعلان السياسة البريطانية الحديدة نحو العراق . وفي ١4‏ من 
هذا الشهر أذيعت هذه السياسة فاذا بالبيان الرسمي العراقي يذيعها في ١4‏ أيلول 
ببذه الصيغة : 


١ 7* 


يان رسمي 


بعد أن انقتلد<ء المفاوضات بين الحكومتين العراقية والبريطانية لتعديل 
الاتفاقيتين : المالية والعسكرية في الشتاء الماضي » رأت الحكومة العراقبة أن 

توجه الانظار الى طريقة أخرى يستطاع أن نحقق بها أماني البلاد ورغباتما , 

وذلك بامهاء حكم المعاهدات الحالية عن طريق دخول العراق في عصببة الامم 

في زمن معين . 

فاوضت الحكومة العراقية المرحوم فخامة السر جلبرت كلاتين في هذا 
الامر فأعرب عن استعداده لتأبيد وجهة نظر الحكومة العراقية » ومراجعة 
الحكومة البريطانية بشأنها بالسرعة الممكنة . وبعد أن جلست وزارة العمال 
على دست الحكم » أخذ فخامة السر كلاتين يؤكد عليها بلزوم اخاذ قرار 
عاجل فيما يتعلق بالاقبر احات العراقية . لقّد ورد جواب.الحكومة البريطانية 

بالشكل الآني : 1 

أ ان حكومة صاحب الحلالة البريطانية مستعدة لمعاضدة ترشيح العراق 
للدخول في عصبة الامم في 1917 . 

ب - ان حكومة صاحب الحلالة البريطانية ستخبر مجلس عصبة الامم » في 
اجتماعه المقبل » أنبا قررت عدم الشروع في معاهدة /1911 . 

ج ان حكومة صاحب الحلالة البريطانية ستخبر مجلس عصبة الامم في 
اجتماعه المقبل » انها تقرح » وفقاً للفقرة (أ) من الادة الثالثة من 
المعاهدة الانكليزية ‏ العراقية لسنة ١47‏ أن توصي بادخال العراق 
في عصبة الامم في سنة 19737 . 

يلاحظ مما تقدم ان حكومة صاحب الحلالة البريظانية قد رفعت الآن كل 

قيد أو شرط فيما يتعلق بدخول العراق في عصبة الامم . 

ا كان من الضروري عقد معاهدة قبل 1917 لتنظم العلاقات بين بريطانيا 
العظمى والعراق» بعد دخول الاخير في العصبة: فستتخذ الآن التدابير لاحضار 


١" 


مسودة معاهدة هذا الغرض » مبنية بصورة عامة على الاقتراحات اللحديدة 
للاتفاق الانكليزي - المصري . 

هذا هو نص جواب الحكومة البريطانية . وما يؤسف له ان الحواب 
المذكور كان في الطريق عندما كان المرحوم السر جلبرت كلاتين يلفظ أنفاسه 
الاخيرة . ولا شلك ني انه كان يسر سروراً عظيماً لو قدر له أن يبلغ هذا 
الحواب الى الحكومة العراقية بنفسه ) أه . 

مدير المطبوعات 

ان لقضية تعديل الاتفاقيتين : المالية والعسكرية » وما جرى بشا-بما من 
مفاوضات ومراسلات » شروحاً مستفيضة تضمنها الحزء الثاني من ( تاريخ 
الوزارات العراقية ) في طبعته الرابعة الموسعة ص 718/75١4‏ فليرجع اليها من 
أحب الاستفادة من أمثال هذه الموضوعات التاريخية الدقيقة . 


وزارة السعدون الرابعة 

كان السعدون قد ترك العراق الى لبنان في أول تموز ليقضي فرصة الصيف 
في ربوعه . وكان قد أعلن غير مرة بأنه لن يعود الى الحكم ما لم يحدث تبدل 
ملموس في سياسة بريطانية حو العراق » فلما صدر البيان الرسمي المنشور 
أعلاه » تلقى عدة رسائل من أصدقائه وأعضاء حزبه يناشدونه فيها العودة 
الى أرض الوط » فلما تلقى برقية شخصية من الملك فيصل في هذا الشأن » 
لم يسعه غير هذه العودة » فوصل الى بغداد في /ا١‏ آب . 

وكانت قد جرت انتخابات جديدة في بريظانية أثناء هذه الفئرة أسفرت 
عن صعودالعمال الى سدة الحكم » فدرست الوزارة البريطانية الحديدة القضية 
العراقية » وقررت تأييد ترشيح العراق لعضوية عصبة الامم اذا ما حل عام 
917 دون قيد أو شرط » وفوضت الى وكيل المعتمد السامي في العراق أن 
يوائي الحكومة العراقية بهذا القرار » فصدر البيان الرسمي المثبت نصه في هذه 


١6 


الصفحة » فقرر الملك فيصل ان «وسد السعدون رئاسة الوزارة الحديدة . 
كنت أثناء الفترة الي مخللت استقالة وزارة السعدون الثالثة وتكليفه من 
قبل الملك لتأليف وزارته الرابعة » أتردد على مجلس النواب لأقضى وقت 
الصباح » وأترود من المعلومات عن الاحوال السياسية . وني الاماسي كنت 
أذهب الى النادي العراقي لتمضية بعض الوقت . وكان النادي يضم ير مئذ رجال 
السياسةالبارزين أضر اب السعدون , والحاشمي » والسويديين » ناجي وتوفيق » 
وكذلك ساسون حسقيل وغيرهم . وأذكر انني زرت الملك فيصل للمرة الثانية 
أثناء اعدّزامه اقالة وزارة السويدي فسألني عما اذا كان من الممكن اقناع 
السعدون بقبول تأليف الوزارة الي ستخلف وزارة السويدي فأجبته: ان من 
المستد.سن » اذا قبل السعدون ذلك » أن تكون وزارته قومية لا حزبية » وأن 
تضم أركان الاحزاب كافة . فرد علي" جلالتة بأن هذا هو ما يستحسنه أيضاً . 
فلما كلف السعدون ‏ بعد عودته ‏ بتأليف الوزارة وقبل التكليف : أجرى 
الاتصالات اللازمة مع الملك ومع أركان المعارضة » وأركان حزبه » ثم 
استدعاني الى داره في شارع أني نؤاس » وأخبرني بالتكليف الملكي » 
وبالاستشارات الي أجراها مع الغير » وقال لي : ان الحاشمي قبل الدخول في 
وزارته » وأن حكمت سليمان سيكلف أيضاً بمنصب وزاري » كما أطلعني 
على أسماء الوزراء الذين سيكونون معه كناجي السويدي » وأمين زكي ‏ 
ونوري السعيد » وعبد الحسين الحلبي . وسألي عن الوزارة الي أرغب في 
أن أكون وزير الها - عدا وزارة الداخلية اذكان قد نسب ها ناجي السويدي ‏ 
فاخئرت وزارة العدلية فوافق على ذلك» وطلب إل" أن أقايبل حكمت سليمان 
وأسأله عن أبة وزارة يرغب فيها » عدا الداخلية » فإذا محكمت يصاب بنوبة 
عصبية » ويصر على أن يكون وزيراً للداخلية » وتصدر منه بعض الكلمات 
الي لا يصح صدورها من قبله . ثم وجه خطابه إلي قائلا : قل له ان 
لديه الشمامه والحمر . وهو يةّصد بالشمامة عبد العزيز القصاب ٠‏ وبال حمر 
ناجي وتوفيق . فلما عدت الى السعدون وأخبر ته برفض حكمت الدخول في 


5 


وزارته » ما لم يسند إليه منصب وزارة الداخلية » قال : ما العمل ؟ الآن 
مرت أخشى امتناع الحاشمي أيضاً من الدخول في وزارتي فهل ني امكانك 
أن تقابله وتطلعه على جلية الامر ؟ أجبته.بالايجاب » وصرت أبحث عن الهاشمي 
فعلمت أنه في « أمانة العاصمة » فقصدته هناك واختليت به في احدى الغرف » 
ونقلت اليه تفصيل ما جرى مع حكمت ففكر قليلا” وقال : انه لا يرى من 
المصلحة أن توضع مقدرات البلاد بيد رجل لا يفكر إلا في اشغال منصب 
وزارة الداخلية » وأن على محسن بك ان يتوكل على الله ويسير في المنهج الذي 
انفقنا عليه » ولا سيما ونحن في ظرف دقيق يتطلب التضحية » وله أن يختار 
أي رجل يريده للداخلية . فلما عدت الى السعدون ببذه النتيجة سر بذلك وقال : 
انه سيستدعي عبد العزيز التقصاب من الحارج ليدخل عضواً في وزارته ففارقته 
لارتاح قليلا” وأنا جداً فرح لما قمت به من وساطات . 

وني ١4‏ أيلول 1474 ثم تأليف ( الوزارة السعدونية الرابعة ) على الوجه 
الاب 
١‏ عبد المحسن السعدون - رئيساً للوزراء ووزيراً للخارجية . 
؟ - ناجي السويدي - وزيراً للداخلية . 
'- ياسين الحاشمي - وزيراً للمالية . 
؛ - ناجي شوكت - وزيراً للعدلية . 
نوري السعيد ‏ وزيراً للدفاع . 
5" - عبد الحسين الجلبي - وزيراً للمعارف . 
0 عبد العزيز القصاب - وزيراً للري والزراعة . 
/- محمد أمين زكي - وزيراً للاشغال والمواصلات . 


منهاج الوزارة الحديدة 
الف الووو ام عن آ يكون للوزارة الحديدة منهاج موجز » وايضاح 


١ /ا‎ 


مكتوب للمنهج » على أن لا يعلنا للناس كما جرت عادة الوزارات السابقة . 
وفيما يلي نص المنهاج الموجز دون الايضاح المطول : 
- أمسور سياسية ‏ 
١‏ العمل على جعل مبدأ تطبيق المعاهدة الحديدة من تاريخ توفيعها . أعي 
قبل الدخول في عصبة الامم » أو تسريع الدخول قبل سنة 18737 . 
١‏ العمل على رفع كل صبغة احتلالية من صلب المعاهدة الحديدة » وكل ما 
يناني استقلال العراق . 
الاخط بنظر الاعتبار انتهاء مسؤولية الحكومة البريطانية في قضية الدفاع , 
والتدرّج حال" بالأعمال وفق التصريح الحديد . 
4 - تطبيق التجنيد العام بصورة سريعة . 
ه انجاز المسائل المعلّقة كمسألة السكك الحديدية ‏ اعفاء الشيخين وغيرها 
من الامور العمومية : 
أ - حصر السلطات العامة بشخص الوزير » رفع أصول مخابرة رؤساء 
الدوائر مع المتصرفين . 
ب - جعل المتصرف رئيس القوة الاجرائية في اللواء » ربط جميع الدوائر 
الفنية وغيرها بمقام المتصرفية » اصدار أنظمة تعين كيفية العمل في 
الالوية على هذا الاساس . 
ج - منع المخابرات والمراجعات مع المفتشين الاداريين »ن قبل الدوائر 
المركزية . 
- تنقيح ‏ 
٠١‏ - ربط دائرة الاملاك وجعل وظائفها من جملة وظائف مديرية الواردات 
كا كانت سابقاً . 
" - الغاء دائرة الرستمية وتوسيع حول التجارب بي المناطق الزراعية الحامة . 
“ا الغاء تشكيلات وكالة القيادة العامة » وتأسيس رثاحة الاركان في الجيش »2 


١> 


وارجاع السلطات العامة في الحيش الى ووزارة الدفاع )نا عدا امور التنظيم 
ولتعليم » وإلغاء التشكيلات المزدوجة في مقر الحيش . 

. الغاء التشكيل الحديد فيما يتعلق بتفريق أمور الواردات من المحاسبة‎  , 

و نوحيد فروع المحاسات العامة و مرج دائرة التفتيش الاي هذه الدائرة . 

٠‏ الاستعاضة بالموظفين العراقيين عن الموظفين الاجانب المستخدمين في 
وظائف كتابية وحسابية . 

تنقيص عده المفتشين الاداريين والشرطة » والغاء المفتشيات الي ل 0 
حاجة بالدوائر اليها . 

م تنقبح كل ما هو ممكن لعرفيه وضعية الميزانية » ومن جملتها اباء العقود 
المعطاة للاجانب من خمس سنين فما دون حسب الاهكان . 


- تشجيع الاجمال ل 

١-العمل‏ في جعل المناقصات وغيرها في مجالس الادارة . 

؟ تأليف لحنة خاصة للمناقصات الحارجية . 

؟- رفع حصر المشتريات بمعرفة كراون ايجنت . 

؛ - تشجيع المصنوعات الوطنية لاستعمالها في الجيش والشرطة . 

هاغادة النظر بي التعريفة الكمركية لتشجيع المنتوجات الاهلية . 

١-اعادة‏ تنسيق الدوائر اأركزية في الوزارات لرفع القيود والتأخير الحاصل 
في انجاز الاعمال . 

"ربط أمور المهاجرة بدائرة النفوس ٠‏ وتوسيع أعمال هذه الدائرة . 

4- تأليف دوائر للاحضاء . وللنظر في المسائل الاقتصادية العاءة . 

1-نشجيع الزراع على إعمار الاراضي بتشريع يضمن حقوقهم ٠‏ ويعين 
واجباتهم : والاسراع في تأليف المصارف الاهلية » والزراعية » لمسباعدة 
وانعاش الزراع والتجار ٠‏ ولتأسيس العملة الوطنية . 


هذا هو هوجز اللمنهاج الوزاري » وقد ضربنا صفحاً عن شرحه المطول 


ها سيرة وذكريات (9) 


فهو «نشور في « تاريخ الوزارات » لالحسي . وقد كانت الوزارة وائقة الوثوق 
كله - وقد ضمت أبرز الششخصيات السياسية - أمها ستوفق الى تنفيذه بيممر, 
ولا سيما وان الاكترية المطلقة ني مجلس النواب كانت تؤيد الوزارة » وتئن 
باخلاصها وكفاءنها. سما ان دار الاعتماد البريطانية لم تكن ضدها . ولكن 
سرعان ما أخذت الرياح تحري ضد سفينة الدولة مع الاسف . فدار الاعتماد 
بدأت تتخوف من تنفيذ المنهاج » ولا سيما ما كان يتعلق منه بتقليص عدد 
الموظفين الاجانب وتثبيت صلاحياهم » وبعض النواب بدوا يتمتمون فيعار ضون 
رغبة في المعارضة لا خدمة لحقيقة » والاحقاد الدفينة في النفوس المريضة 
أخذت تينع بعد غفونها حى اذا حل يوم افتتاح مجلس الاءة في ؟ تشرين الثاني 
4 ألقى الملك خطاب العرش الاي : 


خطاب العرش 

حضرات الاعيان واانواب : 

افتتح باسم الله تعالى مجلسكم قي اجتماعه الاعتيادي الثاني » من دورته 
الثانية » متونياً ان يكون اجتماعكم هذا حافلا” بجلائل الاعمال » الي تعود 
على الاءة بالحير والنجاح . 

ان الموقف الرزين الذي وقفه شعبي تأيبداً للجهود الي بذلتها الوزازات 
المتتابعة » لتحققيق ما تنطوي عليه أماني البلاد » كان له التأثير المزغوب . وكان 
صديقي المحترم » السر جلبرت كلاين » الذي فجعت بوفاته الحكومتان 
الحليفتان » واصدقاؤه العديدون 5 هذه البلاد ؛ أصدق وسيط للتعبير عن 
تلك الاءاني » وللأفصاح عن الاسس » الي رغبت البلاد في ان تبني عليها 
صلات التحالف بينها وبين بريطانيا العظمى . ويسرني أن ألاحظ ان الوقت 
قد حان لتطمين الرغبات العراقية » اذ صرحت عن استعدادها لتأييد ترشيح 
العراق للدخول في عصبة الامم في سنة 19177 من دون قيد وشرط » ولتنظيم 


1١ 


لعلاقات ببن المماكتين على أساس الاقمراحات الحديثة للتسوية الانكليزية 
المصرية . 
لقد سررت بزيارة أخي أمير شرق الاردن للعراق » وبالترحيب والحفاوة 
اللذين قوبل بهما » وقد أتاحت زيارة سموه هذه فرصة مناسبة للبحث في 
مسألة توطيد أواصر المودة والصداقة بين القطرين » وستنظر حكومي عن 
عن قريب في عقد معاهدة صداقة واتفاقيات خاصة لتنظيم العلاقات بينهما . 
ان صلاتنا مع الحمهورية التركية مستمرة على أسس المحبة والمودة » 
وأرغب في أن أشير بصورة خاصة الى توطد العلاقات الودية » ونمو روابط 
الصداقة بيننا وبين جارتنا ايران » خاصة بعد التوقيع على اتفاقية ١١‏ آب 141 
ولا يسعني في هذا الموقف الا أن أعرب عن رجاني أن تستقر الامور في حالتها 
الاعتيادية » و أن ترجع الطمأنينة الى النفوس في الاقطار العربية المجاورة . 
ان المفاوضات الي قامت بها حكومي في سنة 191717 حول عملية تصفية 
الديون العثمانية العامة قد انتهت بقيول مجلس الدين الاقتراحات العراقية » 
وستقدم اليكم حكومي المعلومات اللازمة مع اللوائح القانونية الخاصة بها . 
لقد كانت المحصولات الزراعية في هذه السنة غير وفيرة » الا امبا ويا 
للاسف لم تسلم من الآفات الطبيعية » ومن التوقف في التصريف ٠‏ والهبوط 
في الاسعار » الامر الذي يدعونا الى اتخاذ التدابير من وطأة هذه الآأفات 


والعراقيل . 
:لم يحدث ولال السنة ما بحل بال هدوء والسكينة المستتبين يي جميع احماء 
البلاد. 


قد احذت التدابير اللازمة لاسعاف منكوني الفيضان » ولم تزل الحهود 
متواصلة لتعمير ما حصل من التخريب . 


١1 


حضرات الاعيان والنواب : 

ستعالج حكومي مشروع المعاهدة الحديدة على أساس الاستقلال التام ‏ 
وعلى قدم المساواة » في مبادلة المنافع المتقابلة . وهي مهتمة الآن لتسيير أمور 
الدولة على أماس التصريح الحديد» لتقوم بمسؤوليانها العامة » بصفتها حكومة 
مستقلة في جميع شؤونمها » ولتأييد السلطات المخولة للوزراء » بمقتضى أحكام 
القانون الاساسي » لتمكينهم من القيام بالمسؤوليات التامة في ادارة أمور 
الدولة . 

ان حكومي قائمة باعداد لوائح قاذونية لتعيين حقوق الزراع وواجباتهم , 
ولحماية وتشجيع المنتوجات المحلية » والتشويق على استعمالها » ونببأة الوسائل 
للسير الى التوازن بين صادرات البلاد وواردانها » وذلك لتحسين الحالة 
الاقتصادية الي تتطلب معاحة فعالة . 

وستتقدم إليكم الميزانية العامة » الي سير اعى في إحضارها الاقتصاد في 
نفقات الدولة » والتوفير للقيام بمشاريع مفيدة . 

وستتقدم إليكم لائحة قانون الدفاع الوطي ٠»‏ عند انجازها » وذلك للقيام 
ما أخذته على عاتقها من مسؤولية الدفاع ضد التجاوز الحارجي » وحفظ الامن 
الداخلي . 

وأعدت حكومني اوائح قانونية هامة : كلائحة قانون الحدمة المدنية ؛ 
ولائحة قاذون التقاعد المدني » ولائحة قانون العقوبات» وغيرها من اللوائح 

وستكون المشاريع المهمة : كانشاء خز ان ا حبانية » واحداث البنك الزراعي 
والاهلٍ , ووضع العملة العراقية ) وتخفيض بعض الرسوم وتوسيع نطاقف 
المعارف ٠»‏ وتكثير المؤسسات الصحية » وغيرها من الامور » موضع عناية 
حكومي بصورة خاصة . 

هذا وأرجو من الله أن يسدد خطواتكم » ويوفقكم في مساعيكم . 


١ 


كان الاعبان والنواب والساعة المعارضون ورجال البلد البارزون » كانوا 
كلهم على علم با موقف السليم لوزارة السعدون الرابعة وظروف تأليفها » ولا 
شك أن زعيم المعار ضة ياسين الحاشمي كان قد أطلع أصدقاءه على المنهساج 
الو اري الذي خطته أنامل الهاشمي نفسه » ولم ينشر على الرأي العام ولكن 
الوزارة جوببت بجوم عنيف لم يكن أحد يتوقعه . 
نهم أحدهم السعدون ووزارته بالتراجع بالقضية العراقية الى الوراء 
بع سئوات » دون أن بأني بدليل واحد على هذا التراجع , وأسمعه آخر 
كلاماً قارصاً زاعماً ان قبول أسس المعاهدة البر يطانية المصرية أساساً للعلاقات 
العراقية البريطانية المقبلة من شأنه أن يبعد العراق عن مفهوم الاستقلال التام » 
وينفي قدم المساواة في تبادل المنافعم مع الانكليز » وادعى الث ان وزارة 
السعدون تحاول أن بمر العراق في دوره الحديد على نمط النهج الذي سار عليه 
في أدواره الماضية » وأضاف الى ذلك قوله : ان على قضايا البلاد الهامة السلام » 
وتساءل هل ان عقّدها من جديد ما يناسب وزارة محفظ كرامة البلاد ؟ وقام 
رابع يقول مستهزعاً : ببذا المنهاج يظهر بأنكم تقصدون احداث ثورة في 
البلاد . وكان هذا الرابع متهماً باتصاله المريب مع الانكليز . وعندها انتفض 
السعدون غضبا » وانتصب <انقاً » ولم يتمالك نفسه » فقرر أن يفضح حقيقة 
هذا النائب لو لم يتدارك الامر السيدان : ياسين الحاشمي وعبد العزيز القصاب 
فيعملان على تهدئة أعصابه فاكتفى بالقاء هذا اللحطاب : 
عبد المحسن السعدون ‏ رئيس الوزراء ‏ سادئي : انتقد الخطباء الكرام 
منهاج الوزارة » وصرحوا بأن الحكومة مبتهجة ومسرورة وممتنة . أيها السادة 
لايمكن اوزارة ني هذه البلاد أن تكون ممتنة ومسرورة . لأمها معرضة دائماً 
للانتقاد » بصورة محقة أو غير محقة . منذ تشكيل الحكومة العراقية : والوزارات 
المختلفة تسعى للحصول على حقوق البلاد » ولكن الظروف لم تساعد البلاد . 


يفيل 


أيها السادة : امي بعض الرفقاء الكرام بأني رجعت عن مطالبي في سنة 
4»: واكتفيت بالتصريح . المطاليب الي كنت قد طلبتها هي عبارة عن تعديل 
الاتفاقيتين : المالية والعسكرية » المستندتين الى معاهدة سنة ١4١1/‏ . واعنرف 
للمجلس العالي بأنه رغماً عن تساهل الحكومة العراقية بكل معبى الكلمة 
للحصول على الاتفاق » لم نتمكن من اقناع حليفتنا العظمى بالشروط المطلوبة» 
فلم أجد سوى الاستقالة طريقاً » كما وعدت المجلس العالي يوماً ما بذلك , 
فعندما صرحت حليفتنا بقبول العراق في عصبة الامم في سنة 1917 سررت 
بذلك التصريح  .‏ 
أها السادة : ان هذا التصريح ليس بقليل الاهمية : كما يعتقد بعض 
الاخوان » بل هو ذو أهمية عظيمة » فبدخول العراق عصبة الامم » تلغى 
المعاهدات » والاتفاقيات » وتعقد اتفاقية جديدة على أساس استقلال 
العراق التام » وعلى كل حال فان السياسة المتبعة قد تغيرت بعد اعلان هذا 
التصريح » وقد أصبح الوزراء العراقيون يتمكنون من تطبيق أحكام القانون 
الاساسي بصورة أوسع مما كازوا عليه في السابق . أما ما قاله بعض الاخوان 
عن احتمال سقوط وزارة العمال . فأقول : ان هذا التصريح قد أعطي من 
قبل الحكومة البريطانية . فاذا سقطت وزارة العمال » فلا ينقض سةوطها ما 
نص عليه التصريح » أما اذا حصل ذات فأعتقد ان:ذوال الاستقلال تابع الى 
جرأة الامة : فالآمة الي تريد الاستةلال » يجب أن تتهيأ له » ولا يكون ذلك 
بالكلام » والاقوال الفارغة ٠‏ فالاستقلال يؤخذ بالقوة » والتضحية » هذا 
ما أحببت أن أقوله . 
ثم أود أن أعرض على الاخوان ما بخص المعاهدة بين العراق وايران . 
ان هذه المعاهدة وقتية » وليس كما تفضل النائب المحتر م محمد زكي بأن حكومة 
ايران ستستفيد من العهود العتيقة » فان المخابرات ٠‏ وااكاتبات الي جرت 
بيننا » وبين حكومة ايران » تصرح بأن حكومة ايران لن تستفيد من العهود 
القديمة » وقد استفسرنا من وزارة العدلية بشأن تقديم الاتفاقية الى المجلس » 


لابن 


زأجابت اله لا ضرورة لتقديم الاتفاقية الى المجلس العالي أما اذا أراد المجلس 
العالي أن تعرض عليه » فالحكومة لا تمتنع عن تقديمها للتصديق . 

أمها السادة : ان الحكومة ساعية بكل معبى الكلمة لاخذ المسؤولية على 
عاتقها » ولتظهر أمام المجلس العالي » كما رغب » بمظهر حكومة مسؤولة . 
الحكومة لم تدع بأن العهود السابقة » والاتفاقيات قد ألغيت » ولكن حكومة 
صاحب الحلالة حليفتنا أرادت أن تعطي للعراق مجالا” واسعاً لاخذ المسؤولية » 
وذلك بالتجنب من المداخلات بي الامور الداخلية » فليس في هذا الموضوع 
أي تبجح » ولم تظهر الوزارة بمظهر خلاف طبيعة الاءر » وخلاف حقيقة 
الحال الواقع » هذا ما أردت أن أعرضه لل جلس العالي . 

هذا هو موجز ما جرى في ا حلسة النيابية الثالثة اللي عقدها مجلس النواب 
في يوم ١١‏ تشرين الثاني 4 م. وماكادت الجلسة تنتهي ويخرج السعدون 
من المجلس » وهو مرهق متعب » حبى سمع من وكيل المعتمد السامي وكان 
رجلا” عسكرياً نخدم في الثورة العربية الكبرى «ديرا في متزل الذخائر والعدد 
الحربية » سمع منه عتاباً تأباه شهامته وعزة نفسه » وزاد الطين بلّة ماكان قد 
سمعه من مستشار وزارة الداخلية المسر كورنو اليس أثناء المأدبة البى أقامها له 
للك فيصل » بمناسبة عودته من اجازته في لندن ‏ من ان السياسة البريطانية 
في العراق لم ولن تتبدل » وانه ليس في نية الوزارة البريطانية الحديدة اجراء 
أي تغبير في سياستها الراهنة في العراق . 


فاجعة انتحار السعدون 


كان السعدون قد ساير الانكليز وماشاهم 6 وزارتيه : الاولى والثانية 
لأن حدود العراق لم نكن قد ثبتت » وأموره لم تكن قد استقرت ٠»‏ وكان 
بعتقد أنه بهذه المماشاة قد يستطيع حمل هؤلاء على انصاف العراق فيسدي 


1١ه‎ 


بذلك بعض الحدمات الى بلاده وأمته » ولكنه في وزارته الثالثة وقف يجا 
هؤلاء الانكليز الوقفة المنتظرة من أمثاله » بحيث استطاع أن يحملهم على الغاء 
الشروط الي اشر طوها لدخخول العراق عضواً في عصبة الامم اذا ما حل عام 
937 وإذا به يجابه من قبل أبناء وطنه ‏ في وزارته الرابعة ‏ بهذا الموقن 
الذي أقل ما يقال فيه انه بعيد عن الانصاف » على حين انه كان يتوقم المساندة 
وشد الازر . يضاف الى كل ذللك انه كانت لديه بعض الشكوك في محبة الملك 
فيصل له » وثقته به ثقة مطلقة فيما اذا اصطدم بالانكليز اصطداما عنيفاً أكر 
من اصطدامه هذا . اذ لا ينتظر من الملك أن يحارب الانكليز أو يقلب هم 
ظهر المجن » وهم الذين جاءوا به الى هذه البلاد . كما ان الشعب ‏ طالب 
الاستقلال كان بعيداً عن تفهم متطلبات هذا الاستةلال » وكان عاجزاً عن 
أن يثور في وجه الانكليز » مثل دورته الكبرى في عام 147١‏ : ضد نظام 
أوجده الانكليز أنفسهم فما العمل ؟ 

اختار السعدون أن يقضي على نفسّه بنفسه » وأن يفدي الشعب بروحه . 
فودع الحياة في مساء الثالث عشر من شهر تشرين الثاني ١474‏ تاركاً للشعب 
الذي فجع برزثه أبلغ وصية وأجرأها . وهذا نص وصيته باللغة التركية وتعريبه 
باللغة العسر بية . 


النص التركي الأصلي 
ايكي كوزم ياوروم مدار استنادم علي : 
( ارتكاب ايتديكم جنايتدن طولابي بي عفوايت » زيراويو حياتدد 
بيقدم 2 أوصاندم . حياتمدن نهلذت » نهده ذوق » شرف كوردم. أت 
خدمت بكليور » انكليزلر موافقت ايتميور . ظهير يوق . استقلال ايستيان 
نصايحي تقديردن عاجز بي وطي خائي » انكليز بنده مسي ظن ايديورلر . 


فيل 


لديو كفلااكت : بن وطنممك اك مخلص برفدائيسي هو درلو حمارتلره قاتلايذم . 
مذلتلره تحمل أيتدم . صرف آباء وأجدادمك مرفها يشادقلرى بومبارك بقعه 
ايحوندر . ياوروم » صوك نصيحم بودركه . 
١‏ يتهم قاله حق اوفاجق فارداشلريكه مرحمت ( واله كه حرمت ) وطنكه 
صداقت . 
؟ ملك فيصل وذريتنه صداقت مطلقه . بي عفوايت ياوروم علي . 
عبد المحسن السعدون 


وهو ذا الآن التعريب الحرني الصحيح للنص التركي : 
ولدي وعيي ومستندي علي 
(أعف عبي لا ارتكبته من جناية . لاني سئمت هذه ا حياة الي لم أجد 
فيها لذة وذوقاً وشرفاً . الامة تنتظر خدمة . الانكليز لا يوافقون. ليس لي 
ظهير . العراقيون طلاب الاستقلال ضعفاء » عاجزون وبعيدون كثيراً عن 
الاستقلال . وهم عاجزون عن تقدير نصائح أرباب الناموس أمثالي . يظنون 
اني خائن للوطن » وعبد للانكليز . ما أعظم هذه المصيبة : أنا الفدائي الاشد 
اخلاصاً لوطي » قدكابدت أنواع الاحتقارات وتحملت المذلات » محضاً في 
شبيل هذه البقعة المباركة البى عاش فيها آباي واجدادي مرفهين . 
' ولدي » نصيحبي الاخيرة للك هي  :‏ 
-١‏ أن ترحم اخوتك الصغار الذين سيبقون يتامى ( ونحرم والدتك ) وتخلص 
لوطئك . 
١‏ -ان تخلص للملك فيصلل وذريته اخلاصاً مطلقاً . 


التوفيع - عبد المحسن السعدون 


1١ لا‎ 


كان مسن عادة فقيد الامة والوطن أن يقضي أمسياته في النادي العراقي ثم 
يتجه الى داره في نحو الساعة التاسعة . أما في مساء هذا الوم المشؤوم » فقد 
عاد الى الدار قبل هذه الساعة » وكان مثقلا” با هموم والاكدار » فلو كانت 
قرينته مثقفة ومحيطة بالظروف القاسية الي كانت نحيق به » لشعرت بخطورة 
وضعه » ولاطفته لتهدأ من أعصابه » ولأخفت المسدس الذي كان في غرفته 
على الاقل اذ قد تكون بمثل هذه الاحتياطات قد حالت دون وقوع الكارثة , 
وما أفجعها من كارثة . 

صدمت الامة بفاجعة انتحار زعيمها الحخالد صدمة عنيفة » فشيعته الى 
مثواه الاخير بالدموع والحسرات » في موكب قلما شهدت بغداد موكباً مماثلا” 
له » سوى موكب تشييع جنازة الملك غازي على ما أتذكر . وقد اشترك في 
تشييعه الاعيان » والنواب » والوزراء » والسفراء الاجانب » وعشرات 
الالوف من أفراد الشعب » كما ان الملك فيصل حضر الى دار الفقيد قبل أن 
ينقل الحثمان الى مثواه الاخخير فأكبر موته » وقرأ الفاتحة على روحه . 


تخلايد ذكرى السعدون 


خصص مجلس النواب جلسته الحامية المنعقدة في يوم 7١‏ تشرين الثاني 
64 لتأبين فقيد الأمة والوطن . فتكلم عدد كبير من الذواب عن صفاة 
الراحل » وخدماته » وبكى بعضهم لفاجعة مماته » وكنت أنظر الى هذه 
التمثيليات المحزنة ولسان حالي يقول (يا لسخرية القدر ) ثم أخذت وفود 
الالوية تثوايلى على العاصمة حاجة لقبره » وقارئة الفاتحة على روحه .ع قا 
أقيمت حفلة تأبين فخمة في يوم أربعينه » وقرر مجلس الوزراء في جلسته 
المنعقدة في 7١‏ تشرين الثاني ١974‏ مخصيص راتب تقاعد لعائلة السعدون قدره 
٠‏ ربية في الشهر » وتقديم منحة قدرها نحمسون ألف ربية لتشييد دار 
دار سكن لها على عرصة اميرية في الباب الشرقي » وتسمية قطعة أرض خصصت 


6 


لكن الموظفين نقع في جنوب شرني بغداد باسم « محلة السعدون » وكانت هذه 
الارض أميرية قد أعد”ها وزارثي للذين لا سكن لهم من الموظفين » وقسد 
أصبحت هذه المحلة بمرور الزمن أو سع ضاحية في العاصمة وامتدت الى 
مسافات بعيدة . 

هذا وقد تألفت حنة لجمع التبرعات من الاهلين لتخليد السعدون فتجمع 
لدبها مبلغ طائل بقي مجمداً بعد استقالة وزارة ناجي السويدي » الي خلفت 
وزارة السعدون الرابعة بعد انتحاره » وأهمل مشروع التخليد . فلما دخلت 
وزيراً للداخلية في وزارة ذوري السعيد الثانية في ١9‏ تشرين الثاني 141١‏ بعثشت 
المشروع من مرقده » فطلبت الى حنة التبرعات ان تقدم قامة بالالغ الي 
جمعتها فاتضح لي من هذه القامة ان محاسبها : المحامي ابراهيم الواعظ تصرف 
بقسم منها كما شاء فسيق الى المحكمة؛ وحكم بالحبس لمدة ستة أشهر فلما 
استقالت الوزارة المذكورة من ا حكم تدخل ذوري السعيد في القضية ونمكن 
من اغلاقها . وكان قد سلم من التبرعات مبلغ ؟ ألف وبقي في أحد المصارف 
فاستشرت جمعاً من الساسة في كيفية التصرف به لتحقيق فكرة التخليد . هل 
ببى مستشفى باسمه » والمستشفى يحتاح الى مبالغ طائلة ؟ وأخيرا اهتديت الى 
فكرة اقامة تمثال للرجل الذي ضحى بحيانه في سبيل أمته » ولكني جوبهت 
بثلائة موانع : الاول قيل ان الشريعة الاسلامية لا تجيز اقامة التماثيل » الثاني 
اجتهاد ذوري السعيد بأن لا يقام تمثال لاحد قبل اقامة تمثال لمليلك البلاد فيصل 
الاول » والثالث ان الانكليز كاذوا يريدون أن يكون النحات بريطانياً . فلم 
التفت الى المانع الاول » وكنت أعرف حاتاً ايطالياً بارزاً سبق ن نحت عدة 
ماثيل لكمال أتاتورك » فأعجبتني لانباكانت ني غاية الروعة فقررت استدعاءه 
الى بغداد بواسطة القنصلية للقيام بالعمل المطلوب . أما بصدد المانع الثاني فقد 
زرت الملك فيصل وشرحت له قضية التبرعات وما اختفى منها وما ثبقى : 
والفكرة الي تراودني بمخصوص ا'قامة التمئال » وأضفت الى ذلك أنه لما كان. 
من غير اللائق ان يقام تمثال لاحد ما قبل أن يكون هناك تمثال لصاحب الحلالة» 


اذل 


فاني أفكر ني 'قامة تمثال لحلالتكم قبل كل شيء. فظهرت أسارير الارتياح 
على وجهه وسألي قائلا” : ولكن من أين ستأني بالمال اللازم ؟ فأجبت جلالته 
انكم اذا استصوبم الفمرة فان ايجاد المال سهل » وبعد ان رجعت الى مقسر 
الوزارة مبذه النتيجة المسرة اتصلت بمتصري الالوية كافة » وطلبت الى كل 
متصرف ان يبعث ببلغ يوازي خمس ميزانية البلدية كساهمة لاقامة تمثال 
لحلالة الملك . فلما ثم جمع هذه الاخماس » أضافت اليها امانة العاصمة ما 
لزم من المبالغ لا كمال الكلفة ( وكانت نحو نخمسين ألف ربية على ما أتذكر ) 
ثم استدعيت النحات الايطالي الشهير « كاتونيكا » للقيام بصنع التمثال فاستغرق 
العمل فيه تمانية عشر شهراً . وكانت قد استقالت وزارة نوري السعيد الثانية . 
واستقالت وزارني الي أعقبت تلك الوزارة » م تألفت وزارة رشيد عاني 
فقررت اقامة تمثال السعدون . وكم كنت أود أن تتاح لي الفررصة لإزاحة الستار 
عن هاءا التمثال » ولكن ( نجري الرياح بما لا تشتهي السفن ) فقد نال هذا 
الشرف غيري . ولكن المهم ان التمثالك - موضوع البحث - ظل شامخاً حى 
الوم في أظهر ميادين العاصمة » على الرغم من مرور أكثر من أربعين سنة 
على اقامته » بي حين هوت بقية التماثيل الى غير رجعة . 
وزارة ناجي السويدي 

أصبحت البلاد بلا وزارة » بعد انتحار عبد المحسن السعدون » ووجب 
التفكير في تأليف وزارة جديدة بصورة سريعة » ولا سيما بعد ان اطلع الشعب 
على وصية السعدون » وما ولدته من هياج النفوس » مما كان يعرض الامن الى 
الحطر » فاستقر الرأي على أن يبقى زملاء السعدون في مناصبهم الوزارية » 
وأن يسند منصب الرئاسة الى السيد ناجي السويدي باقتراح من ياسين الحاشمي » 
على أساس ان السويدي صاحب الاكثرية في المجلس . وقد ا حق السيد خالد 
سليمان بالوزارة الحديدة. وبعد حفلة الاستيزار قصد الوزراء البلاط المملكي 
لتقديم فروض الشكر المعتادة الى الملك ثم انجهوا الى قبر فقيد الوطن حيث 


١5 


قرأوا الفانحة على روحه » وأعلنوا يمين الاخلاص للمبادىء الي ضحى من 
أجلها . وما كاد مجلس الوزراء يعقد أولى جلساته حى تقرر أن يرفع رئيس 
الوزراء الكتاب الآني نصه الى الملك فيصل . 
بغداد في 7 تشرين الثاني ١579‏ الرقم 7856 
سري ومستعجل 

سيدي ومولاي صاحب الحلالة : 

لا شرفتموني جلالتكم بأمركم المطاع » المنضمن ثقة جلالتكم باسناد 
منصب رثاسة الحكومة لي » فاتحت زملائي الوزراء في الامر » فسارعوا الى 
تلبية ارادة جلالتكم » اعتقاداً منهم بأن البحث مقدماً في الاسباب المؤدية الى 
تضحية الرئيس المرحوم عبد المحسن بك السعدون قد يطيل المدة الي تبقى 
خلاها البلاد بدون وزارة » في ظروف كانت على غاية من الحطورة » اذ ان 
وصية الفقيد التاريخية احتوت عبارات أثارت خواطر الشعب » فاذا لم تقم 
في البلاد وزارة مسؤولة فوراً » وترجع الطمأنينة الى النفوس من جهة سلاقاتما 
مع الحليفة المعظمة » يخشى من حدوث قلاقل لا تجد أمامها أيد مسؤولة تعمل 
على ازالتقها. 

هذا ما أهاب بعبدكم » وزملائي الوزراء » لتلبية نداء جلالتكم لتولي 
أعباء المسؤولية بدون تردد . الا أننا بالنظر الى ما خطه الرئيس بدمه من 
العبارات المتضمنة ( انتظار البلاد للخدمة » وعدم موافقة الانكليز عليها ) 
يئراءى لنا صعوبة الاستمرار على العمل » قبل التأكد من امكان الحدمة الي 
ينتظرها الشعب » فزملاني يعلمون ان المنهاج الذي نظم لتسير وزارة المرحوم 
بموجبه » قد عرض على من يبمهم أمره قبل المباشرة بالعمل » ولم يلاحظ 
على ما فيه من الخطط أية ملاحظة . وكنا جميعاً معتقدين» تمام الاعتقاد » ان 
التصريح الحديد قد غير وضع الادارة في البلاد » وان بيانات المرحوم السر 
جلبرت كلايئن » المشفوعة بافادات نائب المعتمد السامي الميجر يانغ ٠‏ وتأييداته 


١١ 


لها » دلت بصراحة على الرغبة الااكيدة في عدم الاستمرار على التدخل في 
شبؤون الدولة » وني لزوم تمتع الوزراء بالمسؤولية التامة عن أعمال وزاراتهم : 
وهذا الاعتقاد حدا بالفقيد وزملائه الى تولي الاعباء » وتمشية أمور الدولة 
وفق المنهاج المنظم » الا انه بعد مباشرة الوزارة أعمالها » ظهر ٠ن‏ بعض 
المستشارين والموظفين البريطانيين شعور لا يلتم مع روح السياسة الحديدة , 
وتولدت بعض العراقيل والتأخيرات في تطبيق ما كان مدرجاً في المنهاج 
لأسباب أدبية أو تعليمات ضعيفة . ولما كان المرحوم قد مارس مهام أمسور 
الدولة مدة طويلة » استدل بهذا الشعور والعراقيل على استحالة تطبيق الامور 
المهمة من منهاجه . ويخال لنا انه بعد أن فكر ملياً في الامر.» تذكر الفشل 
الذي أصابه سئة 147 والنعوت الى وصفه ببا اخخوانه العراقيون بناء على 
النمسك بأهداب الصداقة » وتسيير الامور بالتآزر التام مع الموظفين المذ كورين » 
واستعرض الانتقادات المرة الي صدرت من المجلس » باعتبار عدم حصول 
أي تغيير في أوضاع الادارة منذ تبوئه مركزه الحديد . وبعد ان اعتقد في نفسه 
بأنه قد ترك هذه المرة أيضاً بدون ظهير » جاد بدمه الطاهر حفظاً لشرفه وشرف 
زملائه وبلاده . 

فالوزارة الحاضرة أمام هذه التضحية العظيمة » وبالنظر لاشتراكها مع 
الفقيد في مسؤولية الاعمال » لا يسعها أن :هبمل مطالب الشعب » أو ان تتساهل 
في تطبيق المنهاج » اذ ان الاهمال والتساهل مما يشددان الاعتقاد بما خطه الفقيد 
العظيم من العبارات » ويزيدان الاضطراب في الافكار أبان عهد جديد من 
الشعور بالمسؤولية التامة » وتوليها من قبل الوزراء وفقاً لما اختطته الوزارة 
البريطانية الحاضرة من النهج في صلانها مع العراق . 

فعبد جلالتكم وزملائي عازمون » والحالة على ما هي عليه من الحطورة ؛ 
على تطبيق منهاج الفقيد بالحرف ء وبأسرع وقت » لتنمو روح الثقة والمودة 
بين الحليفتين » وليشعر العراقيون بأن الوعوه قد أصبحت مقرونة بالأفعال ؛ 
وان التبدل في وضع الادارة حقيقة لا خيال » وان اماني جلالتكم لا تزال 


١57 


تعبر أصدق التعبير عن غايات شعبكه'» والي جدثم بصحتكم الثمينة لتمهيد 
السبيل اليها » وجاد الراحل العظيم بدمه للسير بموجبها » قد نحققت وأرجو الله 
عر وجل أن بطيل فاه جلاتكم عل رأس هذا الشعب المتفاني في سبيل 
عرشكم . 
العبد المخلص : رئيس الوزراء 
ناجي السويدي 
كانت أمام الوزارة الحديدة أمور هامة وكثيرة » وكان تنفيذ المنهاج 
للوزارة السابقة بأني في المقدمة » ولا سيما ما يتعلق بالاتفاقيتين ‏ المالية 
والعسكرية » وانباء المسؤولية البريطانية في قضية الدفاع » ووضع قوة الطيران 
البريطانية في العراق » فمّررت الوزارة أن تستأنف اللجنة الوزارية البي ألفتها 
وزارة السعدون السابقة مهمتها » والشروع في مفاوضة المعتمد السامي البريطاني 
لاقرار الاسس الي يحب أن تبى عليها المعاهدة المذوى عقدهاء قبل دخول العراق 
عصبة الامم في عام ١47‏ . فلما اجتمعت هذه اللجنة بوكيل ال معتمد المذدكور » 
اتضح ان موقف الحكومة البريطانية لم يتبدل تبدلا” جوهرياً يذكر . وفي 
العاشر من كاذون الثاني ١9470‏ وصل المعتمد السامي الحديد السر فرنسيس 
همفريز فلم نجد الوزارة فيه أية بادرة توحي بالحير . فبدأ الصراع بين احانبين : 
العرائي والبريطاني وأوشك الاصطدام أن يقع . وقبل أن نأني على تفصيل ذلك 
نول انه سم في التاسع من كاذون الثاني التوقيع على معاهدة بين العراق وبريطانيا 
والولايات المتحدة الامريكية اعترفت أمريكا فيها بالعراق . 


كيف بدأ الاصطدام 
تضمن المنهاج الوزاري أموراً بارزة تخص وزارة الداخلية بالذات فعلي” 
بصفة كوني وزيراً للداخلية أن أبحثها ولكن كانت هناك أمور أخرى رأيت 
ان آني على .ذكرها أيضاً لأن مجلس الوزراء ناطها بي شخصياً . وأولى هذه 


1١ 


المسائل انتداني للاسهام مع الممثل السعودي في وضع النرتيبات اللازمة لو تمر 
يعقد بين الملكين : فيصل الاول وعبد العزيز آل سعود » فسافرت الى الكويت 
في التاسع من شباط 1917*0 مستصحياً سكرتير الوزارة السيد خليل اسماعيل . 
وكان الممثلون السعوديون السادة: حافظ وهبة» وفؤاد حمزة» وابراهم المعمر . 
وقد تناولت المفاوضات التمهيدية قضايا المخافر الي أقامتها الحكومة العراقية 
داخل حدود أراضيها » وتسليم المجرمين » وبحث المنهوبات الي استولت 
عليها القبائل النجدية أثناء اعتدائها الاول على القبائل العراقية : وأخيراً وضع 
الاسس لمعاهدة صداقة وحسن جوار بين الفريقين . وقد عدت الى العراق في 
شباط . وكان من حسن الحظ ان جميع هذه المضايا قد سويت في الاجتماع 
الذي عقد بين الملكين في 7١‏ من هذا الشهرء ومن أراد الاطلاع على التفاصيل 
فلير جع الى ص 78/8 - 7191 من تاريخ الوزارات العراقية الحز ء الثاني . 

كان علي" أن أنظر في تنفيذ الامور الآنية فيما يتعلق بوزارة الداخلية  :‏ 
١‏ - نظام وزارة الداخلية . 
؟*” ‏ قازون ادارة الالوية . 
“5 - قاذون التفتيش الاداري . 
4 - تقليص عدد الموظفين والمستخدمين البريطانيين في ديوان الوزارة وني 

المديريتين العامتين للشرطة والصحة العامة » ونحديد صلاحياءبم . 

ولقد م اعداد نظام وزارة الداخلية رقم ٠6‏ لسنة ١4784‏ ونشر لي العدد 
81 من جريدة الوقائع العراقية الصادر ني السادس من كانون الثاني 191١‏ . 
وكان من أبرز مواده الهامة . تحديد صلاحية المستشار البريطاني : وهيأة 
التفتيش الاداري » وتعيين واجبات المكتب االخاص اوزير الداخلية » ومكتب 
المطروعات » ومديريى الداخلية العامة » وقضايا العشائر في ديوان الوزارة 
وكذللة اندي يه البلتيات العافة .. 


ثم أعدت الوزارة لائحة قاذون التفتيش الاداري » ولائحة قانون ادارة 


ال 


الالوية : ولكنهما بقيتا حبرا على أرق للاسباب الآنية  :‏ 

لما شرعت بي تنفيذ منهاج الوزارة بتنقيص عدد البريطانيين المستخدمين 
في ديوان الوزارة وبي المديريات التابعة لما » أذ الحو يتكهرب بي وبين 
مستشار الوزارة ٠‏ كان المفتشون الاداريون بي الالوية والمفتشون ب المديريات 
الملحقة يتخطون حدود واجباهم في أحايين كثيرة . ولا سيما اذا لمسوا ضعفاً 
في المتصرف أو في المدير العام . وقد أصدرت الانذار الآني الى مفتش الصحة 
العام بعد أن تخطى واجبات وظيفته وأخذ يتحدى الوزير وأراد أن يناقشه الحساب . 

( سري ) 75 كانون الاول ١978‏ 
مفتش الصحة العسام 
الموضوع ‏ صلاحيات مفتش الصحة العام 

بالاشارة الى كتابكم السري المرقم آي . جي ١لا"‏ والمورخ في ١١ ١١‏ 
-19794 لم تعر على قيد ني هذه الوزارة يخول اتباع العادة اللي سرثم عليها 
في انجاز المعاملات المتعلقة بأمور الموظفين الاجانب بالمخابرة مع مستشار هذه 
الوزارة فمط . 

بل ان المتفق عليه هو أن الامور الاجرائية المتعلقة بالصحة العامة هي من 
اختصاص مدير الصحة العامة لا غير . وان واجبات مفتش الصحة العام 
تقتصر على التفتيش . وتقديم التوصيات اللازمة بشأن اصلاح ونحسين شؤون 
مستشار ها حسبما ترغبون لذلك فاننا لا نعيرف بالاصول المتبعة من قبلكم في 
هنذا الشآن حى "الآن وحب أن تس شدوا قاانناة آنفا . 

هذا ونؤمل أن نتمكن من توضيح صلاحياتكم بصورة مفصلة في المستقبل 
العريية, وزير الداخلية 

صورة منه الى 


)٠١( سيرة وذكريات‎ ١ 


نصوص رسمية 


كانت المشاورات والمحادثات مع مستشار الوزارة نحري بصورة شفوية 
في بادىء الامر . ولما شعرت بأن هذا الاسلوب لن بأني بنتيجة مثمرة » ان 
لم تكن هذه النتيجة من المستحيلات ٠»‏ فقد رأيت من الضروريي أن يثبت كل 
فريق وجهة نظره على الورق ليسهل البت فيها سلباً أو ايجاباً. ولكن هذا 
الاسلوب لم يأت بنتيجة أيضاً مما اضطرني لرفع الموضوع الى مجلس الوزراء . 
وسأنشر فيما يلي نصوص ثلاثة كتب وجهتها الى مجلس الوزراء في 77 كانون 
الثاني 91١‏ 1انشرها مع صور المراسلات البي دارت بي وبين المستشار لتنجلي 
الحقيقة بأجلى مظاهرها لدى الفارىء الكريم » وليعلم الجميع كم كان الوزراء 
العراقيون يكابدون المشاق والارهاق مع مستشاريهم البريطانيينفي سبيل تسبير 
أمور الدولة أثناء الحكم المزدوج » وكيف يحب أن تحمد الله ونشكره على ما 
وصل اليه العراق بفضل دورة ١5‏ نموز 14808 من نعم الاستقلال » بعد 
التخلص من النظام الذي فرضه الانكليز على هذه البلاد فرضاً . 

كان من المتفق عليه بين الدكومتين : العراقية والبريطانية في حالة الملاف 
بين الوزراء العراقيين ومستشاريهم البريطانيين » أن يكتب كل طرف مذ كرة 
بوجهة نظره ويرفع الوزير هذه المذكرات الى مجلس الوزراء لدراستها . 
ويقرر ما يراه مناسباً لها » بعد أن يسمح للمستشار المختص ان يحضر اللحلسة 
الي بحري فيها درس الموضوع الذي يخصه . فاذا أمكن للمجلس أن يحد صيغة 
حل للخلاف يقبله الطرفان انتهى الامر » وي حالة عدم تمكنه من ذلك يعرض 
الملاف من قبل مجلس الوزراء على الملك » وعندها تبدأ المراسلات بين الملك 
والمعتمد السامي البريطاني . فان قبل المعتمد وجهة النظر العراقية انتهت الازمة , 
وإن لم يقبل بها » فتضطر الوزارة الى التنحي عن المسؤولية وي ضوء هذه 
الايضاحات (الروتينية ) أنشر المراسلات المتعلقة بالقضايا الثلاث الحاصة 
بوزارة الداخلية . , 


: قضية هيأة التفتيش الإداري‎ 7١ 


المكتب االحاص 

سري ومستعجل جداً 
فخامة رئيس الوزراء 

المو ضوع / هيئة التفتيش الاداري 

تنفيذاً لمنهاج الوزارة فيما يتعلق بالمفتشين الاداريين » لقد سبق ان اجتمعت 
أكثر من هرة مع مستشار هذه الوزارة للمذا كرة في موضوع تنقيصن عدد 
المفتشين الاداريين » وكذللك تبادلت معه المذكرات في هذا الشأن » وقد قدمت 
الى فخاءتكم نسخة من المذكرة الاساسية الي أرسلتها الى حضرته في هذا 
الصدد بتاريخ 1478-1١-١1‏ وبعدد س/ 4017 والآن أرسل إلي المذكرة 
المورخة في 197١ 1١-15‏ (المرفقة صوربها ) والبي ضمنها آراؤه واقعراحاته 
حول الموضوع المبحوث عنه . وكا يتضح لفخامتكم ما جاء فيها ان الاختلااف 
في الرأي بيننا لم يزل باقياً لذللك أرجو التفضل باحالة القضية ‏ اذا نسبتم ‏ 
الى مجلس الوزراء لاصدار قراره فيها لاني لم أزل مؤيداً لآراني السابقة . 

وزير الداخلية 


” كازون الثاني ١97٠‏ 


صورة الى/ 
حضرة مستشار وزارة الداخيلية بالاشارة الى مذكرته . 
بغداد في ١١‏ كانذون الاول ١979‏ . 
العدد/ س/ 401١17‏ . 
عملا" بالحطة الي قررت الوزارة | نخاضرة الحري عليها » وتنفيذاً لمنهاجها 
فيما محص تطبيق نظام التفتيش الاداري » وتنقيص عدد المفتشين الاداريين 
بصورة تتناسب مع التطور الحديد» لقد تباحثت مع حضرتكم طويلا” والآن 


1١17 


أبين الى حضرتكم ما عز مت على ااذه من الاجراءات في هذا الخصوص  :‏ 
أولا” - تعلمون ان المادة الرابعة من نظام التفتيش الاداري تقضي بأن يكون 
مقر المفتشين الاداريين بغداد . ولكن لاسباب لا أود الحوض فيها الآن 
أصبح المفتشون الاداريون مقيمين في جميع الالوية بصورة دائمة . فلأجل 
أن تخطو الحطوة الاولى لتنفيذ المادة المار ذكرها . يحب أن تقسم في 
الوقت الحاضر الالوية الى مناطق ٠‏ ويوزع المفتشون الاداريون الذين 
ستحتفظ هذه الوزارة بخدماهم ( عدا الذين ستنهى خدماهم بالطبع ) 


ات 
معاون المستشار . 


منطقة بغداد ( مركزها بغداد ) تشمل ألوية بغداد , ديالي » الكوت » الدليم . 
لما : مفتشان اداريان . 
منطقة الفرات ( مركزها الديوانية ) : تشمل كربلاء » الحلة » الديوانية »؛ 
منطقة البصرة ( مركز ها البصرة ) : تشمل البصرة والعمارة . 
ها مفتش واحد . 
منطقة كركوك واربيل ( مركز ها كركوك ) : 
لها مفتش واحد . 
لواء الموصل : له مفتش واحد . 
لواء السليمانية : له مفتش واحد . 
ويبقى مفتش اداري واحد نحت امرة الوزارة ليستخدم عند الاقتضاء 
في أمور الصحراء والبلديات أو غير ذلك . 


١18 


نانيا - ولاجل أن تتمكن الوزارة من اعلام المفتشين الاداريين الذين ستحتفظ 
دما هم بالمناطق الي خصص هم » ارجوكم أن تعلموني بآرائكم عن 
اسماء المفتشين الاداريين الستة الذين توصون باماء خدمامهم قبل ١‏ 
أداءم”9١.‏ : 

زالئاً - بعد أن اطلع على توصياتكم بشأن المفتشين الاداريين الذين سيحتفظ 
بخدما هم » ستبلغهم هذه الوزارة بمناطقهم : وستعلم المتصرفين 
المختصين بذلك ايضاً» وحينئذ يرتب على المفتشين الاداريين المقرر انباء 
خدمامهم أن يسلموا الدور الى المفتشين الاداريين ني المناطق اللحديدة . 
ويحب أن يم هذا كله خلال السنة المالية ١‏ حاضرة . 

رابعاً ‏ ان الوزارة مستعدةلطلب مخصيصات اضافية في خلال السنة المالية 
الحاضرة لتأمين اعطاء المفتشين الاداريين الذين تنهى نخدمائهم مسا 
يستحقونه من الرواتب والمخصصات . وفقاً لاحكام اتفاقية الموظفين 
البر يطانيين ومقاولامم » كما'امها ‏ علاوة على ذلك - ستنظر في الوضع 
الحاضر لكل منهم » وتعاملهم بعطف بوظائفهم الرسمية » لعدم علمهم 
بامباء خدماتهم في هذا الوقت كتسوية الحسارة المالية الناشئة عن استيجار 
دار وتأمين استراحة عائلاتهم وما ماثل ذلك . 

خامساً ‏ لا شلك في ان ميزانية التفتيش الاداري الموجودة في وزارة المالية للسنة 
المالية القادمة سيعاد النظر فيها وفق اللرتيبات الحديدة . 

سادساً ‏ وقبل الانتهاء من هذه المذكرة لا يسعنى إلا أن أظهر تقديري 
الخدمات الي قام بها المفتشون الاداريون عموماً لانجاز الوظائف 
المودوعة هم ء وللاراء الثمينة الي كاذوا يبدونها لتحسين سير أمور 
دوائر الدولة في ضمن نطاق عملهم . 

وزير الداخلية 
صورة الى / رئاسة الوزراء 


١.4 


(سري ) 
رقم اس ١1١1م"‏ 
كانون الثاني ١91٠‏ 

صاحب العالمي وزير الداخلية 
هذ كرة 
بالاشارة الى كتاب معاليكم المسرقم س - ١١١؛‏ والمورخ ١١-1١1‏ 

4 . 
اق ان أعلمتكم شفهباً انني أوافق ‏ مبدئياً ‏ على أن الوقت قد حان 

لأن تيحرب عملية ترك بعض الالوية بدون مفتش اداري مقيم » وأوافق أيضاً 

على انه يمكن تنقيص عدد المفتشين الاداريين حسب المشروع االحديد . الا 
اني أرى ان تخفيض هيئة التفتيش الاداري بمقدار ثلث واحد يكون كثيراً 

جداً وانه ليس من المستحسن مخفيض العدد الى أقل من !|!( ١4‏ ) . 

-١‏ في المشروع الاول الذي اطلعتموني عليه » ان معاليكم خصصص مفتش 
اداري للبلديات . اظن ان ذلك كان اقتراحاً مصيباً حيث هناك أعمالا 
جسيمة تتعلق بالبلديات ينبغي انجازها . ولكن اذا كان المفتش الاداري 
الذي يعين لهذا الغرض ينبغي عليه ان يشتغل بأمور الصحراء ا.لحنوبية 
أيضاً » انى أخشى أن لا يتمكن ذلك المفتش الاداري من أن ينصف 
نفس أو أعبالة..: لثلك أرى اله حت أن ركون مفتين اذاري -والند 
للبلديات » وأن يضاف مفتش اداري آخر لمنطقة الفرات خخمصيصا] الوظيفة 
في الصحراء الحنوبية . 

-١‏ علاوة على ما تقدم أرى أن يكون مفتش آخر في منطقة بغداد. ان 
مفتش لواء بغداد الاداري هو ني الوقت الحاضر عضواً في لحان متعددة: 
وتربطه هذه العضوية بالاقامة في البلدة مدة غير يسيرة . وأرى انه من 
من الحيف حرمان تلك اللجان من مساعدته . ان المسافة بين الحدين 


6 


الاول والثاني للمنطقة بعيدة جداً . ولا اعتقد انه سوف يكون بوسع 
مفتشين اداريين (5 ) القيام بأمور التفتيش بصورة مرضية » علاوة 
على أشغالهما في بغداد » وسوف لآ يكون في امكانهما تخصيص أي قسم 
٠‏ كذلك ينبغى النظر بي مسألة المرضى » والتغيب بالاجازة . كما لا يخفى 
ان عدداً يراوح بين الثاث واللنصف من المفتشين الاداريين يذهبسون 
بالاجازة في كل سنة » ولا يمكني أن أتصور - بدون ريبة شديدة - 
كيف يمكن تسيير الامور في مواسم الصيف » حينما تكون العشائر دائماً 
ميالة الى العربدة ‏ بوجود العدد المختص من الموظفين الذين يؤول اليه 
تطبيق اقتراح معاليكم . 
مو6_- لذلك أضع الاقراحات التالية  :‏ 
الوزارة - مستشار : 
معاون أول للمستشار . 
حمومي . 
البلديات : مفتش اداري واحد : 
منطقة يغداد : ( بغداد ‏ دياللي - الكوت - الدليم ) . 
المقر : بغداد ‏ " مفتشون اداريون . 
منطقة الفرات ( كربلاء ‏ الحلة ‏ الديوانية ‏ الناصرية ‏ الصحراء 
ا حنوبية ) . - 
المقر ‏ الديوانية . ٠‏ مفتشون ادازيون على أن يبقى أحدهم في الناصرية» 
حى أن ثم هيئة حسم منازعات الملاكية أعمالها » واذ ذاك يعاد 
النظر في أمر ابقائه هناك . 
منطقة البصرة ( البصرة ‏ العمار» . 


6١ 


0 


امقر البصرة - ١‏ مفتش اداري . 

منطقة كركوك : كركوك وأربيل . 

المقر يقرر بعدئف  ١‏ مفتش اداري . 

لواء الموصل - ١‏ مفتش اداري . 

لواء السليمانية - ١‏ مفتش اداري . 

في التوزيع المتقدم لد حذفت وظيفة المعاون الثاني للمستشار . اني في 
شك عظيم عن اصابة هذا العمل » وأود أن أسجل حقيقة واحدة وهي 
اننى قد أجد من الضروري أن أجلب أحد المفتشين الاداريين الى دائرتي 
اذا وجدت انه لا يمكن أن أقوم بأعمالي بمساعدة معاونين فقط . 

لقد أحطت علماً بالرجاء الوارد ني الفقرة الثانية من كتاب معاليكم وذلك 
أن أعطيكم أسماء المفتشين الاداربين الستة الذين أوصي بامهاء خدماتهم » 
وكذلك بيانكم في الفقرة الثالثة انه يحب ان ينفذ مكيروعكم برمته خلال 
السنة المالية الحالية . عير انني أود أن أذكر #عاليكم انه هن أول محادثتنا 
لقد بينت بأنه يحب أن لا تنتهي خدمات أحد المفتشين الاداريين . ان 
ان المأمروع الذي ينظر فيه الآن هو نجريبي . اني اؤمل - ولكني لست 
معتقداً ماما ان المامروع سوف ينجح وافتكر أنه هن الحطأ السماح لأي 
كان من المفتشين الاداريين بمغادرة القطر . فضلا” عن ذلك ان كافة 
المفتشين الاداريين لهم خبرة عظيمة عن الاحوال ال محلية » وأشعر ان 
من يعرك ااتفتيشس الاداري منهم في الامكان استخدامه مع الاسةفادة في 
وظيفة أخرى أعلم ان معاليكم يوافق على الرغبة في الاستمرار على 
استخدامهم » وانكم تسعون الآن لايحاد وظائف أخرى لهم . فبناء على 
ذلك ان كلانا نكون ني وضع يجلب علينا البغضاء فيما او قدءت اليكم 
الحدول الذي تطلبوه ولذلك أومل أن تعيدوا النظر في الاءر . 

أرى أنه يكون أحسن بكثير لو استمر المفتشون الاداريون في الخدمة 


١6, 


ا ب 


الى أن يعين أربعة منهم في وظائف أخرى . 

سوف يذهب المسر كيجنك بالاجازة في هذا الربيع » واقترح بقائه في 
أربيل حى ل ا 0 
لكنى الكابين أولدرمان ني بغداد بدلا" هن ديالي » وانني مستعد أن 


آني بالكولونيل ستافورد من الكوت ٠‏ والمسر آسين من ا حالا” 


عندما يمكنهما أن يحدا أماكن لاقامتهما . بنتيجة هذا تكون وجود أربعة 
مفتشين اداريين بي منطقة بغداد بي الوقت الحاضر ما لم يعين المسير لويد 
في وزارة العداية . 

في ٠نطقة‏ الفرات ان الكابئن كلوب يتردد على الحلة كقاعدة له » ولكي 
أوافق على ذهابه الى الديوانية حالا” عندها يجد له دارا فيها . 

في منطقة البصرة أقترح ابقاء الكابين البان في العمارة إلى أن نرى ما هي 
الوظائف الشاغرة في الدوائر الاخرى . كذللك أود أن أبقي الكابئن جاعان 
ف الوزارة حى أن يذهب الميجر ويلسون بالاجازة في الربيع . 

اذا وافق معاليكم على هذه الاقراحات فيمكن تنفيذ التغييرات بدون 
أن يحصل الاحتكاك الذي أخشى أن ينتج عن تطبيق مشروعكم . ألفت 
أنظار معاليكم الى أهر » وذلك ان السر إرنست داوسن قد وجنّه سؤالين 
الى المفتشين الاداريين الذين سوف نحتاجون الى وقت طويل لااجل 
الاجابة عليهما » وهذا يجعل التغييرات الاتية أمر غير مرغوب فيه . 
ومنعاً للتأخير لقد طلبت الى السر آرنست ان يزور الكوت والرمادي 
قبل الالوية الاخرى . 

أما بصدد المشروع من الوجهة العامة أود أن أذكر بأن المفتشين الاداريين 
الذين بمسهم الامر سوف صل لهم صعوبات كثيرة . فان كلهم تقر 
مزوجين » ولديهم عائلات » داعم في المستقبل سوف بجبر ون على 
تمضية وقت أطول بكثير بعيدين عن أهلهم . كذلك من الضروري أن 


١ق«م‎ 


تتغير ماعية أعمالهم في الالوية الي لا يقيمون فيها حيث سيطلب منهم 
أن يقوموا. بالتفتيش » ويقدموا التقرير عن اجراءات سبق ان اتخذت 
بينما انهم حبى 'لان كازوا متهيئين للاستشارة قبل أن يصدر المتصرفون 
أوامرهم. 

هذا السبب أرى انه سوف يصبح من الضروري أن يقرر بأنه ينبغي 
عليهم أن لا يقبلوا ضيافة الموظفين الاداريين » لكي يشعروا بأنهم لهم 
الحرية التامة ني كتابة |١‏ يرونه مناسباً . مع انني لا أعتقد بأن أحكامهم 
سوف تؤثر عليها واجب الضيافة البي يحدونها الا انه من البديبي أن يثقل 
عليهم الاقامة مع الموظفين الذين قدموا عنهم تقارير سيئة . فنظراً لما 
تقدم ولطول الوقت الذي سيكونون خلاله بعيدين عن بيومم يترتب 
على كل مفتش اداري أن يصطحب معه طباخ اضاني وان يبحمل معه 
النخيرة وتجهيزات أكثر لكي يتمكن من أن يعيش على الطراز الذي 
الذي تعود عليه .. 

اني أشعر بتأكيد بأن معاليكم لا ترغبون في أن يتكلف المفتشون 
الاداريون أكثر مالياً بسبب الترتيب الحديث الذي سبق ان بينت بأنهم 
سوف يكون أقل قبولا” لدمهم من أعمالهم الحالية وأأمل أن توافقوا على 
الاقنر احات. التالية الي أراها ضرورية لتأمين حسن انجاز وظائفهم بعد 
ملاحظة المصروفات الاضافية الي سوف يتكبدونها ووضعيتهم كو ظفين 


أقدمين . 


في كل مركز لواء حيث لا يوجد مفتش اداري مقيم أن تبقى دائرة 
المفتش الاداري ويبقى كاتبه ليشتغل معه ويقوم بمحافظة الالة الطابعة 
العائدة له والاضبارات الخ ... كذلك يجب أن تبقى أماكن سكى 
المفتشين الاداريين الحالية كدور اسير احة للحكومة حجر فيها غر فتين 
وغرفة استحمام للمفتش الاداري وحده يجب أن نجهز هذه بصورة 


١6غ‎ 


منظمة بمراوح في مومسم الحر وبمواقدٍ تدفئة في مومسم الشتاء ويكون فيها 
ناض ومحافظ ٠م‏ وكذالك توجد فيها أثاث كافية . 

بانج قلة #.نانة عور" المنتفين" الأدارفق :ف الزطادي: :والكوات: انرا 
والعمارة وأربيل هي ملك | لدكومة في بعقوبة تبقى دار المفتش الاداري 
الى اقترحت هذه الوزارة على وزارة المالية شرائها من المعتمد. الذي 
شييها ",اذا قور جعل مرك منطقة كركرك واريل عب #صيضن تداز 
اسراحة في كركوك . 

يحب أن تستمر طريقة تقديم غرف للموظفين المتجولين في مراكز الاقضية 
والنواحسي . 

1- انكل مفتش اداري سوف يحتاج الى ( كاتب مقيم ) واحد وهؤلاء يمكن 
بمكن الحصول عليهم من ملاك كتاب المفتشين الاداريين الحاللي . كذلك 
سوف يحتاج المفتش الاداري الى فراش متجول وهؤلاء يمكن الممصول 
عليهم من ملاك الفراشين الحالي وبذلك يرك المجال لاجراء بعض 
الاقتصاد . 

٠‏ ان المفتش الاداري يأخذ معه عادة سائق سيار ته وكاتبه وطباخه وفراشه 
ربعا يكفيه أن يستأجر سيارة واحدة علاوة على سيارته الخاصة ( واذا 
لا توجد سيارة حمل الى حد سيارتين ) . 
ملحوراظة : 
ان المفتشين الاداريين الذبن يفتشون أكثر من أواء واحد ولين الآن 
اشغال سيارتين . 

-١‏ يككون من الضروري الغاء حد !!( 5٠١‏ ) ميل شهرياً . كذلاك لماكان 
السعر المخفض لمخصبصات الاميال بعد ا[(( 5٠6٠0‏ ) ميل كان قد وضع 
لاجل عدم تشجيع القيام يحولات زائدة يحب أن لا يخفض السعر عن 


١ هه‎ 


النسية المقررة للاميال 50١٠ 4٠٠‏ كذلك يكون السعر بالنسبة الى اللواء 
الذي يكون السفر فيه لاجل تلائي المصروفات الاضافية البى سوف 
يتكبدها المفتثون الاداريون . ْ 
الطباخ . والذخيرة . والوقود. والتجهيزات . والا كراميات . الخ . 
يحب أن يقرر بأن كل مفتش اداري مكلف بتفتيش منطقة غير المنطقة 
الي يقيم فيها يحب أن يتقاضى مخصصات وظيفته . 

١‏ في الاخير لد بينت لمعاليكم بأنني أرى من الضروري أن تكون لي يد 
حرة في ارسال المفتشين الاداريين للخارج بوظيفة التفتيش كلما وحينما 
أريد ذلك وانه يجب أن بخصص اعتماد مناسب لهذا الغرض في الميز انية 
ولقد علمت بأنكم وافقتم على هذا . 
أخعال ان التغييرات المتصورة الآن سوف تستمر على كل حال حتى سنة 
9١‏ . 

التوقيع : مستشار وزارة الداخلية 


"” - قضية ضباط تفتيش الشرطة 
المكتب الحاص - 
١‏ كانون الثاني ١97٠‏ 
فخامة رئيس الوزراء 
الموضوع : ضباط تفتيش الشرطة 
بما ان عقود ثمانية من ضباط الشرطة ستنتهي في "٠‏ مايس 1917*٠‏ » وان 
عقود أربعة من مأموري المراكز البريطانيين تنتهي في أواخر سنة 197٠‏ . 
وبما ان ميزانية السنة المالية القادمة حت النظر الآن في وزارة المالية» وبما ان 
منهاج الوزارة يقضي بعدم نحديد عمود الموظفين غير العراقيين الذين تنتيمي 
عقودهم » لقد جرت بيي وبين مستشار هذه الوزارة بعض المذ كرات حول 


١65 


الموضوع وتبادلنا بعض الكتب . وما أن لديه بعض الآراء مختلف عما عزمت 
على اجرائه وقد حصل اختلاف بيننا حول المسألة ٠‏ أقدم لفخامتكم طيا صورة 
مذكرته المؤرخة ١4 ١-14‏ وحيث ان ما جاء فيها لا يتفق مسع ما 
أرتأي اجراءه بي هذا الباب . وهو ابقاء : 2 

؟ ‏ نائبي مفتش الشرطة العام . 

© ضابط تفتيش لألوية بغداد وديالي والكوت 

مشاظ حي اال ادا كراد وماد 

ه ‏ ضابط تفتيش لاوالي الديوانية والمنتفك والصحراء الحنوبية . 

. ضابط تفتيش لاوائي البصرة والعمارة‎ ١ 

- ضابط تفتيش للواني الموصل واربيل . 

/- ضابط تفتيش للوافي كركوك والسليمانية . 

4-المجموع فقط . 

أرجو أن يتفضل فخامتكم باحالة الامر الى مجلس الوزراء للبت فيه اذا 
وافقم - وقد قدمت في طيه صورة المذكرة اللي أرضلتها المنكار ‏ سايم 
والبي أجابي عليها بمذكرته الملمع اليها آنفاً للاطلاع . 

وزير الداخلية 
صورة الى/ 
حضرة مستشار وزارة الداخلية ‏ بالاشارة الى مذ كرته . 

التاريخ 5١‏ كاذون الاول 1978 . 
العدد اس .#70١١‏ 

حضصرة ااستشار المحرم . 

بالاشارة الى مذ كرتكم المؤرخة في 1418-1١17-1019‏ على كتاب مفتش 
الشرطة العام المرقم 405 والمؤرخ في 1١١1١4‏ 8؟9١.‏ 


١ /اه‎ 


أشك ركم جداً لانكم أتحم لي الفرصة لكي ا كنب لك باالدي. بين 
المطالعات حول هذه المسألة البي سبق أن تباحثنا عنها طويلا” . كنت أظن - فى 
خلال المباحئات الي جرت 5 حول ضباط التفتيش والموظفين 0 
الأحريى اللتحدين سنو الغ طه المامةاح د اا سجدا كر بفرزة اعخر أو 
أكير بأمل الوصول الى حل مرضى يتفق عليه بيننا في هذا االمحصوص . أما 
وقد تسلمت مذكرتكم المشار اليها آنفاً مع مربوطها فأني أرى »ن واجبي 
أن أبين لكم نحريراً أيضاً آرائي المستندة على منهج الوزارة الي تشرفت بدخولي 
عضواً فيها. 

أرى بصورة عامة ان الحكومة العراقية غير مقيدة بأن تجدد عقود 
ضباط تفتيش الذمرطة مثلا” . واذا لاحظنا مدد المقاولات الممنوحة الى هؤلاء 
الضباط ٠‏ نجد انها تختلف كثير أ إذ هي تتراوح بين ال ٠١‏ واله وال" سنوات . 
ويستدل من هذا استدلالا” قطعياً ان الحكومة العراقية ‏ عند اعطائهم مقاولاهم 
- قدرت بصورة دقيقة الحاجة الي تبرر استخدام هؤلا الضباط بتلك المدد , 
وامها ‏ بطبيعة الحال ‏ تستغني عنهم . أي لا تبقى لها حاجة في استخدامهم 
عند انتهاء مدد مقاولاتهم . والا لم يكن هناك معى اوضع مدد مختلفة 
لاستخدامهم ولحعلت مدد مقاولانهم جميعاً متساوية أي ٠١‏ سنوات مثلا . 

لا أود أن أناقش مفتش الشرطة العام على ما جاء في كتابه فيما يتعلق 
بتو مع بعض أعمال الشرطة في بعض أقسام الالوية الشمالية » ومن جملتها 
منطةة النفط في لواء كركوك » وبعض أنحاء لواء السليمانية النائية . لاني لا أريد 
ان أقلب الحالة رأساً على عقب . بل غاية ما أتوخاه هي أن نستغني عن خدمات 
من لا توجد حاجة لابقائه ٠ن‏ ضباط تفتيش الذر طة» والاستفادة بصورة تامة 
من خدمات وخيرة من يتفق على بقائه منهم . واني لا انكر أيضاً التوسع الذي 
حصل ني أعمال الشرطة في الصحراء الحنوبية . وبالطبع فانه عند البت في المسألة 
نهائياً ستؤخخذ الاعتبارات الحقيقية في نظر الاعتبار . غير انني وددت أن المح 
هنا إلى ما بينه مدير الشرطة العام في كتابه المربوط من ان تعيين ضايط بريطاني 


١ مه‎ 


ني منطقة السايمانية في حينه لم يكن في نظاه ناشئاً من عدم وجود من هو أهل 
اتلك الوظيفة بين الضباط العراقيين » بل ان الحالة الاستثنائية السائدة في ذلك 
الوقت هي الي أوجبت التعيين المذكور » وهذا يخالف ما قاله مفتشى الثرطة 
العام من انه لم يكن يوجد مدير شرطة عرائي الذي كان يعتبر [ يلقل بت 
مقتدراً لتنظيم الشرطة في لواء السليمانية الى آخره ... ثم انه بعد أن يعرف 
مفتش الشرطة العام بكفاءة الشرطة . الامر الذي هو ظاهر ظهوراً واضحاً 
في استتباب الامن العام ووجود الهيبة المطلوبة الحكومة بي البلاد . 

لابقاء العدد ال حاللي لضباط التفتيش » الذين ستنتهي مقاولاهم في السنة 
الآتية . ومن المعقول جداً ان يستخدم العدد الذي يبقى من هؤلاء الضباط 
- أي الذين لا تنتتهي مقاولامهم في السنة الاتية ‏ في مناطق معينة » وهذا معناه 
أولا - تطبيق سياسة الحكومة باعطاء عقود معينة ومحدودة بموجب الحاجة 
للضباط المبحوث عنهم . وثانياً : تدريب الشرطة العراقية بمقياس أوسع من 
المقياس الحالمي على أعمالها المختلفة . 

وبصدد ما بينه مفتش الشرطة العام من لز وم عدم اجراء تخفيض شديد 
في هيئة موظفي تفتيش الشرطة البريطانيين » وعن الثناء على كفاءة ضباط 
تفتيش الشرطة وأعمالهم . وعن عدم اتّصاف مديري الشرطة العراقيين كاماً 
بصفاة العدل والنظام والكفاءة » فاني أبين آرائي ما بلي : - 

اني لم استحسن اللهجة الي استعملها مفتش الشرطة العام في ما كتبه 5 
هذا الباب . وكنت أود أن تكون عبارات القسم المتعلق بهذه النقاط من كتابه 
أقرب الى مراعاة أسلوب المخابرة الرسمية » ولكن هذه نقطة غير جوهرية . 

في الحقيقة انني لم أكن أعلم » الى أن و صلي كتاب مفتش الشرطة العام » 
ان من جملة وظائف ضباط تفتيش الشرطة أن يأخذوا على عاتقهم مسؤولية 
التنفيذ والمحافظة على الامن العام انما الذي أعرفه كما انه يفهم جلياً من الاسم 
0 أطلق على ضباط التفتيش ) ان وظائفهم الاساسية تنحصر في التفتيش 


١648 


والارشاد» وتقد.م المملاحظات اللازمة الى المهات المختصة لادخال ما يرونه 
لازماً من الاصلاحات في خدمة الشرطة العامة . ويمكن وصبف وظائفهم بصورة 
موجزة بأنها تفتيشية واستشارية فقط » وليست لا أية صبغة اجرائية . لذلك 
وبالنظر الى ما قلته آنفاً حول حالة الشرطة العمومية المرضية » لا أرى مندوحة 
من اجراء التخفيض كا سبأتي تفصيله . وني هذا الصدد أوجه نظركم بصورة 
خاصة الى مطالعة ما جاء قي هذه الفقرة » وهو التمكن من الاستغناء عن تمانية 
ضباط تفتيش » وهم الذين ستنتهي عقودهم في السنة الآتية . 

واني مع تقديري للخدمات والاعمال اللي أداها ضباط تفتيش الشرطة 
لتحسين حالة الشرطة العراقية بصورة عمومية » لا بمكنبى أن أقبل الاوصاف 
الي وصف مفتش الشرطة العام مدراء الشرطة الغا و تنا ٠‏ كما اني اوْ كد 
تماماً ما جاء ف الفقرة الرابعة من كتاب مدير الشرطة العام المربوط » وأؤيد 
ان الارشادات البى قدمها ضباط التفتيش منذ تشكيل الشرطة العامة كافية 
لحصول التحسن المطالوب في كفاءة مديري الشرطة من حيث العموم : 
وبدرجة يتمكن معها الاخيرون من تحمل أعباء المسؤولية الملقاة على عواتةهم 
عند الاحتفاظ بمن سيقرر بقاؤه من ضباط التفتيش . كما نوهت بذلك فيما 
سبق . والنقطة المهمة الي ترد على الخاطر في هذا الباب هي : إذا لم تكن كل 
الارشادات البى قدمتها هيئة ضباط تفتيش الشرطة البريطانية في طول هذه 
المدة كافية لتأمين كفاءة مدراء الشرطة العراقيين على اداء واجباهم ٠‏ بالرغم 
من الاحتفاظ بعدد معقول من ضباط تفتيش الشرطة البريطانيين ٠‏ فأين تظهر 
فائدة تلك الارشادات ؟ وما هى قيمتها اذاأ؟ وبصدد هذه اللحهة أبين أيضاً 
اذا سلمنا جدلا” بصحة ما قاله مفتش الشرطة العام في هذا الباب - ان اللوم 
لادوجه الى مدراء الشرطة العراقيين بل يمع على مديرية الشرطة العامة نفسها , 
وفي ضمنها مفتشية الشرطة العامة ( وهي الي تعتبر مسؤولة في أول درجة عن 
نتحسين كفاءة الشرطة ) فاذا دقى الانسان قُ تشكيلات مديرية الشرطة العامة 
الحالية لا د ان مفتشية الشرطة العامة قد اهتمت اما نبجب بي تقدبم التوصيات 


1١ 


للازمة باحداث تأسيسات يتمكن بواسظتها من الحصول على ضباط شرطة 
عراقيين مدر بين تماماً : ولا يوجد الآن إلا مدرسة واحدة للمفوضين فقط » 
ولم تحدث هذه إلا قبل مدة غير طويلة . أفماكان بيجب بعد ان تعلم مفتشية 
الشرطة العامة ان عدداأً من ضباط تفتيش الشر طة البر يطانين ستنتهي عقودهم 
ني أوقات معينة - ان توصي تلك المفتشية باجراء ما يلزم من النرتيبات لتأمين 
الحصول على ضباط شرطة عراقيين أكفاء. لا سيما كان يحب أن تعلم ان 
ضباط تفتيش الشرطة البريطانيين سوف لا نجدد عقودهم بطبيعة الخال عند 
انتهاء عمقودهم اا اذا كانت جازمة على ان الحكومة ستجدد عقودهم » 
وهذا ليس من شأنها ) لذلك فاني أراني قا بتوجيه اللوم والعتاب على عدديرية 
الشرطة العامة بصورة عامة ‏ ومفتشية الشرطة العامة بصورة خاصة ‏ . 

فبناء على ما تقدم » وبعد أن أخذت كل ظروف القضية بنظر الاعتبار : 
لا أزال متمسكاً برأيي السابق » وهو انه يحب أن لا تحدد عفود ضباط تفتيش 
الشرطة البريطانيين الي ستنتهي في "١‏ مايس سنة 19٠‏ م. وعددهم تمانية . 
وكذلك يحب ان لا نجدد عقود «أموري المركز البريطانيين اللي ستنتهي في آخر 
كانون الاول سنة ١917٠‏ وعددهم ١‏ ). وانبي مقتنع من ان هذا التخفيض 
يمكن اجراؤه هن دون أن تتأثر بصورة سيئة قيمة هيئة التفتيش البريطانية في 
الشرطة العامة » وانه بمكن تأمين حسن ادارة الشرطة العمومية بالعدد الذي 
يبقى من ضباط التفتيش البريطانيين . وحيث اني لاحظت من مذكرتكم ان 
حضرتكم تعتبرون بقاء ١1‏ ضابطاً من ضباط تفتيش الشرطة ضرورياً » وان 
هذا العدد هو الحد الاصغر في نظركم » فيظهر من هذا انه يوجد بعض 
الاختلاف في آرائنا فهل ترون أن نراجم رئيس الوزراء أو مجلس الوزراء 

فأرجو بيان ملاحظاتكم النهائية على ما تقدم في أول فرصة . واقبلوا مزيد 
احنرامي . 

الوزيسر 


١"6ا‏ سبرة وذكريات )١١(‏ 


صاحب المعالي الوزير 

لقد تذا كرنا بامعان في مسألة نمجديد عقود ضباط تفتيش الشرطة الي سوف 
تنتهي في شهر مايس المقبل . وحيث لم نتمكن من التوصل الى اتفاق تام , 
قررنا عرض الاآمر على مجلس الوزراء . 

قبل أن تكتبوا معاليكم الى سكرتير مجلس الوزراء أود أن أدون آرالي 
على الورق لكي يعلم معالي الوزراء ما افتكره بصيدد الامر . 

لقد اخبرت معاليكم بأنه ولو انني- لأسباب عمومية ‏ أرى من المستحسن 
تجديد عقود كافة |/(8 ) عقود أرى أنه من الممكن ‏ لاسباب اقتصادية - 
الاستخناء عن أر بعة من هؤلاء الضباط بدون أن تمس كفاءة هيئة التفتيش بدرجة 
#طسرة. 
؟ -كذلك قلت لعاليكم شفهياً بأني أعتبر هيئة قوامها ١١‏ ضابطاً هي أقل ما 

يمكن: » اذا أريد الاستمرار على جعل المفتش مؤثر . وانني أقترح نويع 

هؤلاء ا يلي : - 

المقر : مفتش الشرطة العام . 

نائب مفتش الشرطة العام الميجر كونتس . 
نائب مفتش الشرطة العام الميجر ويلكنس . 

شرطة القطار ‏ ضابط واحد . 

لواء الملوصل - ضابط واحد . 

لواء اربيل وكركوك ‏ ضابط واحد . 

زواء السليمانية : ضابط واحد . 

لواء بغداد 

لواء ديالي ضابط واحد 

لواء الكورت | 


دل 


لواء الدليم | : 


لواء الحلة ضابط واحد 
لواء كر بلاء | 
لواء الدرو أنمة 
و دوائمة ال اا 

البادية الحذوبية ظ دعن 
لواء الناصرية : ضابط واحد 
لواء | ه6 

0 فاط انود 
لواء العمارة ١‏ 1 


لقّد درس معاليكم هذا التوزيع بدقة » وعلمت انكم توافقون عليه 
باستثنائين  :‏ 
أ - تفتكرون انه يحب أن يكون ضابط واحد للاواني الموصل وأربيل : 
وضابط واحد للواني كركوك والسليمانية » فيكون مجموع اثنين 
بدلا" من ثلاثة للالوية الشمالية . 
ب - ترون ان ضابط واحد كاف للديوانية والناصرية والبادية الحنوبية . 


4 أما عن الشمال » في لواء الموصل قوة شرطة عدد رجالا ١١6١‏ وفيه ١5‏ 
مركز للشرطة و 4ه مخفر دانمي . ان مخافره منتشرة في قطعة واسعة جداً . 
ويدخل فيها حدود طويلة تقابل تركية وسورية حيث تقع الحوادث على 
الدوام » وحيث المواصلات الداخلية صعبة جد . مثلا” ان تفتيش المخافر 
على الحدود التركية يستغرق اسابيع . هناك رؤساء عشائر أقوياء مشكوك 
في ولالهم » وهناك أيضاً شيخ أحمد البارزاني ومنطققه ليست نحت 
السيطرة . من الضروري أن يكون انضباط الشرطة على سوية عالية جدا ؛ 
وان ضابط تفتيش واحد يتفرغ بكل وقت بالكاد يمكنه انجاز وظائفه . 
كذلك في أربيل هناك اححاء جبلية نائية » والمواصلات صعبة ٠»‏ وحيث 


اللدل 


بمككن لقوة شرطة مدربة جيداً جداً فتنتظر أن تثبت قدمها فيهما كا 
وان الشيخ أحمد البارزاني خطر على هذا اللواء . 

يو جد شغل كافي لأكير من ضابط تفتيش واحد ني أربيل وحده . وباضافي 
كركوك على ذلك اشعر بأني قد ذهبت الى أقصى حد ممكن اذا أريد أن 
يستمر التفتيش كما يرام . 

في نظري ان أواء السليمانية ‏ كنواء الموصل - يمحتاج الى خدمات ضابط 
تفتيش واحد يخصص كل أوقاته لشؤونه . ان هذا اللواء قد أخذ السيطرة 
الادارية قبل مدة وجيزة نسبة . وهناك أنماء ( مثل البشدر وشيللر ) لا 
توجد فيها ادارة » وني انحاء أخرى فأن الآدارة هي أكثر من الاسم 
لو أخذنا الشمال برمته بنظر الاعتبار » وكذلك مومم الاجازات انني اعتبر 
ان ثلائة ضباط تفتيش هو أقل عدد ممكن . 


ه نرجع الى مشكلة الحنوب . ان الاحوال في الديوانية ٠‏ والناصرية » 
والصحراء الحنوبية » تختلف عن غيرها » ولكن هناك عين الاحتياج 
لتأمين ابقاء قوات الشرطة على سويًّة عالية من الكفاءة » وذلك لقيامها 
بمكافحة الحرائم الاعتيادية وكذلك مراقبة العشائر . 
في الصحراء الحنوبية ان القوة الآلية المسيمة سوف محتاج الى وقت طويل 
الى الاهتمام الدائم من قبل ضابط تفتيش » اذا أريد منها منع غزوات 
الاخوان كا ينبغي » وقد يطلب الى ضابط التفتيش ان يقضي الاسابيع في 
الصحراء كما يفعل الكابئن بتلوف الآن . اذا نفذ اقتراح معاليكم سوف لا 
يبقى أحد » نظراً لهذه الظروف ٠»‏ لتقوم بأمور التفتيش المعتادة في الديوانية » 
والناصرية » أو أن بمد يد المساعدة اذا حدث طارىء آني . 

كنا بينت لكم أرى ان الناصرية تحتاج الى ضابط تفتيش واحد مخصص 


1» 


كل أوقاته » ولكن اذا حدئت وضعية غير اعتيادية في لواء الديوائية . 
وني الصحرا الحنوبية في وقت واحد » فيمكن اذ ذاك أن يرسل ضابط 
التفتيش المذكور الى الديوانية موقتاً . 


١‏ في النهاية أود أن أبين بأن بين الثلث والنصف من هيئة التفتيش في الشرطة 
يأخذون اجازة كل سنة . بموجب مشروعي أن التفتيش يقلل الى أقل حد 
ممكن في الصيف . ولكن حسب اقتراح معاليكم يحب أن يوقف بالمرة في 
بعض الالوية . 
لفد نظرت بدقة في مسألة مناطق التفتيش الممكنة » وأرى انه ليس من 
الانصماف بحق ضباط التفتيش أنفسهم أن يطلب إليهم أن يقوموا بتفتيشات 
بنطاق أوسع ما اقترحت . واني أقدم بالكلام الى حد ان أقول بأنه اذا 
لم تقبل آرائي فيكون من ا لمستحسن ترك قسم من قوة الشرطة بدون أي 
تفتيش اما . طبعاً انني لا أوصي بذلك » ولكن أرى ان ذلك أحسن مما 
ان يطلب ضباط التفتيش القيام بمهمة خارجة عن وظائفهم . 

6" - قضية انود المستخدمين في مديرية الشر طة العامة 

7" "كانون الثاني ١417*٠‏ 

المكتب الخاص ‏ 

سري ومستعجل جداً 

فخامة رئيس الوزراء 

الملوضوع / الموظفون الحنود المستخدمون 
في ادارة الشرطة 

كان من ضمن الامور الي تذاكرت بشأنها مع مستشار هذه الوزارة فيما 
يتعلق بتنقيص عدد الموظفين غير العراقيين » قضصية الاستغناء عن خدمات 
عناية الله شاه معاون ضابط جوازات السفر والاقامة » ورئيس فرع البصرة 


لاحل 


من الشعبة الحاصة في ادارة التحقيقات احنائية » والمفوضين منظور واحد 
ومحمد ابراهم الموظفين ي قلم طبع الاصابع في الادارة الانفة الذّ كر فلم 
نتمكن من الوصول الى اتفاق مرضي في هذا الشأن . وقد أرسل الي" ايع 
المذكرة المرفقة صورمها المتضمنة آراءه ابي تنضمن عدم امكان الاستغناء عن 
خدمات هؤلاء الموظفين غير العراقيين . وحيث اني لم أزل متمسكاً برأبي 
بلزوم الاستغناء عن خدمات عناية الله شاه » ومحمد ابراهيم حالا” ومنظور 
واحد » حالما يم تدريب موظف عرائي في اشغاله على أن يتم ذلك قبل ١‏ 4 
١9٠‏ نظراً الى أن وظيفته فنية واختصاصية » أرجو أن تتفضلوا ‏ اذا 
وافقمم - باحالة هذه القضية الى مجلس الوزراء لاصدار قراره فيها واعلامي 
النتيجة . 
وزير الداخلية 

صورة الى/ 

حضرة مستشار وزارة الداخلية ‏ بالاشارة الى مذكرته . 

صاحب المعالي 

حيث لم نتمكن من الوصول الى نتيجة عما اذا كان من المستحسن 
الاستمرار على استخدام كل من عناية الله شاه ( معاون ضابط جوازات السفر 
والاقامة في البصرة » والضابط المكلف بالشعبة االخاصة من ادارة التحقيقات 
الحنائية ) والمفوضين منظور واحد » ومحمد ابراهيم ( في مكتب طبع الاصابع ) 
لقد اتفقنا على عرض قضيتهم على مجلس الوزراء . 

أود أن يعلم اصحاب المعالمي الوزراء الاسباب الي أدت الى توصياتي » 
وأشعر اني لا يمكني أن أفعل أحسن من ان أرسل مذكرة وضعها الميجر 
ويلكنس » والتي يوافق عليها مفتش الشرطة العام واناكل الموافقة . 

مستشار وزارة الداخخلية 


لحل 


مذكرة وضعها ميجر ويلكنس 

عناية الله شاه : 

انه في الوقت الحاضر مفوض شرطة من الدرجة الثانية على ملاك الشرطة 
الاعتيادي . كذلك يتقلد وظيفة معاون ضابط جوازات السفر والاقامة يي 
البصرة » ووظيفة رئيس الشعبة الخاصة في البصرة في ادارة التحقيقات الحنائية . 

ان معظم المسافرين بطريق البصرة هم من المنود ء كنا وان نونية أكبرية 
لبواخر الي تأتي الى ميناء البصرة هو هنود أيضاً » ولذا فمن الضروري - من 
وجهة نظر البوليس ومن الوجهة العامة أن يكون الضابط الذي يتعاطى معهم 
ملماً باللغات والعادات الهندية » وكذلك باللغة الانكليزية إلماما تاماً . أما عن 
أشغاله العامة المتعلقة بأمور ادارة التحقيقات الحنائية فانه خبير في التحقيق » 
ويعزرى اليه اكتشاف كافة الحرائم المهمة ابي وقعت في البصرة : وألفت نظركم 
بصورة خاصة الى القضايا الآتية : 

قضية القنل في رصيف العشار : قضايا القنل والسرقة بي التنوأمةء 
والنجاح قي هذه القضية ادى الى اعجاب العالم الحار.جي بكفائة شرطة العراق. 
انه من الضروري يكون ضابط شرطة له معلومات خاصة في البصرة نظرا الى 
جسامة عدد الطائفتين الانكليزية والهندية فيها . لا يمكنبي ان اقترح تبديله في 
الوقت الحاضر . 

ليس هناك شخص لا يمكن الاستغناء عنه » ولكن من رأيي ان الحكومة 
لا تفعل الصحيح اذا اخرجته . 
الفوض منظور واحد , والمفوض محمد ابراهم : 

ان كل من الضابطين المذكورين خبير في فن طبع الاصابع . أخذت 
خدمات المفوض منظور واحد من مكتب طبع الاصابع في شرطة ينجاب 


1١6 / 


( فيلور ) وأخحذت خدمات المفوض ابراهيم محمد من ادارة نائب تفتيش الشرطة 
العام لادارة التحقيقات الحنائية في مقاطعة السند (كراجي ) للأول خبرة سابقة 
تبلغ ١4‏ سنة » والثاني او سنوات . 

منذ تأسيس الحكومة العراقية الحاضرة كان يوني بالموظفين العراقيين 
لتدريبهم في قلم طبع الاصابع ليصبحوا خبيرين . في أول الامر كان يفتكر 
ان مدة خمس سنوات تكون كافية لايصاهم الى السوية المطلوبة ولكن اتضح 
بعدئذ بأن هذا التقدير كان قليلا” » لأنه ولو ان المفوضين الذين يشتغلون الآن 
في مكتب قلم الاصابع » لا زالوا يتتقدمون في العمل » ويقومون بالاشغال 
الاعتيادية . الا انه بعد التدقيق والفحص الزائد جداً » أمكن وقوع أغلاط 
خطرة في معرفة الأشخاص الذين سبقت هم محكوميات . أما من جهة معرفة 
الاشخاص من بصمات الاصابع وغيرها الي يتركونبها في أماكن الجرم » 
فامهم في الوقت غير لا بمكنهم اعطاء الاجازة في هذا الشأن مما يصبح الاعتماد 
عليها. 

لاجل اعطاء ( بينة خبير ) من هذا النوع من الضروري جداً ان نقدم 
اخصائيين مختلفين بوسع كل منهما تقديم بينة مستقلة في الرد على المناقشات 
الشديدة الي يكونون فيما يتعلق بآرانهم . ان المحاكم المدنية والحزائية في 
العراق تعتمد في الوقت الحاضر اعتماداً كلياً على شهاداهم في طبع الاصابع » 
ولكن غلطة واحدة مهدم كل هذا الاعتماد الذي هو ثمرة جهود استغرقت 
وقتاً طوبلا” . كما وان سوف لا يبم به أي قلم طبع أصابع تابع لادارة جنسية . 

لقد أدى هذا القلم أعمالا”' مستحسنة جداً في اكتشاف الحرائم بواسطة 
طبع الاصابع وغير ذلك . فمن هذه الوجهة فانه لا يعد متأخراً عن المؤسسات 
الاخترى العظيمة من ذوعه . 

أود أن أذكر شيء » وذلك بدون ان أتطرق الى تفاصيل ومعلومات 
كثيرة عن أصول الاشغال من هذا النوع . وذلك ان حرية الشخص » وعلى 


54 


7 حياته تكون احياناً متوقفة على الآراء الي يدلي بها الى المحاكم الحبير ين 
بع الاصابع ؛ وعلى الشهادات الي يصدرها مكتب طبع الاصابع ويجوز 

5 تيه علاقة طبع الاصابع 5 الشرطة كعلاقة المختبر السريري في ادارة 
الصبحة . 

اذا كان في النية أن يستمر على منزلته اللي تساوي المصروفات واللحهود 
الي بذلت في سبيل تمسينه منذ أن تأسس نادي أن يستمر ايضاً على اصدار 
قرارات لا يمكن مخطئتها » وان مثل هذه القرارات لا يمكن اصدارها إلا" اذا 
المكتب نحت رئاسة اختتصاصيين . واذا ترك المكتب بدون هؤلاء فاننى أتأسف 
أن اعفن م المدؤولة عل القرارات والتقارين الداذرة متدي ١‏ . 

أزيد على ما تقدم انه وان كنت أنا مدرب تدريباً كاملا" في أصول طبع 
الاصابع » وسبقت لي خدمة 7١‏ سنة في وظائف الشرطة العامة » ولكن 
بالرغم من ذلك لا أرى نفسي خبيراً » مع انه بوسعي تدقيق اشغال ا حبيرين . 
لربما تبجدون هذه الملاحظة غريبة » ولكن اختباري » وأظن ان ضباط الشرطة 
الآخرين يؤيدوني في ذلك ؛ دل" على ان هناك شيئاً غريباً في تكوين اخلاق 
لمنود. وذلك امهم بواسطة مقدرمهم على الاهتمام بدقة زائدة الى التفاصيل 
يكونون من الحبير ين الناجحين في فني طبع الاصابع ) ولكي مع الاسف 
إن خبرتي بالعراقبين أظهرت لي بأن في معظم الاحوال امم لا يملكون هذه 
الميزة أو على الاقل انها ليست متقدمة فيهم . 

في باديء الامر ان كافة موظفي قلم طبع الاصابع كانوا من المنود , 
ولكن بعد الفشل في ميزات متعددة أمكني تدريب عدداً كافياً من العراقيين » 
وأصبح بذلك اعادة كافة هؤلاء.الهنود ما عدا الباقين منهم أمراً متيسراً . 

اذا اقتضى تنفيذ الاقئراح ‏ فضلا” عن مسألة الكفاءة ‏ ان عدد الموظفين 
الحاليين سوف لا يكون كافياً » ويترتب على ذلك تدريب أشخاص في وظائف 
الآخرين الذين سوف يخلفون الهنود . 


6 


ان هذان الحنديان فيما يتدرب موظفي قلم طبع الاصابع من العراقب 
بنجاح كما وانه قد جرى تدريب ما يقارب !٠ه‏ شخص من أفراد وضباء 
- علاوة على كافة مفوضي الشرطة الذين يدرسون ي مدرسة الشرطة ‏ ء 
أصول طبع الاصابع . ومبذه الصورة فقط أمكن اعداد قود صحيح 
للمجرمين المحكوم عليهم . في النهاية أرجو ان تتفضلوا بتوضيح الوضه 
وبنتائجها الى صاحب المعاللي الوزير » وان تسجلوا على رأي الاكيد. وه 
وان الوقت لم بحن بعد للاستغناء عن هذين الحبيرين وانه اذا تقرر ميات 
الاستغناء عنهما فانني أرجو بكل احترام عفوي عن المسؤولية عن صحة ك 
قرار أو شهادة تصدر من قلم طبع الاصابع ٠‏ كا واني سوف لا أنمكن م 
التوقيع مع راحة الوجدا ن - على شهادات الضباط الذين لا اعتماد لي عليهم 
كذلك يحب اخبار كافة المحاكم وأقلام طبع الاصابع الاجنبية عن الاستغز 
عن ا حبير ين الاكفاء ليكونوا على علم من مقدار الاعتماد الذي يحب أن تضء 
في أعمال قلم طبع الاصابع هنا . 

في الحقيقة تصبح اشغال قلم طبع الاصابع منحصرة في تصنيف أورا 
المحكومين » وتقديم التقارير على محكوميات الاشبخاص السابقة » وكذلا 
يضطر القلم بصورة أكيدة الى ان يرفض فحص المستندات والقيود ويصماء 
الاصابع الي ينرك أثرها الحناة » وكذلك تصاوير تلك البصمات وتكبيرا: 
وكافة الأعمال الفنية الي كان يقوم بها الحبيرين اهنود من قبل . 


في مجلس الوزراء 
اجتمع مجلس الوزراء وحضر مستشار وزارة الداخلية الحلسة الي ط رحد 
فيها القضايا الثلابث المذكورة أعلاه . وبعد أن تلى السكرتير نصوص الوثا' 
المذكورة » استمع المجلس الى افادة المستشار فاذا هي لا مختلف عما ورد 
كتاباته . ولا تأيد لرئيس الوزراء اصراري على وجهة نظري المدونة في الوثا: 


ين 


الي تليت » أذن للمستشار بمغادرة الحلسة » وقرر تأييد وجهة نظري . ود 
كانت مقررات مجلس الوزراء لا توضع موضع التنفيذ إلا" بعد أن يصادق 
المللك عليها » وكانت هذه المصادقة مشروطة بموافقة المعتمد السامي عليها ؛ 
فد طلل المعتمد الى الملك أن يوقف موافقته على المقررات » موضوعة 
البحث » وهكذا تأزم الوضع وبدأت آثار الاصطدام تظهر للعيان فاضطرت 
الوزارة الى ان تتقدم بكتاب استقالتها الى الملك في التاسع من آذار ١6٠‏ 
وفيما يلي نص كتاب الاستقالة وجواب الملك الصادر بقبول هذه الاستقالة في 
الحادي عشر من الشهر المذ كور . 
بغداد في 4 آذار سنة :*#٠‏ 

سيدي صاحب الحلالة 

تعلمون جلالتكم ان حزب التقدم الذي هو حزب الاكرية في مجلس 
الامة » مث.هور عنه ان خخطته في معاحة شؤون الدولة مبنية على أساس التفاهم 
والتآزر مغ رجال حليفتنا حكومة بريطانيا العظمى . وقد سار على خطته هذه 
من دون أي انحراف أو شذوذ عنها » جاعلا له هدفاً واحداً وهو اعلاء شأن 
هذه البلاد ماديا وأدبياً حنى تصل الى المكانة الي تستطيع أن تتبوأ بها مركزاً 
لائقا بين الامم » وباذلا” في نفس الوقت جهده لتوثيق عرى الصداقة والتحالف 
مع بريطانيا العظمى » لاعتقاده ان استمرار هذا التحالف ثما تتطلبه مصالح 
البلدين المشيركة . 

ان هذه الوزارة والوزارات السابقة الي تنتمي الى حزب التقدم : راعت 
سياسة الحزب بحذافير ها » واتبعت مبادئه بتمامها رغماً عما كان يوجه اليها 
من الانتقادات المرة » وامهامها بالاستسلام لمشيئة الموظفين البريطانيين » سواء 
كان في مجلس الامة أم على صفحات الصحف ٠»‏ ولكنها لم تعبأ كثيراً بمثل 
الانتقادات والاعير اضات لاعتقادها ان السياسة الي تنتهجها هي خير ما يمكن 
أن تؤدي الى ري البلاد ووصوها الى الهدف الاسمى الذي لبتغيه . 


١ا/ا‎ 


ففي سند 4 عندما حان موعد مطالبة الحليفة ببعض ال حقوق البي نصت 
عليها المعاهدات المعقودة بيننا ‏ كطلب ترشيح العراق للدخول في عصبة الأمم , 
وتعديل الاتفاقيتين : العسكرية والمالية» أخذ حزب التقدم هم اهتماماً خاصاً 
بالمفاوضات البي شرع بها في هذا الصدد . وقدكان قوي الامل بأن الحليفة لن 
تتأخر عن اجابة العراق الى مطالبه المشروعة المؤيدة بالمعاهدات والوعود ؛ 
وان النتائج المرضية الي . ستنجم عن هذه المفاوضات ستتيح للحزب فرصة 
مناسبة لدحض انتقادات المتطرفين » وللبرهان على السياسة الرشيدة الى 
اتى اختطها الحزب لنفسه . غير انه لما باءت المفاوضات بالفشل ‏ استولى على 
الوقن بأس شديد فلم ير مندوحة من الاصرار على التمسلك بالاقبراحات 
الي وضعتها الوزارة آنثذ » وكان من جراء ذلك اضطرار المرحوم عبد المحسن 
بك الى تقديم استقالته . 

على ان الحكومة العراقية ما فتثت تنتهز الفرص للتدليل على صحة وجهة 
نظرها » وأحقية مطاليبها . وعندما عين المرحوم السر جلبرت كلايئن معتمداً 
سامبا » أعيدت المفاوضات معه » وكان من نتائج التوصيات الي قدمها الى 
حكومته ان صرحت حكومة صاحب الخلالة البريطانية بعزمها على ترشيح 
العراق للدخول في عصبة الامم في سنة 1917 من دون قيد وشرط » وعلى 
الدخول في المذاكرة لعقد معاهدة جديدة على أساس الاقراحات للاتفاق 
الانكليزي ‏ المصري لتنظيم العلافات بين اللمدين بعد ذلك التأريخ الامر الذي 
أوجب الارتياح للشعب العراني » وللحزب واركانه » ما حدا بالمرحوم عبد 
المحسن بك وزملائه لقبول حمل المسؤولية الي أم رتم بها جلالتكم . 

وبعد اعلان هذا التصريح » قام المرحوم عبد المحسن بك السعدون بتأليف 
الوزارة بشروط وضعها مع زملاثه في منهاج الوزارة » وهذه تنطوي عل 
اتخاذ بعض التدابير الي من شأنها أن تجعل الحكومة العراقية متولية المسؤولية 
التامة عن ادارة المملكة خلال الفرة القصيرة لحين دخوها الى عصبة الامم . 
وكان المرحوم وزءلاؤه يعلمون جيداً ان المستشار ين البر يطانيين قد أطلعوا على 


١/1 


المنهاج المذكور ٠‏ كما انه عرض على المعتمدين الساميين بالوكالة آنئذ فلم يبديا 
ملاحظة عليه . وكانت الوزارة تعتقد أيضاً ان مساعدينا ومعاونينا من الموظفين 
البريطانيين شاعرون بنفس الشعور اللي تشعر به الحكومة العراقية » وانهم 
سيساعدونها على تنفيذ التدابير الي وضعتها لدور الانتقال . إلا ان الوزارة 
ما كادت تشرع ف العمل حبى صادفت صعوبات » وجاببت مشا كل عديدة 
ما جعل رئيسها المرحوم عبد المحسن بك يشعر بيأس عظم حمله على الانتحار . 

وعندما صدرت ارادة جلالتكم بتأليف الوزارة الحاضرة » لبيت أنا 
وزملائي » وكلنا من أعضاء الوزارة السابقة » نداء جلالتكم حالا رغبة منا في 
تسكين ا حواطر وتطمين الافكار الي كانت قلقة جد على أثر حادئة الانتحار 
المعلومة . وقد بسطنا لحلالتكم بالكتاب المؤرخ في 77 تشرين الثاني سنة لخدلل 
موقف الوزارة بالنسبة الى الحالة السائدة آنعذ » وعرضنا اننا عازمون على 
تطبيق منهاج الوزارة السابقة . 

وعلى هذا الاساس ٠»‏ وبهذه الروح أنخذنا نعالج شؤون الدولة . وعندما 
وضعت نحمينات ميزانية السنة 1410 الالية موضع البحث » وعمدنا الى 
تنظيمها وفقاً للمنهاج المذكور » جابهنا نفس الصعوبات الي جابيتها وزارة 
المرحوم عبد المحسن بك . فعر ضنا على جلالتكم بالكتاب المؤرح أي ٠١‏ شباط 
سنة 1970 انه يستحيل علينا الاستمرار على العمل تحت مثل هذه الظروف . 
ولكن الارشادات الثمينة الي زودتمونا بها جلالتكم آنئذ » والتصريحات الي 
الي فاه بها فخامة المعتمد السامي فيما يتعلقباستعداده للنظر بعطف في جميع 
الاقتراحات الي تضعها الوزارة » كانت مشجعاً لنا للمثابرة على العمل . 

تعلمون جلالتكم ان تشكيلات الدولة ني الحال الحاضر » والنفقات الي 
تتطلبها هذه التشكيلات » هي أكثر ما تستطيع ان تنحمله موارد البلاد المالية 2 
ولذلك كان اهتمام الوزارة موجهاً بصورة خاصة الى تنقيص النفقات على قدر 
الامكان ؛ ومن دون إخلال عبدأ انطباق الادارة على ادارة حكومة راقية . 


لفن 


وفضلا” عن هذا السبب الذي حدا بالوزارة الى اجراء بعض التنقيص في 
المصروفات » يوجد هناك عامل آخر مهم ؛ وهو الازمة الاقتصادية المستحكمة 
حلقاما في البلاد » والي كان من نتائجها ان حصل في جباية الواردات المخمنة 
للسنة 1478 المالية عجز يقرب من عشرين لكا من الربيات في نباية الشهر 
الماضي . فلأجل ان نحتاط الحكومة لما ينجم عن استمرار هذه الازمة , 
والاخطار الي تلازمها » واذا ساعد الحظ بانتهاء هذه الازمة من غير ان يؤثر 
على منابع الدولة » وبقي لديها شيء من المال » تقوم حينئذ بما تتطلبه البلاد 
من الامور النافعة . ولذلك رأت الحكومة ان هناك ضرورة مبرمة تقضي 
بتنقيح المصروفات . وتخفيف أعبامها عن كاهل الميزانية » ولذلاك نحرّت سبل 
الاقتصاد . وبعد التأمل والتدقيق قررت انخاذ بعض التدابير للتوصل الى هذا 
الغرض . غير ان هذه المقررات قد جاببت معارضة شديدة من جانب 
الاستشارة الموجودة.في العراق » بالرغم من التصريحات الواردة أخيراً من 
جانب الحكومة البريطانية بلزوم العمل على توللي العراقيين المسؤولية بصورة 
حقيقية » كما ان المخابرات المتعلقة بالمذاكرة في الاقئر احات اللحديدة للمعاهدة : 
وحسم القضايا المعلقة كالسككك الحديدية » والميناء » وغيرها لم تسفر عن 
نتيجة ما » وعلاوة على ذلك فقد أوقف قسم من قرارات مجلس الوزراء فيما 
يتعلق بتخمينات الميز انية مما أدى الى تأخير عرضها على مجلس الامة ٠‏ بالرغم 
من انقضاء مدة اجتماع المجلس ا حالي وشطر من مدة التمديد. ورغماً عن 
المذا كرات والمخابرات الي جرت بين الحكومة وفخامة المعتمد السامي من 
جهة » وبين جلالتكم وفخامته من جهة أخخرى . لا تزال الحالة كا هي عليه ٠‏ 
ولم محصل تقدم محسوس . 

وبصفي رئيس الحكومة أرى من واجبي ان ألفت نظر جلالتكم الى 
وخامة الحالة الاقتصادية الحاضرة » وما قد نجره على البلاد من النكبات اذا 
لم ثعالج معالحة فعالة » ولا أظني مخطناً اذا قلت انه منالم كد ان تضطرنا 
الظروف الى اجراء تخفيضات أخرى أكبر شأناً » وأكر أهمية مما وقم 


56 


وأعتقد تمام الاعتقاد انه ليس بالامكان معاحة هذه الازمة » وإمرارها بصورة 
لا تؤثر تأثيراً خطراً على البلاد ما لم تككن روح التفاهم والتضامن الودي سائدة 
بين الحكومة العراقية وبين الهيأة. الاستشارية البريطانية الموجودة في العراق 
الامر الذي ترغب به الحكومة كل الرغبة . 

فبالنظر الى ما تقدم من المعروضات لا يسع الوزارة أن تستمر على تحمل 
المسؤولية نحت هذه الشروط »؛ وعليه اتقدم الى جلا لتكم برجاء اعفائي من 
الحدمة الي أمرتم بقيامي بها » والتفضل بقبول استقالي . 

انتهز هذه الفرصة لأعرب لحلالتكم باسمي . وبالنيابة عن زملائي » عن 
مز يد شكرنا للثقة والعطف االذين أوليتمونا اياهما طيلة مدة تضلعنا باعباء الحكم 
ونبتهل الى الله تعالى أن يطيل بقاء جلالتكم . 

العبد المخلص 
التوقيع : ناجي السويدي 
رئيس الوزراء 

البلاط الملكي 

الديوان 

بغداد في ١١‏ آذار ١97٠‏ 

عزيزي ناجي السويدي 

أخذت كتابكم المورخ في 4 آذار 140 المتضمن تقديم استقالتكم من 
منصب رئاسة مجلس الوزراء . لا يسعبي في موقفي الحاضر إلا" ان أعزب لكم 
ولزملائكم عن تقديري العظيم للمساعدات الثمينة الي أديتموها لي وللبلاد 
مدة اضطلاعكم بعسؤولية الحكم 2 ويؤسفي جداً أن أحرم من مساعيكم في 
مثل هذه الظروف الي تتطلب أكبر الحهود . هذا واني أؤمل بأن تداوموا 
على تدو.. شؤون الدولة موقتاً لحينما تتألف الوزارة الحديدة . 


فيصل 


7 


النفاق بعد استقالة الوزارة 


بعد استقالة وزارة ناجي السويدي بوم واحد » كتب المعتمد السامي الى 
رئيس الوزراء المستقيل كتاباً مليئاً بعبارات الرياء » الي اشتهر بها الدبلوماسيون 
البريطانيون » ورفق كتابه بصورة كتاب بعث به الى الملك فيصل برقم آر 
أو - 7 وتاريخ ١١‏ آذار 1970 وهو الكتاب الذي يعلن فيه سروره لقبول 
الملك استقالة الوزارة » وليؤكد فيه ( رغبته الخاصة في التعاون مع الملك 
والوزارة الحديدة الي ستؤلف بروح الصداقة لتتمكن من نحقيق غرض الطرفين 
المشتركة » وادخال العراق في عصبة الامم في 197 ) ولما كان الكتابان 
المذكوران لا يخلوان من بعض العلومات الطريفة » وأساليب الداع 
المرصوفة . فقد رأيت من المناسب ان أثبت نصيهما فيما يلي : - 


عزيزي رئيس الوزراء 

يؤسفي جداً ان اعلم ان فخامتكم رفعم استقالتكم الى صاحب الحلالة 
ولكني سعيد بأن علاقاتنا الشخصية » مهما كان هناك من خلاف على الامور 
الرسمية » كانت ولا تزال ودية تماماً . واني متأكد هن انها شتظل كذللك . 
وحيث ان استقالة فخامتكم منعتني من الاجابة على كتابكم الاخير المرقم 017٠م‏ 
والمؤرخ في 7 مارت 19470 فاني أربط نسخة من كتاب أرسلته الى صاحب 
الحلالة في نفس الموضوع . 

أرجو أن تقبلوا تشكراتي للطف والمجاءلة المتناهيتين اللذين أظهر تموها 
فخامتكم نحوي خلال المدة الي قضيتها في العراق . ويؤسفني جداً ان علاقاتنا 
الرسمية ‏ حسبما يظهر - قد وصلت الى هذه النهاية مع تقديم تمنيائي الحسنة . 

المخلص : ف . ه . همفريز 

فخامة ناجي باشا السويدي - رئيس مجلس الوزراء - بغداد . 


١ك‎ 


وهذا نص الكتاب الذي بعث به المعتمد السامي الى الملك فيصل حول 

استقالة السويدي . 
دار الاعتماد ‏ بغداد 

التاريخ ١‏ آذار .١9٠‏ 
الرقم ‏ ار . أو 7 . 
يا صاحب الخحلالة : 

اني ممئن جداً من جلالتكم لكتابكم السري المورخ في ١١‏ آذار ١9٠‏ 
الذي تخبر وني فيه بأنكم قبللم باستقالة الوزارة ٠‏ وطلبتم اليها الاستمرار موقتاً 
في ادارة شؤون الدولة » ريثما تؤلف وزارة جديدة . 

سق يل أن صرت جلالتكم بأني آسف جداً لآأن يقرر اعضاء الوزارة 
الحاضرة » الذين كنت اشتغل معهم على كمال المودة ٠‏ عدم استطاعتهم البقاء 
في سدة الحكم . وبا اني لم أقدر على الرد على كتاب فخامة رئيس الوزراء 
المرقم 607 والمؤرخ في 7 آذار قبل أن يستقيل » فقد تضمن هذا الكتاب 
نقطة أو نقطتين أرغب أن ابدي ملاحظاتي عليهما . 

اولا : ان السر روبرت بروك ‏ بوبهام » اخخبرني انه سعى ي ايلول 
الماضي . عندما كان معتمداً سامياً بالوكالة : ليبين الى الحكومة العراقية . 
بصورة صريحة . انه يعترض على ادخال اقتراح في منهاج الوزارة الحديدة 
بتخفيض عدد المفتشين البريطانيين . وقد تبين لي انه قدم نفس الاعبراض 
من قبل المسير ادمونس ». في 8 أيلول الى صاحبي الفخامة المرحوم السر عبد 
المحسن بلك وناجي باشا السويدي . وقد أبديا مسب مذاكرة دونت يومئذ 
( اهما وافقا على حذف كل ٠١‏ يتعلق بالمفتشين الاداريين ) فعليه لا يصح لرئيس 

النقطة الثانية : يقول فخامته في كتابه ان الحكومة العراقية : أعلنت عن 


رغبتها في الشروع المذا كرات التمهيدية <ول المفتشين الاداريين الي كنئ 
أطلبها. 

ان فخامته رفض . على عكس ذلك » اقتراحاتي المكررة بأن نبحئك 
الاقتراح مقدماً تحسب أهميته » وجعلي أمام أمر واقع » عندما أصدر مجلس 
الوزراء قراراً يتضمن امباء خدمات خمسة مفتشين اداريين في مباية السنة امال 
المقبلة . يدعي فخامته على ما يظهر ان نصيححيي في الامور الي من هذا الفيل 
انما بحب تقدبمها بعد أن يتخذ قرار من قبل المجلس ؛ مع انه في الفقرة الاخيرة 
من كتابه : الي لم أفهمها تماماً » يستنكر على ما يظهر حتى قبول هذه الاصول 
في القفسية الحاضرة 

لد كانت خعطتي الحاصة من الأول الى الآخر ان اجتنب بواسطة المذاكران 
والاتفاق مقدماً » الضرورة المحتملة الي تدعو الى التماس جلالتكم 
الامساك عن الموافقة على قرار سبق انخاذه من قبل مجلس الوزراء » لاني 
شعرت بأن هذه الطريقة تمهد سبيل العمل » ولكن افهم ان النقطة الحقيقية : 
الى يدور عليها الحلاف » هى ادعاء الحكومة العراقية بأنها حرة في انمباء 
خدمات جميع الموظفين الومطائيية » بدون اجراء المذاكرة عنها مقدماً مع 
المعتمد السامى . ومعبى ذاث ان لحلاف الذي حدث في الرأي » انما هر 
خلات هيدا ».ليت ل علاقة مجالة لشفا بضبعة مرطفون.. 

ان كون الادعاء المسرود من قبل الحكومة العراقية ‏ اذا فهمته على الوجه 
الصحيح - يشكل حادثة جديدة » لا تنطبق على الاصول السابقة » تؤيده 
هذه الحقيقة هي : ان فخامته وافق في ١9‏ شباط على أن درج في الكتناب 
الذي وجهته الى رؤساء الهيأة التفتيشية البريطانية الحملة الآنية  :‏ 

(إفي وصاحب الحلالة متفقان تماماً في أن تبقى مسألة عدد الموظفين 
البريطانيين » الذين يراد استخدامهم في الحكومة العراقية » من الامور المهمة 
المشار اليها في المادة 4 من معاهدة التحالف »؛ وستبقى موضع التعاون الوثيق 
بيننا). 


لل 


أثق انه لم تكن لتحدث أية صعوبة من هذه الصعوبات » أو قبلت الحكومة 
إعراقية بادعائي بأن مسألة تخفيض عدد المفتشين الاداريين : وسائر الموظفين 
الاختصائيين الاجانب ليست في الاصل مسألة مالية يمكن الحكم فيها حكماً 
عرفياً » بقرار يتعلق بالميزانية » وائما هي مسألة سياسية ؤادارية في الدرجة 
الاولى من الاهمية » ينبغي معاحتها على ضوء سياسة انتقال المسؤولية التدريجي 
إلى العراقيين » وتتوقع حكومة صاحب الحلالة البريطانية استشارة المعتمد 
السامي فيها. 

ستلاحظون جلالتكم افي لم أتمكن بعد من ابداء رأيي في التخفيضات 
المقرحة » لاني لم أعط فرصة لبحثها » بحسب ما تستحقه من العناية » افهمبي 
فخامة ناجي باشا السويدي انه اذا لم يقبل قرار الوزارة » القاضي بالاستغناء 
عن خدمات خمسة مفتشين اداريين في بداية السنة المالية المقبلة » بلا قيد 
وشرط » تضطر الوزارة الى تقديم استقالتها . وأفهمتموني جلالتكم في 
الاجتماع الذي جرى بيننا ليلة أمس » بأن الوزارة لا زالت في هذا الموقف . 
اثق انه اذا لم يزل يستحيل ايحاد طريقة للخروج من هذا المأزق » سيوجد 
سبيل الى تأليف وزارة جديدة » بدون تأخير » تعمل بالتعاون التام مع حكومة 


صاحب الخلالة البر يطانية لمصلمحة الشعب العرائي . 

أ كد بهلالتكم اني أرغب خالض الرغبة في التعاون مع جلالتكم ‏ 
والوزارة ابي يمكن تأليفها » بروح الصداقة والصراحة » لنتمكن من نحقيق 
غرضنا المشيرك » وادخال العراق في عصبة الامم في سنة ؟'"9١‏ . 


ىف ه. همفريز 
بعد استقالة الوزارة 


كان المعتمد السامي قد طلب إلى الملك في كتابه المرسل إليه في ٠١‏ اذار 
م أن تؤلف الوزارة الحديدة من عناصر تفهم الأغراض المشيركة : 


1/4 


وبالأصح تفهم أغراض الحكومة البريطانية »؛ ومستعدة للتفاهم معها . وقد تألفت 
الوزارة المنشودة فعلا برئاسة السيد نوري السعيد في ٠”‏ آذار اقلم 
واشترك فيها كافة الضباط الذين اشتركوا في ( الثورة العربية الكبرى ) فيما عدا 
وزير المعارف الحاج عبد الحسين الحابي الذي لم يشيرك في تلك الثورة . 

وفي الحلسة البي عقدها المجلس النيابي في ١‏ آذار ١197م‏ ألهى رئيس 
الوزراء المستقيل السيد ناجي السويدي بياناً م.هباً عن أسباب استقالة وزارته : 
وحقيقة السياسة البريطانية في العراق » ورفع الستار عن خفايا كثيرة »كما 
أوضح كيفية تأليف ( الوزارة السعدونية الثالثة ) والحهود الي بذلتها لتعديل 
المعاهدة العراقية ‏ البر يطانية وفق الأسس البي أقرها المجلس التأسيسي في عام 
4م وكيف أن اللحهود فشلت واضطرت الوزارة للاستقالة . ثم أشار إلى 
كيفية تأليف الوزارة السعدونية الرابعة » والآمال الي كانت تعقدها على الأسس 
الحديدة الي أل محت بريطانية إليها لتأمين دخول العراق في عصبة الأمم عام 
17م : وكيف أخفقت في ذلك أيضاً . 

ثم مبض السيد ياسين الحاشمي وألقى خطاباً جريثاً فضح فيه السياسةالبر يطانية 
وقال : ان الموظفين البريطانيين هم الذين يحكمون العراق حكماً كيفياً لايستند 
إلى معاهدة : وقد لا ترضى بحكمهم حكومتهم . ثم أشار إلى ما قاله السعدون 
في حفلة استيزاره للمرة الرابعة بانه لا يحق للموظفين البريطانيين أن يتجاوزوا 
حدود صلاحياهم : ولا يتجاوزوا على سلطات الوزراء العراقيين » ولكن 
هؤلاء نجحاوزوا الصلاحيات : واستهانوا حبى بالسعدون نفسه . وخم خطابه 
قائلا” : بدأ الحانب البريطاني في اللف والدوران على عادته » وأسمعنا البيانات 
المتناقضة : والطلب أن تحري المحادثات بطريقة المكاتبة » والقصد منها إطالة 
الزمن حتى وجدنا وفهمنا أن صلاتنا مع بريطانيا ليست مبنية على أسس أي 
معاهدة ٠‏ بل هي مبنية على أسس مواد غير مكتوبة لكنه يحب على العراق أن 
يعترف بها » وتأكدنا من أن من بيدهم السلطة من الانكليز في العراق آراؤهم 
هي المعاهدة . أما آراء الحكومة البريطانية فغير معترف بها . 


ليلا 


المظاهر ات الصاخبة 


كان وفع استقالة وزارة السيد ناجي السويدي شديداً على النفوس لأن الشعب 
كان قد عقد على هذه الوزارة الآمال السام » ولآنه أكبر تضحية 0 ن 
الذي فضح الأسرار » وتجعل الناس يلتخون عتوحم عل الواقع ال 
تقرّر إظهار السخط العام على سياسة التمويه والتضليل لتضليل الي درج ل 
قي ا ووو ل ب بن 
وتبتدىء من جامع الحيدرخانه بعد الفراغ من أداء فريضة الجمعة» وذلك في 
الحادي والعشرين من شهر آذار وذلك قبل تأليف وزارة ذوري السعيد بيومين . 
ركنت على علم بأسماء الوزراء الذين سيشي ركون ف الوزارة الحديدة » كما 
كنت أعلم بأن متصرف لواء بغداد السيد جميل المدفعي سيكون أحد هؤلاء 
الوزراء » ولا علم الملك بأمر هذه المظاهرات فزع وارتاع » وطلب حضوري 
لقابلته بصفة كوني ما أزال وزير الداخلية المسؤول عن الأمن والنظام » وإن 
كانت الوزارة قد استقالت . فلما حضرت مجلسه سأي عن التدابير الواجب 
اتخاذها ازاء هذه المظاهرات » فأجبته ان على الحكومة أن لا تسمح بمنع قيامها 
لأني أخشى أن يؤول مثل هذا التدبير إلى الاصطدام بين الشرطة والأهلين : 
وقد يؤدي ذلك إلى وقوع ضحايا بين الطرفين . وإذا رأى جلالتكم وجوب 
هذا القمع فيمكن استدعاء متصرف لواء بغداد وتكليفه بالقيام ببذه المهمة » 
ولا سيما هو مرشحكم لاشغال وزارة الداخلية في الوزارة الحديدة . فككر 
الك في هذا الحواب ثم قال : إذا كنت تعهدت أنت بأن لا يقع أي حادث 
فإني أترلك الأمر إليك . 


لقد جرت المظاهرة في وقتها المحدد بكل هدوء ونظام » وكنت أشرف 
عليها من نافذة في إحدى غرف سوق الأمانة » المقابل الخامع الحيدر خخانه » 
وقد اشترك معي في هذا الإشراف السيد ياسين الحاشمي » إذ كان حز به 
مشركاً فيها » فلما انتهت المظاهرة بعد إلقاء الحطب الحماسية داخخل الجامع : 


لحيل 


قصدت البلاط لمحي فوجدت الملك فيصل وأخاه المللك علي يتسقطان 
الأخبار . فلما أخبر هما بأن كل شيء قد ثم على ما يرام » ولم يحدث ما يكدر 
النظام فيما عدا الموسات والشتاءم ضد الانكليز وأعوانهم » ابتسما و تاحا هله 
النتيجة وهكذا أسدل الستار على فصل من فصول تاريخ العراق الحديث , 
لستقبل فصلا جديداً فيه الم" و الاستقلال حيناً » والحزر عنه حيناً آخر , 
حتى قامت ثورة ١4‏ تموز المباركة لتقضي على السيطرة البريطانية وأعوان 
الاستعمار قضاء نبائياً . 


وزير مفوض في تركية 

الاستعداد للسفر : 

بعد أن صدرت الإرادة الملكية في أول تموز ٠197م‏ ء بحل مجاس النواب 
وانتخاب مجلس جديد » زارني السيد ياسين الماشمي وسألي عما إذا كنت 
سأرشح نفسي للنيابة في المجلس القادم » .وعما إذا كنت سأوافق على المعاهدة 
الحديدة الي أعلن السيد ذوري السعيد نصوصها » فأجبعه أن ليس في نبي 
ترشيح نفسي للنيابة » ولست موافقاً على المعاهدة هو ضوعة البحث . فرد علي 
انه يعرف وضعي الماللي الضعيف » والي مسؤول عن إعالة عائلة كبيرة » وانه 
يعتقد أن البلاد ٠١‏ تزال في حاجة إلى خدمات أمثالي . ثم سألي عما إذا كنت 
أفضل العودة إلى الإدارة فأجبته بالرفض طبعاً ؛ وعندها قال : ما رأيك في 
إحدى المفوضيات في الحارج ؟ فتأملت هذا السؤال وأجبت عليه نعم قد أقبل 
إذا وقع مثل هذا التكليف » وإذا لي أفهم - بعد بضعة أيام ‏ بأن الممكوءة 
المركية وافقت على تعييني وزيرأ مفوضاً للعراق لديها » ولما زرت السيد جعفر 
العسكري ٠‏ وكان وكيلا” لرئيس الوزراء ووزيراً للخارجية » لأشكره على 
الثقة الي وضعتها الوزارة في ولأبلغه موافقي النهائية » تلقيت كتاب التعيينمع 
الإرادة الملكية » وهذا نصهما : 


ارقم ١6٠8ه؟‏ 
التاريخ في ١4 - ١1“‏ آب سنة ام 


معاللي ناجي بك آل شوكت باشا 

سري! أن أبلغكم بصدور الإرادة الملكية بتعيين معاليكم مندوباً فسوق 
لعادة » ووزيراً مفوضاً لدى فخامة رئيس اللحمهورية النركية » وف طيه أقدم 
صورة مصداقة منها . 

إن الراتب المخصص هذا المنصب هو 1٠٠١‏ ربية شهرياً مع مخصصات 
مثيل تبلغ 476 ربية شهرياً » وستتقاضون ذلك ابتداء من تاريخ مباشرتكم 
مهام وظيفتكم في أنقرة . 

أرجو أن تستعدوا للسفر في أول فرصة » وإخبارنا بتاريخ مغادرتكم 
العاصمة . وهذه الوزارة قائمة بإعداد أوراق اعتمادكم » ونص اللحطاب الذي 
ستلقونه أمام فخامة رئيس اللحمهورية الاركية عند مثو اكم بحضرته للمرة الأولى. 
وأنا مستعد لمقابلتكم مبى شئم للمذاكرة معكم حول المهمة الي انتديم لها . 

وي الحتام أود أن أعرب لكم عن صميم نئي للثقة الي أولاكم إياها 
جلالة الملك المعظم » ولاعتماد الحكومة العراقية على مقدرتكم وأصالة رأيكم : 
وأئمى لكم كل توفيق ونجاح . 

وتفضلوا بقبول فائق الاحيرام . 

وكيل وزير الحارجية : جعفر العسكري 

١١4  مسقر‎ 

بعد الاطلاع على المادة 7 المعدلة من القانون الأساسي » وبناء على السلطة 
الي خولني إياها جلالة الملك فيصل الأول » قد أصدرت هذه الإرادة الملكية 
نيابة عن جلالته . 

بناء على ما عر ضه وكيل وزير الحارجية » 


لذلا 


ف ناجي بك آل شوكت باشا مندوبا فوق العادة ووزيرا مفوضا ي 
أنقرة . وبنقل رؤوف بلك الجادرجي المندوب فوق العادة والوزير المفوض في 


أنقرة إلى مثل وظيفته في طهران . 
جعفر العسكري عي 
وكيل رئيس الوزراء نائب الملك 
ووكيل وزير الحارجية 


غادرت بغداد إلى أنقرة في أواخر آب ٠147م.‏ وقد سلكت طريق 
بغداد ‏ دمشق - بعلبك ‏ حلب - استانبول فمكثت في المدينة الأخيرة حى 
أواخر أيلول من هذه السنة . ومن الصدف العجيبة اني كنت أتممت محصيلي 
العالمي في جامعة استانبول وغادرها في عام 1414م لأتسلّم وظيفة نائب المدعي 
العام في الحلة بالعراق » وها اني أعود إلى هذه الحاضرة النركية الكبرى بعد 
سبع عشرة سنة مثلا” لبلد أجني في الحكومة نفسها . وبيئما كنت أترقّب 
وصول كتاب اعتمادي لأقدمه إلى رئيس الحمهورية الركية !إذا لي أتلقى هذه 
البرقية في ١9‏ أيلول : 


شخصي - لمعالي وزير العراق المفوض في أنقرة 

إني بعد الاتكال على الله أن أسير بأمر حكومة إلى إدنخال العراق عصبة 
الأمم وتطبيق المعاهدة بحذافير ها ونحقيق استقلال البلاد » ولعلمي بإخلاصك 
ووطنيتك السامية ونخبرتتك في أمور الدولة » أود الاطلاع على رأيك الخاص 
فيما إذا كنت راغباً الدخول معي ني العمل على هذا المنهاج . أملٍ قوي بأن 
شروط النجاح متوفرة . لا أريد البتْ في الأمر قبل أخخذ رايلك أولا” مع العلم بأن 
هذا التكليف قد يضرّك من الوجهة المالية . أرجوك االحواب بعد 48 ساعة . 

نوري 
وقد أجبت على هذه البرقية بالبر قبة الآتية شاكراً ومعتذراً : 


١84 


شخصية لفخامة رئيس الوزراء 

أشكرك شكراً خالص] على ثقتك واعتمادك علي" وأرجو لك من صميم قلي 
لموفقية التامة . ثق دائماً بأني ناصرك وأخوك المخلص » ولكن أرجو عفوك 
لعدم قبولي لأني تكبدت مشاق جمة وصرفت من تاريخ حركبي في بغداد لحدا 
الآن ما يقارب -خمسة آلاف ربية . وعدا هذا ليس من الموافق تبديل سفيرين 
في ظرف سنة واحدة . أعتقد أن بقائي الآن أوفق للمصلحة العامة ولي . 

ْ ناجي 

وني منتصف تشرين الأول 1970م وصل إلي" كتاب وزارة الحارجية 
المرقم "010/1١‏ والمؤرخ في م ٠١‏ ٠147م‏ ومعه كتاب الاعتماد الرسمي » 
وفيما يلي الكتابانالمذكوران 4 ل 

صاحب المعالمي ناجي بك آل شوكت باشا : 

الوزير المفوّض والمندوب فوق العادة لحلالة ملك العراق في أنقرة .. 

أتشرّف بأن أقدم إليكم مع هذا » كتاب الاعتماد الموشح بتوقيع حضرة 
صاحب الحلالة الملك ا معظم ٠‏ الناطق بتعيينكم وزيراً مفوضاً ومندوباً فوق 
العادة لدى فخامة رئيس الحمهورية التركية » وأرجوكم أن تعلموني برقي عن 


سلمه. 
لتقدبمها إلى وزارة الخارجية التركية حسب الأصول لأجل أن تعين تاريخ 
مرامم القبول . 
وتجدون مع هذا صورة الحطاب الذي نسب أن تتفضلوا بإلقائه أمام فخامة 
التوقيع ‏ نوري السعيد 


وزير الحارجية 


1/46 


بفضل الله وتوفيقه 
فيصل الأول ملك العراق 
إلى 
صاحب الفخامة الغازي مصطفى كال 
رئيس الحمهورية الركية 
إلى الصديق العزيز ذي القدر الحليل مهدي التحيات الصميمية 
بناء على نقل رؤوف بك الجادر جي وزيرنا المفوض ومندوبنا فوق العادة 
لدى فخامتكم إلى مفوضية العراق ني طهران ؛ 
وبناء على رغبتنا الأكيدة في الاستمرار على توطيد صلات الصداقة القائمة 
لحسن الحظ بين مملكة العراق وجمهورية تركيا وإدامتهما فيما يعود بالحير 
فقد قررنا أن نعين خلفاً له » وقد اخترنا صاحب المعالي ناجي بلك آل 
شوكت باشا وزير داخليتنا السابق ليكون وزيرنا المفوض ومندوبنا فوق العادة 
لدى فخامتكم . 
إن الكفاءة والمهارة اللتين أبرزهما ناجي بك » والحبرة الي اكتسبها في 
أداء الوظائف الني قلّدناه إياها » تجعلنا على ثقة من أن اختيارنا إينّاه لهذا 
المنصب سيقع لدى فخامتكم موقع الاستحسان والقبول » وينال من لدنكم 
تمام الرضى . 
ولذلك فإنا نرجو من فخامتكم أن تعتمدوا على ما سيبلغكم به معالميناجي 
بك آل شوكتباشا باسمنا وباسم مملكة العراق » وخاصة عندما يعرب لفخامتكم 
أها الصديق العزيز عن إعجابنا العظيم بمزاياكم السامية » وعن اهتمامنا بكل ما 
يوطد المصالح المشيركة بيننا . 
ونستودعكم إلى حماية المولى القدير .. 


ليل 


١ 
صدر عن بلاطنا الملكي في بغداد في اليوم الرابع عشر من شهر جمادى‎ 
الأولى سنة ألف وثلثمائة وتسعة وأربغون هجرية : الموافقة لليوم السابع مسن‎ 
شهر تشرين الأول سنة ألف وتسعمائة وثلاثين ميلادية : وفي السنة العاشرة‎ 

كا 
فيصسل نوري السعيد 


وزير لحار جية 


منذ صدرت الارادة الملكية بتعييي وزيراً مفوضاً للعراق في تركية » 
صرت أفكر فيما يحب أن أقوم به من أعمال في خدمة وطني ٠‏ أو في كيفية 
الشروع في العمل . تصورت العراق محاطاً بدول غير صديقة . ففي الشرق. 
منه تع ايران وتتاخم حدودها لحدوده في مسافة تتجاوز الستمئة كيلو مر . 
وكان العراق جزءاً من الامبراطورية الفارسية العظمى فاحتلتها ايوش 
العربية وقضت عليها فتحكمت فيها عقدة نفسية لا »كن أن تزول بيسر . 
ولا يمكن الركون الى عواطف ساستها نحو العراق . وف الغرب بلد عربي هو 
سورية أكنه يحكم من دولة استعمارية هي أدهى وأمر » والاردن بلد عرلي 
آخر يحكمه أمير عرب يتلفى توجيهاته من حاكم بريطاني يحكم بلدا عربياً 
آخر هو فلسطين . وي الحذوب الغرلي منه بلد عربي ايضاً نحكمه عائلة هعروفة 
بعدائها ومنافستها للعائلة العربية الي تحكم العراق والاردن . أما الدولة اللي 
تجاور وطبي من الشمال » فهي تركية الي جئت لتمثيل بلادي فيها في ليست 
عدوة ». ولا صديقة ) ولكن كانت هنالك أمال كبيرة لحملها عل #ضادلة 
العراق. وبوحى من هذا الشعور » بدأت العمل فسعيت قبل كل ثبىء لان 
أحبب نفسي من: ساسة تركية البارزين وضمان صداقتهم لأمكن دن خدمة 
وطي عن هذا الطريق السوي » ولا سيما في القضايا الدولية اللي مبمه ومهم 
العالم العربي » وسيلمس قاريء هذه المذدكرات الفوائد الي جناها الوطن من 
جراء اتباعي هذه السياسة . 


1 31/ 


تقدم اوراق اعتمادي : 

للا وصلت إلى أنقرة قابلت وزير ا لحارجية الركية توفيق رشدي آراس . 
واطلعته على أوراق اعتمادي » بحسب الاصول ., ولما نحدد يوم مقابلي لرئيس 
الجمهورية ركبت السيارة الي أعدتها لي ا حار جية التركية مع أركان المفوضية . 
وقد صحبي معاون مدير التشريفات الى قصر الرئاسة » فأدت سرية من الحيش 
التحية الاصولية . وكان في انتظاري مدير التشريفات العام » فاصطحبني الى 
بهو الاستقبال » وبعد برهة قصيرة ادخلي على رئيس الحمهورية الذي كان 
واقفاً ي وسط الغرفة » ومعه وزير الخارجية . وبعد اداء التحية وتقديم أوراق 
الاعتماد » تلوت الحطات التقليني امعد من قبل وقد أجاب عليه الرئيس 
الركي بخطاب معد أيضاً ثم صافحني وأجلسي وفيما يلي نصا الحخطابين 
ا مذدكورين : 


يا صاحب المخامة : 


أتشرف بأن أضع بين يدي فخامتكم كتاب الاعتماد الذي تفضل به علي 
صاحب اللحلالة مليكي المعظم فيصل الاول » وعيتي به وزيراً مفوضاً ومندوباً 
فوق العادة لدى فخامتكم . 

ان العناية الخاصة الي متع مها أسلائي ف هذا المنتصب عن يد فخامتكم 
وحكومة الحمهورية البر يا تقس عل الاغظاد أن حضول. هل اعنما: 
فخامتكم عند اداء المسؤوليات الممرتبة علي ستكون لي من دواعي الفخر العظيم. 
واني سأبذل جهدي لاعبر بكل أمانة عن عواطف جلالة ملكي ال معظم المفعمة 
بالتمنيات القلبية لرفاه الأمة الركية وسعادتما . 

ان البلاد الي أتشرف بتمثيلها لدى فخامتكم تحمل لكم ولشعبكم النجيب 
خالص الود والولاء ,:وأرجو ان تسمحوا بأن أؤ كد لكم يا فخامة الرئيس بأن 
من أقدس واجباني العمل على توطيد صلات الصداقة وحسن اللحوار الي أخذت 
لحسن الحظ.تزداد قوة بين الدولتين . 


1848 


اني أتقدم يا صاحب الفخامة لأستمد” ال معونة من فخامتكم » ومن حكومة 
الحمهورية » لتسهيل قيامي بمهمي وأملي قوي بأن ما سألاقيه سيكون محققاً 
لأمنيبي الشخصية وأمنية بلادي في توثيق عرى المحبة والولاء بين اابلدين . 


خطاب الرئيس الركي : 

ايلجي حضرتلري 

حشمتلو عراق قرالى حضرتلرينك ذات عاليكزى نزدمه فوق العاده 
مرخص واورته ايلجي تعيين ايتدكلربي بيلديرن مكتوبلريي بيوك ومنونيتله 
اللجرارء: 

قرال حضرتلرينك وعراق ملتنك تورك ملبى حقندهكى حسيات وتمنياتنه 
تشكر ايدرم عراق ملتنك رفاه واقبالي نمى ايدرم . 

ممتاز صلفر يكز لده باشلامش أولدقلرى وظيفهيه كمال موفقيتله دوام ايده 
جككزه امنيم واردر . 

ايكى ملت وحكومت اره سنده موجود بولنان وبك اصابتله يبان 
بوبورديفكز كبى انكشاف وتزايدى ممنونيي شايان اولان دوستلق رابطه 
لريك صرف ايده جككز مساعي نتيجه سنده كيتد كجه قوتلنه جكى شبهه 
عزدر . وظيفهكزك ايفا سنده سزه موفقيتلر ديلرم . بو خصوصده كرك بم 
وكركسه جمهوريت حكومتنك مظاهرات ومعاونتندن أمين أوله بيلر سكز 
ايلجى حضرتلرى . اه . 


عاق ولاس دروي عن اللللك الضل ومن زط مادو اكازة 
العسكرية ياسين الهاشمي 4 وأعرب عن سروره حيثٌ يرحب برجل من رجال 
دولة صديقة » ويحسن التحد ث باللغة التركية» الامر الذي يعجل ني التفاهم . 
فشكرته على ذلك . وقد انتهت المقابلة بالمصافحة فصحبي وزير الحارجية ال, 


164 


غرفته » وبعد تناول المرطبات وتبادل الاحاديث الودية » عدت الى دار 
المفوضية مشيعاً بالمراميم الي | ستقبلت يها . 


زيارتي للهيأة الدبلوماسية : 

جرت العادة ان يبادر الوزير المفوض الى زيارة وزراء الدولة المنتدب 
لدبا » وكذللك زيارة سفراء ووزراء الدول الاجنبية في عاصمة تلك الدولة . 
وقد شرعت في اداء هذه الزيارات التقليدية » ثم استقبلت الذدين أعادوا الي” 
الزيارة . وكان سفير الانحاد السوفياتي أحد الذين زر هم فكانت مفاجأة للأوساط 
الدبلوماسية في أنقرة » إذ لم يسبق لأحد من اسلاني ان قام بمثل هذا العمل » 
كما لم يسبق لوزير مصر المفوض ان قام بما قمت به . وقد استقبلت في السفارة 
السوفياتية استقبالا” رائعاً من قبل الجميع » وكان المستشار فيها يتكلم العرنية 
بطلاقة » كما كان السفير رجلا ملتحياً محنكاً ولطيفاً » وقد شكرني على هذه 
الزيارة غير المعتادة » وقال ان من أهم أهداف حكومته تأييد حريات الشعوب 
واستقلالها » كما امبا تناهض الاستعمار بشتى أشكاله » وأضاف الى ذلك قوله : 
بأنه سعيد بهذه الزيارة » وانه لأول مرة يرى دبلوماسياً عربياً في سفارته . وقد 
علمت بعدئذ ان السفارة البريطانية في أنقرة أبدت عدم ارتياحها لعملي هذا , 
ومع هذا فقد كنت أستجيب لكل دعوة أو مأدبة تقام في تلك السفارة . 

كنت أنتهز كل فرصة لزيادة التقارب والتعاون مع رئيس الحمهورية 
التركية » ومع رئيس وزرائه عصمت اينونو » كنا وطدت بعض الصداقات 
مع أصحاب الصحف ومحرريبااكجريدة أولوس ( الامة ) وجريدة جمهوريت. 
وكنت أدعو محرري الصحف ومراسليها الى المآدب الي كنت أقيمها في السفارة 
وأستفيد منهم فوائد كثيرة . 


أول صرب طيران عراتي : 
كانت الحكومة العراقية قد أوفدت بعض الشبان اللامعين الى انكلترا 


لحل 


إلتدرّب على الطيران » ولاصطحاب أول سرب ابتاعته الحيشها . وقد أتم هؤلاء 
الشبان تدر بهم ووصلوا مع السرب المذكور الى مطار ( يشيل كوي ) في 
اسطانبول في أواسط نيسان ١8471‏ م . وكنت تلقيت برقية من مفوضيتنا في 
لندن عن حركته فقصدت استاننول من انقرة لاستقبال السرب » وقد نزل 
الطيارون بضيافة الحكومة التركية » وأقام والي المدينة مأدبة عشاء لهم في و فندق 
ببرهبالاس » حضرها طيارون اتراك . وكنت فخوراً ومسروراً بلقاء هؤلاء 
النسور . وبعد أن أمضوا يومين كاملين للاستجمام والراحة وزيارة الاثار 
والقصور » غادر السرب الى الوطن فاستقبل في بغداد استقبالا” اشكرك فيه 
الملك فيصل بالذات . 


زيارةاللك فيصل لتركية : 

منذ أن انتهت مشكلة الحدود بين العراق وتركية وعدت المعاهدة العراقية 
البريطانية المركية في الحامس من حزيران 1475 » والملك فيصل يرغب رغبة 
أكيدة في الحصول على تقارب بين العراق وتركية » وتأسمل صداقة ببن 
البلدين » اذ كان يرى في مثل هذه الصداقة متنفساً للعراق من السيطرة البر يطانية ؛ 
وكنت أرى رأي الملك في هذه القضية » للاسباب الى سأ ذكرها أثناء بحبى 
عن نكر ضير اإلقائلة لك وال لايك صو خيس امعو .1م علوت 
الحكومة التركية برغبة الملك فيصل في زيارة تركية زيارة خاصة » سرت 
لذلك كثيراً » وقرر ت أن تكون هذه الزيارة رسمية » وعلى هذا وجه رئيس 
الجمهورية الدعوة الى الملك » وتقرر أن تبدأ الزيارة اعتباراً من 5 تموز 1971 . 

وقد حدث حادث غير مستحسن قبيل ان يحل موعد هذه الزيارة كاد 
يؤدي الى إلغاء هذه الزيارة ذاءها . فقد كانت مديرية النشر والمطبوعات » 
الملحقة بوزارة الحارجية العركية » تتصدر مجلة اسبوعية توزع على السفارات 
في أنقرة بالمجان » وني ذات يوم لفت سكرتير المفوضية نظري الى مقال في 
العدد الاخير من هذه المجلة هالني ما جاء فيه من العبارات غير اللائقة بحق 


لحل 


المملك حسين وأفراد عائلته الحاشمية بسبب قيامهم بالثورة العربية الكبرى ضد 
دولة الحلافة يومئذ . فطلبت الى هذا السكرتير أن يتصل بوزارة الخارجية 
المركية» ويطلب إلي" تحديد زيارة مستعجلة للوزير. فلما تمت هذه الزيارة في 
مساء اليوم المذ كور ؛ قدمت المجلة موضوعة البحث الى الوزير وعليها الاشارة 
الي أريد لفت نظره اليها » واذا ني ألمح على محياه الحيرة والامتعاض والغضب . 
فلما أتم قراءتها قلت له : أببذه الصورة سيكون استقبال الملك ؟ وطلبت الاذ 
التدابير الضرورية لمعرفة أسباب هذا الدس” » والباعث عليه » والمسؤول عنه . 
وبعد الشروع ف التحقيق » ظهر ان كاتب المقال كان سورياً وله اتصالات 
بالسفارة الفرنسية » وانه كتب المقال بتحريض منها ليوقع بين العراق وتركية؛ 
وان المقال نشر دون اطلاع مديرية النشر والمطبوعات الم كورة وكان الغرض 
من نشره خلق أسباب حول دون تمام الزيارة » لآن زيارة ملك العراق الى 
تركية » ستؤدي حتماً الى تمتين الصداقة الحقيقية بين البلدين » وهذا ما يؤثر 
تأثيرأ سيئاً على وضع الفرنسيين في سورية » ويخلق لهم المتاعب . 
كان منهاج الاستقبال ينص على ما يلي  :‏ 
يتوجه قطار خاص من أنقرة الى حلب لينقل فيصل وحاشيته من الطائرة 
الي تأني به من بغداد . وكان وفد الاستقبال المكوّن من وزير الحارجية 
المركية » ومدير التشريفات » والمرافقين » ورئيس ديوان رئاسة االحمهورية ؛ 
ووزير العراق المفوض في تركية قد وصل الى حلب وأحيط علماً بأن قائد 
القوات الحوية الفرنسية سيقيم دعوة غداء للقادم لا يحضرها أي شخص سوري 
لاستقبال الملك لا في المطار ولا في المحطة . 
: ولما وصل القطار الملكي الى مطة أنقرة » وجد في استقبال الملك رئيس 
الممهورية التركية » ورئيس وزرالها » وأعضاء الوزارة » ورئيس أركان 
الحيش » وسفراء الدول الاجنبية » وغير هؤلاء . وكان الترجيب بالقادم ودياً 
وحاراً » ولا انتقل الملك من القطار الى الفندق الذي تقرر نزوله فيه ؛ 


45 


كان جمهور كبير من الناس يحتشد على طول الطريق» وقد تبودلت الزيارات 
القليدية بين الملك ورئيس الحمهورية في أول أيام الزيارة » وأقيمت مأدبة 
عناء في المساء دعي إليها الوزراء » وأركان الحمهورية » تلتها حفلة استقبال 
حضرها نحو ٠١‏ شخص » وكانت مائدة الطعام مثقلة بالصحون وأدوات 
الطعام الذهبية الموروثة من قبل سلاطين آل عثمان » وقد نقلت من استانبول 
لهذا الغرض . وكان الملك نحسن اللغة البركية باللهجة الاستانبولية » مما جعل 
حديثه مع مضيفيه مهلا" . فلما كان اليوم الثاني أقامت المفوضية العراقية في 
أنقرة حفلة عشاء حضرها الذوات الذين حضروا حفلة الامس » ثم زار الملك 
بناية المفوضية وتناول طعام الغداء على مائدة الوزير المفوض ال حاصة مع حاشيته ) 
وبعد ثلاثة أيام انتهت الزيارة الرسمية وقد جرت خلالها أحاديث بين الملل 
ورئيس الحمهورية » وبين الوزراء العراقيين واخوامم الاتراك » حول لزوم 
توطيد العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين. ولما كان فيصل 
فد قضى زهرة شبابه في دار الحلافة » وتعرف على أخلاق الاتراك وطباعهم : 
نقد كان تواقاً لزيار:ها » وأعرب لي عن رغبته في ذلك . فلما فاتحت وزير 
الحارجية التركية بذلك » ورجوت أن تكون هذه الزيارة خاصة » أمر رئيس 
رئيس الحمهورية أن تكون شبه رسمية » وأن يئرك له تحديد المدة الي يرغب 
في قضالها » كما أمر أن بخصص سراي ( طوله باقجه ) لاقامته وحاشيته » 
وأن يكون « يخت أرطغرل » نحت تصرفه وقدكان هذا يحت الملوك العثمانيين 
- ليتجول به في البوسفور وبحر مرمره ان شاء . فكان سرورالملك بهذا الألتفات 
السامي عظيماً لا يوصف ٠»‏ بل لعل هذا الأكرام كان يعد حلماً من الاحلام : 
وذلك لأنه ‏ الملك ‏ كان يجهل ان مصطفى كال ومعظم الاتراك المنصفين 
كانوا يرون من حق العرب أن يقوموا بثورتهم الكبرى لتحقيق استقلال 
بلادهم » ولا سيما بعد أن لاحظوا تمزّق الامبراطورية العثمانية وتشتت جهاما . 

كانت اقامة الملك في ( دوله باقجه ) ممتعة جداً » وقد زار ببخته قصر 
تورك ني مصيف يالوا » حيث استقبله الرئيس التركي بالذات - وكان يود 


أن يزور القصر الذي كان يقطنه والده في سفح الحبل المطل على بيوك دره 
بالبوسفور فلما تيسرت هذه الزيارة مشى في جنبات القصرء وعتر على الموضع 
الذي كانت له فيه ذكريات الشباب والصبا ؛ فاذا بعينيه تغرورقان بدموع 
الفرح والابتهاج » وكان لا يكم هذا الفرح عندما كنا مجلس في الشرفة المطلة 
على البوسفور ني ( دوله باقجه ) اذكان يسر الي" قائلا” في فرحته ( ناجي أفي 
حلم نحن أم في يقظة ؟ وهل هي حقيقة أن يصبح فيصل ملكا على العراق ؟ 
وقد كان من رعايا الدولة الي تكرمه اليوم هذا التكريم ؟ ) . 

وبينما نحن في غمرة هذا الفرح اذ وافت أنباء الاضراب العام في العراق 
من أجل قانون رسوم البلديات » وما أحدثه من هياج في النفوس » واضطراب 
في الامن » واذا ببرقية تصل الى الملك من أخيه ونائبه الملك علي يشكو فيها 
سلوك مزاحم أمين الباجه جي وزير الداخلية » ويتألم لأنه ( فيصل ) اصطحب 
نوريورسم» وتركه دون معين » فاذا بالملك يأمرنوريالسعيد بالعودة الى بغداد 
فوراً لانقاذ الموقف . وبعث الطمأنينة من مرقدهاء فلم يسع نوري غير الامتئال 
فعاد وقام بالاجراءات الي ترآى له انها ضرورية لاستعادة هيبة الحكم . أما 
الملك فبعد أن قضى سبعة أيام في استانبول » استقل القطار الى أوربا » فودعه 
رئيس الحمهورية في محطة سركه جي في استانبول وصحبته الى أدرنه على الحدود 
التركية - البلغارية وقد أعرب لي الملك عند انتهاء اصطحاني إياه في هذه السفرة 
الوداعية؛ عن خالص شكره واعجابه » مؤكدا لي بأنه لولاي لما تمت الزيارة 
عثل هذه الاببة » ولا سيما وقد كان هذه الزيارة الأثر الكبير في تحسين العلاقات 
بين تركية والعراق » وأضاف الى ذلك قوله انه سيدعوتي الى بغداد بعد انتهاء 
زيارته الى أوربا في حين كنت أرجح البقاء في منصبي ولكن هل كان ذلك في 
امكاني ؟ 


استدعاني لمنصب وزارة الداخلية 
عاد الملك الى بغداد من رحلته في 54 أيلول ١97١‏ فتلقيت من الديوان 


645 


الملكي هاتين البر قيتين : : 
7 ناجي شوكت : عراقية أنقره 


برجى حضوركم بأسرع ما يمكن عبد الله الحاج 
7- ناجي بلك شوكت : عراقية أنقرة 
وجه جلالته وزارة الداخلية الى معاليكم عبد الله الحاج 


فاضطررت أن أرد على هاتين البرقيتين بالبرقية الآني نصها وذلك في "١‏ 
نشرين الاول ١941‏ . 
خارجية بغداد : الى عبد الله الحاج 

عند استلامي برقيتكم الاولى » كنت قد قررت السفر اليوم وحدي » 
حبث كنت اظن ان الامر الذي يتطلب حضوري الى بغداد هو لمطلب خاص 
أو لتلفي أوامر صاحب الحلالة الملك . وبما اني علمت من برقيتكم الاخيرة 
ان صاحب الحلالة قد تفضل بتوجنيه وزارة الداخلية الي دون اخباري سابقاً » 
ما أعده ثقة كريمة واعتماد خاص على عبده بالرغم من اني كنت أود أن أبقى 
ثلا لحلالته هناء فلا يسعي إلا" رفع شكري واخلاصي لحلالته اذ انني دائماً 
رضعت شخصي نحت أوامر جلالته بدون قيد أو شرط . ولما كان من اللازم 
فطع علاقاتي من هنا » وأخذ العائلة والأولاد الذين هم الآن في استانبول في 
مدرسة ليلية » لا يسعبي السفر قبل عشرة أيام فالرجاء عرض ذلك على أعتاب 
جلالته . 

ذاجي شوكت 

وصلت الى بغداد في الحامس من تشرين الثاني ١‏ أي بعد افتقناح 
مجلس الامة بخمسة أيام» وباشرت عملي كوزير للداخلية بعد يومين » فما 
كدت أشرع في مزاولة عملي حبّى سمعت اطلاقاتنارية بالقرب من غرفي » 
داذا بالفراش علي يدخل علي ويقول : أترك غرفتك يا سيدي حالا". 
أتل المدير العام عبد الله الصانع في غرفته . فتركت غرفتي لأتبين الاسباب » 


66 


الحياة وقد جلس أمامه عبد الله الفالح السعدون » وبيده المسدس الذي قتل به 
المدير » فرمى مسدسه على الارض » واستسلم لمدير الشرطة . ثم سيق القائل 
الى محكمة الحزاء الكبرى فأصدرت بحقه حكم الاعدام » وقد تأيد هذا الحكم 
تمييزاً ولكن الملك استبدل هذا الحكم الى السجن لاعتبارات قبلية . فقد عقد 
عبد الله الصانع على كر يمة عبد المحسن السعدون » على الرغم من معارضة 
السعدونيين له» على أساس أن والدة القتيلكانت زنجية مملوكة لوالده » وكانت 
السين القبلية لدى السعدونيين لا نجيز مثل هذا الزواج . 

اجتمعت بالسادة : ياسين الحاشمي » ورشيد عالي الكيلاني » وحكمت 
سليمان » وجميل المدفعي » وغير هم فوقفت بواسطتهم على الوضع السياسي 
العام في البلد » كما اطلعت على نص الاستقالة الي كان رفعها المدفعي 
الى رئيس الوزراء من حزب العهدء واحتجاجه على سلوك مزاحم الباجهجي 
مسع رجال المعارضة ومع المضربين وغيرهم » وفرضه الرقابة على 
المراسلات البريدية والتلفونية » ومطاردته الحصومه بشى الانواع خلافاً 
للنصوص الدستورية » واتضح لي ان هنالك كتباً سرية وجهت الى بعض 
الشخصيات السياسية وفيها هتك للاعراض » ومس بالكرامات » وان مزاحم 
أصدر أمراً بعزل محمود صبحي الدفتري من أمانة العاصمة » وان في هذا 
الامر عبارة جارحة غير مألوفة في المراسلات الحكومية ولا بين الناس . وكان 
مزاحم المومى اليه قد استقال من منصبه كوزير للداخلية قبل وصولي الى العراق 
بعشرة أيام » ولكن رئيس الوزراء فضل استقالة الوزارة حفظاً ككرامة زميله 
الباجه جي » ثم أعاد تأليفها في ١9‏ تشرين الاول على الوجه الاني : 

نوري السعيد ‏ رئيساً لمجلس الوزراء . 

ناجي شوكت - وزيراً للداخلية . 

رسم حيدر - وزيراً للمالية . 


55 


واذا بمدير الشرطة يدخل غرفة المدير العام » ويحد المدير منحنياً وقد فارق 


محمد أمين زكي - وزيراً للاقتصاد' والمواصلات . 

عبد الحسين الحلي - وزيراً للمعارف . 

كان أول واجب فكرت القيام .به » محو أثر الاساءة الي الحقت أمين 
العاصمة محمود صبحي الدفتري » فسحبت أمر العزل الموجه اليه من ملفات 
الوزارة » وقدم المومى اليه كتاب استقالته من منصبه على الوجه الاني : 
وزارة الداحلية 

بناء على أسباب شتى » وتعذر دوامي على القيام بمهام أمانه العاصمة » 
أرى نفسي مضطراً لتقديم استقالي ارجو قبوها . 

صبحي الدفتر ي 

وقد أحال نوري السعيد هذه الاستّقالة بالهامش الآني نصه : 
معالي وزير الداخلية 

أر جو أن تعتبروا صبحي بك الدفتري مستقيلا” من تاريخ ه أيلول ١97١‏ 
وتعتبر وا الكتب المتعلقة بقضية عزله باطلة . 

لا 1١‏ الوا نوري السعيد 

م أردت أن أنحقق من الاشاعات الي كانت الالسن تلوكها من ان لماحم 
الباجهجي علماً بالكتب السرية البذيئة » فكلفت نائب المفتش العام للشرطة ومدير 
التحقيقات ال حنائية أن يشرع في التحقيقات السرية للغاية دون أن يستجوب شاهداً 
أويستمع الى افادة مشتبه به. وقد قام الموما اليه بعمله على الوجه الأ كمل » وقدم 
إلي تقريره المفصل ني الاول من شباط 197 فلم أرمن اللباقة أو المصلحة 
نشر هذا التقريرء وانما ا كتفي بذكر بعض الفقرات الحامة البي جاء فيه وهي : 
ارلا" ان آلة الطابعة الي استخدمت في طبع هذه الرسائل تعود الى شعبة 

المحاسبة في أمانة العاصمة » وهي من ماركة مونارك م . ل  .‏ ه١٠٠‏ 

وليس في بغداد كلها غير آلتين اثنتين من هذا الطراز » وان هذه الآلة 


1517/ 


نقلت من موضعها مرةٌ على الاقل الى دار رفيق نوري السعيدي » مدير 
التحرير في أمانة العاصمة» وهو أحد الذين كانوا متهمين في اعداد الرسائل 
موضوعة البحث . 

ثانياً - ان غلافات بعض هذه الرسائل كانت بخط أحمد قاسم راجي » أحد 
المتهمين . 

ثالثاً ‏ ان وزير الداخلية مزاحم الباجهجي لم يتخذ أي اجراء لمنع توزيع هذه 
الرسائل . ولا أراد الرقيب أن يوقفها » منعه الوزير عن ذلك مع علمه 
بممحتوياها من بذاءة ومس بالكرامات . 

رابعاً ‏ ان المتهمين في هذه القضية هم : رفيق نوري السعيدي » شفيق نوري 
السعيدي » جميل نوري السعيدي » أحمد قاسم راجي » فاضل قامم 
راجي » ابراهيم محمد الحراح » عبد الرزاق السامرائي » عبد الله البراك. 
وان سجل الاحوال الشخصية لهؤلاء لم يكن نظيفاً . ففاضل قاسم راجي 
كان مفصولا” من الحدمة بتهمة الاختلاس » واخوه أحمد قاسم راجي 
كان مفصولا” من الاوقاف فاستخدمه الوزير في أمانة العاصمة على الرغم 
من معارضة أمين العاصمة لهذا التعيين . 

خامساً ‏ ظهر من سجل المخصصات السرية لوزارة الداخلية ان أحمد قامم 
راجي قبض من هذه المخصصات أكثر من مرة » وان ابراهيم محمود 
الحراح شوهد يزور وزير الداخلية في مقره أثناء الدوام مراراً عدبدة ومعه 
عدة رسائل » وان عبد الرزاق السامرائي كان يسب أمين العاصمة علا ؛ 
وانه من جماعة الباجه جي المقربين . 
ويضيف تقرير مديرية التحقيقات الحنائية الى ما تقدم ان لدى الدائرة كثيرأً 
من المعلومات الاخرى » وانها تريد ان تعلم ما اذا كانت الحكومة توعز 
في الشروع في التحقيقات اللازمة للكشف عن هذه الحريمة » وفقاً لأحكام 
قانون أصول المحاكمات الحزائية . فرجوت رئيس الوزراء أن يطلب من 


لفحل 


مجلس النواب رفع الحصانة النيابية عن الوزير الباجدجي نزولا" عند رغبة 

محكمة الحزاء » تمهيداً لمحا كته » ولكن الياجه جي أسرع الى تقديم استقالته 

من النيابة فقبلها المجلس في جلسته المنعقدة في 758 أيار 1987 . وبعد, 

مرافعات طويلة وأحكام مختلفة » رأى الملك فيصل ان المصلحة العامة 

نقضي بغلق هذه القضية بعد ان كان قد وافق على السير بها الى النهاية . 
أخبار منوعة 

١-:سافر‏ رئيس الوزراء نوري السعيد الى تركية » بعد تأجيل .جلسات مجلس 
النواب شهراًكاملا » ليوقع مع السلطات الأركية المسؤولة : معاهدة تسليم 
المجر مين » واتفاقية الاقامة » وكذا المعاهدة التجارية. وكانت هذه قد 
وضعت أسسها أثناء زيارة الملك فيصل لتركية » وقد صادق عليها مجلس 
النواب العراتي في ؟١‏ آذار 31 .1١97‏ 

١9137 وضع قانون العملة العراقية موضع التنفيذ اعتباراً من أول نيسان‎ ١ 
وقد حل بموجبه الدينار العراني وأجزائه حل الربية الهندية اللي فرضها‎ 
. الحيش البر يطاني‎ 

'- عين السيد رشيد عالي الكيلاني رئيساً للديوان الملكي اعتباراً من 55 
حزيران 1917 وأثناء غياب نوري السعيد عن العراق . 

؛ - قدم العراق الى عصبة الامم الضمانات الي طلبتها العصبة عن الاقليات 
لتيسير دخوله عضواً في هذه الهيأة الاممية . وكان مجلس النواب قد أقر هذه 
الضمانات في الحامس من أيار 1477 ». وني الثالث من تشرين الاول 
سل أعلن مجلس العصبة قبول العراق عضواً في عصبة الامم . 


حركات بارزان 
لما شرعت في الكتابة عن هذه الحركات في العام 14177 ء رأيت مسن 


116 


المناسب أن أعيد النظر فيما كتبه السيد عبدالرزاق الحسبي من ص ١58‏ من 
الجزء الثالث من كتابه « تاريخ الوزارات العراقية » الى ص 184 من الحزء 
المذكور فعلى من أراد الاطلاع على تفاصيل هذه القضية ومستمسكاتها الرسمية 
فلير جع الى صفحات ذلك الكتاب . ولكن حيث اني كنت وزيراً للداخلية 
أثناء القيام بتلك الحركات ٠‏ فقد رأيت من واجبي أن أدون هذه الملاحظات : 

حاولت متصرفية لواء الموصل الاتصال بالشيخ أحمد البارزاني مراراً 
عديدة لتفهم منه ما يريده لمنطقته فلم يعرها أي اهتمام . لم يكن في المنطفة 
مستشفى » ولا مستوصف » ولا مدرسة ؛ ولا طريق معبد . وكانت جماعته 
في غارات متسلسلة على مجاوريهم . ولما ضاقت الحكومة ذرعاً بهذا الوضع 
الذي لا يمكن أن نتحمله أية حكومة تحترم نفسها » قررت أن تباغته مفرزة 
بالقبض عليه والمجىء به الى الملوصل ». وذلك عندما يكون اتباعه منصرفين 
عنه في أشغالهم وقضاياهم . وهكذا أصدرت وزارة الدفاع الى قائد منطقة 
الموصل » العقيد برقي شقيق الفريق بكر صدتي العسكري » أوامرها أن يقوم 
بهذه العملية . وكان من الغريب ان يأمر هذا العقيد سرية' من سرايا الحيش » 
يختار لقيادنها ضابط كردي للقيام ببذه المهمة الحطرة . فان هذا الضابط بدلاة 
من أن يباغت الشيخ أحمد في مقره ويصطحبه الى الموصل » فانه أرسل اليه 
انذاراً يطلب فيه أن يسلم نفسه » فما كان من الشيخ المذكور إلا أن ينتهز 
الفرصة فيجمع فلوله » ويصطدم بالسرية » ويكبدها خسارة أكثر من خمسين 
قتيلا” . وهكذا فشلت الحطة ووجب على الحكومة ان تعد العدة لحملة عسكرية 
قامت بقمعها واجبرت المومى اليه على الالتجاء الى تركية على النحو الذي 
شرحه الحسبي في كتابه المذ كور . 

لم يكن لوزارة الداخلية دورها الوحيد في هذا التدبير » ولا كان ذلك 
من مبتكر انها ؛ لآن القسط الاعظم والمهم كان قد ثم من قبل وزارة الدفاع , 
ولكن نوري السعيد اراد أن يستغل” هذا الفشل - كعادنه ‏ فينسب التقصير 
الي » ويرجو من الملك أن يحملي على تقديم استقاني من منصب وزارة 


"٠ 


الداخلية لأنه كان ممتعضاً من نكليف الملك لعبد الله الحاج بأن يستدعيني من 
أنقرة لأشغال منصب وزارة الداخلية في وزارة نوري الثانية » دون استشارته 
وأخذ رأيه » ولأنه كان يفضل الاحتفاظ بالباجهجي وزيراً للداخلية » على 
الرغم من تسببه في هياج الرأي العام » واضطراره للاستقالة . أو كان على 
الاقل - لا بد أن يسند وزارة الداخلية الى السيد علي جودت كما تنطق بذلك 
رسالة خاصة بعث بها نوري إلي' نفسه وما تزال في حوزتي . 

استدعاني الملك فيصل بعد فشل السرية الي أرسلها العقيد برقي للقبض 
على الشيخ أحمد » وألمح الى ان علي أن استقيل من منصبي انقاذا لكرامة 
الحكومة فأجبته فور : عفواً يا صاحب الحلالة اذا لم ألب طلبك هذا ؛ 
وأنمحمل لوحدي فشل احركة » فان كانت هناك مسؤولية حقيقية فيجب أن 
توجه الى وزير الدفاع جعفر العسكري . أما اذا أراد نوري أن يبعدني عن 
وزارته فما عليه إلا أن يستقيل من الوزارة » أو أن تأمر بسوتي ووزير الدفاع 
الى المحكمة العليا لتنضح الحقيقة ويعرف كل واحد ماءله وما عليه . فبهت 
الملك هذا الحواب » وطلب إلي” أن أقابل نوري السعيد . فقابلته ونقلت الحديث 
الذي جرى بي وبين الملك فسكت ولم ينبس ببنت شفة . ولما قابلت الملك 
بعد يومين قال : أهنئك على موقفك وحر صك على حفظ كرامتك وقد ازددت 
وثوقاً بك وباصالة آرائك . 

وبعد أن ساد الامن في المنطقة الشمالية» وعمتها الطمأنينة » أعرب الملك 
عن رغبته في القيام يجولة تفقدية ارافقه فيها » فأعد منهاجبهازيارة وبدأ ني 
تنفيذه اعتباراً من ١١‏ آب ١47‏ وكان يرافق جلالته في رحلته هذه ولي 
عهده الامير غازي » وناظر خزينته الخاصة صفوت العواء » ورئيس تشريفاته 
نحسين قدري » واثنين من المرافقين . فزرنا ألوية كركوك » والموصل » 
وأربيل » وكان الموكب في كل مكان يستقبل بمجالي الاكرام والبهجة » بحسب 
المعتاد . وعند وصولنا الى معسكر الحيش في « جنديان » يجوار «راوندوز » 
ارتأى الملك أن يرتاح فيه يوم كاملا" نحول خلاله في الوديان والقرى القريبة : 


١ 


وفي المساء دعاني لى العشاء وفيما كنا ثتناول المرطبات » جرى استعراض عام 
لأحوال البلاد » وما يجب أن تقطعه في سبيل تقدمها وازدهارها في مستقبل 
الاعوام » ولا سيما بعد أن قرب تحقيق استقلالها ودخوها عضواً في العصبة 
الاممية . وكان الكلام بحري بكل حرية وبدون تكلف . 

قال جلالته : بعد أن يم دخولنا عصبة الامم فاني أفكر في اقامة وزارة 
جديدة تكون اما محايدة أو مؤتلفة » وارى ان ينحى نوري السعيد عن الحكم 
لبعض الوقت » لاني أخشى ان يصاب بالغرور بعد هذا الدخول » وتزداد 
ثقة الحكومة البريطانية فيه » وأرى ان يحل مجلس النواب » ونحري انتخابات 
عامة لمجلس جديد يفسح المجال فيها لاشتراككافة العناصر فيه . ثم سألبي رأبي 
في الشخص الذي يوسده رئاسة هذه الوزارة » فأجبته اني أرى أن يكون 
المرشح الاول لثل هذه الوزارة ناجي السويدي » أو ياسين الهاشمي » ولا 
سيما اذا استطاع الثاني أن يبعد عنه نفوذ بعض أعضاء حز به وتأثير هم عليه . 
أما المرشح الثاني فأرى أن يكون جعفر العسكري . فأجاب انه سيستأنف 
الحديث معي عند عودتنا الى بغداد . 


تم قبول العراق عضوا في عصبة الامم ' في الثالث من تشرين الاول 
117 م. . وف السادس منه اقامت أمانة العاصمة حفلة كبرى في حدائقها بهذه 
المناسبة دعت اليها وفودأمن الالوية كافة » وألقى الملك فيها خطاباً مطولا” 
هنأ فيه الشعب العراتي ببذا الدخول » ونوه الى ان فضل ذلك لا يعود الى فرد 
أو شخص معين » وائما هو نتيجة الحهود الامة برمتها » وحث الجميع على 
التعاضد والتآزر » وعلى ايثار المصلحة العامة على المصلحة االخاصة . واضاف 
الى كل ذلك قوله : سبروني كما كنت دائماً لا أستهدف إلا" المصلحة العامة . 
ثم شكر الحكومة البريطانية وممثلها في العصبة الاممية » وكذا رجال الدول 
المختلفة فيها على مواقفهم الحميدة . 

وفي 77 نشرين الاول ١9417‏ » قدم نوري السعيد استقالة وزارته الثانية 


١ 


فقبل الملك استقالته » وشكره على ما بذله من جهود » كما شكر زملاءه على 
ذلك . 

وي أول تشرين الثاني ١987‏ افتتح الملك مجلس الامة في اجتماعه 
الاعتيادي » وألقى خطاب العر ش التقليدي » وانلتخب الاعيان السيد محمد 
الصدر رئيساً لمجلسهم » كما انتخب السيد جميل المدفعي رئيساً لمجلس النواب . 


تأليفي للوزارة الحديدة 


تلقيت نداء” هاتفياً من الملك على في مساء يوم افتتاح مجلس الامة يدعوني 
فيه الى تناول طعام العشاء على مائدته » فلما قصدته في قصره قال لي : ان انخاه 
امك فيصل قادم عن قريب ليتعشى معنا سوية . 

لم يحلس على مائدة الطعام مع الملكين الشقيقين » ومعي » غير الامير 
عبد الاله نجل الملك علي » وطبيبه الحاص الدكتور محمد » ومر افق الملك 
فيصل . وبعد الفراغ من تناول الطعام اختلينا نحن الثلاثئة في غرفة أخرى » 
وافتتح الحديث الملك فيصل قائلا : 

تتذكر اننا تحدثنا في « معسكر جنديان » حول الوزارة المقبلة . لقد استقال 
نوري الآن » وعلي أن أكلف أحد الساسة ليؤلف وزارة تخلف الوزارة 
المستقيلة » وانا الآن أفكر في واحد من ثلاثة هم : جميل المدفعي » ورشيد 
عالي الكيلاني » وناجي شوكت » أما جميل فقد انتخب لرئاسة مجلس النواب » 
وأما رشيد فيشغل الآن رئاسة الديوان »وأما الثالث فهو أنت » وعليك أن 
نميء نفسك للاضطلاع ببذه المهمة . فشكرت صاحب الخحلالة على ثقته 
الغالية » وبعد حديث قصير بين الملكين الاخوين طلب إِليء الملك فيصل أن 
أقابله في صباح اليوم التاليي في بلاطه بعد أن أكون قد هيأت قائمة بأسماء الوزراء 
الذين أريدهم . 


فكرت إمد عودتي في الموضوع كثيرا . وكانت لدي أسباب كثيرة حملي 
تكون الوزارة محايدة » على أن تدخلها عناصر مثقفة من غير محترفي السياسة 
الذين اعتاد الناس أن يرمزوا إليهم ؛ ( المرموقين ) و ( ذوي الوزن الثقيل ) 
فاحرت : 
نصرة الفارسي - من رجال الحقوق » ومن المحامين المشهورين . 
رشيد الحوجه - من أقدم الضباط اللامعين » وكان يحمل رتبة زعيم ف 
الحيش العثماني » ومن الاركان المثاليين . 
عبد القادر رشيد ‏ أحد خريجي الجامعة الامريكية في بيروت » وممن 
يحسنون عدة لغات » مضافاً الى الثقافة الواسعة . 
جميل الوادي - أحد خريجي كلية الحقوق . 
عباس مهدي - شاب حقوني ومثقف» وقد مارس العمل في الوظائف 
الحارجية. 
جلال بابان ‏ من نخريجي الكلية العسكرية العثمانية» ومن أبرز رجال 
(حزب الحرس السري ) في عام 1117١‏ . 


فلما قابلت الملك في اليوم التالي وعرضت عليه هذه الاسماء » لم يبد 
أي تحفظ على واحد منهم بل قال : أرجو أن تكون عند حسن ظي فيك ؛ 
وان نجعلي أذكر دوماً اني كنت موفقاً في وضع ثقي بك . وبعد أن اتصلت 
بالذوات الذين اخثرتهم للمز املة وتفاهمنا ») صدرت الارادة الملكية الآنية : 
وزيري الافخم ناجي شوكت : 

بناء على استقالة فخامة نوري السعيد من منصب رثاسة الوزراء » ونظراً 
الى اعتمادنا على درايتكم واخلاصكم » فقد عهدنا اليكم برئاسة الوزارة 
الحديدة على أن تنتخبوا زملائكم » وتعرضوا اسمائمهم علينا » والله ولي التوفيق. 


"3232 


صدر عن قصرنا الملكي في اليوم الرابع'من شهر رجب لسنة ألف وثلثماثة 
وواحد وخمسين هجرية » الموافق لليوم الثالث من شهر نشرين الثاني لسنة 
ألف وتسعمائة واثنين وثلاثين ميلادية .. 

فيصل 
هيأة الوزارة - 

أصدرت ارادتي الملكية 
بناء على ما عر ضه رئيس الوزراء بتعيين : 

ناجي شوكت - وزيراً للداخلية . 

ونصرة الفارسي - وزيراً للمالية . 

وعبد القادر رشيد ‏ وزيراً للخارجية . 

وجميل الوادي - وزيراً للعدلية . 

ورشيد الحوجه - وزيراً للدفاع . 

وجلال بابان ‏ وزيراً للاقتصاد والمواصلات . 

وعباس مهدي - وزيراً للمعارف . 

على رئيس الوزراء تنفيذ هذه الارادة . 

كتب ببغداد في اليوم الثالث من شهر تشرين الثاني سنة 14117 واليوم الرابع 
من شهر رجب سنة 1781 . 

رئيس الوزراء - ناجي شوّكت 
فيصل 


منهاج الوزارة 


وفي ١١‏ تشرين الثاني 1977 نشرت الوزارة الحديدة منهاجها الوزاري 
وهذا نصه : 


بعد الاتكال على الله » واستناداً الى ثقة صاحب الحلالة الملك المعظم 
الغالية » واعتماداً على معاضدة الامة ومؤازرتما » تسلمت الوزارة مقاليد 
الحكم ؛ واعتزمت السير في ادارة أمور المملكة وفقاً للمنهاج الآني : 


- السياسة ا حارجية . 
العناية التامة : 
أ - بتقوية صلات الود والصداقة مع بريطانية العظمى بروح التحالف القائم 
بين المملكتين 
ب - بتوطيد أواصر العلاقات الحسنة القائمة بين العراق والدول المتحابة ؛ 
وخاصة الدول المجاورة . 
ج - بالقيام بالواجبات المثرتية على العراق بصفته عضواً في عصبة الامم . 
د بالسعي في كل ما من شأنه تقوية الروابط الاخوية الي تربط العراق 
بالبلدان العربية المجاورة » بصورة تؤدي الى تعزيز روح الاخاء والمنافع 
المشتركة . 
- السياسة الداخلية ‏ 
تنظيم ونحسين الادارة » وترقية مستوى كفاءها وذلك : 
أ بالنظر في تشكيلات الدولة » وترتيب توزيع الوظائف » بنسبة الحاجة 
اليها. 
ب - بانحاذ الاساليب الكافلة لرفعم مستوى كفاءة الموظفين . 
ج - بتقوية المراقبة على الأعمال الرسمية وتفتيشها . 


تنظيم ميز انية متوازنة على أساس : 


أ تحديد المصروفات الاعتيادية بأقل ما يمكن » مع المحافظة على حسن 
القيام بالحدمات العامة . 


ب - إعادة النظر في مشروع الحمس سنوات على أساس جعل منهاجه يتضمن 
المشاريع المثمرة الكبرى ٠‏ والعمرانية الأكثرٌ ضرورة ونفعاً » و تخصيص 
مدخولات النفط لتلك المشاريع . 
السعي في امحاذ التدابير المؤدية الى تصريف منتوجات العراق في الخارج . 
النظر في إمكان نحسين طريقة جباية ضريبة المواشبي - الكودة ‏ . 
نحسين حالة الزراعة بصورة عامة » ومن ذلك تنظيم الواجبات والحقوق 
في ما بين الزراع » والعناية بتأسيس الصناعات الزراعية . 
تقوية الحيش والنظر في أفضل الاساليب الي يجب انخاذها لاشتراك 
الشعب في خدمة الدفاع المدثي . 

العناية بالمعارف على أساس : 

أ - توسيع التعليم الاولي» وجعله أكثر انطباقاً على الحاجات المحلية . 

ب - جعل مناهج التدريس كفلة لتنمية روح الاعتماد على النفس » والعمل 
على توسيع التدابير الصحية » ولا سيما مكافحة الامراض . 

ترقية النظام القضائي : 
تعديل نظام دعاوى العشائر بصورة تكفل ملاومته م أحكام القوانين 
العامة » نظراً لعادات العشائر . 
تنظيم شؤون العمل » وتأمين حقوق العمال . 
الاهتمام بتحسين حالة البلديات بصورة عامة » ومعاضدة أمانة العاصمة 
مالي للتمكن من القيام بمشاريع عمرانية معينة لتنظيم العاصمة . 


حل" مجلس النواب 


وفٍ الثامن من تشرين الثاني ١9477‏ كانت قد صدرت الإرادة الملكية 


الاشية د 


"١ / 


٠١7 رقم‎ 

حيث أن مجلس النواب الحاضر تألف بنتيجة انتخاب كان قد جرى 
لاستفتاء الأمة في المعاهدة العراقية البريطانية المؤرخة في ٠‏ حزيران سنة ١91٠‏ 
دون أن يتناول الاستفتاء فيما يحب تعقيبه من الخطط » عندما تنجز قضية 
المعاهدة المذكورة » الى كانت رهينة المستقبل آنذاك . وحيث ان المعاهدة 
الأكورة قد دخلت الآن في حيز التنفيذ » وافتتح أمام البلاد دور يختلف عن 
الدور الذي سبقه من حيث تطلبه سياسة مبنية على أساس الاستقلال والمسؤولية 
التأمين » وكافلة لارتكاز البلاد » واكتشاف رقيها في مختلف النواحي يستلزم 
فهم رغائب الامة بشأنه . وحيث ان فهم رغائب الامة يتوقف على استفتامها 
بطريقة تمكنها من انتخاب نواب عنها يعبرون عن تلك الرغائب » نظراً 
لمقنضيات الدور المذكور » فقد أصدرت ارادتي الملكية » بعد الاطلاع على 
المادة ا( 75 من القانون الاساسى » وبناء على ما قرره مجلس الوزراء » وعرضه 
علينا رئيس مجلس الوزراء بحل مجلس النواب » والبدء بانتخاب مجلس جديد . 

على رئيس الوزراء تنفيذ هذه الارادة . 

كتب ببغداد في اليوم الثامن من شهر نشرين الثاني سنة 1917 واليوم العاشر 
من شهر رجب سنة 781 . 


رئيس الوزراء - ناجي شوكت نيصل 


هذه هي الاسباب الرسمية الوجيهة الي استندت وزارني اليها في استصدار 
الارادة الملكية بحل مجلس النواب » والشروع في انتخاب مجلس جديد. وكانت 
هناك أسباب أخرى تستدعي هذا الحل أهمها » افي كنت أرغب رغبة صادقة 
صادقة في أن يكون المجلس الحديد ممثلا” لطبقات الشعب كافة » وأحزابه 
المختلفة» وأن تكون الاكبرية فيه من المثقفين على قدر الامكان . وقد استحسن 
المللك هذه الملاحظات وأيدها فصدرت الإرادة المذكورة بالحل المنشود . 


54 


وكان نوري السعيدء حين شعر بعزمي:على حل مجلس النواب الذي أجرت 
وزارته انتخابه والشروع في انتخاب مجلس جديد » قد زارني في مقر رئاسة 
مجلس الوزراء » وحاول إقناعي بالعدول عن فكرة الحل » وأظهر استعداده 
لضمان تأييد الأكبرية العهدية في حزبه لوزارثي » ووضعها نحت تصرني . 
ومع أني شكرت له نياته الحسنة ووعده الكريم » فقد أفهمته بأن قرار الح لكان 
قد امْحْدَ من قبل » ووافق الملك عليه » فلا سبيل للمراجع عنه . فلما عقدت 
الحلسة النيابية المقرر نلاوة الإرادة الملكية بالحل فيها » لم يحضرها أعضاءحز ب 
العهد » بل عقدوا اجتماعاً في بناية الحزب قرروا فيه الإضراب عن حضور 
الحلسة » ولكن الإرادة الملكية بالحل تليت يحسب الأصول » وانتهى الأمر . 
فقد كانت هناك سابقة لثل هذا الأمر » إذ قرأت الإرادة الشاهانية في مجلس 
المبعوثان العثماني من قبل الصدر الأعظم » على الرغم من عدم حضور أكثرية 
نواب المجلس فيه . وهكذا أخذ حزب العهد يتشبث بكل وسيلة لمعارضة 
وزارتي حنى وصل به الحد إلى أنه رفع عريضة إلى الملك زعم فيها عدم شرعية 
الحل . وعندما شعر الملك بتفاقم ألاعيب نوري السعيد » دبر أمر إرساله إلى 
جنيف لحضور اجتماع مجلس عصبة الأمم » أثناء بحثه قضية الحدود بين سورية 
والعراق» والعرائض الي رفعها الزعماء الاثوريون إلى العصبة حول مستقبلهم . 
وهكذا هدأت أعصاب الأكثرية العهدية فأراحت واستراحت . 


قصة حرس المطارات 
تنص المادة الرابعة من ملحق المعاهدة العراقية - البريطانية لسنة ٠197م‏ » 
على مايل : 
« يتعهد صاحب الحلالة ملك العراق بأن يقدم » بناء على طلب صاحب 
الحلالة البريطانية » وعلى نفقة صاحب الحلالة البريطانية » ووفقاً للشروط 
التي يتفق عليها الفريقان الساميان المتعاقدان » حرس خاصاً من قوات صاحب 


56 سيرة وذكريات )١4(‏ 


الحلالة ملك العراق لحماية القواعد الحوية » مما قد تشغله قوات جلالته وفز) 
لأحكام هذه المعاهدة » وان يؤمن سن القوانين التشريعية الي قد يقتضيها تنفيذ 
الشروط الانفة الذكر » ١.ه‏ . 

وبعد تأليف وزارتي » قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في ١7‏ كانون 
الأول ام تأليف لحنة من وزراء الحارجية » والعدلية » والدفاع ٠»‏ للنظر 
في كيفية تأليف هذا ال حرس » ورفع تقزير بذلك إلى مجلس الوزراء . فلما 
اجتمعت هذه اللجنة المؤلفة في ١1‏ كانون الأول 1977م لفتت نظرها إشارةإلى 
كتاب وجهه رئيس الوزراء السابق» نوري السعيد» إلى المعتمد السامي البريطاني, 
السر همفريز حول هذا الموضوع . وبعد البحث عن هذا الكتاب » عير عليه 
في خزانة سكرتارية مجلس الوزراء » وهذا نصه : 

وزارة الحارجية 

بغداد في ٠١‏ حزيران ٠191م‏ 
سيدي : 

إشارة إلى المادة 4 من ملحةالمعاهدة الي وقعناها اليوم؛ أنشرف بإخباركم 
أنه عندما يأني الوقت الذي تنفذ فيه أحكام تلك المادة » ستكون الحكومة 
العراقية مستعدة للموافقة على الترتيبات التالية لأجل ا حرس اللحاص المشار إليه 
في هذا الملحق . لا أتوقع أن نحصل ضرورة لاتخاذ أي تشريع لتأمين جريان 
هذا الترتيب بسهولة » ولكن إذا كانت هناك نقطة ووجد من الوجهة العملية 
أن القانون الحاضر لا يكفي بشأنبا لهذا الغرض فإن التشريع اللازم سيمر 
بدون تأخير . 
أ - تتألف القوة من رجال لا يتجاوز عددهم ١76٠١‏ ماعدا الموظفين 

البريطانيين . 
ب - تكون الحدمة في القوة اختيارية » وتعفى هذه الخدمة أي عضو من القوة 

المذكورة من أحكام أي قانون لأجل الحدمة الإجبارية . 


لم 


- تكون القوة نحت قيادة قائد بريطاني » ويكون العدد اللازم من الضباط 
البريطانيين والعراقيين الذين هم دون درجة » كلهم تابعين إلى جلالة 
ملك العراق . ويدخل ضمن ذلك صغار الضباط » وضباط الصف 
البريطانيون » بحسب الحاجة » وتكون لهم السلطات الي نختص برتبهم 
عادة . وللقائد الصلاحية بوضع قواعد فيما يختص بالتجنيد » والإدارة ؛ 
ونوع الأسلحة » والنجهيزات » واللباس ٠»‏ وكيفية التدريب » ومقدار 
الراتب » وشروط الحدمة . 

د -أما بخصوص النظام فستكون القوة » باستئناء الموظفين البريطانيين » 
خاضعة إلى القانون العسكري العرائي . بمنح القائد » والضباط البريطانيون 
النابعون » السلطات الحزائية اللازمة » ويكون للقائد الحرية التامة من جهة 
دعوة الديوان حرب وتأليفه»؛ تصدق الأحكام الصادرة من ديوان الحرب» 
الذي لا يكون القائد عضواً فيه » من قبله . في الأحوال الي يكون فيها 
القائد نفسه عضواً في الديوان » أو يكون الحكم الصادر منه يتجاوز 
الحبس سنة واحدة » بحري تصديق الحكم من قبل وزير الدفاع . 

ه - تكون وظيفة القوة الأساسية حماية قواعد الطيران في العراق الي قد 
تكون ‏ بموافقة الحكومة العراقية ‏ مشغولة من قبل قوات صاحب 
الخلالة البريطانية. وتتناول هذه الوظيفة مهمة المحافظة على مواد و محخازن 
قوات صاحب الحلالة البريطانية في العراق حيئما كانت . ولأجل القيام 
مبذه الوظائف البى تكون المسؤولية الإجرائية عنها عائدة إلى القائدء 
توضع القوة تحت نصرف قائد الطير ان المطلق . 

و من المتفق عليه أنه قد تدعو الضرورة من وقت لاخر لأجل القيام 
بالوظائف المذكورة أعلاه بصورة منتظمة ‏ أن يتلقى أعضاء القوة 
الأوامر من ضباط قوات صاحب الحلالة البريطانية . تبلغ هذه الأوامر 
إلى القوة عادة بواسطة ضباطها . غير أن الحكومة العراقية لا تعارض : 


51١١ 


عند الحاجة » في إصدار هذه الأوامر بصورة مباشرة » وتتخذ التداير 
في هذه الحال لتأمين إجبار جميع أعضاء القوة على امتثال هذه الأوامر , 
وتمتعهم بنفس الصيانات كما لو كانت الأوامر قد أعطيت من قبل 
ضابط قوات صاحب الحلالة ملك العراق . ومن المتفق عليه أن سلطة 
القيادة على القوات العراقية الي قد تمنح إلى ضباط قوات صاحب الحلالة 
البريطانية لا بمكن ممارستها إلا فيما يتعلق بالقوة الخاصة . 
ز - تسدد نفقات القوة كلها من قبل حكومة صاحب الحلالة في بريطانيا 
العظمى . 
أتشرف بأن أكون يا سيدي 
خادمكم المطيع جداً 
ن. س 
جي. سي . ي. او ... الخ 
فخامة السر ف. ه. همفريز 
معتمد صاحب الحلالة لبر يطانية السامي في العراق 


مقابلة نوري والملك : 

لم أكد أطلع على هذا الكتاب حبى استدعيت نوري السعيد وسألته عن 
كيفية إصداره الكتاب » ولاذا بقي سراً ولم يعرض على مجلس الآمة » كم 
عرضت معاهدة ١‏ حزيران ١191م‏ وملحقاها » وهل اطلع مجلس وزرائه 
عليه » أو أحاط الملك فيصل علماً به ؟ فأجابي على الفور : ان مجلس نوزراء 
لم يطلع على هذا الكتاب » وانه لم يقدمه إلى مجلس الأمة لثلا يرفض المجلس 
المعاهدة » لأن المادة الرابعة من ملحقها ينص على أن يكون حرس المطارات 
( حرساً خاصاً من قوات صاحب الحلالة ملك العراق ) ؛» وأضاف إلى أقواله 
هذه : ان الملك فيصل سبق أن اطلع على الكتاب . ولما قلت له : طيب كيف 
قبلت أنت وحدك أن تلزم الحكومة العراقية بمثل هذه القيود الواردة في هذا 


51 


الكتاب ؟ فأجاب بأنه لم .يكن ليفكر ببذة الأصول وهذه القاعدة » وان ماعمله 
متبع في العرف الدولي ولذلك أمثال كثيرة في معاهدات عقدت بين الدول . 

ثم أردت أن أتأكّد عما إذا كان للملك فيصل سابق علم.ومعرفة بهذا 
الكتات » فسألت جلالته عن ذلك فأجاب ( ان نوري قد أعلمه بالكتاب لكنه 
لم يطلعه على نصه ) فكيف أستطيع أن أوفى بين هذه الأقوال وهذا الواقع ؟ 
وهل ان الحكومة ملزمة بالذي جرى ؟ لقد اجتمع مجلس الوزراء » وبحث 
الموضوع بحا مطولا » وألف لحنة لدرسه وضعت التقرير الآني » وهو تقرير 
فانوني خطير يتناول الكتاب من جوانبه القانونية » والأصولية . وحيث لم 
بسبق نشره وكان من الوثائق الي تفيد المؤرخين والباحثين فقد أثبت نصه هنا : 


نص التقرير : 
تقرير اللجنة الوزارية عن مسألة تأليف حرس المطارات 


تأليف اللجنة : 

قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في ١!‏ كانون الأول ”1917م 
أليف لحنة من وزراء الحارجية » والعدلية » والدفاع » للنظر في مسألةتأليف 
حرس المطارات ورفع تقرير عنها . 


مهمة اللجنة : 

ورد ف الفقرة 4 من الملحق بالمعاهدة العراقية ‏ الإنكليزية لسنة ٠197م‏ 
مانصه : 

« يتعهد صاحب الحلالة ملك العراق بأن يقدم » بناء على طلب صاحب 
الحلالة البريطانية » وعلى نفقة صاحب الحلالة البريطانية » ووفقاً الشروط الي 
بنفق عليها : الفريقان الساميان المتعاقدان» حرساً خاصاً من قوات صاحب 
الحلالة ملك العراق حماية القواعد ا حوية ما قد تشغله قوات جلالته البريطانية 


ولف 


وفقاً لأحكام هذه المعاهدة » وأن يؤمن من القوانين التشريعية الي قد يقتضيها 
تنفيذ الشروط الآأنفة الذكر » . 
يظهر من النص المتقدم أن مهمة اللجنة هي : 
١‏ - تدقيق الشروط الي يمكن للحكومة العراقية أن توافق عليها لأجل 
١‏ - النظر فيما إذا كان تنفيذ تلك الشروط يتطلب إصدار تشريع أم لا . 


التدقيقات التمهيدية : 

كانت اللجنة تعتقد أن الفقرة 4 من الملحق بالمعاهدة الحديدة » المدرجنصها 
في أعلاه؛ هي الأساس الذي يح بأن تبى عليه شروط تأليف حرس المطارات: 
وبناء على ذلك رآت أن المسألة عبارة عن وضع مفرزة من القوات العراقيةتحت 
تصرف صاحب الخلالة البريطانية لاستخدامها في حماية القواعد الحوية 
البريطانية » والاتفاق على الشروط الي تستخدم بها هذه المفرزة كتعيين عدد 
أفرادها » ومقدار نفقاتها » والأماكن الي تستخدم فيها » وغير ذلك مما لا 
بمس بمبد أكون تلك المفرزة قسماً من قوات صاحب الحلالة ملك العراق . 


الوثائق الني اطلعت عليها اللجنة : 

اطلعت اللجنة على إضبارة وزارة الدفاع المتعلقة بهذا الملوضوع فوجدت 
فيها محاضر جلسات معقودة بين السلطات العراقية والسلطات الب يطانية في 
أزمنة مختلفة . وقد أدرج في المحاضر الشروط المتعلقة بتأليف -عرس المطارات. 
ويظهر أن هذه الشروط قد اتفق عليها الطرفان عدا القليل منها لا يزال غير 
مبتوت فيه . ولدى اطلاع اللجنة على هذه الشروط وجدت أن المقصود جعل 
قوة حرس المطارات أشبه شي ء بقوات الليقي » وبتعبير آخر جعلها بالفعلقرة 
بريطانية صرفة » وليس ها من الصفة العراقية إلا الإسم فقط ء خلافا للمبدأ 
الأساسي الوارد في الفقرة 4 من الملحق بالمعاهدة الذي ينص على أن تكون هذه 


51 


لفوة قسماً من قوات صاحب الحلالة ملك العرإق . وني أثناء تدقيق المحاضر 
المذكورة والمراسلات الأخرى عبرت اللجنة على إشارة كتاب مورخ ٠م‏ 
حزيران ٠197م‏ من نوري باشا رئيس الوزراء آنئذ إلى السر فرنسيس همفريز 
العتمد السامي » وظهر لنا أن هذا الكتاب يجب أن يكون وثيقة مهمة في هذا 
الموضوع لأنه كان مرجعاً يشار إليه ني المراسلات وني المحاضر عند المناقشة في 
الشروط . بحثت اللجنة عن هذا الكتاب فوجدته في خزانة مجلس الوزراء 
محفوظا مع الكتب السرية الأخرى . نربط ني طي هذا التقرير نسخة من الكتاب 
المذكور للاطلاع عليه . لقد احتوى هذا الكتاب على جميع الشروط الأساسية 
لمتعلقة بتأليف قوة حرس المطارات ولم يرك مجالا” لمستزيد . والشروط 
الموضوعة في محاضر الحلسات الي أشير إليها آنفاً كلها مستندة إليه باستثناء 
قليل جداً . 


كتاب نوري باشا الموؤرخ "٠‏ حزيران ٠141م‏ وقيمته من الوجهة الحقوقية : 

رأت اللجنة أن الشروط المدرجة في الكتاب محخالفة من حيث الأساس 
النص الوارد في الفقرة 4 من الملحق بالمعاهدة . ولما كان الكتاب المذكور لم 
بربط بالمعاهدة ولم يعتبر جزء متمماً لها » وإنما هو عبارة عن تفسير لنص” 
الفقرة 4 المبحوث عنها ني أعلاه» فقد حصل لدى اللجنة شك فيما إذاكانت 
الحكومة العراقيةملزمةبه أم لا . غير أنه لمأكانت العادة المتبعة أن يحريإيضاح 
بعض النقاط في المعاهدات بتبادل كتب بين المفاوضين » وتعتبر هذه الكتب 
تفسيراً لتلك النقاط من قبل الفريقين المتعاقدين » ولا كان نوري باشا قد 
أرسل الكتاب الموضوع البحث يوم التوقيع ني المعاهدة بصفته مفاوضاً من 
الخانب العراقي » فتعتقد اللجنة أنه لا مناص للحكومة العراقية من الاعئر اف 
بالكتاب المذكور . 


شروط تأليف حرس المطارات : 
بعد أن قررت اللجنة الاعّراف بكتاب نوري باشا واتخاذه أساساً لتدوين 


"16 


شروط تأليف حرس المطارات » شرعت في تدقيق الشروط الموضوعة من قبل 

السلطات البر يطانية » آخذة بنظر الاعتبار : 
أولا” - التوفيق بين كتاب نوري باشا والشروط . 
ثانياً ‏ تحوير الشروط من دون إخلال بالتعهد الوارد في كتاب نوريباشا 

بالصورة الي نجعل حرس المطارات قوة من قوات جلالة ملك العراق على 

قدر الإمكان . 

١‏ - (توسس في العراق قوة تدعى حرس المطارات ‏ توضع تحت التصرف 
الوحيد لضابط الطيران القائد لقوات صاحب: الحلالة البريطانية من أجل 
جميع الأمور امتعلقة بأمان القوة الحوية لملكية في العراق ) . 

لاملاحظة للجنة على هذه المادة . 

: نكون اللجنة تحت قيادة ضابط بريط الي وتولف هن‎ - ١ 

أ- أشخاص عراقيين لا يتجاوز عددهم 11١68٠‏ . 

ب - عدد من الضباط البريطانيين وضباط الصف البر يطانيين حسبمايحتاج 
إليه . يكون للضباط » ووكلاء الضباط . وضباط الصف البريطانيين 
المعينين في القوة أو الملحقين بها موقتاً «ركز وسلطة قيادة ومعاقبة 
حسبما يبين في الأوامر الصادرة من قائد القوة . ويكون لضباط » 
ووكلاء ضباط» وضباط صف أية من قوات صاحب اللحلالة 
البريطانية الي تتعاون مع القوة » سلطة القيادة على أفراد حرس 
المطارات حسيما يبين في الأوامر الصادرة من قائد القوة . 

لا اعتر اض لدى اللجنة على هذه المادة سوى الفقرة الأخير ةمنها. 
ترى اللجنة أن السماح لوكلاء الضباط وضباط الصف البريطانيين 
من قوات صاحب الخحلالة البريطانية بممارسة سلطة القيادة على القوة» 
يتعارض مع مبدأ صفة هذه القوة » كما انه يتجاوز الحدود الي ذهب 
إليها نوري باشا في كتابه . 


م« يكون لقائد حرس المطارات سلطة إصدار قواعد تبين الأمور الآنية ؛ 
أ راتب جميع الآفراد . 
ب - طريقة التجنيد . 
ج - التجهيزات والأسلحة والألبسة . 
د -طريقة التمرين . 
ه ‏ مدة وشروط الاستخدام . 
و - وبصورة عامة جميع الأمور المتعلقة بإدارة ونظام القوة . 
اطلعت اللجنة أن نوري باشا كان قد طلب أن يكون الراتب في حرس 
المطارات » ممائلا للراتب المقرر في الحيش العراتي » وأبدى أنه لا يعتر ض على 
أن يكون مجموع ما يتقاضاه أفراد القوة المذكورة أكثر مما يعطى في اليش 
العراقي » ولكنه رغب في أن يعتبر الفرق بين الراتبين بمثابة #خصصات صنف . 
لقد وافقت السلطات البريطانية على اقتراح نوري باشا واللجنة تويده أيضاً . 


4 - ( تكون الحدمة في حرس المطارات على طريقة التطوع . وكل عضوعراني 
في تلك القوة يبرز وثيقة من قائد القوة مفادها أنه خدم مدة لا تقل" عن 
سنتين » يعفى من الحدمة العسكرية ) . 
اطلعت اللجنة على أن نوري باشا كان قد أوضح عند المذاكرة في هذه 

المادة : أن القصد من هذه العبارة في كتابه هو فقط إعفاء ضباط وجنود حرس 

المطارات من خدمة العلم » أو خدمة الاحتياط الي تتعارض مع خدمتهم في 
حرس المطارات » ومن خدمة العلم » بعد أن يكونوا قد تركوا حرس 
المطارات . ولم يكن القصد إعفاتمهم من خدمة الاحتياط أو من واجب الحدمة 
في الطوارىء الوطنية مما قد يفرض بصورة عامة على جميع العساكر الذين 
خدموا في الحيش العرائي . و بتعبير آخر فإن الأشخاص الذين يكونون قد خدموا 
في حرس المطارات يعتبرون كاحتياطي الحيش العراتي ويكونون تابعين للطلب 


إلى الدمة ككل احتياطي. وعليه أعيد سبك الفقرة المذكورة بالشكل الآني : 


"1/ 


( تكون الحدمة في حرس المطارات تطوعية . وجميع العراقيين من كل 
الدرجات في إاوة عندما يكو نون مستخدمين فيها معفوين من تطبيق أحكام 
أي قانون للخدمة العسكرية الإجبارية الذي قد يسن في المستقبل . كل خدمةني 
حرس المطارات تعتبر خدمة علم' في الحيش العراقي » وهذه الحدمة محمل 
معها الامتيازات والصيانات الي تعود بموجب القانون لحدمة العلم في اليش 

العرائي ) . 

لاحظت اللجنة أن السلطات البريطانية علقت موافقتها على النص المتقدم 
بيانه إلى ما بعد مراجعة لندن . ولا يوجد ما يدل على أنها وافقت عليه بصورة 
ترى اللجنة أنه من الضروري التمسك بهذا النص » أي أنه يحب اعتبار 
الخدمة في حرس المطارات كخدمة العلم فقط في الحيش العراتي ويحب أن لا 
بعفى من يستخدم في الحرس من أية خدمة أخرى ني الحيش العراقي عدا 

خدمة العلم . 

ه أ -يعين الضباط البريطانيون في حرس المطارات ويرفعوا بإرادة ملكية, 
تصدر على اقتراح وزير الدفاع » بناء على توصية قائد القوة 
المذكورة . ٍ 

ب -كل أشخاص حرس المطارات من الضباط البر يطانيين يعينونويرفعون 
بأمر قائد القوة الذي يكون له أيضاً سلطة تقدير خدمة كل شخص 

حسب رأيه . 
يظهر أنه قد حصل مذاكرات طويلة حول وضع الضباط العراقيين في 
القوة »ء وبالنتيجة اتفق على أنه » وإن كان الأشخاص الذين يقومون ببذه 
الوظائف يحب أن يدعو ضباطاً ويجب أن يعتبروا ضباطاً ضمن القوة » إلا" أنه 
لغرض القانون العسكري العراقي يحب أن يعتبروا وكلاء ضباط ويعطوا شارات 

ورتباً ختلف عن شارات ورتب ضباط الحيش العراتي . 


"1 


١‏ يكون العراقيون من جميع الرتب المستتخدمون في حرس المطارات تابعين 
للقانون العسكري العراقي . ومن أجل" ذلك تعلق عليهم الماذة 5 والواد 
ه4١‏ من منشور اللحيش العراتي. لسنة ١47١م‏ وتعديلاته المورخة 4 
تشرين الثاني 1977م و18 كانون الأول ١19477‏ و5 حزيران 1975م 
مع مراعاة التبديلات والإضافات الآنية : 

أ يعتبر الأشخاص العراقيون الذين من درجة ضابط » والمستخدمون 
في حرس المطارات » كوكلاء ضباط لغرض القانون العسكري 
العرائي . 

ب يكون لقائد حرس المطارات سلطة تصديق قرارات ديوان الحرب 
على شرط أنه إذا كان هذا الضابط نفسه عضواً في ديوان الحرب» 
أو إذا كان حكم ديوان الحرب يتجاوز الحبس لمدة سنة » فيجب 
أن يكون سلطة التصديق وزير الدفاع نفسه . 

لا يكون الأشخاص البريطانيون من جميع الرتب المستخدمون 
في حرس المطارات تابعين للقانون العسكري العراتي . 
لا اعئر اض لدى اللجنة على ذلك . 
يطبق قانون التعقيبات القانونية العراقفي رقم !4 لسنة 1477م وتعديله رقم 
لسنة 1474م على الأشخاص العراقيين في حرس المطارات . 
لا اعتر اض لدى اللجنة على ذلك . 
م-أ1- تطبق الصيانات والامتيازات ني الأمور القضائية والمالية المبينة في المادة 
من الملحق بمعاهدة التحالف لسنة ١191م‏ على قوة حرس المطارات. 

ب # جميع الصيانات والامتيازات الي بت يتمتع بها أعضاء قوات صاحب 
الحلالة ا ل ا 
البريطانيين المستخدمين في حرس المطارات . 


حلق 


لا توافن اللجنة على تمتع الأشخاص العراقيين بالصيانات والامتيازاتث 
القضائية والماللة » لأن ذلك مخالف لأحكام القانون الأساسي . ولا يخفى 
أن الحكومة العراقية كانت تنظر إلى النص الموجود في الاتفاقية العسكرية » 
الملحقة بمعاهدة 1977م والمتعلّق بتمتع الأشخاص العراقين المستخدمين 
في قوات صاحب الحلالة البريطانية » يمثل هذه الإعفاءات والصيانات » 
بنظر الاستهجان . وقد حاولت مراراً تعديل هذا النص في الاتفاقية 
المذكورة . إن حرس المطارات هو حسب الظاهر قوة من القوات العراقية 
وعليه فبالأولى ألا تكون متمتعة مبذه الامتيازات والصيانات . 


4 يعين قائد قوة حرس المطارات بإرادة ملكية » على اقتراح وزير الدفاع , 
وبناء على توصية قائد القوات الحوية . 
لا اعئر اض للجنة على هذه المادة . 


: طريقة التجنيد‎ ٠ 

في الاجتماع الذي جرى في البلاط الملكي في ٠١‏ أيلول 1917م 
اقرح جعفر باشا وكيل رئيس الوزراء آنئذ » لأجل محافظة روح المادة 
الرابعة من الملحق بمعاهدة ٠147م‏ اللي نصت على أن يكون الحرس قسماً 
من قوات صاحب الخلالة ملك العراق » أن يحري تجنيد الحنود بواسطة 
وزارة الدفاع . وقد اقترح من أجل ذلك أن تؤلّف بحنة من ضابط 
بريطاني من حرس المطارات » وضابط بريطاني من البعثة العسكرية 
البريطانية للجيش العراتي » ومن ضابط عراقي لتصديق وثائق التجنيد . 
ولكن السر هيوبرت يانغ وكيل المعتمد السامي آنئذ اعترض على ذلك » 
وطلب أن يحري التجنيد بموجب كتاب نوري باشا المؤرخ "١٠‏ حزيران 
وم وأخيراً اتفق على أن يتذاكر جعفر باشا مع قائد القوات الحوية 
للاتفاق على تفاصيل هذا الاقتراح . 

ان اللجنة تيد اقتراح جعفر باشا وترغب في أن يعمل به . 


حرف 


واحاق الاجتماع الذي عقد في مسكن “فائد القوات الحوية قي /ا١!‏ 4 
7م بحث في موقف الحكومة العراقية ازاء أسلوب التجنيد لقوة حرس 
المطارات واتفق على ما يأقي : - 
أولا” ‏ أن تشمل أصول الاكتتاب في سلك المتجندين في قوة الدفاع الجوي 

حلف يمين الإخلاص بخلالة الملك فيصل على الصورة المدرجة في 
عموذج الحيش رقم ه . | 
ثانيا - بعد قبول المتجندين لقوة الدفاع الحوي ترسل أسماء كل جماعة إلى 
وزارة الدفاع اللي سيشمل ننظيمها في وقته التسهيلات المطلوبة لمعالحة 
أمؤز قوة الدفاع الحوي . 
الثاً تعين وزارة الدفاع ضابطاً من الحيش العراقي لتفتيش الحنود 
المذكورين ومخاطبتهم عند تسلم. الوزراء أسماء كل جماعة منهم . 
رابعاً - تبيء وزارة الدفاع صور اللحطاب الذي يلقى على الحنود , بالاشتراك 
مع مقر القوة الحوية . 
خامساً ‏ ويخاطب المستجدين المكتتبين في قوة الدفاع الحوي في منطقبي : 
البصرة والموصل ضابط عراقٍ ملي . ولا يحضر هولاء الحنود إلى 
بغداد. 
بظهر أن هذا العرتيب » الذي وافق عليه جعفر باشا » يقوم مام اقتراح 
الباشا المبحوث عنه في الفقرة ٠١‏ من هذا التقرير . ان اللجنة لا ترى مانعاً من 
قبول هذا الرتيب نظراً لأن نوري باشا في كتابه قد قال : ان لقائد الحرس 
سلطة إصدار قواعد فيما يتعلق بالتجنيد ... الخ . 


التشريسع : 
ترق اللجنة أنه من الضروري إصدار تشريع لتنفيذ هذه الترتيبات . وهي 
في هذا الخصوص تيد الرأي الذي أيدته دائرة التدوين القانوني المدرج في 


لضي 


تقريرها المربوط بككتاب وزارة العدلية المرقم ١-١‏ والموؤرخ في 4-11 
7ه المعنون إلى سكر تيرية مجلس الوزراء . 
الخلاصة : 
شروط تألبف حرس المطارات : 
توافق اللجنة على الشروط المدرجة في هذا التقرير عدا النقاط الآنية: 
"١‏ السماح لوكلاء الضباط وضباط الصف البريطائيين المنتمين إلى قوات 
صاحب الحلالة البريطانية بممارسة القيادة على قوة حرس المطارات . 
؟” - إعفاء الأشخاص العراقيين الذين يخدمون في حرس المطارات من خدمة 
الاحتياط وغيرها من الحدمات المماثلة في الحيش العرائي » بعد خروجهم 
من قوة حرس المطارات . 
0 متع العراقيين المستخدمين في القوة بالامتيازات والصيانات القضائية 
والمالية. 
وعليه ينبغي أن نحري المفاوضة بين السلطات العراقية والسلطات البريطانية 
للاتفاق على هذه النقاط . 


التشربيع : 

إن التشريع ضروري . فإما أن يكون ذلك بقانون يعرض على مجلس الأمة 
في اجتماعه المقبل » وإما بمرسوم » وهذا لا يتطلّب التصديق من مجلس الأمة 
نظراً إلى المادة 7 من القانون الأساسي . فإذا صدر المرسوم الآن يمكن تأليف 
حرس المطارات وقيامه بالوظائف الي سولف من أجلها . أما إذا تقررإصدار 
التشريع بقانون فلا يمكن تأليف الحرس الآن » وستضطر السلطات البريطانية 
إلى الاحتفاظ بقوات الليشي الموجودة حى تاريخ تأليف الحرس . 


يفف 


مجلس الوزراء يبحث الموضوع : 

تدارس مجلس الوزراء كتاب نوري السعيد إلى السر همفريز » وتقرير 
اللجنة الوزارية المثبت نصه أعلاه » وجرت مناقشة حول ما تعمله الوزارة في 
هذا الصدد » وهل يجب الاعتر اف بشرعية هذه الوثيقة وإبقالها سراً » أويجب 
عر ضها على مجلس الأمة وطلب المصادقة عليها » وبعد مناقشات طويلةارتوي 
ان لا مناص الحكوهة العراقية من الاعتر اف بالكتاب المذكور على أن بتم ذلك 
بتشريع قانون من المجلس » او بمرسوم يصدر وفقاً للمادة 5١11‏ من القانون 
المرسوم » فمّد كنا نترقب حلول حفلة افتتاح المجلس لتقديم التشريع » ولكن 
الوزارة قدمت استقالتها بعد افتتاح المجلس النيالي بمدة قصيرة » وتركت: 
القضية إلى الوزارة الي أعقبتها » وهيوزارة رشيد عالي الكيلاني الأولى . 
ولكن هذه الوزارزة أيضاً لم تستطع القيام بأي عمل » وبقيت القضية معلقة إلى 
عام 16م ٠‏ وهو العام الذي عمد فيه ( ميثاق بغداد ) وألغى المطارات الي 
كانت تستدعي وجود مثل هذا الحرس . 

الانتخابات النيابية الحديدة 

كنت محايداً . لم أنتسب إلى حزب من الأحزاب ٠»‏ أو كتلة من الكتل » 
وسأشرح الأسباب البي حملتي على اتباع هذا الحياد . 

كنت شديد الرغبة ني جعل مجلس النواب الحديد ممثلا” للرأي العام على 
على قدر الإمكان . وأن تمثل فيه أيضا الأحزاب كافة » وأن يكون المثقفين 
مقامهم فيه أنضاً » إذ لم يكن في الاستطاعة إبعاد رؤساء القبائل عن المجلس 
بالمرة . وعلى الرغم من جميع هذه الاتجاهات . فإن الانتخابات لم نخل من 
الانتقادات » ولا سيما من قبل الذين كانت تسيرهم الأغراض الشخصية » 
ويتظاهرون بالبطولات الوطنية . فنظرة سريعة إلى أسماء'الذين فازوا بالنيابةئي 
مجلس النواب الحديد . ومقايستها مع أسماء الذوات الذي نكانوا في المجالس 


يفف 


السابقة» وكذا ارتفاع عدد ممثلي الأحزاب تدلنا على مدى زد دياد العناصر المثقفة 
في المجلس الحديد . 

فمنذ صدرت الإرادة الملكية بحل" مجلس النواب » بدأت الاتصالات بببي 
وبين الملك فيصل » وبيني وبين زعماء الأحزاب السياسية أو الكتل النيابية 
للاتفاق على قائمة موحدة » تضمن المصلحة العامة » وهو أسلوب متبع في أكثر 
الحكومات الديمقزاطية. وقد جرت مناقشات ومساومات » وكثر الأخذوالرد: 
ولكن رائدنا كان دائماً إرضاء الضمير والجميع ٠‏ وأن يجيء المجلس ممثلا” 
لطبقات الشعب على قدرنالإمكان. وني إمكاني الآن أن أنشر بعض الرسائل الي 
تلقيتها من الملك فيصل بخط يده . وهي تتعلّق ببذه الاتصالات والمحادثات : 


الرسالة الأولى : 
أرسل لك ما بطيه كلانحة وكأسماء » بعد أن اطلعت على الي قدمتها 
وأجريت فيها بعض تعديل . بعد مداولتك مع من تراه من زملائك ٠»‏ بمكن 
إعادة النظر . إني لاحظت مهما أمكن عدم إظهار السخط لحزب والرضا من 
الآخر » أو التحزّب للجماعة دون آآخرين » وسترى أيضاً ثلاثة أو أر بعة أسماء 
بوضعهم أخذ بنظر الاعتبار خواطر بعض الذوات الذين سبقت لهم خدمات » 
والذين أحدهم يمكن أن يوازرك » كما سبق الحديث معك أمس . و 
قسماً ممن كان في حز ب العهد » والذين أنا على يقِينَ تام بأنهم سيسير ون وإياك 
طبق ما ترغبه وزيادة » وبعض ذوات من حزب الإخاء ثم وضعت على حدة 
أسماء آخرين يمكن امهم موافقين وتركت أسماء مفتوحة . 
الرسالة الثانية : 
عزيزي ناجي . موافق تماماً على أسماء المرشحين ما عدا الملاحظات الآنية :- 
١‏ سعيد الحاج ثابت بدلا من يوسف الرضوان . 
؟ - السيد قاطع من العمارة . 
- الإسم الباقي في نفسك يكون سعد صالح . 


فق 


هذا جميع بائي الملاحظات والله يوفقكم ٠‏ 

باسين وحكمت أخبر اني عن زكي المحامي . ولا أبديت لهم أي أمر كان . 
وأنت حسبما تراه موافق إجريه . 
الرسالة الثالئة : 

عزيزي ناجي : خخوفاً من التعجيز سوف لا أكن في البلاط اليوم : .ولذا 
سوف لا أتمكن من رويتك والتحدث إليك . انني لما قلت لك قبل يومين قد 
وافقت على من ترتأيه في خصوص النواب فقط .: أحب أن أجلب نظرك 

إلى أمرين : 

١‏ - جميلالمدفعي أحب أن لا يكون مأيوساً لأنه في اعتقادي سوف يكون لك 
أكبر معاضد في - جميع الظروف إذا رآك وثوقاً واعتماداً . 

: عبد الغفور البدري وعلي محمود أرى أنه من الحزم أن تتوثق منهما‎ ١ 
خاصة فيما يخص” بالأمور الحارجية » ومناسباتنا السياسية مع الحليفة حيث‎ 
. أخشى أنبما يضعانك في موقف مشكل بعد أن يتربعا على كرسي النيابة‎ 
. هذا كل ما أحببت ت أن أخبر ك به‎ 


مرقف الحرب : 

وعلى الرغم من كل اللحهود اللي صرفتها ليجيء المجلس كما كنت أتمى 
وأريد » فإني لم أوفق إلى الاتفاق مع الحزب الوطي المعروف بتطرفه الشديد 
لا في قضية عدد المقاعد » الي كان يريدها كل منا » ولا في أسماء الذوات 
الذين سيشغلون هذه المقاعد . فقد أصرً رئيس الحزب وأكارية أعضاء هيأته 
الإدارية على العدد والأشخاص ٠‏ على الرغم من ميل بعض الأعضاء على 
ضرورة الاتفاق على قائمة وحدة : ٠‏ ومع هذا لم أستصوب حرمان الحزب من 
الدخول في المجلس الحديد » فم تر شيح عضوين من أبرز أعضائه وهما : 
عبد الغفور البدري . وعلي محمود الشيخ علي . وكان الأول صحفياً لامعا . 


يف سيرة وذكريات )١١(‏ 


وله مواقف وطنية مشهورة » والثاني محامياً مرموقاً » وقد تم ترشيحهما على 
موضوع البحث » وبين سكرتارية مجلس الوزراء هذه نصوصها : 


كتاب المرب : 
المرقم 848 التاريخ 6 كانون الثاني سنة “1611م 

إلى فخامة رئيس الوزراء المحر م : 

يا صاحب الفخامة ! 
من المعلوم لدى فخامتكم أن الانتخابات النيابية حق مكتسب تتمتع به كل 

أمة جاهدت في سبيل حريتها وحصلت على الدستور . والشعب العراقي جاهد 

كسائر الشعوب المجاهدة في سبيل هذا الحق أعظم تضحية حتى حصل على 
الدستور . غير أن الانتخابات السابقة لم تكن لها صبغة شرعية ليمنة السياسة 
الانتدابية غليها . أما الآن والبلاد ‏ على ما يقال دخخلت في عهد المسؤولية 
والاستقلال التامين » فلم يبق عذر للتذرع بتلك الأساليب . والحزب الوطني 
العرائي نبه إلى ذلك أكثر من مرة » ولم يظهر شيء مما يدل" على حصول فرق 
بين العهدين » لذلك اضطر الحزب إلى أن يطلب من الوزارة » بصفتها وزارة 

دستورية مسؤولية » إنجاز المواد الآني بيانها : 

١‏ إطلاق الحرية للحزب بفتح الفروع ب المواقع الي يرى الحزب ضرورة 
تأليفها طبقاً لأحكام النظام » وفسح المجال لممارسة أعماله السياسية وعقد 
الاجتماعات العامة في مراكز الحزب وفروعه ء إلى غير ذلك مما خوله 
إياه القانون والنظام . 

؟ ‏ إطلاق حرية الصحافة ليتسبى لكل إبداء رأيه ني شأن الانتخابات » وبيان 
ما لو وقع شي ء من التلاعب فيها » والضرب على أيدي المتلاعبين . 

إلغاء قانون الدعايات المضرة المهيمن على الحريات هيمئة رهيبة 


فا 


وإذا لم تنجز الحكومة الطلبات الآنفة الذكثر فازب لا يعرف بمشروعية 
الانتخابات وما ينرتب عليها من الأعمال . 


هذا وتفضلوا بقبول فائق الاحترام . 
المعتمد العام 


جواب الحكومة : 
الرقم ٠١7‏ 
التاريخ في ١١‏ كانون الثاني سنة 1917م 

صاحب المعالمي المعتمدالعام للحززب الوطني العراقي المحثرم 
إشارة لكتابكم المرقم 846 والموأرخ في 1١-4‏ "19 م والموجه إلى 

فخامة رئيس الوزراء » أمرني صاحب الفخامة أن أجيب على كتاب معاليكم 

المشار إليه بما يأقي  :‏ 

-١‏ يود فخامته أن يعلم بصوة واضحة ماذا يقصد معاليكم بتعبير ( على ما 
بقال ) الوارد أي الحملة الي تبتدي بقولكم ( أما الآن والبلاد الخ .. ) 
هل معبى ذلك انكم غير معتقدين بدخول العراق في عهد جديد » عهد 
المسوولية والاستقلال التامين ؟ ويرغب فخامته أن يعلم ما هي معاني 
الاستقلال والمسؤولية في نظركم ؟ 

١‏ أما عن طلب معاليكم الأول (أي إطلاق الحرية لفتح الفروع للحزب 
الخ .. ) فإن صاحب الفخامة يوكد لمعاليكم أن الحكومة سائرة وفق 
مقتضيات أحكام القانون في هذا الباب » وهي غير مستعدة للتنازل عسن 
<تموقها القانونية » كما أنها ترى من الضروري أن تعطي ما عليها مسن 
المسوولية العامة في هذا الموضوع » ما تستحقه من الأهمية . 

"- وأما عن طلب معاليكم الثاني ( أي إطلاق حرية الصحافة الخ ... ) 
فصاحب الفخامة مسرور أن يوكد لكم أن الصحافة في هذه البلاد حرة » 


يفف 


ضمن دائرة القانون » ومن البديبي أنه لا توجد حرية مطلقة في العالى , 
كما أن من الأمور المعلومة أن الوزارة الحالية » منذ تأليفها لحد الآن , 
لم تعطل أية صحيفة من الصحف . فبماذا يفسر معاليكم ذلك ؟ 

؛ - وأما عن الانتخابات فإن صاحب الفخامة يوكد لكم أنها تسير الآن بالحرية» 
اللي تستلزمها الأحكام القانونية » وحيث انه لم يقع فيها الحد الآن أي 
تلاعب كما هو واضح من نفس كتاب معاليكم ‏ فلا يرى فخامته 

حاجة لعمل شيء ني هذا الحصوص » ولا شك ني أن الحكومة ستضرب 
على أيدي من قد يتلاعب بالانتخابات » إذا تحقق لديها ذلك . 

ه- وأما عن طلب معاليكم الثالث ( أي إلغاء قانون الدعايات المضرة ) فأن 
طلبكم هذا يتعلق انون من قوانين البلاد » ولا يدري فخامته كيف 
يستطاع إلغاء حكمه حالا” ‏ كما هو مقتضى طلبكم ‏ فهل يمكن أن يلغى 
قانون بأمر إداري ؟ 


وببذه المناسبة برغب فخامة رئيس الوزراء في معرفة ما إذا كانت طلبات 
معاليكم » المبحوث عنها » مستندة إلى قرار صادر من هيأة الحزب الإدارية ؛ 
وإذا كان كذلك فهل ان هذا القرار صدر بالاتفاق أو بالأكثرية » ومهماتكن 
كيفية صدور القرار » هل يرى معاليكم أن من صلاحية الهيأة المشار إليها أن 
تقرر ( عدم الاعراف بمشروعية الانتخابات .. الخ . ) 

وبصفته أحد العراقيين - قبل كل شيء - فان فخامة رئيس الوزراء 
يود أن يعلم هل في نية معاليكم - فيما لو وافقت الحكومة على طلباتكم 
نشر منهاج واضح » ومعين » تدخلون بموجبه الانتخابات . وهل لا ترون 
ان مصلحة البلاد العامة تقضى أن يكون االحوض في الشؤون العامة بصراحة 
كافية؟ ١‏ 

وبعد كل ما تقدم ‏ اذا كنم لا تعبر فون بمشروعية الانتخابات » فان 
جريانها وفق القانون » واطمئنان أغلبية الشعب الساحقة من ذلك » يكفيان 


الفا 


الحكومة » ويجعلانها في وضع لا تضيره أقوال مجردة . 

وختاماً يود فخامة رئيس الوزراء أن يصرح ان المجال مفتوح أمام كل 
نزد من الشعب العراتي الكريم لان يبدي آراءه واجتهاداته » دكل حرية ولكن 
بشرط ان لا يتجاوز الحدود القانونية » ولا يظن فخامته ان هناك من يناقش 
هذه القاعدة الاساسية العامة . هذا وتفضلوا بقبول فائق الاحيرام . 

سكرتير مجلس الوزراء 

محاولة الوقيعة بييبي وبين الملك : 

على أثر ظهور نتائج الانتخابات الاولية» أحذ بعض زعماء الاحزاب 
بحسنون للملك تأليف وزارة اثتلافية بدلا” من وزارني المحايدة » ففانحي 
املك ذات يوم بما سمعهء فسألته عدن يريد ويرغب أن يكونوا أعضاء في 
الوزارة المقئرحة ؟ فأجاب : لو أخذت مثلا” : ثلاثة أو أربعة أشخاص من 
الاحزاب السياسية قبل أن يلتم المجلس احديد فسيكون وضعك أقوى عند 
مجاببته . فأجبته بأني لا أرى مانعاً من نحقيق هذه الرغبة على أن يم ذلك بعد 
افتتاح المجلس » وتلاوة خطاب العرش » لاني لا أريد ان أحرم زملاني 
حضور الحلسة الآولى » وهم كوزراء. وكان الحديث يدور حول السادة : 
باسين ال هاشمي » وحكمت سثمان » ونوري السعيد » ورسم حيدر » فلم 
أرَ من صاحب الحلالة اصراراً على أن بحري التعديل قبل افتتاح المجلس لا 
بعده . ولكن كيف يسكت هؤلاء الساسة المحترمون وقد أصبحوا نواباً في 
المجلس الحديد ؟ وكان لقسم منه أعوان ومريدون » كيف يسكت نوري 
السعيد اذا ما عاد من جذيف وكله اعتقاد بأني كنت السبب في تحريض الملك 
على ابعاده عن رئاسة الوزراء واسناد هذه الرئاسة إل" أنا ؟ وكيف يبضم رئيس 
الديوان الملكي بقائي رئيساً للوزراء » وقد كان يعلم بأنه هو وجميل المدفعي 
كانا مرشحين هذه الرئاسة من بعدي أنا ؟ وهكذا تم الاتفاق بين النقيضين : 
بين عاقد المعاهدة ومن كان يقول ان هذه المعاهدة جائرة » ثم صار يعتبر ها 


فق 


من العهود الدولية واجبة الاحثرام . ومن سخرية القدر » ان تسند وزارة 
الحارجية الى الرجل الذي عقد المعاهدة » وجاء الآن ليكون همزة الوصل بين 
الحكومة العراقية والحكومة البريطانية » والسلطة البريطانية في العراق . 

لقد علمت بعد مدة انه جرت عدة اتصالات بين كل من ياسين الحاشمي , 
ورشيد عالي » ونوري السعيد » وحكمت سليمان » وقد فوضوا الى رشيد 
تميثة الطبخة الحديدة » على أساس انه أقرب الى الملك » بصفة كونه رئيس 
ديوانه وسكرتيره الحاص.. فطلب الملك مي أن أفكر في الوزارة المؤتلفة 
فتمسكت برأبي السابق » واذا به يأمر باقامة مأدبة غداء في قصر ال حارئية , 
ويدعو إليها هؤلاء الزعماء لتبادل الرأي حول الموضوع ؛ وقد دعاني شخصاً 
لحضور هذه المأدبة لكني اعتذشرت عن حضورها مبيئاً له افي أرى من الانسب 
أن لا أسبب احراجاً لحلالتكم في الاستماع إلى آراء المدعوين وإبداء الرأي ؛ 
وإذا رأيم من المناسب فسيحضر وزير الدفاع رشيد الحوجه كمثل عي . 
فلما تم الاجتماع اتفق على تأليف الوزارة الحديدة بعد افتتاح المجلس وتلاوة 
خطاب العرش . أما من قبل رشيد عالي فأدخل أنا وزيراً للداخلية معه » واما 
من قبلي . فلما اطلعت على ما اتفقوا عليه خشيت أن تكون هناك لعبة سياسية 
أخرى كأن أكلف بتأليف الوزارة أولا” » حتى اذا شرعت في الانتشارات 
الاصولية » يرفض البعض » ويوافق الآخر فيحرج موقفي واضطر الى التخلي 
فيقع التكليف على رشيد عالي . ومثل هذه اللعبة معروفة ومتبعة في حكومات 
العالم » وقد جرت في العراق أكثر من مرة . 

ما قابلت الملك في اليوم الثاني لأدبة الغذاء الي أقامها » حدثني عما جرى 
وما اتفق عليه » فقلتله : سيدي اني مدين لك بما شملتني به من ألطاف وما 
وضعته في من ثقة ولكني أرجح أن تسند رئاسة الوزارة الى السكرتير الخاص 
السيد رشيد عالي الكبلاني » وان أكون أنا بعيداً عن الحكم لفئرة من الزمن 
فاجاب : “تتبادل ورشيد منصبيكما اذا فتكون أنت رئيس الديوان » وهو 


كرف 


رئيس الوزراء . فشكرته ثانية » ورجوته أن يطلع الجماعة على فراري هذا 
فلما عقد مجلس النواب جلسته في 7١‏ آذار 197 ووضع الحواب على خطاب 
العرش موضع المناقشة » أبت المعارضة ‏ وعلى رأسها ياسين الحاشمي - إلا 
أن تتحدث طويلا” » وتوجه الانتقادات الى الوزارة القائمة » وهي ان أمر 
استقالة الوزارة مفروغ منه » وان رشيد عالي هو الذي سيؤلف الوزارة 
الحديدة » وسيكون الحاشمي أحد أقطابها » وسيشترك فيها نوري السعيد ؛ 
عاقد المعاهدة نفسها » ليشغل أهم منصب » وهو وزارة الحارجية » وان 
الوزارة ستضطر إلى وضع فقرة في منهاجها الوزاري تتضمن ان المعاهدة 
واجبة الاحترام على أساس انها من العهود الدولية » وهي المعاهدة الي اعتبر ها 
الماشمي وجماعته الاخائيون من قبل بأمها جائرة ولا نحقق الاماني الوطنية 
فينبغي تعديلها . هذا ما يتعلق بالسياسة الحارجية » وأما فيما يتعلق بالامور 
الداخلية والمالية فقد قدمت الوزارة لائحة ميزانية الدولة العامة الي كانت 
وزارتي قد أعدمها من قبل » وكان وزير ماليي نصرت الفارسي هو الذي 
وضعها . وميزانية الدولة معناه منهاج الوزارة لمدة سنة . 

وفي اليوم الثاني لقبول مجلس النواب صيغة الحواب على خطاب العرش » 
' الذي افتتح الملك به المجلس المذكور » صدرت جريدة الاخاء الوطي 3 
جريدة الهاشمي وصحبه الاخائيين » وهي طافحة بكيل المديح والثناء الحطباء 
جلسة الأمس ٠»‏ وفيها المس والتقريع بوزارني . وقد قالت الحريدة عن خخطباء 
الامس ان خطاباتهم زلزلت كراسي الوزارة وهي تقصد بذلك » أن هؤلاء 
الحطباء هم الذين أجبروا الوزارة على تقديم استقالتهالا ان هناك اتفاقاً تم بين 
الملك وبينهم في قصر الخحارئية فسبحان مغير الاحوال . 


صعود الآخائيين إلى دست الحكم 
تألفت الوزارة الحديدة برئاسة السيد رشيد عالي الكيلاني » كنا كان 


ضرف 


مقرراً ؛ ودخل الوزارة زعيما المعارضة ياسين الحاشمي وزيراً للماليية, 
وحكمت سليمان وزيراً للداخلية » ولم يشترك فيها أحد من الحزب الوطي , 
الذي كان قد تآاخى مع حزب الاخاء على شجب المعاهدة » وأصر الحزبان 
على أن لا يدخل أحد من أعضاهما ني أية وزارة لا تأخذ على عاتقها تعديل 
هذه المعاهدة » فلما اطلع الحزب الوطي المذكور على منهاج الوزارة الحديدة 
وفيه عبارة صريحة عن ( احترام العهود الدولية ) ثم استمع الى الهاشمي يقول 
في مجلس النواب ( ان انتقاد الاخائيين للمعاهدة لايعبي اها واجبة الالغاء بعد 
أن أبرمها المجلس السابق » وأصبحت عهداً دولياً واجب الاحترام ) . أجل 
لما اطلع الحزب الوطي على هذا التلاعب ني الالفاظ » قرر فصم عرى التآخي 
بينه وبين حزب الاخائيين » وأصدر قراراً بذلك في 4 حزيران 19 وهو 
القرار الذي نشره السيد الحسي في ص ١47‏ "74 من الحزء الثالث « من 
تاريخ الوزارات العراقية » والذي جاء في مقدمته ( ان الوزارة الكيلانية تسير 
على قدم المساواةمع الوزارات السابقة » وربما جاءت متممة لأعمالها بما هو 
أشد خطراً على مستقبل البلاد ) وشهد شاهد من أهلها » ولا أزيد على ذلك . 
الا اني أقول : لعن الله ذلك اليوم الذي أدخلت فيه رأسي في عالم السياسة , 
عالم ا 





به من عطف وثقة » ثم قدمت إليه كتاب استقالة الوزارة وفيما بلي نص هذا 
الكتاب مع الحواب الملكي الصادر بقبول الاستقالة . 
حضرة صاحب الحلالة الملك المعظم 


ان العمل المتواصل ٠»‏ الذي استلزمته النتائج م المرتبة على تطور البلاد 
السياسي ٠»‏ والاتعاب الي سببتها مضا احيرة الميذولة للحصول على 


ضف 


الكمرات المنتظرة من تلك النتائج » قد أدت الى انمجبطاط في صحتي » وضعف 
في قواي » بصورة لاأشعر معها. انني أكون مطمئناً من استطاعتي على اداء 
الواجب » وأنا ني رئاسة الحكم . 
لذلك وحيث ان الامور قد اكتسبت استقراراً يؤمل معه الحير للبلاد » 
وتمت الانتخابات النيابية بكل هدوء وسلام » ووضعت الامة ثقتها في مجلسها 
الحديد » الذي باشر أعماله » الامر الذي يجعلي مطمان البال من الوضعية 
العامة » ومن سير أمور الدولة على أحسن الوجوه » نحت ظل جلالتكم » 
وهذا هو الحدف الاسمى الذي أتوخاه » فاني أرى من واجبي ان أترك موقم 
المسؤولية لينفسح مجال العمل لغيري » من رجال هذه البلاد العزيزة » لهذا 
اتشرف برفع استقالتي من رئاسة الحكومة الى سدتكم الملكية؛ شاكراً لحلالتكم 
الثقة والمعاضدة العظيمتين اللتين أوليتموني » وزملائي » اياهما طيلة مسدة 
تضلعي بأعباء الحكم » ومؤ كداً الاخلاص الذي كان ولم يزل أساس أعمالي 
في خدمة جلالتكم والامة العراقية أطال الله بقاء جلالتكم سيدي المعظم . 
العبد المخلص - ناجي شوّكت 


الحواب الملكي على كتاب الاستقالة 


الرقم ج8١‏ 
عزيزي ناجي بك شوكت 
أظهر سروري العظيم بقولي » انكم وزملائكم قمم في بحر مدة 
مسؤوليتكم » بكل ما يتطلبه الوطن منكم » من اخلاص » وصدق » مما 
يجعلني ان اضاعف آمالي في مستقبل هذه البلاد » ورجالها واخلاصهم .' 
انني آسف على أخذي كتابكم المورخ في 18 آذار 1977# الناطق بر غبتكم 
في التخلي عن مسؤولية الحكم » لكي تفسحوا لي المجال للاستفادة من خبرة 
باقي رجال الوطن » ولا يسعني إلا" أن أشكركم على عملكم هذا النبيل ؛ 


يفيل 


وأتمى أن تثابروا موقتاً على القيام بشؤون الدولة » إلى أن يتم تأليف وزارة 
جديدة 
صدر عن قصرنا الملكي في اليوم الثاني والعشرين من شهر ذي القعدة لسنة 
١‏ هجرية الموافق لليوم الثامن عشر من شهر آذار لسنة 1917 ميلادية . 
فيصل 
كانت هذه آخر مقابلة لي مع الملك فيصل » عدا اللقاء الذي ثم في داري . 
اذ رغب جلالته ان يزور داري الحديد المشيدة على شارع أني نؤاس فدعوته 
على وليمة عشاء لم يحضرها مع جلالته غير العم خالد سليمان » والس دان 
صفوة العواء وتحسين قدري » ولم نتطرق في هذه الوليمة إلى السياسة 
الداخلية » بل دار الحديث حول الثورة العربية الكبرى وما حققته للبلاد 
العربية » ومشكلي سورية وفلسطين» وكذلك جرى البحث عن الثورة الكمالية 
في تركية وما حققته من رقي وتقدم » وبعد يومين أو ثلاثة أيام - على ما 
أنذكر - زارني صفوة العواء » وعرض علي" قبول منصب رئيس الديوان 
فأجبته شاكراً حلالة الملك لطفه » ورجوته أن يعرض معذرني على جلالته 
لأني لم أجد في نفسي الكفاءة والمؤهلات الي يتطلبها المنصب المذكور . 


وفاة الملك بعد تمرد الاثوريين 


كان الملك فيصل قد غادر العراق إلى لندن في الحامس من حزير ان ١7#‏ 
تلبية لزيارة رسمية وجهها إليه ملك بريطانيا . وفي أثناء غيابه » حدئت حادثة 
الاثوريين الشهيرة » واضطرته للعودة الى العراق في الثامن من آب . فكان 
متعباً ومرهقاً في آن واحد وذلك لآن الميجان العالمي الذي حصل ضد العراق 
بمناسبة هذه الحادئة كان عظيماً » وتأثيره على وضعه الدولي كبيراً . وحين 
قابلته أثناء هذه العودة قال لي : ناجي : أنا أخطأت مرة لأني لم احتفظ بك 


اريف 


وأبقيك في رئاسة الوزارة » وأخطأت خط ثانيا لأني استصحبت ياسين ا حاشمي 
ونوري السعيد ورسم حيدر » وأبقيت ولدي غازي وهو شاب لم تصقله 
التجارب » كنا ان الوزراء الذذين بقوا في بغداد لم يقدروا الوضع الدولي » 
فتصرفوا متأثرين بنوازع دينية وقومية » ولم يضبطوا أعصابهم . وما كاد 
جلالته يعود الى سويسرا في أول أيلول للاستجمام واكال التداوي » حتنى 
توفي بنوبة قلبية ليلة الثامن من أيلوم 197 رحمه الله برحمته الواسعة » 
وأسكنه فسيح جناته انه أكرم مسؤول . 


محاولة اغتيالي 


قبل ان أختم هذا الفصل من تاريخ حياني السياسية أود ان أشير الى 
محاولتين جرنا لاغتيالليي كانت أولاهما أقرب إلى الحزل منها الى الحد » على 
حين كانت الثانية حقيقة لا ريب فيها . 

فعلى أثر الشروع في الانتخابات النيابية الحديدة » و بينما كنت أهم بمغادرة 
ديوان مجلس الوزراء ظهر ذات يوم ؛ دخل علي مدير الشرطة العام » ونقل 
إلي" خبراً عن مديرية التحقيقات الحنائية خلاصته ان هنالك بعض أشخاص 
يحاولون اغتيالي أثناء عودتي من ديوان الرئاسة الى داري والتمسي ان احتاط 
للامر بأن أغير كل يوم طريق عودتي » وقال : ان الدوائر المختصة اتخذت 
التدابير الاحتياطية اللازمة الي يتطلبها الامر » وبعد مرور بضعة أيام » وفيما 
كنت عائداً إلى الدار » وقد وصلت السيارة إلى مدخل شارع السعدون ‏ ولم 
يكن قد بلط أو زفت بعد واذا بحصاة تصيب سيارتي وتسبب كسر زجاجها 
وتنائره بحيث وصل رذاذه إلى قدمي . فأوقفت السائق فوراً للتحقق منالامر فإذا 
هي مفاجأة مضحكة . حصاة انطلقت من بين الحصى الذي كان يفترش 
الارض فأصاب زجاج السيارة فكسره . 

أما ثاني الحادئين : فهو : كنت قد اعتدت قضاء بعص السهرات في دار 


نارفا 


أخي الدكتور صائب شوكت » القريبة من داري في كرد الباشا على شارع الي 
نؤاس . وني حوالي الساعة الحادية عشرة من احدى الليالي بينما كنت وفريتي 
خارجين من دار أخي الى دارنا المذكورة » ومارين بالمقهى الكائن أمام 
نادي العلوية البريطاني » اذا برفيقني تمسك بذراعي ونحشي على الاسراع في 
السير . ولما كنت ثقيل السمع لم أنتبه الى ما هدفت إليه قريني » وما كان 
يحري خلفنا . واذا بالشرطي الذي كان بحري خلفنا مسك برجل محاولا” أخذ 
مدية كانت بيده » وشرطي ثان يطارد شخصاً آخر . ولما وصلنا الدار جاءني 
صاحب المقهى ومعه الشرطي وهما يمسكان بشايين جى أكبرهما سنآ على 
قدمي وهو يستغيث ويتوسل قائلا” : مروءتك يابيك : هذا أخي وهو سكران 
فاقد الشعور ولا يعرف مافعل . فعلمت انبهما أخوي نكانا من بين المنهمين 
في قضايا الكتب السرية » الي سبقت الاشارة اليها في الصفحات المتقدمة : 
وكان أحدهما قد خرج حديثاً من السجن بسبب هذه المكاتيب فأراد أن ينتقم 
مي . أراد الشرطي الاتصال بمخفر الشرطة في العلوية هاتفياً لتوقيف الاخوين 
فمنعته » وقلت لكبير الاخوين : اذهبا الى سبيلكما ولا تعودا الى مثل هذه 
المحاولات» ولا تذكرا لأحد شيئاً عما فعلتماه. فلما كان اليوم التاليي » جاءني 
الاخوان ومعهما أمهما وأختان لحما » فجئت الام على قدمي لتلثمها » وقد 
خنقتها العبرات وقالت : انها أرملة وهذان الصبيان بلا عمل » ولهم جميعاً 
عدة أيام لم يذوقوا خلالها طعاماً » واهم يعيشون الآن عالة على الحا . 
فطيبت خاطرها » ونفحتها ما تيسر لدي من الدراهم » وصرفتهم بأمل أن 
أن أجد عملا للأخ الأكبر كستخدم في أمانة العاصمة . أما الأصغر فكان 
يزورني بين حين وآخر ويتوسل إلي” لأكلفه بأية خدمة ضد خصومي ومهما كانت 
فكنت أشكره وأصرفه بالحسى إذ كان يعلم علم اليقّين بأن عقوبته لن تقل 
عن الثلاث سنوات فيما إذا سقته الى المحاكم . 


ضرف 


بيبي وبين السفلير البريطاني 


دعاني السر هئري همفريز » وقد أصبح سفيراً لحكومته البريطانية في 
العراق بعد دخوله عصبة الامم » دعاني إلى وليمة عشاء في دار السفارة بعد 
تأليف الوزارة ببضعة أيام » فكان من اللياقة أن أدعوه إلى وليمة عشاء أخرى 
افيمها ني داري » وكان الحديث في اللقائين يدور حول دخول العراق عضواً 
في عصبة الامم » وما ينتظره من مستقبل باهر . وقد انتهزت هذه الفرصة 
فقلت له : أود أن ألفت نظركم الى أمر همي غاية الاهمية » ذلك هو وجود 
مدفع على مدخل دار القائد البريطاني العام الكائنة في الباب الشري مع سارية 
على السطح , ير فم فوقها العلم البريطاني » وثلة من الحراس على الباب . 
وهذه مناظر قد تستثير النفرة في نفوس الاهلين » كما كنت شخصياً أشمئز 
منها . ورجوته أن يكلف القائد المومى اليه برفع المدفع حالاة » والاكتفاء 
برفع العلم في أيام الاحاد فقط » والاستعاضة عن ا حرس بجندي اثوري واحد ) 
ولا سيما وان مقر القائد البريطاني العام قد نقل الى الحبانية بموجب معاعدة ٠م‏ 
حزيران 140 وأصبح المقر السابق دار سكن له فقط . ولم بمض يومان على 
هذا التكليف حبى كان رجالي قد تحقق على أفضل صورة وأ كلها فتلك أمور 
وان تراءى للبعض انها تافهة لكنها كانت تمس السيادة والكرامة . 


وزارة رشيد عالي الكيلاني 


التناقض بين موقفين : 

بحئت ني الصفحات اللمتقدمة الظروف والملابسات الي رافقت تأليف 
هذه الوزارة » الي كان من المنتظر أن تكون اثئتلافية » فإذا بها تأفي أخائية 
تقريباً . فقد ضمت خمسة من حزب الاخاء بما فيهم أقطاب الحزب الثلاثة : 
باسين الحاشمي » ورشيد عالي » وحكمت سليمان» ما ضمت عميد حزب 


يضف 


العهد نوري السعيد » وسكرتير الملك الخاص ومعتمده الاول » رسم حيدر , 
والعضو الكردي جلال بابان » وقد كان عضواً في وزارتي » ولم يشكرك في 
الوزارة أحد من الحزب الوطي . فلما تقدمت هذه الوزارة إلى مجلس النواب 
بمنهاجها الوزاري » هبت عاصفة شديدة من النقد حول فقرة وردت عن 
السياسة الحارجية تقول : ( احترام العهود الدولية والسعي لتحقيق الاماني 
الوطنية ) وكان الناس قد قرأوا وسمعوا من قبل أقوال الاخائيين في معاهدة 
٠‏ حزيران 1940 م » وكوبها جائرة يحب تعديلها . فلما اشتدت المناقشة 
والمطالبة بالتوفيق بين هذين القولين المتباينين» وقف وزير المالية ياسين الهاشمي 
ليقول (ان الكرامي لا تنتزع بوجه من الوجوه العقائد ابي نحن سائرون 
لنحقيقها ) كما قال رئيس الوزراء رشيد عالي ( ليست معاهدة 141٠‏ هي 
أقصى آمالنا » وليس من المعقول أن لا يطمج رجال البلاد ولا يطالبوا بأقصى 
أماني البلاد » ولكن هذا لا يعني ان عهداً قطع على يد مجلس الامة لا ينفذ كما 
تحئرم جميع العهود الدولية ) وقد سأل نائب آخر : كيف حصلت الالفة بين 
عاقدي المعاهدة وبين الذين قالوا عنها امها جائرة ؟ وهكذا اجتمع الضدان أو 
الخحصمان. 

أما الحزب الذي كان قد تآختى مع حزب الاخاء في شجب المعاهدة 
موضوعة البحث » فانه لم يكتف بعدم اشتراكه في وزارة الاخائيين » بل 
نشر نص وثيقة التآخي الي وقعها ممثلو الحزبين » والي كان من أهم بنودها 
( ان المعاهدة فاسدة وجائرة يحب تعديلها » وان الوزارة الي تؤلف يجب أن 
تعمل على هذا الاساس » وانه لا يجوز دخول أحد الموقعين على الميثاق في 
الحكم إلا" على أساس تعديل المعاهدة ) وهكذا أخذ الحلاف بين الحزبين 
المذكورين يشتد آنا فآنآً » حبى ان جعفر أبا التمن المعتمد العام للحزب للوطي 
بعد أن أصدر بيانه المطول بشجب تراجع الاخائيين » أخذ يتصل بجماعة 
الاهالي » وعلى رأسهم كامل الجادر جي » ثم انضم الى هؤلاء حكمت سليمان» 
واتفقوا مع الفريق بكر صدقي الذي أطاح بوزارة الماشمي الثانية بعد حين 


كرفا 


وشرده وأصحابه إلى نخارج العراق حتى. لقي حتفه وسأتعرض إلى ذلك فيما 

بعد » حين أبحث عن تلك الوزارة . 
بين الاحداث الخامة الي حدئت في هذه الفترة : 

١‏ زيارة الملك فيصل الى لندن في زيارة رسمية تلبية للدعوة الي وجهها ملك 
انكلترا إليه . وقد استصحب معه كلا من ياسين الهاشمي » ونوري 
السعيد » ورسم حيدر . 

١‏ بوادر حركة الاثوريين وتمردهم » والاجراءات الي الها الوزارة أثناء 
غياب الملك عن البلاد لقمع حركتهم . 

*- وفاة الملك فيصل في برن بسويسرا » على أثر نوبة قلبية » نتيجة للارهاق 
الذي أصابه في هذه الحركة » والمناداة بوي عهده الامير غازي ملكا على 
العراق .وفقاً لاحكام الدستور . 

4 تنحي الاخائيين عن الحكم » لعدم موافقة الملك غازي على حل مجلس 
النواب والشروع في انتخاب مجلس جديد » في خضم تلك الاحداث كما 
كانوا يريدوك . 
ان هذه الامور وان لم يحسن أن تتناوها بالبحث ذكرياتي أو مذكراتي » 

لأني لم أكن طرفآ فيها » ولست مسؤولا” عنها » لكن أهميتها تفرض علي 

ذكرها ولا سيما حادثة بمرد الاثوريين . 
تفن الحلفاء أثناء الحرب العالمية الاولى في خلق المتاعب لاعدائهم » ولا 

سيما للدولة العثمانية الي كانت نضم شعوباً وأقواما مختلفة الاجناس واللغات » 

فحرضوا الارمن على القيام بأعمال نل بأمن الآمبر اطورية وسلامتهاء ما 

حملها على الفتك بهم دون رحمة أو شفقة » ولا سيما وهي في حرب بقاء أو 
ثمات . بحيث قيل ان عدد الارمن الذين قتلوا في حركة التطهبر هذه ربما بلغ 
المليرن نسمة . وقد اشيرك لفيف كبير من الاثوريين في حركة التمرد فقاباتهم 


غرف 


الدولة بالعنف » فاضطر الانكليز الى اجلاء الناجين الى العراق » وأقاموا لهم 
مخيمات في جوار بعقوبا بالعراق » وصاروا ينفقون عليهم بسخاء حى ينظروا 
في حل مشكلتهم » ولم يفت الانكليز الاستفادة من هذا العنصر النشيط فجندما 
شبانهم في قطعات الحيش الليقي » وفي فتح الطرق » "ما استعانوا ببؤلاء الشبان 
في قمع ثورة العراق الكبرى سنة 1470 فلما تسلمت الحكومة الوطنية ادارة 
العراق من السلطات البريطانية » جرى التفكير في ايجاد الحل المناسب لمشكلة 
هؤلاء اللاجئين. وبعد مراجعات ودراسات طويلة » تقرر اسكامم في الاراضي 
غير المسكونة بشمالي العراق » ومساعدتهم بقدر ما تسمح به الظروف 
والاحوال . 

وكنت تلقيت كتاباً من الملّك' خوشابا بتاريخ 1977/15 بعد 
عودتي من جولة قمت بها مع الملك فيصل الاول - فتأخر الرد عليه لأسباب 
وظروف لا علاقة لها بالقضية الأثورية “ فلما تسلمت رئاسة الوزراء في الثالث 
من تشرين الثاني ١477‏ وأبقيت وزارة الداخلية في عهدتي » وجدت ان الفرصة 
تسنح لي بالرد على الكتاب ‏ آنف الذكر ‏ فوجهت إليه هذا الكتاب . 


وزارة الداخلية 

بغداد في 1٠‏ ١١91"591١ا‏ / # لا/ 4" 
حضرة الملك خوشابه رئيس عشيرة التياري السفلى المحترم 

بعد التحسية : 


لقد تلقينا كتابكم المؤرخ في 1488/81١5‏ المرسل إلينا بواسطة 
متصرف الموصل » الذي أعر بم فيه عن شعور الولاء والاخلاص للعرش 
والحكومة العراقية » فكان له أحسن وقع لدينا لا تضمنه من العبارات الدالة 
على تمسككم بأهداف الحدمة الخالصة للعرش والحكومة » والشعور الصادق 
تجاه العناية والرأفة الحاصتين اللتين أولتهما الحكومة رعاياها الاثوريين الذين 


524 


كانوا ولم يزالوا موضع عطفها كسائر اخواءهم العراقيين . وإني لعلى ثق 
بأنكم ستثابرون مع اخوانكم الآخرين بنفس هذه الروح على ولائك 
واخلاصكم » وتضاعفون الحهود ي٠سبيل‏ خدمة المصلحة العامة . و 
الجميع لحدمة البلاد . 
وزير الداخليا 
ناجي شوكت 

وبعد عمّد معاهدة ٠‏ حزيران 117٠‏ بين بريطانيا والعراق لتمهيد دخو 
العراق في عصبة الامم » راجع زعماء الاكراد والاثوريين سكير تارية عص 
الامم لطلب الحكم الذاتي » فقرر مجلس عصبة الامم في ١4‏ كانون الاوا 
91 عدم امكان » قبول طلب الاثوريين المتضمن حكماً ذاتياً ادارياً داخا 
لعراق » وبحيط علماً بكل ارتياح بتصريح ممثل العراق عن نية احكومة العراقه 
باختيار خبير أجنبي من خارج العراق يساعدها لمدة محدودة في اسكان جمب 
العراقيين غير المستوطنين » ومن ضمنهم الاثوريين» في تنفيذ مشروع اسكار 
آثوربي العراق في حالات مناسبة .. 

وقد تضمن هذا القرار أيضاً فقرة هامة فقد جاء فيه « ان مستقبل الاثوريين 
بتوقف عليهم في الدرجة الاولى » مبى أظهروا اخلاصهم وولاءهم للحكومة 
العراقية ) . 

لقد أيد هذا القرار أكثر من ثلي الاثوريين » فقبلوه وارتضوه . ولا 
عهدت إلي" رئاسة الوزراء في أواخر عام 1947 م » رأيت من المفيد أن أقابل 
المار شمعون واباحثه في مستقبل طائفته . فقلت له ان في العراق شعوباً وأدياناً 
محتلفة تعيش كلها في دعة وسلام فليكن الاثوريون من جملة هذه الشعوب 
والاديان . ان الحكومة العراقية رعتك فأنفقت كثيراً على مذيبك وتثقيفك في 
انكلرا ٠‏ ولا أظنك تنكر أو تتجاهل هذه العناية» وهذه الرعاية » وقد اطلعت 
درن شك على قرار عصبة الامم الصادر ني ١4‏ كانون الأول ١97‏ مء وان 


المح سيرة وذكريات )1١(‏ 


الحكومة ستقوم بكل ما يحتمه عليها الواجب الانساني نحوكم » وعلاوة على 
ذلك فانها ستعترف بك رئيساً للطائفة الاثؤرية وبطريقاً عليها » فيكون لك 
من الحقوق ما لبقية رؤساء الطوائف المسيحية في العراق » وسيكون لك 
مقر في الموصل . كما ستخصص لك الحكومة راتباً شهرياً لتأمين نفقاتك , 
وعندما تسمح سنك القانونية فستجعلك عضواً في مجلس الاعيان » مثل بطريق 
الكلدان » فكان جواب المار شمعون : انه يقدار عطف الحكومة نحوه ونحو 
طائفته » ويشكرها على ذلك ؛ وانه سيعود الى الموصل ليعرض ما سمعه على 
الروحانيين لطائفته » وانه يأمل أن ينال موافقتهم ور ضاهم . وبعد أن حظي 
بمقابلة الملك ونال التفاتة » سافر إلى الموصل . 

وكانت وزارتي قد استقالت » وتألفت وزارة جديدة برئاسة رشيد عالي 
الكيلاني » على النحو الذي شرحته أعلاه » فطلب الكيلاني حضور المار شمعون 
إلى بغداد » وكلفه بالتوقيع على مشروع قد كان أعداه بالاتفاق مع مستشار 
وزارة الداخلية واطلاع السفير البريطاني . ويظهر لي - وهذا استنتاج شخصي 
ان فئة متطرفة من الآثوريين متأثرة بالبعئات التبشيرية في الموصل » ومغرورة 
بتوجيهات هرمز رسام » الضابط البريطاني الذي كان يزعم انه من أصل 
اثوري » وكان يسمي السفير البريطاني السر فرنسيس همفريز ب(كلب 
الاسلام ) ويدعي انه لا يمثل بموقفه سياسة الحكومة البريطانية » كانت هذه 
الفئة المتطرفة تؤثر في المار شمعون تأثيراً خطيراً» وتريد أن يقف من معروضات 
العراق موقفاً سلبياً . هذا من جهة . ومن جهة أخرى كان الملك فيصل قد سافر 
الى أوربا مصحوباً بأركان الوزارة - ياسين الهاشمي » نوري السعيد » ورسم 
حيدر ؛ فأخذ الوزراء الباقون يتصرفون تصرفاً بعيداً عن الحكمة ويتخذون 
قرارات خطيرة دون استشارة الملك والوزراء الذين كانوا معه . وكانت بعض 
هذه التصرفات » وهذه القرارات لا نحلو من التأثر بالعواطف الدينية والقومية , 
مما أدى الى الاصطدام المسلح بين بعض القطعات العراقية والغلاة المتطرفين من 


ين 


الطائفة الاثورية » ووفعت حوادث تايل بثبعة ارتكبها الطرفان في « ديرهبون» 
و «سمّيل » كما لعب قائد الحركات العسكر يةبكر صدتي دوراً مشيئاً في هذه 
الحوادث » جعل الغرور ينفذ إلى نفسه ويجعله يفكر في الاستيلاء على السلطة 
والتفرد بالحكم المطلق منذ ذلك الحين . 

لقد انتهت حوادث الاثوريين بوفاة الملك فيصل أثر نوبة قلبية حادة 
أودت بحياته ليلة الثامن من أيلول 14# وهو في برن سويسرا نتيجة الارهاق 
الذي عاناه من هذه الحوادث » وأسقطت الحنسية العراقيةعن المار شمعون 
وبعض أتباعه المقربين فأخرجوا من البلاد » وسلكت الطائفة من بعدهنم 
سلوكاً جديداً حميداً فيه التعقل » وفيه الاذعان للحن . ولما قضي على نظام 
الحكم الملكي في العراق في ثورة ١4‏ تموز ١9168‏ وقامت الحمهورية مقامه 
عاد المار شمعون الى العراق بعد نحو أربعين سنة على الحوادث المذكورة ليرى 
شعبه وقد تثقف واعتاد حياة المدن والثرف والنعيم » فشعر بالندم » ولا سيما 
بعد أن أعيدت إليه الحنسية العراقية » وحبته حكومة الثورة بالرعاية . 


تتويج الملك غازي : 

.بعد ان أعلنت وفاة الملك فيصل في سويسرة » قصد الوزراء القصر 
الملكي لتقديم التعزية إلى ولي عهده الامير غازي والاستماع الى تأديته 
اليمين القانونية بعد أن أصبح ملكا “على البلاد . وقد أقيمت بعد ظهر ذلك 
البوم حفلة التتويج الي حضرها أعضاء أسرته والوزراء ورؤساء الوزارات 
السابقون والاعيان والنواب وني الحادي عشر من ايلول أجتمسع جلس 
الأمة » و استمع الى اليمين الدستورية الي أداها غازي وأصبح ملكا . وني 
الحامس«عشر من هذا الشهر وصلت رفاة الملك الراحل الى بغداد فشيعت 
تشبيعاً رسمياً الى مثواه الاخير على الضفة اليسرى من دجلة في المقبرة الملكية 
بالأعظمية فاختم فصل من فصول تاريخ العراق السياسي الحديث لتفقسح 


3* 


صفحات فصل جديد في هذا التاريخ . 

كانت هناك أربع قوى نبيمن على مقدرات العراق السياسية : الملك , 
والوزارة » ومجلس الامة » والسلطة البريطانية الممثلة بالسفير وحاشيته . وقد 
بمّيت هذه السلطة ( الرابعة ) يمن وتلعب من وراء ستار حبى بعد دخول 
العراق عصبة الامم . ولم يكن ني البلاد رأي عام مثقف اذ ذاك » ولاكانت 
فيها أحزاب سياسية ذات مناهج صريحة أو مبادىء اقتصادية واجتماعية 
معروفة » واذا وجدت فكانت بمينية ومناهجها تكاد تكون واحدة.. وكان 
الملك فيصل يكاد يكون قائد فرقة موسيقية ( مايسترو ) يشرف على جميع 
العازفين » ويوجههم الوجهة الي يرتأيها » ويوفق بين عزفهم ونوطامم . 
وكان صديقاً لبريطانية لكنه مخلصاً لبلاده غيوراً على مصا حها الوطنية » وكان 
يرعى التوازن بين القوى الثلاث الاولى فلا يسمح بسيطرة واحدة على أخرى » 
وقد ترك سدة الحكم لشاب نزق قليل التجربة » سريع الاندفاع » غير 
ملم بتاريخ العراق لا قديمه ولا حديثه ولذلك كانت الحسارة بوفاة والده فيصل 
الكبير عظيمة . 


في سبيل تأليف وزارة جديدة 


أخحذت الاتصالات والاجتماعات تتوالى بين رجال السياسة » وكل منهم 
يريد أن يصبح صاحب الكلمة العليا والرأي المسموع » وانتهز الاخائيون 
هذه الفرصة فحاولوا السيطرة على البلاد » فالملك لا يزال صبياً فيمكن استمالته 
إلى جانبهم بيسر » والسلطة التنفيذية ما تزال في أيديهم » ولم تبق” أمام 
طموحهم إلا السلطة التشريعية فأرتأوا ان تكون لهم الاكثرية المطلقة فيها 
وهذا لا يتحقق إلا" اذا استصدروا ارادة ملكية بحل مجلس النواب والشروع 
في انتخاب مجلس جديد على الرغم من حداثة عهده . 

لم يكن بقية الساسة في غفلة عن هذه الامور فتعددت الاجتماعات فيما 


22ظ»> 


بينهم واستطاعوا أن يقنعوا الملك بخطل فكرة حل مجلس النواب والشروع أي 
افكات علض حديك 4 انلها تفلم «الأحاتيون يللب نذا توخيو :بار فقن 
واستقالت وزار مهم ؛ ووجب التفكير في تأليف وزارة جديدة تماشي مجلس 
النواب الام » ولا تفكر في حله . 


كنت خلال هذه الفئرة العصيبة أتردد على ديوان مجلس النواب لاقضي 
فيه بعض الوقت » واطلع على ما يحري في البلاط من أمور . وكان التفكير 
فيمن يؤلف الوزارة الحديدة الشغل الشاغل للساسة والنواب معاً » وفيما كنا 
ذات يوم في المجلس المذكور . والحديث يدور حول الازمة الوزارية » 
سألي جمال بابان عمن أراه جديراً بتولي الوزارة في تلك الظروف الحرجة ؟ 
فتذكرت حديث المرحوم الملك فيصل معي » يوم كلفني في دار أخيه الملك 
علي برئاسة الوزارة » وكيف قال ان لديه ثلاثة مرشحين هذه الرئاسة وهم : 
رشيد عالي » وجميل المدفعي » وناجي شوكت »2 وحيث ان الاول يشغل 
رئاسة الديوان » والثاني يشغل رئاسة مجلس النواب » فانه يختارني لرئاسة 
مجلس الوزراء . وأضفت إلى ما تقدم : انه اذا تولى المدفعي رئاسة الوزارة 
فهذا يعنى اننا نفذنا وصية الملك » وهي واجبة التنفيذ كما يتراءى لي اذا أريد 
جل مده الأزمة: 


وكان جميل المدفعي حاضراً هذا الاجتماع » وكان يستمع الى أقوالي 
بصمت وسكون , لكبي كنت ألمح آثار السرور والابتهاج لهل على وجنتيه 
فبادرته بقولي « صديقك علي جودة يشغل رئاسة الديوان الملكي » والاكرية 
في مجلس النواب نحبك وترضاك » وانا وزملائي معك » فالطريق مفتوح 
أمامك لا يعر ض معتر ض غير نوري السعيد » فان ضما موافقته سهل كل 
شي ء » وكانت بيانات الاخائيين المتناقضة » وفول رئيس وزارتهم رشيد عالي 
بعد وفاة الملك فيصل « ان السياسة الي سبارت عليها البلاد نحت قيادة سيد 
لبلاد الراحل » والي من أهم أركابا الاعتماد على الصداقة المتكوا: بن 


ظ232ظ»> 


المملكتين الحليفتين : العراق وبريطانية العظمى » والي صادق عليها مجلس 
الامة » سوف لا يطرأ عليها أي تغيير » كانت تلك البيانات وهذه التصريحات 
قد أفقدت الاخائيين شعبيتهم ٠»‏ وجعلت الفرصة سانحة الحخصومهم لاقناع 
جماعة » منهم أحد أركانهم حكمت سليمان ) فانقلب عليهم » وانضم الى 
جماعة الاهالي ثم «دبر مع بكر صدي الانقلاب الذي أطاح بهم 0 . 


ووافق نوري السعيد على تأييد جميل المدفعي » وقبل الدخول كعضو في 
الوزارة الي سيؤلفها بعد تردد . وكان يقول لي انه يرجح ان أؤلف أنا 
الوزارة » فكنت اقول له ان رشيداً جاء من بعدي فلا يصح أن آني أنا من 
بعده » فتكون هناك سابقة غير خسنة في نكوين الوزارات » ولا سيما وقد 
وعدت جميلا” بمساعدتي له » والدخول في وزارته . وكان علي جودت رئيس 
الديوان يسعى للمدفعي أيضاً وهو صديقه . فتألفت الوزارة الحديدة في 4 
تشرين الثاني سنة ١918#‏ كما يلي : 

جميل المدفعي - رئيساً لمجلس الوزراء . 

ناجي شوكت - وزيراً للداخلية . 

نصرة الفارسي - وزيراً للمالية . 

نوري السعيد - وزيراً للخارجية » ووكيلا” لوزارة الدفاع . 

جمال بابان - وزيراً للعدلية . 

رسم حيدر - وزيراً للاقتصاد والمواصلات . 

صالح جبر - وزيراً للمعارف . 

كان منهاج الوزارة مختصراً موجزا » ولا سيما فيما يتعلق بالسياسة 
الحارجية » فانه لم يتطرق الى موضوع المعاهدة العراقية ‏ البريطانية » ولا 
الى قضية تعديلها . كانت العبارة في هذا الصدد تقول « ان هدف الوزارة ي 
سياستها الحارجية هو المحافظة على أواصر المودة والصداقة القائمة بين مملكتنا 
والممالك الاخرى » والسعي ف تمتينها وتقريرها على أساس المنافع المتبادلة » 


عق 


ولكن من المؤسف ان هذه الوزارة لم تستمر في الحكم سو خلاتة اشهر :. 
على الرغم من احتوانها على عناصر قوية » فقد ظهر عدم الانسجام بين 
أعضائبا منذ أيامها الاولى . 

سلك جميل المدفعي في تأليف وزارته الاولى سلوكي انا يوم ألفت 
وزارتي . فهو لم ينم إلى حزب من الاحزاب » ولم يؤسس حزباً جديداً 
لاسناد وزارته . لقد اعتمد على كتلة نيابية تمثل الاكيرية في المجلس النياني 
لقئم .كا انه لم نحدث مدة بقائها في دست الحكم عرادف بسن نامدا 
مقاطعة شركة كهر باء بغداد الي اوجزها فيما يلي : - 

كانت شركة الكهرباء في بغداد أجنبية » وكان سيف الله خندان أحد 
النواب المرموقين » ومن الممربين الى رسم حيدر وكيلا لما » وكان بين 
الشركة ووزارة رشيد عالي الكيلاني خلاف حول الاجور الي تستوفيها من 
المستهلكين لم ينته » فواصلت الحكومة مفاوضة الشركة حول هذه الاجور 
حى حملتها على تخفيض فلسين اثنين من سعر كل وحدة استهلاكية . ولم 
يكن السعر باهظاً » بالقياس الى الاجور المعروفة في الدول الاخرى » ولا 
سيما المجاورة منها إلا ان الايدي الي اعتادت أن تلعب من وراء ستار استغلث 
هذه القضية فأغرت نقابة العمال » وحملتها على اعلان مقاطعة الشركة في 
الحامس من كانون الاول 1947# » ولم تر الحكومة ضرورة للتدخل في هذا 
الموضوع لتفاهته من جهة » ولان الشركة خفضت الاجور ما سمحت به 
ظروفها لتخفيضه » ولكن المقاطعة أخحذت ‏ بفعل الدسائس والتحريض - 
شكلا هدد الامن العام ويقلق راحة السكان » ثم تطورت الى مهديد أصحاب 
المخازن والمفاهي والمطاعم بالسلاح لاجبارهم على المقاطعة . ولا شعرات 
الوزارة بأن المحرضين على المقاطعة أخذوا يستفيدون فوائد استغلالية مسن 
جراء احتكار هم الشموع » والقناديل » ومصابيح اللوكس » شعرت بصفة 
كوني الوزير المسؤول عن الطمأنينة وسلامة الاهلين » ان الضرورة تقضي 


>32 


بأسداء النصح من كانوا يقاطعون أو يحرضون على المقاطعة » حتى اذا فشل 
النصح . ركنت الى التدابير الاخرى » فرجوت صديقي المحامي مصطفى 
عاصم أن يأتيتي برئيس النقابة » محمد صالح القزاز » الى داري للتحدث م 
في موضوع المقاطعة بصورة خصوصية . فلما جاء به إلى الدار » أبديت له 
النصح اللازم وألملحت الى ان عملهم هذا يؤدي الى الاخلال بالامن » وهذا 
أمر معاقب عليه في كافة قوانين العالم » فاذا به يرد على نصحي ونحذيري 
بوقاحة وغرور قائلا” : اننا لا نخاف أحداً » ولا نهم بأحد » فأدركت توا ان 
النصح لا يفيد مع انسان بحمل مثل هذه العقلية » وقررت القيام بضربة 
حاسمة » فطلبت الى متصرفية لواء بغداد القبص على محمد صالح القزاز , 
وثلاثة من زملائه وابعادهم الى السليمانية » بعد سوقهم الى محكمة الحزاء 
وصدور الحكم بحقهم » كما انخذت المتصرفية المذكورة كافة الاجراءات 
اللازمة بحق كل مغرّر به » سواء أكان هذا التغرير جاء نتيجة للدعايات 
المضللة » أو بتحريض من الاحزاب ٠‏ وبعد أيام قليلة عاد كل شيء الى حالته 
الطبيعية. 


قرون الملك غازي : 

كانت قد تمت خطوبة الملك غازي على ابنة عمه الملك علي » شقيقة الابر 
عبد الاله » بعد وفاة والده الملك فيصل بأيام قليلة . ولكن عقد النكاح أجل 
الى ما بعد انتهاء أيام الحداد . وني أواخر أيام كانون الثاني ١9*‏ م » على 
ما اتذكر تلقيت اشارة تلفونية من ديوان الرئاسة ا حضور جلسة مستعجلة فوق 
العادة يعقدها مجلس الوزراء في ذلك اليوم . فلما حضرت وجدت نوري 
السعيد في حالة ياج شديد وهو يفول ( هاي عايزه غ يصبح ياسين عم الملك ؛ 
ثم اتضح ان الملك يرجح ان يكون اقنرانه باحدى كريمات ياسين الهاشعي 
على اقنرانه بكريمة عمه » وظهر بعد ذلك انه كانت هنالك صداقة بين بنات 
الهاشمي وبنات الملك فيصل » أي بين شقيقات الملك غازي » وقد تكون 


لق 


أخوات الملك قد حبذن لاخيهن الاقران باحدى كر بمات ياسين . وعلى هذا 
دعني مجلس الوزراء الى عقد جلسة خاصة وسرية لمعالحة هذه المشكلة » وبعد 
أخذ ورد ؛ ارتوكي إقناع املك غازي بضرورة العدول عن ترجيحه الاقتران 
بكريمة الهاشمي على الاقتران بكريمة عمّه » وكان غازي سهل الانقياد لمثل 
هذه النصائح » ولا يستبعد أن يكون نوري السعيد وبقية أفراد العائلة المالكة 
والمقربين منها قد أقنعوا الملك بالتخلي عن فكرته. وقد امخذت التدابير 
المستعجلة لانجاز القران في ه” كانون الثاني ١4175‏ . 

كنت أفكر لو كان الملك غازي قد اقترن باحدى كربيمات ياسين الهاشمي 
في تلك الأيام » ولم نحل العنعنات والتقاليد دون ذلك » لرأينا كيف كان قد 
انقلب تاريخ العراق السيامبي رأساً على عقب » وسارت البلاد في انجاه غير 
الانجماه الذي سارت فيه بعدئذ » ولبقي الامير عبد الإله بعيداً عن التدخل 
في رمم سياسة العراق والسيطرة على ابن اخقه فيصل الثاني سيطرة تامة 
أفقدت البلاد عزها وهناءها» وزجها في أتون غروره وصلفه وطيشه 
ونزقه . وي تاريخ العالم كثير من الامثال علٍ. ان قران الملوك يغير محرى 
التاريخ في البلدان الي يحكموما فقد تسعد » وقد تشقى » نتيجة لهذا القران . 
مشروع الغراف واستقالة الوزارة : 

فوجىء وزير الالية بإعلان نشرته الصحف المحلية عن مناقصة لمشروع 
سد الغراف » أعلنه وزير الاقتصاد والمواصلات » دون أن يتأكد عن وجود 
الاعتمادات اللازمة في ميزانية الدولة » ودون أن يأخذ موافقة وزير الالية 
على ذلك بصفة كونه الوزير المسؤول عن بيت المال » أي خلافاً للاصول 
المتبعة في مثل هذه الامور الي نحم وجود اتفاق سابق بين « بيت المال0» وبين 
الوزارة الي تريد أن تقوم بمشروع من المشروعات العامة » واعتماد 
المخصصات اللازمة » ثم استحصال موافقة مجلس الوزراء على القيام 
بالمشروع » فلما عرض الحلاف الذي تككون بين وزيري المالية والاقتصاد 


اق 


على المجلس ااشار إليه طلبت الكلام فأيدت وزير المالية فيما يخص اعلان 
المناقصة دون سابق موافقته » واعترضت على المشروع من حيث الاساس 
موضحاً : انه لا يجوز الشروع بأي عمل على دجلة في جنوبي بغداد ما لم 
يوضع مشروع متكامل للسدود الي يحب أن تقوم على هذا النهر الكبير 
ابتداء من شمال العاصمة » وانتهاء يجنوبها » لوقاية بغداد من الغرق الذي 
تتعرض إليه في كل سنة أو سنتين » ونحيلها إلى شبه جزيرة فتنتشر الاويئة 
والحميات نتيجة لانتشار البعوض والحشرات . وقد رد علي رستم حيدر 
وزير الاقتصاد والمواصلات مذكراً اياي بقول يؤثر عن الملك فيصل إذ قال 
في احدى خطبه ولا مشروع قبل الغراف » فأجبته اني لا أظن ان الملك فيصل 
قال مثل هذا القول » ولنفرض جدلا" انه قاله لسبب أو باعث زمني » فان 
أقوال الملوك لا ترتفع في قدسيتها الى نصوص القرآن أو الاحاديث النبوية 
واجبة الاتباع . ان هذا المشروع الحبار سوف لا يحقق إلا" أهدافاً اقطاعية 
ينتفع منها أربعة أشخاص أو خمسة هم : السيد عبد المهدي » وموحان احير 
الله » وخيون العبيد » والاخوان : عبد الله وبلامم ولدا محمد الياسين وقد 
أثرت هذه الاقرال في الحاسة الوزارية الي عدت لمناقشة هذا ا لحلاف وانشطر 
الوزراء الى فريقين : فريق أيد وزير المالية نصرت الفارسي » وهو مكون 
مي ومن نوري السعيد مضافاً الى نصرت » وفريق أيد وزير الاقتصاد 
والمواصلات رسم حيدر » وهو يتكون من بقية الوزراء فلم ير رئيس الوزراء 
جميل المدفعي مناصاً من الاستقالة » فتقدم يكتاب استقالته في ١‏ شباط 1١9174‏ 
وقد قبل الملك غازي هذه الاستقالة » ثم كلف المدفعي بتألبف الوزارة مجدداً 
فألفها بعد أن تخلى عن الاعضاء الذين أسهموا في الحلاف آنف الذكر . 


مفوضيي الثانية في أنقرة : 


بعد ان ثم تأليف الوزارة المدفعية الثانية » صرت أتردد على مجلس النواب 
صباح كل يوم تقريباً لانبادل الاراء والاحاديث مع النواب» ولاحضر جلسات 


لمكا 


المجلس عند انعمادها » وفي نهاية احدى الحلسات الي عقدت في أواسط شهر 
نيسان 19474 » اقترب مبي رئيس الوزراء جميل المدفعي » وأعرب عن 
رغبته في أن أختلي به على انفراد فلما اختلينا بادرني قائلا” : 

شرعت ايران في نحريك القبائل على الحدودء وعمدت إلى قطع الماء عن 
مندلي ؛ وقد علمت ان شاه ايران سيزور تركية زيارة رسمية عن قريب ٠.‏ 
حساب العراق ٠‏ وان لك اصدقاء عديدون في تركية » ومعرفة تامة بالظروف 
والاحوال » فهل ترى ان نكلفك بالعودة إلى أشغال منصب الوزير المفوض 
في أنقرة فتكون خدمت بلادك ونكون لك من الشاكرين ؟ 

لم أتردد في قبول هذا التكليف » ولا سيما وقد كنت أشاهد اللعب على 
الذقون » والصراع على الكراسي الوزارية بين رجال الدولة » فاستغرب ذلك 
كل الاسبتغراب » ولعلمي اني بذهابي الى أنقرة استطيع أن أخدم بلادي 
أكثر وأحسن هما لو كنت في بغداد . وهكذا صدرت الارادة الملكية بتعيييي 
وزيراً مفوضاً في 7١6‏ نيسان 1914 وقد غادرت بغداد عن طريق الموصل ‏ 
حلب - استانبول - أنقرة . ومكثت في استانبول طوال أشهر الصيف » ثم 
غادرما الى أنقرة في أول تشرين الاول 1974 وثم استقبالي وتقديم أوراق 
اعتمادي الى رئيس اللحمهورية وفق المراميم والاصول الي اتبعت في المرة 
الاولى » وقد شرحتها شرحاً كافياً فلا أعود الى ذلك الآن . 

استغرقت اقامي وزيراً مفوضاً ف تركيا للمرة الثانية نحو خمس سنوات 
حدثت خلاها في تركية حوادث جسام » وشهد العراق أحداثاً مؤلة وخطيرة : 
أهمها انقلاب بكر صدثي وتسببه في تشريد الساسة . واني وإن كنت خارج 
وطني طوال هذه المدة» وفي عمل دبلوماسي صرف », لكبي لم انقطع عمسا 
كان بحري ي بغداد فقد كانت مراسلاني مستمرة مع السادة : ياسين الحاشمي » 
ونوري السعيد » ورشيد عالي الكيلاني » كما كانت أخبار الوطن تتوالى علي 


56١ 


في رسائل !..دقائي الكثر » ولا سيما السيدين : “نصرت الفارسي ٠‏ وعلي 
محمود الشيخ علي . وكنت أزور بغداد بين حين وآآخر لاراقب الاحوال 
العامة عن كثب . وقد نجمعت لدي عشرات الرسائل من الذين أشرت اليهم 
ومن غيرهم » وني استطاعة من يقرأ هذه الرسائل أن يقف على ال حالة الي 
كانت تسود العراق » والاختلافات الي كانت تظهر بين ساسة البلد وبعض 
الزعماء » وما يرتأيه هؤ لاء المراسلون من مقر حات وتشبثات » وسأخصص 
بعض صفحات من ذكرياتي هذه لبحث هذه الامو ر كما سأنشر نصوصاً لبعض 
الرسائل الي وصلت إلي” من بعض الزعماء والسياسيين : 
زيارة شاه إيران لعركيا : 

بذلت جهوداً مضنية في سبيل التقرب إلى رجال تركيا البارزين » ولا 
سيما رئيس الحمهورية مصطفى كمال » ورئيس الوزراء عصمت اينونو, 
وتمكنت من الوقوف على كثير من الاسرار والاحداث الي كانت تسود الحو 
السياسي في أنقرة » ولا سيما فيما يتعلق بالعراق » وزيارة شاه ايران الرسمية 
ال متوقعة لمركية. 

كانت ايران تسعى سعباً حثيثاً احعل تركية تقف الى جانبها في المنازعات 
الدولية » ولا سيما في نزاعها مع العراق حول الحدود » وقضية شط العرب 
على الاخص . وكانت تركية تسعى للسيطرة على نجارة ايران الحارجية » وعلى 
جيش ايران . كانت تريد أن نحول نجارة النرانسيت الايرانية عبر الاراضي 
التركية » بدلا من أن تمر عبر العراق » وكانت تسعى لأن يكون تدريت 
الحيش الايراني على أيدي بعثات تركية تقيم في طهران اقامة دائمة . 

وصل شاه ايران الى تركية فاستقبل استقبالا” حافلا” » بحسب الاصول 
والمرامهم المعتادة » وأقيمت على شرفه الحفلات الرسمية الاصولية » ومبالغة 
في اكرامه واعزازه » أقيمت له حفلة عشاء خاصة في قصر الرئاسة . وبينما 
كان شرب الاخاب يجري كالمعتاد » إعترت الثنأه حالة غير طبيعية جعلت 


لف 


الاستمرار في المفاوضات بعد العشاء بينه وبين رئيس الحمهورية أمراً غير 
مكن . فلما كان اليوم التالي أخبرني أحد مرافقي رئيس الحمهورية بتفصيل 
ما جرى قائلا” بالتركي : ايش بوزولدي - أي - خربت الشغلة ‏ وهكذا 
انتهت زيارة الشاه الرسمية دون أن تأني بأية نتيجة تضر بمصالح العراق » 
ولكن الازمة بين العراق وايران لم تنته » واستمرت حبى عام 90# ١فان‏ 
الغلاة القوميين من الايرانين لا يمكن أن ينسوا ان العرب هم الذين أطاحوا 
بعجد الامبر اطورية الفارسية » وان بقايا طاق كسرى ما تزال ماثئلة للعيان قي 
أرض الرافدين » على مقربة من بغداد » وان الديانة الاسلامية السمحة قضت 
على الديانة الزردشتية الي كانت سائدة في أرض داريوس . 


بين العراق وإيران : 
اشتدت أزمة الحدود بين العراق وايران اشتداداً خطيراً أدى الى عرض 

الحلاف على عصبة الامم في أيار 19475 لبحثه » وسافر السيد علي جودة رئيس 
الوزارة العراقية بنفسه الى جنيف ليشرف على المحادثات الي ستجري حوله . 
وكان السيد نوري السعيد وزير الحارجية قد سبقه اليها في 7١‏ تشرين الثاني 
4 »6 ماراً بأنقرة » فنزل فيها » واستطلع آراء الحكومة التركية في هذا 
الحلاف » وسعى لحملها على الوقوف الى جانب العراق في العصبة الاهمية . 
وني أثناء اقامة نوري السعيد القصيرة في أنقرة » تطرق في حديثه مع رجال 
تركية الى أمور لا علاقة لما با حلاف العراقي ‏ الايراني حول الحدود سأشير 
اليه فيما بعد . 

كان نوري يفكر في عقد معاهدة صداقة بين العراق وايطالية اثناء 
وجوده في جنيف ليضمن بواسطتها وقوف ايطالية الى جانب العراق » أثناء 
بحث الحلاف » موضوع البحث » وقد هيأ مسودة لمثل هذه المعاهدة فلما بدأ 
حديثه مع وزير خارجية تركية » اشار إلى فكرة عد هذه المعاهدة وأضاف 
الى هذه الاشارة قوله : ولكننريد أن نعرف وجهة نظركم في هذا الصدد . 


رضنا 


فما كاد الوزير التركي رشدي آراس يسمع ببذا الحبر » حى انتفص قائلاا : 
كيف يكون ذلك كيف ؟ كيف يعقّد العراق الصديق معاهدة صداقة 
ايطالية » وايطالية عدوة لبركية ؟ أرجوكم ألا تعمّدوا مثل هذه المعاهدة . 

كانت لعبة سياسية في الحقيقة أريد بها التأكيد على وقوف تركية الى جانب 
العراق في نزاعها مع ايران . وفي جالسة ثانية عقدها نوري السعيد مع وزير 
خارجية تركية قال له : انني باسم الحكومة العراقية أقول لكم ان العراق قد 
صرف النظر عن عقد معاهدة صداقة مع ايطالية » فسر الوزير اللركي بذلك 
ووعد بمساعدة تركية للعراق في هذه القضية لدى عصبة الامم . 


مع رئيس جمهورية تركية : 

جرت العادة في العرف الدبلومامي أن يحدد موعد يزور فيه وزير خخارجية 
أية دولة وزير نخارجية الدولة الي بمر بأراضيها » أو اثناء زيارته لرئيس الدولة 
زيارة رسمية . وي تركية جرت العادة أن تكون مثل هذه الزيارات بين الساعة 
الرابعة والساعة الحامسة من بعد الظهر . وعند مرور نوري السعيد بأنقرة في 
طريقه الى جنيف » حددت - في هله المرة فقط - الساعة السابعة لهذه الزيارة 
التقليدية وقد أخبرتنا وزارة الحارجية التركية بأن الغرض من هذا التبديل في 
الوقت » هو رغبة رئيس الحمهورية التركية في أن نتناول معه طعام العشاء 
على مائدته بصورة خصوصية بعد الفراغ من الزيارة الرسمية التقليدية . 

فبعد القيام بالزيارة الي استغرقت ساعة من الوقت » انتقلنا الى غرفة 
,الطعام فانسحب وزير الحارجية رشدي أراس » وبقينا نحن الثلاثة : رئيس 
الجمهورية » ونوري » وأنا » ثم التحق بنا بعض رفاق مصطفى كال الذين 
اشتركوا معه في الثورة ضد الحلافة » وكذلك بعض أصدقائه غير الرسميين 
وبعد الفراغ من العشاء افتتح الحديث مصطفى كال قائلا" : 

أود أن يكون اجتماعنا هذا خاصاً لا صبغة رسمية له » وأن نتحدث 


"2 


فيه كأصدقاء لا كمسؤولين فما زالت ترد من العراق أخبار لا تسر الصديق . 
لقد فقدثم قائدكم الملك فيصل » وملككم الحالي شاب حديث عهد بالحكم » 
وتجار به قليلة » وأما أنم يا ساسة العراق فأحدكم ضد الآخرء وواحدكم يسعى 
للايقاع بالثاني » فلماذا لا نجتمعون وتضعون منهجاً تتفقون على مواده وتعملون 
على تنفيذ بنوده بكل اخلاص ونجحرد من الانانية » وتختارون واحداً من بيتكم 
يتولى رئاسة الوزارة فيكون قائدكم ؟ 

رد نوري السعيد على ملاحظات القائد الاعلى ليركية بكلمات لم تقنعه 
فوجه السؤال إل" قائلا” : وما رأيك أنت ياناجي ؟ أجبت على الفور : اذا 
اتفق هذا الحالس على يمينك مع ياسين الحاشمي ٠‏ زميلك في المدرسة الحربية 
العسكرية أبان الحكم العثماني » واتفقا على منهاج وعهد » فان الامور ستسير 
في العراق على النحو الذي يتمناه أصدقاؤه له . فسأي الرئيس التركي قائلا” : 
تقصد ياسين حلمي ؟ أجبته : نعم فوجه خطابه الى نوري وقال : يا 
حلمي أقدم منك فهل تقبل أنت بزعامته:؟ فأجابه نوري : نعم أقبل . فقال 
لازي سأبعث برسالة شفوية الى ياسين مع نجي لينقل اليه الحدديث الذي جرى 
بيننا اليوم» وعندما تعود أنت من جنيف الى بغداد تشرعون في العمل المشترك 
لا فيه خير العراق . 

سافرت الى بغداد قبيل رجوع نوري اليها » فقابلت ياسين الهاشمي » 
ونقلت اليه رسالة مصطفى كمال » فتلقاها بالبشر والارتياح البالغين » وقال 
سنسعى لتنفيذ ما جاء فيها . وني الثالث عشر من شباط ه97١‏ عاد نوري الى 
العراق ووجد الحالة العامة على غير ما يرام . ثم قدم على جودت استقالة وزارته 
في 7 من هذا الشهر » نتيجة لسوء الادارة» وتذمر رؤساء القبائل من سلوك 
الموظفين » ومعارضة مجلس الاعيان للوزارة معارضة أدت الى عدم تشريع 
اللوائح القانونية . 

أنشر فيما بلي ثلاث رسائل كنت تلقيتها من السيد نوري السعيد بين تموز 


"6 


4 و١١‏ شباط ه197 ليقف قارىء ذكرياني هذه على الاوضاع العامة 
الى كانت تسود العراق » والفوضى الى كانت تدبر في أوساطه . 


: الرسالة الأولى من بغداد‎ - ١ 
١9غ بغداد بي 19 نموز‎ 


أخي ناجي 
أشكر ك كل الشكر على كتابك » وما حواه من شعور الوداد والاخلاص . 
وكنت خلال هذه المدة مشغول البال جداً » وعلى ما يظهر لي ان الاخطار 
بازدياد ولا أعلم طريقة للتغلب عليها . وها أنا أبيين صفحانها واحدة واحدة : 
١‏ - روح الطائفية بتوسع هائل في ألوية الفرات » والانفجار يحتاج لحادث 
طفيف . هذه خلاصة آراء كبار الموظفين المعول عليهم . 
؟ - توجد مفاوضات بين جودت وبين ياسين » بواسطة زكي المحامي » 
لتأليث وزارة تحت رئاسته » وكانت آخذة بالتقدم ولم يبق” اختلاف 
إلا على شخص رشيد عالي . وكانت هذه الصعوبة على وشك الزوال » 
وظهرت موانع اخرى أوقفت المفاوضات أو أطالتها لمدة أخرى. وقد 
ظهر بمظهر ااتلاعب أمام هؤلاء » وزاد عليه الحقد من كل الحهات . وقد 
اشتدت الدعاية ضد الملك بشكل خطر » وكذلك على جودت » بانهامهم 
له بالمقامرة وجر النقود من اللحزينة الخاصة والخ ... من أقاويل » مما 
زاد النفور عليه بين جميع الطبقات . وبدخول توفيق الى الوزارة جعل 
صالح جبر » وجريو » ونجيب الراوي » وحبى ٠“‏ مود صبحي من الناقمين 
بصورة علنية على هذا التعيين اذ كان مفتش مالي ذهب لرؤية بعض 
الحسابات تي المفوضية الناتجة من سوء أعمال شقيق داود الحجيدري » 
فظهرت للمفتش أمور سيئة تتعلق بالمصاريف والاثاث وحتى الملفات 
السرية » مما اضطر ناجي السويدي أن بأمر المفتش المالي بسد التحقيق 


"5 


والعودة الى بغداد بدون علم وزارة الحارزجية . وقد أخرج الدملوجي 
بعجلة من الوزارة وأدخل الشخص المسؤول عن هذه الاعمال لوزارة 
الحارجية . وقد زاد الارتباك ازدياد هائل والنقمة عامة على الحكومة وقد 
اضطر جودت أن يصرح ان الوزارة ستتغير خلال اسبوعين لا أكثر لاجل 
اسكات المتنفذين من أنصار الوزارة نفسها . 

؟- أناني كور نواليس للبيت بحجة قضية الآثوريين ثم صارحي بخطورة ال حال » 
وسألبي عن أسباب تمنعي من الدخول مع جميل ؟ فأفهمته بأفيلا أفهم 
سببآ للدخول لوزارة قد لا تستقيم أكثر من بضعة أيام » ولان المفاوضات 
دائرة لتأليف وزارة تحت رياسة ياسين . فاستغرب وأفهمي بأن وعد 
جودة له قبل يومين يخالف هذه الفكرة . ثم زاد قائلاة : بأن الاحوال 
سيئة » ولا يعتقد بفائدة مجيء ياسين » وقد يؤدي الى سقوط وزارته 
عاجلا” ولا تستقيم أكثر من اسبوع أواسبوعين . ومن هذه البيانات فهمت بأن 
الامو سائرة من سبي ء الى أسوأ» والدسائس والألاعيب مستحكمةعلى أذهان 
هؤلاء الناس» فنفرت من هذه التعاسة المسيطرة على البلاد ومقدراتنها » 
وكاد اليأس يستولي علي عند ما نجلت هذه الامور أمامي يحقائقها المرة . 
ولا أعلم ماذا اعمل أو ليس من الحكمة الآن رجل واحد من الرجال 
المخلصين لندبر معه الموقف هذا ؟ وقد أراد كورنواليس أن يحئي بالتقدم 
العمل فأفهمته بصعوبة موقفي السابق وما حيك من الموانع نحوي » 
وحثيته أن يسعى لاقناع جودت مسؤولية الادارة » ووعدته أن اعاضده 
اذا احتاج لمعاضدتي . فذهب مبي ولم أسمع نتائج مواجهته مع جودت . 
الي كلما فكرت ببهذه الاحوال يزداد همي وحزني لهذه النتيجة » والعاقبة 
السيئة بعد تلك الحهود والتفادي العظيم » واني ألاحظ بالفرق العظيم والتطور 
المستولي على أذهان أصحابنا . فبينما كانوا يحثوني على ضرورة التفاهم 
والتازر مع ياسين » فالآن يرون الحطر كل الحطر من مجيئه للحكم » 
ويصارحوني بأن مجيئه يعجل الانفجار . اني أكتب هذه السطور وعيبي 


ندا سيرة وذ كريات (117) 


تدمع » واتمبى أن لا أكون في الحياة حبى لا أرى العاقبة السيئة للمملكة , 
وكنت أحد العاملين على بنيانها » وقد كتبت للحعفر بالاختصار » وأفهمته 
أن يئرك الطمع ويفكر في العراق أولا” فإذا لا قدر الله ذهب العراق فلا 
أعلم كيف تبقى مثلياته با حارج . ان علمي بحالتك الشخصية هي وحدها 
تمنعني من أكلفك بالعودة فوراً » ولكن سوف لا أتردد باخبارك عندما 
أحكم حكماً قاطعاً بأن الساعة حانت للعودة » والحطر باشر » وعلى 
المخلصين أن يتعاونوا ويتظافروا لوجه الله تعالى . 
جميل شاعر با لحطر أكثر من الاول ومحتار بأمره » وجودت بصير به , 
والوزراء كلهم شاعرين ولكن ... والاغرب من هذا ان الانكلير 
بدأوا منذ بضعة أيام يتكلمون عن سوء ال حالة » وفوضى في الادارة ؛ 
واحتمال الانفجار في الداخل » وجودت مجتهد للتسكين والتخفيف ما 
أوجب انتقاد الجميع وانهامه بأمور مادية غير خافية عليك قبل سفرك , 
الملك بدأ ينقطع من المجيء حنى الى دائرته . وني الايام الي يأني بها يبقى 
للساعة العاشرة ويذهب إلى محله بعجلة . وشاع م شاع من سوء الحالة في 
داره . والعائلة أصبحت ا حياة فيها لا تحتمل . وقد طرد الامير حسين وانزوى 
في داره مما جعل الامور أسوأ مماكانت فتصور وتأمل .. لا أستطيع سرد هذه 
الحوادث عليك كنا هي لأتما قد تؤلمكمن جهة وتكون ناقصة من جهة أخرى . 
وقد يكتب سامي اليك ورفاقك الآخرين ببعضها واني أود أن أقدر لك اختيارك 
أرشد : الرجل المخلص وهو الوحيد أكثر من غيره ساعي للخير ولم أجد 
غيره فمن ( كمصطفى الحرى مثلا” ) يسعى لوجه الله بدون أن يفكر تفكيراً 
ضيقاً ويا للاسف . 
قبل أن أختم كلامي أود أن لا تستعجل بأمر يتعلق بعودتك قبل أن نتبادل 
بالاراء . وقد أكون ساعة كتابني هذا مغالياً في رؤية الامور . وأود أن أطلعك 
برأي عندما تكلمت بتأليف وزارة جودت ووعدي معاضدته كنت ارتأيت 
أن تعود أنت للداخلية ولا أعلم رأيك باقتر احي هذا أو بالعودة مع جميل وأنا 
واياك بدون حيدر أرجو أن تخبرني بسرعة . 
المخاص!- نوري السعيد 


"4 


رأيك بخصوص ياسين هو رأي الاكرية » وقد زادته خطورة من 
نصريح الجماعة وما ذكرته . وأما من جهة الاعمال الكبيرة مع جميل فهي 
غير متيسرة وغير ممكنة » وأنا الآن أتمنى أن نحافظ على الموجود »ولا أتطلب 
هذه الأيام أعمال عظيمة قلة تكون الآن في بغداد تشعر بشعوري هذا فلنتعاون 
أولات على التخلص من الغرق وإنةاذ السفينة ثم نفكر بالإصلاح . 

نوري السعيد 

+" الرسالة الثانية من بغداد : 

أخي ناجي بك بغداد في ه ديسمبر 1941954ام 

تأخرت بالرد” عليك و بإعطائك الأخبار عن حالتنا الحاضرة الي أصبحت 
غير مرضية . ولا أكم عنك يأسي من الإصلاح أو الانجاه إلى الإصلاح » 
وأنت تعلم أسباب الإصلاح يتوقف على وجود رأس يدير الأمور ويراجعه 
لكيما يرى خللا” فيها من وقت لاخر . فالرأس هذا مفقود . وإلى أن نجده 
سوف نبقى - ويا للآسف - ببذه الحالة . وقد ظهرت حوادث لم تكن ني 
الحسبان » وقد اصطبرت عليها إلى الآن » وسيجيء زمن آخر ( غير طويل ) 
فإذالم أجد أي أمل سأعتزل بصورة نهائية إذ لا يطلب من فرد أن يتحمل ما لا 
بطيق نحمله وليس من معين . وهذا هو حاصل الآن ويا للأسف . وقد 
تشاجرت وتناقشت وقمت بكل ما يمكن عمله لا لشيء سوى رفع الأحقاد 
لماضية بين أبناء البلد » ولأني شعرت استغارة الغرباء من قبل وهذا ما وقع 
بل أكثر مما نتصور » وحدث التفاهم تام » وعلي أن أكمله وكان المطلوب 
الأمر » وليس فيما طلبته لأحد كان يمت إلي بصلة القرابة أو صلة أخرى 
سوى الحق والإنصاف ولكن ليس من يسمع ويجيب . وآخر ما حدث هو 
قضية الانتخابات وسوف ترى نتانجها من وجود رفائيل بطي وأمثاله في مجلس 
النواب . وهكذا خلت الدار تمن بحميها » وأصبحت الواوية كما يمولونتنهش 


"66 


بيدي الآن ثلاثة قضايا مهمة دخلت فيها وأنا الآن بوسط المعمعة فاه 

أستطيع التخلٍ عنها » ولا أستطيع الاستمرار نظراً للأصول وها هي القضايا : 

١‏ حدم سكة الحديد . وهمفريز سيذهب بشهر مارت » فإذا لم أتممها الآن 
بشكل مررض سوف تبقى لمدة غير قليلة كما هي » وأملي قوي بإنبالها على 
شكل مرض . 

١‏ - قضية إيران ورفعها لاعصبة وهي من القضايا المهمة » وأمل إنجازها بشهر 
كانون الثاني وبشكل مرض . 

* - قضية حرس المطارات وأنت تعلم اعوجاجها وأمل إنهاها أيضاً . ولكن 
ماذا أعمل ومن هو يريح بالي ويشجعني على نجاوز هذه الأعمال ؟ لدي 
بضعة أسابيع أستطيع الصبر وتحممّل المرارة لا أكثر . 

الرسالة الثالئة من الطيارة : 
أخحي ناجي ١١‏ شباط 1978م 
آسف لكتابي على هذه الورقة وببذه العجلة لأني في الحو طائر عائداً 
لبغداد ولم أجد ورقة أخرى ووقت آخر كاني . وأود أن أوصل إليك هذا 

الكتاب من آتنه لتطلع عليه وتقوم با يلزم . إني قمت بما وعدت به في أنقرة » 

وأخرت كل شي ء إلى أن وجدت الإير انيين كما خمنت مع الجماعة » وذهبت 

إلى لندن وأرسلت إليك البرقية . وراجعت السفارة التركية وأفهمتهم بالواقع 
وطلبت منهم إرسال برقية كما فصلت إليهم وطلبت . وفعلا" أتاني من الحكومة 

الحواب بالموافقة على التو قبع ولكن لم أعمل به إلى الآن رغم ما قامت به إيران. 

وها أنا أرسل إليك قصاصة من جريدة إيطالية الشبه رسمية ببيانات الكاظمي 

عليه القوم . وقد نحادثت سفير الأتراك في روما » وهوواقف على 

00 وا خائة لخداد ون أرق عل عند النامقة وراك ت تأجيلها أضمن 


الما 


نا . فئرى من ذلك اننا قيامآ بالواجب مع الجماعة في أنقرة تضررنا وأصبحوا 
الطليان منذ اسبوع يناصرون إيران > وتاخير المعاهدة كان السبب المهسم 
لذلك . ولكن لم أستاء من ذلك ولم أهم لأني أعتقد صداقة أنقرة مهمة ومفضلة 
على كل شبيء . قد أضطر بعد مدة على التوقيع وأود أن يعلموا الجماعة اني قد 
قمت أكير مما يتطلب الموقف في سبيل أظهر الروابط بيننا وقد تضضررنا إلى 
الآن ني هذا السبيل . اي راجعت إيران مرة أخرى وفتحت باب التفاهم ولم 
تزل تلك الباب مفتوحة هم لعل الأتراك يقوموا من جهتهم بلمعاونة على 
ا سج الاعر اف بالحدود الموجودة كنا أو قبيويت ذلك لتوفيق رشدي . 
أنتظر منك الحواب في بغداد وبسرعة وإذا أمكن برقية . 


الأحوال في بغداد غير واضحة . ويظهر لا بد من تبدال الوزارة بشكل 
من الأشكال . طلبوني لبغداد وألحوا بالطلب وبسرعة . إني لم أزل بفكري 
القدم ولا بد من دخولك إلى الوزارة وني وزارة الداخلية . أومل أن أخبرك 
بذلك برقباً قبيل وصولىي لبغداد . سأصل غداً إن شاء الله وأدرس موقف العراق 
والمشاكل و بعد بضعة أيام لا أكثر أومل أن أتعاون للعمل . تحياتي لوالدةطلال 


المحتر م .. أقبل عيون الأولاد . المخلص : نوري السعيد 
إقدام وفشل : 


كان الاتفاق الذي تم بيني وبين السيدين : ياسين الهاشمي ونوري السعيدء 
بعد رجوع الأخير إلى العراق » واجتماعنا نحن الثلاثة » وتأييد نوري لصحة 
الرسالة الي حملي إياها الزعيم التركي إلى زميله ا هاشمي » كان الاتفاق قد ثم 
بيننا بعد دكسنا للأوضاع العامة » أن يلف ياسين الحاشمي » الوزارة الحديدة» 
وأن يدخل نوري كوزير للخارجية » وأدخل أنا كوزير للداخلية » ورشيدعالي 
للعدلية أو المالية بحسب رغبته » وأن يشترك فيها أيضاً جميل المدفعي» وإذا 
أمكن فناجي السويدي أيضاً . فلما كدف الملك غازي السيد الهاشمي بتأليف 
الوزارة المأمولة » استغرقت الاستشارات الي أجراها مع زملائه أكثر من 


55١ 


أسبوع ثم باءت بالفشل لأسباب عديدة . 

كان رشيد عالي الكيلاني يطمح في منصب وزارة الداخلية » في حين 
كان السيدان : جميل المدفعي ورسم حيدر يعار ضان في إسناد وزارة الداخلية 
إلى السيد الكيلاني . وكان حكمت سليمان يلعب من وراء ستار لإفشال مهمة 
الهاشمي في تأليف الوزارة » لأنه كان قد ثم التفاهم بينه وبين كل من محمد 
جعفر أبو التمن » وكامل الجادر جي ليكونوا في جبهة واحدة ويؤيدهم فيها 
الفريق بكر صدتي » ويبدف إلى ازدياد الأمور تعقيداً . وكان نوري السعيد 
في حيرة من أمره حبى صار يبتعد عن تأييد الحاشمي. أما أنا فقد وقفت وقفة 
المتفرج على هذا الصراع » إذ كنت أخشى أن ير البلاد إلى الهاوية . ولماعلمت 
أن ياسين اعتذر عن المضي في مساعيه » بعد أن أظهر نوري رغبته في تأبيد 
جميل المدفعي » رجحت العودة إلى أنقرة حيث مقر عملي فسافرت إليها بعد 
بومين من تأليف الوزارة الحديدة برئاسة جميل المدفعي للمرة الثالثة . 

لم تكن الظروف البي ألّف المدفعي فيها وزارته الثالثة طبيعية » ولا كان 
في الإمكان مداراة الوضع العام بتدابير مرنجلة فاستقالت وزارته في ١١‏ مارت 
هم ولم يكن قد مضى على تأليفها أكر من أحد عشر يوم . ودعي الفاشمي 
مرة أخرى إلى تأليف الوزارة فألّفها ني السابيع عشر من هذا الشهر » في 
ظروف لا محسد عليها » إذ جاءت مبوسات العشائر » واضطرت للذهاب 
بقنابل طائرات الحيش . 

كان من الطبيعي أن أبارك الهاشمي تأليفه الوزارة » وأن أدعو له بالموففة 
والنجاح . وقد تلقيت جواب برقيى بهذا النص : 

ناجي بك شوكت :0 عراقية ‏ أنقرة 

أشكر تانيكم السامية . لم أنس” 

الماشمي 
ذف 


وقد فهمت اللغز الذي جاء في هذه البرقية من الرسائل الي وصلتي من 
نوري السعيد ورشيد عالي ومن أصدقاء آخرين . 


الحوادث في الوطن العزيز 

قبل أن أشرع في تثبيت ما حدث أيام الوزارة الهاشمية الثانية » سواء أكان 

ذلك فيما يتعذّق بمسوولياني كممثل للعراق في تركية أو فيما يتعلّق بواجباتي 

نحو وطني » أود أن أشير إلى أمرين هامين ربما كانا من العوامل الرئيسية فيما 

حدث في البلاد من كوارث ونكبات . وهذان الأمران هما : 

أولاة - التنافس على إشغال منصب وزارة الداخلية بين السيدين : حكمتسليمان 

ورشيد عالي الكيلاني » زوج كرية أخيه » وقد سبق أن شرحت أهمية 

هذا المنصب وما يتبعه من مديريات عامة » وإدارات واسعة » وقضايا 

عشائرية وإدارية كثيرة » وما يتمتع به وزير الداخلية من صلاحيات 
وسلطات مما لا يجتمع لدى أي وزير آخر . 

انياً - حب السيطرة والنفوذ والتنافس على الرئاسة القبلية مما يتطلب التقرب 

إلى وزير الداخلية » وإلى الأحزاب القائمة في بغداد » ولا سيما روساء 
القبائل في ألوية الحلة والديوانية والمنتفك . 


وي الحزء الرابع من ١‏ تاريخ الوزارات العراقية ص /47 - 54١‏ »)» 
تفاصيل ما جرى لوزارات جميل المدفعي » وعلي جودت » وياسين الفاشمي » 
فقدكان السيدان : حكمت سليمان ورشيد عالي [فرمي هان » يتسابقان فيتفقان 
حيناً ويختلفان حبنا آخر . ٠كان‏ ياسين الاشمي في دوامة وحيرة من أمرهما لا 
يدري أياً يرجحه على الآحر في ضمه إلى وزارته الأخيرة الي يريد تأليفها , 
بعد استقالة وزارة +مسل المدفعي الثالثة » ولما بمض على تأليقها أكثر مسن 
أحد عشر يوما . فلما رحدنت كفة رشيد على كفة حكمت » غضب الأخير 


يلف 


علي ياسين ورشيد غضباً شديداً أدى إلى أن يتواطأ مع خصوم الهاشمي : كامل 
الجادرجي » ومحمد جعفر أبو التمن » تم مع 00 ؛ ويتعاون اٍلجميع على 
الإطاحة بوزارة ياسين » وإجلائه ورفيقه الكيلاني عن العراق؛ ثم موت الأول 
في بيروت اثر نوبة قلبية حادة » وبقاء الثاني شريداً طريداً مدة من الزمن . 

كنت نفضت يدي من كل شي ء » وفقدت كل أمل في أن يولف الهاشي 
الوزارة المنتظرة على الصورة الي تمناها للعراق مصطفى كمال ؛ فعدت إلى 
أنقرة مثلا” لبلادي لأخدمها في المجال الدبلوماسي ؛ بعد أن تخليت عنخدننها 
في المجال الداخلي » وقد حدث ما كنت أخشاه فما كاد الحاشمي يولن 
وزارته في ١٠7‏ آذار 941١م‏ حبى جاء إليه. روساء القبائل الموالون » الذين 
تحالفوا (في مؤتمرات الصليخ ) المشوومة . جاءوا إلى بغداد ومعهم أفرد 
قبائلهم محملون البنادق » ومهبوسون هوساهم » وانجهوا إلى ديوان وزارة 
الداخلية يقدمون التهاني للوزير الكيلاني ولبقيةأ زملائه » وهم على هذهالصورة 
فهل يسكت عن ذلك الرؤساء الذين لم يكونوا من أنصار هذه الوزارة ؟ 

اشتد التنافس بين رؤساء القبائل الموالين للوزارة الحديدة » وبين الروساء 
غير الموالين » فسيطرت الفوضى على مناطق الطرفين » وتسلسلت الثورات ضد 
الوزارة » بفعل الدسائس المعروفة » فاضطرت هذه إلى استخدام القوة ضد 
الثائرين » ولكنها ارتكبت خطأ عظيماً حين أسندت قيادة هذه القوات إلى 
الفريق بكر صدني الذي ارتكب أشنع الحراكم يوم قاد القطعات الي تولّت 
تأديب الأثوريين في حادثة ادا قن ار رحن 
بالمتمردين فتكاً ذريعاً لا شفقة فيه ولا رحمة ٠‏ فجاء اليوم إلى الفرات ليفعل 
بالثائرين ما فعله بالآثوريين » وقد صدرت ني حوادث الفرات الأوسط عام 
43م أحكام قاسية بحق أكثر من ١6١‏ شخصاً كان بينها 1 حكماً بالإعدام 
نفذ في تسعة عشر منهم » واستبدل بالسجن الموبد بحق الآخرين » مضافاً إلى 
أحكام السجن لمدد تتراوح بين الثلاث والعشر سنوات » والغرامات الثقيلة ؛ 
ومصادرة الأملاكوالإبعاد عنالديار» وبالحلد أحياناً ( يا طول المهزلة الملمة) . 


كفا 


كل هذه الكوارث انصبت على أبناء البلاد نتيجة لتحزّب رجال السياسة 
والأحزاب لفريق من رؤساء القبائل دون فريق » ولفئة دون أخرى » ولا 
أقول هذا على سبيل الانتقاد والتشفي» وإنما هي الحقيقة بذاتها يشهد الله . 
فقد توليت منصب وزارة الداخلية ست مرات لم يحدث خلالها أي حادث بين 
القبائل أو الفئات الأخرى يستلزم سوق القوات العسكرية » أو إعلان الإدارة 
العرفية » لأني كنت أعامل الجميع بنظرة واحدة » وكان رائدي العسدل 
والحياد. 

ولا بد لي أن أنشر هنا ثلاث رسائل وردت إلي من ياسين الحاشمي » 
ورسالتان وصلتا من نوري السعيد » مع رسالة واحدة تلقيتها من رشيد عالي 
الكيلاني أثناء وزارة الهاشمي الأخيرة ليقف القارىء على آراء كل من هولاء 
أثناء اشتراكهم في الوزارة موضوعة البحث : 
١‏ رسالة الهاشمي الآولى : 

عزيزي ناجي بك شوكت باشا بغداد في 19 ابريل 9178م 

تشرّفت بكتابكم المؤرخ 117 4 1970م وقبلا بيومين اطلعت على 
كتابكم المرسل إلى سامي بك . وكذلك اطلع عليه رشيد عالي وقد أعطانا 
إياه نوري باشا وتأكدوا بأني لم أقصد غير ذكر الحقيقة معكم في محادثاني ولم 
أتحخذ خطة أخرى غيرها . وقد عجبت من كتابة سامي إليكم عن وجود تردد 
أوخوف » ونسبت ذلك لعدم اطلاعه على حقيقة ما جرى ويحري ٠‏ وعلى 
اعتماده على الشائعات . فالأمور هدأت من كل الحهات » وليس المدوء 
ناشىء من إرشاد أو إقناع فحسب بل من إجراءات اخذت في الديوانية وني 
المتتفك بواسطة الشرطة وبحدها » والشدة الي استعملت في بغداد » حيث لم 
يخرج ولا موكب عزاء هذه السنة بل جمعت القراءات في مسجد الحلاآني » 
والكاظمية في الصحن نفسه . ومرت أيام محرم على بغداد . كأن مخرم لم يمر 
عليها » والناص كانوا مرتاحين لهذا المئع الشديد. والآنمبيء إجراءات صغيرة 


>” 


كالثي تمت في جهة الحلة لإفهام بعض النواب أن الحكومة تفعل ما تقوله لهم . 
عجبت لاطلاعكم :على حل المجلس بواسطة ازالش اناضول . باشرت بإعداد 
العدة لتأليف حزب واحد » وذلك بدعوة من موتمر الإخاء لتعطيل أعماله 
السياسية تمهيداً لهذا التأليف . 

أرجو كر ثم بوجود نصرت بك في الحارجية مديراً عاماً » وبدرجة 
ممتازة » وراتب ابتدائي ب 40 ديناراً . وكم كنت أود أن تذكروا لي اسماً 
لأكد ء وبأن اخوانكم هم اخواني » وان كما عندي من هو بعض شيء 
وحبى عندكم أيضاً فهم وهذا لا يدعوني أن أحاسبهم على صغيرة أو كبير ةكما 
هي عادتي إلا" عند إدخالهم في خدمة الدولة . 

لم أتمكن في هذه الدقيقة من بسط كلما أنويعله وباشرت به » وعلى كل 
عراسي الى شري 

احترامي للسيدة المصونة سلامي إخلاصي لكم 

المخلص : الهاشمي 

مساء اجتمع مع صائب وسامي حسب اليعاد المقرر معهما . 
"7 - رسالة الهاشمي الثانية : 

عزيزي ناجي شوكت 

أشك ركم على كتابكم ه حزيران . ولا بد وقد اطلعتم على تأديب عشائر 
ف واب حي د لد اللكلداتقه را عا عه برعل اس 
ومع لشاف أرد. أذ خلطرا جار وعوكلت اف تقال ومرارة ع ري 
متباعدون في المرمى » والاخرون يفكرون بإخلاص أكر من الأولين مع 
الأسسف . 


إن الحهود مبذولة لإبلاغ الحيش إلى " فرق خلال السنة القادمة » و لتقوية 


كف 


سلاح الطيران وجميع الأسلحة والعتاد للطوارىء . إن الحادثة أو الفاجعة لم 
ترك في الإنسان شعور . والأمل معقود على إيحاد طريقة صا حة . فإن كان في 
نية الأمير حسين مساعدتنا فأكون ممنون جداً لآن العار لا يغسل .. 

إنني باشرت باخاذ الإجراءات المقتضية للمنع » ولحفظ شرف العائلة . 
ومع ذلك فالحبر شائع كشأن العراقيين في إشاعة الأخبار كما تعرفون . حسناً 
فعلم في عدم نشر تكذيب لأن الحقيةة الشائعة قد غمرت المتحيزين للغرض » 
وأخذوا في التهجم . ومن الم كد عدم توازن في عقل المجرمة . ولدينا شهادة 
طبيبين طلبا لمعاينتها في آثنة قبل الفاجعة ولكن هذه الشهادة بقيت بشكل 
إفادة لأنهما لم يتمكتنا من إعطاء تقرير بناء على أن المريض لم يتداوى مدة 
كافية من قبلهما للتأكد الفني » وكذلك إفادات طبيبين هنا تيد ذلك » وهذا 
بالطبع لا يكفي. نرجو أن تكون هذه فرصة كافية لاتحاذ التدابير الضامنة . 
أهديكم شكري واحير امي . 

١‏ حزيران 175وام المخلص : ياسين الحاشمي 
"7 رسالة الهاشمي الثالئة : 

عزيزي ناجي بك شوكت 

أشكركم مرة أخرى على كتابكم المؤرخ 5-174 1487م وأعتذر 
لتأخري بضعة أيام في الإجابة عليه؛ وتعلمون أن ذلك ناشىء منكثر ةالأشغال 
والتعب . اني أحطت علماً بما تفضلم به عن الحالة العامة سواء في البلدان 
العربية أو الغربية » واحتمال نشوب الحرب ربا في مدة أقل من الحد الذي 
فكرتم فيه . ولنا اتصال مع ابن سعود للقيام بتدبير مشترك لدى الحليفة» ور بما 
في القريب . وبالطبع سيكون حساب التاريخ عسير على الذين لا يتمكنون من 
انتهاز الفرص السانحة . أما نواحي الاهتمام فلدينا مشروع الآن لإبلاغ اليش 
إلى أربع فرق نظامية . لم نقصر مع المتمردين ولا مع غيرهم » وباشرنا جمع 
السلاح ني الغرّاف أيضاً . المخلصين من رجال العراق فاهمين الموضوع , 


يذه 


في محكمة' التمييز براتب ٠١٠‏ ديناراً وهذا يستكثر عليه . باشرنا في تبديل 
الوضع في منطقة البلاط ولكن الليع تدر يجاً . أنا ض 0 م إيران 
في الحللاف :وقد حت الموافقة. عل ذلك كما 56 من المقدمة فهمم أز؟ 
اتصالنا بابن سعود داتمي بشأن فلسطين وغير فلسطين » وله اعتماد تام على 
رجال العراق يعمل بآرانهم ولوكان أحياناً خلافاً لما يفكر فيه . 

أشكركم على الكتابة وأشجعكم عليها بصفة صديق كنم أقرب إليه من 
اخوانه في ظروف كتثيرة ربا يرجع تاريحخها إلى ما قبل اتصالي بإخوانالاخرين. 
كنت ولا أزال معجب بمواهبكم وموقن بسمو شخصكم . أفهمت البلاطعن 
وضع حسين ومتخذ الاحتياط له أرجو الصبر والتوفيق . احتر امي للسيدة 
قرينتكم قبلات للأولاد حفظكم المولى جميعاً . 

9 نموز "19م ١‏ المخلص :: ياسين الهاشمي 
4“ رسالة نوري الأولى 

بغداد 01 ١١‏ ! هوام 

لا تسأل عن صحي لأنها بحالة من الضعف » ويخشى من انحلالها بأيوقت 
كان . وكل هذا ناتج ما قاسيته في طهران وفي جنيف خلال هذه السنة » وأنا 
الآن أنتهز الفرص لأبتعد لمدة ما عن الأعمال» وإلا" فك يعربي شي ء لا يمكن 
تلافيه : جعلت هذه المقدمة لأوضح لك أسباب تأخير أجوبي إليك 2( سواء 
كان فن بغداد أومن جنيف. أما انزعاجك من عدم إخبارك عما جرى بيننا 
وتركية وإيران فسببه الأول : بقيت في طهران مدة ثلاثة أسابيع والأمور لم 


258 


تتقدم خطوة واحدة » بل كلما تقدمت كلما نقضها ثاني يوم أما الكاظمي » 
وأما فروغي . وقد شاهدهما سفير تركية في إيران بنفسه » وكان يتأثر من هذه 
الأعمال أكثر مني إلى أن حانت ساعة الصفر» وذهبت للشاه » واستطعت أن 
أقدم قضية الحدود معه بصورة شفهية » ثم ذهبنا الحنيف » والحال معنا استمر 
إلى أن نفذ صبري » فاضطريت أن.أترك نصرت بعدي مع نصوص صربحة 
ونجائية لأتخلص من التقلب المستمر مما اضطر الكاظمي أن يوقع عليه مع تحفظ 
من الحميع . ومعى ذلك لم يبت في النصوص نبائيآً فلا يمكن اعتبارها . وقد 
عاد نصرت قبل بضعة أيام مع المسودات » واليوم وقد انتهينا من ترجمتها » 
وبأول فرصة سترسل إليك طبعاً . ولكن ما اتفقنا عليه هو ناقص إلى أن تتم 
قضايا الملاحة » وحسن الحوار » ومعاهدة الصداقة » ومعاهدات أخرى » 
كالإقامة وتسلم المجرمين .. الخ . سنتذاكر عليها في بغداد وطهران » وستأخذ 
شهرين أو ثلائة أشهر من الزمن » وعندئذ نوقع عليها التوقيع النهاني ونرسلها 
للإبرام . والتوقيع الحاضر هو بالأحرف الأولى فقط وعرضة للتغيير . هذا هو 
موقفنا الحارجي . أها في الداخل فثمة شكاوى على رشيد لا أعتقد بصحة 
أكنرها » وعلى كل حال لا يقدم رشيد لعمل ما بدون أخذ موافقة ياسين » 
وقد يوجد ميل عظيم لمجيئك وانضنمامك للوزارة » وقد أبقيت وزارة العدلية 
شاغرة في الوقت الحاضر . وفيما لو ممكن ياسين من إقناع رشيد عن طيبةخاطر 
بالذهاب للعدلية » وأتيت أنت للداخلية » 'لحفت كثير من الشكاوى والتذمر » 
ولارتاح ياسين والحكومة من هذه الأقاويل . وعلى ما يظهر كتبت جريدةالبلاد 
أمس شيئاً يتضمن ذهاب رشيد للعدلية » وإبقاء الداخلية بعهدة ياسين » 
وأظنها خطوة لجس" النبض ٠»‏ ولكن رشيد تأثر منها مما جعل ياسين أن يصدر 
شيئاً من التكذيب . وإذا لا يتمكن رشيد من هذا العمل فلا بد من تكليفك 
لوزارة العدلية . أما جانب المعار ضة مكونة في خارج المجلس من شيخ أحمد » 
وفخري جميل » وجمال بابان » وبنصف قلب جميل المدفعي » ومعهم بعض 
من رؤساء العشائر . ومنذ أسبوعين يلحون علي بإقناع من هو متردد منالذهاب 


"56 


إليهم وهذا ما لا يوافقني ولا يتفق مع المصلحة العامة ولا مع خلقي » وقد 
أفهمتهم بأن طريق إصلاح الموجود أنفع من طريقة المعارضة وتشجيع المشابخ 
وعلى ما أرى من تذمر هم لا أشعر إلا” وبأمور شخصية وقد سعى بإقناع جميل 
ليعتبرني رئيساً وكأنهم أرادوا إرشائي لأتظاهر معهم فسبحان الله من قلب 
بصير مهم وعدم معرفتهم بميولي وآراني البعيدة عن أفكار كهذه . 

فكرنا بتعيين كامل الكيلاني مشاوراً لأنقرة ولكن قبل البت أرجو أن 
تخبرني برأيك سواء من جهة هذا التعبين أو من ججهة الدخول في الوزارة» ويبقى 
الأمر بيننا لا يعلمه أحد غبري . نحياني للسيدة المحترمة وأقبّل عيون الأولاد . 
أرجو أن تستخبروا عن تاريخ نجيء توفيق ورشدي لبغدادء وإعطاء بعض 
الأخبار عن قضية علي صائب المتهم بقضية المؤامرة وإلى أين وصلت . 

المخلص : نوري السعيد 
ه"- رسالة نوري السعيد الثانية :. 
باريس ٠١‏ أيلول "لام 

أخي ناجي بك 

نحية وسلام : 

وصلت أمس لباريس لمواجهة اللورد ونترلوك » والسر هربت صموئيل» 
غر, قضية فلسطين٠»‏ ونمادئثنا عدة ساعات لم ننتهي فيها على اتفاق » إذ 
نتك.ف آني من جهة اليهود على أساس تحديد الهجرة ولدة سنين معينة . 
.ما أن ليس لي أي نخويل من أحد فلم أتمكن من إنهاء شي ء فحاولت أن أفهم 
مدى إمكان أقصى ما يمكن من حدود التفاهم . 

جنيف 7١‏ منه . لقد بدأت بكتابي هذا وأنا في باريس » قبل سفري منها 
بساعتين » وأتاني الزوار وأخروني من إنمامه . فقبل كل شيء أقدم لك عظيم 
شكري وامتناني لبرقيتك عن خروج صباح من المستشفى . كما اني لا أستطيع 


فى 


وصف ما يخالحه ضميري نحوك أيها الأخ مما لاقيته منك من الحنو والأخوة 
عندما كنا باستانبول » وكذلك من أم.طلال المحترمة نحونا جميعاً وعسى الله 
أن يمكنني بمقابلة جزء منه في المستقبل » إني أشعر بخجل من إزعاجك بأمر 
تسهيل زواج صباح وإر سال بعض الأقمشة باسمك له . وقد أرسلت برقية 
إليك فيها عن وصول الوفد السوري لاستانبول» بعد أن واجهتهم مع توفيق 
رشدي وشكري » حيث التقيا عندنا في المفوضية أملا” أن حتفي بهم عند 
عند وصوهم يوم الأربعاء » وتقدمهم لعصمت باشا » أو تسهل عليهم 
المواجهة . وقد أرسلت اليوم من باريس ما بقي من الأقمشة وستصلك صباح 
هذه الإرسالتين بوقتها » وتتمكن من إنامها عند الحياطة المعلومة خلال مدة 
لا تريد عن عشرة أيام حتى أنمكن من السفر من اسطنبول بعد وصولي بيوم 
أو يومين . أما اشغالي هنا فقد أمبيت:قضية المحاكم وسيئزل العدد في خلال 
بضعة أيام من تسعة إلى تمانية . ونظراً لعدم وضول سميعي خان فقد تأخرت 
مذا كراتنا مع إيران » وسيرسل توفيق رشيدي برقية إلى سفير هم بطهرانيؤيد 
فيها رغبتنا للحل . قصة الاثوريين لم تتقدم إلى الآن » وقصية فلسطين بدأنا 
بالمذاكرة مع إيدن أولا” سأبحثها خلال الأسبوع هذا . نحياتي لأم طلال وأقبل 
نواظر الأولاد . 
أخيك المخلص - نوري السعيد 

5 رسالة رشيد عالي : 

نحية عاطرة وشوقاً وافراً . أولا" أرجو قبول المعذرة لتأخير الحواب على 
كتابكم المملوء لطفاً عميقاً وعاطفة نبيلة. لا أستطيع أن أصف مبلع تأثري 
الظروف القاهرة الي اضطرتي لتأخير الجواب . ما كنت أوه” أن يتأخر ولو 
بوم واحداً » ولا سيما واني يحاجة إلى أن أبث من اشتياقي وأكاشفكم شعوري 


ىف 


بل وأفكاري عن وضع بلادنا المحبوبة . هذا فضلاً عن أنكم سبقتموني في 
القيام بواجب الآخوة . عفواً . أخي وردني كتابك العزيز » وثاني يوم وصوله 
اضطررت للذهاب بنفسي إلى جهات الرميثئة حيث الاضطراب كان آخحذاً 
مأخذه » وبعد أن بقيت مدة أسبوعين » وبعد توفيق الله بالقضاء عليه» رجعت 
إلى العاصمة ولمْ أمكث فيها إلا" يومان » واضطرتنا الحالة للذهاب بنفسي إلى 
الناصرية حيث وقع الاضطراب في أطرافها » بل وفيها » وفي سوق الشيوخ ‏ 
فبقيت مدة اسبوعين تقريباً » ورجعت أول أمس بعد أن وفقنا المولى على 
إخماده » وها إني أتقدم إليكم بهذا الحواب راجيا المعذرة والعفو عند كرام 
الناس مقبول . 

عزيزي : إن ال حالة في البلاد اليوم على أحسن ما يرام من حيث استتباب 
الأمن . نعم ان الاضطرابات المذكورة كلفتنا خسائر » ولكن أنتجت لنا عمرة 
طيبة عوّضت لبا الحسائر بالتمام » وأفادتنا فائدة كبرى من ناحيتين : الأولى 
أن الحالة كانت ليست بطبيعية » حيث خرج العشائر - لا كلهم طبعاً - عن 
حدود النظام بطبيعة الأحوال الي أحاطتهم من جراء التفكتك الإداري ؛ 
فكان من الضروري أن تظهر الحكومة قونها وسطونها وتبرهن لهم أن جيشها 
وشرطتها قديران على إخماد أية حركة تمردية » وقد حصل هذا بالتمام مسن 
فضل الله تعالى » فأعاد تا حكومة هيبتها أزيد من السابق » وأصبحت متحكمة قُ 
الوضع » صاحبة الكلمة النافذة. والثانية : برهن الحيش الباسل على مقدرته وتأديبه 
حى أبناء العشائر الذين أكثر هم من أفرادها » وبرهن الحيش والشرطة على 
جر هما وتفانيهما في سبيل حافظة كيان البلاد » وأثبت للعالم بأن العراقجدير 
بالاستقلال » حيث له قابليته على استتباب الأمن » ومحافظة النظام بحيشه 
وشرطته . وما أدلّنا برهان ساطع على ذلك التهاني الواقعة من قبل ممثلي الدول 
هنا . والآن مشغولون بالإجراءات الفعالة في نحصيل الغرامات» وجمع الأسلحة 
من العشائر المتمردة » والتأديب من شنق وحبس وترحيل لثلاا يجرأ بعد من 
تسول له نفسه بالحيانة لاستقرار ا حالة » وإعادة النظام إلى نصابه » وقررنا أمس 


يفف 


إجراء الانتخابات النيابية وأبلغنا المتصرفين ؛ وبدأنا أن نفكر في الإصلاحات 
لأساسية بل بدأنا في العمل ومن الله التوفيق. . 

لا شك أن الانتخابات تشغلنا شهرين لا أكثر ونبذل الحهد للإصلاح 
الطلوب . وها ان فخامة الحاشمي باشا يفكر ويسعى ويجتهد على ذلك من جميع 
انواحي . ما العمل يا أخي ؟ ما كنا نود أن نشغل بأمور كان يجب أن نكونقي 
غى عنها » وهي العمل على إخماد الاضطرابات » ونسعى للتقدم كما تسعى 
الدول المجاورة على الأقل من إنباض شعبها وإعلاء شأن كيانها ولكن الأمل 
الله سنوفق إلى ذلك بعدما هدأت الحالة » وأظهرت الحكومة مقدرتما على 
غرب الأيادي العابثة بالأمن والنظام » ومن الله التوفيق . 

احتراماتنا القلبية إلى والدة طلال وأقبل عيون الأولاد عزيزي الأخ 

المخلص : رشيد عالي 


حركات التمرّد والإطاحة بالوزارة 


جرت الاتصالات بين الحكومتين : العراقية والتركية أثناء تمرد البار زانيين 
ف آب 198 الذي انتهى بمقتل خليل خوشوي في آذار من السنة التالية , 
ركذلك أثناء تمرد اليزيديين في جبل سنجار في أواخر عام ه97١‏ واخماده 
سرعة . أما التمرد الذي حصل في الرميثة بلواء الديوانية فقد استعانت الوزارة على 
نمعه بالقائد بكر صدني فأتاحت الوزارة لهذا القائد أن يصعد إلى سلّم الزعامة 
شيأ فشيئاً ليطيح بها بعد فترة من الزمن » ويصبح دكتاتوراً على العراق » ولا 
سيما بعد الثقة الي نالها من الوزارة نفسها أثر التمرد الحديد في لواء الديوانية 
عام 18415 مء وهو التمرد الذي قمعه هذا القائد بشدة » بحيث أصدرت 
الحاكم العرفية حكماً باعدام 51 شخصاً من المتمردين » نفذ في تسعة عشر 
رجلا » منهم فعلا” » واستبدل الى الاشغال الشاقة المؤبدة في الآخرين » 


انففا سيرة وذكريات )١8(‏ 


مضافاً الى الاحكام القاسية الي تراوحت بين ا حمس سنوات والعشر سنوان 
بحق آخرين وقد قرأت في كتاب الحسي « تاريخ الوزارات العراقية اللز, 
الرابع» بيتين من الشعر للشيخ محمد علي يعقوب فيهما أثر بارز ل كان يعتلج 
في نفوس الناس من ألم ومغص إذ قال شاعرهم : 
قالوا وزارتكم ياضين يرأسها وقائد االحيش طه في الميادين. 
فيا رب طه وياسين بحقهما أجر عبادكمن طه وياسين 
وكان الاجدر بهذا الشاعر أن يؤ ثر ذكر القائد الفعلي للحركات » وهو 
بكر صدتي » دون أن تضطره القافية إلى ذكر طه فقط . 


كنت وأنا في أنقرة ‏ أتضور ألا وأسفاً لنردي الاحوال في وطني 
العزيز إلى هذه الدرجة » وأحمد ربي حمداً عظيماً اذ جعلي بعيداً عن هذه 
الاوضاع والآثام » وكان مما يزيد في ألمي وأسفي هو ان نحدث هذه الفواجم 
في أيام كانت الوزارة برئاسة ياسين الحاشمي وزعامته » الحاشمي الذي أكن” 
له كل محبة واحترام » وأرى فيه كافة الصفات الي تؤهله للزعامة » على الرغم 
من اختلاني واياه في النظام الاصلح للنواحي الاقتصادية والاجتماعية . فقد 
كان - ياسين ‏ واحداً من أربعة يعتبرون مسؤولين عن بذر بذور الاقطاع 
في العراق . أما الثلائة الاخرون فهم حكمت سليمان » ورشيد عالي , ورسم 
حيدر . فقد كان لياسين شراكة مع علي الكريم أحد رؤساء القبائل بسامراء 
في مقاطعة مكيشيفة » وكانت لحكمت سليمان أراض زراعية تمتد من ساحل 
دجلة الايسر في محلة الصليخ حبى نهر ديالي جنوباً» في مساحة تقرب من ١7‏ 
ألف دوتاً . أما رشيد عالي فقد كانت له أراضي مقاطعة شادي بناحية النعمانية 
في لواء الكوت » يشاركه في الاتفاق عليها التاجر السوري المعروف جورج 
عابديي . وجميع هذه الاراضي أميرية في الاصل» ولا استولى عليها المشار 
اليهم وضعت عدة قوانين لتثبيت اقطاعهم فيها مثل قانون واجبات الزراع » 
وقانون اللزمة » يساعدهم على ذلك الموظفون الاداريون » وترعاهم فيه 


قف 


الوزارات المتعاقبة » اما اتقاء” لمعارضاتهم أو لدوافم شخصية أخرى . وهكذا 
أصبح ل ( أفندية ) بغداد أراض زراعية شاسعة» وبساتين كبيرة مثقلة بالفوا كه 
والاثمار . مثال ذلك : موظف بسيط ني الشرطة استولى على أرض أميرية 
في لواء الكوت تقدر ب ٠0٠‏ ألف دوثم » وأحد شيوخ ربيعة » محمد الصيهود . 
امتلك مساحة نجاوزت المائني ألف دونم » وموحان الحير الله من رؤساء 
المنتفك ويملك نحو نصف مليون دوم وهلم جرا وكان ذلك كله قبل ثورة ١4‏ 
تموز مهو١‏ بالطبع . ومثال آخر فقد باع العم حكمت سليمان قطعة من 
أراضيه الزراعية بأكثر من مليون دينار وقبل أن تندلع هذه الثورة المباركة 
فتأمل . 

لقد خرجت عن الصدد ولكنها ضرورة ملحة استدعت هذا الحروج 
لاصف الاحوال الي كانت تسود العراق يومئذ فلارجع الى صلب الموضوع 
فأقول: 

كان ياسين المهاشمي يعتقد » أثناء وزارته الاخيرة » ان كل شي مدان 
لاستمرار حكمه . فأخوه طه الهاشمي » رئيس أركان الحيش » كان مسيطراً 
على الحيش فضلا عن سيطرة زميله وزير الدفاع جعفر العسكري » ورشيد 
عالي الكيلاني يقبض على الامور الداخلية بيد من حديد لانه المسؤول الاول 
عن سلامة البلاد واستقرار الامن فيها » والمجلس النياني الذي أجرت وزارة 
الهاشمي » موضوعة البحث » انتخاباته يؤيد الوزارة بالطبع » ولا يحيد عن 
توجيهاتها له والملك غازي شاب منصرف إلى لحوه ولعبه فضلا عن كونه 
كان شبه المحجور . فهل بقيت في البلاد قوة يخشاها الحاشمي ويبابها ؟ 

كان بكر صدتي » الذي تولى إخماد الحركات التمردية في الفرات 
الاوسط » قد نال ثقة وزير الداخلية رشيد عالي إلى درجة لا توصف » وفي 
الوقت نفسه كان على صداقة متينة حكمت سليمان » فكان لا يزور حكمت 
في داره ويتعشى عنده إلا بعد ان يكون قد زار رشيد عالي واستكشف ما 


56 


خفي عليه من الامور » وكانت دار رشيد لا تبعد عن دار حكمت إلا" ببضع 
خطوات . وكان حكمت على اتصال وثيق بجماعة كامل الحادر جي » وعيد 
القادر اسماعيل » وجعفر أبو التمن » وهم من اليساريين المتطرفين » فكان 
بكر صدي يتصل ببؤلاء اليساريين عن طريق حكمت سليمان . وهكذا كان 
الحصوم يخططون للاطاحة بوزارة الحاشمي والاستيلاء على السلطة » وياسين 
وصحبه في غفلة عنهم ساهون » في وقت كان الرأي العام يشعر عرارة من 
جراء القسوة المتخذة ضد المتمردين ي الفرات الاوسط 

كان وزير الداخلية يقول ويفخر بقوله ( لا يوجد شخصان يتباحثان في 
السياسة العراقية إلا وكنت ثالثهم ) وكان يعتمد على بكر صدئي اعتماداً 
كبيرا . في حين كان بكر يتملّقه بفتح باب سيارته تارة » وبالباسه معطفه تارة 
أخرى » فلم يبق لدى رشيد ما يستلزم اساءة الظن في محبة هذا القائد واخلاصه 
له . وهذا هو الحطأ العظبم الذي وقع فيه هذا الوزير . فقد كان بكر صدتي 
يقضي معظم أمسياته في دار حكمت سليمان ‏ كما سبق البحث عن ذلك 
يحتسي الكؤوس ٠»‏ ويأكل الطعام » ويتبادل المعلومات مع صاحب الدار ؛ 
ولكنه كان يمر أولا” على دار رشيد الي لا تبعد عن دار حكمت سليمان إل" 
ببضع خطوات فيتظاهر بالثقة به» والاعتماد على حنكته واخلاصه » فكانت 
النار نحتىء نحت الرماد » وغيوم الكراهية تتلبد في السماء » ورشيد لا يعرف 
عن كل ذلك أمراً . 

لا قضى حكمت سليمان قسماً من صيف عام ه*19417١م‏ في استانبول» كان 
يئر دد على مصيفي على ضفاف البوسفور كثيراً لصلات القربى الي تربط بيننا » 
وكنا حتسي بعض الكؤوس قبل تناول الطعام وإذا بقريحته تنفتح فيحدثني عن 
أمور لا أعرف عنها إلا الشيء ء النزر . وفي ذات يوم سألي قائلاة : إلى ممى 
ستبقى هنا ؟ لاذا لا تر جع إلى بغداد ؟؟ أجبته : اني أفضل الابتعاد عن بغداد 
لأني لا أحب أن أزج نفمي في المشاحنات السائدة فيها » ولا أمن بصحة 
تدخلات رؤساء القبائل في سياسة الدولة وتشبثهم بالهوسات لإسقاط الوزارات » 


كا" 


إؤااك قو لل تسن الززقناء فى أقون الرزاوائك كحات ادن + وشكرة 
التدخل في هذه المرة بواسطة قوة أعظم . سألته : وما هي هذه القوة ؟ أجاب : 
الها قوة الحيش . فأدركت خطر الموقف وقلت له : دعوتي مرتاحاً هناء 
صائي البال . اني أفضل تمثيل بلادي في منصبي هذا على العودة إلى الوطن والزج 
بنفسى في أتون السياسة . 

رأيت من الحكمة أن أخبر ا هاشمي بما سمعته من العم حكمت » دونأن 
أذكر املمه » وأشير إلى موضوع الحيش ٠»‏ وإما حذارته بقولي : ان بعض 
القوى كانت تلعب ضده من وراء ستار » ولكنه كان في غفلة عما يجري » 
معتقداً أن الأمور كانت كلها تسير حسب رغبته . 

يا ناكم الليل مسروراً بأوله ان الحوادث قد يطرقن أسحارا 

لا تركئن لليل طاب أولهء فرب آخر ليل أوقد النارا 

شعرت ذات يوم أن حكمت سليمان يرغب في زيارة أنقرة وقضاء 
بعض الوقت في ضيافي » وهو قريبي وعم والدني . وبعد أن مكث عندي 
أسبوعآ النمس مي أن أهيء له زيارة لمصطفى كمال » ولعصمت اينونو . 
ولا لم يكن ني العرف الدبلوماسي أن يتقبل رئيس الدولة زيارة أي أجنبي . 
فقد رأيت من اللياقة أن يقابل وزير الحارجية على الأقل » فلما نمت هذه 
اليارة » حاول حكمت بك أن يتطرق إلى أمور سياسية فلم يلق من الوزير 
المذكور أذناً صاغية . وكان الوزير الركي توفيق رشدي آراس » لم ير من 
للياقة الاستماع إلى نقد يوجه إلى حكومة صديقة مجاورة من قبل خصم ها , 
فعاد حكمت إلى بغداد غير راض . 


بناية جديدة للسفارة 


صرفت الحكومة التركية جهوداً جبارة لتوسيع أنقرة » وإقامة العمارات 
الشاهقة والفنادق الحديثة فيها » وتعبيد طرقها ومجميلها . وكانت تنتهز كل 


يفف 


مناسبة لتشجيع العمران وإقامة الدور . ومن ذلك حثها السفارات الأجنبية على 
بناء العمارات اللخاصة بها » بعد أن قدمت التسهيلات اللازمة . وكان عصمتث 
اينونو قد رخاني مراراً عديدة أن يسهم العراق الصديق في نجميل العاصمة 
التركية الحديثة . ففائحت الحهات المختصة في بغداد في هذا الشأن » فوافقت 
على طلبي برصد 70,60٠٠‏ دينار عراتي لهذا الغرض » بعد أن منحتنا الحكومة 
التركية أرضاً مساحتها 76٠٠‏ مثر مربع تقع بالقرب من قصر رئاس ةا حمهورية) 
ووعدت بتبليط الطريق إلى السفارة العراقية المزمع إقامتها على الأرض المذكورة. 
وقد ثم ذلك كله في خلال عامين » وجرت حفلة افتتاح العمارة باحتفال 
دعوت إليه نحو 4٠٠١‏ شخص ف « حفلة كوكتيل » وكان واضع تصميم البناية 
البروفسور النمساوي ( أكلى ) » الحائز على الحائزة الثانية في وضع تصمعبناية 
عصبة الأمم في جنيف . كانت السفارة العراقية تضم أربعة أقسام : الأول 
للمراسيم » والثاني للدوائر » والثالث لسكن السفير » والرابع لسكن بقية 
الموظفين » وقد جلب طاقم مائدة الطعام للسفارة من فيينا وباريس » وأصبحت 
البناية مضرب المثل في السعة وجمال الهندسة وأناقة التأثيث . ولا زار الأمير 
عبد الله أمير شري الأردن أنقرة » وتفقد البناية موضوعة البحث » وشاهد 
أثانها » قال لي : انك تسكن سرايا ليس لملوكك مثله في بغداد » فأجبت على 
هذه الملاحظة بأن الغرض الرئيسي للعناية ببذه البناية هو الدعاية للعراق . 


حول قضية فلسطين 


منذ أن فرض الانتداب البريطاني » بعد صدور وعد بلفور المشؤوم في 
الثافي من تشرين الثاني 1411م » والحالة العامة في فلسطين غير مستقرة » 
والاصطدامات بين العرب أهل البلاد الشرعيين وبين الصهيونيين الغاصبين 
غير منقطعة » ولكن ثورة الفلسطينيين عام 1475م كانت عظيمة » فقد مارس 
الإنكليز والصهاينة ضروب القمع ضد العرب » وشنقوا عدا من أبطالهم ؛ 


تكفا 


كان من بين المعدومين من جاوز السبعين من'عمرهء وقد زارني ذات يوم 
أحد محرري جريدة ( جمهوريت ) إحدى كبريات الصحف البركية الي 
نسدر في استانبول » وطلب إل أن أدلي ببيان حول ما يحري في فلسطين . 
زتلت له الي مستعد” لتحقيق رغبتك هذه على أن يكون البيان معبراً عن رأبي 
الضية ١‏ التتو طن 1 لسك اد يتان الالو تيرد اراد 
راءهم . ولكبي فوجئت بعدد الحريدة المذكورة الصادر في ١9‏ مايس 1975م 
نثر في العمود الأول من صفحتها الأولى ببياني وصورتي » وإذا بجريدة 
بالأهرام » المصرية تنشر ما أذاعته الوكالات الأجنبية عن البيان . وقد علمت 
مدئذ ان هذا البيان أحدث ضجة في الأوساط الدبلوماسية :أوإذا بالسر موري 
سنشار السفارة البريطانية في أنقرة يطلب مقابلتي ويسألني عن صحة ما أذيع 
عن لساني » فلم يسعني الإنكار فقلت أن هذا البيان كان تعبيراً شخصياً لي 
هر عن آرائي الشخصية » وإني أعلم بأني خالفت العرف الدبلوماسي » ولكن هذا 
ا حدث وانتهى . فسأي عما إذا كان في إمكاني أن أنشر تكذيباً للخير . 
أر أذيع بيانآً آخر أذكر فيه أن ما نشرته جريدة ( جمهوريت ) التركية إتما 
بثل رأبي لا رأي حكومي ؟ فأجبته بأن هذه القضية لا تخصك لا من قريب 
رلامن بعيد » وان الأمر يتعلّى بي وبحكومي » ولا أريد أن أسمع من كأكثر 
اسمعت » فانتهى الحديث » وخرج » فلما كان اليوم التالي تلقيت برقية 

ن الحارجية العر اقية تستفسر فيها عن صحة ما أذيع على لساني أم هو نبأ 
دسوس. وهل في الإمكان تكذيبه ؟ فلم أرد على البرقية لا سلا ولا إيجاباً : 
راعتر مت الاستقالة من منصبي فيما إذا كررت الخارجية استفسار ها » ولكنها 
نضلت السكوت فسكت » وانتهى الأمر ثم تلقيت رسالة رقيقة من الحاج 
ممد أمين الحسيني رئيس اللجنة العر بية العليا في القدس حول الموضوع فكانت 
إمالته فاتحة تعارف وصداقة بيننا فيما بعد. وفيما يلي نص ما نشرته 
الأهرام » وما كتبه إليء الحسيني : 


الف 


ما نشرته الأهرام 4ه 
1 مايس 1915م العدد ١848١5‏ 
عطف العراق على فلسظين 
تصريحات وزير العراق المفوض في أنقرة 
اسطنبول في 7١‏ مايو لمراسل الأهرام الخاص - نشرت الصحن 
التركية حديثاً مثيراً للعراطف أدلى به إليها السيد ناجي شوكت السفير العراني 
في أنقرة » وقد قال فيه : ان عرب فلسطين على حق تام في معارضة المنهاج 
الذي يقوم الإنكليز بتنفيذه لاستعمار فلسطين بواسطة اليهود . ان في العراق 
8٠‏ ألف يبودي لكن مركز هم في العراق غير مركز هم في فلسطين .ويئرنب 
على انكلترا أن تلاحظ أن جميع العرب في سورية» والعراق» وشرةالأردن؛ 
وشبه الحزيرة العربية موالون لاخواءهم في فلسطين » فسياسة التحيز إلى اليهود 
قد تفضي إلى عواقب خطيرة في شأن التفاهم المقبل بين إنكلترا والعنصر 
العربي . 
فز ما كتبه الحاج امين الحسيني 6ه 
اللجنة العربية العليا ‏ القدس القدس في ؟ ربيع الأنورهه1١ه‏ 
٠لا‏ مايس 1975م 
حضرة صاحب الفخامة ناجي بك شوكت المحترم 
- وزير العراق المفوض في تركيا - 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد» فقد اطلعنا على ملخص 
حديثكم القيم الذي أفضيم به إلى الصحف التركية يشأن الحالة الحاضرة في 
فلسطين . وموقف العرب من السياسة البريطانية » وحق العرب في فلسطين 
في الحصول على مطالبهم ٠‏ فأكبر نا شعو ركم الوطي وعواطفكم الفياضة ؛ 


573 


وفدرنا لكم هذا الموقف المشرف اللي وقفتموه إزاء قضية إسلامية عربية 
صرفة » ومن الحق على كل مسلم أن يعضدها ويعمل من أجلها . 

أما الرأي العام الإسلامي في فلسطين فقد تقبل هذا التصريح بمزيد الشكر 
والامتنان » وقدر لكم عاطفتكم النبيلة حق قدرها . ولا شك أن فلسطين لفي 
أشد الحاجة في جهادها إلى عطف العاملين المخلصين أمثالكم الذين يضعون 
الواجب الوطي فو ق كل واجب . 

فنحن نحييكم بكل حرارة وإخلاص على ما تفضلم به من رأي سديد » 
وحديث جامع نحو قضية فلسطين » ونسأل الله أن يكثر في الآمة العربية مسن 
أمثالكم وأن يجزيكم الحزاء الأوني. 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 


رئيس اللجنة العربية العليا 


مشكلني مع الاسرة المالكة 

قصة الاميرة عزه 

بينما كنت أطالع صحف استانبول الصادرة في صباح يوم 58 أيار 
5م »ء إذا بنبأ يدهشي ويلفت نظري » ولم أكد أصدق ما قرأته من 
عناوين : ( أخت ملك العراق تتنصر وتنتزوج خادم فندق ) ( أبدلت اسمها 
من عزة الى انستاسيا ) الخ . 

أخذت الصحف التركية كافة تبحث في الفضيحة » وتنشر العناوين المثيرة 
في صفحاتها الاولى . وكان سفير اليونان في أنقرة صديقي فرأيت قبل كل شي ء 
ان أكلفه بالاتصالات اللازمة مع مدير الامن العام في بلاده للتأكد من صحة 
الخير » وقد قام الرجل بالواجب واتصل بي هاتفياً في المساء مؤ كداً لي صحة 
الحبر فأبرقت إلى وزارة الحارجية في بغداد هذه البرقية . 


إحين 


خارجية - بغداد ١9‏ ه1975 الساعة ٠١‏ 

ما يل للهاشمي د خصبياً . مهم جداً . نشرت أمس بعض الصحف التركية 
في استانبول نقلا” عن جريدة ( ديموقراطيا ) الرومية خبراً مفاده نقطة ان احدى 
الاميرات العراقيات أثناء سياحتها في إليونان». أحبت كارسون يوناني يسمى 
أنستاس خارالامبو في أحد الفنادق في رودس » حيث كانت تقيم الاميرة فيه . 
وقد هربها المرقوم الى آنينا وتزوج بها بعد أن تنصرت بامم ( اناستاسيا ) . وان 
أحت الاميرة عندما علمت بالامر راجعت الحكومة اليونانية طالبة فسخ العقد 
المذكور ولكن الحكومة المذكورة لم تتمكن من اتخاذ قرار ببذا الشأن لأن 
الاميرة بالغة سن الرشد . وان الكل ينتظرون الاطلاع على نتيجة هذه الحادثة 
الي سببت القيل والقال في محافل أثينا الراقية . عندما أطلعنا على هذا الحبر . 
ملاحظتنا احتمال وجود اشتباه في الامر من جهة ٠‏ ولأجل القيام بما يترتب 
علينا ازاء هذه النشريات » لما لها من الاهمية لمساسها بسمعة العائلة المالكة من 
جهة أخرى » وبالنظر الى أن الامير حسين أخبرنا انه قد بلغه احتمال وجود 
الاميرتين : راجحة وعزة في أثينا الآن » رأينا من الواجب تحقيق الحبر من 
مصدر موثوق فرجونا من المفوضية اليونانية في أنقرة أن تتصل تلفونياً بمدير 
الامن العام في أثينا » وان تخبرنا بما تتوصل اليه . مخبركم مع عظيم الاسف ان 
المفوضية المذكورة قد أعلمتنا بأن الزواج المذكور قد ثم بين المرقوم والاميرة 
عزّة » وان الاخرى راجعت المحاكم لابطال الزواج ولكن هذا الطلب قد 


عرافة داناجي 
وكان جواب بغداد ما يلي النص : 
عراقية ‏ أنقرة ده 5م9١‏ ه٠١‏ 


بالقاعدة العامة . يبدأ . نشرت الصحف الاوربية خبر زواج الاميرة عزة 


ذف 


ذهبت لاجل ذلك للاستشفاء لليونان وعند مرورها من أثينا اشتدت عليها 
النوبات ووقع خلال ذلك حادث الاقيرإن المؤسف .بالشخص الذي اعتنق 
الاسلام . سافر تحسين جواً لاستطلاع الحقيقة . ولكنهما سافرا أمس الى 
رودس بطائرة ايطالية قبل وصول نحسين:. سينظر مجلس الوزراء ف القضية . 
منعاً لنشر تعليقات صحفية غير صحيحة نرجو أن تراقبوا الصحف وتوضحوا 
الامر ما بيناه نقطة . 


خارجية 


ولم أرّ في هذه البرقية ما يشفي الغليل فأجبت عليها بالرد الآني  :‏ 
خارجية - بغداد سا 

جواباً على برقيتكم ٠‏ مايس لقد تمادت الصحف بنشر تفصيلات عن 
الحادثة المؤلمة نقلا' عن صحف أثينا ابي تصل في يوم واحد الى استانبول . وعد 
محرروها هناك بالرغم من توضيحنا الامر لبعضهم وفق أمركم . رأينا ان نشر 
تكذيب رسمي مما يؤدي الى مناقشة بين المفوضية والصحف وتماديها في النشر . 
اضطررنا لمراجعة وكيل الحارجية التركية ليوعز الى الصحف أن تكف عن 
هذه النشريات . اخبرنا بأن الايعاز قد حصل . 

عراقية 

والظاهر ان الحكومة العراقية ارادت أن تخفف من التأثير السيء الذي 
أحدثه نشر هذا الحبر المؤلم » فكان مثلها مثل النعامة اللي تدخل رأسها في 
الرمل على اعتقاد منها ان الصياد لا يراها . 

كان الشريف حسين » خال الاميرة عزة » يشغل وظيفة بسيطة ف المفوضية 
العراقية في أنقرة فأخذ يتذمر ما حدث ونشر لأني لم أتخذ أي تدبير لمنع النشرء 
واسكات الصحف . فقلت له أي تدبير تريده مي والصحف تشتري مثل هذه 
الاخبار بألوف الليرات لتذيعها فتزيد في عدد قراتما ؟ فان كنت حقاً تريد 


انذكنا 


الحفاظ على سمعة البيت المالك فلماذا لا تسكت أنفاس بنت أخحتك ؟ وفي الوقت 
نفسه قلت له : راجعبي اليوم ضابط سوري متقاعد » وأعرب عن رغبته في 
وضع نفسه نحت تصري لانقاذ شرف العائلة المالكة فهل أنت مستعد للسفر 
معه ؟ فتكس رأسه ولم يرد . فلماكان اليوم التالي قابلت وكيل وزارة الحارجية 
التركية ورجوته أن يستعمل نفوذه لاسكات الصحف » ومنعها من الاسترسال 
في نشر أنباء هذه الفضيحة فوعدثي خيراً » وأخذت الاخبار تتلاثى شيئاً فشيئاً 
لكني صرت زمنآ أشعر بالحجل كلما دعيت الى المآدب والحفلات فأعتذر عن 
حضورها لهذا السبب . 


قضية الشريف حسين : 

كانت وزارة الخارجية قد عينت الامير عبد الإله نجل الملك علي ملحقاً في 
في السفارة العراقية في برلين » كما عينت الشريف حسين بن ناصر كاتباً على 
آلة الطابعة في المفوضية العراقية بأنقرة . وقد أصبح حسين هذا رئيساً لوزراء 
شرق الاردن فيما بعد مرتين » كما اني أشرت الى موقفه من قضية ابنة أخته 
الأميرة عزّة في الاسطر المتقدمة» كان الشريف حسين هذا يسكن بانسيوناً معداً 
للايجار في أنقرة » ويظهر أنه ماكان يدفع الى صاحب البانسيون اجرة اقامته 
الشهرية بصورة منتظمة » وانه ترا كمث بذمته بعض المبالغ له . فكتب إلي” 
صاحب المز ل كتاباً حول هذا الموضوع بتاريخ 7١‏ كانون الاول 195 فلفت 
نظر حسيئاً الى ذلك وقلت له: ان عملا" مثل هذا لا يليق بسمعتك فضلا عن 
كونك أحد موظفي المفوضية فوعدني بتسديد الدين » وبأنه لن يكرر ذلك » 
وإذا بصاحب البنسيون يكتب إل" مرة أخرى في 1١7‏ تشرين الثاني 14117 يكرر 
الشكوى من الشريف ٠»‏ ويقول انه ساكت ولم يتقدم بالشكوى الى وزارة 
الخارجية حر صا على سمعة المفوضية » وانه سيضطر الى مثل هذه الشكوى 
خلال ثلاثة أيام إن لم يسدد المدين دينه . وحيث بلغ السيل الزبا » وخشية من 
الفضيحة » اضطررت الى ارسال المبلغ الى صاحب الطلب » وأنبت الشريف 


2425 


حسين تأنيباً قاسياً على عمله» وكتبت الى وزارة الخارجية طالباً سحب يده إلى 
بغداد فوراً وقد تخلصت منه بحمد الله 3 


0 وعبد الآله ثالثة الآثافي : 

كنت قد انتقلت من أنقرة الى استانبول في صيف ١9477‏ على جاري عادتي 
في كل عام » فنمل إلي السيد كامل الكيلاني القنصل العام في اسطنبول يومئذ 
بأنه تلقى برقية من المفوضية العراقية في برلين تقول ان الامير عبد الاله متوجه 
الى اسطنبول فيرجى استقباله » وسألبى عما إذاكنت سأكون في عداد مستقبليه ؟ 
فأجبته بأن لا حاجة لحضوري لاستقباله» إذ ليست له أية صفة رسمية تبرر مثل 
هذا الاستقبال سوى انه ابن عم الملك وملحى هناك. مثله مثيل قريبه الشريف 
حسين في مفوضيتنا بأنقرة » وبمكنك أنت أن تخرج الى استقباله بصفتك 
الشخصية لا الرسمية اذا أحبيت . وقد علمت فيما بعد ان عبد الاله كان ممتعظاً 
من عدم خروجي أنا فأسرها في نفسه . 

بعد مرور نسعة أشهر على الحادثة المذكورة » تلقيت كتاباً من محل للخياطة 
في استانبول » كنت أتعامل معه » هذا نصه  :‏ 

تاجر خياط - انيكين استانبول لا”١‏ مارت ١9178‏ 

نرجو عفوكم من تعجيزنا هذا الذي اضطرنا اليه اضطراراً . 

تعلمون ان الامير عبد الاله بن علي كان قد اشيرى من محلنا في السنة 
المنصرمة بدلات بقيمة 751٠‏ ليرة تركية وقد وعد بتسديد الثمن عند وصوله 
الى بغداد فانتظرنا عدة أشهر فلم يصلنا شيء منه فاضطررنا أن نكتب الى 
البلاط الملكى عدة كتب بواسطة وزارة الحارجية نطالب بالمبلغ المذكور فلم 
بحظ يحواب ما بعد. ولاحتمال عدم وصول رسالتنا المرسلة من قبل » 
ولاستغرابنا من عدم تسديد هذا المبلغ من بغداد» وبالنظر الى ضيمقنا الاقتصادي 


هخ" 


نجاسرنا بتقديم رجاءناهذا . آملين أن تساعدونا على الحلاص من هذه الورطة 
وتقبلوا عمق وأخلص احثر اماتنا . 
التوفيع : انيكين 
فلم يسعني نجاه هذا الوضع إلا" أن أبعث بصورة من الكتاب المذكور 
الى وزارة الحارجية للاطلاع » والامر بارسال المبلغ المطلوب الى صاحبه . 
كانت هذه مشكلاتي مع أفراد العائلة المالكة » ولكن مشكلات ياسين 
الفاشمي مع الملك غازي بالذات كانت أدهى وأمر . 


العراق يتوسط بين سورية وتركية 


كان نوري السعيد قد أمضى قرابة الشهرين في طهران للمفاوضة في القضايا 
المعلقة بين العراق وايران » وهي القضايا الي أشار إليها في رسالته إل" المؤرخة 
في * تشرين الثاني 1918 م » والني أدرجت نصها في الصفحات المتقدمة : 
ثم سافر الى جنيفٍ لمتابعة الموضوع فوقم هو ووزير خارجية ايران الكاظمي 
بالحروف الاولى على الاتفاقية . فلما عاد الى العراق قرر أن يقضي فترة من 
الصيف في استانبول » وينتهز الفرصة فيباحث الاتراك في ضرورة السعي 
ليقف ساستهم إلى جانب العراق في مشكلاته مع ايران . 

كانت الزيارة غير رسمية » ب ل كانت خصوصية صرفة . وقد دعاني ذات 
يوم رئيس الوزراء عصمت اينونو مع نوري السعيد وأفراد أسرتي لتمضية يوم 
كامل في مصيفه بجزيرة ( هكبهلي ) القريبة من استانبول . وبعد أن تناولنا الطعام 
جميعاً على مائدته » انفردنا نحن الاربعة : عصمت » وتوفيق رشدي وزير 
خارجية تركية » وأنا » ونوري في غرفة أخرى فافتتح الحديث نوري السعيد 
شارحاً قضية الحلاف العراتي'- الايراني على الحدود وعلى شط العرب مفصلا". 
ثم خاطب عصمت قائلا” : نحن لا نطلب منكم أكثر من أن تكونوا إلى جانب 


ف 


لفق ع نئل أن نهنا عونا اننا افده :آل وام :في ضيه لانن افرح عي 
اينونو : امها لفرصة طيبة أن نتبادل الاراء فيما بيننا وبينكم » ونحن مستعدون 
لمساعدتكم في مفاوضاتكم مع ايران » ولكن لا تنسوا ان لنا أيضاً بعض القضايا 
الي تستلزم طلب مساعدتكم لنا فيها . ثم أضاف الى هذه المقدمة قائلا”: تعلمون 
ان فرانسة وسورية على وشك أن توقعا على معاهدة فيما بينهما » شبيهة بالمعاهدة 
العراقية ‏ البر يطانية الاخيرة » وبما ان لنا بعض التحفظات المتعلقة بسنجق 
اسكندرون » حيث تقطن فيها جالية تركية كبيرة العدد » ولا يمكن لنا أن 
نتركها بيد الحكومة السورية » فاننا نريد أن تصان الحقوق السياسية والاجتماعية 
للطائفة المذكورة » في هذه المعاهدة » ولا سيما ان فرنسا معيرفة الآن بهذه 
الحقوق . ولما استوضحنا من عصمت عن ماهية هذه الحقوق ؟ أجاب : ان 
تركية لا تطالب بأكثر ما ضمنته الحكومة العراقية للاقلية الكردية في شمال 
بلادها » وقد نكون الحقوق الي تريدها تركية من سورية للاقلية الأركية في 
السنجق أقل أو أكثر قليلا من تلك الي منحت للاكراد في العراق » وعلى 
كل بمكن الاتفاق عليها بين الحكومتين التركية والسورية مبى خلصت النيات 
وتوسط العراق بين الطرفين فوعد نوري أن يتصل بالوفد السوري » الذي 
ذهب الى باريس للتوقيع على المعاهدة الفرنسية ‏ السورية » ويطلب اليهم 
الاتصال برجال تركية حول الموضوع عند مرور الوفد المذكور في طريق 
عودته الى بلاده » وان ناجي شوكت سيكون واسطة التعريف والمساعدة على 
تسهيل الاجتماع » كما جاء في ذلك في رسالة نوري إلي والي سبق نشرها . 

وبعد أن وقع الوفد السوري بالحروف الاولى على معاهدة الصداقة بينه 
وبين الفرنسيين بي باريس واعبزم العودة الى دمشق » نلقيت برقية هن نوري 
السعيد عن تاريخ سفر الوفد » وتاريخ وصوله الى اسطنبول » لأهيء جوآً 
للقاء بينه وبين الاتراك . فاتصلت بوزارة الحازجية التركية فور لأخبرها عن 
تاريخ وصول الوفد السوري » وقد استقبلت الوفد بنفسي في محطة قطار ‏ 
سركهجي في استانبول » وكان برئاسة هاشم الاناسي وعضوية جميل مردم . 


ام" 


وقد وصل ف اليوم نفسه شكري سراج أوغلو » وكيل ا لحارجية التركية» و بقي 
الوزير التركي رشدي آراس في جنيف فهيأت مأدبة غداء للوفد المذكور ‏ 
وللوكيل التركي المشار إليه . وقد حضر الطرفان ولم يحضر الاتامبي لوعكة 
أصابته فاضطرته الى ملازمة الفراش . 

فتحت الحديث أنا بتقديم كلا الطرفين أحدهما الى الآخر» بحسب 
الاصول » ثم قلت: اني سعيد أن أرى اخواني أعضاء الوفد السوري يجتمعون 
مع أصدقائي الاتراك على مائدتي هذه » وان أكون واسطة خير بين الطرفين . 
فشكرني سراج اوغلو عل ىكلماتي » ورحب بالوفد السوري قائلا” : ان رئيس 
الجمهورية مصطفى كمال أمره أن يرحب بالوفد باسمه » ويدعوه إلى أنقرة 
باسمه للاجتماع به . فشكره جميل مردم على هذه العاطفة . ثم حاولت. أن 
أحث الطرفين على الشروع في الكلام حول الموضوع الذي مهدنا له بهذا 
الاجتماع » والذي لا بد أن يكون نوري السعيد قد أطلع الوفد السوري أثناء 
اجتماعه معه في باريس على الحديث الذي جرى بيننا وبين عصمت اينونو في 
مصيفه » ولكن مردم كان يتهرب - مع كل أسف- عن أي حديث بحيث 
انتهت الوليمة دون أن يعرج أحد على الموضوع . فلما خرج الوفد السوري 
وبقيت أنا وسراج أوغلو » قال الرجل : أهذا الذي كنا نريده ونتتظره ؟ 
ومع شديد أسفي أقول : ان الوفد السوري غادر استانبول في اليوم الثاني ماراً 
بأنقرة » دون أن يتوقف فيها » وكان الغرور قد أخذ منه مأخذه » معتقداً ان 
عمد المعاهدة مع فرنسة يغنبه عن كل اتصال بالغير» غير مكترث بأن عملا" 
غير مهذب كهذا يخالف الاعراف الدبلوماسية كل المخالفة . ولكن ما كادت 
وزارة فرنسة الي عقدت المعاهدة تستقيل و نحل محلها وزارة أخرى حبى أهملت 
الوزارة الحديدة تلك المعاهدة . أما نتيجة مسعاي أنا فكانت البرقية التالية الي 
تلقيتها من رئيس الوفد السوري بعد وصوله إلى دمشق . 


يم" 


فخامة الوزير المفوض : ١‏ 
؛ سرلي حسن قبول فخامتكم للوفد السوري وعواطفكم الصميمة تحوه اثنا 
نقذم إليكم تشكر اتنا الحارة متمنين السعادة والرفاه للعراق . 
هاشم الاناسي 
بعد أن ينس رجال سورية من اتمام عقّد معاهدهم مع فرنسة ومنوا 
بيبة أمل وفشل » عادوا بعد انتظار عامين ونصف العام يتطلعون الى خطب 
ود تركية من جديد » ومتوسلين بصداقة العراق لتحقيق ذلك . فقد أوفدت 
الحكومة السورية السيد عادل ارسلان الى تركية بصورة خاصة للاتصال 
رجالا » ومعرفة ما يكنونه تحو اسكندرونة » فاتصل المومى اليه لي © ثم 
اجتمع ببعض رجال تركية » فلقي منهم كل ترحيب » خلافاً لا كان يتوقعه 
من الصدود » حتى امهم قالوا له امهم يعتبر ونه ممثلا” للحكومة السورية فيأنقرة » 
ويعاملونه معاملتهم لسائر الممثلين » على الرغم من ان سورية لم تكن قد 
استقلت في ذلك الحين . أما حل القضية المعلقة كنا كان متصوراً من ذي قبل 
فقد قضي عليه » ولا يبمكن الرجوع اليه بعد التطورات العالمية . فموسوليي 
فد احتل الحبشة » وسيطر على البحر المتوسط » وبدأ يهدد انكلارا ويسخر من 
اسطولها ومن فرنسة . أما عصبة الامم فقد أصيبت بالفالج » وأصبحت مطامح 
موسوليي في تركية واضحة كجزر الدودكانيز » وكجزيرة رودس » وجزر 
أخرى قريبة من سواحل تركية » وأصبح ميناءء اسكندرونة بالنسبة إلى تركية 
فضية حياة أو مات فكل من يحتل هذا الميناء ينفذ إلى قلب تركية . 
كانت هذه أفكار تركية فيما يتعلق بتأمين مصا حها والحفاظ عليها . وقد 
انفرحت على عادل ارسلان حلا جديداً هو تقسيم اللواء بين سورية وتركية 
تأبرق عادل إلى الحكومة السورية بهذا الاقتراح » وأبرقت به أنا أيضاً إلى 
حكومي . وبعد أن تأكدت الحكومة العراقية صحة الحبر ؛ خولتي عرض 
رساطتها فاجتمعت بوزير الحارجية البركية الدكتور توفيق رشدي آراس » 


»> سيرة وذكريات )١9(‏ 


وحادثته في الموضوع » فعرض علينا الخل الوارد بير قبي الموجهة الى وزارة 
الحارجية العراقية في الثاني من تموز أنشر نصها مع ما تبعها من برقيات تبودلت 
بيي وبينها » من برقيات هذه نصوصها : 
١‏ - خارجية ‏ بغداد 5-1 نموا 
واتفقوا على تقسيم اللواء ببقاء انطاكية في سورية » واعطاء اسكندر ون إلى 
تركية » على أن يكون لسورية مرفأ حر هناك . أبرق عادل ارسلان الى 
الحكومة السورية لتطلب من العراق أن يقترح على الطرفين حسم القضية 


وفق ذلك. 
عراقية ‏ 
"١‏ - عراقية ‏ أنقرة ١‏ لم9١‏ 


جواباً على برقيتكم رقم ١4‏ نقطة أعلمتمونا بيرقيتكم رقم ١‏ ان عادل 
ارسلان أخب ركم باتفاقه مع وكيل الحارجية التركية على تقسيم اللواء نقطة 
فطلبنا منكم ببرقيتنا تاريخ 78 أن نتأكدوا صحة الحبر وتوافونا نقطة . ثم 
طلبنا ان تعر ضوا وساطتنا على هذا الاساس نقطة منتظرون نتيجة مسا عيكم 


 ةيجراخ‎ 


*- نخارجية ‏ بغداد ١‏ -لا موا 
جواباً على برقيتكم تاريخ 1978-1-1 قابلت وكيل الحارجية و بلغته 
بأنه يسر الحكومة العراقية عرض توسطها لحل القضية . أفادنا ان الخل 
سيكون وفق الاسس الانية : حل قضية اللواء بتفسيمه بين تركية وسورية 
بايحاد الحدود الطبيعية له على أن ترك ١‏ مدينة انطاكية للاتراك » 


حالكنا 


٠‏ تبادل السكان »  #‏ تكون اسكندروثة نحت حا كمية تركية المطلقة 
على أن يؤمن تسهيل مناقلات سورية بواسطة منطقة حرة لها » 4 - المباشرة 
بالمذكرات على أساس المواد الثلاثة المذكورة ودعوة فرنسة حالا” للاشتراك 
في هذه المذاكرات مع تركية وسورية اننهى . طلب عادل ارسلان برقياً 
من الحكومة السورية تفويضه التوقيع على الاسس إذا وردت موافقة الحكومة 
السورية سأقدم مذكرة للحكومة التركية بتوسط العراق لحل القضية . 
بالنص الآني » الذي اتفقنا عليه مع وكيل الحارجية التركية . يبدأ ان 
الحكومة العراقية استناداً على عواطف الاخوة الي تشعر بها نحو الطرفين » 
تقئرح حل قضية اللواء بصورة قطعية على أساس التقسيم بتخطيط حدود 
جديدة » وعلى أن يكون لكل من الفريقين 'حاكية مكلفة على الاراضي 
المتروكة له » وتأمل أن توسطها الودي هذا سيقابل بنفس العواطف . 
عراقية ‏ 


4 عراقية انقرة /ا لا اموا 

جواباً على برقيتكم تاريخ ؟ تموز » تقر الحكومة العراقية مع الشكر 
استعداد الحكومة الركية للتفاهم وموافقتها على تقسيم السنجق القصد من 
التوسط هو ازالة جميع أسباب الحلاف بين الأتراك والعرب . فاحتفاظ 
تركية بانطاكية قد لا يؤدي إلى هذه الغاية . الممهوم ان سورية لم توافق 
على ترك انطاكية . أوضحنا مفصلا” لطاهر لطفي الاسباب الموجبة لعدم 
تمسكهم بانطاكية . ابذلوا جهدكم لاقناعهم على ذلك تأميناً لتحقيق اخاء 
تركي عرلي مستديم - تخشى اذا تمسكت تركية بانطاكية ان تضيع الغاية 
من التصفية العامة المقصودة من الحهتين. لم نتلق” جواباً على برقيتنا 5 
تاريخ ” تموزء ارسلوا الحواب برقياً . 


 ةيجراخخ‎ - 


55١ 


ه ‏ خارجية بغداد م-لا مسموا 


جواباً على برقيتكم 7 موز برقيتنا رقم 70١15‏ موز تعتبر جواباً على 
برقيتكم 77 تموز ولقد أوضحنا لكم الوضع الاخير ببرقيتنا رقم 
56 تموزء لقد بذل عادل ارسلان كل جهده لاقناعهم بالعدول عن 
مدينة انطاكية » وقد أوضحنا لهم بكل فرصة ان المهم تحقيق الاخساء 
العرلي التركي . أعتقد ان الاتراك لا يوافقون على بقاء مدينة انطاكية 
لسوريا. أبرق أمس عادل ارسلان الى حكومة سورية الاقتر اح التركي 
النهاني » وقد فهمت من محادثئي أمس مع وكيل الحارجية التركية أن تركية 
ترجح الحل الاخير الذي توصلت اليه مع فرنسة على تقسيم اللواء ان لم 
توافق الحكومة السورية على اقتراحها النهائي بشأن الحدود . 
؟ ‏ خارجية ‏ بغداد 

لاحقاً لبرقيتنا 871 تموز . ان وكيل اللحارجية التركية دعاني مع عادل 
ارسلان اليوم لمقابلته وأفاد انه : كما ان اقتراح نقسيم اللواء لم يصدر من 
تركية فكذلك انها م كانت تفكر عند موافقتها مبدئياً على مثل هذا الحل 
بأن الموافقة ستفسر بغير الغاية الي كان يتوخاها الطرفان » وهي رفع 
عوامل الاحتكاك بين العرب والشرك باجراء تصفية عامة » والحال يرى 
الآن انه بالنظر للاخبار الواردة اليه منذ ان عقد الاتفاق الاخير بين تركية 
وفرانسة . ان صحف سورية ومصر والعراق أخذت باجم الحكومة 
التركية » وتسند إليها غايات لم تفكر فيها قط . فالنظر في أمر التقسيم 
من جدديد غير ملام . مثل هذا سينتج عكس المطلوب في العالمين العرني 
والركي »؛ وصرح باسم ا حكومة المركية : ان تركية ليس لها مطامع لا في 
أراضي سورية ولا في أراض أية مملكة أخرى » وانها تتمى أن تنال 
البلاد العربية استقلانها النام » وان الاتراك لا يشعرون سوى عواطن: 
الصداقة والاخاء نحو العالم العرني . على ان كل ما تريده تركية في اللواء 


دف 


هو أن ينال سكانه الاتراك استقلالهم » وان يعيشوا عيشة حرة » ولهذا. 
ترى الحكومة التركية الآن غض النظر عن التقسيم الى أن تنال سورية 
استقلاها » وتصادق فرنسة على المعاهدة السورية الفرنسية لتهيئة جو ملاثم . 
اعادة النظر في أمر التقسيم يسهل النظر في الامر عندئذ » وانه يشكر العراق 
على شعوره الودي نحو الطرفين » ويرجو أن يبقى التوسط محفوظاً الآن . 
يظهر لي ان تركية بعد أن نالت كل مطاليبها في اللواء بخضوع فرنسة 
لارادتما » وبتأييد انكلئرا لها » وبعد أن أمنت على جميع مصاحها باتفاقها 
الاخير مع فرنسة » ودخلت جيوشها اللواء » لم تبق في حاجة للركفض 
وراء مشروع التقسيم » ولا يستبعد ان فرنسة عارضت مشروع التقسيم لحي 
تبقى سورية تحت رحمتها » وتلعب بها حسبما نشاء مهددة اياها بنركية 
لتأمين منافع أخرى لفرنسة في المستقبل واالحلاصة ان مشروع د 
فشل الآن . 


- ععراقية ل 


ان الذي يقرأ هذا التطور في العلاقات بين سورية وتركية » سيدر ك تراجع 
الحكومة اللركية عن الحل الذي اقرحته أولا” لها كانت ترجح التفاهم 
الذي توصلت اليه مع فرنسة على أساس الاتفاق الذي وقع في أنقرة في الرابع 
من نموز ١98‏ . 


من نتائج قضية اسكندر ونة : 

كان رئيس جمهورية تركية مصطفى كمال قدأصدر أو امره باحتلال لواء 
اسكندرونة من قبل الحيش التركي ولكن رئيس وزرائه عصمت اينونو لم 
بر هذا الاحتلال » اعتقاداً منه بأن هذا الامر صدر بصورة غير طبيعية فما 
كان من الرئيس التركي إلا" أن أجبر اينونو على الاستقالة من منصب رئاسة 


السوزراء 


بعد أن ألحقت تركية لواء اسكندرونة بأراضيها وصارت تسمية ولاب 
« هاتاي » تلفن إلي عادل ارسلان من .استنبول - وكان قد قصدها , أثر 
اصابته بنوبة قلبية من جراء الارهاق وخيبة الامل - تلفن يقول : ان الدكتور 
وايزمن وصل الى استانبول » ويقيم الآن في نفس الفندق الذي ينزل هو فيه , 
وقد علم انه جاء بمهمة خاصة ومشروع سيعرضه على الحكومة الركية , 
وأضاف عادل إلى ذلك انه يتوقع مني أن أتعقب ا موضوع » واكتشف سر 
المشروع . وعليه اتفق ملحق سفارتنا مع أحد مستخدمي الفندق المذكور 
ليتجسس على القادم ويوافيي بالنتيجة » وبعد سفر وايزمن الى أنقرة بيومين , 
أخبرني السكرتير بأن الدكتور سامي كونز برغ يرغب في مقابلزي . وكان سامي 
طبيب أسنان مشهور » وكان من جملة أطباء السلطانين عبد الحميد ومحمد 
رشاد » كما انه طبيب الرئيسين : كمال اتاتورك وعصمت اينونو » وكنت 
تعرفت عليه أثناء معالحته أسنان قرينتي . وعلى كل حال لما تمت هذه المقابلة 
قال لي الدكتور سامي :.ان جاسوسكم لم يقتصر في عمله لمصلحتكم فقد كان 
يتجسس علي وعلى وايزمان » وكانت سيارته نتعقب سيارتنا ولكنا استطعنا 
أن نشتريه بأكبر مما تدفعونه إليه . ثم أضاف إلى ذلك : ان وايزمن علم أن 
لكم صداقة مع مفي فلسطين ال حاج محمد أمين الحسيي ٠‏ وانه يرغب في 
مقابلتكم اما في دار السفارة واما في أي محل آخر ليباحئكم في موضوع اليهود 
الذين شرّدهم هتلر وامكان توسطكم بينه وبين المي » فأجبته ان هذه الأمور 
الأنور خارجة عن اختصاص وظيفي ٠‏ ولذا فلا أستطيع مقابلة وايزمن ) 
وان لدى هذا الرجل امكانيات عديدة للاتصال بالفلسطينيينو زعماهم . وءلى 
أثر ذلك طلبت مقابلة خخاصة مع وزير الحارجية التركية وسألته عما يعلمه عن 
أسباب مجيء وايزمن » وهل قابل أحداً من رجال تركية ؟ فأجابي انه شخصياً 
لم ير وايزمن » وائما الذي قابله هو سفير فرنسة المسيو بونسو . فقد أناب 
وايزمن هذا السفير ليعرض مشروعاً على احكومة التركية . يتتضمن سماحها 
لاسكان ربع مليون بودي في ( وادي العمق ) في لواء اسكندرونة الذي ضمته 


اأفا 


نركية الى أراضيها » وصارت نسميه ( هاناي ) مقابل خمسة ملايين باون 

تقدمها الوكالة اليهودية الى الحكومة التركية » وان الحكومة التركية رفضت 

هذا العرض ء وسيترك وايزمن أنقرة بخفي حنين . 

حلف الدفاع المشترك : 
ان الاحداث السياسية الحطيرة الي حصلت بي أوربا في أواسط الثلاثينات» 

اضطرت الساسة الاتراك الى تحوير سياستهم شيئاً فشيثاً » وتغيير اجاهانها 

بصورة جذرية . وكانت أبرز الاسباب والاحداث الي استلزمت هذا التحوير 

والتغيير هي : - 

أولا؟ - تسلم الزعيم أدولف هتلر زمام الحكم في ألمانيا » ونبديده الحلف 
الصغير » الذي ألفته فرنسا بزعامة جيكوسلوفاكيا » وجعلته تحت حمايتها 
ببدف محاصرة ألمانيا عند حدودها الشرقية . 

ثانا شعور الانحاد السوفياتي بنية تركية لتبديل انجاه سياستها الحارجية » 
وعدم ارتياحه هذا التبدل » حيث جعله يعزل ائنين من أهم رجاها الذين 
كانوا يشتغلون في سفا ربا في أنقرة » وقد قتلا بأمر من ستالين حيث بدأ 
بتهديد تركية وحلف البلقان الذي كانت تركية أهم أعضائه . 

الثاً- غزو ايطالية للحبشة ونيات موسوليي الحفية للسيطرة على سؤاحل 
الاناضول المسماة (كليكيا ) كل هذه الاحداث جعلت تركية تدير ظهرها 
لروسية » ونتجه نحو انكليرا وفرنسة . فلماكان صيف 19475 م » وزار 
الامير أدور ولي عهد انكلثرا ‏ الذي أصبح فيما بعد ملكا ثم أكره على 
ترك العرش لزواجه أرملة أمريكية مطلقة ‏ استنبول زيارة خاصة استقبله 
رئيس اللحمهورية الركية ورحب به ترحيباً حاراً لآن المصالح المشتركة 
ووجوب الدفاع عن البلاد جعل التقارب بين كل من تركية » وبريطانية ) 
وفرنسة » يزداد يوماً بعد يوم » حى توج بمعاهدة الدفاع المشيرك بينهم 


"16 


قُ عام 194*8 وكان القصد من هذه المعاهدة ححماية مصالح الدول الثلاث 
في شري البحر المتوسط من اليونان وتركية وسورية وفلسطين حبى مصر . 
ولكن الاتراك لم يدخلوا في الحرب العالمية الثانية » حبى عندما احتلت 
الحيوش الألمانية أراضي اليونان والبلقان » بل حى عند إقتراب جيوش 
رومل من الاراضي المصرية » وكانت على أهبة الدخول اليها . وببذه 
السياسة الرشيدة استطاعت تركية أن تحرج سالمة في ختام الحرب المذّكورة 
فرب عدو لك اليوم يصبح صديقك غداً » ورب صديق لك اليوم » يصبح 
عدوك غداً » لأن الاساس في السياسة حفظ مصالح الوطن والحفاظ على 
استقلاله » وكل شيء يبون في سبيل هذه الغاية 


انقلاتب بكر صدق 


كان العميد الركن طه الحاشمي » رئيس أركان الحيش العراتي » قد سافر 
في مهمة رسْمية إلى خارج العراق في 74 تموز سنة 19475 منيباً عنه معاونه 
الفريق بكر صدثني » وفي طريق عودته إلى بغداد » مكث لدى زوجته المقيمة 
في استنبول مدة من الزمن . وقد اتصل لي منها هاتفياً معرباً عن رغبته في زيارة 
أنقرة زيارة خاصة » قبل عودته إلى الوطن ٠»‏ لمشاهدة استعراض اللحيش 
التركي العام الذي بحري في عيد الحمهورية كل عام فرحبت بهذه الرغبة » 
وأحطت وزارة الحارجية التركية علماً بها . فلما وصل إلى أنقرة قبل الاستعراض 
بيوم واحد » نزل ضيفاً على السفارة العراقية في نفس الغرفة إلبي كان السبد 
حكمت سليمان قد نزل فيها قبل سنة . ولماكانت العادة المتبعة في مثل هذا اليوم 
أن يقوم السفراء بتهنئة رئيس الحمهورية في بناية مجلس الامة في حوالي الساعة 
الساعة الثانية عشرة ظهراً » ثم حضور الاستعراض العسكري في الساعة الثالثة 
بعض الظهر » ثم مأدبة العشاء الكبرى في الثامنة والنصف »ء ثم الحفلة الساهرة 
في فندق أنقرة بلاس ٠‏ فقد تلقى طه الحاشمي دعوة الحضور الاستعراض » 


"55 


وَأخرى لحضور الحفلة الساهرة . أما العشاء فقد تناوله عند زميله في المدرسة 
الحربية صفوة اريقان وزير المعارف البركية . 

في نحو الساعة الحامسة من بعد ظهر يوم 794 تشرين الاول 1١95‏ مء 
وهو يوم الاحتفالات المذكورة » عدت الى دار السفارة فوجدت برقية على 
مكتبي نتضمن وقوع تبدل وزاري في بغداد » وتأليف وزارة جديدة برئاسة 
حكمت سليمان » الذي تولى منصب وزارة الداخلية بالوكالة » واشترك في 
وزارته كل من : - 

محمد جعفر أبو التمن - وزيراً للمالية . 

صالح جبر - وزيراً للعدلية . 

ناجي الاصيل - وزيراً للخارجية . 

كامل الجادرجي - وزيراً للاقتصاد والمواصلات . 

يوسف عز الدين - وزيراً للمعارف . 

عبد اللطيف نوري - وزيراً للدفاع . 

وبينما كنت أمعن بالنظر لفك اللغز في هذا التبدل الوزاري وكيفية تشكيل 
هذه الوزارة » وإذا بطه الاشمي يأتي إلى دار السفارة فأطلعته على البرقية . 
وبعد ان قرأها سألي رأبي في معناها » فأجبته يظهر ان وزارة كالني 
وردت في هذه البرقية لا يمكن أن تأني الى الحكم إلا" بصورة غير طبيعية » 
ولا بد أن تكون ني العراق حالة شاذة . وفيما تحن في مثل هذا التفكير جاء 
سكرتير السفارة ليقول للهاشمي : ان زوجتك على التلفون تريد التحددث 
إليك . فلما كلمها أملت عليه هذه البرقية : 

طه الفاشمي - استنبول - عنوان الزوجة 
لا تعود ي الوقت الحاضر الى بغداد 


بكر صدتي 


يذها 


أضاف طه - بعد اطلاعه على هذه البرقية ‏ ان ظروفاً فوق العادة لا بد 
أن تكون قد جاءت بهذه الوزارة » وان بكراً اخلاصاً منه لي أراد أن بفي 
دبي عليه » وأحب أن أكون بعيداً عن هذه الغوائل فأبرق إل هذه البرقية . 
فأجبته : أي اخلاص؟ وأي وفاء؟ هذا عدوك الألد» وني اعتقادي انه انتهز 
فرصة غيابك فدبر اسقاط وزارة أخيك ياسين» وقد ساعده حكمت سليمان 
وجماعته: جعفر أبو التمن وكامل الجادر جي على ذلك . 

وق الساعة السابعة والنصيف مساء بينما كنت أهيء نفسبي للذهاب الى 
وليمة العشاء » اتصل بي سكرتير وزارة الحارجية التركية هاتفياً » وسألى 
عم عمق أخيان عن العراق:: ثم أضاف قائلا”: ان الحا جية الركية تلقت 
من مفوضيتها في بغداد ما يفيد ان الحيش احتل العاصمة بفعل قنابل الطائرات » 
وان وزير الدفاع جعفر العسكري مفقود لا يعرف محل وجوده . فأخبرت طه 
الماشمي بذلك » وأشرت عليه ألا بحضر ا حفلة الساهرة . وني أثناء مأدية العشاء 
الي حضرها رئيس ال حمهورية » ؤرئيس الوزراء » والوزراء » والسفراء » 
بعث إل وزير الحارجية وريقة بيد أحد الخدم » ويا لحول ما قرأت : فقد 
جاء في الوريقة ان لديهم برقية من بغداد تنيء بمقتل جعفر العسكري وزير 
الدفاع . فرجعت إلى دار السفارة بعد العشاء توا » ولم أحضر حفلة السهرة . 
ثم أخبرت طه بهذا الحبر المؤلم . فلما كان اليوم الثاني سألي طه عما يحب أن 
يعمله » فأشرت عليه بالذهاب الى استنبول » والبقاء فيها مداة من الزمن حى 
ينجل الموقف . وهذا ما كنت أأخشاه وأحذره فقد نكبت البلاد بالاطاحة 
با هاشمي » الرجل الذي أعتبره أعظم شخص بعد السعدون » وكنت أتمنى له 
كل سعد وتوفيق » وانه استولى على الحكم طاغية شرير يكره العرب . سفاك 
للدم » مغرور غاية الغرور ء ولا يعلم غير الله وحده ماذا سيكون مستقبل 
العراق. 

هكذا كنت أفكر » بصفة كوني أحد المواطنين العراقيين » ولكني في 


ينا 


الوقت نفسه فكرت بأني أمثل بلادي في بلدأجني صديق فعلي” أن أقوم بواجب 
التمثيل فتبودلت بي وبين وزارة اللحارجية البرقيات الآنية : 


خارجية - بغداد 1١-4‏ 5و١‏ 


تنشر صحف تركيا أخباراً مختلفة ومتناقضة مستقاة من عواصم العالم عن 
تبدل الحكومة في العراق وأسبابها وغاياها ونتائجها وتأثير ها في سياسة الحكومة 
الخارجية » وتعلق على تلك الاخبار مطالعات وآراء مختلفة حسب أهواما 
ومبادئها نقطة نحن قائمون بملاحظة الصحف وارشاد من يحب بقدر ما تساعدنا 
صفتنا الرسمية وبحتمه علينا مقامنا وواجبنا الوطي نقطة نرى أن ما يهم العراق 
في سياسته ا حارجية بالدرجة الاولى تطمين رجال تركيا والرأي العام هنا . 
أولا" بأن العراق صديق لركيا » ولا يؤثر أي تبدل حكومي ني العراق على هذه 
الصداقة المستندة على الحسيات الاخوية المتقابلة » واتفاق مصا حهما المشتركة في 
السياسة الدولية نقطة ثانياً وان العراق ليس عدواً لبريطانيا العظمى اذ ان رجال 
تركيا المسؤولون يرون انه من مصلحة العراق المحافظة على صداقة الحكومة 
البريطانية » لا سيما في مثل هذه الظروف العالمية المرتبكة » وبعد التقارب 
الاخير بين تركيا وبريطانيا العظمى » واتفاق سياستهما الحارجية بالاخص 
فيما بخص بالبحر الابيض المتوسط والشرق الادنى » عقيب مؤممر مونيرو . 
وزيارة جلالة ملك انكلر ا لنركيا نقطة ثالثاً بأنه لا يوجد تبدل في سياسة العراق 
الخارجية نيحو جاراته وبالاخص ايران لا سيما بعد موافقة تركيا أخيراً بتأييد 
وجهة نظرالعراق نقريباً في خلافنا مع ايران » ووعدها بالسعي لحل الحلاف على 
قدر الاستطاعة تأميئآ لعقد الميئاق الرباعي الذي م له » والذي كان في المدة 
الاخيرة قد نقرر مبدئياً توقيعه في ا حريف القادم بطهران نقطة ارسلوا الجواب 
برقياً 


عراقية 


16 


وفي اليوم التالي تلقيت الحواب الأثي : . 
عراقية .- أنقرة واف بمو 


جواباً على برقيتكم 4 تشرين الثاني نقطة نويد جميع آرائكم » ونرجو 

اهتمامكم في افهام من يجب ان سياسة 5 الانجاه . 
خارجية 

وعلى أثر تسلمي هذه البرقية قابلت وزير خارجية تركية » وأفهمته بحقيقة 

وضع العراق » ثم أرسلت الى بغداد البرقية الآنية : - 
خارجية ‏ بغداد 1١-5‏ "موا 

التركية وشرحت له سياسة ا حكومة ا خارجية على ضوء تعليماتكم ثقطة شكر ني 
على ذلك » وأظهر اطمئنانه » وتمى للعراق التقدم والري باسم الخكرمة 
التركية » والتمس مني ان أقدم نحياته الخالصة لفخامة رئيس الوزراء وتمنياته. 
الطيبة لموفقيته نقطة أكد وعده بالسعي الحسم الحلاف بينا وبين ايران نقطة 
أرجو تزويدي بالمعلومات اللازمة عن سير المفاوضات مع ايران باستمرار 
لأتمكن من القيام بما يحب في هذا الشأن نقطة سنذيع غداً بياناً بواسطة آرا حقولي 
آجانسي عن سياسة ا حكومة ا لحارجية لتنوير الرأي العام هنا . 


عراقية 
استدعائي إلى بغداد 
وبعد اسبوعين تلقيت هذه البرقية : 
عراقية - أنقرة 11١-14‏ موا 


ما يلي لفخامة الوزير المفوض نقطة اذا تتمكن من المجيء المذاكرة 


١ ل‎ 


وترغب أرجو الاجابة برقي لكي يبرق إليكم رسمياً . 
الحارجية ‏ الفارمي 


فأجبت على هذا السؤال بالرد الآني : 
خارجية ‏ بغداد وراك بوظوا 

ما يلي لمعاللي نصرت الفارسي نقطة لا مانع لدي نقطة سأحضر بغداد 
للمذاكرة عندما أتلقى البرقية الرسمية فقط . 

ناجي - عر اقية 

فجاءني هذا الطلب : 

عراقية ‏ أنقرة 5-١5-1موا‏ 
الى فخامة الوزير المفوض نقطة يرجى حضوركم للهمة تتعلق بوظيفتكم 

وابراق تاريخ حركتكم نقطة . 


كان أول من زارني » بعد وصولي الى بغداد » السيد حكمت سليمان 
رئيس الوزراء ووزير الداخلية بالوكالة . وبعد أن رحب بمقدمي قال انه ترك 
منصب وزارة الداخلية شاغراً » واحتفظ به وكالة لأجل أن يسنده الي . 
وسألني عما إذاكنت أوافق على مؤازرته '.تستىله دعوة بكر صدتي الى داره 
وأحضر أنا أيضاً لتناول الطعام سوية » فيتم التعارف فيما بيننا . فلما اجتمعنا 
وشرعنا في تناول الطعام » كنت أراقب حركات الرجل وأستمع الى أحاديثه 
لأكتشف ما يحيط به من غموض » فما زادني ذلك إلا كرهاً ورغبة في 
الابتعاد عنه . وفيما أنا أفكر - في اليوم الثاني - في كيفية توريط نفسي في 
هذا الأزق الحرج » واذا بوزير المالية محمد جعفر أبو التمن » ووزير 
المواصللات والاقتصاد كامل الجادر جي يجيئاني بالفتح المبين . فقد اجتمعنا في 


ا 


احدى الزيارات فقال لي أبو التمن : انه وزملاؤه » يعدوني أحد أركان 
الوزارة القائمة سواء كنت في بغداد أو في أنقرة » وانهم وإن كانوا يرحبون 
ببقاني زميلا هم في بغداد » إلا" انه يتعذر عليهم ايحاد شخصية أخرى تستطيع 
أن تمثل العراق لدى تركية في الوقت الحاضر » وان وزارة الداخلية ستبقى 
شاغرة لأجلي . 

شكرت أبا التمن من الصميم على انقاذه إياي من الورطة الي ورطت 
نفسي ببا . فلما اجتمعت بحكمت سليمان مرة أخرى قلت له : أظن انه قد 
حان وقت عودتي إلى أنقرة . فأجابني على الفور : حسبما تشاء . فرجعت الى 
مقر عملي وأنا مرتاح الضمير » وبعد بضع سنوات أعلمي كامل الجادرجي 
ان الجماعة لم تكن راغبة رغبة صادقة لأن أزاملهم كوزير للداخلية خشية من 
أن أكون المسيطر على الامور . 


حوادث منوعة 

١‏ - بينما كنت أستمع الى الاذاعات العالمية بالراديو مساء الحادي والعشرين 
من شهر كانون الثاني 1418 » اذا بي أفاجأ بنبأ انتقال ياسين الهاشمي الى 
دار البقاء أثر نوبة قلبية أصابته » وهو في بيروت » ففقدت البلاد بمونه 
زعيماً سياسياً محنكاً قل" ان أنجب العراق مثيلا” له . رحمه الله برحمته 
الواسعة . 

١‏ - تقضي الاصول الدبلوماسية بأن تكون مدد بقاء السفراء والوزراء المفوضين 
مثلين لبلادهم ني البلاد الاخرى ثلاث سنوات » قابلة للتمديد أو التجديد؛ 
وبالنظر لانتهاء السنوات الثلاث على مفوضيي في أنقرة » فقد صدرت 
الارادة الملكية في الحامس عشر من نيسان ١977‏ بتجديد خدمي كوزير 
مفوض في أنقرة . 

وصل إل أنقرة وزير نخارجية العراق الدكتور ناجي الاصيل ومعه مدير 


م١‎ 


الحارجية العام السيد نصرت الفارمي * تلبية لدعوة وجهها إليهما وزير 
خارجية تركية لبحث موضوع تمديد اتفاقية الحدود » وتبادل الكتب 
الخاصة بها . فد كانت الاتفاقية تنص في الاصل على ان تجتمع لحنة الحدود 
كل ستة أشهر مرة » فبرك أمر الاجتماع ني التعديل إلى اتفاق بين 
الحكومتين . وبعد مرور سنتين على تاريخ تبادل المذكرات يجوز فسخ 
الاتفاق بموافقة الحكومتين . ان الاتفاقية المذكورة كانت قد استنفذدت 
غايتها ولم تبق” حاجة إليها . وببذه المناسبة فقد أقام وزير خارجية تركية 
مأدبة عشاء على شر ف زميله الوزير العرائي وي داره » وقد حضر رئيس 
الجمهورية الى هذه اللمأدبة بعد العشاء ليرحب بنفسه بالوفد العراتي » 
وليحضر ال حفلة الساهرة الي استمرت حبى الصباح حسب العادة . وقد 
رغب السيدان الاصيل والفارسي أن يزورا استنبول زيارة خاصة » وتمضية 
ثلاثة أيام فيها » فسافرت معهما وقضينا الايام الثلائة هناك قبل عودة الوفد 
إلى بغداد. 


المعاهدات بين العراق وإيران 


قبل أن يعود الوفد العرائي من تركية إلى العراق:» وجه وزير الحارجية 
العراقية دعوة رسمية إلى زميله وزير خارجية تركية لزيارة العراق . وتقضي 
الاصول المتبعة في مثل هذه الدعوات » أن يصحب ممثل الحكومة الداعية » 
وزير الحارجية المدعو عند زيارته الرسمية لبلد الممثل » وعلى هذا غادرت 
أنقرة مع الوفد التركي » وبلغنا بغداد في 71 حزيران /ا19 . 

كان الوفد العركي برئاسة وزير ا حارجية توفيق رشدي آراس » وعضوية 
وزير الاقتصاد جلال بايار » الذي أصبح فيما بعد رئيساً للجمهورية التركية » 
م مديراً لمصرف سومر وموزان أسعد . وعند مرورنا با موصل علمنا باستقالة 
الوزراء الأربعة من مناصبهم الوزارية وهم : محمد جعفر أبو التمن » وكامل 


وح 


الجاس جي ١‏ وصالح جبر » ويوسف ابراهم » وقد استاء الوفد المذكور من 
هذه المفاجأة الغريبة » وحسبها عدم ارتياح الوزراء المستقيلين لزيارتهم للعراق 
ولكن سرعان ما تبدد سوه ظنهم هذا » بعد أن عرفوا أسباب الاستقالة. 
وقد أستقبل الوفد في محطة القطار في باب المعظم استقبالا” حسناً » وأنزل في 
القسم الخاص بالضيوف في البلاط الملكي » ثم حظي بمقابلة الملك غازي , 
وأقيمت على شرفه مأدبة عشاء في المساء تلتها حفلة ساهرة في حدائق بهو أمانة 


العاصمة : 


وارتأت الحهات العراقية المسؤولة أن يستفاد من وجود الوفد التركي ني 
العراق » واعتزامه السفر الى ايران» فقررت تأليف وفد برثاسة وزير اللحارجية 
العراقية ليزور ظهران » ويسعى حل الحلافات المتأزمة بين الحكومتين : العراقية 
والايرانية » ولا سيما وقد سبق لنركية ان أظهرت استعدادها لمساعدة العراق 
وحل مشكلاته مع ايران . وهكذا استطاع الوفد العرائي أن يوقع مع الحكومة 
الايرانية في طهران على معاهدتي الحدود والصداقة » وعلى ان تعد ملاحق 
هاتين المعاهدتين كاتفاقيات حسن الحوار » وتبادل المجرمين » والحنسية ) 
والاقامة » والقنصلية » وكذلك استطاع الوفد العراقي ان يوقع معاهدة عدم 
التعدي بين العراق وايران وتركية والافغان » وهي المعاهدة الي بدأنها وزارة 
الهاشمي المستقيلة » وسميت 4( ميثاق سعد آباد ) وقد نشرت نصوص هذه 
المعاهدات كافة في ص #*٠ "١5‏ من الحزء الرابع من كتاب تاريخ الوزارات 
العراقية للحسي فليرجع إليها من أحب الاطلاع عليها » أو الاستفادة من 
المعلومات اللخاصة بها . 

لقد اقترحت الحكومة العراقية انضمام المملكة العربية السعودية الى ميثاق 
سعد آباد » ولكن الحكومة التركية عارضت الاقتراح على أساس انه سيزيد 
من شبهات الانحاد السوفيي في هذا التكتل . اذكان يعتقد منذ البداية ان الغرض 
من عقد هذا الميثئاق تطويقه من جهة الحنوب » "ما ان المملكة العربية السعودية 


مم 


نفسها اقترحت تأجيل الانضمام إلى وقت آخز يكون أكثر ملاءمة. هذا وقد 
كلفت بالسفر الى طهران مع الوفد فاعتذرت عن ذلك » متذرعاً بحاجبي الماسة 
إلى الراحة في بغداد » إذ كنت غير مرتاح من حركات بكر صدي وتصرفاته 
أثناء اجتماعاته المطولة والمنفردة مع وزير خارجية تركية » وكانت نظرني 
ي مناسباتنا مع تركية أن يلزم العراق بالوسط فلا نجعلها ترتفع فتحرقنا . 


انه لشي ء غريب ومضحك بي بعض الاحيان ان يحشى بعض الساسة جانب 
لبعض الآخر والعكس بالعكس . فمنذ وصولي مع الوفد الركي إلى بغداد » 
أعاد حكمت سليمان اقتّر احه السابق على" بأن أقبل منصب وزارة الداخلية فوراً 
لأن ادي لويات أعدة بأن جماعة أ الندى والجعا رسي والشيوعيين يدبرون 
لفسا مظاهر 6 افك توزارئة 6 :وإحداث شفيه- في -يغكداه أثناء وجوه 
الوفد العركي فيها . و اليوم نفسه يزورني كامل الجادر جي ويبدي تخوفه من 
أن بأمر بكر صدي بقتله هو وزميله جعفر أبو التمن الذي رأى من المصلحة 
ان يرك بغداد فئرة من الزمن » وقد سافر الى ايران فعلا . 

لا أعاد حكمت سليمان اقبراحه على" بأن أدخل معه وزيراً للداخلية » 
الأرحت عليه آن يتغل عل وزارمة تغديلاة أساسيا بآن باد تصررت الفارسى 
وزيراً للخارجية » وابراهيم تمال وزيراً للمالية » وجميل المدفعي وزيراً للدفاع » 
وينقل ناجى الاصيل الى وزارة المعارف ٠»‏ وعبد اللطيف نوري الى المواصلات 
والاقتصاد » وأكدت له ان دخول المدفعي وزيراً للدفاع سيؤدي إلى تقليص 
هيمنة بكر صدي وتدخلاته » وإذا ما ثم التعديل وفق الحطة المقترحة فواجبه 
سيكون السماح للذين شردهم بكر صدي بالعودة إلى العراق . ار حت هذه 
الامور على حكمت سليمان ولكني كنت في قرارة نفسي وائقا بأن حكمت 
لن يقدم على مثل هذا التعديل » لثلا يغيظ بكر صدني . وفكرت بأن عدم 
أخذ حكمت بهذه المقترحات سيعني اني خلّصت نفسبي من الدخول ني 
(عليقة ) يحرّها بكر صدتي » وقد علمت فيما بعد ان بكرا كان يضمن لي شرا 


قا سيرة وذكريات )٠١(‏ 


ولكن الله خلصني وغيري من شروره وبطشه بعد أقل من سُهرين من مغادرني 
مع ألوفد عائدين إلى أنقرة . 

قبل أن يغادر الوفد بغداد بليلة واحدة » أقام السيد ناجي الحضيري مأدية 
عشاء خاصة فيقصره بالأعظمية بالنيابة عن بكر صدي » أعقبتها سهرة استمرت 
حبى الصباح » واشيرك فيها ( جوق جالغي بغدادي ) كان فيه بعض الراقصات 
الغربيات والشرقيات » وقد جيء ببن من الكاباريات فكانت من الحفلات 
الحمراء النادرة »؛ وقد اختلط مها الحابل بالنابل 5 


مقتل بكر صدقي 


دعت حكومة الحمهورية التركية حكومة العراق الى ايفاد وفد عسكري 
لحضور مناورات الحيش التركي » الي كانت نجحري عادة في أواسط آب من 
كل سنة » فتألف الوفد برئاسة بكر صدقي » وعضوية أمير اللواء حسين فوزي» 
والمقدم نور الدين محمود » والرئيس الاول رفيق عارف . فلما علم خصوم 
بكر بهذه الدعوة » قرروا انتهاز الفرصة لاغتياله بين بغداد والموصل مهما 
كلفهم الامر . وقد ثم هذا القتل يمطار الموصل يوم ١١‏ أب ١9170/‏ ؛ وم معه 
قتل الطيار محمد علي جواد لما هم بقتل قاتل بكر صدثي . قتلهما عريف من 
تلعفر يدعى نصر الله وقد استخدمه الضابط محمود هندي لهذه الغاية » ولا 
استبعد أن يكون لكل من نوري السعيد وطه الحاشمي يدا في تدبير هذا الاغتيال 
أو التحريض عليه . 

كنت أي صيف /197 أقيم على ساحل البوسفور في مصيفي على عادني 
في كل سنة » وكانت وزارة الحارجية العراقية قد أبرقت إلى المفوضية في أنقرة 
تخبر ها عن تاريخ حركة الوفد من بغداد وتاريخ وصوله الى اسطنبول » وكانت 
الحكومة التركية قد أعدت استقبالاة حافلا” لبكر صدثي » وقررت اعتباره 


اح 


ضيف على الحكومة: وكان علي أن احضر الاستقبال والحفلات الي ستقام له 
على سبيل المجاملة » و لكن عواطفي كانت ضده . وكنت على وشك ان أعلن 
غارضي لأتخلص من ذلك كله فأنقذتني المقدرات من ذلك ٠»‏ وأنقذت بلادي 
من شر أبناتها . ففي نحو الساعة الثانية من :بعد ظهر الثاني عشر من آب » دق 
التلفون في الدارء واذا بسكرتير المفوضية يقول: بشارة يابيك. برقية من 
بغداد خلاصتها قتل بكر صدي في مطار الموصل» فذهبت إلى دار طه الهاشمي 
على الفور » ونقلت إليه هذا الحبر » فسر به سروراً عظيماً » ولكبي كنت 
أقرأ على ملامح وجهه بأني لم أكن سباقاً لزف هذا الحبر له . هذا وقد واصل 
الوفد العسكري العراقي سفره بعد أن نيطت رثاسته بحسين فوزي فاستقبل 
استقبالا” رسمياً .» وأنزل ضيفاً على ا حكومة التركية . 

قوبل مقتل بكر صدثي في الأوساط التركية بأسف بالغ » ولا سيما وقد 
كان في طريقه إلى بلادها » وكانت الحكومة التركية تعلق آمالا” عظمى عليه 
وعلى حكمت سليمان في توطيد أواصر الصداقة والمحبة بين العراق وتركية إلى 
درجة لم أكن أنا لأستحسنها » ولو كنت أعتقد ان مثل هذه الصداقة قد تفيد 
العراق كثير ا . ولما قابلتوزير الحارجية الركية بعد حادثة القتل لم أجده مستاء” 
استياء شديداً فقط » وإنما وجدته يحخشبى أن يؤدي هذا الحادث الى إجبار 
حكمت سليمان على التخلي عن الحكم , ومن ثم إلى تردي العلاقات بين تركية 
العراق. فطمنته بدوري قائلا” : اني لا أعتقد بأن تأني إلى الحكم ني العراق 
أله وزارة 'تغيز:سبابة المراق الوورة والاخوية تحوكم فاطمأن . وكان علي أن 
أوافي بغداد بذلك فأبرقت ما يلي : - 

خارجية - بغداة 4م و١‏ 

قابلت وكيل خارجية تركية وطمنته عن الحالة الداخلية في العراق وعن 
السياسة ا حار جية . ارى من المناسب نخويلي بتصريح كما يلي : ان سياسة العراق 
الخارجية هي عين السياسة البي استنها المغفور له جلالة الملك فيصل ٠‏ واتبعتها 


حكن 


جميع الوزارا تالمتعاقبة نمقطة ان الوزارة ال حاضرة ستحافظ على صلات الصداقة 
والود المتبادل مع الحكوهة البر يطانية» وفقاً للحلف ال معمود( بين العراق وبينها ) 
كما امها ستحافظ على صلات الاخوة والصداقة مع جاراما تركيا وايران» 
تلك الصداقة المستمدة من المعاهدات والمنافع المشيركة بين العراق وبين تلك 
الدول الصديقة وستقدم الحكومة العراقية بأسرع ما يمكن الى مجلس الامة 
المعاهدات الحديدة المعقودة بينها ودين ايران » وميثاق سعد آباد » وستبذل كل 
جهدها لادامة وتنمية هذه الصلات ا حسنة الموجودة الآن مع حليفتها بريطانيا » 
ومع جاراما تركيا وايران نقطة . وستحافظ الحكومة على حلف الاخوة العربية 
وتسعى لتأييد واستمرار وتنمية هذه العلاقات والروابط الاخوية الموجودة بينها 
وبين الدول العربية» وستكون سياسة الحكومة العراقية الحارجية مع جميع الدول 
سياسة صداقة وسلام. نقطة أنتظر الحواب برقياً نقطة ناجي نقطة . عراقية . 
وقد ردات وزارة الحارجية العراقية على برقيي المذكورة بهذا الحواب : 
عراقية ‏ أنقرة 4م لم9١‏ 
جواباً على برقيتكم 8-١4‏ نرى أن يكون التصريح كما يلي : - 
ان سياسة العراق ا حارجية هي عبن السياسة الي سنها المرحوم الملك فيصل 
وأيدها الملك غازي واتبعتها الوزارات المتعاقبة . 
١‏ ان الوزارة الحاضرة ستحافظ على الصلات الودية مع الحكومة البريطانية 
على أساس الحلف المعقود بين الطرفين . 
ع ما اها نحافظ على صلات الصداقة مع جاراها تركية وايران والمملكة 
العر بية السعودية وسائر الممالك الشرقية . 
وستبذل الوزارة جهدها لمنفعة واتماء هذه الصلاات والعلاقات 5 
 "‏ ستقدم بأسرع ما يمكن الى مجلس الامة لوائح المعاهدات اللحديدة المنعقدة 


284 


؛ كما امها ستحافظ على حلف الحكومات العربية . 
ه والخلاصة ان سياسة الحكومة العراقية مع جميع البلاد سياسة صداقة وسلام. 
خارجية 


معنونة الى مفوضية أنقرة صورة الى بقية المفوضيات والقنصليات . 


نقلٍ إلى القاهرة 
فوجئت في الحادي والعشرين من آب ١9411/‏ بتسلم هذه البرقية : 
عراقية ‏ أنقرة الام لصوا 
الى فخامة ناجي شوكت : 


ترغب الحكومة في اسناد مفوضية مصر إليكم لآن النية متجهة لتعيين السيد 
حكمت سليمان وزيراً مفوضاً في أنقرة نرجو ا حواب برقياً . 


خارجية 
وقد أسرعت بتطيير الحواب الآفي : - 
خار جية ‏ بغداد م لموا 
موافق نقطة ناجي 
وبعد تمانية أيام طيرت هذه البر قية 
خارجية - يغداد ادم لاوا 


نشرت صحف اسطببول اليوم برقية من بغداد مفادها انه قد ثم تعيين 
حكمت سليمان إلى مفوضية أنقرة وتعييي لرئاسة الديوان الملكي نقطة هل 
يوجد هذا ا حبر صحة نقطة أو هل تقرر تحويلي إلى مفوضية مصر نقطة أرجو 


الكل 


اخباري بحقيقة الحال برقياً لأتمكن من أن أبت في مصيري نقطة ناجى . 


عراقية 
فكان الحواب ما يلي  :‏ 
عراقية ‏ أنقرة ١-فو_‏ بلسمو١‏ 
رجحنا بقاءكم خار جية 


وهكذا أسدل الستار على هذه القضية . 


زيارة توفيق السويدي لآنقرة 


زار توفيق السويدي أنقرة زيارة خاصة في الاسبوع الاول من شهر 
تشرين الاول 194817 م » فهيأت له وزارة الحارجية التركية مقابلة مع رئيس 
الجمهورية مصطفى كمال بحسب رغبته . وقد تمت المقابلة لكنها لم تستغرق 
أكر من نصف ساعة . 

لم أكن أتوقع أن يجهل توفيق السويدي الأعراف والاصول في مثل هذه 
المقابلات . فعندما يقابل رجل سياسة في دولة ما » رئيس دولة أخرى لا يجوز 
له أن يستأذن الانصراف من رئيس تلك الدولة أو ينهي المقابلة» بل عليه أن 
ينتنظر إشارة لبقة من رئيس الدولة أو الملك كأن يقول : سعدت بمقابلتكم هذه 
وأرجو أن تتكرر مثل هذه الزيارات لبلدنا » م يتململ قليلا” ويستعد للنهوض 
فيقوم رئيس الدولة وعندها ينهض الوزير ويمد الرئيس يده لمصافحة زائره 
وتنتهي المقابلة . أما توفيقنا السويدي فقد نظر إلى ساعته في وقت كان الحديث 
ما يزال جارياً » واستأذن بالحروج مما سبب استغراب الرئيس التركي ووزير 
خارجيته الذي حضر المقابلة فلما عدنا إلى دار المفوضية قلت لتوفيق : انك 
خرقت الاصول والاعراف باستئذانك الحروج قبل نباية الحديث فقال لي : 


لض 


العتب عليك لأنك لم تنبهي إلى ذلك فأجبته : انك أشغلت عدة مفوضيات 
وسفارات وتقلدت منصب وزارة الحارجية » ومنصب رئيس الوزراء » فلم 
بخطر على باللي انك نجهل أمور البروتوكول ببذه الدرجة . ومن المؤسف ان 
نوفيقنا هذا اعتبر هذا التنبيه اساءة له بقيت تتغلغل في نفسه مدة من الزمن دون 
أن ينساها . 


وفاة أتاتورك 


كان رئيس الحمهورية الركية مصطفى كمال أتاتورك يشكو من تشمع في 
الكبد » وقد اشتدت وطأة هذا المرض عليه على أثر اختلافه مع رئيس وزرائه 
عصمت اينونو على قضية اسكندرونة . فقد كان الرئيس ركب قطاراً خاصاً 
وأمره بالتوجه إلى اسكندرونة واحتلالها » على حين أن اينونو أمر بعودة هذا 
القطار عندما كان أتاتورك يغط في نومه . لقد كان تصرف اينونو حكيماً » دون 
شكء ولكن أتاتورك لم هضمه فسكتعلى مضض » حى اذا حدث خلاف بين 
الرجلين على السياسة الحارجية» إذ كان أتاتورك يميل الى التفاهم مع انكلتر ا 
وفرنسه على حين ان اينون وكان يفضل ال حياد وعدم اغضاب الاتحاد السوفيتي » 
وعلى هذا منح الرئيس الركي رئيس وزرائه اجازة شهر ثم أجبره على تقديم 
استقالته من منصبه . 

أمضى أتاتورك صيف عام ١978‏ في اسطنبول وقد اشتد عليه المررض 
فانتقل إلى رحمة الله في العاشر من نشرين الثاني ١978‏ ونقل جثمانه الى أنقرة : 
ثم جرت حفلة دفنه في بيت الشعب باحتفال مهيب اشتركت فيه وفود كبيرة 
من دول العالم أجمع . وكان الوفد العراقي نحت رئاسني ومن أعضائه اللواء 
اسماعيل نامق » وصلاح الدين الصباغ » وضابطان مرافقان » ثم.شيد له ضريح 
خاص كلف الدولة عشرات الملايين من الليرات التركية فكان ذلك وفاء لهذا 
الرجل الحليل وهو به جدير. وقد انجهت الانظار - بعد وفاة أتاتورك ‏ إلى 


"1١١ 


ثلاثة هم : عصمت اينونو» وفتحي أوقيار » والمارشال فوزي جاقماق 
رئيس أركان الحيش ليخلف أحدهم الرئيس المتوفى في رئاسة احمهورية . 
أما رئيس أركان الحيش فقد فضل البقاء في منصبه » وأما أوقيار فقال انه لا 
يصح ترشيحه لسدة الرئاسة » مع وجود اينونو » وهكذا انتخب مجلس الشعب 
التركي اينونو رئيساً لحمهورية تركية فكان خير خلف الحير سلف . 


رشيد عالي يحل" ضيفاً علي" 


جاء رشيد عالي الكيلاني الى استنبول ليقضي شطراً من صيف عام /ا91١‏ 
ضيفاً علي » وعلى أخيه كامل الكيلاني » فكنا نجتمع على الدوام » ونناقش 
أوضاعنا الماضية » ونبدي أسفنا على ما ظهر من أخطاء . وقد قلت له ذات 
يوم : اني كل ما أطلبه منك أن لا يصيبك الغرور بعد الآن » وان تستمع الى 
نصائح أصدقائك الصادقين » ولا تركن الى نفاق المتملقين » فصديقك من 
صدقك لا من صداقك . ثم استعر ضنا أوضاع العراق في عهد بكر صدثي - 
حكمت سليمان » وعهد جميل المدفعي - واتفقنا على تشريك المساعي مع طه 
الهاشمي . ونوري السعيد . على أن يكون طه المهاشمي على رأس الحيش » 
وأن أبقى أنا في أنقرة في انتظار الاخبار الي تردني من نوري وأصدقائه في 
بغداد » وأن لا تتكرر أخطاء الماضمي كعقد مؤتمرات الصليخ . والاستعانة 
ببوسات القبائل لبلوغ الكراسي الوزارية » والتزام فريق دون فريق » وأن 
يتجنب سفك الدماء والاغتيال والانتقام . 

أما ( الاساس ) الذي سيتكرر ذكره في رسائل رشيد الآني نصوصها 
فقد كان الممقصود به التخلص من العائلة المالكة بصورة من الصور . فد كنت 
ما أزال أعتقد انه لو أمكن التخلص من العائلة المذكورة » وتبديل نظام الحكم 
في العراق من ملكى إلى جمهوري » من دون سفك دماء أو اعتداء على أحد . 
قال سكون الحل الافضل لمشكلات العراق الكثيرة . أما اذا تعذر التخلص 


ندلض 


من العائلة المالكة فيجبمراقبة الملك مراقبة شديدة بتعيين رئيس لديوانه يكون 
قديراً ومخلصاً ومقدراً لواجباته » وأن يحاط الملك بحاشية نزيبة ومخلصة » على 
أن يرك له التمتع بحريته الشخصية داخل قصره فينعم بشربه وأنسه » ولكن 
بصورة مستورة » فلا تتكرر الفضائح السابقة . 

كان هذا مجمل الحديث الذي دار مع رشيد في استنبول » واتفقنا غليه » 
ثم سافر إلى لبنان ومنها الى بغداد . وقد رأيت أن اختار من بين عشرات 
الرسائل الي تسلمتها من الكيلاني المومى إليه » سواء أكان ذلك من لبنان أم 
من العراق » في تواريخ مختلفة » أختار تسعاً منها فأنشرها هنا بالتسلسل » 
كنا أختار رسالتين من رسائل نوري السعيد البي بعث بها إلي ليكون في استطاعة 
قارئها أن يلم" بما دار وجرى ني هاتيك الايام حتى اذا ألف نوري السعيد 
وزارته الثالثة في 7٠‏ كانون الأول ١978‏ وأبرق إلي مستفسراً عمًا اذا كنت 
أقبل الاسهام في الحكم كوزير للداخلية» وافقت على طلبه على أساس ان هذا 
هو رأي الحماعة في بغداد » وقد اتفقوا عليه وما علي إلا" الاذعان والقبول . 

وفيما يلي نصوص رسائل رشيد عالي التسعة وبعدها رسالتان من رسائل 
نوري السعيد . 


: الرسالة الاولى‎ 7١ 
١9171 لبنان ه أيلول‎  ةيلاع‎ 

سيدي الخ 

بعد تقديم الاحتر امات الفائقة والاشواق المتكائرة واني لأبدأ في كتاني 
هذا أولا” بتقديم الشكر الحزيل على ما أظهرتموه نحوي » عندما كنت 
هناك » من لطف وعناية أخوية . وصلنا إلى هنا أمس صباحاً بالصحة 
والسلامة من فضل الله ولم نصادف ف البحر أي تموج يزعج . في يوم 
وصولي نحققت عن قضية تعيين عديل حكمت ( صاحب العفة ) الى 


م 


- 5 


أنقرة ففه ت الها أوقفت » بل صرف النظر عنها » ولا بد إلى الآن 
أبرقوا إليك . ورأيت هنا آراء العراقيين هنا وغيرهم من هذه القضية 
وكتبوا إلى المدفعي بك يضاً . 
ان نوري باشا سيصل الى هنا حوالي ١١‏ أو ١5‏ من أيلول . سمعت ان 
نحسين بك العسكري عين مديراً للري العام . ولم يستجد بعد شيئاً . 
وبالحتام أرجو عرضص- احير اماتي الى والدة طلال وإلى العمة المحتر مة ودم 
في خير وسرور عزيزي الاخ . 

المخلص : رشيد عالي 
الرسالة الثانية : 

بيروت 7١‏ أيلول "7و١‏ 


عزيزي الاخ : 

نحية عاطرة واحير اماً فائقاً وبعءد : فنحن في صحة تامة من فضله تعالى . 
واني رأيت من الاحسن أن أبقى الى أواخر تشرين الاول » أي بعد انجاز 
الانتخابات النيابية . ان جميل بك المدفعي لم يشر علي بذلك ولكني أنا 
ونوري باشا رأينا ذلك . واني قد واجهت نوري باشا مراراً وفانحته عما 
جرى بيننا أساس التفاهم وهو ارتاح لذلك ولم ندخل في التفصيل لأني 
أحب أولا" أن يستقر باله ( فهو يرى ان أول عمل نعمله هو تمهيد السبيل 
- الاساس - للتمكن من الحدمة للبلاد ) وحسب ما فهمت من ناجي 
باشا السويدي انه هو وأخوه والمدفعي حصل التفاهم بينهم غلى ذلك . 
وقد رجع ناجي باشا الى بغداد ينتظر رجوع أخيه توفيق بك إلى بغداد 
في ١؟‏ أيلول ١98"‏ . وأما االحانب الآخر فحسب مافهمت لا 
يعارض على العمل في هذا السبيل - الاساس - وعلى كل » الذي يئر آى 
لنا انه لا بد من تبدل الوضع في أوائل تشرين الثاني أو بعده بقليل . 


"1 


ان نوريباشا صرح في الصحف هنا انه يح بأن نبتعد عن فكرة الانتقام » 
وأن تعمل حكومة العراق على إزالة الغوامل المشجعة لتكرار .مثل تلك 
الحوادث المؤلمة . وقد أرسلت الصحيفة هذه إلى كامل فلا بد يطلعك 
عليه . وأرجو أن تقرأ جريدة القبس الي أرسلتها الىكامل أيضاً في هذا 
الاسبوع وقد تحدثنا فيها عن جميل بلك المدفعي فنحن نعتقد أنه اذا إطمأن 
من معاضدتنا له فانه يكون أكثر حزم ومن الله التوفيق . واني لا زلت 
أتواجه مع الاخ نوري باشا فكلما استجد شيء عندنا أخبرك به . وان 
وزارة المدفعي لم تعمل شيئاً بعد سوى نقل وتعيين ال موظفين حسبما 
اطلععم في الصحف . وقد رأيت الكثير ين الذين أتوا من بغداد غير متفائلين 
من وضع الوازرة ولكن يحب علينا أن ننتظر ( إذ لعل هناك عذر وأنت 
تلوم). 

أما وضعية حكمت سليمان فوضعيته أليمة . أناني بعض المختصين به 
والمحبين إليه » وقد حدثئني عنه وعن حياته الآن في بيته وقال لي : انه 
لا يستطيع أن يخرج.من بيته بحريته » وحتى انه يقبع في داره قبل غروب 
الشمس » ولا يشعل الضوء فيه » ويجلس بي غرفة لا يتبين الضياء منها 
إلا" من شبا بيكهاء ويشرب العرق بكثرة» و بمضي ليله بالتأوه وبالسكون 
الذي لا نجله غير أناته المحرقة الي مخرج من فمه بين آونة وأخرى . وعلى 
كل ان الله عادل ( منتقم ) . « وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون » . 
ان سامي بك وصل بغداد منذ أسبوع وان عائلته ستسافر بعد يومين الى 
بغذداد. 


وبالحتام أرجو تبليغ احير اماني القلبية إلى أم طلال » ودم قي خير وسرور 
عزيزي الاخ . 
المخلص : رشيد عالي 


لفن 


لابن الورساف الثالقة : 
عاليه لبنان  ١١‏ تشرين أول 8و١‏ 

عزيزي الاخ ناجي بك شوكت 
نحية عاطرة وأشوافاً وافرة وبعد . فنحن في صحة وعافية من فضل الله 
تعالى . ولا بد وصلك كتابي الثاني الذي أرسلته قبل هذا . لا شي ء جديد 
في بغداد » وائما الشيء البارز هو ضعف الادارة : بل ضعف قوة 
الحكومة . فان وضع العشاير لم يتغير عما كان في زمن حكمت » بل 
لا مبالغة إذا قيل بأنه زاد توتراً » وان التعيين والنقل الذي جرى أخيراً 
في الموظفين سبب التقوّل » وبعث إلى عدم الطمأنينة . فالآن اضطروا 
أن بمنحوا اجازة الى متصرف الديوانية الحديد عبد الحميد بك لمدة ثلاثة 
أشهر يقضيها خارج العراق . وان رؤساء العشاير المسجونين في زمن 
حكمت في الشمال لم يطلق سراح أحد منهم سوى ان عبد الواحد » 
والسيد محسن » والسيد علوان الياسري » وسلمان الحبار » أخرجوا من 
السجن ووضعوا نحت المراقبة في بيوت داخخل لواء السليمانية واربيل 
وكركوك » والباقون كفريق المزهر والسراكيل الآخرون لا زالوا في 
ظلمات السجن . ولم يعلم مصيرهم اذ ان الحكومة متخوفة منهم ) 
وان الحكومة لم تبدأ في تحقيق مقتل المرحوم جعفر باشا » ولم تعد 
الاجراءات غير الدستورية وغير القانو نية الى حالتها الاولى الطبيعية . 
فأصبح المتفكر ينرقب أمور غير محمودة لونم البلاء المنكودة ويا 
للاسف . ومع هذا اننا تأمل ان جميل بك المدفعي يعالج الامور بالحكمة» 
وندعو الله تعالى ان يوفقه لما فيه خير البلاد . 


اجتمعت اليوم في الاخ نوري باشا السعيد وبعد أن جرى البحث بيننا 
عنك وعن وضعيتك فقال لي - أرجو تبليغ سلامي إليه ‏ أي إليك ‏ 
واني قلت للباشا ان الاخ ناجي بك هو ينتظر ما تقرره بشأن وضع البلاد 


ملضن 


ووضعه » فأجابي : ان اكتب إليكم ما يأتي  :‏ انه أي الباشا ‏ 
على عهده معك » وهو لا زال على تلك الاراء الي اتفقم معه عليه في 
( البسفور ) ولم يطرأ عليها أي شيء . وأما سبب عدم مكاتبته إليك 
فنائبىء عن انه كان كتب إليك كتاباً من مصر » عند ذهابك الاول الى 
بغداد بعد بجيء حكمت الى المظالم » ولما لم يأخذ منك الحواب فلم يشأ 
أن يكتب الثاني » وإلا” فلا يوجد أي تبدل على الآراء الي تبادللم البحث 
فيها عند مواجهته إليك ني ( البسفور ) وأزاد قائلا" إذا كان ناجي بك 
بريد مي رأيآً الآن عن الوضع ووضعه فهو يرى انكم - قد حان الوقت 
المناسب تذهبون الى بغداد ولو بالاجازة أولا” وتسعوا الى تعبينكم أقلا 
عيناً » وتبقوا في بغداد وتشتغلوا أملا” لحل قضية « الاساس » لانه يعتقد 
أن لا مجال الآن لعمل أي شبىء مثمر للبلاد قبل ان تنحل هذه العقدة » 
ويطمئن من ايحاد ٠‏ أساس » يركن اليه وهو ان الباشا في نباية الشهر يسافر 
الى بغداد ويشتغل طبعاً للوصول الى هذه الغاية وأنا سأعقبه . ثم قال لي 
الباشا أن أو ضح لك « بأنه وان كان يرى وجودك في تركيا مفيداً » ولكن 
ذهابك الآن الى بغداد في هكذا ظروف أفيد» . 

فيا عزيزي ان الاخبار الموئوقة الي تصلنا من بغداد لم نجعلنا مطمثنين 
على جريان الامور الى طريق الاستقرار مع الاسف . ان علي جودت 
بك الآن هنا في بيروت » وهو يصرح بأنه لا يرجع الى باريس » 
وسيسعى الى أن يعين الى عضوية الاعيان ويبقى في بغداد . وسيسافر 
بعدكم يوم . ان صبيح بك نجيب واجهي طويلا” هنا . وحث لي عن 
اعتماده عليك » ومودتك" له » واني زدته وثوقاً ي ذلك وهو ذهب 
متأثراً مما فهمه من غيري عن ضعف الوضع الحاضر . والراجح يتعين 
الى مديرية لحار جية العامة . 

ان توفيق بك السويدي ذهب رأساً من حلب الى بغداد » ولم يأت هنا 


وبالطبع لم نشاهده . 


ينض 


اني أرى أن تفتح اعادة المخابرة بينك وبين فخامة الاخ نوري باشا , 
وارسل الكتاب اليه اما داخل كتاني أو الاحسن بواسطة الدكتور روضة 
وعنوانه : ( حضرة الذكتور يوسف روضة ومن فضله الى نوري باشا ..) 
فهو يصله يدأ بيد . 
ولا تستغرب من هذا كتابي فيما بخص وضعك » وما هو الراجح » أي 
من ذهابك الى بغداد كما بينت آنفاً ومن كتابي إليك في البقاء الآن في أنقرة 
في كتاني السابق » لأن الامور نطورت والحطر أصبح يتجلى لارأي في 
العراق . وعلى اني سأخبرك بما سيقع أو أسمعه عن الوضع . فأرجو 
المخابرة مع الاخ نوري باشا كما بينت لك يا عزيزي . هذا وبالحتام ان 
أم نبيلة وأنا نقدم احير اماتنا الى أم طلال » وأم نبيلة مهديك احير امانها » 
وأدعو الله تعالى أن بمتعكم الجميع بالصحة والعافية الدائمة مع دوام التوفيق 
عزيزي الاخ . 

المخلص : رشيد عالي 
الرسالة الرابعة : 

بييروت 1١٠١ ١‏ 0و١‏ 
عزيزي الاخ ناجي بك شوكت . 
أول أمس تناولت كتابك المؤرخ ١!‏ منه » وتلوته بكل سرور » شاكراً 
عنايتك بارساله وبما احتواه من عبارات رقيقة وشعور نبيل . 
ان الاخ نوري باشا سافر قبل سبعة أيام الى الشام » واليوم أو بعد غد 
سيغادرها الى بغداد » ولم أتمكن من محادثته بشأن ما جاء في كتابكم . 
واني على ثقة من حسن نيتك في عدم كتابتك إليه مباشرة ( كما اني شخصياً 
قانع كل القناعة بمساعيك البرورة الي بذلتها عند وجودك في بغداد في 
المرتين في سبيل المصلحة العامة من جهة » ومصلحتنا من جهة أخرى ) 


"16 


وافي كنت بحثت مع الاخ نوري باشا عندماكان هنا عن ذلك » وهو له 
علم به ويقدر ذلك . واني على اعتقاد تام عندما يطلع التفاصيل لا يرى 
بدأ من اظهار امتنانه لك على غير تك لبلادك ولاخوانك . سأنتهز أول 
أول فرصة أمينة لمخابرته عما جاء في كتابك » واذا لم أوفق في واسطة 
أمينة أنخابر بها معه عن هذا الموضوع » عند مغادرتي بيروت وذهايي الى 
بغداد . وسأكتب إليك من هناك ان شاء الله ( وارجو أن تكون حذراً من 
المراسلة بالبريد إليه وح إلي الى بغداد ) الى أن أصلها وأخبر ك بالحقيقة . 
وعلى كل أحب أن أو كد إليك بأن الاخ نوري باشا عند وداعه إلي قبل 
اسبوع بحث لي عن ثقته الكبرى بك » وهو يعول عليك كثيراً في خدمة 
هذه البلاد »ء وسترى صدق تأكيدي هذا إليك . 

لا شيء جديد في العراق غير ان الاخبار الي وصلتي قبل يوم : ان 
الاستياء عم الطبئقات تقريباً على اصرار الوزارة في ابقاء رؤساء العشاير 
مسجونين وموقوفين نحت المراقبة في كركوك والسليمانية . ان هؤلاء 
رؤساء العشاير قدموا مضبطة الى الملك والى رئيس الوزراء كانت في 
منتهى اليأس والقوة » ولكن لم تثمر شيئاً . وقد هدد رؤساء عشائر 
الديوانية الاخرين الغير مسجونين في الديوانية الحكومة باعادة الثورة 
اذا هي بقيت مصرة على سجن اخوانهم . ان حالة الموظفين غير مستقرة 
كنا هي حالة االحيش . ان مولود باشا اسقط دعواه على توحله ورفاقه » 
بطلب من رئيس الوزراء بتأثير وزير المالية وحبس توحله سنتين من 
أجل تعديه على بعض الراقصات في وقته ( ان حكمت (أني التمن يتصلان 
بفخامة المدفعي » وهو يتصل ببما » وبدأ يستفيدان من ذلك لاعادة 
مساعيهما الفتاكة كل على مفرده لأن لم حصل تقارب بعد بين حكمت 
وأني التمن ) . 

ليس توجد هيبة حكومية في الالوية » ولم توجد اجراءات حكومية 


8 


صدرت الارادة بتعيين الذوات الآنية الى عضوية الاعيان : 

ناجي السويدي وبحسن شلاش وجلال بابان ومحمود صبحي الدفري 
وعبد الله صائي وعزرة منايم ومحمد علي القزويي ٠‏ وبقيت اثنان شاغرة 
لم يفهم بعد من يعين إليهما ولا بد أن يعيّن كردي لاحدهما . 

عين خليل اسماعيل الى متصرفية العمارة » والسيد هاشم العلوي الى 
مديرية الداخلية العامة » وعبد الرزاق حلي الى متصرفية ديالي » وأمين 
خالص الى متصرفية بغداد . ان أمين خالص واجهي هنا قبل أن يغادر 
بيروت ورأيته مملوءاً غيرة » وأمل أن يكون عند حسن الظن . المفهوم 
ان توفيق بك السويدي سيعين نصرت الفارمي الى مديرية الحارجية 
العامة . ولم ير ان يعين أحد الى مفوضية جنيف » بل يكتفي بتأسيس 
سكرتارية فقط . ان المتنفذ في الوزارات كلها مصطفى العمري . وعلى 
كل ان توفيق بك لم يتحمل ذلك » وكذا ابراهيم كمال . 

ان الاخ نوري باشا يرى قد حان الوقت الى ذهابه الى بغداد ولهذا سافر 
من هنا وطلب إل" أن أعقبه . أنا على كل باق الى مباية هذا الشهر وسأرى 
تطور الحالة . الي أخش ىكثيراً من استياء العشائر . وهذه حالة الحيش . 
والظاهر ان جميل بك المدفعي يتخوف كثيراً من تقرب الاخ نوري 
باشا » وهو لا يسلم بالمقدرة وبالاحقية لكرمي الرياسة إلا لنفسه , 
ويشجعه على ذلك آل السويدي على ما أظن . وهذا أرى التفاهم بعيداً 
بين الاخ نوري وبين المدفعي لا سيما ان وزرائه يرون ص مصلحتهم 
ان يسعوا جهدهم هذا التباعد . أنا آسف ان الحوادث الاخيرة بل 
التكبة المؤلة على العراق لم تزل أثر الضغائن والاحقاد بين بعض 
الرجال . الكلمة متفقة على أن عدم إخراج رؤساء العشاير من 
السجن من كركوك » منبعث من عقدة مصطفى العمري ومن ورائه 
فخامة المدفعي علي عبد الواحد السكر » والسيد محسن » والسيد علوان 


ا 


الياسري » ورفاقهم إذ لا سبب هناك لتأييد سياسة حكمت ومظالم 
حكمت على هؤلاء الرؤساء . فالكل ناطق بهذا اللسان مع الاسف . 
ومع هذا آمل ان فخامة المدفعي يعالجع هذه القضية بالحكمة » ويعتبر 
نفسه انه هو أتى الى رياسة الحكم بعد ثورة عسكرية دامية وانقلاب 
مشؤوم كاد يقضي على كيان البلاد مما يجب أن ينسينا الماضي وأحقاده 
وهذا ما نأمله ان شاء الله . 
اذا ذهبم الى أنقرة أرجو ان تخبروني بعنوانكم الصريح . 
احتراماتي الى أم طلال . أم نبيلة وصلت بغداد في يوم 18 من الشام . 
ودم في خير وسرور . 
المخلص : رشيد عالي 
ه ‏ الرسالة الحامسة : 
بييروت 5١‏ تشرين الثاني ١911/‏ 
عزيزي الاخ : 
أول أمس تناولت كتابك العزيز المورخ ١9/١١1١‏ فأشكر لك 
كثيراً على عنايتك بارساله . وأما سبب تأخر وصوله إلي فنائىء عن 
جهل موزع البريد حيث عند وصوله الى عالي » وعند عدم وجودي 
هناك » كتب على الغلاف انه ( أي أنا ) سافر الى بغداد فأرسل بالبريد 
الى بغداد . ثم كتب عليه هناك بأفي لست موجوداً فيها بل لا زلت في 
بير وت فأعيد ثانية بعد تأخر البريد اسبوعاً بسبب هطول الامطار الغزيرة 
ما بين دمشق - بغداد . وعلى كل فانه وصل إلي سالا على ما يظهر . 
اني سأترك بيروت غداً أي 7 منه الى الشام » واسأتحرك منها في 8 منه 
بالطائرة صباحاً الى بغداد ان شاء الله . والسبب لذهالي هو الي أخحذت 
كتباً من بعض الاخوان يلحون على بالعودة : لا سيما بعد وصول الاخ 


خض سيرة وذكريات )١١(‏ 


نوري باشا . وثانياً لأن الانتخابات النيابية تأجلت الى ما بعد العيد أي 
الى ٠١‏ كانون أول ١911/‏ وثالثاً أن ام نبيلة بقيت وحدها في بغداد لأن 
جزمي ترك بغداد مع عروسه » وهو الآن هنا » وسيسافر الى استنبول 
في 8 منه . وأخيراً لم تبق” حاجة لبقائي هنا بل قد يكون من المفيد ذهابي 
الى بغداد في هكذا ظروف قد عم الاستياء فيه ويحخشى حدوث مصاعب 
في سبيل ادارة البلاد . وعلى كل أسأل الله تعالى أن يقدم ما هو الحير 
والاصلح . 

ان الاخ نوري باشا أخذ موقفاً هادثاً في بغداد وهذا ما نأمله . واني 
سأكون بعيداً الآن من أي عمل ضد الوزارة . وسنتواجه مع الاخ نوري 
باشا وأخبرك ان شاء الله ( وعلى كل لاأشتغل منفردا ب رأي وانما سنوحد 
العمل مع نوري باشا بعد المواجهة عن كل النقاط الي طلبم وضوحها ). 
ومع هذاكما أخبرتك سابقاً فاننا لا زلنا نرى أن يبقى جميل بك في الحكم 
المدة الكافية اذ ندعو الله تعالى أن يوفقه للحير البلاد . ان الاخبار الي 
الي وصلتي من بغداد من منابع متعددة ترمي كلها الى نقطة واحدة 
وهي : ان الوزارة ضعيفة وغير مستقرة . وان المجموع تقريباً لم ينظر 
إليها بارتياح . : 

قبل مدة أي بعد وصول توفيق بك الى بغداد بأسبوع » شاعت أخبار 
نخص نيته على اجراء تبديل في وظائف السلك الحارجي » ولكن لم 
يتمكن أن يعمل أي شيء . ولذلك لا نبتموا بمثل هذه الشائعات . 
وبالحتام أقدم احتراماتي القلبية الى أم طلال ودم بخير وسرور دااً 
لاخيك . 

المخلص : رشيد عالي 


خض 


ع الرسالة السادسة : ١‏ 
بغداد ه نيسان ١917/8‏ 


عزيزي الاخ : 

وصلبي كتابك المشعر بوصولكم بالصحة والسلامة الى مقر وظيفتكم 
فحمدت الله تعالى على ذلك وتحن جميعاً في خير وعافية . 

اني متأسف كل الاسف على ضياع فرصة تشبيعي إليك عند مغادرتك 
بغداد . اني حضرت المحطة حسب الوقت الذي أخبر نا به الاخ صائب » 
عندما كان ليلا في داره معكم » وهو الساعة ور ولكن لم أجد أحداً 
في المحطة واستفسرت القضية فأخبر ت ان الحركة وقعت في الساعة التاسعة 
وعلى كل أرجو قبول المعذرة . والعتب على الاخ صائب ولا شك اي 
عاتبته في وقته. 

الى الآن لم أنظم شغلي الخاص في مزرعني وف بستاني ( ولا زلت نحت 
حمل الحسائر الي تكبد:ها من جراء ابعادي » وما عمله معنا الحائن 
الغددار » الذي لا زلت أدعو الله تعالى أن ينتقم منه وأن يبطش به ببطشه 
الجبار » وعلى كل فالله حسي ونعم الوكيل . 

الاخ نصرت وصل قبل أربعة أيام وذهبت إليه وما وجدته ووضعت له 
بطاقة . ان القوم متحاملين عليه . 

أما الوضعية العامة فهي تتقهقر بسرعةالى الوراء. النفور يشتد يوماً فيوم . 
( الاساس ) غضب عليهم ولم يعلم السبب الحقيقي . ان ناظم مشتاق 
وبعض أصدقائه قبل عشرة أيام تكلموا في احدى الاونيلات ضد الرئيس» 
وضد آمر الفرقة الاولى علناً » وأوقف وأخيراً أطلق سراحه والآن تحت 
المحاكقة. 

وهكذا ترى الانضباط شيئاً فشيئاً . سمعت أمس ان الغنامة في الفرات للا 


رف 


رجعوأ من المراعي امتنعوا عن اعطاء الكودة بتاتاً. ولم يعمل أي اجراءات 
ضدهم حى لان . 

أسأل الله تعالى حسن العافية . الاخ نوري الآن في بيروت وبعد مغادرتك 
كلف عفوضية لندن ثانية » و لا ينبغي عليه أن يتفاهم مع رئيس الوزارة 
وقد أكد عليه هذ التكليف أمين بك العمري وضابط آخر ولما رفض 
نوري ذلك بعدكم يوم نقل صائم وعدنان العسكريين الى قطعات بعيدة, 
واحد إلى جهة كركوك » والثاني إلى البصرة ثم أتى باسماعيل توحلة الى 
بغداد . وقبل عشرة أيام سافر الاخ نوري ولا أظنه يرجع كل الصيف 
إذ يود الذهاب بعد ذلك إلى مصر . وأما أنا فإذا تمكنت أن أدبر ما يلزم 
بعد كم يوم فأرغب السفر خارج العراق إذ ان القوم عجيبين يا عزيزي 
فان سوء الادارة الي “تعودوا عليها تخلق لهم كل يوم نفور وقلق و لكنهم 
لم يحملوا ذلك على سوء ادارنهم وائما الاغراض تدفع بهم الى الافتراء 
علينا . وان جماعة السوء كثيرين وأنت تعلم حالة استنتاجانهم بأي درجة 
مغرضة . ان السفير الحديد معقب عين خطة سلفه . ان الوزارة لا تود 
ان تسمع نصيحة من أني كان من أبناء البلاد » ولا بد سمعت بأي درجة 
ضيقي الصدر . وان الصحف منعت من أن تنشر أي نصيحة لهم » لا في 
المجالس النيابية » ولا عن طريق النشر في الصحف . 

وأنت تعلم يا أخي ان الوضع دقيق لا يتحمل أي اشتغال ضدهم » ووالله 
لسنا قاصرين » وليس لنا نية أن نعمل معارضة ضدهم لا في الداخل ولا 
في الجارج » ولكن لو أردنا النصيحة أو الانتقاد النزيه فتراهم يضجرون 
منه » ؤيعتقدون ان أشخاصهم مقداسة » ونفوسهم طاهرة لا تقبل الانتقاد 
لانهم لا يخطئون ولا يأنون بأي عمل إلا" وهو ناتج من عقل وحكمة لا 
تقبل المناقشة . فدعهم بي طغيانهم يعمهون . 

أم نبيلة وأنا نقدم احير اماتنا القلبية الى أم طلال وندعو إليكم بالتوفيق 


تقض 


الداتم والنجاح عزيزي الاخ . 
' المخلص : رشيد عالي 
٠‏ الرسالة السابعة : 
عاليه ‏ لبنان ١4‏ نشرين اول ١974‏ 
عزيزي الأخ ناجي بك 
أول أمس تشرفت برسالتك الكريمة مع كتابك الى.أخي كامل فأشكرك 
كثيراً على لطفك وعنايتك» وقد أرس ل تكتابك الموجه الى كامل في القدس 
اليه . اذ انه سافر اليها في ٠١‏ منه ووصلها في اليوم نفسه . ولا شك ان 
سفره كان محفوفاً بالاخطار لان الالغام في طريق حيفا ‏ قدس مما يعتتي 
بها الثوار خاصة. وقبل يوم كانوا هجموا على سبع سيارات وسلبوها 
ولكن نحمد الله تعالى على وصوله بالصحة والسلامة . اليوم أخذت منه 
كتاباً وكان يسألي ما إذا تفضلم بارسال كتاب إليه » لأنه هو دانم] لا 
ينساكم ولا ينسى ما أغم رتموه من لطف أخوي طيلة بقائه هناك . 
لا يوجد شي ء جديد ني العراق إلا أن الاخ طه الحاشمي وصل أول أمس 
الى هنا مع ابنه ليدخله الكلية الامريكية فأخبرني بأن الوضع سيء جداً . 
وان الارتشاء عم والفوضى العشائرية ضارية أطنابها في أنحاء العراق , 
والوزارة واجمة عن كل عمل اصلاحي . وان الناس أخذوا يتجمعون 
لا سيما منهم المحامين والشباب ليشكلوا حزباً سياسياً ولم يعرف ما إذا 
كانت الوزارة توافق على منح المؤسسين اجازة أم لا . ولكن المفهوم ان 
من سياستها سد الافواه ولذا لاتفكر اها تساعد على ذلك . ثم قال لي 
بأن بعض النواب بما فيهم هو ء وحيدر » واخوانهما ينضمون كتلة 
برلمانية معارضة وتواجه هنا مع حيدر » وكلمي عن ضرورة سعي لي 


نض 


لتنظيم كتلة في الاعيان تؤازرهم وأنا وان كنا لم نر هذا علاجاً شافياً ‏ 
ولكن لا بأس من عمله . وعلى كل فهو رأيته معزايد فيالتشاؤم على مستقبل 
ان شاء الله في 7١‏ منه الى بغدادء وسأخابرك من هناك اذا وجدتواسطة 
أمينة أكتب لك عن الوضع منتظماً . واذا لم أجد هذه الواسطة فستنحصر 
كتبي بالسلام والسؤال عن الصحة » ولكن أرجو أن تفهم من الكلمات 
الي سأكتبها إليك من بغداد والمعاني الآنية : ( حالة الزراعة ‏ حالة 
العشائر » حالة السوق ‏ حالة الحيش » الطقس ‏ الاهالي » السعر ‏ 
الرأس . ) . 
لأن المراقبة أشد مما كنم في بغداد أخيراً . 
لم آخخذ أي خبر من الاخ نوري باشا » ولكن هو الآن في لندن» ويرجع 
في أول اسبوع من تشرين ثاني الى بغداد رأساً . عائلته سافرت الى بغداد 
قبل خمسة أيام . وعند رجوعه وبعدما نشاهده بأنفسنا الوضع في العراق 
نقرر ما يحب عمله وسأخبر له أيضاً . 
سيصل إلى هنا توفيق السويدي في 7١‏ تشرين الاول 1418 في طريقه الى 
بغداد . ان الاخ نوري باشا كان بين لي قبل ذهابه الى لندن بأنه سيكتب 
لكم عن الموقف لا سيما فيما يخص موقفكم . وعلى كل حال بعد رجوعنا 
صحة وعافية وسعادة . 
وبالحتام ان رفيقي نقدم احير امامها إلى السيدة رفيقتكم وإليكم وارجو 
عرض خالص تعظيمي الى رفيقتكم المصونة وأسأل الله تعالى أن يحفظكم 
جميعاً ويوفقكم لكل ير عزيزي الاخ . 

المخلص : رشيد عالي 


هفنا 


م الرسالة الثامنة ٠‏ 
بغداد في 718 تشرين اول ١978‏ 

نحية واحير امآ فائقاً . 
وصلنا قبل خمسة أيام الى بغداد بالصحة والسلامة من فضل الله تعالى , 
وسكنا الآن في دار الأخ صائب بك » وبعد عشرة أيام سيخلى مستأجر 
دارنا الكبيرة في الصليخ وننتقل مع الشكر الحزيل للاخ صائب بك . 
قبل مغادرتي بيروت بيوم » كتبت إليك كتاباً » لا بد وصلك الان . لا 
يوجد شي ء جديد انما رأيت الوضع سيئاكثيراً » والتحدث بارتشاء بعض 
الموظفين وبعض الوزراء سائد في كل مجلس أو حلقة . وقد كتبت جريدة 
الاستقلال » بعد انقضاء مدة تعطيلها » مقالين فضحت قضية الارتشاءات 
بشكل لا شك فيه أساء كر امة الدولة » ولكن هي ا حقيقة ويا للاسف » 
وعطلت الحكومة الحريدة سنة ولكن لم تشأ التحقيق عما بينته الحريدة 
من مواد ارتشاء معينة . م صدرت جريدة جديدة اسمها الشفق وفضحت 
بعض الامور الي مستاء منها الشعب وعطلتها الحكومة سنة أيضاً , 
وساقت صاحبها إلى المح كم وحكموا عليه ستة أشهر فترى أن الاضطهاد 
على ا حرية الفكرية وحتى على الانتقاد المستند الى وقائع ملموسة أصبح 
أمراً من شأن هذه الحكومة بصورة لم يسبق لحا مثيل . 
قبل خمسة أيام أرميت قنبلة في نادي لوري خضوري فجرحت خمس 
أشخاص منهم اثنين جراحهما خطره على ما يقال. فأحدثت هذه رعباً 
في الطائفة اليهودية » وان محلامهم وأسواقهم تنسد كل يوم في السادسة 
مساء. 


تواجهت مع الاخ نوري باشا حيث رجع في اليوم الذي وصلت فيه 
ووعدني أن يكتب إليك . وان فكري "ما بينته لك اذا كانت ظروفك 


يفض 


اللخصوصية تمكنك من البقاء هناك إبق” . هذا هو الراجح اليوم في هذه 
الظروف نظراً لرأبي الشخصي . 

مولود مخلص تقرر اعادة انتخابه رئيساً للنواب » وكذا السيد الصدر 
رئيساً للاعيان . 

لا بد وقد سمعت ان وزير المفوض الركي هنا أفهم وزارة الحارجية 
هنا بأن حكومته لا ترغب في ارسال تحسين قدري نقلا" في استانبول 
وعلى ما شاع بأن السبب ان أبيه أصله تركي » أو كان مرافقاً في الحرب 
العامة لفخري باشا إلى غير ذلك من الاعذار الظاهرة وال حقيقة حمل على 
عدم حسن العلاقات . ولم يعلم بعد الى أن يعين . 

ان قضية فلسطين سائرة الى حل مرضي للعرب على ما بينه وزير 
الا رح 

المراقبة علينا كلا كانت الى درجة وصلت الى حد فتح أحد صناديق السفر 
الي كانت معي ي بير وت ففتحوا أحدها ساعة محيئي باعتباري مهرباً أو 
مشتبهاً في بالتهر يب » أو حاملا” أوراق ممنوعة أو.. أو .. بدون أن ينظروا 
الى ما نحن عليه من معرفة قوانيننا واحترام أحكامها وبدون أن ينظروا إلى 
مراكزنا وبعد فتح الصندوق ونحري داخله من الاول الى الآخر » لم 
يحدوا أي شيء مما توهموا به فسلموا إلي الصندوق وما فيه مظهرين 
خجلهم ولكن لا خجل حقيقي لانم يقصدون الاهانة والاستهتار . 
دع الامور نحري في مجراها هذا الى أن يقضي الله أم ركان مفعولا اني 
لو كنت أرى فائدة لمجيئك لرجوتك أنا ولكني با عزيزي بعد أن تنظر 
الى أفراد الامة ودرجة اتحطاط الاخلاق فينا فاذا كنت ترى ني امكانك 
ان تشتغل للصالح العام وتتمكن من اصلاح الوضع فتشرف على الرحب 
والسعة » والا اذاكنت ترى مثلما أنا أرى فالبقاء هناك بعيداً عما يزعج 
ويقلق أفيد من حيث استمرار راحتك ولو نسبيا ) . 


يض 


لم أفهم بعد ما سينوي الاخ نوري باشا منْ العمل أو عدمه فلم يشأ تنيء 
شيئاً ولذا ما أستطيع أكتب لك عنه لعل هو يكتب لك . رفيقتي وأنا 
نقدم احثرامنا إلى والدة طلال وإليك وأتمى اليكم جميعاً بالخير ودوام 


السرور عزيزي .. 
المخلص . رشيد عالي 
4 الرسالة التاسعة : 
بغداد ٠١‏ نموز سنة ١91784‏ 
عزيزي الاخ ناجي بك شوكت . 


نحية وتعظيماً وشوفاً كثيراً . قبل يومين تشرفت برسالتكم الكريمة 
المتضمنة لبنتتكم اياي بالسلامة من حادث السيارة فأشكر عاطفتكم 
الاخوية من صميم قبي » كنا اني ارجو أن تتقبلوا خالص امتناني على 
ما أظهر تموه في كل فرصة خاصة في الدعوة الي نوهتم عنهسا في شعور 
نبيل واحساس كر يم نحو هذا أخيك الذي حمل بين جوانحه الحب والاحترام 
العميقين إلى ذاتك الكريمة ولاشك ان ذلك ان دل على شيء » فانه يدل 


على سمو خلقكم وعلو نفسكم . 

واني دائماً أشاطرك الرأي بكل صراحة في ان مصلحة البلاد تقضي أن 
نضع منافعها السامية فوق كل الاعتبارات . واني سائر على هذا مستنيراً 
بأفكاركم الصائبة داعياً من الله تعالى أن يحرسكم ويحرس أفراد عائلتكم 
الكريمة من كل مكروه . رفيقني وأنا نقدم احثراماتنا القلبية الى والدة 
طلال » راجين أن يقر عينكما به وبأخيه على الدوام وتفضلوا بقبول 
شكري المكرر وامتناني المزايد عزيزي الاخ . 

المخلص : رشيد عالي 


عفر 


رسالة نوري السعيد الاولى : 
عاليه ‏ لبنان ه تموز ١978‏ 


ان الكتاب الذي تفضلم بارساله إلي كان قد وصلي بعد مرور ما يقارب 
الاربعة أسابيع » وكنت مفكرا بالمجيء ء لطرفكم فأعتذر عن تقصيري 
هذا بالرد عليه . بلغي الاخ رشيد عالي سلامكم قبل يومين » وانتهزت 
فرصة ذهاب عارف لطرفكم وحررت هذه الاسطر لاطلعكم فيها على 
بعض ما هو جاري . اني محاول منذ أكثر من ثلثة أسابيع لحث السوريين 
بامباء الامر مع الاتراك » والبردد من جهة » ووضعي مع رجال الحكم 
في بغداد من جهة أخرى » أدى الى ما أنت عالم به . واني أجهل المستقبل 
فيما اذا كان في الامكان ارجاع المياه الى مجاريها أرجو افهامي ذلك , 
وصلي كتابين من جميل وتوفيق لأول مرة بحثوا فيهما عن قضية فلسطين 
واني كنت تركت الاشتغال بأمرها عندما شعرت عدم رضاء الائنين 
من تدخلي » والآن محتار بالأمر ومتردد لأني أرغب بالذهاب الى أي 
حل كان في ظروني الحاضرة » وأمر فلسطين يحتاج بصورة خاصة بذل 
المساعي في لندن عن طريق المباحثات الشخصية مع رجال الحكم . وقد 
يكون من المفيد ذهاب غيري هذا الامر 

أما بخصوص عودة الامير زيد لبغداد » فلا أستطيع تكوين فكرة عنها » 
والوقت كان غير كافياً للمداولة معه في المحطة » وكلما علمت انه ذاهب 
ليبقى في العراق واذا تمكن سيساعد لاعادة الامور الى مجاريها . فأوضحت 
له بضرورة التروي والسيرمع الموجودين ؛ وعدم البحث عنه . وأحسن 
عمل يقوم به هو معكم أو مع طه اذا تيسرت له فرصة مناسبة . واني 
أخشى بفوات الوقت ولاني أرعى موجة عظيمة آنية بالقريب ستغطي 
وقد لاتفيد المحاو لات كهذه فالاولى له ترك الرجال الموجودين أن يستمروا 


أرل 


في مخططهم لعلهم يفلحون بشيء . أما الحوادث المحلية فيخبرك عنها 
عارف » وهي لا حرج عن وجود فتور 1 واتحلال بكل شيء قاتل 
الله الايام. 
أم صباح تقدم وافر نحيانها لأم طلال ولكم وكذلك أنا . سيصلنا اليوم 
أرجو اخباري . 

المخلص : نوري السعيد 


رسالة نوري السعيد الثانية : 
عاليه ‏ لبنان 7١‏ نموز ١678‏ 


أشكرك على كتابك المحرر ١7‏ الحاري . كنت قبل كم يوم في بلودان 
لمشاهدة اجتماع الكشافة العربية من جميع الاقطار بما فيها من يمثل مصر 
والسودان » وكان الاجتماع يظهر منظراً لا بأس به . وقد عدت اليوم 
وها اني يجيب على كتابك . 

اني أشئر ك معك بضياع الفر صة وافلامها من يد السوريين » ومنذ سنتين 
نعلم نحن الاثنين نين أدوار هذه القضية أكير من غيرنا واني أخشى أن 
بأتي دور أشد مرارة من اليوم كما نتوقع . أما بخصوص مجيئي لطرفكم 
فلا أميل أن أمثل أحداً . فاذا تمكنت من السفر سأحضر لقضاء أيام 
بالراحة وزيارة الاصحاب لا أكثر ولا أقل . 

أما قضية فلسطين فكما تعلم قد لا أترك فرصة إلا" وانتهزها ولكن ويا 
للاسف عملي هذا يبيج جماعة بغداد . وقد كتب لي أخيراً فخامة رئيس 
الوزراء بضرورة قبولي منصب تمثيلهم بلندن » فأجبتهم كجوابي السابق 


تقرس 


قبل ١١‏ شهرأ » ولمحت له بأني حنى بصورة لا أستطيع أمثل العراق 
بأي أمر وي هاء الظروف . 

أما رجوع الجماعة الى شيء من التفاهم فأظنه الظروف قضت عليهم 
بهذه المظاهرة الصورية » ولاني لا ألتمس منها شيء من الصميمية ولا 
أتوقم ذلك وفد خططوا لأنفسهم خطة ليس بامكانهم الرجوع منها ويا 
للاسف . أما الحالة فآخر ما وصلي من الاخبار تدل على بدأ حوادث 
سيئة ويا للأسف . وقد بدأت بعض المناوشات في الشمال وأما الحنوب 
فمتوتر » وليس بعيد أن نسمع حوادث خطيرة قد تكون مشابهة لحوادث 
سنة العشرين فادارة ترك لعقلية مصطفى » وليس من ناظر مسيطر على 
الاقل » لا بد وأن تكون عواقبها الدمار واالحراب وليس في اليد حيلة 


أم صباح وعصمت نهدي نحيانها لكم ولأم طلال وكذلك أنا ولك مي 
مزيد الاحترام 5 
المخلص : نوري السعيد 
نوري السعيد يشكل الوزارة 


فوجثت بالمحطات العالمية تذيع في أمسيات 7١‏ و77 و1 من شهر كانون 


الاول عام 4 ١‏ انباء اقدام وزارة جميل المدفعي الرابعءة على ابعاد رشيد 
عالي الكيلاني الى عانه » وعلي محمود الشيخ علي وطالب مشتاق وداود 


السعدي » وآخرين غيرهم من ضباط » ونواب ,» حقوقيين » الى أمااكن 


أخرى نائية » وفق مرسوم أصدرته الوزارة المشار إليها » وهو يحول مجلس 
الوزراء حق إجبار أي مواطن على الاقامة في محل معين لمدة ثلاث سنوات 
يكون خلانها خاضعاً الى مراقبة الشرطة . وكنت خلال تلك الايام أترقب 


شف 


وصول بعض الرسائل من أصدقائي ومعارني لتحيطي علماً بما بحري في الوطن 
العزيز من أحداث جسام » وتطورات لم تكن بالحسبان » واذا لي أتلقى من 
نوري السعيد برقية تاريحخها ©٠؟‏ من هذا الشهر تقول  :‏ 

تألفت الوزارة برئاسي » وعضوية طه الهاشمي » ورسم حيدر ؛ ومحمود 
صبحي الدفري » وعمر نظمي » وصالح جبر . فأرجو مؤازري بقبولكم 
الداخلية وأنا وزملائي يتنظرون موافقتكم برقياً . 

وكان طبيعياً أن أرد على هذا التكليف بالحواب الآني  :‏ 

خارجية - بغداد ه1948-1716 . 

برقيتكم 198-1١١6‏ فخامة نوري السعيد رئيس الوزراء نقطة 
أشك ركم على ثقتكم وأقبل بكل فخر وسرور مؤازرتكم وأعتبر ها من واجباني 
الوطنية والشخصية نقطة أهنئكم والزملاء المحير مين من صميم قبي وأرجو 
التوفيق للجميع نقطة . 

ناجي شوكت نقطة ‏ عراقية 


م وافت البرقية التالية : 

عراقية ‏ أنقرة ل/الا 1978117 . 

فخامة السيد ناجي شوكت . صدرت الارادة لملكية باسناد منصب وزارة 
الداخلية إليكم. فرجو حضوركم بالسرعة الممكنة . 


وقد وصلت الى بغداد بعد مرور عشرة أيام على تكليفي بمنصب وزارة 
الداخلية » وكلي ثقة وأمل بأن أرى الاخوان الذين عصفت بهم الظروف القاهرة 
قد اتفقوا على خطة للعمل الصالح » معتبرين بأحداث الماضي القريب» 
ومتهيبين الظروف الي أعادتهم الى الحكم فيسير وا بالبلاد نحو الامن والسلام 


زفرال 


والطمأنينة والازدهار . فقدكنت وأنا في طريقي الى بغداد أعيد النظر فيما كته 
إلي نوري السعيد ورشيد عالي من رسائل عديدة » وأشعر بارتياح للتفاهم الذي 
حل فيما بين نوري ورشيد من جهة » وبين هذين السياسيين وطه الحاشمي 
من جهة أخرى » وكنت أفكر في ان أربعتنا اذا نسينا خلافاتنا ومنافساتنا الماضية 
واتفقنا على خطة موحدة بكل جد واخلاص » فسيكون لعملنا واتفاقنا أثر 
بارز في تسيير الامور سواء كان ذلك في أمور العراق الداخلية أو في شؤونه 


الخارجية . 


نعيين رشيد عالي لر ئاسة الديوان 


ولا بد لي أن ألفت نظر قارىء هذه الذكريات الى وجوب اعادة النظر 
في الرسائل الي أدرجت نصوصها أعلاه » قبل أن يسئرسل في قراءة ذكرياني»؛ 
ليقارن بين ما جاء في هذه الرسائل » وما سأذكره فيما يلي من أحداث مؤلة : 

فبعد وصولي الى بغداد بأربعة أيام » سافر رئيس الوزراء نوري السعيد 
الى لندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة االخاص بمشكلة فلسطين » بعد أن عهد 
إلي برئاسة الوزارة وكالة » فرغبت قبل كل شبيء أن أعرف الاسباب الي 
خالت دون دخول رشيد عالي في وزارة نوري السعيد الثالثة » فعلمت من 
طه الماشمي » ان نوري استبعد رشيداً لعلمه ان رشيداً لا يقبل إلا" وزارة 
الداخلية » في الوقت الذي كان نوري يريد الاحتفاظ ببذه الوزارة لنفسه » 
فلما اجتمعت برشيد لأول مرة وجدته ثائراً متبرماً » وقد ذكر الحاشمي في 
مذكراته بأنه زار رشيداً في منزله بعد تأليف الوزارة الحديدة فرآه - مثلما 
رأيته أنا ‏ ثائراً متأللاً لأنه لم يشترك في الوزارة . وقد عاتبه على هذا التبرم 
والتأثر فلم يفد ذلك معه » وكانت هذه أول مسمار في نعش الحلاف الذي 
دب دبيبه بين الطرفين » وكنت أعلم علم اليقين » ان رشيداً لا يرضيه إلا 
أحد المناصب الثلاثة : رئاسة الوزارة » وزارة الداخلية » رئاسة الديوان الملحي 


0 


وني ذات يوم زارني صديقي السيد علي محمود الشبخ علي » ونقل إلي” 
ان رشيداً بدأ جمع معارفه وأصدقائه لمعارضة الوزارة الحديدة » وانه على 
اتصال دائم مع الذوات الذين أبعدتهم الؤزارة المستقيلة » وانه يفكر في عقّد 
اجتماع عام تنظم فيه مذكرة يطلبون فيها سوق وزارة جميل المدفعي إلى الديوان 
العاللي للمحاكة . فسألت علياً عما يجب علي أن أقوم به لتلاني الاضرار المتأتية 
من هذه الحركات » فاقترح علي اسناد منصب رئاسة الديوان الملكي الى رشيد 
عاللي » ودفن مثل هذه التحركات في لحد عميق » فاستصوبت هذا الرأي . 
وبعد أن استمزجت رأي كل من طه الهاشمي » ورستم حيدر » قصدت الملك 
غازي في ( قصر الملح ) الذي كان في موضع المطار الدولي ال اللي » واستحصلت 
موافقته على إسناد رئاسة الديوان الملكي إلى السيد الكيلاني » وكان الملك سهل 
الانقياد » سليم النية ولا سيما معي . وكان علي بعد هذه الموفقية أن أخبر رين 
الديوان السيد رشيد الحوجة بالامر الواقع » وأخيره بين المناصب الي يختارها. 
وقد ظهرت عليه آثار التمنع ني باديء الأمر ولكنه اضطر للاستسلام » وقبل 
أن يكون مديراًعاماً لوزارة الحارجية » .بعدأن أقنعته بأني أكن” له كل 
محبة واحترام » وان الضرورة القصوى هي الي حتمت اْحخاذ هذا الاجراء 
فحلت به عقّدة كانت مستعصية . ولما بلغت رشيد عالي بالارادة الملكية الصادرة 
بتعيينه رئيساً للديوان الملكي » سر سروراً عظيماً » وشكرني على عملي . وهذا 
نص الارادة الملكية الي استصدرتما ني هذا الشأن : 

رقم"5”. 

أصدر ارادتي الملكية » بناء على ما عرضه وكيل رئيس الوزراء بتعيين 
رشيد عالي الكيلاني رئيساً للديوان الملكي وسكرتيراً خاصاً لنا . 

على وكيل رئيس الوزراء تنفيذ هذه الارادة . 

كتب ببغداد بي اليوم السادس والعشرين من شهر ذي القعدة سنة لاه ١1"‏ ه 
الموافق لليوم السابع عشر من شهر كانون الثاني سنة ١98‏ . غازي 


يوان 


وكيل رئيس الوزراء - ناجي شوكت 

جريدة الوقائع العراقية ٠ 154٠١‏ كانون الثاني وبمو١‏ 

ثم انصرفت الى وجوب اسكات المحاميين : داود السعدي وفائق 
السامرائي . وقد تولى علي محمود الشيخ علي إسكات قريبه داود السعدي , 
وأسندت منصب مديرية الدعاية والنشر الى فائق السامراثي » وكان الاخير 
من أبرز كتاب المقالات السياسية والوطنية الرنانة » لا يدانيه في هذا المضمار 
سوى علي محمود الشيخ علي » وكان كلاهما يكتبان في جريدة الاستقلال 
الشهيرة » كما كان لمما زميل ثالث هو روفائيل بطي » بوق حزب الاخاء 
الوطي ؛ وهناك زميل رابع لامع ولكنه من طراز آخر » وأععي به ابراهم 
صالح شكر الذي كنت معجباً بأسلوبه التهكمي » وبيانه الساحر » فضلا عن 
عزّة النفس . فقد كلفته مراراً أن يتقبل شيئاً من النفقات المستورة الموضوعة 
نحت تصرف وزير الداخلية فكان يرفض التكليف بأباء » على الرغم من حاجته 
الماسة إلى المال . وقد أقنعته على قبول وظيفة ما في الدولة ليسد براتبها حاجته 
فرضي مضطراً » وها اني أنشر فيما يلي رسالة بعث بها إلي" كدليل على أسلوبه 
الممتنع في الكتابة . 

الفلوجة 05 4 - 1948 . 

سيدي الاخ النبيل صاحب الفخامة ناجي بك . 

نحية مشوقة واحيرام صميم : وبعد فهذه الصفحة من كتاب تناثرت منه 
رائحة وردة نسيت فيه فجفّت » ولكنها ما زالت عطرة فياحة . ان ما أشعر 
به نحو فخامة سيدي الاخ لا يوصف بالامتنان فحسب » واتما هو مزيج من 
الشكر والاخلاص والاجلال » و لكي لست سعيداً عندما أرى الاقدار تنضطرني 
الى ان أزاحم ( بعض الناس ) على كهف » أحاول السكون إليه » لثلا نحطمي 
العاصفة » أو يجحرفني التيار » وهناك غيري .. ليس من واجبي أن أحلق في 


م 


جو يحتاج التحليق فيه إلى جناحين كبير ين ه فاني على الرغم من نجحارب الايام 
وتعاقب السنين » مازلت في زغب الفراخ » ولكبي استغرب ٠‏ ولي أن 
استغرب » مى رأيت البعض طائراً بأجنحة الدجاج . 

ان الحاجة قد تطفو على سطح الفضيلة » وقد كنت انساناً قبل أن تصيرني 
الظروف موظفاً » ولكن هل تستطيع حبة ا حنطة أن تفهم لماذا صير مها الاقدار 
يبن شقى الطاحونة ؟ وهكذا الاسرار الرائعة » فامها وديعة الله في طيات الغيب» 
وجوف المجهول . 

لست أشك في أن حياة الانسان أقدم من حياة التوظيف » ولكن لكي 
بعيش الانسان في هذه ال حياة » بتحم عليه أن يأكل شعوره » قبل أن يبتلع 
كسرة من اللحبز الاسود » وما العمل اذا كانت هذه الكسرة هي كل ما وصلت 
اليه أنياب النمر الثائر ؟ 

لم يخلق الانسان لينام على الورود الناعمة والازهار والفضة » واتما خلق 
للحياة » وهي تعب مستمر وسعي متواصل » ولكن الحياد المشتركة في السباق 
نستعرض أمام الحمهور ليكون عنها فكرة » ومن الحيف أن يرى خنصر اليد 
الواحدة أقوى من |ببهامها . 

ان الذكاء قوة جبارة » اذا لم يقض عليه » قضى على صاحبه » وقد كان 
لي بعض الذكاء فقضيت عليه » وتقوضت أسبابه » ولكني لم أهلك نحت 
الانقاض . 

لم أفكر خبى الان ني الدور الذي يلعبه الحظ في حياة الانسان » ولكني 
أفهم ان السجين ينظر إلى العالم من نافذة سجنه » وهكذا أعيش في الفلوجة » 
أجامل وأتلطف وأساير » ثم تمضي بقية الحياة موتآً صامتاً . 

لست متشائماً ينظر إلى الدنيا بالعبوسة والتقطيب » ولكن قد يكون مبعث 
هذا الشعور تفتح الربيع » والشمعة قبل أن تذوب ترسل شعاعاً ساطعاً . 

ثقي بالعطف النبيل الذي يغمرني به سيدي الاخ هي الي تتبح لي أن أفضي 


خرن سيرة وذكريات (7؟) 


اليه بما في نفسي » وقد رجعت إلى هذا العطف في الماضي » فاذا رجعت اليه 
اليوم فاني !ما ارجع الى ما عودتي عليه . بعد أن تتقبل أصدق الاخلاص وأجل 
الاحترام. 


5 
5 
0-3 


- 


4 ب 


المخلص ابراهيم صالح شكر 


قبل أن أصل إلى بغداد لتسلم وزارة الداخلية » كان مجلس الوزراء قد اتحذ 
بعض 


القرارات الحسنة منها : - 

الغاء الرقابة المفروضة على بعض الشخصيات السياسية » وعلى مراسلاتهم. 
الغاء مقررات الابعاد والاقامة الحبرية الصادرة في عهد الوزارة السابقة . 
الى مصادر رزقهمء ولاسيما وقد كان من بينهم من فصل لأسباب 
سياسية . وكان بينهم بعض الوزراء والدبلوماسيين أضراب : نصرت 
الفارسي 2 والامير زيد » وطالب مشتاق ؛ وموفق الالومي 2 وناصر 
الكيلاني » وعبد العزيز مظفر . 

استصدار ارادة ملكية باعفاء عبد الغفور البدري صاحب جريدة الاستقلال 
عما تبقى من مدة محكوميته بسبب ما نشره عن نزاهة الوزير مصطفى 
العمري في جريدته . 


زيارة ولي عهد إيران للعراق 


علمت وزارة الحارجية العراقية بأن محمد رضا ببلوي » ولي عهد ايران 


وشاهها الحالي » سيمر ببغداد في طريقه إلى القاهرة ليعقد قرانه على الاميرة 


يفن 


فوزية شقيقة الملك فاروق » وكانت شابة باوعة في جمالها واسعة في ثقافتها » 
فقررت الوزارة استقباله استقبالا” رسمياً » وانزاله ضيفاً على ا لحكومة في قصر 
الزهور المعروف اليوم بقصر بغداد . وقد استقبلته أنا والامير عبد الاله . أنا 
بام الحكومة العراقية » وعبد الاله باسم الملك غازي » وذلك من الحدود 
العراقية . وقد لبث في بغداد ثلاثة أيام دعاه الملك غازي في أول يوم إلى 
وليمة عشاء خاصة » لم يدع إليها سوى أشخاص قلائل : كما أقمت أنا في 
اليوم الثاني مأدبة عشاء له باسم الحكومة تلتها سهرة تكرعاً له . 
وقد حدث حادث في أثناء تناول الطعام لا أدرئي كيف أصفه ؟ فقد كان 
على أطراف مائدة العشاء أربعة وعشرون مدعواً » وكان ولي عهد ايران يشغل 
مقام الشرف » وإلى بمينه السيد محمد الصدر رئيس مجلس الاعيان » وكنت 
أشغل الكرمي المقابل له بصفة كوني رئيس الحكومة » والى يميني وزير 
خارجية ايران » ولما شرعنا في شرب الاتخاب بحسب الاصول تناولنا أقداح 
' الشميانيا » وتناول الصدر قدحاً من الماء كان أمامه » وهذا أمر طبيعي لمثل 
هذا الرجل الديي » ولكي لاحظت الضيف بعدبرهة يلتفت إلى الصدر ويتحدث 
إليه بالفارسية حديثاً لم أفهمه لكني وجدت لحية الصدر ترنجحف » والانفعال 
باد عليه بشدة ووضوح. فسألت وزير الحارجية الايرانية عما دار في الحديث 
فلم يجبي بأكثر من الكلمتين ( لا ثبي ء ) ولكنه كان في وضع مرتبك ومضحك 
فلما فرغنا من الطعام و بدأنا نتسلل الى القاعة الكبرى » وجدت الصدر يسبقنا 
الى الباب » وعليه امارات الغضب والاستياء . فلحقت به » وسألته عما في 
نفسه » وإذا به يقول : (ال ك .ابن ال ك ) كان يويخي لاني لم أشرب 
الشميانيا على شرفه» وكان يقول: ان أباه قد أمر أمثالي في ايران أن يحلقوا لحاهم 
ويئزعوا عمائمهم . قلتيا سماحة السيد : هوّن غضبك» وأرجو أن لا تكون 
سبباً في أحداث ازمة بين العراق وايران » والعلاقات بينهما كما تعرفها » ثم 
ودعته إلى الباب بعد أن سكنت من روعه فاستقل” سيارته وعاد إلى داره . 


ف 


وكان من المقرر أن يزور ولي عهد ايران المراقد المقدسة في كر بلاء والنجف 
في اليوم التالي »ء وكنت تلقيت من متصرف لواءكر بلاء تقارير تفيد بأن الحالية 
الاير انية هناك تستعد استعداداً عظيماً لاستقبال الزائر الايراني » وان الطلاب 
وبعض العلماء سيشئركون في هذا الاستقبال » ويسألي المنصرف في تقاريره 
عما يحب أن يفعله في هذه ال حالة » فانتهزت حادثة الصدر في الليلة الماضية » 
وطلبت الى مدير الشرطة العام أن يحيط المنصرف علماً بها » وان تتخذ كل 
التدابير لاشاعة ما جرى . 

وقد استفدنا من ذلك فعلا” فكان الاستقبال مشوباً بالفتور . وعلى كل ما 
كاد ولي عهد ايران يعتزم مغادرة العراق » ححى تلقيت من وزير خارجيته 
هذه البرقية : 

فخامة ناجي شوكت وزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء - بغداد . 

بناء على أمر صاحب السمو الامبراطوري » فاني قبل مغادرة مملكتكم 
الحميلة أشكر فخامتكم للحفاوة ال حارة الي أبدتها لنا حكومتكم والشعب 
العراقي النجيب اثناء اقامة سموه الامبر اطوري ني العراق » تلك الاقامة وان 
كانت قصيرة الا امها ترمي الى زيادة توطيد روابط الصداقة والاخوة الموجودة 
بين مملكتينا ورئيسيهما الحليلين . 

اعلام وزير خارجية ايران 


أسلحة إلى فلسطين 
كان الدكتور أمين رويحة واسطة الاتصال بين قيادة الثوار الفلسطينيين 
وبين القوميين في العراق . وقد انصل بي ذات يوم » أثناء غياب نوري السعيد 
عن العراق » وطلب مساعدة الثوار ببعض السلاح والعتاد والمال » فاتفقت مع 
طه الحاشمي على أن تقوم مديرية الشرطة العامة بتجهيزهم ببعض البنادق 


اللا 


والرشاشات » على أن تعوض من قبل وزارة الدفاع فيما بعد» كا سحبث 
ألف دينار من المخصصات السرية ودفعتها إلى الدكتور رويحة وقد نقلت 
الاسلحة بسيارات الشرطة الى الحدود الاردنية وتسلمها الثوار من هناك . 


قضية الكويت 


كانت الكويت قضاءاً تابعاً لولاية البصرة يتولى أمرها قاتمقام من أسرة 
آل صباح » كلما مات قاتمقام منها ورشحت العائلة أحد أفرادها لاشغفال 
المنصب » فتصدر ارادة سلطانية بذلك من اسطنبول » وقد أصبحت الكويت 
محمية بريطانية منذ عام 18960 . وكان للملك غازي محطة بث لاسلكية يستعملها 
من قصر الزهور » ونحيط به عصبة فيها القومي المح » وفيها الحاسوس 
الالماني المردي باللباس القومي » وفيها السافل الغر » والظاهر ان هذه الحماعات 
كانت تؤثر فيه وتوجهه الوجهة الي تريدها. وي إحدى الليالي المعروفة قرر 
الملك احتلال الكويت » وأصدر أوامره الى رئيس أركان الحيش بتنفيذ هذا 
الامر بالاحتلال . وف الوقت نفسه اتصل بمتصرف لواء البصرة علي محمود 
الشيخ علي هاتفياً » وطلب إليه أن يسند قطعات الحيش العراتي المرابطة في 
البصرة لاحتلال الكويت . 

كنت ما أزال قاماً بوكالة رئاسة الوزارة لان نوري السعيد كان ما يزال 
في لندن » وني صبيحة اليوم الثاني من الايعاز » طلبت للحضور ني البلاط 
الملكي فلما حضرت ». وجدت في غرفة رئيس الديوان رشيد عالي كلا من 
وزير الدفاع طه الحاشمي » ووكيل رئيس أركان الحيش » فبادرني طه بالكلام 
قائلا” : ان الملك اتصل برئيس أركان الحيش وأمره أن يحتل الكويت ٠»‏ كما 
كنا طلب الى متصرف البصرة تيسير هذا الاحتلال . وأضاف طه الى كلامه 
هذا : ولكنا لم ننفذ الامر لعلمنا انه صدر في الامسيات المعروفة » وعليك 
الآن أن تتدارك الامر وتعالحه . 


"4 


وصل لملك الى بلاطه بعد الساعة العاشرة ‏ على عادته ‏ فدخلت عليه 
بعد الاستئذان الاصولي» فاستقبني بأدبه المعهود ثم سألني ماذا فعللم لاحتلال 
الكويت ؟ قلت له انك لم تكلمي يا سيدي في هذا الموضوع ؛ وائما كلمت 
رئيس أركان الحيش رأساً »كما اتصلت بمتصرف البصرة هاتفياً وجلالتك تعلم 
ان الملك مصون غير مسؤول » ولا سيما في مثل هذه الامور الحطيرة » 
رقش الوزماء ما يزال في لندن من أجل قضية فلسطين » وأنا بغيابه لا أستطيع 
أن أقدم على مثل هذا الاجراء الحطر والحطير لأن المسؤول الاصلي غائب فان 
كنت مصراً على تنفيذ ما أمرت به » فاني سأبرق الى لندن حال" ليعود الى 
بغداد فور ولكن من واجبي أن ألفت نظر جلالتك الى نقطتين هامتين في 
هذا الموضوع : أوهما انه ليس من المصلحة أن يستدعى نوري من لندن لانه 
قائم بمهمة خطيرة » والثانية ان في الامكان احتلال الكويت خلال 74 ساعة . 
ولكن هل تعتقد جلالتك ان كلا من بريطانيا » وايران » والسعودية » سيقفون 
مكتوفي الايدي ويرحبون بهذا العمل الحسيم ؟ امهم سينقمون علينا أشد النقمة 
ويقومون باجراءات لا قبل لنا عليها فهل جلالتك مستعد لمحاربة ثلاثئة دول 
في آن واحد ؟ لم تكن هناك ضرورة لكلام أطول فقد قال جلالته قولا” وجيزاً : 
طيب لننتظر عودة نوري ولا حاجة للاستعجال . فعدت الى غرفة رئيس الديوان 
وقصصت على الموجودين ما حدث فارتاح الحميع وانتهت القضية بسلام 
والحمد لله . 


حل مجلس النواب 


كانت المشكلات الي صادفتها في فاتح عام ١44‏ كثيرة ومختلفة » وكنت 
لا أكاد أخرج من واحدة سالا » إلا" لأدخل في أخرىء كانت الاكثرية في 
مجلس النواب القائم تؤيد وزارة المدفعي المستقيلة تأييداً مطلقاًء لأمبا هي الي 
أجرت انتخاباته » وقد تأجل اجتماعه مرتين : مرة بقرار من الوزارة السابقة؛ 


ين 


وأخرى من قبل الوزارة القائمة ‏ وماكادت مدةالتأجيلالثانية لتنتهي وتعقد أولجلسة ؛ 
حتى تقدم النائب داود السعدي ‏ الذي كان أحد المبعدين ‏ بتقرير يتهم الوزارة 

المستقيلة بأمها خالفت أحكام القانون الاساسي » باستصدارها مرسوم منسع 
الدعايات المضرة » وتطبيق مواد الابعاد يحق رئيس وزراء سابق » وزمرة من 
رجال القانون » وكبار موظفي الدولة » ومعاملتهم معاملة تتنافى والعدالة اللي 
كفلها الدستور للعراقيين كافة . وقد جرت مناقشة حادة وعنيفة بين مؤيدي 
التقرير ومعار ضيه » أي بين خصوم الوزارة المستقيلة ومؤيديها » وحمل ابراهيم 
كمال وزير المالية السابق حملة قاسية: على صاحب التقريرء وعلى الاشخاص 
الذين أبعدوا أيام حكمه » ولم يكتف بذلك حسب »ء فقد تعرض بالوزارة 
القائمة دون أي سبب أو مبرر . وقد انتهت الحلسة برفض تقرير السعدي . 
وقبل أن تعقد الحلسة المقبلة » علمت الوزارة بصورة أكيدة ان جماعة المدفعي 
سيجر ون مناقشة جديدة حادة تضطر الوزارة الى طلب الثقة فيحجبها الانصار 
المذكورون » وتتتهي المهزلة بسقوط الوزارة » وهو ما كانوا يتوقعونه فما 
العمل ؟ 

كان رئيس الوزراء غائبآ في لندن فهل أبرق إليه ليعود الى بغداد فيعالج 
الوضع بنفسه ؟ أم أتحمل المسؤولية بنفمي فأقوم بعمل حاسم اعتقد بصحته ؟ 
ولما كان نوري السعيد قد خولي البت في أهم الامور عند غيابه » استشرت 
الوزيرين : طه الهاشمي ورمم حيدر في أمر حل المجلس القائم » والشروع في 
انتخاب مجلس جديد » فوافقا على ذلك . وعليه التمست من الملك غازي أن 
يوافق الحكومة على طلب ال حل اذا ما تقدمت به فلم يبد أية معارضة ‏ على 
عادته معي - فهيأت الارادة الملكية بالنص الآني  :‏ 
الرقم 4١‏ 

لماكانت الاصول الدستورية نقضي بأن يسود التآزر بين السلطتين التشريعية 
والتنفيذية » ولما كانت الظروف الي نجتازها البلاد » في الوقت الحاضر » 


يدان 


تتطلب أعمالا” اصلاحية هامة » تستدعي وجود ثآزر وثيق بين السلطتين » ما 
يممكن الوزارة القيام بها » ولماكانت الوزارة غير شاعرة بهذا التازر بينها وبين 
المجلس النيابي الحاضر » فقد : أصدرت ارادتي الملكية بعد الاطلاع على المادة 
السادسة والعشرين من القانون الاساسي » وبناء على ما قرره مجلس الوزراء , 
وعرضه وكيل رئيس الوزراء » بحل مجلس النواب » والبدء بانتخاب مجلس 
جديد . على وكيل رئيس الوزراء تنفيذ هذه الارادة . 

كتب ببغداد في اليوم الثاني من شهر محرم سنة "1 ه واليوم الثاني 
والعشرين من شهر شباط سنة 1488 م . 

غازي 


وكيل رئيس الوزراء ناجي شوكت 

لقد استند الحل الى أسباب واضحة لا لف ولا دوران فيها » كما كانت 
الارادات السابقة تصدر بالحل . وكان علي أن أقوم بعمل آخر ما كنت أود 
أن أركن إليه في الاحوال الاعتيادية . كان رئيس مجلس النواب مولود مخلص 
وكنت أحبه وأحترمهء لأنه كان قائداً للفرقة الأولى في الحيش النظامي العرني» 
أيام الثورة العربية الكبرى » وكنت مرافقاً له فكان يعاملي معاملة طيبة فكان 
علي الآن أن أخبره بقضية حل المجلس النياني قبل أن أفاجأه بالارادة ولكن » 
كانت هناك ضرورة نحول ذلك » وعلى هذا فماكادت جلسة ١‏ شباط ١9178‏ 
تعقد » حبى كانت الشرفات اكتظتبالاعيان والمستمعين الذي حضروا الحلسة؛ 
خخصيصاً لسماع المناقشة الحادة المتوقع جريانهاء ولكن كانت الدهشة على أشدها 
حين أخرجت الارادة الملكية الصادرة بحلس المجلس وتلوتها على المستمعين» 
فد نزلت على رؤوس المستمعين نزول الصاعقة » واضطر الاعيان والنواب 
والمستمعون الى التسلل وعلى رأسهم جميل المدفعي دون أن ينبسوا ببنت شفة 
من شدة دهشتهم ؛ وخلافاً لما كانوا يتوقعون من حمي الوطيس والاحراج 


تان 


كانت الارادة الملكية في جيبي فذهبتث بها الى غرفة الرئاسة وصافحت 
الرئيس مولوداً » وجلست بالقرب منه » وكانت الغرفة مكتظة بالنواب » 
ويمن جاء للاستماع » وكان الجميع ينتظرون ضرب الحرس بفارغ الصبر 
ليأخذوا مقاعدهم » وكنت متردداً بين اطلاع الرئيس على فكرة الحل وعدمه 
وإذا بالحرس يدق وانحذ النواب والمستمعون مقاعدهم فما كاد الرئيس يعلن 
ان ( النصاب حاصل » فتحت الحلسة ) حتى استأذنت بالكلام فلما سمح به 
لي فاجأت القوم*بتلاوة الارادة الملكية واذا بهم يتفرقون . فلما خلت القاعة 
وهم الرئيس بالحروج » ذهبت إليه ورجوته أن يعذرني عن عدم اخباري 
إياه بفكرة الحل سلفاً » وأضفت إلى ذلك اني كنت أخشى أن نتكرر مأساة 
العهديين يوم ألفت وزارتي في نشرين الثاني 19477 واستحصلت ارادة ملكية 
بحل مجلس النواب القائم » والشروع في انتخاب مجلس جديد » فقد أضرب 
نواب حزب العهد عن حضور الحلسة لسماع ارادة الحل » ولكن الارادة 
تليت فعلا" وانتهى الامر بسلام . 


مقابلة هامة للسفير البريطاني 


طلب السر بازل نيوتن سفير بريطانية في العراق مقابلي بواسطة وزارة 
الحارجية بحسب الاصول » فاستقبلته بديوان رئاسة الوزراء ومعه الكابئن 
هولت » الذي كان بحسن التحدث باللغة العر بية كأحد أبناتها . وكنتأقابله 
- أي السفير - لأول مرة فكان منظره جامد لا يم عن رقة » وكان يتحدث 
بصوت خافت » وينظر الى أمامه كأن يقرأ شيئاً مكتوباً . بدأ كلامه معتذراً 
لأنه مضطر لازعاجي ببذه المقابلة » ولان لديه عدة مواد يريد عر ضها علي » 
وجلب نظر الحكومة العراقية اليها ثم أخذ يعدد : 
١‏ - محطة اذاعة قصر الزهور الحاصة » والبي باجم بريطانية في كل يوم » 

وتحرض الكويتيين على الثورة ضد أمراتهم . 


نتان 


؟ ‏ نشاط المعموضية الالمانية وجواسيس الالمان يبث العداء بين أفراد الشعب 
العراقي ضد. بريلانية . 

* - اعيزام الملك غازي احتلال الكويت . 

4 - ارسال أسلحة وأموال الى الثوار في فلسطين بسيارات الشرطة الحكومية . 

ه ‏ مهاجمة الصحف العراقية للحكومة البريطانية بدون هوادة . 


فكان جواني على الفقرة الاولى : اني لا أستطيع التدخل في أمور الملك 
الشخصية لاني أقوم بوكالة رئاسة الوزراء » فان عاد الرئيس من لندن ففي 
الامكان بحث الموضوع معه . وعلى الثانية : فانك بول الامر كثيراً فكما 
ان للانكليز جواسيس ني هذه البلاد » فمن المحتمل أن يكون للألمان جواسيسهم 
ولا شك ان الحكومة العراقية تعرف واجباما في مثل هذه الامور . وعن الفقرة 
الثالئة : قلت اني مطمكن الى ان شيثاً من ذلك لن يقع . وعن الرابعة : قلت 
انه لايمكن لآية حكومة عربية ترى أبناءها يقتلون على أيدي الصهاينة ظلماً 
وعدواناً » وتسلب أراضيهم جوراً وقسراً وذلك على مرأى من الحكومة 
البريطانية المنتدبة على فلسطين » ثم تمنع مواطنيها عن مد يد المساعدة لاخوانهم 
سواء كانت هذه المساعدة بشكل أسلحة أو بشكل أموال . وأما عن الفقرة 
الخامسة الخاصة بمهاجمة الصحف العراقية للحكومة البريطانية : فقد تساءلت 
هل في امكان الحكومة أن تكم أصوات الصحف لمجرد انها تدافع عن فلسطين 
وشعبها المظلوم لامها بيعت بوثيقة الى الدكتور وايزمن ؟ 


كان السفير يصغي الى أجوبي ؛ وآثار عدم الرضى ظاهرة على وجهه » 
ولم يستطع أن يجيبي بأكير من قوله انه كسفير لحكومته يتقدم بهذا الاحتجاج ؛ 
وانه يتنظر عودة نوري السعيد ليبحث معه الامر بصورة أوسع . ثم ميض 
فودعته ولم أره ثانية إلا" مرة واحدة وكان ذلك في تشبيع جنازة الملك غازي . 
فقدكان يخشى عليه وعلى جماعته أثناء ذلك التشيبع فدبرت أمر تسلله الى السفارة 


8 


عن طريق الكاظمية » ونحت الحراسة دون أن يمس بسوء فق د كان الرأي العام 
هائجاً ومعتقداً بأن موت غازي من ضنع الانكليز ولم يكن طبيعياً . 


عودة إلى 5 الإقطاع 


بحثت موضوع تأسيس الاقطاع في العراق في موضع آخر من هذه 
الذكريات » وشرحت كيفية استيلاء رؤساء القبائل وبعض الشخصيات في 
بغداد على عشرات الالوف من الدوتمات من الاراضي الاميرية . ولاضرب 
مثلا” بسيطاً على ذلك . فان لي صديقاً كانت له صداقة أيضاً مع وزير المالية 
رمم حيدر » وقد منح هذا الصديق لأول مرة 50٠‏ دوم من الاراضي الاميرية 
بغية زرعها واستغلالها » ولكن سرعان ما طفرت هذه المساحة الى أكثر من 
خمسة آللاف دوم . وكان رسم الوزير - بصفة كونه خبير مالي واقتصادي ‏ 
يرى في هذا التملك خدمة للخزينة » حيث يوفر لها الضرائب » وفي الوقت 
نفسه حماية لرؤوس المال ورؤساء القبائل حيث ينصبون المكائن في الاراضي 
اللي تمنحها لهم وزارة المالية » بعد موافقة وزارة الداخلية لاستغلاها ومساعدة 
الحكومة لهم يعي تشغيل الفلاح كأجير أي انه كان يرى ان رأس المال هو 
الاصل » وان العمل تابع له . 

فلما تسلمت وزارة الداخلية ووقفت على هذا الآسلوب من ( الفرهود ) 
بحثت الموضوع مع رئيس الوزراء نوري السعيد » واقرحت عليه اصدار 
تشريع بحم أن لا يمتلك أحد في العراق أكر من خمسة آلاف مشارة فقط من 
الاراضي الزراعية . أما الذين بملكون أكير من هذا المقدار فتصادر الحكومة 
هذه الزيادة » وتوزعها على المستحقين من الفلاحين الذين يقيمون في الاراضى 
ذاتها . ولكن نوري لم يستحسن هذا الاقتراح» وحجته على ذلك ان الرؤساء 
الذين يملكون مساحات شاسعة سيموتون فتوزع أراضيهم على ورثتهم فتتفتت 
الملكية الكبيرة بالتدريج دون ضجيج ولا تذمر فتأمل من هذا المنطق الغريب . 


ذخان 


عودة نوري وبداية الحوادث الحسام 

عاد نوري السعيد الى بغداد بي الثامن والعشرين من شباط 148 على 
الرغم من البرقية الي بعثت بها اليه باسم مجلس الوزراء بأن كل شيء على ما 
برام » ولا يوجد في الوطن ما يحم عليه العودة بالسرعة . ولكن الظاهر ان 
تعيين رشيد عالي رئيساً للديوان الملكي » ثم حل مجلس النواب القائم » وقضايا 
اذاعة قصر الزهور ونحرشها بالكويت » هيجت أفكاره فحملته على هذه 
العودة » ولا يبعد أن يكون السفير البريطاني قد استعجله لذلك » بعد البرودة 
الى شهدها أثناء مقابلته لي . وعل ىكل فماكاد نوري يستقر في بغداد بعد عودته 
اليها حنى بدأت المشكلات تظهر الواحدة تلو الاخرى خلافاً لما كنا اتفقنا عليه 
من قبل» وكأن التجارب القاسية الي مرت فينا لم تفدنا عبرة » وان الاحقاد 
كانت تأكل القلوب . ولنقرأ ما يلي بدقة وتأمل : - 
© المؤامرة المزعومة : 

يظهر انه لما عاد نوري السعيد الى العراق » كان مصمماً على الانتقام من 
خصومه والبطش بهم » وعلى إبعاد أي شخص نشم منه رائحة المعارضة لسياسته 

في المستقبل . فبدأ بخصمه الألد » حكمت سايمان » الذي دبر مع بكر صدقي 
انقلاب ١9‏ تشرين الاول 1975 مء وغر الانقلاب الذي أطاح بوزارة 
الماشمي » وتسبب في مقتل صهره جعفر العسكري وزير الدفاع في تلك 
الوزارة . 

ان حكمت سليمان وان كان قريي من بعد » ولكني لم أشعر بأي تعاطف 
معه . وقد ازددت ابتعادأ عنه بعد تورطه في الانقلاب المذكور أعلاه . وكان 
على حكمت هذا أن يبتعد عن العراق بعد عودة نوري السعيد الى بغداد واستثثاره 
بالحكم » ولكنه فضل البقاء نتيجة لنصيحة نقلها إليه صباح بن نوري السعيد 
عن لسان والده شفوياً مآنها: ان لا حيف عليه إذا بقي في العراق ولا خطر . 
وهكذا اطمأن حكمت الى هذه الرسالة فهل بقي ليفكر بتدبير انقلاب جديد 
ضد نوري؟ 


يذانا 


ترى النظريات الحقوقية ان للجريمة أربعة أدوار هي : 
أولا" ‏ التصور . 

ثانياً ‏ التصميم 

5-0  ًاثلاث‎ 

رابعاً ‏ التتائج 


ولقد دققت القرار الذي أصدره المجلس العري العسكري بادانة حكمت 
سليمان » والحكم عليه بالاعدام » فاتضح لي منه ومن التحقيقات الي أجر مها 
( مديرية التحقيقات الحنائية ) ان القناعة بعيدة عن الحقيقة . فليست هنالك 
مؤامرة مدبرة » وليس حكمت سليمان دخل في مثل هذه المؤامرة المزعومة » 
وليس هناك أي تصور أو رغبة في القيام بأي انقلاب ضد حكومة نوري السعيد 
لا من قريب ولا من بعيد . 

لما كان نوري في لندن » أخبرني مدير الشرطة العام ان لديه أخباراً لا 
يوئق مها عن محاولة يقوم بها بعض الضباط لتعكير صفو الامن . فلما اجتمعت 
برشيد عالي وذكرت له ما سمعته من مدير“الشرطة العام » قال لي انه استخير 
شيئاً من هذا القبيل أيضاً . فلما فاتحت طه الحاشمي في الموضوع » بصفة كونه 
وزير الدفاع » نفى ذلك نفياً قاطعاً قائلا” : ان كلما في الامر هو ان ضابطين 
أو ثلائة ضباط من ذوي الرتب الصغيرة يتحدثون فيما بينهم ولكني مطمان 
الى عدم وجود شيء ملموس يعتمد عليه . فلما عاد نوري السعيد الى بغداد » 
تلفن إلي2 طه قائلاة : ان نوري عندي ويرجو حضورك لأمر هام فلما 
حضرت » وجدت رشيداً قد سبقي الى دار طه » واذا بنوري يقول : ان 
بعض الضباط دبروا مؤامرة للقيام بانقلا ب ضد الحكومة » وانه ثم القبض 
عليهم » ولا بد من اعلان الادارة العرفية في منطقة معسكر الرشيد لتسريع 
محاكتهم . فقلت لطه: انك قبل أيام ذكرت ان القضية ليست بذي بال » 
وان الامر لا يتعدى الضابطين أو الثلائة ضباط » فما عسبى عما بدا ؟ أجاب : 


لحان 


ان لدينا الآن معلومات أوسع من ذي قبل » وانه لهذا السبب اصبح اعلان 
الادارة العرفية أمراً ضرورياً . فماذا علي ان أعمل الآن ؟ هل أخالف ولدي 
ريبة في صحة ما يتحدثون به ؟ ولو تأكد فيما بعد ان الامر الذي يزعمونه 
كان صحيحاً فماذا ستكون النتيجة ؟ فكرت في الامر ملياً فوافقت على ما 
يريدون » وأنا أقول في نفسي لترى ما سيكون . 

بدأت الاحداث تتكشف . أعلنت الاحكام العرفية وشملت بغداد ‏ 
فأصبحت قوات الامن والشرطة نحت أمرة الحيش » وعين عزيزيا ملكي 
رئيسا للديوان العرفي » والمقدمان سعيد يحى ؛ ومحمود حلمي عضوون 
عسكريين في الديوان المذكور»ء كما عين الحا كمان عبد العزيز الحياط ومعروف 
جياووك عضوين عدليين فيه . 


كنت أقيم في دار أخي الدكتور صائب شوكت الواقعة في شارع أني 
نواس ٠»‏ قبل أن أنتقل الى داري الي كانت نحت التعمير . وني الساعة التاسعة 
مساء من اليوم الذي أعلنت فيه الاحكام العرفية » جاءني الحادم ليخبرني ان 
وزير الدفاع طه الاشمي على الباب ويريد مقابلي . وجدت طه في وضع من 
يحمل أخباراً سيئة وقال : يؤسفني أن أخبرك بأن المجلس العرفي العسكري 
أصدر قراراً بتوقيف حكمت سليمان لأن التحقيقات الي قامت بها السلطات 
العسكرية أسفرت عن اكتشاف علاقة له بالمؤامرة الي أعلنت الاحكام العرفية 
بسببها . جاءني طه بهذا الحبر بصفة كوني وزيراً للداخلية . فكرت في الاخبار 
قليلا" وفيما يحب علي أن أقوم به . هل استقيل من منصبي فوراً وأطلب الى 
طه أن يخبر نوري بذلك ؟ أو أصمد قليلا” لأرى ما وراء هذه المهزلة ؟ هل 
أستقيل أو أصمد لبعض الوقت لاقف سداً منيعاً يحول دون الطغيان وتفاقم 
الحطر ؟ قررت الصمود » وطلبت الى طه أن يضمن حياة حكمت سليمان » 
ما دام موقوفاً في معسكر الرشيد » وضمان حياته حبى وان أصدر المجلس 
العرفي قراراً بادانته والحكم باعدامه . تأمل طه في طلبي ووعدني وعد شرف 


«وم 


بذلك » ثم غادر الدار بعد أن صرت. أشك حتى في نزاهة المجلس العرفي » 
وقد علمت في اليوم التالي أن توقين حكمت في الليلة الماضية جرى بصورة 
تأباها اللياقة . فقد كان مدعواً على العشاء في دار جمال بابان » مع جملة من 
الاصحاب » فاستل" من بين المدعوين دون أن تراعى حرمة لصاحب الضيافة . 

ومنذ يوم توقيف حكمت حى تاريخ صدور الحكم بحقه » أجريت 
نحقيقات خاصة وسرية جداً » وذلك بواسطة مدير الشرطة العام » فتأكد لدي 
بأن كتاب اسماعيل توحلة » الموجه الى حكمت سليمان » والذي كان أهم دليل 
استند اليه المجلس العرني العسكري في اصداره قرار الادانة » والذي قيل انه 
وجد في دار زوجة الحندي الذي أوقف بالقرب من دار نوري السعيد ومعه 
المسدس بقصد اغتيال نوري » ان هذا الكتاب كان مدسوساً من قبل الشرطة 
العسكرية الي كبست دار الحندي المذكور وصادرت الكتاب منه » وان 
المسدس الذي وجد بحوزة الحندي المزعوم لقتل نوري كان هذا المسدس يعود 
الى أحد الضباط المنسوبين لنوري السعيد . هذا هو الكتاب الذي استند اليه 
المجلس العسكري في اصدار قرار الموت بحق حكمت وجماعة آخرين » وهذا 
هو المسدس الذي زعم ان الحندي كلف باستعماله في قتل نوري السعيد فل 
العدالة ألف سلام . 


اجتمعت هيأة الوزارة في دار نوزي السعيد في الوزيرية يوم الجمعة الموافق 
آذار ١974‏ وحضر اجتماعها رئيس الديوان الملكي رشيد عالي » وكان 
اسماعيل نامق قائداً للقوات العسكرية قد حضر قبلنا ومعه قرار المجلس العرفي » 
فوزعت نسخه علينا » نحن الوزراء » وطلب نوري الى الحاضرين ابداء آرانهم » 
فقال محمود صبحي الدفتري وزير العدلية » انه يرى في القرار نواقص أصولية؛ 
وي التحقيق ضعف كبير » فايدت محموداً فيما قاله من الوجهة الحقوقية » 
وأضفت إلى هدا التأييد بأني بصفة كوني وزيراً للداخلية أرى ان تنفيذ هذه 
الاحكام ستسبب احدائثاً وإضطرابات لا يعلم أحد مداها وستكون سابقة سيئة 


ايان 


ثم قلت : ان الوزارة السابقة استهلّت عهدها بابعاد رئيس وزراء سابق الى 
عنه » استناداً الى مرسوم لا فرق بينه وبين نظام دعاوي العشائر الذي سنه 
البريطانيون المحتلون » ونحن الآن اذا أيدنا هذه الاحكام ووافقنا على تنفيذها 
فسنكون قد فتحنا باباً لقتل خصومنا بعضهم بعضاً » فأنا لا أوافق على ذلك 
كله ثم خرجت من الغرفة وتركت الوزراء يتناقشون فيما بينهم » فوجدت 
اسماعيل نامق في الحديقة ينتظر النتيجة » فقضيت معه بعض الوقت متمشياً . 
وبعد أقل من نصف ساعة خرج نوري السعيد وأخذني إلى غرفة أخرى وبادرني 
بالقول : ان الاخوان وافقوا على تبديل عقوبة الاعدام الصادرة بحق حكمت 
سليمان إلى السجن » ويرجون موافقتك على تنفيذها في الآخرين . فقلت له : 
ان الدلائل ضعيفة بحق الجميع » وان قصدك الانتقام من خصومك بطرق 
مشروعة ملتوية» ولهذا لا أوافق على شيء من ذلك . فقال ولم ذلك ألم يكن 
اسماعيل توحلة قاتلا" الحعفر العسكري ؟ ألا يستحق هذا الرجل الشنق ؟ أجبته 
لماذا لا تطلب من المجلس العرفي محاكة ابن توحلة عن جريمة قتله جعفراً ؟ 

حاول نوري أن يقنعني بطرقه المعروفة » ووعوده المعسولة » فلم يحد 
مي إلا" الاصرار على الرأي » والتهديد بالاستقالة » فلم ير مناصاً من تخفيف 
أحكام الاعدام إلى السجن خشية الفضيحة ولكن بقي قرار اعدام حلمي عبد 
الكريم على حاله » وكنت وائقاً بأن هذا الحكم لن ينفذ » لوجود قرابة بعيدة, 
بين حلمي المذكور ونوري» وقد صدق الحدس . فبعد بضعة أيا م كلمي نوري 
السعيد هاتفياً كل اللحماعة خلصوا ‏ وأنا بائباني هذه الحقيقة لا أريد أن أمن 
على أحد وأقول أنا الذي خلصت حكمت من حكم الموت » فان عدة جهات 
اشتغلت في هذه القضية كما لا أستطيع أن أنكر أن قد كان للسلطات البر يطانية 
يدأ في هذا الحلاص . 


بعد أن فرغنا من مهزلة الاحكام العرفية » والقرارات الصادرة من قبل 
المجلس العرني العدكري . عدت الى داري فوجدت في انتظاري كلا" من : 


5 


جميل المدفعي » وعلي جودت» ومحمد رضا الشبيي » وابراهيم كمال » فبادرني 
المدفعي متسائلا ” : ماذا سيكون مصير قريبك ؟ أجبته : ليس قربي حسب 
بل الجميع أنقذوا من حبل المشنقة . ثم التفت الى ابراهيم كمال وقلت له: وقريبك 
أيضاً » وأعي بقريبه اسماعيل توحلة . 

هذه صفحة من صفحات التاريخ لنطوها على علاما » بما فيها من غث 
وسمين . ولكن الذي يوجب الدهشة والاستغراب أن يصبح حكمت سليمان 
ونوري السعغيد صديقين حميمين » يتيادلان السهرات ومآدب العشاء » وتقام 
الولام على شرف نوري في قصر من كان عنقه إلى المشئقة أقرب من 
حبل الوريد . 

بعد مرور نحو عامين على صدور الاحكام العرفية - موضوعة البحث - 
وابان الازمة الي اشتدت بين الوصي عبد الاله والوزارة » واضطراري 
للاستقالة » على نحو ما أشرحه من بعد » تسلمت رسالة من حلمي عبد الكريم 
بتاريخ 7 كانون الثاني ١44١‏ ( أي قبل استقاللي بيومين ) فلم أتمكن من القيام 
بشيء ما ء لأني تخليت عن المسؤولية . وقد وجدت من المفيد الآن أن أثبت 
نص هذه الرسالة فيما يل » وعلى من يريد الوقوف على تفاصيل هذه الحادثة » 
وآراء المشتغلين بها أن يراجع ماكتبه الاستاذ الحسبي من ص 7١07‏ من 
الحزء الحامس من كتابه ‏ تاريخ الوزارات العراقية ‏ ليستنتج ما اذا كانت 
المؤامرة كانت حقيقة أم هي من نسج الحيال ؟ وقد أريد بتدبير ها الانتقام من 
ا لحصوم ؟ أما رسالة حلمي عبد الكريم فهذا نصها : 
فخامة ناجي بك شوكت 

أتقدم إليكم بما يريدني أن أقدمه فخامة المدفعي في العريضة رقم )١(‏ 
من الاسباب الي يأمل ان تنتهي بفك سجننا كلنا » وأتقدم كذلك في العريضة 
رقم 7 ) ما أنا رأيته حقاً ان أتقدم به ان كان هناك ظروف جيدة للافراج . 


واحنا سيرة وذكريات (55) 


فهل لي أن التمسكم بأن تسدوا للانسانية المعذبة في شخصئ نصيحة أبوية 
تقولوها لولدي الذي سأرسله إليكم عما ترونه بثاقب رأيكم هو الاصح أيه 
المحترم. 
١941-1١“‏ سجن البصرة : حلمي عبد الكريم 


فخامة رئيس الوزراء : 

ليس ما أقدمه لفخامتكم اليوم بأول اعدر اف خخطي حاولت به دفع ما لحن 
ببعض الابرياء من ضر الاحكام العرفية البي أبت إلا أن تلبسهم بتهمة الثآمر 
على سلامة الدولة ظلماً وببتاناً » مخالفة في ذلك أسس العدل الاجتماعي 
والقانوني » متحدية للدستور » ولشعائر المملكة الديمقراطية الي هي أساس 
العدل في الحكم الصالح » منتهزة فرصة انبامي بما دعوه أفكاً( بمؤامرة لقلب 
الحكم ) للبطش بأناس لم يكن لي معهم أدنى سابقة صلة لتبر ير الامهام والحكم. 
لقد دفعني شرف واجباتي المدنية والدينية والاخلاقية والانسانية بالاعئراف 
أمام المجلس العرفي نفسه» وف عرائض قدمت الى فخامة رئيس الوزراء آنثذ , 
أنه لم يكن ثمة صلة بيني وبين فخامة حكمت سليمان » والسيد يونس 
عباوي » والرئيس الأول على غالب » والرئيسان اسماعيل عباوي » وجواد 
حسين المتقاعدين . ولكنهم أهملوا هذا الاعتراف الذي يكون بحد ذاته سب 
من أقوى الاسباب لكي تنظر مؤسسات العدل العادلة في أمر هؤلاء السادة 
المظلومين . وعلى أقل تقدير أن يكون اعترافي. سبباً للشك في صحة الادعاء 
في اهام بعض مواطني الدولة في ظروف اذا كانت منفعة الصالح العام تقضي 
بالسكوت عنها آنئذ» فهذه المصلحة ذالما تقضي اليوم؛ وبعد مضي سنتين على 
سجنهم » بالقيام في نحقيق ,يط اللثام عن كل باطل ليس من شرف الدولة القضائي 
السكوت عنه . فان من احدى الكبائر في العدل سجن مواطنين أبرياء وعلى 
الاخص الصورة الي جرت بموجبها محاكمتنا الغير الاصولية والحائرة. 

امها يا سيدي الرئيس سابقة غريبة في الحكم الدبمقراطي ٠‏ بقدر كوما 


ان 


حزينة ومؤلة . أما خطرها على حرية الشعب فبالغة حداً كبيراً يحدر بفخامتكم 
ان تعطوا بفضل نبراس علمكم بالقانون حداً لأمثال هذه الفواجع بتشجيعكم 
السلطة القضائية لتدافع عن العدل بقوة » ولتأخذ بيده باستقلال مطلق . ففي 
الفاجعة العدلية استعملت السلطة الحكومية المقدسة لاغراض شخصية بحتة » 
فجارت وظلمت الابرياء بدون أن تتصدى لا السلطات الاخرى . 

يا صاحب الفخامة ترون مما تقدم بأني أحاول أن أرضي هذه النفس 
المعذبة لارضاء بارها ومصورها لاني قد أكون السبب المباشر لان يظلم 
هؤلاء السادة الماري الذكر بالواسطة المزيفة . فهناك في ظاهر الحال مؤامرة 
للايقاع بهم حي ثكان ما أرادت السلطة التنفيذية لهم فصورت اخلاصي وخدمي 
البي قمت بها مع سمو الامير الوصي المعظم لانقاذ عرش المرحوم غازي الاول 
وحياته كما علمم فخامتكم من رواية التآمر على سلامة الدولة فحشرت فيها 
معي اخواناآً أبرياء لم يكن لي مع الكثير منهم معرفة أو صداقة . 

وان جل ما أرجوه منكم ومن الله هو أن تنصفوا حقوق الابرياء وتظهروا 
العدل فهو خير للمملكة وأبقى . 

يا فخامة الرئيس : هذه السنة الثانية ابي تكاد تمر على سجن الابرياء 
فحاشى أن يسكت من كان مثلكم على الباطل أو يقعد عن إحقاق الحق . فقد 
كنم للقانون ذخزاً في العراق فكونوا بعونه تعالى ملاذاً للعدل الديمقراطي في 
هذه المملكة الناشئة وتفضلوا بقبول فائق التحيات ومزيد الاحترام . 


مقتل الملك غازي 
بينم كنت مستغرقاً ني نومي بعد منتصف اليوم الرابع من بيسان 1١9478‏ » 
أيقظتي ر فية قائلة : ان أحد مفوضي شرطة العلوية يود مقابلتي لأمر هام . 


فلما قابلته قال : ان المخفر تلقى اشارة من قصر الزهور لننقل إليكم رغبتهم 
في ضرورة الاتصال بهم » لأنهم طلبوكم على التلفون مراراً ولم يرد عليهم 


ووم 


أحد . فاتصلت بالقصر وإذا بأحد المرافقين يقول : ان سيارة الملك غازي قد 
تدهورت وأصيب الملك يجرح بليغ » وان الوزراء كلهم في القصر وينتظرون 
حضوركم . فاستقليت السيارة في الحال وتوجهت إلى قصر الزهور تواً » وإذا 
بي أجد. الوزراء جتمعين ومعهم السيد محمد الضدر رئيس مجلس الاعيان » 
ورشيد عالي رئيس الديوان . وكان الاطباء قد أتموا فحوصهم » وانتهوا من 
اعداد تقريرهم الطي . فتقصدت الغرفة الي سجي فيها الملك » الذي كان قد 
قضى نحبه » وانتهى أمره فقال لي نوري . :جب أن نصادق على التقرير ونعد 
بيان النعي . فقلت لنوري ولبقية الزملاء ان الامر خطير ومهم جد » وان رئيس 
الاعيان ورئيس الديوان قد حضرا فلماذا لا يدعى رئيس مجلس النواب أيضاً 
الحضور مع رؤساء الوزارات السابقين » فيطلع الرؤساء على الحادث المفجع , 
ويشهدوا مع الوزراء على التقرير الطبي ثم يذاع بلاغ النعي الرسمي ؟ رد علي 
وزير لمالية رمم حيدر قائلا” : ألا تعلم ان مولود مخلص ثمل الآن ولا يعي شيئاً 
وسوف لن نجي من حضوره غير الضجيج ؛ ؟ 

كان نوري السعيد مالكاً أعصابه » ولكن علاثم التوتر بادية عليه » كما 
كانت علاتم الارتياح بادية على وجه رشيد عالي » وطه الحاشمي » ورسم حيدر 
وقد رفض الجميع اقتراحي بوجوب دعوة مولود محلص ورؤساء الوزراء 
السابقين . 

منذ اللحظة ال تلقيت فيها نبأ ا هاتف عن انقلاب سيارة الملك » أخذت. 
الوساوس تساورني فجاء كلام حيدر » وارتياح السادة يزيد في شكوكي . 
ولكبي - وقد أصبحت وحيداً بينهم - قررت المضي معهم حى أكتشف 
الاسرار الي تحيط بالموقف » فتقرر الاستماع الى افادات عبد الاله وأخته 
زوجة الملك . قالت الزوجة بأن من عادة بعلها أن يذهب بي كل مساء الى قصر 
الحارثية فيبقى فيه حبى منتصف الليل ثم يعود لينام في الحال ء وني هذه الليلة 
المشؤومة عاد مبكرأ على خلاف عادته » فما كاد بشرع في خلع ألبسته حى 


لان 


رب جرس اتلمول » وبعد مكالمة قصيرة'عاد ‏ فليس ثيابه ليتوجه بسيارته إنى 
الحارثية قائلاة : ان الشخص الذي كان ينتظره قد حضر الآن » وبعد برهة 
قصيرة جيء به صريعاً يقولون : ان سيارته اصطدمت بالعمود الكهربائي 
فأصيب يجخرح بليغ في رأسه . وكانت' افادة عبد الاله مطابقة لافادة أخته » 
فانخذ المجلس على الاثر المقررات الاصولية : كالموافقة على اصدار البيان 
الرسمي بالنعي » وتسمية فيصل ولي العهد ملكا على العراق » وكيفية القيام 
بعراسيم التشييع والدفن . ولكن تكون عندي شعور خفي بأن الوفاة لم تكن 
طبيعية » وان الشعب سيكون لديه نفس الشعور . ولأجل أن لا يحدث ما يخل 
بالسكينة والامن العام » استصوبت نقل الحثمان في غسق الليل الى البلاط ملحي 
ليجري التشبيع منه إلى القيرة الملكية القريبة منه » فلم ير الحاضرون مناصاً من 
[قراري على ذلك . وبعد ان انفض الاجتماع وعاد الوزراء إلى بيوتهم » ذهبت 
مع طلوع الفجر إلى موقع ا حادثة لمشاهدته بنفسي » فرأيت السيارة مقلوبة » 
بعد ان تدحرجت عند مرورها فوق القنطرة » وان عمود الكهرباء منقض 
عليها » وآثار الدماء ما تزال عالقة به » ما يعبي ان الحادث طبيعي » ون الملك 
بعد أن استمع الى النداء الحاتفي ينقل اليه نبأ حضور الشخص الذي كان يريد 
الانفراد به فتأخر حضوره » واعترته حالة من ال حيجان النفسي والتوتر الحنسي؛ 
وكان هذا الشخص شاباً يافعاً جميلا” » وقد تعرف عليه حديثاً » والمعروف 
عن غازي انه كان مولعاً بالصبيان وقضاء الليالي الحمراء معهم » وقد دفعمه 
الميجان والتوتر الحنسى الى أن يقود سيارته بسرعة جنونية » فلما وصل القنطرة 
ببره الضوء الكهربائي » مما أدى الى ضعف في الرؤيا » فكانت النتيجة المؤلمة: 
ولكن الذي أخاله أن تأر الغات عن الضور في امعد كان هديرا :وان 
النداء الهاتفي المفاجىء كان مفتعلا” » وان يدا خفية لعبت بالسيارة خلال الفترة 
الي كان غازي قد استعد لنزع ثيابه ثم عاد فلبسها فأوجدت فيها خللا غير 
منظور مما مهد الحلل في مقودها الى انقلابها بعد اقلاعها بفيرة قصيرة » ولا 
يستبعد أن يكون كل ذلك قد ثم يتدبير من نوري وعبد الاله » واتفاق منسع 


برهم 


السفارة البريطانية في بغداد . وشاركتهم فيه زوجة القتيل الي كانت تكره 
زوجها لشذوذه الحنسي وابتعاده عنها . وقد نشر السيد الحسبي ف ص ”لا من 
الخزء الحامس من تاريخ الوزارات نقولا” ومعلومات ذات فائدة لمن يريد 
الوقوف على أكثر من ذلك » ولا سيما قول سفير بريطانيا في العراق ( وقد 
أصبح واضحاً للعيان ان الملك غازي يحب أما أن يسيطر عليه : أو أن يخلع وقد 
لمحت إلى ذلك وبمنذا المقدار في زيارني الوداعية ) . 

كان الملك غازي قد تربى وترعرع بعيداً عن والديه » وف حياة كان يحيط 
به لفيف من الشباب الذي لا يعتمد على متانة أخلاقه» وقد أصبح فيما بعد 
مدمناً يكاد لا يفارق الكأس » وقد أكره على الاقتران بابنة عمه الملك علي 
دون أن يكون بينه وبينها أي تعاطف » واني أشهد لوجه الله أن غازي ‏ على 
الرغم من كل هذه النقائلص كان وطناً مخلصاً » وقومياً صادقاً » محباً للعراق 
وللعروبة » وقد كلفته هذه السجايا الحميدة حياته . فلولا مهوره الزائد » وقلة 
تجربته ؛ وتفاهة الحاشية الي كانت نحيط به » لكان فذاً وقد كان ني الامكان 
اقصاءه عن العرش باستحصال فتاوي من رجال الدين» ولا سيما من المجتهدين 
في النجف ٠‏ بحجة عدم لياقته لاشغال سداة العرش ثم يؤيد مجلسا الاعيان 
والنواب الحلع والاقصاء » وياتهي الامر. وقد حدث مثل ذلك للملث 
سعود بن عبد العزيز آل سعود من بعد » ولا سيما وقد كان الحيش ب هاتيك 
الايام بيد نوري السعيد وطه الحاشمي . 

تولى ( مجلس الوزراء ) حقوق الملك الدستورية بعد وفاة الملك بحكم المادة 
75 من الدستور فأذاع هذه البيانات : 
© بلاغ رسمي رقم ١(‏ ) : 

بمريد من الحزن والالم » ينعي مجلس الوزراء الى الامة العراقية» انتقال 
المغفور له سيد شباب البلاد » جلالة الملك غازي الأول » إلى جوار ربه : 
على أثر اصطدام السيازة الي كان يقودها بنفسه بالعامود الكهر بائي الواقع في 


ممه" 


منحدر قنطرة النهر » بالقرب من قصر' ال حارثية » في الساعة الحادية عشرة 
والنصف من ليلة أمس . وي نفس الوقت الذي يتقدم فيه بالتعازي الخالصة 
الى أعضاء العائلة المالكة على هذه الكارثة العظمى » البي حلت بالبلاد » يدعو 
لله سبحانه وتعالى أن يحفظ للمملكة نجله الاوحد » جلالة الملك فيصل الثاني » 
ويلهم الشعب الكريم الصبر الحميل » وانا لله وانا إليه راجعون . ا1ه. 
4 ابا رسي رقم (15): 

والى جانب هذا البيان » الذي أذاعه مجلس الوزراء » اذاعت هيأة الاطباء 
الي فحصت الفقيد العظيم فحصاً طبيا » بعد حلول الفاجعة » هذا البيان الرسمي 
رقم؟. 

ننعي بمزيد الاسف » وفاة صاحب الحلالة الملك غازي الاول » الساعة 
اثانية عشر والدقيقة أربعين » من ليلة “7 8 نيسان سنة ١91*4‏ » متأثراً من 
كسر شديد للغاية في عظم الحمجمة » وتمزق واسع ني المخ . 

حصلت هذه الحروح بنتيجة اصطدام سيارة صاحب الحلالة» عندما كان 
سوقها بنفسه » بعمود الكهرباء بالقرب من قصر الزهور » الساعة الحادية 
عشر والنصف من تلك الليلة . 

ولقد فقد صاحب الحلالة شعوره مباشرة بعد الأ صطدام ولم يسترجع 
شعوره حتى اللحظة الاخيرة .  #*‏ 4 نيسان ١91784‏ 

الد كتور الد كتور الدكتور الدكتور الدكتور 
جلال حمدي صبيح الوهي صائب شوكت ابراهام ‏ سندرسن 


؛ قرارات لمجلس الوزراء : 


نولّى مجلس الوزراء حقوق الملك الدستورية » وفاقاً لأحكام المادة 7١‏ 
من القانون الاساسي العراقي » ورأى أن يعلن ملوكية الملك فيصل الثاني , 


"64 


ويسمي من يوم بالوصاية عليه ( لصغر سنه ) ويدعو مجلس الامة الى الانعقاد 
للبت في أمر الوصي . 
فاجتمع في صباح يوم الحادثة» واتخذ المقررات التالية : - 
التأم مجلس الوزراء في قصر الزهور » على أثر الفاجعة العظمى الي حلّت 
بالبلاد بوفاة صاحب الحلالة المغفور له الملك غازي الاول » وبالنظر الى توليه 
حقوق الملك الدستورية الى أن ينم نصب الوصي مبائياً » حسب المادة ١؟‏ من 
القانون الاسامي » واتخذ القرارات الآنية  :‏ 
75 اعلان سمو الامير » ولي العهد » فيصل ملكا على العراق » باسم صاحب 
الحلالة الملك فيصل الثاني » وفقاً لمنطوق المادة ٠١‏ من القانون الاساسي . 
7 - تسمية الامير عبد الاله وصباً على جلالة الملك » بالنظر إلى عدم بلوغه 
سن الرشد القانونية » ونزولا” عند وصية الملك المغفور له غازي الاول ؛ 
المستندة إلى إفادتي صاحبة الحلالة الملكة » وسمو الاميرة راجحة شقيقة 
جلالته » أمام يجلس الوزراء . 
م5 دعوة مجلس النواب المنحل » تمهيداً لاجتماع مجلس الامة للبت في أمر 
الوصية مبائياً » وفقاً للفقرة ؟ من المادة 77 من القانون الاسامي . 
4" اعلان الحداد العام في المملكة . 
بغداد في 4 نيسان ١979‏ . مدير الدعاية والنشر والإذاعة 


وكان مجلس الوزراء قد قرر قبل ذلك أن يعقد اجتماع في البلاط الملحي 
يضم رئيس الوزراء » وكله”من وزراء الداخلية » والمالية » والدفاع » ورئيمي. 
الاعيان والنواب » ورؤساء الوزراء السابقين » للنظر في أمر تعيين وصي غلى 
الملك الصغير » حتى يبلغ سن الرشد القانونية . فلما ثم عقد الاجتماع » تقرر 
حصر الوصاية في أحد أولاد أو أحفاد الملك حسين » وني أن يكون الوصي 
اما الأمير عبد الله » أو الامير زيد » أو الامير عبد اله . وقد استبعد الاول 
لانشغاله بامارة شرتي الاردن » كما استبعد الثاني لأنه كان متزوجاً من سيدة 


الف 


تركية » ولذا اتفق الجميع على ترشيح الامير عبد الاله » نجل الملك علي لمنصب 
الوصاية » ولا سيما وهو خال الملك » وأقرب الناس إليه . ولكن ظهرت 
مشكلة جديدة فق د كان عبدالاله ما يزال يعتبر نفسه ولي عهد عرش الحجاز » 
وهو لا يحمل الحنسية العراقية . فطلبت إلى نوري أن يكلفه بتقديم عريضة طلب 
التجنس بالحنسية العراقية فقدمهاء وأحلتها بدوري الى مديرية الشرطة العامة 
لثرى ما اذا كان هناك مانع قانوني أو أصولي لمنح الحنسية ٠‏ فكان الحواب 
(لا مانع من ذلك ) وهكذا منح عبد الاله الحنسية العراقية وأصبح عراقياً 
بتوقيع ( ناجي شوكت ) ويا ليني لم أوقع في هذه الشهادة» ولم أر غراً يحكم 
العراق نحو عشرين سنة بحقد » وطيش » ونزق » وجهل بأساليب الحكم . 

وعلى كل فقد شيع جثمان الملك غازي ف اليوم الثاني لوفاته الى مرقده 
الاخير باحتفال مهيب » وقد انحذت تدابير مشددة وفوق العادة للحيلولة دون 
وقوع ما يحل بالامن العام والسكينة » كما جرى ني الموصل حيث قتل القنصل 
البريطاني فيها على أثر الشائعات الي أطلقها المنظاهرون هناك » والي قالوا 
فيها ان الانكليز كانوا وراء هذا الحادث المؤسف . وعلى كل فلما ثم انزال 
الع :ي' الحسدة + هرك توري البعيد إل .داره ليرا »..حوفا من عضب 
الجماهير » واحتمال فتكها له فرجوت رهم حيدر أن يقوم مقام نوري 
في تقبل مراسيم التعزية من قبل السفراء الأجانب » وكبار المشيعيين » فقام 
بذلك . كما الي امخذت التدابير الوقائية الضرورية لحماية السفير البريطاني » 
حيث رتبت مديرية الشرطة العامة أمر عودته وأصحابه الى السفارة عن طريق 
طريق الاعظمية ‏ الكاظمية ‏ جانب الكرخ فوصلوا إليها سالمين » وبدأت 
عشرات الالوف من الناس الذين كانوا ي تشييع الحنازة تعود الى بغداد للقيام 
بالتظاهرات . وقد أمرت الشرطة بعدم التدخل في أمور الاهلين » بحيث تمت 
مراسهم الدفن وتقديم التعازي دون أن يحصل ما يكدر الامن » كنا حصل في 
الموصل حيث قتل القنصل البريطاني » واضطرت الحكومة الى اعلان الادارة 
العرفية فيها لبضعة أيام » بغية السيطرة على الوضع العام » وعدم تمكين الناس 


م 


من إحداث أضرار أخرى . وهذا هو البلاغ الرسمي الصادر عن هذا القتل ؛ - 
© بيان رسمي : 

بينما كان أهل الموصل صعقين من شداة هول المصاب العظيم الذي حل 
بهم بفقد ملك البلاد المحبوب » واذا ببعض المفسدين قد انتهزوا الفرصة » 
واندسوا بين الصفوف » فحرضوا بعض الحناة على اغتيال المنصل البريطاني 
في الموصل . وقد ألقي القبض على القاتل » والمحرضين » وسينالون ما 
يستحقونه من العقاب الصارم . 

ان الحكومة في الوقت الذي تعلن فيه استنكارها لهذا العمل الفظيع ؛ 
تعتقد بأن الشعب العرائي النبيل » وخاصة أهل الموصل الكرام يشاطرون 
شعورها في ضرورة انخاذ كل ما يلزم لتنزيه سمعة العراق من هذه الاعمال 
المستنكرة » وببذه المناسبة تكد مرة أخرى عزمها على اتباع الحطة الي أذاعها 
فخامة رئيس الوزراء قبل بضعة أيام » وعدم افساح المجال لأي كان لتعكير 
صفو العلاقات القائمة بين العراق وبين حليفته البر يطانية العظمى . 

بغداد ه نيسان ١988‏ مدير الدعاية والنشر والاذاعة 

لقد قابل رئيس الوزراء نوري السعيد السفير البريطاني » وأعرب عن 
أسفه وأسف الحكومة العراقية لقتل القنصل الانكليزي في الموصل » ووعد 
بتقديم هبة مالية سخية لعائلة القتيل0" . 

وف السادس من نيسان 1914 اجتمع مجلسا الاعيان والنواب في جلسة 
مشتركة » رأسها السيد محمد الصدر رئيس مجلس الاعيان» وقرر بالاجماع 
الموافقة على تنصيب عبد الاله وصباً على الملك » فاستقالت وزارة نوري السعيد 
الثالثة بحسب التقاليد الدستورية» ثم تألفت من جديد من عين الاعضاء والرئيس » 
دون تغيير أو تبديل » وهكذا انتهت هذه المأساة على هذه الشاكلة لتعقبها ماس 
أكر خطراً وأبعد أثراً . 


. ١488 مايس‎ ١١ ألف باون اسثر ليني في‎ ٠١ تم تعويض عائلة القنصل القتيل ب‎ )١( 


خض 


إيفادي” في مهمة خطيرة 

بينما كان ساسة العراق ورجال الدولة البارزون منهمكين في الانتقام » 
وني أخذ الثأر من بعضهم البعض » وكذلك في التنكيل بخصومهم السياسيين 
بافتعال المؤامرات » واستصدار أحكام القضاء على حياتهم بواسطة المجالس 
العرفية » كانت ا حالة العامة ي سورية مضطربة » والوزارة السورية مبرجرجة» 
بسبب إصرار الحكومة الفرنسية على عدم إقرار المعاهدة الي عقدها مع سورية 
في عام 1945 » كما كان أدولف هتلر يضرب ذات اليمين وذات الشمال » 
وموسوليي يرعد ويزبد » ورئيس الوزارة البريطانية حمل مظلته المشهورة 
بيده ويذهب لاستر ضاء هتلر » فيتوسل إليه ويبديء من أعصابه وغلوائه . 
وني الوقت الذي كانت ال حرب العامة عنى الابواب لا يعلم بالضبط في أية ساعة 
بندلع أوارها » ني هذا الوقت بالذات كانت أمام الوزارة القائمة في العراق 
مشكلات وأعباء كثيرة فماذا سيكون وضعنا مع انكليرا اذا اندلعت الحرب ؟ 
وماذا سيكون موقفنا من جاراتنا ولا سيما تركية ؟ 

في مثل هذه الاحوال المضطربة » وفي وسط هذه الظروف الشاذة » فكر 
نوري السعيد في التخلص مني » والتفرد بآرائه وأفكاره واتجاهاته في السير 
بالعراق ومشكلاته وسط هذا البحر ا حضم » فابتدع حكاية لابعادي عن 
العراق » محملا” اياي مهاماً وطنية وقومية لا يمكن اثلي أن يتنصل منها وهاك 
ما بعث به الى مجلس الوزراء برقم /ال441 - 4875 - " وتاريخ 759 آذار 
569 : 
وزارة الحارجية 
مديرية الامور الغربية سري للغاية 
الرقم خ - /ا/441 - 85م - م 
التاريخ 78 مارت سنة ١78‏ 


١ 


سكرتارية مجلس الوزراء 
نرجو التفضل بحرض الامور الآنية على مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بشأنها: 
١‏ - ان ازدياد الاضطراب في ال حالة الدولية العامة في أوربا قد أضعف الامل 
في أن تنتهي هذه الازمات المتتالية دون حصول كارثة عالمية تشترك فيها 
الدول جميعها . وقد يتأخر وقوع هذا الاصطدام بضعة أشهر » أو قد 
يطول هذا التأخير إلى سنين » إلا" ان الدلائل أكيدة بأنه محم الوقوع . 
ولما كان ارتباط العراق بالتحالف مع بريطانيا العظمى يفرض عليه 
واجبات قد نص عليها ني الفقرة الرابعة من ملحق معاهدة التحالف لسنة 
عند اشتباك بريطانيا في حرب » ولماكان على العراق واجبات لا 
تقل عما يرتب عليه بموجب المعاهدة المذكورة نجاه الإقطار العربية 
المجاورة » الي تأخر نيلها للاستقلال الموعود من قبل الدول المنتدية منذ 
أمد غير قليل » ونعي بذلك وعود فرنسا نجاه سوريا » وبريطانيا نجاه 
فلسطين ( ومع الاسف الشديد ان الامر قد آل الى أن تسوء ال حالة في 
هذين القطرين الى حد بعيد » مما جعل الرأي العام العراتي يقلق ويتأثر 
كثيراً لهذا الامر ) فقد اضطر صاحب الحلالة الملك لعقد جلسة خاصة معْ 
وزرائه بتاريخ مارت سنة 19174 تقرر فيها لفت نظر الحكومة البريطانية 
الحليفة الى القضايا الآنية : 
أ ضرورة توسط الحكومة البريطانية لدى الحكومة الفرنسية بغية 
إبرام المعاهدة السورية الفرنسية لسنة ١9175‏ وضرورة التفاهم مع 
رجال الكثلة الوطنية . 
ب - وجوب الاسراع ني التوصل الى امباء ما تبقى من الاماني المعلقة 
في قضية فلسطين » والسعي لاحلال الاستقرار والسلم في هذا 
القطر » وازالة أسباب التشكي_والنفرة » ووضع حد للتدمير 


ف 


والتخريب المستمر الناتج مل السياسة المبهمة المتبعة الآن في ذلك 
القطر . 

جٍ ‏ احلال الصفاء محل سوء التفاهم فيما يتعلق بالكويت » وازالة 
نفوذ المهاجرين الايرانيين . كنا اقترح صاحب الخحلالة الملك ذلك 
على السفير البريطاني قبل مغادرته ليغداد . 
وبعد هذا استدعي القائم بأعمال السفارة البريطانية للبلاط الملكي 
العامر » وفانحه صاحب الحلالة بحضوري » وحضور وزيري 
الدفاع والمالية » عن القضايا الثلاث المارة الذكر » بغية الوصول 
الى اتفاق مرض حولها » قبل استفحال الازمة في أوربا » الي 
يحتمل أن تضطر الحكومة البريطانية على أثرها الى الاشتر الك في 
حرب يتحتم على العراق آنثذ القيام بواجباته المنصوص عليها في 
معاهدة التحالف العراقية البريطانية المارة الذكر نجاه حليفته . 
وقد وعد القائم بالأعمال أن يبلغ هذه البيانات فوراً الى صاحب 
الحلالة البريطانية والى حكومته . وبالنظر لما جاء في برقية وزير 
العراق المفوض المرفقة صورة منها طباآً » نقترح أن يجيب الموما 
اليه على بيانات وزير الحارجية البريطانية بمضمون ما جاء في 
الاسس المتقدمة الذكر » وليتايع الحهود في لندن لتحقيق الاغراض 
المذكورة » م ؤكداً المحاذير الي ستنتج حتماً من التأخير في حل 
المسائل المارة الذكر . 

أما فيما يتعلق بقضية فلسطين فقد اتصلنا بالحكومة العربية السعودية ؛ 

وأعلمناها بما قمنا به من المساعي ء وطلبئاً إليها القيام بنفس العمل » 

واخبارنا عن النتائج الي ستتوصل اليها . وقد جاءتنا برقية من الممثل 

العر افي في مق تمر فلسطين تتضمن نصوصاً وافقت عليها الوفود العربية ؛ 

وبضمنها بالطبع وفد فلسطين » حيث ان خطة وفود الحكومات العربية 


ووم 


كانت ان لا تقبل أمراً لا يقبله الوفد الفلسطيئي ؛ وكان الجميع حتى الايام 
الاخيرة متصلين بعضهم بالبعض . والذي يتراءى لنا ان القضية الفلسطينية 
في طريق الحل خلال الايام القليلة الأنية بشكل سير ضي أهل فلسطين 
والحكومات العربية . هذا اذا صحت الاخبار الواردة من لندن مؤخراً . 
"7 - أما عن القضية السورية » فهناك أمران : أوهما لواء الاسكندرونة . ان 
السوريين راضون الامر بعدم اثارة أي شيء يتعلق بهذا اللواء » وترك 
موضوعه الى الامر الواقع , الذي سيقرر بين الحكومة التركية 
والحمهورية الفرنسية . أما الامر الثاني المتعلق بتصديق معاهدة سنة ١9475‏ 
فاننا نرى من الضروري جداً تأبيد حقوق السوريين المنصوص عليها في 
تلك المعاهدة » الي ضمنت وحدة سوريا » ورفض التجزئة الي جاءت 
جاءت بها سياسة الفرنسيين الحديدة . 
وبالنظر لحراجة الموقف » وضرورة الاسراع في رسم خطة صحيحة ؛ 
نقترح ايفاد فخامة وزير الداخلية بأقرب فرصة ممكنة الى تركيا لمقابلة رئيس 
الجمهورية التركية» والاتصال برجال الحكومة هناك » للتأكد من نوايا 
الجمهورية المركية وموقفها حيال الوضع الراهن في سوريا . وباعتقادنا انه لا 
1 ان يشجع السوريون على الاقدام على أمر حاسم ٠‏ قبل التأكد من وجهة 
نظر الاتراك . فاذا ما تأكد فخامته بعد درس الموقف من تأييد الاتراك لوجهات 
نظرنا في هذا الصددء فعند ذلك يمكن للحكومة العراقية ان تنظاهر بمعاضدة 
القضية السورية بوجه أبرزء سواء كان ذلك لدى الحكومة البريطانية أو الفر نسية 
وباعتقادنا أيضاً انه لا يصح أن يندفع العراق وراء سياسة نكون عاقبة التسرع 
بها نحزئة البلاد السورية . 
نوري السعيد : وكيل وزير ال حارجية 
وهذا نص البرقية الواردة من لندن ء والي أشار إليها الكتاب المدرج 
نصه أعلاه في صدده : 


لض 


لندن ١6‏ م وظوام 


لقد استدعاني اليوم اللورد هاليفاكس » وزير الحارجية » فبحث الوضع 
الدولي في أوربا الوسطى » وموقف روسيا وبولونيا في الظروف الحاضرة » 
والي نحيط ببولونيا » والي أحأنها أن تصرح بمخطتها تجاه الوضع المذكور نقطة 
وأخبرني أن" سياسة بريطانيا العظمى ني هذه الظروف مقرّرة إلا" أنه لم يبين 
ماهيتها نقطة أن بريطانيا العظمى قد مهندت الطريق لحل الحلاف الإيطالي ‏ 
الفرنسي » ومعظم ذلك معذق على الحطاب الذي سيلقيه موسوليي نقطة انه 
قابل سفير تركيا و بلغاريا وكان مرتاحاً لوضع الدول البلقانية في الأزمة الحاضرة 
نقطة ان المساعى مصروفة لحل الحلاف بين هنغارية ورومانية نقطة ان حصر 
مساعيه ني الأسبوع الماضي النظر في وضع أوربا الوسطى والدول ذاتالعلاقة 
المباشرة فيه نقطة انه الآن يريد الاطلاع على رأي الحكومات العربية المرتبطة 
بعهد مع بريطانيا العظمى نقطة انتقل الكلام إلى فلسطين وقالان السفير المصري 
أخبره أمس انه من الممكن تأمين السلام في فلسطين » فيما لو توسطت الدول 
العربية بذلك » بشرط حل النقاط التافهة الي لم نحل" خلال مفاوضات الموتمر 
نقطة لقد أخبرته بأني أشاطر السفير المصري رأيه » وانه من الموسف ألا" محل" 
النقاط التافهة المذكورة » واني سأخبر حكومي با قاله في هذه المقابلة . 
تظاهر اللورد هاليفا كس بعذم الاطلاع على نتائج المحادثات الي جرت أمس 2 
والي أبرقها إليكم السويدي نقطة نرجو إعلامنا برأيكم . 


 ةيقارع‎ 


كان طبيعياً أن يقر مجلس الوزراء طلب نوري السعيد » المثبت في نص 
الوثيقة السابقة » ولكن سفري إلى تركية تأخر زهاء الشهر . إذ غادرت بغداد 
في الحادي والعشرين من نيسان 1878م . وقد جرت خلال فترة هذا التأختر 
أحداث هامة كمقتل الملك غازي ». وما أعقبه من المناداة بولي عهده الأمير 
فيصل ملكا على العراق » ثم جمع مجلس الآمة لتعيين وصي على الملك الصغير . 


م 


وقبل أن أدخل : في تفاصيل ما جرى لي في تركية من مفاوضات واجتماعات 

الساسة الأتراك » أود أن أتعرض إلى شخص نوري السعيد وأطواره الغريبة 
ولاسيما في أيامه الأخيرة . 

عرفت نوري في حرب الحجاز » أيام الثورة العربية الكبرى . ضابطاً 
لامعاً وقائداً شجاعاً » لا هاب تساقط القنابل بين يديه . ولا يحشّى رصاص 
الرشاشات أو نيران البنادق تنتشر حواليه » بيده ناظوره الذي يراقب بواسطته 
تحشدات الأتراك ومواقعهم » ينتقل من هنا إلى هنا من غير خوف ولا وجل. 
وإذا بنوري هذا يصبح في أيامه الي أورّخ أحداما تحانا مرذدا : ولا سيما 
إذا جاءه المتذبذبون والمتز لفون فينقلون إليه أخباراً تسبب له الوساوس والحوف. 
ولأضر بن مثلا” بسيطاً على ذلك : 

أقام نوري مأدبة غداء كبرى في حديقة داره الكائنة في جانب الكرخ 
ي أبحد أيام الجمع تكرعا للوفد السوري » الذي كان في بغداد . وكنت وطه 
الحاشمي مدعوين في اليوم نفسه في مزرعة محمود صبحي الدفتري » فقررت 
أن أحضر أنا وليمة نوري السعيد » ويحضر طه مأدبة محمود صبحي. وي 
حوالي الساعة الثالئة من بعد ظهر هذا اليوم » شب حريق في خان بسوق 
الشورجة من جانب الرصافة » وأخذ اللهيب والدخان يتصاعدان إلى عنان 
السماء كما يقولون ‏ وإذا بنوري يضطرب أيما اضطراب » ويدخخل غرفة 
التلفون بين حين وآخر ليتسقط أخبار الحريق . لقد قال لي متصرف لواء 
بغداد أن الحريق شب قضاءاً وقدراً » في حين كان نوري يقول أن الحريق 
مدبر » وأنه ستقام .ظاهرات صاخبة تحت ستار هذا الحريق يراد بها إحراج 
الوزارة . قلت له : أخي لا ثيغ نما تلن ونتوهم + لا ترعج نفسك عثل هذه 
الوساوس الي ينقلها إليك أناس لا أعرف أهدافهم من إزعاجك عثل هذه 
الأراجيف والأكاذيب » الي لا ظل ها من الحقيقة . وفعلا” أطفىء- 0 
في نحو الساعة اسابعة » ولم يحدث أي نجمع » ولم تقسم أية مظاهرة . وهذ 
أمثولة صغيرة أسوقها للبرهنة على أن نوري أصبح كثير المخاوف » 00 


يلض 


البال . وقد علمت بعدئذ أن الذي اختلق هذه الأكذوبة أكد له أن الحريق 
مفتعل » وأن مظاهرة عظمى ستقام » وان المتظاهرين سيتجهون نحو السجن 
فيطلقون سراح عدوه حكمت سليمان » وأن لمدير السجون العام سابق معرفة 
بذه النوايا الحبيثة و... إلى آخر ما هنالك من أخبار ملفقة وأكاذيب مفتعلة . 

وحل يوم سفري إلى تركية فحضر إلى محطة القطار ني الباب المعظم جمع 
من الأصدقاء والمحبين لتوديعي » ول يكن نوري من بينهم ‏ خلافاً لعاداته ‏ 
فإن أرشد العمري كان قد أسرّ إلي" قبل يوم بأن نوري يدبّر مكيدة لي » 
وأنه افتعل المهمة الي أوفدني بها إلى تركية لإبعادي إلى أنقرة وإبقائي فيها . 
وقد لفت نظر الأصدقاء والمودعين عدم حضور نوري لتوديعي » وصاروا 
يتهامسون فيما بينهم» ولما شرع القطار في السير وتوقف ف محطة باب الشيخ » 
لاحظت أن نوري كان في انتظاري ومعه نجله صباح » وتأبى الصدف إلا" أن 
تفضحه » فد كان علاء الدين النائب بانتظاري في محطة باب الشيخ أيضاً , 
فطلبت إليه أن يشيع بين أصدقائي أمر حضور نوري للتوديع في محطة باب 
الشيخ » بدلا" من محطة الباب المعظم . وعلى كل فد ضافحي الرجل بحرارة 
وتمى لي سفراً ميموتاً . ولم أكتشف حت اليوم الغرض من توديع نوري لي 
في هذه السفرة على هذه الصورة » فه لكان مقصوداً أم انه كان عفواً ؟ 

وعلى كل فما كدت أصل إلى أنقرة » حبى أسرعت إلى مقابلة سراج 
أوغلو وزير خارجية تركية » الذي كانت تربطي به صداقة قديمة منذ مثّلت” 
بلادي في تركية مرتين » كما اني قابلت في اليوم نفسه كلا من رئيس الوزراء 
الدكتور رفيق سايدام » ورئيس الحمهورية عصمت اينونو . ولما كان اليوم 
التالي » كانت لي عدة اتصالات مع آخرين مثل سفير الأفغان في أنقرة » وسفير 
انكلترا » ومستشاره المسر مورغي» وسفير المجر الكونت مارياشئي » 
فكنت ممتنآ لنتائج هذه المقابلات » ومرتاحاً لها . وفي مساء اليوم الثاني كنت 
أتناول طعام العشاء مع الوزير سراج أوغلو في مطعم كاربيج المشهور في أنقرة 
بصورة شخصية » وما كدت أعود إلى دار السفارة ‏ حيث كنت أقيم فيها - 


لضن سيرة وذكريات (4؟) 


في منتصف الليل » حبى وجدت سكرتير السفارة في انتظاري » على الرغم 
من أن الوقت كان متأخراً » وإذا به يناولني هذه البرقية : 
عراقية ‏ أنقرة - شخصية - لفخامة ناجي شوكت 

أرى من واجبي أن أخبركم أن" الأحوال اضطرتي إلى إجراء تعديلات 
مهمة في بعض كبار موظفي الداخلية. واني آسف لإقدامي على هذه الإجراءات » 
على أثر مغادرتكم القطر » شعرت في الأيام الأخيرة انكم كنم غير مرتاحين 
الخطة العامة » الي كنت أرى ضرورة لانتهاجها في تدوير شؤون الدولة : 
وكان هذا يني جداً بالنظر إلى أن أهدافنا واحدة » وصداقتنا قديمة . انني 
أرجو أن تثقوا بأنني كنت » وسأكون دائماً » حريصاً على هذه الصداقة , 
وعلى ضرورة تعاوننا في تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتق هذه المملكة ». 
لذلك رأيت أن" واجب الصداقة هذه يقضي علي بأن أطلعكم ٠‏ وبدون 
انتظار » على هذا الوضع » وأترك لكم الحيار فيما إذا كنم تزغبون موازرتي 
في تركية أو مصر » بعد [نمام مهمتكم في أنقرة . 

بغداد 514 4 84وام خصارجية ‏ 

ناور فيك من اراس نرتقت مناه اليكو عل مخراا سر 
وطلبت إليه أن يبرق به إلى بغداد في الصباح الباكر » كما طلبت إليه أن يحجز 
لي مقصورة في القطار القادم من اسطنبول في طريقه إلى حلب . وفيما يلي نص 
البرقية اللي أمليتها : - 

أنقرة ه15 4 -99وام الرقم 4" 

شخصي إلى نوري السعيد 

أخذت برقيتكم » أخبركم بأن هذه المفاجأة لم تكن بعيدة عن خاطري » 
تتذكرون جيداً بأني » قبل مغادرتي بغداد بأسبوع ٠‏ بيّنت لكم رغبي في 
الانسحاب من الوزارة » لأني رأيت أنه قد أصبح من المستحيل علي" مؤازرنكم 
للأسباب الي سردتها اليكم » فكان بامكانكم أن توافقوا على انسحالي ؛ 
دون أن تعوزكم الحرأة الى اخفاء قصدكم » واظهاره بعد أن ابتعدت عن 


يون 


العراق بمهمة حيوية للبلد » لقد خدمت, بلادي باخلاص مدة حياتي » لم أعباون 
فيما مس شري » وكرامي » وبقي اسمي بعيداً عن كل ما جرى من حوادث 
مولمة في العراق » سببت له أضراراً جمة » ومدة وزارتي الأخيرة بذلت كل 
جهدي لأن أكون حائلا” دون استعمال الشدة الضارّة » ورواج الحزازات 
الشخصية» والان أشكر ربي على هذه النتيجة » الي سوف لا توثر فيشخصي , 
بل ستز يدني فخراً وشرفاً وكل ما أتمثاه أن أزي يلوي مشمتمة برافاه:وسكون 
كما أرى من واجبي أن أجلب أنظاركم إلى العواقب السيئة الي ستجاببها 
البلاد » فيما إذا استمرت الشدة والحزازات وأخي رأ أخب ركم بأني لايمكني . 
بعد هذه الأحوال » أن أقبل أية وظيفة سواء في الداخل أو الحارج . هدانا 
الباري إلى الطريق المستقيم ٠.‏ ناجي شوكت 


تقرير عن مهمبي 

كنت:قد استصحبت السيد كمال عبد المجيد . معاون مدير الداخلية العام. 
يوم غادرت بغداد إلى أنقرة في المهمة المذكورة . فلما حجزت على العودة . 
عاد معي الموما إليه » فأمليت عليه ونحن في القطار ‏ بالتقرير الآني نصه . 
وروت منه إيصاله إلى وزارة الحارجية عند وصوله إلى بغداد . فلما وصل 
القطار إلى حلب ٠‏ انتقلت أنا إلى القطار المنجه إلى طر ابلس فبيروت ٠‏ لأقضي 
فيها بعض الأيام للراحة والاستجمام » وأرفته عن نفسي من ألاعيب السياسة 
وتقلبامها » أما السيد كمال فقد واصل سيره إلى بغداد . وقدم التقرير الذي 
امليته عليه . وقد رأيت من المناسب أن أنشر هذا التقرير هنا حرصاً عليه من 
الضياع ٠‏ وهذا نصه : 

المعلومات الي حصلت عليها من : 

. سراج أوغلو وكيل الخارجية‎ - ١ 

؟ - رفيق سايدام رئيس الوزراء . 

- فخامة عصمت اينونو رئيس الحمهورية . 


فض 


أ- وضع تركيا إزاء الحالة الدولية في البلقان : 

١-أكد‏ وكيل الحارجية وجود مباحثئات بين تركيا وانكليرا لانضمام الأولى 
إلى الحبهة الديمقراطية والمذاكرات في تقدام . 

؟ - فهمت من مباحثاتي مع الثلاثة » أن تركيا لا يمكن أن تدخل في حرب مع 
ألمانيا وإيطاليا » ضد انكلئرا وفرنسا . 

أما دخوها الحرب بجحانب انكلترا وفرنسا فإن ذلك إن لم يقع في بداية 
الحرب » فإنه سيكون بعد نشوب الحرب بدة . 

" ان تركيا تخشى إيطاليا » ولا يهمها توسع ألمانيا في أوربا . 

4 - الحلف البلقاني إن لم عمت » فهو في حالة النزع . فيوغوسلافيا قدانضمّت 
تقريباً إلى إيطاليا » وان رومانيا في تردد » واليونان في وضع مرتبك » 
وهذا لا تعتمد تركيا على الحلف البلقاني . 

ملاحظة : إذا دخلت بلغاريا الحرب مع إيطاليا ضد اليونان » فإن 
تركيا تدخل الحرب . 

ب - وضع تركيا إزاء سوريا وفلسطين : 

. ظهر لي أن تركيا تعطف الآن على قضية فلسطين أكثر من ذي قبل‎ - ١ 

؟ - تركيا في مذاكراتها مع فرنسا » بصدد إلحاق هاتاي بتركيا نبائياً » تعتبر أن 
هذا الإلحاق قد ثم بالفعل » ولم يبق سوى تسوية المسألة من الوجهة 
النظرية فقط . 

وان المذشاكرات تحري على الأسس التالية  :‏ 
أ اعير اف فرنسا بضم تركيا هاتاي إليها . 
ب - تعهد تركيا بعدم التجاوز على سوريا . 
ج - تعهد فرنسا بعدم عمد معاهدة مع أية دولة آجنبية ضد منافع سوريا . 
د مبادلة السكان . 


نفض 


سراج أوغلو يقول : ان سفير فرئسا قال له أن حكومته ستقبل هذه 
الأسس . 
أكّد المسر مورغان ‏ مستشار السفارة الإنكليزية في أنقرة ‏ أن 
فرنسا آسوف تقبل بضم هاتاي إلى تركيا » إلا" أنها تسعى لإيجاد طريقة 
تحافظ بها على سمعة فرنسا . 
حاولت استمالة رجال تركيا إلى إعادة النظر في أمر تقسيم هاتاي فرأيتهم 
بعيدين عن ذلك . 
حاولت كذلك إقناعهم لإجبار فرنسا على تنفيذ معاهدة سنة 1975م 
السورية - الفرنسية » فقالوا إذا ثم إلحاق هاتاي » فإن تركيا تسعى لإقناع 
فرنسا على ذلك » إذا كانت العراق وانكلرا تبذلان نفس المساعي . 
قلت هم ان العراق باذل جهده في هذا الباب بغية إقناع فرنسا بذلك من 
جهة والتأئير على انكلترا لتضغط على فرنسا من الحهة الأخرى . 
؛- صرح الرجال الثلاثة » ولا سيما اينونو » باسم الحكومة التركية بأن ليس 
لدى تركية أية مطامع ني الأراضي السورية » ما عدا هاتاي » وانهميودون 
أن يروا سوريا مستقلة كالعراق » ولكنهم غير مطمثنين لوضع سوريا 
. الداخلي » لأن رجاها ليسوا متفقين فيما بينهم . 
ه-قلت إلى اينونو : إذا كانت فرنسا لا توافق على معاهدة سنة 1915م 
فإن ثورة عامة ستقع في سوريا » وان هذا ليس في صالح فرنسا أوانكلترا 
أو تركيا » بالنظر إلى الوضع الدولي الخاضر » لا سيما وان كل الظواهر 
والبواطن تدل على أن الدول الثلاثة الآ نفة الذكر ستكون جبهة واحدة في 
حالة وقوع الحرب . ولذا على هذه الدول وعلى العراق بصفته محطة آمال 
العالم العرني » وهو صديق تركيا وحليفته بريطانيا » أن يبذل كل ما في 
وسعها لتنال.سوريا استقلالها » وتصبح عضواً نافعاً في الشرق » لا سيما 
أرى أن تركيا قد غسلت يداها الآن من الحلف البلقاني » ول يبق لديها 


نفس 


سوى أن تشد إزر الدول الشرقية الإسلامية » وبالخاصة العربية منها . 
فإن وحدة عربية مؤلفة من فلسطين » وسوريا ء والعراق » صديقات 
لتركيا تفيدها كثيراً ولا سيما بعد أن تطورت أحوال العالم هذا التطور . 
فإذا أصرت فرنسا على عدم تنفيذ معاهدة سنة 1975م واستمرت على 
سياسة التفرقة والتجزئة في سوريا ء فلا يستبعد أن يقرر السوريون توحيد 
بلادهم مع العراق فماذا سيكون وضع تركيا حينذاك ؟ 
أجابي عصمت اينونو : كونوا مطمثنين من أن تركيا لا تقف موقفاً سلبياً 
من ذلك ( يقصد اتحاد سوريا والعراق ) ولكنه قال : يجب على العراق أن 
يلاحظ في مثل هذا الموقف حليفته انكليرا » الي ترتبط مع فرنسا بأقوىرابطة 
في العالم . وأضاف قائلا” : ( انه يسر تركيا أن ترى الع, اق محط آمال فلسطين» 
وسورية » والعالم العرني » إذ أن" تركيا واثقة من صداقة العراق لها » ومن بعد 
نظر رجال العراق وكياستهم ومزاياهم السياسية ) . 

. سألي سفير الأفغان عن حالة فلسطين وسوريا » فشرحت له موقفهما‎ ١ 
» وشكرته على مساعدة الحكومة الأفغانية لعرب فلسطين » وحل قضيتهم‎ 
وقلت له : أتأمل أن تقوم الحكومة الأفغانية بمساعدة سوريا أيضاً » بجلبها‎ 
نظر دقة فرنسا إلى لزوم تنفيذ معاهدة سنة 1915م » فوعدني بانه سوف,‎ 
. يبرق إلى حكومته بذلك‎ 

"في مقابلي مع سفير انكليرا » بعد أن استعرضنا الموقف الدولي وموقف 
تركيا منه وقضيتا فلسطين وسورية » وبينت له الفوائد العظيمة في سرعة 
حل قضية فلسطين » وفق رغبات عرب فلسطين » وجدته متفقاً معي في 
لزوم سرعة حل القضية » كما الي قلت له ان من واجب الحكومةالبر يطانية 
أن تنصح فرنسا وتشد د عليها لتصديق معاهدة سنة 1915م . 

1 ل وظوام التوقيع : ناجي شوكت 
في قطار طوروس بين أنقرة وطرابلس الشام . 


بم 


حيرة ودهشة 

لا أدري بأي لسان أذكر ألاعيب نوري السعيد وأساليبه . لقد أوفدني إلى 
تركية في مهمة قومية خطيرة » وتركية صديقة للعراق » ولي فيها أصدقاء 
حميمون » ونوري يعرف هذه الصداقة؛ ويعرف هولاء الأصدقاء. وقد سبق 
أن كتب إلي" ‏ هو في إحدى رسائله الي نشرت نصوصها أعلاه هذه 
الميارة : - 

كما اني لا أستطيع وصف ما يخالج ضميري نحوك أيها الأخ لما لاقيته 
منك من الحنو الأخوي» عندما كنا في اسطنبول » وكذلك من أمطلال المحتر مة 
نحونا جميعاً » وعسى الله أن يمككني بمقابلة جزء منه في المستقبل . 

ولكنه سرعان ما عاد إلى سيرته الأولى فوجته إلي" البرقية الي يبرن فيها 
بين المفوضية العراقية في أنقرة » وني مصر ء. دون أن يحد في هذا الإبراق 
وبهذه السرعة إحراجاً لموقفي » وامتهاناً لكرامي » فهل كان عمله جبناً دفعه إلى 
التخلص مي وإبعادي عن وزارته وعن وطي ؟ أم هي خسة في طبعه جرى 
عليها حبى مع من كان يعتمد عليهم . 

هذا وأرى لزاماً علي أن أنشر هنا وثيقة خخطيرة » هي خلاصة الحديث 
الذي جرى بي وبين السيد شكري سراج أوغلو » وزير خارجية تركية ؛ 
قي الرابع والعشرين من نيسان 918١م‏ حول موضوعات عربية مهمة . فقد 
لا يتيسر لمتتبّعي تاريخ العراق الحديث أن يعثروا على هذه الموضوعات » 
وهذا نص ما كتبته في حينه  :‏ 

ملخص الحديث الذي جرى بين فخامة السيد ناجي شوكت وزير داخلية 
العراق » ومعالي السيد شكري سراج أوغلو وزير خارجية تركية » بتاريخ 
4-4 -99"4١ام:‏ 
أولا" - الآراء التي تبودلت بين الحكومتين : التركية والإنكليزية في انقرة : 

تحاول الحكومة الإنكليزية حمل الحكومة الركية على أن تضمن 


وم 


استقلال رومانيا واليونان » إلا" أن الحكومة التركية ليسث مستعدة لإعطاء 
ضمان كهذا » أو التسرع في إعطائه . والغرض من ذلك هو الانتظار مدة 
أكثر إذ أنها ترى أن الميثاق البلقاني قد انهار » أو هو على وشك ذلك . 
فيوغوسلافيا قد أفلتت من اليد » ورومانيا على وشك أن تفلت أيضاً , 
ولذا فإن الحكومة التركية لا تريد أن تزج ببلادها في أمور ومشاكل 
تؤدي بها بالنتيجة إلى الحطر . 

ومما لا شلك فيه أيضاً أن الحكومة التركية ليس باستطاعتها الوقوف 
يجانب ألمانيا وإيطاليا » ولكنها مع عطفها على الحبهة الديمةراطية» تحرص 
على الاحتفاظ بحيادها » إلا" إذا تعرّضت منافعها للخطر . على أن الحكومة 
الإنكليزية ما زالت ساعية لاستمالة تركيا إلى جانبها . 

ملحوظة : سأل وزير الحارزجية التركية » عما يقوله بصدد استيلاء 
إيطاليا على ألبانيا ؟ فأجاب أن هذ|'الاحتلال وإ نكان يبدآد منافع تركيا » 

إلا" أن" هذا التهديد لا يعتبر خطراً مباشراً . ومع ذلك فإن رجال تركيا 

أنفسهم لا يعلمون كيف سيمكنهم المحافظة على الحياد المطلق . فهم إن 
فتحوا الدردنيل» يكونون قد أخدّوا بالحياد تجاه ألمانياء وإذا أوصدوه»ء 
فيكونوا قد أخلّوا به تجاه الدول الديمقراطية . 


النتيجة : 

١إن‏ الأتراك يبغون الانتظار وترقب الأحوال . وحسب ظي إذا 
تصدت بلغاريا إلى التجاوز على اليونان مشتركا مع إيطاليا » فإن 
الآتراك سيعتبرون مثل هذه الحركة ماسة بعصا حهم . 
فألمانيا وإيطاليا يريدان الحرب فوراًء أما انكلثرا فإنها تسعى لتأجيلها 
ليتسبى لها كمال تسليحها . 


0/1 


إن تركيا ستكون يجانب انكلترا وفرنسة ( ني حالة نشوب حرب 
واضطرارها إلى دخوها ) . 
ثانيً ‏ المذاكرات الي جرت بين الحكوهتين : الركية والفرنسية في أنقرة 
. بمعرفة الحكومة الإنكليزية : 
على وشك أن يم الاتفاق بين الحكومتين : التركية والفرنسية على عقد 
معاهدة بينهما وفق الأسس الآنية : 
أ - توافق فرنسا على إلحاق هاتاي والاسكندر ونة ذركية . 
ب- تتعهد تركية بأن لا تكون ها أية مطاليب أخرى في سوريا » أي انها 
بعد أن تضم هاتاي إليها » تحتر م الحدود الحاضرة بينها وبين سوريا . 
ج - يجري تبادل بين السكان العرب والآتراك . 
دلا تعقد فرنسة معاهدة ما مع أية دولة أخرى تخل بمنافع و 
وقد بين وزير اللخارجية الأركية » أن السفير الفرنسي قد أبلغه موافقة 
حكومته مبدئياً على الأسس السالفة الذكر » إلا" أمها ‏ أي الحكومة الفرنسية ‏ 
قد يكون لديبها بعض الاقئر احات المتقابلة : 
ن. ش إن هذا معناه أنكم قد بعتم سورية إلى فرنسة . فهل يجوز لفرنسا أن 
تعقد هذه المعاهدة معكم ؟ 
ش.س إن فرنسا » بعد أن توافق على عقد المعاهدة » لا بد وانها ستأخذ 
على عاتقها استحصال موافقة عضبة الأمم الني عهدت إليها بالانتداب 
على سوريا . : 
ن. ش ليس لفرنسة أو لعصبة الأمم التنازل عن بلاد لا تعود إليها . 
ن. ش لاذا لا تتفاهمون مع سوريا مباشرة بدلا" من الاتفاق مع الفرنسيين؟ 


يفنا 


ونا سيما وانكم قد أبقيم باب المذاكرات مفتوحة فيما يتعلّق بتقسيم 
هاتاي ؟ 


( أسكي جاملر بارداق اولدى ) ومع هذا إذا قبل السوريون بإلحاق 
هاتاي إلى تركية » فإننا مستعدون لعقد معاهدة معهم . 


ن. ش حسن . على أي أساس يمكن أن يكون ذلك ؟ 


ش. س 


على أساس إحاق هاتاي بكاملها . 


ن. ش لاذا لا تتفاهمون مع السوريين على أساس التقسيم ؟ و بذلك تكونون 


ش.س 


شن 


ش .س 


8 


5 


قد كسيم الرأي العام العربي ؟ 

مع الأسف فات الأوان » وليس في الإمكان عمل ذلك الآن . اننا قد 
ضممنا هاتاي إلى تركية بالفعل » ولم يبق سوى تكييف القضية من 
الوجهة الحقوقية . 

إذا فرضنا أن السوريين أرادوا التفاهم معكم على هذا الأساس فما 


هي المنافع الي تقدمومها هم لقّاء ذلك ؟ 


ننتظر مايقوله السوريون . 
من البديبي اني لا أستطيع أن أقول شيئاً باسم سوريا » ولكن فيحالة 
موافقتها على ما تطلبونه هل يمكنكم أن تتعهدوا بإرغام فرنسة على 
تصديق معاهدة سنة 1515م المعقودة معهم ؟ 

إذا كنم تعنون بالإرغام استعمال القوة فهذا غير ممكن . ولكننا 
نبذل كل جهدنا لأجل حمل فرنسة على إمرار المعاهدة المذّكورة من 
البرلمان الفرنسي . 
إني متأكد انه في حالة عدم موافقة فرنسا على معاهدة سنة 1985م 
فإن السوريين سيطالبون بإلحاق بلادهم بالعراق . 


لضا 


ش.س إننا وإن كنا لا نعارض اتحاد القطرين » إلا أنه نرى أن وقت ذلك 
لم يحن بعد . ش 

ن. ش إن الميثاق البلقافي قد البار » ونحن الآن وراءكم » وأنم في خطر » 
ومضطرين إلى الرجوع إلى سياستكم الشرقية . فلماذا لا نتعاونو ننقذ 
سوريا وفلسطين » و بذلك. نكون كتلة شرقية قوية ؟ ان مصائب 
الاستعمار ليست بخافية عليكم » وان سوريا وفلسطين إذا تخلصتا 
من الاستعمار . فإنهما ستكو نان صديقتان لكم مثلنا . إن فرنسة 
صديقتكم اليوم ولكن من يدري ماذا ستكون الأمور غداً . 

ش.س كيف تأمن السوريين الذين تعرفهم انت كل المعرفة » وواقف على 
وضعهم تجاهنا منذ ثلاث سنوات ؟ 

ن.ش السوريون ليس لديهم تجارب . وقد آمنوا الآن بالواقع » وأودعوا 
مقد رانهم إلى العراق . 


فيرةاصطياف 


أقمت في بيروت بضعة أيام » دعاني خلاها السيد رياض الصلح على وليمة 
غداء في أحدها » ثم توجهت إلى دمشق لأقضي فيها أياماً أخرى . وكان موفق 
الألوسي » منافس نوري السعيد على خطب ود (م. ) يشغل وظيفة قنصل 
العراق العام فيها » فأقام لي مأدبة غداء دعى إليها بعض الشخصيات السورية 
المحترمة أضراب سعد الله الحابري . وعلى كل فقد توجهت إلى بغداد . 
واشتركت في الانتخابات الحديدة فانتخبت نائباً عن بغداد في الحامس من 
حزيران 1878م . وبعد أن حضرت جلسة افتتاح المجلس في ١7‏ حزيران من 
هذه السنة » عدت إلى لبنان مع عائلي لنقضي فيرة من الصيف في ربوعه . 
وقد نزلت في بارك أوتيل في « برمانه » ولبئت فيه حبى إعلان الحر ب العالمية 


مضنا 


الثانية في الثالث من أيلول 1984م . وني أحد أيام آب » فاجأني نوريالسعيد 
بزيارة غير متوقعة » لأني كنت أتحاشى لَقاءه منذ عدت من أنقرة : فلم 
يسعني إلا أن أتلقّاه على الرحب والسعة مجاملة » فإذا به يقول : ( مى بصفو 
قلبك نحوي ؟ ) فكان جوابي : (ما عليك إلا" أن تترك أساليبك الي أنت 
أدرى من غير ك بها وعندها تصفى القلوب ) . 


الحرب العالية الثانية 


نزلت من « برمانة » إلى « بيروت » في اليوم الثالث من أيلول 1م 
تلبية لدعوة أحد الأصدقاء لتناول الغداء في أحد مسابح بيروت قرب الروشة . 
ونتمًا كنت أصغي إلى الإذاعة اللبنانية في نحو الساعة الواحدة » إذا بالمذيع 
يقطع الموسيقى ليقول : ان نبأ خطيراً سيذاع بعد لحظات . فكان إعلان 
بريطانيا الحرب على ألمانيا هو ذلك النبأ الذي اصطكت له الأسماع » وجعل 
الناس يضر بون أخماساً بأسداس » حاسبين لهذا الحبر المخيف ألف حساب . 
فعدت إلى « برمانة » واصطحبت العائلة إلى دمشق في طريقنا إلى بغداد » 
وإذا بوزارة نوري السعيد القائمة تقرر قطع علاقات العراق الدبلوماسية مع 
ألمانيا » وتسلّم الرعايا الألمان المقيمين في العراق إلى القاعدة العسكريةالبر يطانية 
في الحبانية » فتعتبرهم انكلترا أسرى حرب ». وترسلهم إلى الهند خلافاً 
للأعراف الدولية » ولأبسط القواعد الدبلوماسية . 


وصول المفي الحسيي إلى بغداد 
فوجئت الحكومة العراقية بوصول الحاج محمد أمين الحسيني » مفبي 
فلسطين » مع رهط من جماعته إلى بغداد في الحامس عشر من شهر تشرين 
الأول 994١م‏ ء بعد أن ضايقته الحكومة الفرنسية مضايقة تامة أثناء مكوثه 
في لبنان . وقد ادعى علي جودت وزير سخارجية نوري السعيد » انه هو الذي. 


ين 


سهّل دخول المفني وصحبه إلى العراق بدون جوازات سفر » بيئما اداعى 
مثل هذه الدعوة رشيد عالي الكيلاني رئيس الديوان الملحي » وقد وردت 
أساطير هذين الاداعائين في ص 4١‏ من الحزء الحامس من ١‏ تاريخ الوزارات 
العراقية » » وقد يجوز أن كلا من الطرفين كان محقاً ني روايته » ولكني أنا 
شخصياً أظن أن للسلطات البريطانية ضلعاً في تيسير دخوله العراق » حيث 
سيكون نحت رقابتها ومتناول قبضة يدها . 


لقد زرت المفي الحسيني كما زاره غيري » فرحب لي أجمل ترحيب » 
وذكدرني بالبيانات الي كنت أدليت بها عن مشكلة فلسطين » يوم كنت مثلا” 
للعراق في أنقرة عام 1975م ء وهي البيانات الي سببت بعض الحرج » 
وكتب إلي عنها رسالة رقيقة نشرتها ي الصفحات المتقدمة من هذه الذكريات . 
وقد طلب مني أن يتوالى لقاءنا فوعدته خيراً » ولا أريد أن أذكر هنا شيئاً عن 
اااجتماعات الي تمت معه ؛ ومع قادة الحيش العراقي ورجالات العراق 
البارزين » وما أدات إليه من أحداث جسام » لأني سأفرد لذ ككله بحثامستقلاة 
في الصفحات المقبلة . فقدكان المي المحور الذي دارت حوله تلك الأحداث» 
منذ وصوله إلى العراق ني أواسط نشرين الأول من عام 988١م‏ . حتى 
مغادرته إياه في التاسع والعشرين من أيار عام ١184م‏ . ٠‏ 


مقتل رسم حيدر 


رسم حيدر شاب عرلي نابه قن مدينة بعلبك بلبئان » ومن أسرة كريمة 
معروفة فيها » وقد تثقف ثقافة عضرية واسعة»ء إذ درس في باريس » 
والتحق بالثورة العربية الكبرى في أواخر أيامها » فاتخذه الملك فيصل كاتماً 
لأسراره » ومستشاراً أولا في أموره » حتى تاريخ وفاته . فكان - بحق ‏ 
دماغ فيصل المفكتر » كما كان قومياً عربياً مستقيماً. وكان من مويدي الإقطاع 
في العراق » وله في ذلك نظريات أثبتها في الصفحات المتقدمة . ولما كنت 


خسن 


وزيراً للداخلية في وزارة نوري السعيد الثالثة ‏ وكان هو وزيراً للمالية فيها - 
علمت من تقارير مديرية الشرطة العامة أن رستماً اعتاد السير على قدميه قبل 
مساء كل يوم بين داره في الصالحية » بالقرب من الحسر » وبين محطة قطار 
بغداد ‏ البصرة » دون أن يلتفت إلى الضرر الذي قد يلحق به ممن يناصبونه 
الكراهية أو العداء » أو لا يرتاحون إلى تصرفاته الشخصية . لذلك رتبت له 
الشرطة حراسة غير. منظورة » فكان هناك خفر على الدار » وخفر آخر من بعد 
أثناء تجواله بين داره ومحطة القطار . 

وني يوم لا أتذككره بالضبط » أقام السيد حمدي الياجهجي مأدبة عشاء 
حضرها لفيف من الأعيان » والنواب » والوزراء » وكبار الموظفين : وكان 
بين المدعويين نوري السعيد » ورسم حيدر » وابراههم كمال » وصبيح جيب » 
مزعجة وضوضاء في الغرفة المجاورة للغرفة الي كنت فيها » ولما كنت ضعيف 
السمع . سألت من كان إلى جانبي عن مصدر الأصوات » فرد علي أن" صبيحاً 
مل تملا" شديداً » وصار يتحدى رسم حيدر بقوله له : ( ولماذا لا تذهب إلى 
بلادك أنت الكذا والكذا ) وبعد شم وتقريع وتدخل » أوقف مسي عند 
حده » وتفرق القوم : 

ولا سمعت باظلاق الرصاص على رسم حيدر » وهو بمكتبه بديوان وزارة 
المالية يوم ١68‏ كانون الثاني ١44٠‏ ء تذكرت الشجار الذي حصل في دار 
الباجهجي حمدي » واذا بي افاجأً بأن مطلق الرصاص كان مفوضاً للشرطة 
يدعى حسين فوزي » وقد فصل من الحدمة لاسباب لا علاقة لرسم بهبا. 
وبينما كان التحقيق يجب أن يتجه على هذا النحو لأن القائل معروف والحرم 
مشهود » اذا بنوري السعيد يختلي بالقاتل في مركز الشرطة » ثم يأمر 
بالقيض على جماعة بينهم ابراهيم كمال » وعارف قفطان » وصببح نجيب » 
وشفيق نوري السعيدي » فاختلف الوزراء فيما بينهم » وأدى لحلاف الى 
استقالة الوزارة . ولما تقرر ان تؤلف الوزارة الحديدة برئاسة نوري أيضاً ؛ 


دكن 


حصلت مضاعفات أدت الى الانشقاق . فقد أص ر كل من رئيس أركان الحيش 
حسين فوزي » وأمير اللواء أمين العمري على أن لا يدخل الوزارة الحديدة لا 
نوري السعيد » ولا طه الهاشمي . على حين كان جماعة من العقداء الذين 
يناصرون نوري وطه أصرت على اسناد الوزارة الى أحد هذين السياسيين » 
فاستطاع نوري أن يستصدر ارادة ملكية باحالة كل من الفريق حسين فوزي » 
واللواء أمين العمري » والعقيد عزيز ياملكي » على التقاعد » وان يؤلف 
الوزارة الحديدة ويشرك معه طه ني المسؤولية ثم يحيل قاتل حيدر على المحا كمة 
وينفذ حكم الاعدام الذي أصدرته بحقه . ولكن وزارته كانت هزيلة » اذا 
استثنينا منها طه - ولم تلبث في الحكم إلا" أياماً معدودات . 

لقد قيل الكثير في موضوع مقتل رسم حيدر . قيل ان نوري السعيد بعد أن 
قضى على خصومه السياسيين الواحد بعد الآخر » بالقتل والسجن والابعاد عن 
المناصب الوزارية » لم يبق” من ينافسه على الزعامة غير رسم » الذي كان أحق 
برئاسة الوزارة لولا جنسيته السورية . ولقد كانت آراء نوري ورسم متفقة في 
السياسة الحارجية » وهي ان بريطانية هي الحليف الثالي والصديق الوحيد فعلى 
العراق أن يتمسك بصداقتها وودها . 

كان نوري يحشى شخصيتين : شخصية تنافسه في صداقة بريطانية » 
وأخرى تنافسه بوطنيتها وصدق اخلاصها لبلادها » ولكن من الصعب الحزم 
بأن لنوري ضلعاً في مقتل رسم . ولعل القتل كان قضاء وقدراً . وعلى من أراد 
الاطلاع أكر من ذلك فلير جع الى ص ١١5‏ من تاريخ الوزارات العراقية في 
طبعته الرابعة الموسعة . 

وقبل أن أنتهي من هذا الموضوع » أود أن أشير الى حادثئة وقعت في 
ديوان رشيد عالي في البلاط الملكي فقد أجمع رؤساء الوزراء السابقون على 
مقابلة الوصي على العرش » وتقديم احتجاج على تصرفات نوري السعيد ؛ 
وتدخله بي التحقيقات الحارية في مقتل رسم حيدر »؛ والمحا كمات الحارية بحق 


مم 


المتهمين بحادثة القتل . وبينما نحن مجتمعون في غرفة رئيس الديوان » أقبل 
الك ام ا د ل و ل ل 
له بشدة « وأنت أيضاً هنا ؟ من أنت لتحتج علي ؟ لو لم أكن أنا لما كنت 
إلا" متصرفاً كا كنت » فلم ينبس جميل ببنت شفة وانما ترك الديوان وذهب . 


الوزارة القومية 


كانت وزارة نوري السعيد الاخيرة ‏ الحامسة ‏ هزيلة سواء بالاعضاء 
الذين اشتركوا فيها » أو بضعف تأييد الرأي العام لما » فان نوري بعد الاهانة 
الي وجهها إلى جميل المدفعي في غرفة رئيس الديوان الملكي » فَقَد أقرب 
المقربين اليه » كما انه ما كان ليأمن من جانب رئيس الديوان السيد الكيلاني . 
وي الوقت نفسه فان العقداء الاربعة » ولا سيما صلاح الدين الصباغ و محمد 
فهمي سعيد » أخذوا يميلون عن نوري ويتقربون نحو الكيلاني » بفعل الحهد 
الذي بذله المي الحسيي في سبيل هذا التقريب » فلم يبق” مع نوري في الميدان 
غير وزير دفاعه طه الهاشمي » وكنت أشعر بضعف طه أمام نوري بصورة 
ملموسة . ولم أستطع حتى الآن معرفة السبب في هذا الضعف » على الرغم من 
انه كان يختلف واياه في بعض الانجاهات »ولكنه لا يقف ضده . 

في ضوء هذه الظروف الحرجة » وبعد اندلاع هيب الحرب العالمية الثانية » 
وما يحيط بالعالم أجمع من أزمات واضطرابات فكرية » شعر نوري السعيد 
ان ليس من مصلحته أن يتحمل مسؤولية الحكم بصورة منفردة ما جرى له 
حى الآن . وان الضرورة تقضي بقيام وزارة قومية يرأسها غيره » ويكون 
هو وزير خارجيته » فوافق على أن يؤلف رشيد عالي الوزارة المطلوبة » وأن 
يدخل هو فيها كوزير للخارجية . وني اعتقادي ان نوري لم يقدم على هذه 
ا لحطوة ويبديالموافقة على ما تقدم إلا" بعد أن استشار السفير البريطاني بذلك » 
واتفق واياه على هذا النهج . ولا يستبعد أن يكون للامير عبد الاله علم بما 


انا 


افا عليه . فوجود نوري على رأس السياسة االحارجية » ووجود طه قريباً منه 
كؤزير للدفاع » من شأنهما ضمان السيطرة على السياسة الحارجية » وعلى 
الحيش معاً » فان ماشت الوزارة الحديدة ‏ بمجموع أعضائها ‏ السياسة 
البريطانية فان هذا هو الممقصود » من هذا التبدل الوزاري» واذا انشق الوزراء 
على أنفسهم فأيد بعضهم السياسة المذكورة » وعارضها البعض الآخر ء فان 
هناك ما يضمن السيطرة على الفسم المعارض بشكل من الاشكال» ولا سيما 
وجود طه الهاشمي على رأس اللحيش : ووجود نوري السعيد على رأس السياسة 
الخارجية . 

لقد نظمت وثيقة لر سم الحطة الى ستسير الوزارة الحديدة بمقتضاها 
فظهرت دعوات مختلفةعن كيفية تنظيمها » ولكبي أستطيع الحزم بأن المفني 
الحسيي كان المحور في التنظيم » بعد أن اتفق مع رشيد عالي وعقداء اخيش 
على صيغتها » ثم حملها إلي' بنفسه فوقعت فيها » ثم ذهب الى بقية رؤساء 
الوزراء السابقين فوقعوها وهذا نصها : 

نظراً لرغبتنا الاكيدة في جمع الكلمة » وتصاني القلوب » وإزالة الضغائن 
في هذه الظروف العلمية الحطيرة » وما تتطلبه مصلحة البلاد من التفرغ لمعا لحة 
الامور . ومشيتها بصورة اعتيادية دستورية » فقد اتفمت آراؤنا على ما يلي : 
- تؤلف وزارة قومية مؤتلفة يحتار رئيسها صاحب السمو الوصي حسب 

التقاليد الدستورية والاستشارات المعتادة . 
”ددر وشاء الوزار ات السابقون » ورجال الدولة الموقعون » يتعاونون مع 

الوزارة المؤتلفة في داخلها أو خارجها » ومن يتعذر عليه الاشتراك فيهاء 

سبب مقبول لدى سموه » فانه يؤيدها لتحقيق الغايات المذكورة أعلاه 

ويتجنب مناوئتها . 


0 توقع هذه الاتفاقية وترفع لصاحب السمو المعظم . 


لدان سيراة وذكريات (8؟) 


بغداد في ١5‏ آذار .١9154٠‏ 

ناجي السويدي . نوري السعيد . ناجي شوكت . توفيق السويدي . عل 

جودت . جميل المافعى . رشيد عالي . 

وي "١‏ آذار ١91٠‏ صذوت الارادة الملكية بتأليف الوا المطلوبة 
كالاقي ب 

رشيد عالي - رئيساً للوزراء » ووزيرأ للداخلية بالوكالة . 

ناجي السويدي . وزيراً للمالية . 

ناجي شوكت - وزيراً للعدلية . 

نوري السعيد ‏ وزيراً للخارجية . 

طه الهاشمي .و زيراً للدفاع . 

عمر نظمي - وزيراً للاشغال . 

محمد أمين زكي - وزيراً للاقتصاد . 

صادق البصام - وزيراً للمعارف . 

رؤوف البحراني - وزيراً للشؤون الاجتماعية . 

أجل : لقد اشئركت بي هذه الوزارة على كره منى . اذكان يصعب على" 
أن شرك فق أيه ووازة ايكون نوري التسيد أحد أعقائا #.ؤلآ ينها اذا شغن 
منصب وزارة خخطيرة كوزارة الحارجية » لاي لم أكن على ثقة بصلاح سياسته 
الخارجية » بعد أن تكشفت بعد اعلان الحرب » وصار يعتقد بوجوب مماشاة 
السياسة البريطانية » حبى وان كانت نجاوزت نصوص معاهدة ٠‏ حزيران 
البي عقدها هو » ونظمت عوجبها العلاقا تال حلفية بين بر يطانية والعراق. 
ولكن إلحاح كل من المفبي الحسيني والسيد الكيلاني علي بضرورة دخول 
الوزارة الحديدة » وسبق موافقة ناجي السويدي على الاشتراك فيها » كانا 
العاملين الرئيسيين على قبولي الدخول . ولكن ماذا كانت النتيجة ؟ كانت انهلم 
نمض إلا بضعة أيام على تكوين الوزارة » حبى بدأت بوادر الحلاف وأسباب 
الاصطدام نظهر للعيان بصورة أقوى من ذي قبل »حتى انتهت المأساة باصدار 


لمكن 


حاكم عبد الاله والاستعمار الحكم علي بالاشغال الشاقة لمدة خمس عشرة 
سنة » ولكن الله جل وعلا » بمهل ولا يهمل فقد أصدر الشعب حكمه على 
عبد الاله في ثورة ١4‏ تموز بتعليق جثته على بوابة وزارة الدفاع علناً » وعلى 
رئيس وزرائه بالموت الشنيع ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) 


ما عملته الوزارة القومية ؟ 


كان أول عمل قامت به وزارة رشيد عالي الثالثة » الغاءها الاحكام العرفية 
البي أعلنتها وزارة نوري السعيد الثالثة في السادس من آذار 1948 بحجة 
المؤامرة المزعومة الي أشرت إليها في الصفحات المتقدمة . ثم استصدرت 
الوزارة عفواً خاصاً عما تبقى من مدد محكومية حكمت سليمان وصحبه » 
كا انها خففت الاحكام الصادرة بحق بقيتهم . 


دخول إيطاليا الحرب 


دعي مجلس الوزراء الى عقد جلسة استثنائية في الحامس من أيار ١44٠‏ 
للاستماع إلى طلب تقدم به وزير الحارجية نوري السعيد » بناء على طلب 
من السفير البريطاني» واذا بهذا الطلب يتضمن إقرار المجلس ما سيكون عليه 
موقف العراق » اذا ما أعلنت ايطاليا الحرب على بريطانية منذ الآن . اذ ينتظر 
أن تعلن ايطالية هذه الحرب خلال 481 ساعة المقبلة . فلما تداول المجلس 
في هذا الطلب » رأى ان اتخاذ هذا القرار يعد سابقاً لأوانه » وانه من الافضل 
الانتظار حتى ينجلي الموقف . وكلف وزير الحارجية أن يبلغ السفير البريطاني : 
بأن العراق سوف لن يتخلى عما تفرضه عليه معاهدة .#8 حزيران ١97٠‏ 
المعقودة بينه وبين انكليرا . وي العاشر من حزيران شهرت ايطالية الحرب 
على بريطانية وفرنسا » فقابل السفير البريطاني نوري السعيد في الحال » وطلب 


دن 


اليه أن تقرر الحكومة العراقية موقفها من ذلك » وان يوافيه بقرارها قبل ظهر 
ذلك اليوم » وعلى هذا عد مجلس الوزراء جلسة فوق العادة » وافتتح نوري 
الحديث قائلا” : ان السفير البريطاني قابله بصفة رسمية في هذا الصباح » وأبلغه 
خبر دخول ايطاليا الحرب ضد انكلثرا » وطلب اليه أن يعرف موقف 
العراق من ذلك » وأضاف نوري انه يرى أن يبادر العراق الى قطع علاقته 
السياسية مع ايطاليا تما فعل ذلك مع المانية من قبل . فلما فرغ من كلامه وجهت 

إليه الاسئلة الآتية : ل 

١‏ - ألا يرى وزير الحارجية من الصواب التريّث قبل أن يبت في الامر انتظاراً 
معر فة موقف تركية ؟ لانه أعلم من غيره بأن لنا تفاهماً شفوياً معها بأن لا 
ببت العراق في أمر من الشؤون الحارجية الي ها علاقة بالمنطقة » ما لم 
تستشر الواحدة الاخرى . 

؟' - هل يوجد في المعاهدة العراقية ‏ البريطانية نص يلزم العراق بقطع علاقته 
مع دولة تعلن الحرب على انكليرا ؟ 

 "*‏ هل لا يرى من المفيد والواجب استشارة الحكومات المجاورة على ذلك ؟ 

4 - وهلا يحم علينا واجب الاخوة العربية معرفة موقف الحكومة المصرية ولا 
سيما موقف الحكومة السعودية ؟ 
أيد أسئلي كل من ناجي السويدي » وطه ال هاشمي » فكان جواب نوري : 

ان المعاهدة العراقية البريطانية وإن لم تحتو على نص صريح في الموضوع » 

ولكن روحها توجب ذلك . 
أما الاستشارات فامها ستطول . في حين ان الحكومة البريطانية تريد 

الجواب فوراً . وكان الوزير الوحيد الذي أيد نوري السعيد في طإبه وموقفه هو 

السيد محمد أمين زكي وزير الاقتصاد » فقرر مجلس الوزراء ارجاء جلسته إلى 
يوم آخر لوضع صيغة القرار . فلما كان اليوم التاللي » عقد المجلس جلسته 
برئاسة عبد الاله في البلاط الملكي: بناء على طلبه » فكانت الآراء في هذه 


84 


هذه الحلسةر» ماكانت جلسة الامس » فانتقل الوزراء الى ديوان مجلس الوزراء 

حيث عقدت جلسة خاصة الخد فيها القرار التاليي » وطلب الى وزير الحارجية 

أن يبلغ نصه الى السفير البريطاني : 
تداول مجلس الوزراء في الوضع الدولي الراهن » النائبىء عن اعلان 

ايطالية الحرب على الحلفاء » وأخذ جميع العوامل والظروف بنظر الاعتبار ؛ 

بدقة وعناية » وقرر ما يلي : 

59 ان الحكومة العراقية متمسكة معاهدة التحالف » المنعقدة بينها وبين 
الحكومة البريطانية » وماضية في وفائها لعهودها » بروح مشبعة بعطف 
وولاء. 

؟” - ان الحكومة العراقية تقوم بكل ما يترتب عليها من واجبات» وفق أحكام 
معاهدة التحالف » لصيانة المواصلات » والمنافع المشتركة العراقية ‏ 
البريطانية في البلاد . 

م5 ترى الحكومة العراقية ‏ بي الوقت نفسه ‏ أن تتريث في أمر النظر في 
قطع الصلات السياسية بينها وبين ايطالية » اه . 
فلما كان اليوم الثاني عشر من حزيران » قابل السفير البريطاني رئيس 

الوزراء في مكتبه الرسمي » ونقل إليه دهشة حكومته البريطانية من قرار يحلس 

الوزراء الاخير » لها تعتبر قطع العلاقات مع دولة تحار بها أمراً حيوياً لها , 

وان الحكومة المصرية الي تربطها ببريطانية معاهدة شبيهة بالمعاهدة العراقية 

البريطانية قد قطعت علاقاتها مع ايطالية . فرد عليه رئيس الوزراء : ان رأيه 

الشخصي هو تأييد لما قرره مجلس الوزراء . وكان نوري حاضراً هذه المقابلة » 

وهو وإن لم يهدد بالاستقالة من منصبه في بادىء الامر » لكنه رأىأن يتريث 

في ذلك . إذ ربما تساعده الظروف ب المستقبل . وقد وافق على أن يسافر الى 
أنقرة لاستشارة الحكومة التركية ومعرفة ما سيكون موقفها هي » ولا سيما 

موقفها نجاه سورية فيما اذا امهارت فرنسة واستسلمت لالمانية . 


4 


وكان مجلس الوزراء قد اجتمع في ١9‏ حزيران 1494٠‏ وقرر الموافقة على 
الاتصال ببركية » وايفاد كل من وزير الحارجية نوري السعيد » ووزير العدلية 
ناجي شوكت لهذا الغرض . وكان قرار ايفادي مع نوري في ظاهره . أن لي 
سابق معرفة مع رجال تركية) 0 الحمهورية عصمت اينونو : 
ووزير الحارجية شكري سراج أوغلو » الامر الذي سيسهل محادثاتنا » ولكن 
السبب الحقيقي الذي كان يكمن وراء ايفادي مع نوري » هو عدم ثقة رئيس 
الوزراء ووزير المالية ناجي السويدي بنوري السعيد . أما ثتقة طه الحاشمي التامة 
بنوري فكانت تؤيد اتصاله برجال تركية ؛ والتحدث إليهم في المهمة الي أمعنا 
إليها أعلاه » ولا سيما وان له ( لنوري ) رأيه الخاص بأن على الحكومة العراقية 
أن تقطع علاقامها مع كل دولة نحارب بريطانية . وقبل أن نرحل من بغداد 
بالقطار في العشرين من حزيران » زرت رشيد عالي في داره مودعاً » وانتهزت 
الفرصة فقلت له : في نيبي الاتصال بالسفراء الذي ن كانت تربطي بهم صداقات 
سابقة ٠‏ أيام اشتغالي في تركية للتعرف على بعض المعلومات الي قد تفيدنا في 
موقفنا » وفي سياستنا الحارجية » ولا سيما ي مثل هذه الظروف الحرجة » 
وأضفت الى ذلك ان هذه الاتصالات ستكون شخصية لا كوزير مسؤول . 
فأيد رأبي . ولا مررت بالحخاج محمد أمين ل الحسيي وأخبرته عن عزمي على 
السقل . وغنا التونة رون منا لات + أبعي عل ذللقاه. رقا الى هذا 
التشجيع بأنه مستعد لتزويدي بكتاب تعريف الى الفون بابن سفير المانية في أنقرة 
اذا رغبت في ذلك فلما تقرر يوم سفري زارني في داري وسلمي الرسالة الي 
وعد بها وكانت باللغة الفرنسية . 


في محطة قطار حلب 


لما وصل قطاء طوروس بنا إلى محطة حلب » وجدت في استقبالنا كلا 
من نحسين قدري قنصل العراق العام في لبنان » وعلي جودت . وكان جودت 


لفق 


حمل حقيبة صغيرة بيده فقال لي نوري : ان على جودت سيصحبنا الى أنقرة . 
فسألته بأية صفة سيكون معنا ؟ فأجاب كعضو ثالث في الوفد. فقل تله : كيف 
يحوز ذلك ولا يوجد قرار لمجلس الوزراء لاشراكه معنا ؟ ولم يسبق للحكومة 
التركية أن أحيطت علماً بذلك ؟ فرد علي ان هذه أمور بسيطة يمكن تجاوزها 
اذا وافقت أنت وأنا عليها . وكان في قرارة نفس نوري أن يتخذ من وجود 
جودت معنا مساعداً له يؤيده في آرائه ومعروضاته . وعلى كل رفضت أن 
يكون الرجل عضواً ثالثاً في الوفد » وهو غير منتدب لذلك بصورة رسمية » 
وهددت بالعودة الى بغداد اذا أصر على رأيه فتراجع وقال : طيب ليكن سفره 
بصورة شخصية . فلم أر مناصاً من ترك الاصرار على موقفي » ولا سيما وقد 
كنت أود المماشاة لاكتشاف ما في نفس نوري من مفاجآت . 


وني إليوم الثاني » ونحن في طريقنا إلى أنقرة » قال لي نوري : لدي اقتراح 
أود أن أعرضه على الحكومة التركية » ولكني أريد أن أعرف رأيك فيه . قلت 
له وما هو الاقبراح ؟ قال : سنتحدث مع رجال تركية عن الوضع في سورية 2 
فيما اذا تركها الفرنسيون جبراً » واحتلها الانكليز حرباً » وطلب السوريون 
الالتحاق بالعراق فماذا سيكون موقف الاتراك من ذلك : وأضاف الى أسثئلته 
هذه: انه ينوي أن يقول لرجال تركية بأن الحكومة العراقية مستعدة لأن تتنازل عن 
المنطقة الكردية الشمالية لبركية » اذا هم وافقوا على الحاق سورية بالعراق 
بأي شكل من الاشكال» وان الحكومة العراقية مستعدة لأخذ موافقة بر يطانية 
على هذا العمل . 

قلت له : نوري : هذه مسألة هامة وخطرة جداً » فنحن لا نعلم ماذا 
سيكون موقف فرنسا ؟ وماذا سيكون موقف انكليرا ؟ ونحن الآن في بداية 
الحرب : فكيف نسوغ لأنفسنا أنا وأنت أن نتكلم في موضوع هام وخطر 
مثل هذا الموضوع مع دولة أحنبية ؟ ونقتر حالتنازل عن جزء من الوطن العراتي ؟ 
هل فانحت رئيس الوزراء في ذلك ؟ وهل أخذت موافقته ؟ ولماذا لم تفاتح 


تدلضن 


الوزارة بمقئرحاتك هذه قبل أن تغادر بغداد ؟ فرد علي : اننا سوف لا نوقع 
عهداً » وانما سنتحدث ف الموضوع بصورة سرية» فقلت له : بالنسبة لي » 
فأنا لا أريد أن أحمل أية مسؤولية في أمر خطير كهذا » وأحذرك من الاقدام 
على مفاتحة رجال تركية في هذا ال موضوع . فلما وصل القضار إلى محطة أنقرة» 
وجدنا في استقبالنا وزير خارجية تركية شكري سراج أوغلو » ومسدير 
التشريفات عمق ...إل جررة وار | رع السجدتامل لكلا . 
وأركان المفوضية العراقية . وبعد المصافحة والترحيب » قدم نوري السعيد الى 
سراج أوغلو السيد علي جودت قائلا” : أقدم لك صديقي القديم علي جودت 
أحد رؤساء الوزراء السابقين » وقد صادفته في حلب » ولما علمت أنه يرغب 
ف زيارة تركية» دعوته برفقتنا بصورة خصوصية كصديق . وعندها رافقنا 
سراج أوغلو الى فندق أنقرة بالاس . م زرنا الموما اليه سراج أوغلو في الموعد 
المقرر في مقره الرسمي » وجرت محادئات معه عن علاقات العراق ببركية » 
وعن الاوضاع العامة في العالم في هذه الحرب الطاحنة » وماذا يحب أن يكون 
موقف الدولتين الصديقتين منها . م انتقلنا الى القصر الحمهرري بي جان قايا 
لقابلة رئيس الحمهورية عصمت اينونو » الي استمرت زهاء الساعتين » 
سجلت التفصيلات خلاها في التقرير الأني  :‏ 

مقابلة وزير ال حارجية التركية : 

اجتمع السيد نوري السعيد وزير ال حارجية » والسيد ناجي شوكت وزير 
العدلية » وبصحبتهما الوزير المفوض السيد كامل الكيلاني » ني الساعة الثالثة 
والنصف بعد ظهر يوم الثلاثاء المصادف 7١0‏ حزيران سنة ١44٠‏ بوزير نخارجية 
تركية بمكتبه الرسمي », وبعد حديث قصير عن الوضع العالمي الراهن » تطرق 
وزير خارجية تركيا الى وضع تركيا فقال : انه يود أن يستهل حديثه بمقدمة 
لها علاقة في الموضوع لتكون المحادثة ذااتخائدة كبيرة تمكننا من الاطلاع بصورة 
شاملة على وضع تركيا وخخطتها ازاء الوضع العالمي الحاضر . واستمر وزير 


نهنا 


خارجية تركية بحديثه قائلا” : ان السياسة التركية بنيت على أساس ان لما عدوا 
واحداً هو ايطاليا » وعلى هذا المبدأ وجنهت تركيا عنايتها لانحخاذ التدابير السياسية 
والعسكرية اللازمة . فسعت بعد ذلك لتكوين الحلف البلقاني ليكون لها عوناً 
في تأمين سلامتها من أي عدوان يقع عليها من جهة البلقان » وتتمكن من 
الوقوف أمام ايطاليا دون أن تخشى نجاوز أية دولة بلقانية عليها . ولتوطيد هذا 
المبدأ أيضاً عفدت تركيا الحلف الثلالي بينها وبين انكلرا وفرنسا » ومع هذا 
كله فان تركيا لم تنس خلال تلك الادوار » وأثناء المفاوضات الي دارت 
أخيراً بينها وبين انكليرا وفرنسا لعقد المعاهدة الثلاثية » وضع روسيا نجاههاء 
فاشتركت تركيا للسبب نفسه أن نكون حرة في تأجيل تنفيذ عهودها الوارد 
ذكرها تي المعاهدة الثلاثية » حبى لا تورط نفسها ني المستقبل في أية حرب 
مع روسيا. 

ولتأمين هذا الغرض وضع الملحق الثاني في المعاهدة الثلاثية . هكذا كان 
وضع تركيا الى أن أعلنت المانيا الحرب على بولونيا » فقسمتها بينها وبين 
روسية . ولقد خصلت بعد ذلك تنطورات خطيرة أدت الى اعلان ايطاليا الحرب 
على انكلرا وفرنسا » وعلى أثر ذلك طلب سفيرا انكليرا وفرنسا من تركيا 
تنفيذ عهودها المذكورة تي المعاهدة الثلاثية » فكان جواب تركيا لمما انبا 
تتمسك في الوقت الحاضر بما جاء في نص الملحق الثاني للمعاهدة الثلائية » 
وانها ستبقى خارج الحرب . هدا فضلا عن ان عدم معرفة تركيا مدى التفاهم 
أو الاتفاق الالماني الرومي » وما سينتجه هذا التفاهم أو الاتفاق فيما اذا 
نفذت تركيا تعهداءها الوارد ذكرها ف المعاهدة الثلاثية » جعل تركيا 
مضطرة » وذلك تأمينا لسلامتها » أن تبقى خارج الحرب » يلاحظ بأن سبب 
بقاء تركيا نخارج الحرب لم يكن نانجاً من رغبتها في تمسكها بما جاء في الملحق 
الثاني الذي ينص على وجوب تجنب تركيا من الوقوع في اختلاف مسلح مع 
روسيا فحسب » بل هو ناتج أيضاً من رغبة تركيا في الانتظار ريثما ينجلي 
الموقف الدولي . وبناء على سئؤال السيد نوري السعيد وزير الحارجية عن رأي 


م 


وزير اللحارجية الركية عن التطورات الحربية والاحتمالات المنتظرة » أجاب 
وزير الحارجية التركية بأن هناك احتمالات ثلاثة : 
١‏ انتصار المانيا على انكليرا خلال هذا الصيف . 
؟' ‏ نمكن انكليرا من المقاومة الى آآحر الصيف » بالنظر الى استعدادتما 
المتواصلة » ووصول المساعدات اليها من أمريكا » الامر الذي سيكون 
سبباً لاطالة الحرب » وتمكين انكلترة من تزويد قوانها سيما الحوية منها 
.بن تصبح فائقة على قوات أعدانها » وبالنتيجة تتغلب على. خصمها . 
- مقاومة انكلترا مدة ما تجعل المانيا تشعر بأن من مصلحتها عقد صلح يرضي 
الطرفين . 
هذه هي الاحتمالات الثلاثة الي بينها وزير خارجية تركيا » الذي استمر 
بحديئه قائلاة  »‏ أما تحن أي الاتراك ‏ ففي فترة انتظار انجلاء الموقف 
بالنسبة لتلك الاحتمالات » نبذل كل الحهود لتعزيز قوانا العسكرية كأننا في 
حالة حرب وعلى استعداد اذا اقنضت الحالة لرد كل تعد يقع علينا . ومع هذا 
فاننا واضعون نصب أعيننا بالدرجة الاولى احتمال تعرض ايطاليا علينا » ولا 
شك فاننا واثقون من أن جيشنا سيتمكن من الدفاع عن سلامة بلادنا من غزو 
ايطاليا علينا هذا إذا لم تحصل اختلاطات أخرى لم تكن بالحسبان . 
وقد سأل السيد نوري السعيد وزير الحارجية رأي وزير اللحارجية التركية 
عن احتمال تنازل فرنسة عن سورية الى ايطاليا اثناء مفاوضات الحدنة ؟ والموقف 
الذي ستقفه تركيا ازاء نحقق هذا الاحتمال ( لم يكن قد علم شي ء عن شروط 
الهدنة بين ايطاليا وفرنسا أثناء هذا السؤال ) ومفاوضات الصلح فيما بعد 
( ويرتئي السيد نوري السعيد بأن من المرجح أن يدور البحث عن سوريا أثناء 
مفاوضات الصلح ) فأجاب وزير خارجية تركيا بأن مبدأ تركيا لا زال ولن 
يزالك هو أن تبقى سوريا لأهلها » وأن تنال استقلالها » وقد تنازلت بموجب 
معاهدة لوزان عن جميع البلاد الي انسلخت من الدولة العثمانية إلى أهلها . 


لضن 


وكانت سورية من ضمن تلك البلاد . كنا انه صرح أيضاً بأن لدى تركيا وثيقة 
صرح فيها بأن ليس لفرنسا أن تتنازل عن سورية لآية دولة أجنبية إلا بعد 
موافقة تركيا . وقد أضاف وزير خارجية تركيا قائلا” : ان من البديبي بأن 
تركيا لا ترغب أن تدخل سوريا أية دولة أجنبية » وهي أي تركيا ترجحبل 
تتمى أن تكون دولة مستقلة . 


جرى الحديث بعد ذلك عن ايران . فبين وزير خارجية تركيا بأن ايران 
كانت قبلا" في اشتباه عن موقفنا » على انه الآن قد تحسن موقفها » سيما بعد 
أن صرح الشاه بلزوم التعاون بين تركيا وايران . ولقد انتهز السيد نوري السعيد 
وزير الحارجية فرصة البحث عن ايران فبين شيئاً عن موقف ايران الاخير 
مع العراق ونخوفها بلا سبب وداع من العراق » واشتباهها من موقفنا نحوها , 
فطلب من وزير خارجية تركيا ان تسعى تركيا لازالة تركيا نحقيق ذلك . وهنا 
بين وزير خارجية تركيا ضرورة محافظة الدول المجاورة على حدودها الحالية 
إذ ان الطمع ني الحصول على شيء من أراضي أية دولة مجاورة يسبب بالنتيجة 
الضرر الكبير على الطامع ايضاً . وقد ضرب وزير خارجية تركيا لذلك مثل 
ما حصل لتعدي بولونيا على جيكوسلوفاكيا حين تقسيمها . لقد استفادت 
بولونيا فألحقت قسمآ صغيرآً من أراضي جيكوسلوفاكيا » ولكن بعد مضى 
مدة ضير غل “ذلك الالتحاق ».نهارت جمكوسلوفاكيا الصديقة القدعة 
لبولونيا » وعندما وقعت الكارثة الكبيرة على رأس بولونيا اذ لم تجد أية حليفة 
مجاورة لها فكان الحطر على بولونيا أعظم من الحطر على جيكوسلوفاكيا . 

وقد صرح معالي وزير خارجية تركيا بأنه لا يوافق على تحرش احدى 
الدول المجاورة على بعضها لثلا يؤول مصير تلك الدول الى ما آل اليه مصير 
جيكوسلوفاكيا . وعندما وصلنا الى هذا الحديث»: حان موعد مقابلة فخامة 
رئيس الحمهورية » فاستأذن وزير خارجية تركيا للذهاب الى قصر رئيس 
الحمهورية قبلنا » ليكون في حضور رئيس الحمهورية عند استقباله لنا . 


"6 


مقابلة فعنامة رئيس الحمهورية الركية : 

بدأ الاجتماع ي الساعة الحامسة والدقيقة العاشرة بعد الظهر » ودامت' 
المحادثة حتى الساعة السابعة والربع فيجان قايا في قصر الرئاسة» وقد حضر هذا 
الاجتماع عين الاشخاص . وبعد أن رحب فخامة رئيس اللحمهورية التركية 
بالوفد » سأل عن صاحب السمو الملكي الوصي الامير عبد الاله» وقد أبلغ 
وزير الحارجية السيد نوري السعيد نحيات سمو الوصي المعظم . لقد بدأ الحديث 
عن وضع الحرب الحالية وتطوراهمها » وعن السياسة الدولية» وعن مواضيع 
عامة أخرى » حى تدرج الى المواضيع والاحتمالات الثلاث الي جاء ذكرها 
في محضر مقابلتنا مع وزير ا حارجية الركية .. ولقد ظهر لنا من تلك المحادثات 
بأن رأي فخامة رئيس الحمهورية التركية عن تلك الاحتمالات الثلاث لا يختلف 
عن رأي وزير الحارجية التركية . 

اران : 

أيد فخامة رئيس الحمهورية الركية » ما ذكره وزير الحارجية النركية 
عن رغبة ا حكومة اليركية في ازالة جميع العراقيل » وما سيظهر من سوء تفاهم 
بين العراق وايران » وأضاف قائلا” : بأن الحكومة التركية ستسعى الى تنفيذ 
تلك الرغبة . 

سوريا: 

تطرقنا خلال الحديث الى البحث عن استسلام فرنسا الى المانيا وايطاليا » 
وعن تأثيره على وضع سوريا » وانتهزنا الفرصة وبينا بأن أحسن طريقة لابقاء 
سوريا ي وضع سالم » وبعيد عن قلاقل داخلية بين المسيحيين والمسلمين » 
هو اعادة الحكم الوطي اليها . فطلبنا, من تركيا مفانحة انكلرا عن ذلك » 
ورجونا تأييدها لوجهة نظر العراق ببذا الشأن. وهنا سأل فخامة رئيس 
الجمهورية رأي وزير الحارجية التركية حول هذا الموضوع ؟ فبين وزير 
خارجية تركية بأن لا يرى مانعاً من مفاتحة ا حكومة البريطانية» بل انه يلاحظ 


8 


بأن الحكومة البريطانية قد ترجح خلال 'الحرب الحاضرة أن تدار المستعمرات 
الفرنسية والبلاد المشمولة بانتدابها من قبل الحيئة الوطنية الفرنسية » الي تألفت 
في لندن : اذ ترى ي ذلك فائدة لها » واستمر فخامة رئيس الحمهورية في 
حديثه قائلا” : فاننا ‏ أي الحكومة التركية ‏ إن فانحنا بريطانيا عن موضوع 
سوريا الآن » قد تسبب هله المفاتحة تعكير صفو العلاقات الحسنة الموجودة 
بين تركيا وبريطانيا » الامر الذي لا ترغب فيه . فأجاب السيد نوري السعيد 
بأن لا يوجد ببذا التكليف حصول شيء يؤدي إلى تعكير صفو تلك العلاقات 
الموجودة بين تركيا وبريطانيا » بل انه يرى في انجحاز هذا المشروع مصلحة 
للدول ذات العلاقة . فرد فخامة رئيس الحمهورية التركية بأنه يخشى حدوث 
مشكلات للسلطات الفرنسية في سوريا » اذا ما تشكلت الآن حكومة وطنية 
في سوريا » كما ان ذلك قد يبيج الشعور الوطبي فتحدث صعوبة في تأمين السلم 
في سوريا. فأجاب السيد نوري السعيد بأنه يرى عكس ذلك اذ ان تشكيل 
حكومة وطنية في سوريا مما يساعد السلطة الفرنسية على تأمين الامن وتوطيد 
السلام » كما انه يحيل في نفوس السوريين ثقة في الحصول على بغيتهم » و يمنع 
في نفس الوقت حدوث تصادم بين الأهلين . اذ مثل هذه الحركات تضر 
بالسوريين الآن . فهنا كرر معالي وزير الحارجية التركية بأن لا مانع من أن 
أن تفاتح الحكومة التركية الحكومة البريطانية ضمن نطاق الصلات الحسنة 
الموجودة الآن بين تركيا وبين بريطانيا » وأضاف معاليه قائلا” : بأننا نفاتح 
الانكليز بهذا الامر الذي جرى الحديث عنه بين الحكومة العراقية وبين الحكومة 
البريطانية في العراق » لا سيما وان السفير البريطاني في أنقرة كان قد أخبره 
بأن الوفد العرائي الذي سيصل أنقرة يحمل فكرة مفاتحة الحكومة التركية بذلك . 
فبين السيد نوري السعيد بأنه يعتقد بأن ا حالة الطبيعية في كل أدوار التاريخ 
كانت نحم وستحم كذلك في المستقبل على تركيا والعراق وسوريا » وان أمكن 
حتى مصرء السير في اتجاه واحد وسياسة واحدة لحفظ كيائهم ومصا حهم . فأيد 
رئيس الحمهورية التزكية ذلك» واقتر حأن يستمر الاتصال بين العراق و تركية 


م 


للمحادثة » ولتبادل الافكار والآراء عند حصول أي تطور في الحالة الراهنة » 

وعندما يجحد شبيء ي تركيا أو في العراق من أخبار وأفكار لتمكين العسراق 

وتركيا من السير في انجاه واحد في السياسة ا حار جية وستسير سوريا بعد استقلالها 

على نفس الحطة . 
تلخيص آراء فخامة رئيس ا حمهورية : 

١-ظهر‏ ان آرائنا بي احتمالات تطور الحرب ووجهات نظرنا فيما خص 
سياسة الدولتين : البركية والعراقية تستند على عيبن الاسس وعلى نفس 
الانمجاه. 

 '"‏ أما التدابير الواجب احخاذها فيئرك أمرها الى تطور الحوادث. لذلك يجب 
أن يكون الاتصال دائاً لتبادل الآراء والافكار . 

. ستسعى الحكومة النركية دائماً لازالة سوء التفاهم بين ايران والعراق‎  '" 

4 - تفاتح ا حكومة التركية الحكومة البريطانية عن أمر اعادة الحكم الوطي 
الى سوريا » ضمن نطاق الصلات ال حسنة مع بريطانيا . 

ه ‏ ترغب تركيا في أن ترى سوريا مستقلة » وعندما يحين الوقت سنتباحث 
عن تنظيم العلاقات الخاصة على ضوء انكشاف الحوادث العالمية ونتائجها . 

©» ملاحظاتنا : 

١لا‏ زال الاتراك يشعرون بخطر ايطاليا عن طريق البلقان » أو عن طريق 
البحر الابيض » بالرغم من اتخاذهم جميع التدابير اللازمة للدفاع عن 
أنفسهم حسب ادعاتهم . 

؟ ان وضع تركيا مع سورية غامض » والمفهوم انه لم يحصل بينهما تفاهم 
عن الحوادث العالمية . هذا وان تركيا تعتقد بأن فرنسا امبارت. غير اننا 
شعرنا بأن صلاث تركيا مع انكليرا حسنة » وهناك شعور عطنف نحو 
انكلترا . ومع هذا فالظاهر ان تركيا لم تقرر موقفها النهائي » اذ اما تنتظر 


لالحنا 


انمجلاء الموقف الدولي وتطور الحوادث العالمية . 

م مخشى ال حكومة النركية من الموافقة على طلبنا وتأبيد رأينا من مفاتحة الحكومة 
البريطانية في اعادة الحكم الوطني في سوريا » أن يؤثر هذا الطلب على 
الصلات الحسنة الموجودة بين تركيا وبين بريطانياء ولا سيما بعد أن قررت 
تركيا عدم الدخول بي الحرب ضد ايطاليا. والمرجحان لكل هذه الاعتبارات 
الثلاثة تأثيراً على موقفهم هذا . 

4؛ ‏ موقف الاتراك نحو سوريا هو موقف انتظار » وان موقف رئيس 
الحمهورية يمكن ان يحمل على الاسباب الآتية : 

أ وجود مطامع لركيا في سوريا الامر الذي جعل عصمت باشا متحذراً 
بدرجة لا يود أن يبدي رأياً قاطعاً في مثل هذه الظروف . 

ب - حبى وان كان لا يوجد لدى الاتراك مطامع » فانهم لا يرغبون أن 
يورطوا أنفسهم بابداء رأي يلزمون به ويسد الطريق عليهم عند 
احتمال وجود فرصة في المستقبل تمكنهم من الاستفادة من أي 
وضع. 

ج - ترددهم ني الموافقة على طلبنا » وتأييد رأينا في مفاتحة الحكورمة 
البريطانية في اعادة الحكم الوطي الى سوريا » ناتج من خشية 
الحكومة التركية أن تؤثر هذه المفانحة على الصلات ا حسنة الموجودة 
بين تركيا وبريطانيا » ولا سيما بعد أن رأت تركيا عدم الدخول في 
حرب ضد ايطاليا . 


©» العراق: 

ان رغبة الاتراك » ولا سيما رغبة رئيس الحمهورية الركية » ي ضرورة 
الاتصال بين العراق وتركيا لتبادل الآراء » وللتفاهم ازاء التطورات العالمية 
للسير على سياسة متقاربة » يستدل منها بأن الاتراك لا زالوا يؤيدون سياسة 
الود والصداقة الموجودة بين البلدين » ولا يسعنا إلا" أن نبين بأن التطورات 


0 


العالمية ا لحطيرة . قد تؤثر على موقفهم هذا غير اننا نميل الى الاعتقاد بأن تركيا 

لا تضمر للعراق غير احير . 
وني الاخير نرى ان من المفيد ومن الضروري » ما انه من مصلحة العراق 

والبلاد العربية » أن تقوم الحكومة العراقية باتصال مستمر مع الحكومة التركية 

لتبادل الاراء » والتفاهم معها عن كل حادث يطرأ على الموقف العالمي مما له 

علاقة وتأثير على مقدرات ومصالح العراق وتركيا والبلاد العربية ( انتهى 

التفرير ). 
أود أن ألفت نظر القارىء الكريم الى عدة نقاط في هذه القضية : 

أولا” - ان تركية » على الرغم من ارتباطها بالمعاهدة الثلاثية المعقودة بينها وبين. 
كل من بريطانية وفرنسة » كانت عازمة على عدم الدخول في الحرب الى 
جانبهما حى ينجلي الموقف » وتعرف الأوضاع العامة من مجحرى الحرب . 
فتركية لم تقطع علاقامماالسياسية مع ألمانيا » ولا مع عدوها الكبرى ايطالياء 
وقد بقيت على الحياد حنى اذا شارفت الحرب نبايتها وتأكدت من انتصار 
حليفتيها » انضمت إليهما » فأعلن تالحرب على الالمان والطليان ليكون لها 
رأي في مؤتمر الصلح . 

ثانياً - نصحتنا تركيا بأن تحذو حذوها فلا نعلن الحرب » ولا نقطع علاقاتنا 
مع ايطالية . 

ثالثاً التفاهم الذي جرى بيننا وبين وزير الحارجية النركية في وجوب دوام 
الاتصال بين الطرفين في كل ما يهم العراق وتركية في المناسبات والاحوال » 
وي التقلبات السياسية وا حر بية » وكان هذا التفاهم قد ثم ببي وبين وزير 
خارجية تركية سراج أوغلو أثناء زيارتي الاولى لتركية في نيسان » كنا سبق 
شرحه في التقرير الذي أمليته على السيد كمال عبد المجيد في قطار طوروس» 
والذي نشرت نصه فيما تقدم » وقد أشرت إلى هذا التقرير هنا لأن توسط 


6 


تركية بين العراق وبريطانية في أحداث مايس ١44اكان‏ يستند إلى هذا 

التفاهم » لا كنا قيل من قبل أن التوسط كان بوحي من الانكليز ليستفيدوا 

من الوقت ويتموا استعدادهم الحرلي . 

ترك المسؤولون ني أنقرة اليوم الثاني من زيارتنا لعاصمتهم لاختيارناء فيما 
عدا حفلة العشاء الخاصة البى أمر رئيس الحمهورية باقامتها لنا في نادي الاناضول. 
فذهب نوري الى السفارة البريطانية لمقابلة سفير بريطانية في أنقرة » وبقيت أنا 
في دار المفوضية العراقية لتناول طعام الغداء مع كامل الكيلاني وقرينته ؛ وقد 
أخبر نيكامل المومى اليه ان وزير المجر المفوض زاره ورجاه أن يخبر نوري السعيد 
بأن سفير ألمانية في أنقرة الفون بابن يرغب في مقابلته» وانه ‏ أي كامل ‏ لما نقل 
هذه الرغبة الى نوري السعيد » رد عليها بأنه يرفض مقابلة سفير أية دولة تعادي 
بريطانية حليفة العراق» لأنه لايرى أية فائدة أوأي جدوىمن مثل هذه المقابلة. 

كنت - وأنا في أنقرة ‏ أفكر في ايحاد وسيلة مناسبة لمقابلة فون بابن» 
فجاءت الفرصة إلي من تلقاء نفسها . فان وزير المجر المفوض - بعد أن ينس 
من تأمين مقابلة سفير ألمانيا لنوري السعيد ‏ طلب الى كامل الكيلاني أن يسألي 
عما اذا كنت لا أرى مانعاً من أن تم هذه المقابلة معي ؟ فلما سأل كامل ر أبي 
58 الموضوع وافمقت على ذلك بدون تردد » ولا سيما وقد كان وزير المجر 
صديقى من قبل » اذ سبق وأن وقعت واياه على معاهدة صداقة بين المجر 
والعراق » ورجوته أن تكون المقابلة مع فون بابن مقابلة شخصية لا مقابلة 
وزير مسؤول لسفير دولة . 

تم الاتفاق بين كامل الكيلاني ووزير المجر المفوض على أن يكون اجتماعي 
بسفير المانية الفون بابن في اسطنبول لا في أنقرة » وان يسبقي بابن بالسفر اليها 
حيث يكون نوري السعيد قد غادر أنقرة إلى بغداد بطريق حلب - دمشق » 
لينقل إلى رجال سورية ما جرى من حديث بيننا وبين الاتراك » وأصبحت 
وحيداً فأسافر الى اسطنبول بمفردي . 


5 سيرة وذكريات )١١5(‏ 


اقعراح نوري المشبوه 


بعد أن فرغنا من تناول طعام العشاء على مأدبة رئيس اللحمهورية ٠‏ الي 
أقامها في نادي الاناضول بصورة خاصة » أعرب عصمت اينونو عن رغبته 
في لعبة البريج » فاستمرّت السهرة حتى منتصف اليل » ولم يشئرك نوري 
في هذا اللعب لعدم المامه به » وبينما كنت منهمكاً في لعببي مع بعض أعضاء 
النادي » لمحت نوري السعيد يستصحب سراج أوغلو الى احدى الغرف » 
ويختلي به نحو نصف الساعة . وقد علمت فيما بعد » من سراج أوغلو نفسه , 
ان نوري عرض خلال هذا الاجتماع على سراج أوغلو الاقتراح الذي كان 
فانحجي به في قطار طوروس » والحاص بالتنازل عن قسم من المنطقة الكردية 
في شمالي العراق الى تركية » مقابل سكوها اذا طلب السوريون انضمامهم 
الى العراق . فاني بعد أن أمبيت مقابلاتي الشخصية فياسطنبول» وعدت بالقطار 
الى العراق » نزلت وزرت سراج أوغلو في مقره الرسمي لتوديعه؛ فأطلعني 
عبى ما اقبرحه نوري عليه » وماانمحذه هومن رفض واجراء لقاء هذا 
الاقسراح . 


مقابلي مع فو ن بابن 

سافرت الى اسطنبول بحسب الحطة الي ثم وضعها بين وزير المجر وكامل 
الكيلاني » ونزلت في بارك اوتيل » على أن يكون اللقاء مع فون بابن في دار 
المفوضية المجرية الصيفية في ضاحية يني كوي القائمة على البوسفور » قرب 
السفارة الالمانية الصيفية الكائنة في ضاحية طرابية . وقد أخذت سيارة الاجرة 
من الفندق البي حللت فيه الى اتمجاه معاكس لوجهي » ثم نزلت بالقرب من 
مقهى فدخلته من بابه الآمامي » وخرجت من بابه الحلفي المطل على شارع 
آخر» ومن هناك ركبت سيارة أجرة ثانية الى بي كوي رأساً » ثم تركت 
السيارة وذهبت الى الدار المقصودة ماشياً ٠‏ فدخلتها من بابها الحلفية » فوجدت 


٠ 


في انتظاري أحد موظفي المفوضية حيث قادني الى غرفة جانبية » وبعد دقائق 
وصل الفون بابن ومعه أحد المرجمين تي السفارة الالمانية » فكان أول لقاء يم 

وليه :. 

كان الرجل طويل القامة » ضعيف البنية » أنيق اللباس: » غير جامد المنظر 
مثل الانكليز » ولا كثير المرح مثل الطليان » وكان إلى ذلك متواضعاً أديباً 
يستعمل النظارة المنفردة ( موتوكل ) على عينه اليسرى . كان من طراز رجال 
السياسة من ( ديلومات ) أواخر القرن التاسع عشر » وأوائل القرن العشرين . 
وكان قد أشغل منصب مستشار الرايخ » أي رئيساً للوزراء في عهد المارشال 
هندنبرغ قبل أن يستولي أدولف هتلر على السلطة في المانية عام 1988# . وقد 
بدأ حديثه معي قائلا” : انه مسرور جداً لهذا اللقاء » وانه آسف لعدم تمكنه من 
الإجتماع بنوري السعيد. فقدمت اليه الرسالة الي حملي اياها المفني إليه فقال: 
انه يعرف كثيراً عن المي » وانه يحترمه ويعتبره صديقاً لالمانية . ثم بدأت 
الحديث بقولي له : اني أرجو أن يعتبر اجتماعنا هذا اجتماعاً شخصياً لا رسمياً. 
أي اني لم أتحدث اليه بصفة كوني وزيراً . وأضفت إلى ذلك قولي: ولكني كنت 
قد أخبر ت رئيس الوزراء رشيد عالي عن امكان اجتماعي هذا بكم فأقر عملي. 
م قلت له : لا شك انك مطلع على ما قاساه العرب من ظلم الانكليز ونكثهم 
بعهودهم ) منذ ا حرب العالمية الآولى » ووعد بلفور الذي أصدروه باقتطاع 
جزء عزيز من الوطن العرني وجعله وطن للصهاينة » وان بريطانية الآن 
مشتبكة في حرب معكم » ونحن نعتقد ان ألمانيا هي الدولة الوحيدة الي لا 
مطامع استعمارية لها في العراق » ولا في بقية البلدان العربية » فهل يمكن أن 
أطلع على رأي الحكومة الالمانية ‏ فيما لو انتص رمي هذه الحرب - في قضايا 
العرب ومستقبل بلادهم ؟ 

رد علي" الفون بابن قائلا” : ان الحكومة الالمانية » تاركة البتْ في هذا 
الموضوع إلى حليفتها ايطالية » ولكنه يسرها أن ترى البلاد العربية مستقلة 
ومتمتعة بكامل حريتها واستقلالها » سواء أكان ذلك في ميادين السياسة أو في 


5* 


الميادين الاقتصادية . وأضاف إلى ذلك : ان رأيه في هذا الموضوع لا يتفق مع 
رأي حكومته لأنه متصل بهم منذ مدة طويلة » ومقتنع - ما يحري في منطقة 
الشرق الاوسط ولا سيما في البلاد العربية . 

قلت له : يا سعادة السفير اننا لا نثق بالحكومة الايطالية » لأنها هي أيضاً 
دولة استعمارية » وإن لم يكن استعمارها بدرجة بريطانية . نريد منكم أن 
تولوا اهتمامكم شطر البلاد العربية كنا تفكر أنت بالذات . اننا نثق بأن ألمانيا 
ليست بدولة مستعمرة فاذا ساعدتنا عندما تنتصر في هذه الحرب »2 فخيرات 
بلادنا الاقتصادية كثيرة » ولا أن تساهم في استغلالها واتماتما . ان العرب 
يحاولون الآن الاستفادة من الفرصة للتخلص من الاستعمارين : البريطاني 
والفرنسي . نريد أن تساعدونا ولا تفسحوا مجالا” لابطالية في قضايانا منفردة 
في المستقبل . 

استمع الرجل إل" باهتمام فائق ثم قال : انه يوافقني على كل ما أوضحته 
من بيانات » وقال انه سيسافر الى بلاده في أول فرصة » وسيبذل أقصى جهده 
لاقناع حكومته في اتباع السياسة الي هو نفسه يؤمن بصحتها » بل ويؤيدها 
كل التأبيد . ثم اتفقنا على أن يتصل كل منا بالاخر» اذا استجد شيء في 
الموضوع . وقد انتهت المقابلة على هذا النحو» ثم نقلت لكامل الكيلاني خلاصة 
الحديث الذي ثم بيني وبين بابن »' وطلبت اليه أن يوافي به أخاه » ثم عدت إلى 
بغداد فبلغتها في ١١‏ نموز 144٠‏ »؛ وأطلعت كلا مسن المفني » ورشيد , 
والسويدي » وطه الهاشمي على ذلك » ورجوتهم جميعاً كتمان الامر عن كل 
أحد » وأضفت إلى ذلك اني سأتحمل المسؤولية التامة عن كل ما قمت به اذا 
افتضح أمر هذه المقابلة . 

بعد أن غادرت اسطنبول في طريق عودتي الى بغداد » استصوبت المزول 
في أنقرة لأقضي فيها يوماً أو يومين » حيث أودع وزير الحارجية سراج 
اوغلو » وأنحداث اليه مباشرة كأصدقاء لاكوزراء » اذ ربما أستطيع أن أفهم 


لق 


ما يحول في خاطره من الامور اللي كانث خافية علي حتى الآن . وبالفعل لم 
تم اللقاء بيننا أسرّ إلي” بحديث كنت أتوقع أن يحدث ء ذلك هو الاقتراح الذي 
فانحجي به نوري السعيد بالقطار ما بين حلب وأنقره » والقاضي باستعداد العراق 
لتنازل عن المنطقة الكردية الشمالية الى الاتراك » اذا وافقوا على إنضمام 
سورية إلى العراق . فد قال لي سراج أوغلو : ان نوري السعيد فانحه ببذا 
الموضوع في غفلة مي » بعد تناول طعام العشاء في نادي الاناضول » بدعوة 
شخصية من رئيس الحمهورية » ولكنه - أي الوزير التركي - إشتبه في أن 
تكون هناك لعبة انكليزية يريدون أن يقوموا بها بواسطة معتمدهم » 
نوري السعيد » وأن الغاية الي مبدف بريطانية اليها من ذلك هي السيطرة على 
سورية بواسطة ضمها الى العراق أو ا حاقها به . وأضاف الى ذلك متسائلا” : 
لاذا لم يكاشفنا نوري ببذا الاقتراح أثناء المحادئات الرسمية الي نمت بيننا 
بصورة علنية ؟ فقلت لسراج أوغلو ان نوري سبق ان فاتحي ببذا الموضوع » 
ونحن بالقطار ني طريقنا من حلب الى أنقرة » فرفضت إقراره على أساس انه 
لم يسبق للوزارة العراقية » ولا لرئيس الوزراء أن أحيطا علماً بذلك . واذا 
بالوزير التركي يأمر سكرتيرالوزارة يحلب البرقية الرمزية البي طير ها وزارته 
الى ممثلياتها كافة » وأطلعني على نصها باللغة التركية » وخلاصة هذه البرقية : 
ان وزير خارجية العراق اقترح اقتراحاً لم تقره ا لحكومة البركية عليه » ور فضته 
رفضاً بان فعليكم الاتصال برجال السياسة في أطرافكم واطلاعهم على الاقتراح 
وعلى الرفض » ولكم أن تتصرفوا في هذا الشأن بحسب الظروف والامكانيات 
لمتيسرة لديكم . فشكرت سراج أوغلو على اطلاعي على ما قام به نوري . 
فقد اعثر اني ا حجل من عمله هذا » ولم أخبر أحداً ني بغداد عن ذلك فيما عدا 
رشيد عالي » وناجي السويدي . وهكذا بدأت الحلافات تشتد واالحصومات 
تظهر للوجود » وكان الاصطدام من ذلك على قاب قوسين أو أدنى . 


نيك 


اجتماعي الثاني بالفون بابن 


أود الآن أن أتجاوز سرد الاحداث الي كانت نجحري في الوطن العزيز 
لأحث موضوع اجتماعي الثاني بالفون بابن : 

لما عدت الى العراق في ؟١‏ موز ١44٠‏ م2 كنت أتسقط أخبار عودة 
الفون بابن سفير المانية في أنقرة » من زيارته الي حدثي انه ينوي القيام بها 
الى برلين » لأقف على آثار نشاطه فيها » فلما سمعت بعودته » وان المفى 
الحبسين أرطل سكريرة الخاض كال حداة الى يرن النفس المهمة الى كينت 
عرضتها على بابن » قررت السفر الى اسطنبول » فأخذت اجازة لمدة شهرين 
أقضيهما على البوسفور » ظاهراً للراحة والاستجمام » وي الحقيقة لاتصل 
بفون بابن » واطلع على نتائج جهؤده الي وعد ببذها لصالح القضية العربية . 
وقد حملت له معي الاسس الي كنت أراها واجبةالتحقيق وهذا نصها : 
١‏ أن تعترف المحكومتان : الالمانية والايطالية بالاستقلال التام للبلاد العربية 

المستقلة الآن » وبالاستقلال التام للبلاد العربية الحاضعة للانتدابين : 


البر يطاني والفرنمي . 

؟ أن تعلن الحكومتان : الالمانية والايطالية بأنه ليست هما مطامع استعمارية 
في مصسر . 

 *‏ أن تعترف الحكومتان: الالمانية والايطالية للبلاد العرية عق تأنيس ونندنا 
القومية حسب رغائيها . 

؛ لا تعترف الحكومتان : الالمانية والايطالية بشرعية الوطن القومي لليهود 
في فلسطين . 


ه ان المانيا وايطاليا لا تطلبان الا أن تريا البلاد العربية متمتعة بالازدهار 
والري » وأن تتبوأ مكانتها التاريخية والطبيعية في العالم » وان هذا التمتع 
وهذا التبوء هما لمصلحة الانسانية جمعاءء وان المانيا وايطالية لا تطلبان 


كعة 


من البلاد العر بية سوى أن تحترم حرية الكنائس » والارساليات» والعبادات 

المسيحية في فلسطين » ورعاية المنشآت الحيرية فيها كافة . ويدخل في ذلك 

المستشفيات » ودور الايتام » ومآوي العميان . إه . 

غادرت بغداد في الثاني من آب 114٠‏ » وعند بلوغي اسطنبول » نزلت 
في يارك أوتيل ثم اجتمعت بالفون بابن » وقدمت إليه الاسس المدرجة أعلاه ؛ 
ورجوته أن يكون التصريح الذي ستدلي به حكومته مستنداً إلى هذه الاسس » 
وبعد هذا انتقلت من الاوتيل الى بيوك أضه» احدى جزر مرمرة الاربعة » 
مفضلا” الاقامة في نادي الاناضول على الاقامة في بارك اوتيل في اسطنبول 
بانتظار نتائج مساعي السفير الالماني » وكنت أذهب الى اسطنبول بين حين 
وآخرء وأتردد على المفوضية العراقية فيهاء حيث كان كامل الكيلاني يقيم في 
احدى شمَقها ( أي ني دار القنصلية ) وقد لاحظت وجود الحاسوس الانكليزي 
المعروف ديكوري في بناية المنصلية مرتين أو ثلاث مرات فلفت نظر كامل 
الى وجوده عنده » ووجوب حذره منه . 

كانت بناية القنصلية العراقية في اسطنبول » الي يقيم فيها كامل الكيلاني 2 
قريبة جدأً من بناية السفارة الا مانية القديمة على ععهد الحكومة العثمانية » وبقرب 
منها يارك اوتيل الذي كنت أنزل فيه أحياناً » وبينما كنت في احدى زياراتي 
لكامل الكيلاني في أواسط أيلول ؛ اطلعني المومى اليه على كتاب شبه رسمي 
وجهه إليه نوري السعيد من بغداد بصفه كونه وزيراً لالخارجية» وأحق بالكتاب 
المذكور قائمة للعمل . وهذا هو الكتاب والقائمة . 
وزارة الحارجية التاريخ م 4 ١14٠‏ 
عزيزي السيد كامل 

أرجو أن تكونوا على اتصال دام برجال السلك السياسي جميعهم ؛ 
وبالمنابع الهامة » وان تزودونا بما يهم من التطورات في سياسات دوهم المتبوعة 
نجاه سورية » وفلسطين » والبلاد العربية الاخرى » بصورة عامة » وما يطرأ 


5 


من عوامل في توجيه تلك السياسات » متمنياً لكم النجاح المطرد في مساعيكم 
لحدمة بلادكم في هذه الظروف . 


- 


- ١ 


تمنيساني القلبية 


المخلص : نوري السعيد 


وقد أرفق السيد نوري السعيد هذا الكتاب بتعليماتسرية للغاية هذا نصها : 


اتصلوا مباشرة » أو بصورة غير مباشرة » حسبما تقتضيه ظروف 
المصلحة » ولكن على الدوام بشكل لا يلفت النظر » بسفراء ألمانية » 
وروسية » وايطالية » للاطلاع على نوايا دولهم نجاه سوزيا وفلسطين 
وبقية البلاد العربية » ومقدرات هذه البلاد ومستقبلها . 

انتهز وا جميع الفرص ال ممكنة للتأثير على هؤلاء الممثلين ليقنعوا حكوماتهم 
بفائدة وضرورة اعلان استقلال الاقطار المشار اليها » والاعتراف به 
وحق أهل البلاد لتقرير مصيرهم . 

حرّضوا وشجعوا رجال سورية الذين على اتصال بكم » أن يتصلوا هم 
أنفسهم بالمراجع المذكورة» وإن أمكن السفر إلى عواصم البلاد المذكورة 
بقصد الحصول على الغايات الملمع اليها » على أن تكون الحطة محكمة » 
والاساس موحد . 

لا تكتفوا بالاتصال بالممثلين المشار إليهم مرة واحدة » بل استمروا في 
العمل » وانتهزوا كل فرصة ممكنة » وزودوا المركز بكل ما نمحصلون 
عليه من النتائج . 

ان السفير الافغاني وغيره من الشخصيات الي تتمتع بنفوذ لاى المراجع 
المشار اليها » والذين هم موضع اعتمادكم » هي احدى الوسائل الحسنة 
لتيسير الاتصال . [إه . 


قرأت كتاب نوري الى كامل » وقرأت القائمة المرفقة به بامعان وروية » 


504 


فلم أتمالك من الضحك » مما حمل كامل على الاستغراب والسؤال عن السر في 
هذا الضحك ؟ فقلت له : هذه احدى ألاعيب نوري السعيد » وفخ يريد أن 
يوقعك فيه » وايقاعنا كلينا » فهو في كتابه هذا يحاول أن يكتشف الاسرار 
الي تحيط بأسفاري واتصالاتي »'فعليك أن تكون حذراً ويقظاً ولا سيما بعد أن 
اكتشف وجود الحاسوس الانكليزي ديكوري في القنصلية العراقية أكثر 
من مرة » إذ لا يستبعد أن يكون نوري والانكليز بدأوا يشككون في سلامة 
محيئي الى اسطنبول » وبقائي مدة فيهانجاوزت الشهر » وقد يجوز اهم يتعقبون 
خطاك ولقاءك مع الالمان » وهذا سهل جداً . لأن السفارة الالمانية قريبة من 
منزلك » بحيث يكفى أن يراقبك شخص واحد . ولي ملاحظة أخرى فانك 
اعتدت أن تبعث كنك القيدية الى أخيك في بغداد داخل كيس البريد 
السياسي االخحاص بوزارة الحارجية » ويجوز امهم اطلعوا على كتبك ووضعوك 
نحت المراقبة . فخذ حذرك ولا تبعث بكتبك ضمن بريد وزارة االحارجية » 
وني استطاعتك أن تبعث بها مع رسول سري خاص . وقد رد كامل على 
نحذيري هذا بقوله : قد يجوز أن تكون ملاحظتك هذه صحيحة » ولكنه يود 
أن يعلم كيف توصلت الى هذه النتيجة ؟ قلت له : ان وزيرك يطلب إليك 
الاتصال بسفراء المانيا » وايطاليا » وروسيا » للاطلاع على نيات دولهم نجاه 
البلاد العربية» والاعتراف ببذا الاستقلال» أليس الامر كذلك ؟ قال بى هذا 
ما ورد في القائمة المرفقة بكتاب نوري شبه الرسمي . فقلت له : لماذا رفض 
نوري مقابلة فون بابن قبل شهرين ؟ تلك المقابلة الي وقعت بطلب من السفير » 
وليس من نوري ؟ فالرجل الذي يرفض مقابلة سفير دولة عظمىتبرع هو 
بطلب المقابلة قائلا” له انه يرفض مقابلة مثل حكومة تعادي بريطانية حليفة 
العراق» يريد منك أن تقوم أنت الآن بمقابلته» أليس في هذا الطلب سخرية 
ظاهرة في الوقت الذي كان ني استطاعة نوري نفسه أن يكتشف الاسرار 
لو كانت قد تمت المقابلة بينه وبين الفون بابن عندما طلبها بابن نفسه ؟ هذا 
هذا من جهة ومن جهة أخرى فان للحكومة الايطالية ممثلها الخاص في بغداد » 


4 


ونوري وزبر للخارجية» أفلم يكن من السهل عليه أن يستدعي هذاالممثلاليه, 
ويكتشف نيات حكومته بأسئلته اللبقة وأساليبه المعروفة ؟ بدلا من أن يكلفك 
القيام بهذه المهمة ؟ فمن هذا اللف والدوران يريد نوري أن نحرضوا رجال 
سورية » الذين هم على اتصال بكم » بأن يتصلوا هم أيضاً بالالمان ليكشف 
العلاقات بين كمال حداد » موفد المي غ. وبين الالمان وغرضهم . ثم كررت 
التحذير لكامل بأن لا يقع في الفخ» وأن لا يكتب الى نوري أي جواب على 
رسالته - موضوعة البحث ‏ وقلت له اني سأنحدث الى أخيك رشيد عندما 
أعود الى بغداد » وأنقل اليه خبر رسالة نوري والقائمة المرفقة »ء ونصحي 
لك بالحذر واليقظة . 


مقابلة فون بابن الأخبرة 


بينما كان اليأس ينتاني من تأخر وصول الرد من الفون بابن » بحيث 
كدت أقرر العودة الى الوطن بدونه » أخبرني كامل الكيلاني بأن بابن المومي 
اليه يرغب في مقابلي » وضرب موعداً لذلك يوم ؟ تشرين الاول 144٠‏ . 
فتمت المقابلة في دار أحد موظفي السفارة الالمانية في أحد الاحياء الشعبية في 
٠‏ بك أوغلي »» واذا به يقدم إلي صورة من بيان قال انه سيذاع في تلك الليلة من 
محطات الاذاعة اللاسلكية في كل من ألمانيا وايطالية . فلما أمعنت بالنظر في 
صورة هذا البيان » قلت له ان هذا البيان لا يتضمن ماكنت أرجو أن يتضمنه 
من مؤاد قدمتها وتفاهمنا عليهاء أثناء لقائنا السابق» ومع هذاء فقد شكرته على 
ذلك » ورجوت أن يحث حكومته على أن تأخذ بنظر الاعتبار الأسس الي 
رجوت أن يحويه البيان . فأجاب انه سيبذل أقصى جهده وبقدر المستطاع 
ليحقق هذا الطلب » وان هذا البيان سيكون مقدمة لما نريد . فلما كان المساء 
أذاع راديو برلين البيان موضوع البحث » ثم أذاعه راديو الطليان وهذا نصه : 

أعلنت الحكومة الالمانية اليوم في تصريح رسمي أنها لما كانت دوماً تشعر 


4٠ 


بصداقة صميمية متينة مع البلاد العربية » وتتمى حياة سعيدة ورفاهاً للامم 

العربية يليق بمكاننها التاريخية والطبيعية وبأهميتها بين شعوب العالم فهي كما 

كانت في السابق ‏ تتتبع الآن أيضاً كفاح هذه الامم من أجل استقلالها. 

وباهتمام الشعوب العربية » وهي نجاهد وتكافح في سبيل هذا الاستقلال» تستطيع 

أن تعتمد وتضمن عطف ألانية في المستقبل . والمانيا باعطالها هذا التصريح 

الرسمي ؛ هي على اتفاق تام مع حليفتها ايطاليا أيضاً | ه . 
ولدى رجوعي الى بغداد في أواخر تشرين الاول 1١94٠‏ م» وجدت ان 

التوتر بين الوزارة القائمة وبين السفارة البر يطانية قد بلغ أشداه » وان نوري 

السعيد بتأييد من عبد الاله يبذل قصاراه لاحراج الوزارة » وحملها على 
الاستقالة » بعد أن يئس من حملها على مماشاته في السياسة الحارجية الي كان 
يريدها وبحسب الرغبة البريطانية . وقبل أن أدخل ف تفاصيل الاحداث البى 
أدت الى استقالة الوزارة » أرى ازاماً علي أن أذكر بعض ما حدث ني هاتيك 

الايام: 

١‏ بعد وصولي إلى بغداد مباشرة » كان جميل المدفعي من بين الذين زاروني 
في داري » بمناسبة عودتي من الحارج » نكان أول كلام وجهه إلي بعد 
السلام بصيغة الاستفسار : يقولون انك قابلت فون بابن ؟ قلت : هل 
تصداق ذلك ؟ هل أنا مجنون ؟ 

”كان رجل ساوي يقيم في بغداد ويزاول مهنة الطب » وكانت له زوجة 
هي آية في الحمال » ومغرمة بلعبة البريج » وكنا نشير ك معها في هذهاللعبة 
مع هواة آخرين فيهم الرجال وفيهم النساء . وكانت ٠آدب‏ العشاء الي تقام 
مبذه المناسبة تجحري بالمناوبة في دور اللاعبين . وبعد عودتي الأخيرة مسن 
اسطنبول » تلقّيت دعوة تلفونية من زوجة النمساوي المذكور لتناول 
طعام العشاء في دارها » وقضاء السهرة في لعبة بريج ؛ فلم أر مانعاً من 
قبول هذه الدعوة . فلما وصلت الدار مع قرينتي » وجدت أنه قد سبقي 


قر 


إليها علي ممتاز الدفيري وقرينته » وبعد دقائق حضر السفير البريطاني 
وزوجته »' ومعه سكرنيره الخاص وزوجته » وبعد الفراغ من تناولالطعام 
انسحبت السيدات وتركن الرجال على المائدة » كما هى العادة الإنكليزية 
فإذا بالسفير يقرب مني ليقول : أرجو أن تكون قد تمتّعت جداً بإجازتك 
الي طالت ني اسطنبول » ولا شك في أنك اشتركت في بارتيات بريج : 
وقابلت أصدقائك الكثيرين . وكان بهذه الأقوال يحاول أن يحر الحديث إلى 
موضوع الغرض من سفري » والأسرار الي اكتنفت اجتماعاني مع سفير 
ألمانيا . وقد تحدائت إلى السفير البريطاني حول كل ما سأل عنه ما عدا 
الأمور الحارجية . وفيما نحن في الحديث » تقدامت زوجة صاحب الدار 
وقالت : إن الزملاء نتظر ونكم الشروع في اللعب فأنقذتي هذه السيدة 
بذلك من حالة ما كنت أحمد عليها . 

م7 أما ثالثة القضايا الي صادفتها بعد عودني من اسطنبول » فقد جرت في 
اللجنة الحقوقية في مجلس الأعيان . فقد كانت الوزارة أعدات تعديلا" في 
قانون العطلات الرسمية صاداق عليه مجلس النواب » وأحيل على مجلس 
الأعيان للمصادقة عليه بحسب الأصول . فلما اجتمعت اللجنة المذكورة 
في هذا المجلس في الموعد المحدد لاجتماعها ودخلت عليها » وجدت أن 
أكثر من عشرة من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب قد حضروا جلسةهذه 
اللجنة وهم في انتظاري . وكان من بين الحاضرين على ما أتذكر السادة : 
جميل المدفعي . ومصطفي العمري » ومحمود صبحي الدفتري » والشيخ 
محمد رضا الشبيبي » وجلال بابان » والسيد عبد المهدي» وبطريى الكلدان 
عمانوئيل » وعزره مناحيم دانيال » فلما افتتحت الحلسة ادعى البعض أن 
التعديل محالف للدستور » وقال الآخر : ان بعض المواد مادص مجم 
تصريحات مندوب العراق ي عصبة الأمم. » الخاصة لحقوق الأقليات في 
العراق عندما رشح العراق للدخول ني العصبة المذكورة في عام 1817م . 
فقلت : يا حضرات الأعضاء لا يوجد في هذه اللاحة ما يخالف أحكام 


4١ 


الدستور العرائي » ولا ما يتعارض مع تصريحات مندوب العراق في عصبة 
الأمم . إنها لانحة بسيطة لا هسم الوزارة أمرها فإن شم قبولها » وإن شثتم 
رفضها » وإذا بأحد أعضاء اللجنة يقول : سأستدعي السيد نوري القاضي 
مدير العدلية العام لمناقشته في هذا الموضوع » ونستمع إلى ملاحظاته وآرائه 
الحتقوقية . ثم حاول أخذ التلفون ليتصل بالسيد القاضي » ويطلب حضوره إلى 
اللجنة فوراً . فقلت لهذا العضو : لا بحق لأحد أن يستدعي أي موظف من 
موظفي وزارتي » وإما لكم أن تناقشوني في الموضوع شخصياً » وتقرروا ما 
ترونه مناسباً . أدخلوا ما شثتم من التعديلات على اللانحة » ارفضوها » أعيدوها 
إلى مجلس النواب » اهملوها بالمرة » انما لا تستحق كل هذا الاهتمام . 
ثم تذاكروا فيما بينكم وقرروا ما شم . قلت هذا وانسحبت » فقد أراد 
أذناب عبد الإله بهذه الوسيلة إفهام الوزارة بأن مجلس الأعيان لها بالمرصاد . 
ثم نقلت وقائع هذه الحلسة » الي كانت إلى المهزلة والأضحوكة أقرب منهاإلى 
جلسة لحنة محترمة في مجلس يضم الشيوخ والأعيان». نقلت هذه الحوادث إلى 
رشيد عالي واتفقت وإياه على أنها كانت حركة مفتعلة يريدون بها إحراج 
موقف الوزارة بإيعاز من عبد الإله وطغمته . 

نرجع الآن إلى ذكر الأحداث الحطيرة الي انتهت بفرار عبد الإله إلى 
البصرة » واحتمائه بالدارعة البريطانية المسماة «كوك شير » ثم عزله » ثم 
الحرب بين العراق والإنكليز » والأحداث الحامة في عام ١44١م‏ وما أعقبها . 

لا عدت إلى بغداد ني أواخر تشرين الأول ٠144م‏ » وجدت الوضع 
كما قدمت ‏ قد توتر » والحلافات قد اشتدت بين عبدالإله ونوري السعيد 
من جهة » وبين المفني الحسيني ورشيد عالي من جهة أخرى » كما بدأتشكوك 
الإنكليز ونوري في اتصالاتي بالفون بابن تتحول إلى الحقائق الثابتة لديهم » 
ولا سيما بعد أن تأكدت لدمهم اتصالات رشيد بالسفير الإيطالي في بغداد في 
دار جورج عابديني . وني الوقت الذي بدآ نفوذ المفي الحسيني على صلاح الدين 
الصباغ وزملاثه العقداء يزداد شدة » كان الساسة الضالعون في ركاب عبدالإله 


51 * 


ونوري من أعيان » ونواب » وغيرهم » يضعون العصي بين أرجل الهيأة 
الوزارية لإسقاطها . أما جماعتنا » أي: أنا ورشيد عالي» وناجى السويدي», 
وزملاونا الكثيرون » فقد قررنا الصمود وعرقلة كل مسعى يرمي للإطاحة 
بالوزارة . وكان طه الماشمى يؤيدنا إلى حد محدود » لأن الوقوف في وجه 
الطلبات الإنكليزية كان من الضرورات الي يحتمها الواجب الوطي والقومي . 
فقد وصلت <الة عبد الإله ونوري إلى درجة الحيانة » وفقد كل أمل في 

وقد زاد الطين بلّة التصريحات اللثيمة الي أطلقها الساسة الإنكليز فييجحلس 
العموم البريطاني » من أن" بريطانية لا تعطي العرب أي وعد يحقق آمالهم القومية 
قُ فلسطين وسورية . وجاءت مداخلاات هولاء الإنكليز 5 سياسة العراق 
الداخلية ضغثاً على ابالة » فهم يريدون أن يتخذوا من بلادنا مستعمرة مسن 
لا بحتمءان . 

أرادوا أن ينشروا الدعايات البغيضة ضد أعدائهم في العراق عن طريق 
الأفلام السينمائية » والنشرات البذيئة » وأرادوا إبقاء الحيش بدون سلاح ولا 
عتاد » وأن يكتني بما لديه من سلاح » خلافاً لنص” الفقرة الثانية من البند 
الحامس من الملحق العسكري بمعاهدة ٠‏ حزيران ٠19١م‏ الإنكليزية 
العراقية . وكانت حجتهم ني عدم تسليح الحيش بالأعتدة اللي نصت عليها 
هذه المعاهدة » عدم وجود سلاح فائض لديهم يبموّنون به الجيش العراتي لأنهم 
في حالة حرب . 

هكذا كان الوضع في أوائل تشرين الثاني ٠18١م‏ وإذا بالسفير البريطاني 
بمحضر من وزير الخارجية نوري السعيد » بأن الحكومة البريطانية لا تثقبوزارة. 
يرأسها رشيد عالي » وأن على العراق أن يختار بين أحد أمرين : إما بقاء وزارة 


١ 


رشيد كما هي » وإما الاحتفاظ بالصداقة البريطانية . ثم عاد السفير فأكّد هذا 
الطلب إلى رئيس الوزراء نفسه عندما اجتمع به في ديوان مجلس الوزراء . 
أما رئيس الوزراء فقد رد على هذا القول : بأنه لا يأبه برضاء أية حكومة 
أجنبية » ما دام هو متمتعاً بتأييد الشعب العراقي » وثقة نوابه بوزارته . 

ومرة أخرى قصد السفير البريطاني البلاط الملكي ني السادس والعشرين 
من تشرين الثاني » وقدام إلى وزير الخارجية نوري السعيد بمحضر عبد الإله 
مذكرة شفوية ( نوت قربال ) يسأل فيها : 
١‏ - عن صحة ما يقال عن اعتزام الوزارة إعادة المناسبات السياسية بين العراق 

وألمانيا اللي قطعت من قبل ؟ 
١‏ - هل في نية الوزارة وضع تشريع خاص يضر بمصالح .بود العراق ؟ 
إعادة الاتصالات اللاسلكية والبرقية بين بغداد وبرلين عن طريق طهران ؟ 
4 - أسباب منع الصحف العراقية من نقد البيان الألماني ‏ الإيطالمي عن أماني 

العرب ٠»‏ ويريد به التصريح الذي أطلعبي عليه الفون بابن سفير ألمانيا في 

اسطنبول » قبل أن يذاع من محطي برلين وباري . 

ولما نفى نوري السعيد للسفير البريطاني صحة هذه الأخبار » أعاد هنذا 
( السفير ) قوله الذي قاله من قبل من : ان حكومته البريطانية لا تثق بالوزارة 
القائمة . فلما كان اليوم التاللي عد مجلس الوزراء جلسة فوق العادة ناقش فيها 
تدخلات سفير بريطانية غير المشروعة » وطلب إلى المفوضية العراقية بي لندن 
عرض هذا التدخل على وزارة الحارجية البريطانية » وإذا بحواب المفوضية 
المذ كورة ينص على ما يلي  :‏ 

لندن 79 تشرين الثاني 1م خارجية بغداد 

جواباً على برقيتكم » قابلت لورد هاليفاكس اليوم » الجمعة » وبيّنت 
له مضمون برقيتكم بحذافيرها » فأجاب بأن غاية الحكومة البريطانية هي 
الصداقة وحسن الصلات » وعدم التدخل في شوون العراق الداخلية ؛ 


516 


غير أمهم لاحظوا في العراق أموراً لا تأتلف وروح معاهدة التحالف ٠‏ بل 
ونصها أيضاً » ولذلك أوعز للسفير أن يصرح ما صرح . فذ كرت له خطورة 
مثل هذا التصريح » وكيف أنه يضر جمصلحة الطرفين » وانه لا يفيد إلا" 
الطرف الثالث » كما ذكرت له التأثير السبىء الذي يحدثه في الأوساط العراقية 
والعربية » في هذه الأيام ارجة + علازه عل :ها فيهدنيق المناين بالكرامة 
القومية وبالاستقلال » وبمخالفته المعاهدة . ففكتر قليلا وقال : إني أقدر 
خطورة المسألة» وكونها ليست مسألة الطرفين» وان ا لحصوم قد يستفيدونمنها » 
ولكنهم مضطرون إلى ذلك لما شاهدوه أخيراً من تطور الوضع » الذي أقل ما 
يقال فيه انه خال من التعاون والتآزر » المطلوبين بين الدول المتحالفة » فقلت 
له : ما زلم مقدارين الحطورنه » أو انكم متفقون معنا على نوع العواقب الي 
ستنتج منها » فهل توافقون على أن أبيّن لوزير خارجية العراق » انه بعد 
الإيضاحات الى سمعتموها سنرساون إلى بغداد تعليمات جديدة ؟ فقال : 
اكتب لبغداد انه يقدر ما بلغه بواسطي من إيضاح لوزير خارجية العراق 
وآرائه حق التقدير » غير أنه يود أن يفكّر ني الأمر قبل إعطاء الحواب على 
سوالي هذا . أما ملاحظاتي الشخصية فهي أن حكومة بريطانيا متأثرة من فخامة 
رئيس الوزراء » وي نفس الوقت لا ترغب في حدوث نزاع علي مع حكومة 
العراق في هذه الأيام إن أمكن . اه . 
المفوضية العراقية 

ولما عجزت الحكومة البريطانية عن القيام بأي عمل يخضع الوزارة العراقية 
لمشيئتها » وسّطت كلا من حكومات الولايات المتحدة الأمريكية » وتركية . 
ومصر » لحمل الوزارة المذكورة على تأييد سياستها الرامية إلى وجوب سير 
العراق ني ركابها . ففي الحامس من كانون الأول ٠144م‏ قابل وزير أمريكا 
المفوض في بغداد رئيس الوزارة العراقية محضر من وزير الخارجية » و بلغه 
بن اشكومة الأمريكة توه أن تلفت نظر الحكومة الفراقدة إل الماسة الرشيلة 
الي سارت عليها تركيا » وان عدم تعاون العراق مع بريطانية سيحدث تأثيراً 


املف 


١ 
. سيئاً لدى الحكومة الأمريكية لا يكون ني صالح العراق‎ 

وفي السادس من هذا الشهر تلقت وزارة الحارجية العراقية برقية مسن 
مفوّضيتها في أنقرة جاء فيها : ان الحكومة التركية تلقّت من سفيرها في 
واشنطن برقية يقول فيها : ان الحكومة العراقية تنوي إعادة علاقاما الدبلوماسية 
مع ألمافيا » وأنها تريد أن تعرف صحة هذا الحبر من عدمه . وني الثامن من 
هذا الشهر نفسه » تسلم رئيس الوزارة العراقية من زميله رئيس الوزارة 
مضني ربنالة شخضية في. المآل نفيه:, “وقد نقى رئيس الوزواء في أجويته ل 
هذه المقابلات والسائل نفياً قاطعاً كل ما قيل أوشيع بهذا الصدد . فلما شعر 
نوري السعيد بأن جميع التدابير ابي ركن إليها لزعزعة الوزارة عن موقفها 
القومي قد فشلت بالمرة » ارتأى أن يسلك سلوكاً آخر لعلّه يوصله إلى أهدافه 
بيسر » فرفع إلى رئيس الوزراء هذه الرسالة المطولة : 

بغداد ١١‏ كانون الأول ٠154م‏ 

حدضرة صاحب الفخامة رئيس الوزراء ‏ بغداد 

إن من العوامل الحوهرية لنجاح أية وزارة في حكومة دستورية » أن 
حرص أعضاء تلك الوزارة على التضامن والصراحة التامين » في كافة الشؤون. 
ابي يعالحونما » ليتيسر لهم درس ومناقشة تلك الشوون في جو ملوه الثقة وال حرية 
وتقرير ما يتفقون عليه لتسيير سفينة الدولة الي أخذوا على عاتقهم قيادتما . 

وإذا كان لهذين العاملين تأثير هما البارز في الدول القديمة النشأة » حبى في 
الظروف الاعتيادية » فما هو الشأن الذي ينبغى أن يكون لما في دولة كدولة 
العراق الفتية » وني ظروف كالظروف العالمية الحالية » الي قلما شاهد العالم لها 
مثيلا” في خطورتما وتعقدها . 

لقد أوردت هذه المقدمة توطئة لمصارح<ة فخامتكم برأبي ني موقف العراق 
الحاللي » والمصاعب البي يجامهها » ومن الطبيعي انه مى شخص الداء » سهل 
تامين الدواء . 


020 سيرة وذكريات‎ 5: ١1/ 


إن العراق ‏ هو أحد الأقطار العربية المستيقظة ‏ كان ولا يزال يم 
بالقضية العربية : ويعطف عليها . وهو لم يدع فرصة إلا" وأعرب فيها عن 
اهتمامه وعطفه هذين . سواء كان ذلك يي عهد كفاحه للتخلّص من نير الانتداب 
أم بعد تمتّعه بالاستقلال . 

ولا شك في أن فخامتكم تتخطرون الحهود والمساعي العظيمة » الي 
بذلت في سبيل هذه القضية في عهد المغفور له الملك فيصل وبعده . 

وقبل أن تنشب الحرب ا حاضرة » كان العراق يبذل كل ما في وسعه لحل 
قضية فلسطين » وفقاً لرغبات أهلها . وكانت آخر الحهود » الى بذلت فيهذا 
السبيل » عقد مؤتمر الحكومات العربية في مصر ولندن » الأمر الذي حدا 
بالحكومة البريطانية إلى إصدار الكتاب الأبيض الذي عينت فيه سياستها في 
فلسطين » تلك السياسة الي محداد الحجرة اليهودية » وتضع أسس تألبف 
الحكومة الوطنية الفلسطينية » وكان أبرز نقص في هذه السياسة » في نظرنا » 
عدم نحديد وقت معين لتأليف الحكومة الوطنية . 

وبعد نشر هذا الكتاب بمدة » نشبت الحرب الحاضرة » فانتهزت دولتا 
المحور فرصة فمّدان الحكومة الوطنية في فلسطين » و نشطتا في الدعايةلمصلحتهما 
مظهرتين عطفهما على القضية العربية » ومحاولتين التأثير في شعور العرب . 
برغم أن اعتدامهما على الدول المجاورة هما لا يتفق وهذا العطف . ولاس.ما 
ان الدول المعتدى عليها أقدم وأعظم قوة واستعداداً هن العراق » وأقرب إلى 
دوي المحور من الآمة العربية عنصراً وديناً . 

وقد كان العراق ‏ بي خلال هذه المدة ‏ يتحين الفرص لحث الحكومة 
البريطانية على تأليف الحكومة الوطنية في فلسطين » متوخياً في ذلك مصلحة 
الأمتين : العربية والبريطانية في وقت واحد . وتتخطرون فخامتكم . ولاشك 
ان الأمر قد بلغ بنا إلى أن عر ضنا على وزير المستعمرات البريطاني اقتراحاً شبه 
رسمي - بواسطة الكولونيل نيوكمب - نعرض فيه دخول العراق الحرب إلى 


1 


جانب بريطانيا في الساحانت الشرقية ١‏ لقاء قيام الحكومة البريطانية بحل القضية 
الفلسطينية » ونزوها عند رغبة عرب فلسطين » على صورة لا تعارض سياستها 
المدرجة في الكتاب الأبيض . ولا شك في أن عمل العراق هذا أقصى ماتسطيع 
دولة عمله في سبيل قضية يبمها أمرها . 

لقد كانت الصعوبة الي يجاببها العراق ناشئة عن وجود معاهدة التحالف 
العراقية ‏ البريطانية. » وعن شعور العراقيين بضرورة قيام بريطانيا العظمى 
بإنصاف عرب فلسطين . وقد ازدادت هذه الصعوبة خطورة على أثر نجاح 
الحيش الآلماني في اجتياح هولندة » وبلجيكا » وما عقب ذلك من سرعةانميار 
فرنسا . فإن ذلك الانبيار قد أذهل الشعب العراقي ‏ كما أذهل باتي شعوب 
العالم ‏ حبى راح يتلمّس سلامة كيانه بحلول وافتراضات شتى . وقد بلغ الأمر 
ببعض زعمائه أن كونوا لأنفسهم فكرة جازمة عن قرب اهيار الامبراطورية 
البريطانية » وبقاء العراق وحيداً » وضرورة التفكير في الحروج بالعراق سالاً 
من هذه المعمعة العالمية » الي لم يكن يتوقعها أحد . 

أما الآن » وقد دارت الأيام » وانقضى ما يقارب من الستة أشهر على 
انبيار فرنسا » فقد دل" تتابع الحوادث على أن اهيار الامبر اطورية البريطانية 
ليس بالأمر السهل ٠‏ وقد وقفت بريطانيا الوقفة الي كان يتوقعها القليلون من 
رجال العالم » بالنظر إلى خبر نهم في منابع القوى الروحية والمادية الكامنة في 
هذه الامبراطورية . 

إن مستقبل الحرب وإن كان لا يزال بيد القدر » فإن سير الأمور يدل 
على أن الامبراطورية البريطانية ‏ برغم انيار فرنسا ‏ قادرة وحدها على 
الصمود لدولي المحور » وان انبيارها لم يعد أمرأ محتماً » كما كان يحزم به 
البمعض في الصيف الماضي . 

إني أنتقل إلى الموضوع الذي حدا بي إلى كتابة هذا الكتاب » وهو قضية 
المشكلة الني نشأت موخراً بيننا وبين الحكوءة البريطانية » من جراء سوء الفهم 


حلف 


الذي سببه بعض ما نشر في الصحف . وبعض الأخبار الي لا تستند إلى 

الحقيقة. 
إن العر اقيين ‏ حكومة وشعباً ‏ مجمعون على تأمين سلامة العراق قبل كل 

شي ء آخر : وعلى ضرورة السير في الطريق الذي يضمن هذه السلامة . 
اذا تغراضة هذه السلامة للخطر ؛ فإن الواجب يحم علينا جميعاً الجثنات 

هذا الحطر فوراً » من غير أن نفكتر ني التملّص من اللوم والمسؤولية » وني 

محاولة كل منا إلقائها على عاتق الآخر . لذلك أرجو أن تسمحوا لي أن أبسط 

لفخامتكم الأمور التالية : 

١‏ "- إننا لأول مرة ني تاريخ العراق نتلقى بلاغاً رسمياً من حكومة الولايات 
المتحدة الأمريكية - بتار يخ ه كانون الأول الحاري - تعرب فيه 0 
حرصها على خير العراق . واهتمامها باحتفاظه باستقلاله . وهي تويّد 
بهذا التصريح ٠‏ ان سياستها هي معاونة بريطانيا » بكل ما لديها من وسائل 
عدا إعلان الجرب 2 وأنة هذه المعاونة ستز داد يوماً بعد يوم . وهي تنصح 
الحكومة العراقية بضرورة سيرها بالتعاون م مع الحكومة البريطانية » لأأنها 
ممتنعة » ولديها دلائل كافية » على انه 0 بريطانيا » سيفقد العراق 
استقلاله حتماً » ونحل كارثة بجميع شعوب الشرق الأدنى . 

ويضيف البلاغ إلى ما تقدام : 

« إن عدم تعاون العراق مع بريطانيا » وتوسع دعاية الكراهية في 
الأوساط العراقية ضد بريطانيا » سيحدث تأثيراً سيئاً لدى الحكومة 
الأمريكية » وعند انعكاسه في الصحف »ء لا بد وأن الرأي العامالأمريكي 
لا يستحسن ولا يحبّذ هذه السياسة . مما يرك أثراً سيئاً لا يكون في صالح. 
العراق . والحكومة الأمريكية تلفت نظر الحكومة العراقية إلى السياسة 
الرشيدة الي سارت عليها جارة العراق تركيا » . 

وقد تلقينا في الوقت عينه برقية مؤرخة في 5 كانون الأول الحاري »ن 


حي 


وزير العراق المفوض في أنقرة » يخبر فيها بأن وكيل وزيز الحار جيةالتركية 
استدعاه » وأخبره بأن سفير تركيا في واشنطن أبرق إلى حكومته » بأنه 
علم من المحافل الرسمية الامريكية » بأن حكومة العراق تميل الى اعادة 
العلاقات بين العراق وبين المانيا » وان الوزارة العراقية الحاضرة أما ستضطر 
الى الاستقالة وأما ستعيد العلاقات بين العراق وبين المانيا » وان الحكومة 
الركية*نر جو معر فة حقيقة هذا الحبر . ولما ذكر وزير العراق المفوض » 
الوكيل المشار اليه » بما جاء في خخطاب العرش » قال الوكيل انه يميل الى 
الاعتقاد بأن سياسة احكومة العراقبة هي السير مع بريطانيا » ومع هذا فانه 
سيكون مسر وراً جد لو تأكد له عدم صحة الحبر » الذي تلقاه من سفير هم 
في واشنطن . 

ان اهتمام أمريكا بشأن العراق على هذه الصورة » يتيح لنا فرصة جديدة 
الخدمة القضية العربية في ساحة جديدة . ويلوح لي ان فكرة ارسال وفد 
عر ني مؤلف من عراقيين وفلسطينيين وسوربين » الى أمريكا » لبسط 
المشاكل الناشئة عن قضيبي سوريا وفلسطين » من شأنه أن يساعد على حل 
هاتين القضيتين . واذا ظفر هذا الوفد بزعامة رجل قدير يستطيع أن يستغل 
الظروف لمصلحة العرب » ويجلب اهتمام الرأي العام » وذوي الشأن 
في تلك البلاد » ويمنعهم بعدالة القضيتين » أفاد ذلك كثيرا في التغاب على 
المشاكل القائمة » وساعد الحكومة البريطانية على التخلص من تأثسير 
الصهيونيين الفعال » ولا سيما صهيوني أمريكا . 

ان قضية فلسطين هي علة العلل في تعكير صفو العلاقات بين العراق 
وبريطانيا واضعافها » وكل نحسن في هذه القضية » من شأنه أن يحسن 
تلك العلاقات » ويوثقها » وهو الامر الذي بدأت الحكومة الامريكية 
بالاهتمام به . وقد قرر مجلس الوزراء مؤخراً إحداث مفوضية عراقية 
في واشنطن, وتعيين قائم بأعمال فيها » واني أحبذ اعادة النظر في هذه 
القضية » بغية تعيين وزير مفوض ء بدلا" من قائم بأعمال , على أن يعهد 


4١ 


بهذ' المنصب الى شخص كفوء يتيسر له معاونة الوفد » وتسهيل مهمته على 
الوجه الا كمل » مستخدماً نفوذه الرسمي والشخصي في هذا السبيل . 

ان المادة الرابعة من معاهدة التحالف العراقية ‏ البريطانية تنص على ما 
« اذا اشتبك أحد الفريقين الساميين المتعاقدين في حرب » رغم أحكام 
المادة الثالثة أعلاه » يبادر حينئذ الفريق السامي المتعاقد الآخر فوراً الى 
معونته » بصفة كونه حليفاً » وذلك دائماً وفق أحكام المادة التاسعة أدناه » 
وي حالة خطر حرب محدق » يبادر الفريقان الساميان المتعاقدان فوراً الى 
توحيد المساعي في انحخاذ تدابير الدفاع ا مفقتضية . ») 
« ان معونة صاحب الحلالة ملك العراق » في حالة جرب أو خطر حرب 
محدق » تنحصر في أن يقدم الى صاحب الحلالة البريطانية » في الاراضي 
العراقية » جميع ما في وسعه أن يقدمه من التسهيلات والمساعدات » ومن 
ذلك استخدام السكك الحديدية » والامبر » والموانيء » والمطارات . 
ووسائل المواصلات . ») 
وقد أكدت الوزارة الحاضرة الها مهتمة بحفظ صلات التحالف مع 
بريطانيا » وأنها لا تزال كما كانت في الماضي - حريصة كل الحرص 
على تنفيذ المعاهدة نصاً وروحاً . وما دامت هذه السياسة. هي سباسة 
الحكومة الحقيقية » فاني أرى انه بينما تقوم الوزارة بما يقتضي لايجاد 
التفاهم الحقيقي بين ا حليفتين من جهة » ولحل قضيي فاسطين وسورنا 
بالتضافر مع الوفد من اللحهة الثانية ٠‏ ينبغي توجيه الرأي العام العرائي 
نحو هذه السياسة بواسطة الصحف والاذاعة » واجتناب أي عمل من ثأنه 
أن يثير الشك حول محافظة العراق على عهوده ووعوده » بالنظر الى ما في 
ذلك من إضرار قد لا تقدر عواقبها لأول وهلة . 

5 لقد أشرت في مقدمة كتابي هذا الى أهمية التضامن والصراحة » وأثر هما 


2" 


في نجاح الوزارة في أعمالها » ولما كنت أعتقد بأنه لا يتيسر لنا التغلب على 
المشاكل الي تعر ضنا . والمضي في عملنا بنجاح الا بايجاد تضامن حقيقي 
تام » فانني أرى من واجبي أن ألفت نظر فخامتكم الى ضرورة الاهتمام 
بايحاد هذا التضامن المنشود . 

افي مرسل نسخة من كتاني هذا الى رئاسة الديوان الملكي لعرضها على صاحب 
السمو الملكي الوصي على العرش . 


تفضلوا بقبول فائق الاحترام سيدي . 
المخلص : نوري السعيد 


تدخل البلاط السافر 


ان هذه الحقائق » وما يسندها من وثائق » منشورة في الحزء الخامس من 
تاربخ الوزارات العراقية للسيد الحسني » فعلى من أراد التوسع في الموضوع أن 
يرجع الى هدا الكتاب . إذ لم يمر على تقديم نوري السعيد هذا الكتاب المطول 
أكثر من يومين » حبى دعى عبد الاله الى أن يعقد مجلس الوزراء جلسة خاصة 
برئاسته في البلاط الملكي فعقدت ال حلسة في ١7‏ كانون الاول 144٠‏ » وكانت 
امارات الغضب والانفعال بادية عليه » وافتتحها بارتباك ظاهر قائلا" : انه 
لاحظ ان التآزر بين أعضاء الوزارة القائمة مفقودء وأن الاختلافات بين أركانمها 
في تزايد مستمر » ولا سيما فيما يتعلق بسياسة العراق ا حارجية وعلاقاته مع 
حليفته الكبرى بريطانيا العظمى . فرد عليه وزير المالية ناجي السويدي بعدم 
وجود أي اخ لافات خطيرة بين الهيأة الوزارية تستوجب ذلك » وان 
مثل هذه الحلافات تحصل دانماً في أعرق الدول ديمقراطية . وقد أيد وزير 
الدفاع طه الحاشمي أقوال زميله السويدي » وفضّلت أنا السكوت فلم أفه 
بكلمة . أما وزير الحارجية نوري السعيد فقند أصر على وجود لحلاف » 


وفف 


وانفضت الحلسة على هذه الصورة . فلما عدنا الى ديوان يجلس الوزراء لمواصلة 
البحث فيما ينتظرنا من منهاج» تغيب عن الحلسة نوري السعيد. واذا بسكرتير 
المجلس يدخل علينا ليخبر رئيس الوزراء : ان وكيل رئيس الديوان الملحى 
أقبل ليواجهه ني أمر مستعجل . فلما خرج رشيد لمقابلة وكيل رئيس الديوان؛ قال 
له هذا : بأن عبد الاله أرسله ليبلغ الوزارة بوجوب تقديم استقالتها فوراً . 
وعدم إ]خر انجه :مع الانكليز . فلما عاد رئيس الوزراء إلينا ونقل لنا ما جاء به 
وكيل رئيس الديوان الملكي » رأت الحيئة الوزارية المجتمعة ان هذه سابقة خطرة 
وتدخل لايحوزحى للملك أن يقدم عليه » وأن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان وحده. 
فله أن بمنحها ثقته وله أن يحجب عنها الثتقة . وعلى هذا قرر المجلس ايفاد كل 
من رشيد عالي » وناجي السويدي » وطه ال هاشمي » لمقابلة عبد الاله » وابلاغه 
احتجاج الوزارة على هذه البادرة غير المشروعة . ولما نمت هذه المقابلة » رد 
عليها عبد الاله اذا كانت الوزارة مصرة على البقاء في الحكم ولا ترى رأيه . 
وانه ليس له حق دستوري في اقالتها » ولا أن يطلب استقالتها » فليس لديه 
ما يعمله سوى أن تعمل ما تراه » وما تقرره على مسؤوليتها دون أن يتحمل 
هو أبية مسؤولية. وانه سيكون حراً في المصادقة على مقررات مجلس الوزراء . 
أو رفضها بحسب ما يتراءى له . فلما عاد الوفد الوزاري من هذه المقابلة . 
ونقل إلينا ما دار من الحديث بينه وبين عبد الاله طلبت أنا الكلام 
وقفلت : 

« اخواني الوزراء : اني أرى ان الحلاف الاسامي في الازمة القائمة هو 
خلاف بي وبين نوري السعيد . فثقوا بأني سأبقى مؤيداً لكم ومؤازراً الجميع 
مقرراتكم وأعمالكم » وأنا ني خارج الحكم » فاسمحورا لي أن أتقدم باستقالي 
من منصبي الوزاري لانقاذ الموقف » . 

فكان رد الوزراء بالاجماع بأهم لا يوافقون على تقديم استقالي الا اذا 
اقترنت باستقالة نوري السعيد نفسه . 


05 












عراق من الأثدداب الب مطان 


4 


العامة 22 مصبال» احرمو هن 15 












بالدعدل عنضرا فعالا بي الحركة الوطنية الني 
ك1 الامتسشداد نين الحدنسين العسراقي 

لى من انار سك 15141 وقل عانى من مضايقة 
عساتلا 1 قامات زفلاوه من ارقن 8 مدان 











_ 
اعد 


بت قادت تورة العاسرين التبسرى. ومذكرات نذاجي 
متمدو امنود ى متكتق ا الدرانعة من افحسل مدعرات ١‏ 
اغزر ةا ادقع امعد قا ع الأذانية والذاو بل فرجم : 
اع ب تدده الوقعسة اللعريدة الذي دوت طدم آ! 










اتسيد عت الرزاق الحسيسي 
١‏ 








, اق 
عاتن كه ل كمد 


5 
1 
| 


تح . عقر ]71 توالا يج جح .ند رست لاوط ب ب 0 


ستحعيحصيي ' 5 ار 3 2 - 6 ع 06 
؛ د 1 0 1 كاج 


ا 
1 
١‏ 





2 5 مدخت سسا 34 علقي اه سي كس تسمسييل سربي ل 0 39 109 






درم 
ف آذه 
و 


5 70 6 م7 
مسرا لورْرَاءِ الاسْمق 


ب 
3 
و 


صر 





4 + لاوم 


0 


ممم ريق 





لمم ات كنية اليفقظة الد وى ٠.١‏ 


اشتداد الأزمة وتوالي الاستقالات 


بقي الحال على هذا المنوال من التوتر » وقاطع نوري جلسات مجلس 
الوزراء فلم يحضر أيآ منها » لكنه كاىيذهب الى ديوان وزارة الحارجية لي مللع 
على ما يستجد من الأحداث العالمية » هما ان عبد الاله شرع في رفض التوقيع 
على أي قرار يصدره مجلس الوزراء » ما رفض التوقيع على الارادات المعروضة 
عليه » فشل أعمال الحكومة . وأنذكر ان وزير الدفاع طه الحاشمي لما وجد ان 
الوضع قد وصل الى هذه الدرجة» فاتح نوري السعيد بالحديث الذي جرى 
بحئه في جلسة مجلس الوزراء عن استعدادي لتقديم استقالي » وموافقة 
الوزراء على ذلك اذا اقترنت باستقالته هو » فتقدم من تلقاء نفسه بكتساب 
استقالته الافي : 

حضرة صاحب الفخامة رئيس الوزراء . 

إشارة الى كتاني الى فخامتكم المؤرخ في ١١‏ كانون الاول ١94٠‏ . 

نوهت في كتالي المشار إليه في أعلاه بأهمية النضامن التام بي نأعضاء الوزاره 
للنجاح في مهمتها » والتغلب على المشاكل الي تعترضها » ولفت نظر فخامتكم 
في الفقرة ” من الكتاب المذكور الى ضرورة ايجحاد هذا التضامن . 

ولما كنت أشعر بأن التضامن المنشود لم يؤمن حبى الآنء فاني أرفع 
استقالي من منصب وزير الخارجية الى فخامتكم ؛ راجيا التوسط لدى صاحب 
السمو الملكي » الوصي على العرش ني قبوها » وتفضلوا بقبول فائق الاحترام 
سيدي . 

بغداد في ١94‏ كانون الثاني سنة ١9541١‏ 

نوري السعيد ‏ وزير الحارجية 

لم يذكر لي رشيد عالي عن استقالة نوري أي شي ء » ولما شعر طه الحاشمي 

باخفاء رشيد ذلك عني » زارني في ديوان وزارة العدلية » وسألي عن سبب 


2 


5 


تأخر ي في تقديم كتاب استقالي » بعك أن تقدم توري بكات اتعالة ؟فاجتنه 
وكنت صادقاً بأني لم أخير باستقالة نوري حبى تلك اللحظة » ا 
ذاهب الآن الى ديوان مجلس الوزراء لتقديم استقالتي فوراً » ولما وصلت الى 
الديوان المذكور » عاتبت رشيداً على إخفائه عني نبا استقالة نوري السعيد » 
مما اضطر طه الى لفت نظري اليها » واذا به يقول ليذهب نوري وتبقى أنت » 
وليظن طه ما يظن » فقلت انك يا أخى في مأزق » وأمور الدوطة مشلولة » 
فدعني أضحي بكرسي الوزارة في سبيل بقاء الوزارة . وقد كتبت فعلا كتا ب 
استقالزي وقدمته اليه وهذا نصه : 

صاحب الفخامة رئيس الوزراء المحترم . 

نظراً للاسباب البي لا تخفى على فخامتكم » ورغبة في أن يساعدكم 
انسحابي من الوزارة على نذليل الصعوبات في معالحة الموقف الراهن بحكمتكم 
ووطنيتكم ) وقياماً باداء واجب مهما كان ضثيلا” لخدمة البلاد » أرفسع 
وأتمى لفخامتكم التوفيق للحدمة البلاد » شاكراً لكم ثقتكم طيلة اشتراكي 
معكم في المسؤولية » وأرجول قبول فائق احير امي . 

بغداد في ١0‏ كانون الثاني ١44١‏ . 

ناجي شوكت - وزير العدلية 


قبلت الاستقالتان معاً ؛ وتولى وزارة الحارجية بالوكالة وزير المالية ناجي 
السويدي » بينما تولى وزارة العدلية بالوكالة وزير الاشغال والمواصللات عمر 
نظمي . وكان وزير الدفاع طه الحاشمي يسعى » قبل تقديم كتاب استقالي 2 
لحمل الضباط ورشيد عالي على أن تستقيل الوزارة برمتها » ويعهد الى ناجي 
السويدي بتأليفها من جديد » على أن يدخل رشيد فيها كوزير للداخلية . 
ويلوح لي ان رشيداً كان بميل الى الاخذ ببذه الفكرة في باديء الامر » لكنه 


لحف 


سرعان ما عدل عنها بعد يومين » وأصي على الاحتفاظ ببقائه رئيساً للوزراء . 
وقد كنت على علم بمساعي طه في هذا الصدد » ولكي نجنبت الافصاح عن 
أي رأي في الموضوع ٠‏ لاني كنت أخشى أن تكون هناك لعبة يقوم بها نوري . 
لأن نوري كان يعلم علم اليقين بأن ناجي السويدي لم يكن شديد التمساه 
عنصبه » مثل رشيد » وانه اذا ما ألف الوزارة وأحرج موقفه » فسيرفض 
كرسي الرئاسة بكل أباء » فيحصل الغرض من هذه اللعبة » وتتحقق أحلام 

عبد الاله ونوري في استبعاد كل وزارة لا تماشي خططهما . 

ابتعدت عن ميدان الاحداث السياسية » بعد قبول استقالي من منصب 
وزارة العدلية » فلم اشترك في أي عمل . الا اني كنت أزور رشيد عالي : 
والمفي الحسيي . بين حين وآآخر » وما لبثت ان علمت ان عبد الاله بدأ 
يحرض الوزراء على تقديم استقالاتهم تباعاً » احراجاً لموقف رشيد عالي : 
وحمله على الاستقالة . فقد تقدم طه ال هاشمي بكتاب استقالته في 7١‏ كانون 
الثاني سنه ١9451١‏ وهذا نصه : 

الى صاحب الفخامة رئيس الوزراء المحترم . 

يعلم فخامتكم أني تقدمت ببعض الحلول لتخفيف الازمة » ويظهر ان 
الامور بلغت الى درجة من التعقد أصبح معها الحل الاخير أيضاً لا يفيد ؛ 
فلذلك رأيت من واجي ان أرفع لفخامتكم استقالي . وعندما أرجو من 
فخامتكم قبولها » أشكر ل لقيته منكم من مساعدة وعطف وأتمى لكم التوفيق 
والنجاح » وتفضلوا بقبول فائق الاحيرام . 

بغداد في 7١‏ كانون الثاني ١914١‏ . 

ولما قرر رشيد عالي تعيين كل من : السيد علي محمود الشيخ علي » ويونس. 
السبعاوي وزيرين جديدين بدل الوزيرين المستقيلين » تقدم وزير المالية ناجي 
السويدي بكتاب استقالته الآني : 


1 / 


بناء على انسحاب بعض الزملاء من موقع المسؤولية » وخاصة منهم الذوات 
الذين ثم الائتلاف بيننا وبينهم » ووقعنا معهم على وثيقة التضامن » أرى ان 
مهمي قد انتهت » وأصبح انسحابي واجبآً » كما تقرر في الحلسة الوزارية 
الي انعقدت في 5؟ كانون الثاني 194١‏ » وعليه أرجو من فخامتكم أن تتفضلوا 
بتأييد استقالي وتنفيذها » مع قبول جزيل شكري لقاء اللطف الذي لقيته 
منكم » والمعونة الي أسديتموها إلي طيلة المدة الي قضيتها برفاقتكم . 

وني الحتام أبتهل إلى الله أن يسدد خطواتكم » ويمدكم بمعونته لتسهيل 
المهمة الملقاة على عاتقكم ؛ ويوفقكم لا فيه صيانة حقوق البلاد » وهدوء 
وراحة العباد آمين . 

بغداد في 79 كانون الثاني ١45١‏ . 

المخلص وزير المالية : ناجي السويدي 

وفي الثلاثين من كانون الثاني 144١‏ عقد مجلس النواب جلسة حضرها 
رشيد عالي متأخراً » ورأى من سير المناقشة ان الاكثرية لا تؤيد سياسته ع 
فقرر حل هذا المجلس » والشروع في انتخاب مجلس جديد » ودعاني الى 
تناول العشاء في داره مساء هذا اليوم » لان لديه أموراً كثيرة يريد أن يتحدث 
بها إلي » فقبلت الدعوة وحضرت الدار . وبعد بضع دقائق حضرها كل من 
العقداء : صلاح الدين الصباغ » و محمد فهمي سعيد » ومحمود سلمان » وقبل 
أن يتحدث رشيد عما عنده » جاء خادمه ليقول له انه مطلوب على التلفون 
فلما عاد الينا » وجه خطابه الى العقداء المذكورين قائلا” : انه يأسف لان 
يركهم ) وان الاخ ناجي سيقوم مقامه في تكريمهم واداء واجب الضيافة » 
لانه ملزم بالذهاب الى ديوان مجلس الوزراء فوراً اذ جاء نداء تلفوني من 
متصرف لواء الديوانية بأن عبد الاله وصل الى الديوانية » ونزل في دار قائد 
الفرقة الرابعة اللواء الركن إبراهيم ألراوي » وأضاف رشيد إلى ذلك قوله : 
بأنه سيوافيهم عن سبب سفر عبد الاله الى الديوانية » بعد الوقرف عليها . 


1:8 


ثم انصرف ولم يعد » فتناولنا الطعام في غيابه» وي نحو منتصف الليل اتصل 
لي رشيد عالي هاتفيً » ورجاني أن أطلب الى العقداء أن يوافوه إلى الديوان 
عالة منت ال حالزن الأمسان و قلت إلى الماع وغ و اذا 
بالعقيد صلاح الدين يبادرني ني السؤال: وأنت ؟ لماذا لا تأني معنا ؟ قلت له: 
لست بوزير مسؤول لاحضر معكم» ولكن في الامكان أن أطلع على الوضع 
يوم غد كم افترقنا . فلماكان اليوم التاليي فهمت كل شي ء من رشيد عالي والمفي 
الحسيبي . وحيث اي لم اشترك في اجتماعات الليلة المنصرمة ولم أساهم في 
الاحداث الحارية بصورة مباشرة فقد رأيت أن أختصر الحديث عنها » وعلى 
من أراد الالمام بكل ما جرى » أن يرجع الى كتاب الحسي ١‏ الأسرار الحفية 
في حركة سنة 1441 التحررية » وإلى الحزء ا حامس من كتابه الثاني : « تاريخ 
الوزارات العراقية » وإلىكتاب - فرسان العروبة في العراق - للعقيد المرحوم 
صلاح الدين الصباغ » وكتاب ‏ الحرب العراقية البريطانية ‏ للسيد محمود 
السنددرة + 

والذي فهمته عن أحداث الليلة الماضية » ان المجتمعين في ديوان رئاسة 
الوزراء كانوا الوزراء » والمفي الحسيي » والعقداء الثلاثة الذين كانوا في دار 
رشيد » ووكيل رئيس أركان الحيش أمين زكي » ويونس السبعاوي ٠»‏ ثم 
انضم الى هؤلاء كل من السيد محمد الصدر » وطه الحاشمي . وقد جرى نقاش 
حاد في هذا الاجتماع » واستعرض موقف مجلس النواب من الوزارة القامة » 
وهل يصح للوزارة أن تقابله في اليوم التالي "وكان من رأي السبعاوي منسع 
المجلس من الاجتماع » ولكن العقيد صلاح الدين الصباغ أشار على رشيد 
عاللي بضرورة الاستقالة » ونجتب اصطدام قطعات الحيش الموجود في الديوانية 
مع بعضها . وقد أيد طه الحاشمي هذا الرأي »كما حذار الصدر رشيداً من مغبة 


لطف 


العاقبة فلم بر رشيد عالي مناصاً من الانصياع الى هذا الرأي » فقرر الاستقالة وحرر 
صيغتها ثم ادخلت بعض الاضافات عليها . وقد أرسلت برقي الى الديوانية 
وهذا نصها: 

صاحب السمو الوصي المعظم ‏ ديوانية . 

سيدي : لقد حاولت أن أسير بالبلاد نحو مثلها العليا » منتهجاً سياسة نتفق 
ومصلحتها العامة . ولم أشك في أن سموكم كان يرغب في إزالة العقبات الي 
تعغرض طريق المخلصين. غير ان الأيدي والمصالح الاجنبية الي لايروقها أنتسود 
الثقة المتبادلة بين سموكم » وبين حكومة اعتز مت المضي في خدمة البلاد بصدق 
واخلاص » وفق خطتها المرسومة » حملت سمو كم على عدم الارتياح منها » 
وقد ظهر ذلك في ترك سموكم البلاط الملكي » وانعكافكم في قصركم العامر ) 
الامر الذي أثر على حرية سير الوزارة في أعماها . ثم استمرٌ عدم ارتيساح 
سموكم في ابتعادكم عن عاصمة المملكة » وايقاف الارادات المعروضة على 
سموكم » سيما الارادة المتعلقة بحل مجلس النواب» إذ ان الوزارة الي أخذت 
على عاتقها نمحمل مسؤولية البلاد وادارة شؤونها ي هذه الظروف العصيبة ؛ 
رأت ضرورة استفتاء الرأي العام عن خخطتها السياسية لتأمين تعاون أوثق بين 
السلطتين : التشريعية والتنفيذية » ما تقتضيه الظروف العالمية الحاضرة . وعليه 
فاني أعتذر عن الاستمرار في حمل المسؤولية » راجياً سموكم قبول اباي 
من رئاسة الوزارة » والله أسأل أن يمد" سموكم بتوفيقاته . 

بغداد في "١‏ كانون الثاني ١44١‏ . 


رئيس الوزراء ‏ رشيد عالي 


وزارة طه الفاشمي 
بعد أن هرب عبد الاله الى الديوانية مساء "١‏ كانون الثاني 1944١‏ م ء 


خرف 


وفشل ني حمل اللواء الركن'ابراهم الراوي لوضع فرقته الرابعة نحت أمرته » 
ولم ينجح في اتصالاته بمتصرني الالوية ورؤساء القبائل للوقوف الى جانيه » 
بعد كل هذا الفشلحاول أن يكلف السيْد محمد الصدر بتأليف وزآرّة » تخلف 
الوزارة الكيلانية » فلم يوفق في هذه المحاولة ايضاً . ولماكان الوضع العام لا 
يساعد يومثل على_اسناد رئاسة الوزراء الى الساسة الموالين ا 
جميل المدفعي » وعلي جودت وغيرهما » وكان نوري السعيد قد اختفى في 
مزرعة هادي العسكري في اليوسفية » لم شٍ بدا من ٠‏ الاستعانة بطه الهاشمي 
لتأليف الوزارةالحديدة في تلك الظروف الصعبة . وكان طه ي وضع لا يحسد 
عليه » واني وائق بأنه قبل التكليف بتأليف الوزارة مكرهاً : ودليلٍ على ذلك 
ما جاء في ص ٠‏ من مذكراته حيث يقول : ب 

«كانت الحخطة البي سلكتها في حياتي السياسية » منذ توليت وزارة الدفاع 
الى حين تسلمي رئاسة الوزراء » ترمي داتاً الى أن يظهر العراق في هذه الحرب 
بمظهر الرشد أمام العالم ... والواقع اني كنت في موقفي السياسي ضعيفاً الى 
درجة نيلا أسطع معها أن لوقف مؤلاء الفسدين حتد حدتهم » ركنت دان 
أميل الى عدم تدخل العلماء في شؤون الدولة . وكان موقف القادة مي موقف 
القلق والحذر » وموقف الامير موقف الحانق المستبد »وموقف المعارضة 
موقف المهاجم المتحين للفرص » وموقف رشيد عالي وأعوانه موقف المخاصمء 
وحى نوري السعيد نفسه كان يعمل في الحفاءويتحين الفرص » أما ناجي 
شوكت فكان ينتظر الوقت بفارغ الصبر لينتقم مي . وأما المي فظل"” المحور 
الذي تدور حوله المزاعم الوطنية » ويعتبر كل تفاهم مع الانكليز خيانة للقضية 
العربية » وكان موقف الضباط البريطانيين من الحيش العراتي هما يثير قلق 
القادة )[ه. 

كان طه الحاشمي ‏ رحمه الله - بين شقي الرحى . لم يستطع الانزواء 
والنجاة بنفسه ليرتاح . وكانت أخلاقه حميدة بالقياس الى الآخرين . تثقف 
ثقافة عسكرية عالية . يطلب من مرؤوسيه اطاعته طاعة عمباء لكنه كان مثر ددا 


فى 


في اتخاذ القرارات الحاسمة في الازمات» ولهذا فقد سيرته الظروف» بدلا من 
ان يسير ها هو. فهو كرجل عسكري كان عليه أن يدين بالولاء للعرش وشاغل 
العرش » وهو كقائد كان عليه أن يحمي مرؤوسيه من قادة وضباط » ويجنبهم 
من الوقوع في المآزق السياسية . ولما قدر له أن يؤلف وزارته » ألفها من 
خليط عجيب. فوزير خارجيته توفيق السويدي لا يفرق عن نوري السعيد في 
ولائه للانكليز » وآخر معقل من ذوي الاقطاع وآخرين لا وزن سياسي لهم 
ولارأي معروف . 

كانت وزارته مرتجلة لأنها تألفت على عجل » وأظن انه هو نفسه لم يكن 
واثقاً من جدارة زملائه لمواجهة الظر وف الي كانت سائدةيومئذ . ولقد 
استغربت مما جاء في الفقرة المقتبسة من مذكرات طه الحاشمي المدرجة أعلاه 
قوله ( وأما ناجي شوكت فكان ينتظر الوقت بفارغ الصبر للانتقام مني ) فان 
ما نخيله المرحوم عني كان في غير موضعه - مع الاسف - لاني لم أكن في 
أي وقت من الاوقات منتظراً الفرص للانتقام منه » لا بفارغ الصبر » ولا 
بأية صورة أخرى . إذ لم يكن هناك سبب أو موجب للانتقام» بل كنت 
أحتر مه وأفضله على كثير من رجال السياسة لنظافة يده » وسلامة قلبه . وقد 
يحوز أن يكون وهمه في ناجماً عن مصارحتي له يوم اعتقل حكمت سليمان 
في المؤامرة المزعومة . بأن حكمت وإن كان قريى» فاني لا أتصور ان له 
ضلعاً ني هذه القضية المدبّرة » على الرغم » من اني لا أشاركه في الكثير من 
أفكاره وآرائه »ولم يسبق ان اشئركت معه ني الحكم» واني كنت أفضلطه عليه. 

كان طه الحاشمي يأمل أن يقنع العقداء الأربعة برك الاشتغال في السياسة » 
والتصالح مع عبد الاله » ولم يفقد هذا الامل حنى ني أواخر أيام وزارته ؛ 
الي لم تدم غير شهرين كاملين فط . وكان إمكان نحقيق هذه الرغبة أو هذا 
الامل كان من المستحيلات في هاتيك الايام . فان حقد عبد الاله الدفين , 
وكرهه وبغضه العظيم للضباط ء مضافاً الى ميوله السياسية المتنافرة مع ميول 
القوميين » كل ذلك كان يجعل نحقيق رغبات طه وآماله مستحيلة التحقيق . 


إضية 


لقد ارتكب طه عدة أخطاء . فبالإضافة الى قبوله تأليف الوزارة في مثل 
تلك الظروف الحرجة» فانه وافق على ترشيح الحكومة البريطانية للسير 
كور نواليس ليكون سفيراً لها في العراق » مع ان هذا الرجل كان موظفاً في 
الحكومة العراقية مدة خمس عشرة سنة » فتكونت له صداقات وعلاقات مع 
رؤساء القبائل » ومع الشخصيات العراقية المختلفة » وأصبح ملماً بأمور العراق : 
صغير ها وكبيرها . فكيف جاز قبوله ممثلا" سياسياً لحكومته في العراق ؟ فان 
العرف الدبلوماسي لا يسوغ مثل هذا التمثيل . وقد سبق للحكومة التركية أن 
رفضت ترشيح الحكومة للحالد سليمان ممثلا” لها في أنقرة لمجرد ان خالداً كان 
شقيقاً لمحمود شوكت باشا الذي كان قائد انقلاب عام 1104 في تركية . 

اي كنت مبردداً لقبول فكرة إسقاط وزارة طه الحاشمي » ولكن قبول 
طه ترشيح هذا الرجل الانكليزي الاستعماري ممثلا” لبلاده في العراق غير 
فكري . لد كان طه يأمل أن توافق الحكومة البريطانية على مد" الحيش العرافي 
بالاسلحة » الي كان في أمس ا حاجة إليها » وان تعطي العراق ما يحتاج اليه من 
عملة صعبة » اذا وافق العراق على قطع علاقاته السياسية مع ايطاليا ٠‏ كما قطعها 
مع المانية من قبل » ولكن هذا الام ل كانواهيالآن الانكليز لا يغيرون أساليبهم 
بسهولة . وعلى هذا فقد طه تأييد الشعب » بعد أن فقد الامل في كسب ولاء 
العقداء لعبد الاله » فقرر الشروع في اقصاءمهم من مناصبهم الواحد تلو الآخر . 
وكانت هذه غلطته الكبرى الي أفقدته ثقتهم بهء واعتمادهم عليه؛ واضطرتهم 
الى حمله على تقديم استقالته « لاحظت برجليها ولا خذات سيد علي » . 


تأليف حزب سري 


بعد أن نخليت من منصب وزارة العدلية » وبعد أن استقالت وزارة رشيد 
عاللي من الحكم » بدأنا نتزاور في بيوتنا ؛ ونتبادل فع المي الحسيي الزيارات ؛ 
كنا كنا تجتمع أحياناً بالعقداء وبيونس السبعاوي في دار المي . وقد أخذت 


إرفرة سيرة وذاكريات )4 


شكوكنا في وزارة طه الهاشمي تتزايد من جراء انسياقها مع الحهة المناوئة لنا » 
وشروعها في تنفيذ رغبات عبد الاله» ومن ورائه الانكليزء فمررنا أن يكون 
لقاؤنا مستمراً » وان يبتبى على أسس وأهداف واضحة ومتفق عليها » وقد 
عقد أول اجتماع لتحقيق هذا الغرض في دار المفبي . وهو الاجتماع الذي 
حضره كل من المفني الحسيبي » ورشيد عالي » ويونس السبعاوي » وصلاح 
الدين الصباغ » وفهمي سعيد » ومحمود سلمان » وأنا « ناجي شوكت » وقد 
تقرر تأليف الحنة سرية من هؤلاء الذوات السبعة تستدر وراء أسماء مستعارة » 
واتفق على أن يرأس المي هذه اللجنة » ويخول الاتصال برجال السياسة في 
الاقطار العربية : كسورية » وفلسطين » وتقرر تأليف حزب سيامي علبي 
نحت اشراف اللجنة المذكورة . وعلى هذا تقدم كل من رشيد عالي » وناجي 
شوكت » وعلي محمود الشيخ علي » ويونس السبعاوي » ومحمد عل محمود ‏ 
وداود السعدي » والدكتور محمد حسن سلمان » بطلب مشيرك الى وزارة 
الداخلية للموافقة على تأليف الحزب المنشود » وقد أطلقنا عليه اسم ( حزب 

الشعب ) . أما الاسماء المستعارة للهيأة السباعية المذكورة فكانت « مصطفى » 

للمفني الحسيي » و « عبد العزيز » لرشيد عالي » و « أحمد » لناجي شوكت » 

و« رضوان » لصلاح الدين الصباغ » و« فرهود » ليونس السبعاوي و ١‏ نجم » 

لفهمي سعيد و« فارس » لملحمود سلمان . وقد أقسم أعضاء اللجنة السرية 

السبعة على أن يعملوا كل ما في وسعهم من قوة وإيمان خالض لانقاذ العراق 
وسائر البلدان العربية من الاستعمار وأذناب الاستعمار » و نحقيق الاستقلال لها 

على أن تراعي ما يل : 

١‏ - المحافظة على الوضع الراهن » وعدم التعرّض للمعاهدة العراقية ‏ البر يطانية 
في الوقت الحاضر» ححتى ينجلي الموقف نتيجة لتطور الاحداث العلمية , 
والسير ي الامور برؤية وتبصر . 

اذا كان لا بد من قطع علاقات العراق السياسية بإيطاليا » فيجب أن 
يستند القرار في ذلك الى موافقة مجلس النواب بحرية كاملة . 


نغيفق 


م7 يجب السعي لابعاد أذناب الاستعمار وعملاء الانكليز » أمثال نوري 
السعيد » وجميل المدفعي » وعلي جودت » وأمثالهم الى خارج العراق 
بتعيينهم كسفراء في لندن » وواشنطن » والقاهرة » وغيرهاء وذلك 
التخلص من شرورهم في هذه الحرب الطاحنة . 
4" - تعديل الدستور العرائي في أول فرصة ممكنة لتحديد صلاحيات الوصي 
واستصواب احلال مجلس وصاية بدلا" منه . 
هذه هي المواد الاساسية اللي أرما اللجنة السباعية في اجتماعها الاول . 
أما بقية المواد الي ذكرها المرحوم. صلاح الدين الصباغ في مذكراته ‏ فرسان 
العروبة في العراق ‏ كالتوسل بكل الوسائل المشروعة لاستمالة الوصي نحو 
العقداء » فاذا فشلت المساعي لتحقيق ذلك فتكليفطه الحاشمي بتقديم استقالته » 
وايفاد وفد من كرام رجالات العرب والعراقيين لعرض توسلاههم على الوصي » 
بغية اسناد رئاسة الوزراء الى رشيد عالي الكيلاني » فالذي أراه انه يحوز أن 
تكون قد عرضت مثل هذه الاحاديث في اجتماع اللجنة الاول لكنها لم تكن 
أموراً مقررة : 


بلء العاصفة 


لما تسلم طه الهاشمي رئاسة الوزراء واحتفظ بمنصب وزارة الدفاع قي 
عهدته » سعى سعياً متواصلا” للتوفيق بين قادة الحيش العرائي والوصي عبد 
الاله » ولكنه فشل في حمل الوصي على أن يستقبل العقداء ويرضى عنهم ‏ 
ها فشل في ابعاد هؤلاء العقداء عن الاتصال برشيد عالي والمفني الحسيي . فقد 
فاته ان عبد الاله الحقود لا يمكن أن ينسى الاهانات الي تلقاها من العقداء » 
في أوقات مختلفة » قبل أن يبرب الى الديوانية » وانه لهذا السبب يرفض قبوهم. 
وظن الناس ان الحو قد صفم » وان الهدوء ساد البلاد بعد تلك الرجات » ولكن 
العاصفة استمرت في سيرها طي الحفاء » لتفاجىء هؤلاء الناس بالاحداث الحطيرة. 


نوف 


فان العقداء » بعد أن وثقوا بأن عبد الاله لن يستقبلهم ولن يرضى عنهم » 
قرروا الصمود وعدم الانصياع الى كل قرار لا يتفق مع رغبامم . 

كان صلاحالدين الصباغ ميالا” في بادىء الأمر لتنفيد قرار صدر بنقل العقيد 
كامل الشبيب من بغداد الى الديوانية » ونقل مركز مقره هو من من بغداد الى 
جلولاء بلواء ديالي» ولكنه بعد أن أصبح حقد عبد الاله يلمس باليد » ونواياه 
السيئة للفتك بهم وتشتيت شملهم نظهر للعيان » قرر العقداء مجتمعين أن ير فضوا 
تنفيذ قرار النقل هذا » وشعروا بأن استسلام طه الى عبد الاله سيلحق 
بالبلاد وبقضيتهم ضرراً مؤكداً فقرروا الاخذ بالمبادأة بعد تعطيل مجلس النواب 
بيوم واحد . 


ففي أول نيسان ١94١‏ وضعوا الحيش في الانذار » وني المساء احتلت 
بعض الوحدات دوائر البرق والبريد والتلفون » وبعض المراكز الحساسة في 
العاصمة . وكنت مدعواً على مأدبة عشاء ولعبة بريج في دار انطوان شانتودوك: 
فلما حضرت الدار المذكورة في شارع أي نؤاس ؛ وجدت انه قد سبقي اليها 
كل من عارف السويدي» وعبد القادر رشيد» والصيدلي داوود فنوء وي نحو 
الساعة التاسعة طلبتبي قريني على التلفون لتنقل الي رغبة رشيد عالي في التحد ث 
معي هاتفياً » اذا ما عدت الى داري . وف نحو الساعة الحادية عشرة رجعت 
الى الدار وفتحت التلفون على رشيد واذا به يرجو حضوري الى داره فوراً » 
فذهبت إليه في حوالي منتصف الليل » فأخبرني باحداث ذلك اليوم ‏ 
وأضاف الى ذلك قوله : ان العقداء الاربعة بعد أن يئسوا من طه الحاشمي وتأ كد 
لديهم بأنه مصمم على ابعادهم عن بغداد » وتشتيت شملهم » والاستسلام 
مشيئة عبد الاله ورغباته » وأن حياهم أصبحت في خطر » لأن عبد الاله 
مصمم على الفتك بهم ) فلهذه الاسباب مجتمعة اضطروا لانذار الجيش » 
وأوفدوا وكيل رئيس أركان الحيش » والعقيد فهمي سعيد » الى طه الحمله 
على تقديم استقالة وزارته . وأضاف رشيد الى أقواله هذه بأنه جرى نقاش بين 


لغرق 


وفد الحيش وطه الحاشمي انتهى بكتابة طه الكتاب المطلوب وتسليمه اليه . 
فسألته وأين هو كتاب الاستقالة ؟ وهل قدم إلى عبد الاله» فأجابي بالتفي » 
وان الاستقالة لم تقدم حتى الآن لمهم لم يحدوا عبد الاله في قصره » والظاهر 
انه هرب الى جهة لم تكتشف بعد . فقلت لرشيد عالي : أخي إلى مى يظن 
العقداء أن عبد الإله سيكون طوع ارادمهم يوماً ما ؟ انه عدوهم اللدود الأول» 
انه الأفعى الي يجب أن يسحق رأسها لا أن تداس ويضرب على ذنبها ويجعلها 
تزداد حقداً وشراسة . وبعد هذه المحاورة تركت رشيداً وعدت الى داري بعد 
أن اتفقنا على اللقاء في اليوم التاللي . 

بعد أن اضطر طه الهاشمي الى تساي م كتاب استقالته الى وكيل رئيس أركان 
الحيش » والعقيد فهمي سعيد » دعا الوزراء الى داره للاجتماع بهم والتحدث 
إليهم . فلما سمع العقداء بهذا الاجتماع » قرروا أن يذهب رشيد عالي ؛ 
ووكيل رئيس أركان الحيش » والعقيد صلاح الدين » الى دار طه للوقرف 
على سبب هذا الاجتماع » ومعرفة المقر الذي حتفي فيه عبد الآله » وقد 
جرى نقاش حاد وطويل بين طه الهاشمي ووزير خارجيته توفيق السويدي من 
من جهة » ورشيد عالي من جهة أخرى» وظهر ان الطرفين أرادا معاً أن يلعبا 
على بعضهما حتى ينجلي ا موقف بعر فةا حهة الي اختفى فيها عبد الاله» وكيف 
اختفى » والى أبن ذهب ؟ فكانت هدنة استمرت بين الطر فين يوم كاملا حبى 
اذااكان اليوم التالي » انضح ان عبد الاله » بعد أن سمع بأن الحيش وضع في 
الانذار » وان بعض الوحدات احتلت بعض المرافق الحساسة في العاصمة» 
ترك قصره وانجه الى دار عمته صا حة في شارع ألي نؤاس » القريبة من منزلي » 
م غير ملابسه بملابس نسائية » وتسلل منها الى دار السفارة الامريكية الي 
هيأت له سيارة ديلوماسية قادها أحد الخدم » ووضعته نحت قدمي السائق الذي 
هر به إلى القاعدة البر يطانية في ا حبانية ( فيا للعار وألف عار ) ومن ا حبانية وضع 
الانكليز عبد الاله في طائرة حربية نقلته الى البصرة » واتخذوا له من الدارعة 
الحر بية « كوك اشبير » مقراً له » فلم يبق أمام العقداء والجميع سوى العزم على 


يضف 


على خوض المعركة حتى النهاية » فلقي عز مهم هذا التأبيد الكاملمن الرأي العام 
وجميع المخلصين ني العراق » وني الحارج » فيما عدا بعض السائرين في ركاب 
السلطات البر يطانية » والمتنافسين على خدمة عبد الاله وطغمته . وكان بعض 
هؤلاء قد التحقوا بعبد الاله بطرق حقيرة » وعادوا معه بعد مرور شهرين على 
أسنة الرماح البر يطانية دون خجل . 


أحداث الشهرين نيسان وأيار 


قبل أن أدخل ني الحديث عن كيفية تكوين « حكومة الدفاع الوطني » 
وما أعقبهامن عزل عبد الاله عن منصب الوصاية » واعلان وصاية الشريف 
شرف على الملك الطفل» واشتباك الحيشين العرافي والبر يطاني في الثاني من أيار 
١‏ مء أود أن أشير الى نقطة هامة . فد سميت كل هذه الاحداث الحخطيرة 
ب حركة رشيد عالي » من قبل بعض الكتاب والمؤرخين » ولم تكن هذه 
التسمية بصحيحة في الواقع » وانما هي وسيلة خبيثة أريد بها اظهار كون هذه 
الحركة التحررية الحبارة لم تكن سوى نتيجة نزاعات واختراصات قام بها 
شخص واحد » تؤيده حفنة من الضباط الصغار كانوا آلة بيد المفني الحسيني 
ليعبثوا بمقدرات العراق » دون رضاء الشعب ورغبته . وكنت أشرت في عدة 
مواضيع من هذه « الذكريات » الى الاخطاء الي ارتكبها رشيد عالي سواء في 
أيام توليه زمام الحكم أو يوم يكون في المعارضة » وانتقدت بعض تصر فاته 
نقداً لاذعاً » ولكن أكون قد جنيت على التاريخ » وخالفت عقيدتي وضميري» 
اذا كنت لا أنوه بمزايا رشيد الوطنية » وما أظهره من جدارة فائقة واقدام 
غير متناه في معاحة الامور في فنرة توليه رئاسة حكومة الدفاع الوطني ٠‏ ما 
استحق معه كل اعجاب وتقدير . رحمه الله . 

فان أراد البعض أن يسمي كل الاحداث باسم شخص واحد » ويرى أن 
لابد من استعمال هذه التسمية» فان من الصواب أن تدعى ( حركة الكيلاني 


6 


- المفني - الصباغ ) لان هذه الاقائي الثلائة كانت في مقدمة هذه الاحداث » 
وني الصف الأمامي في كل ما حدث ني هاتيك الايام . وأرى ان قصر 
التسمية على شخص واحد فيه تحن" على الحقيقة والتاريخ » والزهد بمزايا الشعب 
العراقي الكريم » الشعب الذي له من الماضي العتيد والتاريخ المجيد ما يجعله في 
مصاف الامم ا حية . وهل أدل على ذلك من ثورته العظمى ني عام 1917١‏ م ء 
تلك الثورة الي قاوم بها الاستعمار » ووقف في وجه أعظم دولة استعمارية 

كانت معر وفة في هاتيك السنوات » دون أن يكون لديه من السلاح والعتاد غير 
البندقية» ودون أن يعرف من نظم الحرب والقتال غير البدائيات . وني اعتقادي 
ان انتصار الشعب في تلك الثورة الحبارة » هو الذي مهد الطريق أمامه للقيام 
بحركة 1141 > ثم بثورة 4 تموز 1404 الي قضت على الاستعمار واذنابه 
بصورة بهائية والحمد لله . 


وهناك واجب آخر يجب ان أسجله للحقيقة والتاريخ وهو الدور الكبير 
الذي قام به المفني الحسيني ( الذي ارتبط الحيش به فكفل رشيداً وربط الحيش 
به ) على حد ما يقوله العقيد صلاح الدين الصباغ في ص 7١8‏ من كتابه ( فرسان 
العروبة في العراق ) . 


لقد كنت وما أزال أكن للمفني الحسيي كل ود واحترام » لاني كنت 
مطلعاً ‏ أكثر من غيري - على آرائه السياسية . وكان كثيراً ما يسألني الرأي 
عما يجب عمله » وعماكنت أتوقعه في المستقبل من الاحداث . وكثير أ ماكنت 
اختلف واياه في بعض الامور . اذكان ينظر الى بعضها كعربي فلسطيي شرد 
الاستعمار شعبه » ومكدّن الصهيونية اللثيمة من اغتصاب أرضه » فهو - أي 
المي - يحاول أن يوجه السياسة العراقية من خلال نظرته هذه » وجعل مصالح 
العراق الوطنية في الدرجة الثانية » أما أنا فقد كنت - وما أزال - أعتقد ان 
الواجب يحم علينا أن ننظر الى مصالح العراق ال حيوية والاساسية في الدرجة 
الاولى من الحفاظ على استقلاله حتى يتمكن أن يقوم بواجبه كقطر عربي مستقل 


خرف 


فيساعد الدول العربية غير المستقلة » ولا سيما سورية وفلسطين . بينما كانت 
آراء العقيد صلاحالدين الصباغ قريبة كل القرب من آراء المي الحسيي » فكان 
موزع الولاء بين الامة العربية ككل » ووطنه العراق الذي نشأ فيه وترعرع » 
وان لم يكن عريقاً في عراقيته . وقد سبب هذا الازدواج في ولائه أن يرتكب 
بعض الاخطاء » في بعض ال حالات فيقرب اليوم بعض ماكان يرفضه أمس » 
والعكس بالعكس . ومن يقرأ مذكراته ‏ فرسان العروبة في العراق ‏ يكاد 
يلمس هذا التناقض لمس اليد . 

كانت ثقافة صباغ العسكرية لا بأس فيها » ولكنه كان طموحاً عاطفياً . 
يتصور ان في امكان جيل واحد أن يقلب التاريخ رأساً على عقب ٠‏ وتعيد 
أمجاد الامة العربية الى سابق ازدهارها . كان آخر مرة شهدته فيها » تلك الليلة 
المشؤومة » بعد أن جاءوا به مكبلا” بالحديد والاصفاد من سورية الى سجننا في. 
أني غريب لشنقه . فقد منع من الاختلاط بأي شخص » وعندما كان يريد 
الذهاب لقضاء الحاجة » كانت أبواب الغرف في سجننا تغلق علينا حى لا 
نتحدث معه » أو ننظر إليه » لكني استطعت أن ألمحه من ثب صغير كان في 
باب الغرفة الي كنت سجيئاً فيها » وفي ليلته الاخيرة قضى طوال الوقت في 
الصلاة » والتعبد وتلاوة آيات القرآن . وقد كتب كتاب وصيته الذي نشر 
بعد شنقه بمدة فبكيته كثيراً رحمه الله . 


حكومة الدفاع الوطي 
كان الوضع في العراق خطيرا للغاية » خلال الايام الثلاثة الاولى من نيسان 
0 » فرأس الدولة » الوصي على عرش العراق . كان قد فر من العاصمة 
واختفى عن الانظار» وكان يخشى أن يكون قد ارئمى في أحضان الانكليز » 
الامر الذي نحقق في مساء اليوم الثالث من هذا الشهر ‏ مع الاسف - وكانت 
وزارة طه الحاشمي الي تمثل السلطة التنفيذية قد استقالت » ولكن استقالتها لم 


5 


لم تقبل بعد » لعدم وجود المرجع الذي يبت فيها » أما السلطة التشريعية الممثلة 
في بجلسي الاعيان والنواب فكانت في عطلتها الاعتيادية » وهكذا أصبحت 
البلاد بدون حكومة مسؤولة . وكان الواجب يقضي ايحاد سلطة تتولى ادارة 
البلاد في مثل هذه الحالة الاستثنائية حنى يتضح الوضع وينجلي الموقف . وكانت 
السلطة الوحيدة الي تستطيع القيام بهذه المسؤولية الحيش » أي نعم الحيش دون 
غيره » وهكذا أقدم الحيش على حمل مسؤولية حفظ الامن » وحراسة كيان 
الدولة » وقرر تأليف مجلس دفاع وطني بامم ( حكومة الدفاع الوطي ) من 
قادة الحيش » ووكيل رئيس الاركان » نحت رئاسة رشيد عالي الكيلاني تمهيداً 
لتأليف وزارة جديدة برئاسته » بعد أن تقبل استقالة طه ا هاشمي من قبل مرجع 
مسؤول . وقد اختير كل من علي محمود الشيخ علي » ويونس السبعاوي . 
ليساعدا الكبلاني في مهمته كسك تير بن. وقد تألفت هذه الحكومة في " نيسان» 
واستمرت في تسييز أمور الدولة حتى العاشر منه » حيث تقرر جمع مجلس 
الامة بعد أن تأكد وصول عبد الاله الى البصرة واتصاله بمتصرفها صالح جبر » 
وبآمر حاميتها رشيد جودت » يساعده في ذلك علي جودت الذي كان قد خرج 
من بغداد الى القاعدة الانكليزية في ا حبانية» ثم نقل منها الى البصرة جواً . فقد 
عمل صالح جبر وعبدالاله على الاتصال بمتصري الالوية وبقادة الفرق لحملهم 
على الوقوف معهم واظهار الولاء للوصي الغارب » ولكن دون جدوى 
جدوى . 

كانت الاوضاع العامة في مختلف أنحاء العراق مؤيدة لما حدث في بغداد , 
ولم يكن ما يكدر صفو الامن أو يل بالراحة العامة » وتسابق متصرفوا الالوية 
في اعلان ولامهم وتأبيدهم لحكولة الدفاع الوطي » بعد أن اتصل بهم الكيلاني, 
وأطلعهم على حقائق الامور . ولكن الخطر كان يكمن في البصرة » وما بذله 
عبد الاله وطغمته فيها من نشاط . فقد شرع الوصي في الاتصال بأعضاء الوزارة 
المستقيلة » وبالنواب » والاعيان حاثاً اياهم على الالتحاق به في البصرة » 
فرفض رئيسهم طه الهاشمي الانصياع لهذا الطلب » ولم يستطع أحد من أعضاء 


حك 


وزارته من السفر » كنا سدات الابواب في وجوه الاعيان والنواب فلم يسافر 
أحد منهم . وكان للتدابير الحكيمة الي انخذت في هذا السبيل أثرها الفعال . 

اتصل بي المفني الحسيي بعد ظهر اليوم الثالث من نيسان هاتفياً » وطلب 
إلي أن أوافيه في دار سكرتيره الخاص كمال حداد » دون أن يذكر اسمه أو 
موضع داره » فد كانت سيارة تنتظرني على الباب الحلفي لداره الكائنة في 
شارع الزهاوي » مقابل البلاط الملكي » فنقلي الى الدار موضوعة البحث فلما 
بلغتها ؛ [كتشفت لأول مرة وجود جهاز لاسلكي خاص فيها لتأمين الاتصال 
مع جهات معينة خارج العراق . قال لي المفي انه سمع بأن الوصي استدعى 
الاعيان والنواب والوزراء ليوافوه الى البصرة » فان تمكن هؤلاء من الوصول 
اليه » فقد يقوم بحركة غير متوقعة ضد الوضع الراهن » وان من احير أن تتخذ 
كافة التدابير الاحتياطية للحيلولة دون سفر أي من هؤلاء » فلما أفهمته بأننا 
منتبهون إلى ذلك كل الانتباه » وداعته ورأيت من المفيد أن أعرج على دار 
عديلي السي دكامل الحادر جي » وهي ليست بعيدة عن دار كمال حداد؛ فوجدت 
عنده جماعة من الديمقراطيين والشيوعيين ممن يؤيدون الحركة ويباركوما . 
وقد سألى كامل ما اذا كنا مطمكيين ووائقين من موالاة تحامة النصرة الحركةء 
واذا كنا نريد التأكد من ذلك » فان في امكان التاجر المعروف رشيد عارف 
السفر الى البصرة في أية لحظة شاء لاقناع قريبه رشيد جودت بوجوب اسناد 
الحركة » والسير معها » وعدم الانحياز نحو عبد الاله وطغمته بصورة مطلقة . 
فسررت هذه البادرة » وودعت كاملا" لاسرع الى مقابلة رشيد عالي . فلما 
اجتمعت به » وقصصت عليه ما سمعته من كامل الحادرجي » رد علي شاكراً 
لكامل موقفه » ومضمفاً الى ذلك قوله انّه أي رشيد عالي ‏ سبق ان اتصل 
بعاجد مصطفى متصرف لواء العمارة » وحادثه بال موضوع » وان ماجداً أخذ 
على عاتقه القيام بهذه الحدمة الوطنية مع كل سرور » فان استلزم الامر الاستعانة 
برشيد عارف » فسوف لن نستغني عنه . وعلى كل فد م تأمين ولاء حامية 
البصرة لحكومة الدفاع الوطي فاتخذت هذه التدابير : 


443 


. المحافظة على الحهدوء والسكيئة والامن في البصرة‎ ١ 
. ؟ - عدم مقاتلة قطعات الحيش المرابطة في البصرة‎ 
. م عدم السماح للقوات البريطانية بدخول البصرة‎ 
. عدم السماح بتأليف حكومة ثانية في البصرة‎ - 4 
. المحافظة على حياة الوصي » ووضعه نحت المراقبة‎  ه‎ 

هذا ما اتفق عليه مع آمرية حامية البصرة . أما متصرف اللواء صالح جبر 
فبعد أن تحقق انحيازه نحو عبد الاله » عزل من منصبه » وسيق الى العاصمة 
عراسة عه القشاط »فصل من الللدنة مده حيمس نتوات» :وعد أن أرق 
نحو عشرة أيام » سمح له بالسفر الى ايران » بعد أن توسطت أنا لدى رشيد 
عالي بأمره . ولأجل أن تتأكد ٠‏ حكومة الدفاع الوطني » من سلامة الوضع في 
البصرة » أوفدت وزارة الدفاع الرائدين : محمد الطريجي ومحمود الدرة للتحقق 
من ذلك»ء فأكدا في تقريرهما الى القيادة بأن الحالة طبيعية» وان الحامية بضباطها 
وأفرادها تؤيد بغداد . وأما عبد الاله فبعد أن فد كل أمل في القضاء على 
الوضع الحديد » ارتمى بأحضان الانكليز مرة أخرى , مثلما التجأ الى المفوضية 
الامريكية في بغداد من قبل » فكان ينتقل بين دار مدير الميناء البر يطافي والباخرة 
الحربية (كوك شبير ) الراسية في الشط . وقد شاهده على ظهر ها أحد مفوضي 
الشرطة في زورقه البخاري في الحامس من نيسان 144١‏ م » بينما كان يحوب 
المنطقة . وأخيراً » وبعد أن يئس عبد الاله من العثور على شبر واحد له في 
العراق يحميه أو يقيم فيه » طيره الانكليز الى القدس . أما في بغداد فقد أذاع 
رئيس أركان الحيش ني مساء الثالث من نيسان البيان الآني : : 

علم الجميع ان صاحب السمو الوصي الامير عبد الاله قد أخذ منذ حين 
يحالف واجبات الوصاية » ححى بلغ به انه لم يتورع عن التشبث بشى الطرق 
لاستحصال البيعة من بعض الناس . فتحدى العرش الذي إِؤْ تمن عليه » واندفع 
لتحطيم اخيش الوطي الحارس لكيان الامة ووحدة الوطن » والذي عرف 
بتفانيه واحير امه للعرش » كنا عرف بحر صه على الاحتفاظ بالنظام . وقد عمد 


يفك 


سموه إلى إحداث الشقاق في صفوف الامة » حبى أوصل المملكة الى حالة 
خطيرة من القلق واللحزع . وعبثاً حاول المخلصون نصحه واقناعه بضرورة 
احترام حدود واجباته الدستورية » وعبثاً حاولوا إلفات نظره الى أنه غير 
غير مسؤول دستورياً » فأخذت شؤون المملكة تسير من سيء الى أسوأ , 
وأوشكت اماكنة الحكومية أن تتعطل » وبدأ اليأس من اصلاح الحال يدب 
إلى النفوس المخلصة . فعم السخط على تصرفات الوصي وبطانته » حتى ان 
فخامة رئيس الوزراء » العميد الركن ؛ السيد طه الهاشمي » لم ير إلا" الاستقالة 
وسيلة للتخلص من المسؤولية . 

وبدلا” من أن يكون سموه في مقر عمله بمارس صلاحياته الدستورية » 
مجرداً من الحزبية والاندفاعات الشخصية » ترك واجبات الوصاية » ساخرا 
من حقوق الامة» معطلا" لأحكام دستورها » غير عانيء بما قد تولده هذه 
الاعمال المحزنة من أخطار نحط من كرامة الامة » ومهدد كيان الدولة » ولا 
سيما بعد ان ابدى رئيس الوزارة المستقيلة عدم استطاعته الاستمرار على حمل 
مسؤولية ادارة البلاد . 

وبعد الالحاح من قبل أصحاب الرأي على سموه بوجوب ممارسة صلاحياته 
وبالنظر الى ان هذه الامة قد كافحت كفاح المستميت لانشاء كيائهاء وضحّت 
في سبيل توطيد هذا الكيان العزيز » فليس من ال هين على أبناء العراق أن يسمحوا 
بالعبث بمقدرات الدولة » أو الاخلال بكيان المملكة وسلامتها . 

بناء على ما تقدم » وحرصاً على محافظة كرامة الامة وسلامة الدولة » 
فقد أودع تدوير دفة الامور الى « حكومة الدفاع الوطني » برئاسة رجل مؤمن 
بح الامة العزيزة في الحياة الحرة السعيدة » وبقدرنها على الاحتفاظ باستقلالها 
وسيادها الوطنية » من غير اخلال بواجبانما الدولية . 

وقد أظهر الرأي العام الوطي ثقته به » واطمأن الى صلابته السياسية » 
وهو صاحب الفخامة السيد رشيد عالي الكيلاني » الذي طلب الحيش اليه تحمل 


3210 


هذه الممؤولية الشاقة » ريثما يتم اتخاذ التدابير الدستورية في جو من الطمأنينة 
والثقة العامه بردة الامور. الى مجاريها الطبيعية . 

وقد اتخذ الحيش هذا القرار بعد أن اضطر اليه بدافع حراسة كيان الدولة» 
وخدمة الامة العراقية الكريمة خدمة صادقة » وللجيش الثقة التامة بقدرته على 
صيانة المملكة العزيزة » مطمثناً الى تضامن قادته البواسل ورجال المملكة 
المخلصين حقاً . ولا ريب ان تعاون أبناء وطننا الاني وموظفي دولته الغيارى 
مع ٠‏ حكومة الدفاع الوطي » سيكفل خروج الامة من المحن الي أقلقتها في 
الآونة الاخيرة حبى يعود للجهاز الحكومي وللأمة معاً الاستقرار المنشود . 

يا أبناء الشعب العراتي الكريم : 

علينا جميعاً أن نقدر واجبائنا الوطنية حق قدرها » وان نتضامن في العمل 
على الاحتفاظ باستقلالنا » ونصون سيادة أمتنا وكرامتها » واياكم أن تسمعوا 
بما تبه الدعايات المفرقة » اذكروا انكم كافحم وصبرثم على التضحية في سبيل 
تكوين دولة عزيزة تعرف واجباما الدولية » ولا ترضى التفريط بشيء من 
حقوقها . اذكروا انكم جميعاً مسؤولون نجاه الله والوطن عن الدفاع » دفاع 
المستميت عن كرامة دولتكم » وحياة شعبها حياة قوية مرفهة سعيدة » وقد 
كشفت لكم التجارب القاسية » والمحن الاخيرة المتوالية عما يراد بكم 
وبدولتكم . . 

والفخر كل الفخر ان نخرج الامة من تلك المحن ظافرة بسلامتها » متمتعة 
بكرامتها » وان يتم النصر بفضل تضامن أبنائما » والتفافهم جميعاً حول عرش 
صاحب الحلالة الملك فيصل الثاني حفظه الله » وأنقذه من كيد الكائدين » وعلى 
الشعب أن يلتزم جانب السكينة والهدوء . وليحيا جلالة الملك المفدى . 


رئيس أركان الحيش العراقي 
وقد أعقبه رشيد عالي رئيس « حكومة الدفاع الوطي » فأذاع خطاباً في 


6ؤآؤظ 


المساء نفسه أوضح فيه الاسباب الي حملته على توليه رئاسة الحكومة » نزولا 
عند رغبة قادة الحيش ٠»‏ وتلبية لنداء الواجب جاه أبناء وطنه في تقديم نفسه 
لخدمة البلاد » وكرر ثقته بأنه سيلقى التأييد المطلق من كافة طبقات الشعب » 
وبعد أن امتدح نفسه قليلا” ‏ على عادته ‏ خم خطابه بالدعاء لحلالة الملك 
فيصل الثاني المعظم . 


التفكير في انتخاب وصي جديد 
بعد أن تحقق للجميع ان الأمن قد استنب في أنحاء العراق كافة» وأن الشعب 
برمته يؤيد حكومة الدفاع الوطي تأبيداً مطلقاً » وان قادة الحيش متحدون 
وموالون لكل ما اذ من اجراء » وانه لم يبق من يؤيد عبد الاله في العراق 
غير شرذمة من الناس » اعتادت أن تلبس لكل حالة لبوسها » فلما يست 
من أن تقوم بأي عمل يفيد » أخذت تتصل بالسفارة البريطانية بواسطة جواسيسها 
لتلقي التعليمات والارشادات من تلك السفارة . وكان رجال هذه الشرذمة » 
الذين يدعون امهم من الذوات » يتلقون سموم السفارة لينفثوها في جسم الشعب » 
ومن ذلك توزيعهم المنشورات الي كانت تذيعها محطة اذاعة لندن باسم عبدالاله 
عن رشيد والضباط.؛ وكونها حركة نالت سخط الشعب لأن الشعب يقف برمته 

الى جانبه الى غير ذلك من الاراجيف والسخافات . 
أجل : بعد أن تأكد لدى الجميع » ولا سيما لدى حكومة الدفساع 
الوطبي » ان الامن والسلام يسودان أنحاء العراق » وان الحالة والامور عادت 
الى مستقرها » بدأ التفكير في ايحاد أفضل الحلول للخروج من الازمة الدستورية 
الناشئة عن ترك عبد الاله واجبات الوصاية » والتجائه الى أرض أجنبية تتمثل 
في الدارعة البر يطانية» ثم سفره الى القدس . ولهذا بدأت الاستشارات والمذا كرات 
بين رئيس الحكومة والقادة * وكذا بين المفي وبقية رجال السياسة المؤيدين 
للوضع أمثال : ناجي السويدي فيما يحب أن يكون نظام الحكم في العراق 


ا 


فكانت هناك عدة مقر حات «احلول يمكن تلخيصها فيما يلي : 
أولا” - اعتبار ' ل. كة ثورة.تنطلب قلب نظام الحكم من الملكي الى االجمهوري 
وكنت أنا أول من اقترحه وأيده . 
ثانياً - تأسيس نظام حكم شبيهاً بما هو في ايطاليا . أي أن يكون الملك رمزاً 
للنظام » وتكون اللجنة المركزية للحزب مسؤولة عن السلطات كلها , 
وسكرتير الحزب رئيسها . 
ثالث ابقاء النظام ملكياً » وعلى ما هو عليه دستورياً ديمقراطياً نيابياً » على أن 
يعدل الدستور في أول فرصة لتكون الوصاية على الملك منوطة بمجلس 
مجلس مؤلف من ثلاثة رجال بدل الواحد . 
لم يلق الاقنر اح الأول أي تأييد من أحد » فيما عدا ناجي السويدي » 
ولكن من الوجهة النظرية فقط » لاعتقاده ان الشعب العراي قد لا يوافق على 
النظام الحمهوري » ولمذا فلا يصح الاخذ به في ذلك الوقت . أما الثاني فلم 
بمل اليه أحد ولم يلق أي تأييد » وأما الاقتراح الثالث فهو الذي ثم الاتفاق عليه 
من قبل جميع الفرقاء الذين استشيروا في الموضوع . وعلى هذا بدأ التفكير 
فيمن يجب أن ينرأس مجلس الامة » اذا ما دعي الى الاجتماع » للنظر في تعيين 
وصي جديد بدلا" من عبد الاله الوصي الفار . 
كنت أرجح أن يكون الوصي الحديد عراقباً » وكان يرد على بالي اسم 
السيد محمد الصدر دائماً فقد عرفته في ثورة عام 147١‏ العظمى - رئيساً لحزرب 
الحرس - الذي كنت أحد أعضائه » وكنت أزوره في كل فرصة مناسبة في 
ديوان رئاسة مجلس الاعيان» وعلى الرغم من انه كان ينتمي الى عائلة دينية » 
وكان هو رجل دين » فق د كانت آرائؤه السياسية والاجتماعية سديدة ومتطورة ؛ 
حى عندما كان يجرٌ البحث الى النظام الحمهوري » بحيث لم أشعر بأنه كان 
ضد هذا النظام . ولكي كنت أعلم بأن العقداء لا يمكن أن يرتضوه وصياًء كما انه 
شخصياً ما كان بمكن أن ينسى الاهانات الي لقيها منهم قبيل هروب عبدالاله 


5/ 


الى البصرة . كان الصدر من جملة الساسة الذين كنت أحتر مهم » وان العفو عما 
تبقى من مدة محكوميي قد صدر أيام صير ورته رئيساً الوزراء » بعد رفض 
الشعب العرائي لمعاهدة بورتسموث » واطاحته بوزارة صالح جبر عام ١414/7‏ م 
وان كانت الظروف ووضع عبد الاله قد ساعدته على استصدار العفو هذا . 
وعلى كل فد كان المرشح الافضل لمنصب الوصاية على الملك الطفل الامير 
زيد » ولكنه ‏ مع الاسف - لم يكن في العراق آنثذ » ولم يكن ني الامكان 
الاتصال به واقناعه على قبول الرشيح » ثم تأمين ايصاله الى العراق ولي 
المنصب » قالوضعني العرا ق كان حرجا للغاية» وكان يتطلب البت في موضوع 
الوصاية بصورة عاجلة » لهذا اختير الشريف شرف » أحد أركان العائلة 
الهاشمية » لمنصب الوصاية » وقد سبق له ان ناب مدب الملك فيصل الاول 
مرة عند تغيبه خارج العراق في العشرينات وقد تولى صفوة العواء اقناع المومى 
اليه بذلك . 


اجتماع مجلس الآمة 


بعد أن ثم الاتفاق على ترشيح الشريف شرف لمنصب الوصاية.» تقرر 
دعوة مجلس الامة ( مجلس الاعيان ومجلس النواب ) الى الاجتماع في العاشر من 
نيسان ١44١‏ للنظر ف أمر عزل عبد الاله » وتعيين الشريف المومى اليه محله . 
وقد ظهرت هناك مشكلة أصولية جديدة . فان هذه الاصول تقضي بأن يرأس 
رئيس مجلس الاعيان مثل هذا الاجتماع . وقد اعتذر السيد محمد الصدر رئيس 
مجلس الاعيان عن ترؤس الاجتماع » وكان رئيس مجلس النواب مولود مخلص 
قد ترك العاصمة الى مزرعته بجوار تكريت » بعد هرب عبد الاله الى البصرة » 
لذا ارتؤي أن يتولى الشيخ محمد حسن حيدر» نائب رئيس مجلس النواب » 
توجيه الدعوة الى الاعيان والنواب لحضور الاجتماع المنشود فتلقى هذا 
الكتاب :. 


1:0 


-وي[ رئاسة حكومة الدفاع الوطي )4ه 
في ؟١‏ ربيع الاول ١5٠‏ هو 4 نيسان ١94١‏ العدد 4178 ١‏ 
معالي رئيس مجلس النواب المحيرم 
بناء على تغيب سمو الامير عبد الاله » وتركه واجبات الوصاية » تقرر 
دعوة مجلس الامة الى الاجتماع يوم الحميس الموافق ٠١‏ نيسان سنة ١94١‏ 
في الساعة الثانية عشرة زوالية ظهراً » لتعيين رصي للعرش وفقاً لاحام الفقرة 
الثانية من المادة الثانية والعشرين المعدلة من القانون الاساسي فيرجى التفضل 
باجراء ما يلزم في هذا الشأن . 
رئيس حكومة الدفاع الوطني ‏ رشيد عالي 
وعلى أثر هذا وجهت الدعوة الآني نصها الى أعضاء مجلس النواب : 
حا مجلس النواب 4ه 
العدد 7/7 التاريخ 4 نيسان ١75 1944١‏ ربيع الأول سنة 15٠‏ . 
حضرات النواب المحتر مين 
في طيه صورة من كتاب فخامة رئيس حكومة الدفاع الوطي ٠»‏ القاضي 
بدعوة مجلس الامة الى الاجتماع في يوم الحميس المصادف ٠١‏ نيسان ١44١‏ 
وسنعقد الحلسة في الساعة الثانية عشرة ظهراً من اليوم المذكور . الرجاء حضوركم 
في الوقت المعين . 
نائب رئيس مجلس النواب - محمد حسن حيدر 
وقد اجتمع مجلس الامة في الساعة الثانية عشرة من يوم الحميس الموافق 
٠‏ نيسان ١44١‏ وحضر الاجتماع أربعة وتسعون عين ونائباً » ولم يتخلف 
عن هذه الحلسة التأريخية إلا" أفراد قلائل » إذ لم تجر أية محاولة لارغام أي 
عين أو نائب على الحضور . نعم جرت بعض الاتصالات لمعرفة من يود 
الحضور ء ومن لا يود . حتى ان صديقاً لي اتصل بمصطفى العمري وسأله 


ةع سيرة وذكريات )١9(‏ 


عن رأيه في حضور الحلسة» ولا أجابه بالنفى» قلت للصديق المذكور : دعه 
أذ فل سابووية ولا ضاول ا كزالهه مله عل جما لبوك . ريع لان 
الي يحب اثبامها خدمة للحقيقة والتاريخ ان بعض أذناب نوري السعيد وطغمته 
سعوا لإقناع لديف من أعضاء مجلس الأمة الحضور هذه الحلسة دون أن يكلفهه 
أحد بذلك . وقد اتصلت أنا بمحمد الحبيب أمير ربيعة - وهو أخي في الرضاء 
حيث أر ضعتي نفس المر ضعة ابي أرضعته عندما كان والدي قام مقاماً لقضاء 
الكوت - وسألته رأيه في حضور هذا الاجتماع » وقد حضر مع من صححبه 
من رؤساء الكوت بلا رجاء ولا اكراه . 

بعد أن التأم المجلس في جلسته موضوعة البحث» وأخذ الجميع مقاعدهم . 
دخل رئيس حكومة الدفاع الوطي رشيد عالي فقوبل بالهمتاف والتصفيق من 
كافة الحضور . وبالنظر لتغيب السيد محمد الصدر . قرر المجتمعون أن يرأسهم 
السيد علوان الياسري » أحد زعماء ثورة العشرين الكبرى » فاعتلى الياسري 
كر مي الرئاسة ثم انتصب رشيد عالي بصفة كونه رئيساً لحكومة الدفاع الوطي » 
وألقى خطاباً شكر فيه الاعيان والنواب على حضورهم » وعلى ما أظهروه من 
غيرة على الوطن » ومن تآزر وتكاتف استوجبا الرضاء التام . فقد ظهر العراق 
في حادث خطير كهذا كتلة واحدة ميراصة سيسجلها التاريخ بحروف من الذهب. 
وبعد أن شرح رشيد باختصار الاسباب الي أدت الى هذه الدعوة » مشيراً الى 
بيان رئاسة أركان الحيش المثبت نصه أعلاه » والظروف الي أحاقت باستقالة 
وزارة طه ا هاشمي » واضطرار الحيش لتولي السلطة في البلاد لانقاذها من برائن 
الفوضى وتأمين الاستقرار والاءن بامم حكومة الدفاع الوطي » وكيف قبل 
هو نفسه تولي رئاسة هذه الحكومة » الي لم تكن لما غاية سوى حفظ السلام 
والاستقرار » واعادة الحياة الدستورية » وتقويم دعام الامن » وخم كلامه 
قائلا" : اسمحوا لي بأن أرشح الشريف شرف » أحد كبار الاسرة الهاشمية » 
وصياً . ورجا أن يو ضع اقتراحه في التصويت . ثم تبعه ناجي السويدي - وكان 
عضواً بار زا في مجلس الاعيان - وألقى خطاباً حقوقياً مطولا” شرح فيه الازمة 


ليف 


والوضع والموقف من الناحيتين : الحقوقية والدستورية قائلا” : ان الأمر الذي 
وقع انما وقع دفاعاً عن حقوق البلاد » واننا جميعاً قد شاهدناكيف ان الادارة 
السابقة أساءت' التصرف » وأوصلتالبلاد الى حالة من الفوضى انتهت بانفكاك 
الوصي عن العرش واستقالة الوزارة . وأضاف الى ذلك انه » وهو الشخص 
الذي اشترك في وضع أول حجر في بناء الدستور » رأى من الضروري أن 
بوافق على تشكيل هذه ال حكومة أي حكومة الدفاع الوطي - وقال : ان 
الدستور لا يمكن أن يشمل جميع الاخطار والكوارث الي تحيط بها » ويجب 
أن نحل هذه القضية بأي طريقة كانت . 

وبعد أن انتهى السويدي من القاء خطابه » وضع رئيس الحلسة اقتراح 
رئيس حكومة الدفاع الوطي الذي رجا فيه المجلس عزل عبد الاله وانتخاب 
الشريف شرف . وقد قبل الاقتراح باجماع آراء الحاضرين » وهكذا انتهى 
- ولولمدة ‏ عهد عبدالاله الذي آواه الشعب العراقي ومنحه الحنسية العراقية . فلما 
عاد على أسنة الحراب الانكليزية إغتر » هو وأعوانه الذين رجعوا ممه الى 
العراق » فاعتبر وا ما حدث أمراً لاغياً » واستأنفوا قيادة الملك الطفل إلى الهاوية 
حتى اذا بلغ السيل الزبى » قام الشعب العراتي بثورته الحبارة في الرابع 
عشر من موز 1488 ليطيح بنظام الحكم الملكي » وينهي عهداً نال فيه أنواع 
المذلاات والاضطهادات . 

جال في خاطري - وأنا اسجل أحداث هذا التاريخ القريب - ان اذكر 
حادثاً جرى في عام ١48‏ وشاهدته بنفسي بمناسبة مهرجان الحيش العراتي 
الذي حضره عبد الاله » ومعه الملك الطفل فيصل الثاني » فعندما دخل الملك 
والوصي الى ساحة العرض » شاهد الناس المجتمعون عبد الاله ماسكاً بيد فيصل 
وهو يقوده كما يقود مدرب القردة القرد ليعرضه على المتفرجين » والملك ينظر 
ذات اليمين وذات الشمال ولا يعي من أمره شيئاً . فقلت لمن كان يجلس الى 
جاني : انظر سيبقى هذا الطفل يقاد من قبل خاله دون أن يفقه من الامور شيئاً 
فيلعب به خاله اللعبة ابي يراها هو لا الملك . 


:ه١‎ 


كيفية تأليف الوزارة الحديدة 

بينما كانت الاتصالات والاجتماعات سائرة سير ها الاصولي خلال الفترة 
بين الثالث من نيسان والعاشر منه » سواء أكانت في اللجنة السرية المركزية 
أو في غيرها » كانت الاستعدادات قائمة على قدم وساق لتشكيل الوزارة 
الحديدة . وكانت الاتصالاات مستمرة بين الساسة المؤيدين للوضع الحديد » 
وبين رجال العرب البارزين » الذي نكانوا يومئذ في العراق اضراب : سعد الله 
الخابري » وجميل مردم » وغيرهما . وقد تقرر أن يرأس الوزارة الحديدة 
رشيد عالي » وان يعهد إلي أنا برئاسة الديوان الملكي » وتعهد رئاسة مجلس 
الاعيان الى ناجي السويدي » فأكون أنا مساعداً لتحسين أمور البلاط وعيناً 
بقظة راقبة المثرٌ لفين الذين يودون التقرب الى الوصي اللحديد ليلعبوا بأفكاره» 
وهو خديث عهد ببذا المنصب الحطير » أما في حالة انتخاب السويدي رئيساً 
لمجلس الاعيان فسيحصل الاطمئنان التام الى أن السلطة التشريعية تسير وفق 
أحكام الدستور . ولكن لم يؤخذ ببذه الفكرة فقد نصح المفي الحسبي » 
والزعماء السوريون بوجوب دخول بعض الساسة العراقيين البارزين في الوزارة 
الحديدة » بغية تقويتها وازدياد الثقة فيها » وعلى هذا تقرر أن يتولى ناجي 
السويدي منصب وزارة المالية » وأن يعهد بمنصب وزارة الدفاع الى ناجي 
شوكت » وكنت أنا الذي توليت اقناع السويدي بالاشيراك في الوزارة الحديدة» 
فوافق بعد ترددء كما انه أيدنا تأييداً مطلقاً في كل ما اتحذناه من اجراءات 
لصالح البلاد . وكان أخوه توفيق السويدي يوشك أن يثنيه عن المساهمة معنا 
في حمل هذه المسؤولية العظمى » ولكني استطعت أن أقنعه بذلك » فبقي توفيق 
حاقداً علي حتى أواخر أيامه » وكان يقول دائماً ( ماكان لاخي ليتورط لو لم 
يكن لبي شركت السب في اتورطة ) أما آنا نقد ترددت لي بادىء الامر في 
قبول منصب وزارة الدفاع » وكنت مستعداً لقبول أي منصب آخر » ولكن 
اصرار المفني ورشيد » والحاح المرحومين : صلاح الدين الصباغ ومحمود 
سلمان كل ذلك اضطربي للموافقة والسير معهم حى النهاية . 


4> 


كان المرحوم صلاح الدين الصباغ د احتفظ بكتاب استقالة طه الحاشمي 
من رئاسة الوزارة » فلما م نصب الشريف شرف وصياً على العرش » قدم 
كتاب الاستقالة الى الوصي الحديد فقبْل الاستقالة » وكتب الى الهاشمي يشكره 
على ما أسدنه وزارته من خدمات . ثم عهد الى رشيد عالي في الحادي عشر من 
نيسان بتأليف الوزارة الحديدة » ووجه إليه هذا التوجيه : 

وزيري الافخم رشيد عالي الكيلاني . 

بناء على استقالة فخامة طه ا هاشمي مننمنصب رئاسة الوزارة » ونظر| الى 
ما نعهده فيكم من دراية وإخخلاص » فد قر رأينا أن نعهد إليكم برئاسة الوزارة 
على أن تنتخبوا زملاءكم وتعرضوا أسماءهم علينا والله ولي التوفيق . 

صدر عن البلاط المحي ني بغداد في اليوم الثالث عشر من شهر ربيع 
الاول سنة ألف وثلثمائة وستين للهجرة » الموافقة لليوم العاشر من نيسان سنة 
ألف وتسعمائة واحدى وأربعين الميلادية . شرف 

فلما تم تأليف الوزارة في الثاني عشر من نيسان » وقف الكيلاني خطيباً 
في حفلة الاستيزار » فأعاد ما ذكره في الحطاب الذي ألقاه في مجلس الامة في 
العاشر من هذا الشهر » وأثى على الحهود الي بذلت للتغلب على هذه الازمة » 
كنا حيا الشعب العراتي وبارك تأييده للحركة الوطنية » ونوه بما بذله كل فرد في 
في سبيل تأييد سلامة البلاد وكياها » والتأييد الذي لقيته حكومة الدفاع الوطي 
من مختلف الحهات » بحي ث لم يحصل اعتداء على أي أحد » ولم يسفك دم 
أحد ؛ على الرغم من حراجة الموقف وخخطورة الوضع . وأضاف الكيلاني الى 
ذلك كله بأنه يأمل أن ينهض الشعب العراني لمرازرة حكومتهئي حفظ حقوق 
العراق ٠‏ والقيام بواجباته الدولية بما يتفق مع تعهداته ولا بمس كرامته . 


رئاسة أركان اخيش 
بعد أن ثم تأليف الوزارة » وتسلمت منصب وزارة الدفاع فيها » قابات 


5“ 


رشيد عالي مقابلة خاصة لأبحث معه وضعي » ووضع رئيس أركان الحيش 
والعقداء الأربعة » ولا سيما العقيد صلاح الدين منهم » وذلك من الوجهة 
العسكرية الصرفة . 

ان صلاحيات وزير الدفاع محدودة جداً بموجب نظام الوزارة » وهي 
صلاحيات سياسية وادارية بحتة . أما القيادة العامة للجيش فمرتبطة برئيس 
أركان الجيش » واستشارة مجلس الدفاع » سواء أكان ذلك من وجهة إعداد 
الخطط الحربية » أو من حيث تعيين القادة ونقلهم وترفيعهم » وكذلك تعيين 
ونقل مقرات فرق الحيش وقطعاته . وكل ما يتعلق بالامور العسكرية الصرفة » 
وان لوزير الدفاع حق الاطلاع على كل ما يتقرر من قبل رئاسة أركان الحيش » 
دون التدخل . لأن المسؤولية الاولى مناطة برئيس الاركان . ولما قابلت رشيداً 
لبحث هذا الموضوع معه » عرضت عليه جميع هذه الملاحظات ٠»‏ وأضفت 
الى ذلك : ان وكيل رئيس أركان الحيش ال حالي أمين زكي ليس بركن » وانه 
وان كان صادقاً ومخلصاً وأميناً» لكنه ضعيف ولاسيطرة له على مرؤوسيه ولا 
نفوذ. وقلت ان القائد يحب أن يكون مهاباً ومطاعاً من هيأة الأركان عندما 
توضع الخطط ال حربية » بحيث لا يمكن لأحد أن يعنرض عليها . وأمين زكي 
ضعيف جداً من هذه الناحية » وان مقدمات الاحداث تدل ‏ على ما يتراءى 
لي - ان الاصطدام مع الانكليز واقع لا محال إن عاجلا أو آجلا . وأخشى 
ان لو بقي ا حال على هذا المنوال في وزارة الدفاع فسيحصل ارتباك وتردد في 
تنفيذ الاوامر الي قد تصدرها رئاسة أركان الحيش في حالات فوق العادة 
فيكون ذلك سبباً في حدوث كارثة . وأضفت الى ذلك كله قائلا"” لرشيد عالي . 
ان اللواء الركن حسين فوزي أشغل رئاسة الاركان » وقد سيق على التقاعد من 
أجلك » لأنه كان يؤيدك تأييداً بلغ حد الاصرار على عدم ادخال نوري وطه 
في الوزارة الي كان تقرر ان تترأسها. واني أعلم جيداً انه لا يزال مخلصاً 
لك » وله من ثقافته العسكرية العالية واقتداره الذي لا يشلك أحد فيه » ما مجعله 
أهلا” لأن يعاد الى ا لخدمة » ويعين رئيساً لأركان الحيش وهو ما اقترحه عليك . 


6 


فكر وتأمل رشيد في كلامي وقال : انه يوافقي موافقة تامة على كل ما 
ذكرته وقلته » ولكن تنفيذ ذلك يعد من المستحيلات فان العقداء » ولا سيما 
صلاح الدين الصباغ » سيعير ضؤون ولا يوافقون بصورة مطلقة . وعلى هذا فانه 
-أي رشيد- يرى أن يبقى هذا الاقتراح سراً بيننا . فكانت هذه أول صدمة خيبت 
الامل في أن تسير الامور ني المستقبل على ما يحب أن نسير عليه من حيث الضبط 
والاتقان لضمان النجاح . وسيرى متتبع هذه الذكريات كيف أن الضعف في 
القيادة وعدم الاطاعة للاوامر الخاصة بتنفيذ الحطط العسكرية والحربية 
المقررة » كانا في مقدمة الاسباب البي أدت الى أن يتغلب الانكليز علينا بقوة 
عسكرية تقل عدة مرات عن القوة الي كانت نحت تصرفنا باعير اف العقيد 
صلاح الدين الصباغ في ص 756 من كتابه ( فرسان العروبة في العراق ) . 


الحرب العراقية ‏ البريطانية 


بحثنا الاوضاع والاحداث العامة خلال شهر نيسان ١1441١‏ في الفصل السابق 
من هذه الذكريات » وكان ذلك بصورة رسمية مسهبة » وقبل أن أشرع في 
شرح الوقائع الحربية ونتائجها في شهر أيار من هذه السنة » رأيت من المفيد ان 
ألقي نظرة سريعة الى الاسباب والعوامل الي أدت الى تلك الوقائع . فمنذ شبت 
نيران الحرب العالمية الثانية في ه أيلول ١914‏ كنت وزملائي السياسيون نسعى 
معرفة ما سيكون عليه وضع بريطانية » فيما لو اننصرت في هذه الحرب » 
وذلك فيما يتعلق بمعاهدة "٠‏ حزيران ١4٠‏ العراقية ‏ البريطانية » تلك 
المعاهدة الي اضطر العراق الى قبولها نحت ظروف قاهرة » ومبديدات شديدة؛ 
وما سيكون موقف الانكليز من وضع فلسطين ووعد بلفور الحائر , 
والهجرة الصهيونية الى هذه الارض المقدسة » وكذلك وضع سورية واستقلالها 
وعلاقة فرنسا بها . فقد أجمعت الحهود على وجوب انتزاع وعد من الحكومة 
البريطانية بتعديل المعاهدة العراقية ‏ البريطانية المذكورة تعديلا” يتفق مسع 
الاستقلال الذي كانوا ينشدونه » وكذلك اقامة حكومة في فلسطين لا تكون 


6 


للصهيوئية هيمنة عليها » والموافقة على اعلان استقلال سورية . وكان العراق 
مستعداً فيما - لو وافقت بريطانية على هذه المطالب العادلة ‏ للدخول في هذه 
هذه الحرب الى جانب الانكليز » ولارسال فرقتين من جيشه للقتال في صفوفهم 
في الحبهة المصرية . ولكن بريطانية لم تعر هذه المطالب أية رعاية أو اهتمام : 
وكان كل ما فهمنا من المفاوضات الطويلة امها ستنظر في هذه المطالب في ختام 
الحرب لا في الظروف الراهنة . فلما أخذت بريطانية تشك في أوضاع القوميين 
والوطنيين في العراق » وضعت كل ثقلها في عملانها » وفي مقدمتهم الامير 
عبد الاله ونوري السعيد. ولم تكتف بذلك فحسبء فعينت السر كنهان 
كر نواليس سفيراً لها في العراق » خلافاً للاعراف الدولية . فقد كان كور نواليس 
هذا موظفاً لدى الحكومة العراقية لمدة خمس عشرة سنة » إذ أشغل منصب 
مستشار ورارة الداخلية » وكون بذلك علاقات شخصية مع رؤساء القبائل : 
ومع بعض العراقيين » وتعرف على أحوال البلاد وأوضاعها السياسية 
والاقتصادية والاجتماعية . يحيث فاقت معرفته وعلاقاته هذه معرفة أي عراتي 
آخر . ومن المؤسف ان تحصل الحكومة البريطانية على موافقة رئيس الوزراء 
العميد طه الحاشمي على هذا التعيين في غفلة من اخوانه وبصورة 
غير رسمية. فقد أصبح كورنواليس هذاء بعد تعيينه سفيراً لبلاده 
في العراق » أصبح حاكم العراق المطلق » يسير شؤون البلادكما يشاء ؛ 
فيقرب من يريد ويبعد من يريد » ويفرض إرادته في الصغيرة والكبيرة ؛ 
إذ كان عبد الإله للا الصماء بيده يوجهها كيف شاء 
وحيثما رغب . وكان هذا يغيض القوميين والوطنيين ويحز في نفوسهم 2 
فلما 1 و حكومة 
الدفاع الوطي عا رات ارال ل اوه 
الإنكليز بطائرابم إلى البصرة » ثم نقلوه إلى دارعة حربية لهم كانت راسية في 
الميناء » اجتمع مجلس الأمة في العاشر من نيسان ١114م‏ ونادى بالشريف 
شرف ء أحد أركان العائلة الهاشمية » وصياً على عرش العراق » عازلا” بذلك 


65 


الأمير عبد الإله عن منصب الوطاية . م تألفت وزارة قومية برئاسة رشيد 
عالي الكيلاني في الثاني عشر من هذا الشهر » وقد ضمت هذه الوزارة ثلاثة 
من روساء الوزراء السابقين » كما ضمت تحخبة ممتازة من القوميين والوطنيين » 
ففقد الإنكليز بهذه التشكيلة أي أمل في التفاهم » وأخذوا يبذلون كل جهد 
المجيء بأذنامهم وعملاتهم. حى قرروا أخيراً احتلال العراق بالقوة » ولكن 
سوء وضعهم الحرني في الحبهة المصرية » كان يحول دون ذلك » فاضطروا إلى 
المجيء بقطعات حربية من الهند لاحتلال البصرة » لتكون قاعدتهم الحوية في 
الحبانية قد تقوَّت . وكان جلب هذه القطعات قد تم بدون علم الحكومة 
العراقية » بحيث فوجئت بنبأ قرب وصولها وطلب السماح لها بالنتزول في 
الأراضي العراقية » فلم يسع الوزارة رفض هذا الطلب قاصدة بذلك التدليل 
على حسن نيتها » وعدم وجود ما يحول دون التفاهم مع اللحهة البريطانية , 
إذ كانت تظن من أن يجيء هذه القطعات سيكون لغرض المرور عبر العراق 
إلى جبهات القتال في شمال أفريقية » وكان هذا ما نص عليه في المعاهدة 
العراقية ‏ البريطانية النافذة المفعول يوهئذ » وقد سبق أن ثم التفاهم بين رئاسة 
أركان الحيش العرائي والحهات البريطانية في بداية الحرب عل كيفية إنزال 
القوات البريطانية » ومقدار عددها ء ومدة بقانها في العراق ٠‏ تمهيداً لسفرها 
إلى جبهة القتال » في حين أن الإنكليز كانوا يضمرون سوء النية تجاه هذا 
التساهل » إذ كانوا يريدون جعل العراق مسرحاً الحيوشهم تنزله مى تشاء » 
وتبقى فيه المدة الي تشاء » وعلى العراق ٠‏ أن لا ينبس ببنت شفة » وأن يسهل 
كل ما يطلب إليه القيام به ما دامت بريطانية في حرب . 

فكرنا كثيراً ‏ نحن الذين وصمونا بالنازية ونحن هلها براء ‏ فكترنا نحن 
القوميين الوطنيين في وجوب الاعتزاز بمواقفنا » وعدم اآتفربط بحق من حقوق 
بلادنا . فكترنا ألا" نكون آلة صماء في أيدي غير نا » وألا” نكون أقل شأناً من 
الاخوان والاباء الذين قاوموا الاستعمار وحاربوا جيوشاً مسلّحة بأحدث 
الأسلحة وأفتكها » حاربوها بأبمامهم وحقهم في الحياة » وبالأأسلحة البادائية 


باه 


ابي قاوموا بها تلك االحيوش اللحرارة في ثورة حزيران ١97١م‏ . 

لا تسكّمت منصب وزارة الدفاع في وزارة رشيد عالي الرابعة» الي تألّفت 
في 1١١‏ نيسان ١م‏ ء رأيت قب لكل ثبي ء أن أدرس أوضاع ديوان الوزارة » 
وكيفية سير الأعمال فيه » ودرجة ارتباط رئاسة أركان الحيش بالوزير » 
وصلاحيات الوزير نجاه قواد الفرق » ولا سيما مع العقداء الأربعة » وبالأخص 
تجاه العقيد صلاح الدين الصباغ . وبعد أن احطتعلماً بكل ما تجب معر فته » 
واطلعت على توزيع قطعات الحيش في أنحاء العراق » وما تملكه من عتساد 
وسلاح ٠‏ اتضح لي أن قائد الفرقة الثالثة العقيد صلاح الدين الصباغ يكاد 
يكون المهيمن الوحيد على أمور الحيش » وأن سيطرته هذه قد ازدادت بعد 
تسلّمه القيادة العامة الغربية » وهي القيادة الي كانت تضم الفرقة الأولى 
والفرقة الثانية . 

كان الوضع العام خلال الأسبوعين الأولين من شهر نيسان » وبالتحديد 
بين # و8١‏ من هذا الشهر » يدل" دلالة واضحة على أن الحكومة البريطانية 
ستضطر للخضوع إلى الأمر الواقع » فلا تخلق لها مشكلة في العراق تزيد في 
متاعبها في ساحات القتال . وكان المعتقد اها ستعبر ف بالحكم الذي انبثق عن 
إراذة الشعب » بعد عزل الأمير عبد الإله والتجائه إلى السلطات الأجنبية في 
الحنوب » وان السفير البريطاني الحديد سيقهام أوراق اعتماده إلى الوزارة 
الحديدة نمحسب الأصول . وكانت آمال رشيد عالي الكيلاني هذه ناشئة من 
الأحاديث الى كانت مستمرة بينه وبين الميجر ادمونس » «ستشار وزارة 
الداخلية من جهة » ومن اجتماعاته الشخصية المتكررة مع السفير البريطاني 
الحديد السر كنهان كورنواليس » ولكنها كانت آمال وهمية كما ظهر بعد 
حين . فقدكان ادمونس يكيل الوعود الكاذبة » ويختلق الأسباب ليوهن العزم 
في الوزارة » وكان بمراوغاته وأكاذيبه يساعد حكومته البريطانية على كسب 
الوقت لتأمين وإكمال استعداداتها . فقد بدأت طلائع قواتما تظهر منذ ١8‏ 


5:4 


نبسان . عندما وافقت الحكومة العؤاقية على | نزال الدفعة الأولى من هذه القوات 
و التاريخ المذكور . وكانت القوة اللي نزلت إلى البصرة مكونة من لواءمشاة» 
وكتيبة مدفعية . وقد اعتبرت الحكومة العراقية هذا الإنزال ملائما لأحكام 
عاهدة القائمة » ووفق الحطة الي تمت الموافقة عليها بين رئاسة أركان اليش 
لعر اي والحهة البريطانية » ولكن لم تكد تمر عشرة أيام على السماح بنزول هذه 
القوة : حتى فوجئت الحكومة العراقية بطلب الموافقة على إنزال قوة عسكرية 
أخرى . دخلت البواخر الحربية ابي تقلها إلى مدخل شط العرب » فتوتر الحو 
مز احدية» ‏ واتشحت تزايا بريظانا اللدوادة حي لأوليك الذين كانوا يحستون 
الظن بها ء ويتوقعون اعبرافها بالعراق . وعلى هذا اجتمع مجلس الوزراء في 
جلسة خاصة عقدها يوم 18 نيسان ١114م‏ وانخذ هذا القرار : 

« بالنظر للوضع الحاضر بين الحكومتين : العراقية والبريطانية فيما بخص 
بحيء القوة البريطانية إلى العراق » وطلب السماح بإنزال قوة جديدة أخرى : 
قر تبليغ وزارة الدفاع أن تقوم بإجراء الترتيبات العسكرية المقتضية في هذا 
الفمان 4 

وقد قامت وزارة الدفاع بتبليغ هذا القرار فوراً إلى رئاسة اركان الحيش» 
مرت هيأة الأركان سحب القوات العراقية من البصرة إلى الشمال » تجنباً من 
الاصطدام مع القوة البريطانية » التي سيطرت على البصرة وكل المناطق الهامة » 
دون أن تتدخل بشؤون الإدارة المحلية . وأما فيما بخص" الوضع في القاعدة 
العسكرية اللحوية في الحبانية » فكان الأمر يختلف عنه في البصرة فهو جد خخطرء 
ولا سيما وان هذه القاعدة لا تبعد عن العاصمة بأكثر من ٠٠١‏ كم ء وان ني 
استطاعة الطائرات العسكرية » حبى الحفيفة هنها » أن تحلّق فوق الفاصمة 
والمواقعم العسكرية القريبة منها , > شرق الي ايا ل الورك 
وي 2 نفسه فإن هذه القاعدة تشكل نقطة ارتكاز وقاعدة أمامية للجيوش 
البريطانية الي قد يقرر الإنكليز سوقها من مصر أو من شرق الأردن إلى العراق 
للاستيلاء على بغداد » وهي قريبة منها » على العكس من القوات المتمركزة في 


1:6 


البصرة فإ زحفها على العاصمة يعرّضها إلى التصادم مع القبائل العرافية , 
ومع قوات صغيرة من اللحيش العراتي » كما يعرض القطار الذي ينقلها إلى 
التعطيل » وتطويل المدة بسبب الهجمات الباغتة الي نشن عليها ليلا . لهذا 
أصبح من واجب القيادة العراقية المسوؤولة عن المنطقة وعن العاصمة » أن تزيل 
هذه القاعدة بسرعة » وبكل ما تستطيع من قوة حنى وإن تكبد الحيش العرائي 
خسائر كبيرة » لأن الاستيلاء على هذه القاعدة يجعل العدو يفكر تفكيراً 
طويلا” وكثيراً قبل أن يقدم على الزرحف للاستيلاء على العاصمة وإسقاط الحكومة 
القائمة . فلو كنا تمكنًا من الاستيلاء على هذه القاعدة لكنا كسبنا وقتأ لايقل عن 
الستة أشهر قبل أن تضطرنا الظروف القاهرة إلى ترك مواقعنا أمام قوةانكليزية 
صغيرة لا تزيد على عشر القوات الي كانت نحت تصرفنا على الرغم من بسالة 
الحندي العراقي . 

يقول المسر تشرشل رئيس وزراء بريطانية في برقيته الي طيرها إلى وزير 
خارجيته في العشرين من نيسان ١144م‏ : ( انكل ما يحدث في الأقسام الأخرى 
من العراق ‏ باستثناء الحبانية ‏ يأني في الدرجة الثانية من الأهمية في الوقت 
الحاضر) 29. 

كان العقيد صلاح الدين الصباغ يرجح الاستيلاء على قاعدة الحبانية , 
ووضع الأمور في موضعها الصحيح » ولكنه كان يتردد في ذلك إذ لم يكن 
عرئيس الوزراء » ولا كان وكيل رئيس أركان الحيش يقران مثل هذهالمجاز فة. 
وكنت أنا شخصياً أرى رأي الصباغ في هذا الترجيح » ولكن لم يكن في إمكاني 
نمحمل مثل هذه المسوولية بمفردي . ولو كنا استولينا على القاعدة المذكورة » 
بعد الإنزال البريطاني الأول » أي ما بين ا.194 وا(94؟ من أيار لتبدل الوضع 


تماما . أما بعد الإنزال الثاني الذي ثم في التاسع والعشرين من هذا الشهر . - 
الرغم من المعارضة العراقية » فقد زال تردد صلاح الدين » وقرر الاستيلاء 


)١(‏ تراجم البر قية كاملة في صفحة ١44‏ من كتاب - الاسرار الحفية - السيد عبد الرزاق 
ال ل 2 


5٠ 


على القاعدة » ولك نكان ذلك بعد فوات الوقت المناسب والفرصة الملائمة . 

أجل إننا لو كنا جازفنا باحتلال الحبانية بعد الإنزال البريطاني الأول » 
لرددت الحكومة البريطانية في محارئتنا لاسير داد هذه القاعدة » ولا سيما وقد 
كان الحئر ال ويقل » قائد القوات البريطانية في الحبهة المصرية » يحذار حكومته 
من التورط في حرب مع العراق » ويرفض إرسال أية قوة من قواته لهذا الغرض. 
ال ب عل عر نيه ا بي بعد ظهور بوادر فشلنا في هذا الاستيلاء . 
وحتى لو تمكن الإنكليز من استرداد القاعدة المذكورة » فيما لو كنا قد 
احتللناهاء لما تمكنوا من ذلك إلا" بعد بضعة أشهر حيث انضمت روسية اليهم » 
وقررت وإياهم اختراق حياد إيران » وعندئذ يكون انسحابنا من القاعدة قد 
تم بحرب أو بدون حرب » فيجعلنا أن نعتزر ونداعي اننا عملنا كل ما يجب عمله 
للحفاظ على استقلالنا وكرامة جيشنا » إذ نكون قد خسرنا المعركة بشرف 
لا ببزيمة » وعندها يكون من العسير على بريطانية أن تتصرف بالحكم القائم في 
العراق تصرفاً كيفياً » بعد أن تكون الدول قد اعتر فت بكياننا . 

وسائل يسألنا : لماذا فشلت خطة الاستيلاء على الحبانية بعد أن قرّر العقيد 
صلاح الدين الصباغ مهاجمتها في 54 نيسان ؟ والحواب على ذلك : ان قرار 
لعقيد صلاح الدين الصباغ هذا لم يكن مويدً من قبل رئاسة أركان الحيش في 
بداية الأمر » كمالم يكن رئيس الوزراء مويداً لمثل هذه المغامرة . فلما تأخرت 
المبادرة المذكورة » استفاد الإنكليز من كسب الوقت » وإلى هذا يشير القائد 
الصباغ في ص ه5١‏ من مذ كراته « فرسان العروبة في العراق » بم يلي : 

« لقد فرض الإنكليز علينا الحرب فرضاً » لآهم كانوا يريدون توجيه 
سياسة العراق وفق مصالحهم الاستعمارية » متجاوزين نصوص المعاهدة 
الإنكليزية ‏ العراقية . وما قصدنا قتالهم أو الاشتباك معهم » ولكنهم بادوونا 


بالقتال » فكان لا بد لنا من الدفاع عن شرفنا ووطننا » وكان من عوامل 
إخفاقنا : 


5١ 


١‏ مخالفة فهمي سعيد لأوامري الصادرة إليه . فهو بدلا" من أن بمسك رأس 
جسر الفلوجة وصدر السرية والرمادي » ذهب من تلقاء نفسه وأشغفل 
تلول الي تحط بسن الذبان » قبل أن يحاربنا الإنكليز بيومين . وكان ما 
قام به هذا الأخ خطأ سوقياً فاحشاً » قلتب خططي الي كان علي أنأتخذها 
رأسآ على عقب » وأللأني إلى اتخاذ تدابير ثانوية » ولكن استحال علي 
أن أعيد ما كان متصور ببذه التدابير الثانوية . 
( يشهد بذلك كامل شبيب والرئيس الأول الركن نعمان الأعظمي » 
وقدكتبت أوامر بهذا الصدد ) . 
؟ ‏ بعد أن اعتدى الإنكليز علينا » وقصفوا قطعاتنا بيوم واحد (أي يوم 
السبت ) طلبت من فهمي بإلحاح أن يباجم سن الذبان فوراً » وفي تلك 
الليلة بالذات » قبل أن تتكائر نجدات الإنكليز وأسلحتهم » وهي ترد 
عليهم بالطائرات . أما نسبة المدفعية فكانت واحداً إلى صفر . 
بفوج واحد تجاه عشرة فغلبوا قوات فهمي , لأنه أهمل الوصايا الي 
أصدرتها بشأن اتخاذ تدابير الدفاع وتوزيم القطعات عندما كان يحاصر 
سن الذبان ) اه . 
هذا ما يقوله العقيد صلاح الدين الصباغ » المسوول عن اللحبهة الغربية في 
مذكراته » نقلناه عن مذكراته بالحرف الواحد » ومنه يتضح كيف أنالصباغ 
يلقي كل المسؤولية على زميله العقيد فهمي سعيد لأنه أهمل الوصايا التي 
أصدرها إليه . 
ملاحظة : إن استعمال كلمة « وصايا » من قبل قائد عسكري مسوول » 
يبدو غريباً جدأ في مثل هذه الحالة الخطرة والحطيرة . إذ المفروض أن يقول 
هذا القائد لتابعه : إنك أهملت الأوامر » وأن يستبدله بقائد آخر فوراً فضلا” 
عن إنزال العقاب الذي كان يستحقه . رحّم الله صلاحاً وزميله فهمي سعيد ؛ 


57 


فمّد كانا كأخوين صادقين » وكان للعاطفة أثرها فى تأدير أحدهما على الآخر . 
فصلاح الدين ' باغ كقائد مطاع يحب أن بسري مفعول أمره على كل من 
هو في معيته » وفهمي سعيد كمروو ...بحب عليه أن يطيع ما يمر به . ولكن 
هكذا كان الوضع العام في تلك الساعات الحرجة » وهكذا كانت مقدرات 
البلاد مسلمة بيدي هذين القائدين » وقد اعبرف الإنكليز بعد انتهاء الحرب » 
بأن" القطعات العسكرية العراقية عندما شرعت في التقدم » كانوا هم يخشون أن 
يضطروا إلى الاستسلام . فبعد أن حاصر الحيش العراتي قاعدة ا حبانية كان في 
استطاعته أن يحتلها قبل يوم الاصطدام في الثاني من أيار بكل” سهولة » وحى 
بعد أن اشتد القتال في اليومين الثاني والثالث من هذا الشهر ٠‏ واشتد القصف 
الحوي البريطاني بصورة جنونية كان في استطاعة الحيش المذكور أن يباجم 
القاعدة ويحتلها » على الرغم من الحسائر الحسيمة الي ألحقها العدو به في 
الأرواح وني المعدات ». ولما كان في استطاعة العدو أن يصد الهجوم العرائي 
بهجوم مقابل » ولكن تردد القيادة تسبب في فوات الفرصة » على الرغم من 
البسالة الي أظهرها الحندي العراتي في خدمة بلاده » وقتاله لعدوه بضراوة 
وشجاعة » كما اعرف العدو نفسه بهذه السجايا الحميدة . 

ومما يبهجي حماً أن أرى الحندي في العراق مضرب الثل في الإقدام 
والحصام ؛ وي التضحية بكل ما يملكه في سبيل نصرة وطنه وبلاده » و بمواقفه 
النبيلة في نصرة الحق . حتى أن شهامته أبت أن تقصف مباني المستشفى البريطاني 
في قاعدة الحبانية . فرحم الله من قتل منهم » وساعد الباقين على اجتياز مصاعب 
الحياة « من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه 
ومنهم من ينتظر وما بد لوا تبديلا » . 


توسّط تركية : 


في خضم القتال الدائر بيننا وبين الإنكليز » ونحن نأمل الاستيلاء علىقاعدة 
الحبانية بين حين وآخر » طلب وزير تركيا المفوض في بغداد جواد أوسن 


ل 


مقابلة وزير الحارجية العراقية موسى الشابندر على الفور لأمر هام » فلما تمت 
المقابلة » عرض باسم حكومته توسط نركية بيننا وبين الإنكليز لفض" الحلاف 
الناشب بين الطرفين . فاجتمع مجلس الوزراء في ديوان وزارة الحارجية , 
وقرر قبول هذه الوساطة مبدئيآً » كما قرّر إيفادي إلى أنقرة للمفاوضة في 
شرو هذه الوساطة . وكان السبب في اختياري لهذه المهمة اني كنت مثشلت 
بلادي في تركية أكثر من خمس سنوات » وان لي فيها أصدقاء كثيرون , 
فضلا” عن صداقي الشخصية مع رئيس الحمهورية العركية عصمت اينونو » 
ومع وزير اللحارجية السيد شكري سراج أوغلو » الأمر الذييمكني مسن 
التأثير على رجال تركية في سبيل الحصول على أفضل الشروط صلاحا لنا . 
كما قرر المجلس المشار إليه إيفاد زميلي وزير المالية ناجي السويدي إلى الرياض 
للاجتماع بالملك عبد العزيز آل سعود » وعرض الأسباب والعوامل الي أددت 
إلى هذا الاصطدام عليه » ثم طلب مساعدته بتوحيد المساعي لصد الاعتداء 
وفقاً للفقرة الأولى من المادة الرابعة من معاهدة الصداقة وحسن الحوار المعقودة 
بين الدولتين في نيسان ١‏ 1917م وهذا نصها : 


( في حالة وقوع اعتداء على أحد الفريقين المتعاقدين الساميين من جانب 
دولة ثالثة » بالرغم من المساعي المبذولة وفق أحكام المادة الثالثة أعلاه » 
وكذلك في حالة وقوع اعتداء مفاجيء لا يتسع معه الوقت لتطبيق أحكام المادة 
الثالثة المذكورة » على الفريقين المتعاقدين الساميين أن يتشاورا في ماهية التدابير 
الي يراد القيام بها » بقصد توحيد مساعيهما بالطرق المفيدة لرد الاعتداء 
المذكور )اه. 


سافر السويدي إلى الرياض ليقابل العاهل السعودي » ثم عاد إلى الوطن 
بخفي حنين - كما يقولون - فقد رفض ابن سعود مساعدتنا بأية صبورة » 
متذرعاً بنص” الادة الثالثة من المعاهدة المذكورة » ونصح السويدي بوجوب 
اانفاهم مع الإنكليز » من دون أن يبذل أي مسعى للتأثير عليهم . وهكذا 


5 


تحلّى موقف دولة عربية كبرى منا في أحرج أيامنا . أما موقف الآتراك منا ' 
فقد اختلف . 

لا قرّر مجلس الوزراء إيفادي إلى أنقرة » طلبت إلى رئيس الوزراء أن 
يوضح الشروط الي يمكن لتركية أن تعرضها على العراق لأتمكّن من مفاوضة 
الساسة الأتراك في ضونما » فكفي المشار إليه أن أضع هذه الشروط أنا 
بنفسي . وعليه دونت ما رأيته صا حاً وممكنآ قبوله على ورقة صغيرة في أثناء 
الحلسة الوزارية . وبعد أن تلوها على زملائي » أضاف عليها الرئيس الكيلاني 
بنداً آخر » بمخط يده » كان في الواقع لصالح الإنكليز أكثر مما كان لصالح 
العراق . فقد كان الكيلاني يويد التوسّط التركي » وقد أضاف البند المذكور 
ليفسح لي مجال المساومة في أنقرة بحرية أكثر . 

وفيما يلي الشروط الي وضعتها بنفسي » مع الإضافة الي خطها رئيس 
الوزراء بقلمه » ثم أقرها مجلس الوزراء . 
١‏ - تقديم أوراق الاعتماد . 
" - المباشرة بإمرار القوة ونقلها بسرعة . 
"' - عدم إنزال قوة جديدة إلى أن تخرج هذه القوة من العراق . 
4 عدد الحراس في المطارين لا يزداد إلا بموافقة الحكوءة العراقية . 
ه القَوة المحاصرة للحبانية . 

وبعد أن لم هذه المسائل ينظر في قضية إعادة الحالة الاعتيادية مع 
التحفظات الي يراها الحيش . 
وكانت العبارة البي أضافها رئيس الوزراء السيد الكيلاني بخط يده 

إلى هذه الشروط هي : 

5 المذا كرة على توسيع الترتيبات للمرور » الي سبق أن اتفق عليها بين 
الحهتين العسكر يتين . 


انفضت جلسة مجلس الوزراء » فرجوت وزير الحارجية موسى الشابندر» 


لك سيرة وذكريات )6٠0(‏ 


أن مبيء لي فرصة للاجتماع بوزير تركيا المفوض في بغداد » الذي كانت 
تر بطي به معرفة سابقة . فقد كان السيد جواد أوسئن مديراً في إحدى المديريات 
العامة التابعة لوزارة الحارجية التركية » ويوم كنت وزيراً مفوضاً للعراق في 
أنقرة » فلما تبيأت فرصة الاجتماع به » رجوته أن يبرق إلى وزيره السيد 
سراج أوغلو أن مجلس الوزراء العرائي قرر إيفادي إلى أنقرة في المهمة المذكورة 
واني سأتوجه بأول قطار يسافر إلى أنقرة . فلما كان اليوم الثاني » وهو يوم 
أيار ١144م‏ قابلت رئيس الوزراء السيد رشيد عالي » وودعت زملاني 
الوزراء » وركبت القطار فبلغت أنقرة صباح الثامن من هذا الشهر . 


لماذا عر ضت تركية وساطتها ؟ 

هناك روايات وأقاويل مختلفة رويت » وقيلت , في الأسباب الي حدت 
بتركية إلى أن تعرض وساصطتها » وهناك تفسيرات عديدة فسرت بها هذه 
الوساطة » وأستطيع أن أجزم وأقول . ان جميع تلك الروايات والأقاويل 
والتفسيرات كانت بعيدة عن الصواب » أما الحقيقة فهي : 

كانت الحمهورية التركية قد خطت - على عهد الغازي مصطفى كمال 
سياسة خاصة لما في مناسباءها مع العراق . بعد تنازلها عن ولاية الموصل للعراق 
عوجب معاههة أنقرة اللي عقدت في الحامس من حزيران عام 1975م » 
و بحسب كوني قد مثلت العراق في تركية أكثر من خمس مرات » وأسّست 
صداقات شخصية مع أكثر رجاها » ولا سيما مع عصمت اينونو وسراجأوغلو 
وكان أتاتورك يخصني بالود والمحبة » لا لكوني سليل عائلة اكتسبت شهرة 
واسعة في حادثة خلع السلطان عبد الحميد ني عام 1048م وإعادة الدستور على 
يد عم والد المرحوم محمود شوكت باشا حسب » بل لأن” عقيدتي أن وضع 
تركية الحغرافي يجعلها بحاجة إلى استقرار الوضع في العراق » وقيام حكومة 
صديقة وموالية لها فيه . فنركيا تحد ها من الشمال روسيا العدوة التقليديةلتركياء 
وتحداها من الشرق إيران الي لم تكن في مناسبات طيبة مع تركية بصورةداتمة 


63 


ومنتظمة . ومن الغرب يحداها البحر الأقيقى المتوسط ء وتد كانت إيطالية 
الققائمة عليهء العدو اللدود لتركية بعد الروس . أما حداها الحنر بي فكان العراق 
الصديق . وكانت سورية » الي لا يتوقم صدور لصون يهان تنو نينا 
الوضع الحغرافي لركية هو الذي حملها على عرض وساصطتها في التزاع القَائم 
بين العراق وبريطانيا . ٠‏ لآن” العرض المذ كور كان يتمى مع مصالحها . 
ولا سيما بعد أن توطدت الصلات بصورة وثيقة بين العراق وتركية أثر زيارة 
ا ار عموز من عام ١197م‏ . وكانت جميع الوزارات اللي 

مت في العراق بين عام ١97١‏ وعام ١194م‏ تسعى ف الحثيث لتقوية 
صلات الود والصداقة بين القطرين : العرائي والتركى ٠»‏ ويتبادل القطران 
الآراء إزاء التطورات العالمية ليسيرا على سياسة 07 وكان من مصلمحة 
العراق والبلاد العربية مع أن تكون الحكومة العراقية على اتصال مستمر مع 
الحكومة التركية لتبادل الآراء » والتفاهم معها على كل حادث يطرأ على 
الموقف الدولي ما له علاقة وتأثير على مقدارات ومصالح تركية والبلاد 
العربية. 

للا وصلت أنقرة في الصباح الباكر » طلبت إلى وزير العراق المفوؤوض 
السيد كامل الكيلاني أن يتصل بوزارة الحارجية ويحداد لي موعداً لمقابلة الوزير 
سراج أوغلو » وقد تمت هذه المقابلة بعد الظهر . ثم اتفقنا على أن نجتمع سوية 
في دار سكرتير الوزارة السيد نعمان منمنجي حوالي الساعة الثامنة من. مساء 
اليوم المذكور » حيث نتناول طعام العشاء . ولما وصلت إلى الدار المذكورة 
في الساعة المذكورة » استقبلي السيد سراج أوغلو وسكرتير وزارته » وبعد 
تناول الطعام بدأت المفاوضات على صورة رسمية إذ قلت : لا حاجة لي لأن 
أكرر عليكم ما تعلمونه عن مناسباتنا القديمة والحديثة مع بريطانيا . ثم شرحت 
هم كيف بدأ الإنكليز يخرقون بنود المعاهدة القائمة بيننا وبينهم . حبى أدى 
استمرارهم على هذا الحرق إلى الاصطدام المسلح . الذي ما كنا نود ولا 
نرغب في وقوعه . ثم قدمت صورة من هذه المعاهدة المعقودة في #٠١‏ حزيران 


يك 


٠ع‏ وكذلك صور الكتب الملحقة بها » وكيف أن السفير البريطاني الحديد 
ظل يراوغ وعندعنا لكسب الوقت : وهو يعرف مشكلاتنا ودخائلنا » لآنه 
كان موظفاً ادى الحكومة العراقية هدة خمس عشرة سنة » وكان تعرينه هذا 

عذالفاً للأعراف الدولية والأصول الدبلوسية » وأضفت إلى هذه المعروضات : 
ان رئيس الوزراء السيد رشيد عالي الكيلاني وزملاني الوزراء إذ يبدونكم 
نحيانهم فهم يقدمون لحكومتكم شكرهم الحزيل على المبادرة الكريمة الي 
تقدامت بها حكومتكم . وأود أن أعرف الآن ما إذا كانت لديكم مقترحات 
معينة تتعلق بشروط الوساطة الي تفضلم بعرضها . فرد علي الوزير سراج 
أوغاو اله يود أن يطلع على ما ادي من مقئرحات لتكون أساساً للتفاوض 
مء الحهة البريطانية » فقدامت ما كان لدي من المقترحات الى كنت أحملها 
لت : ان هذا هو كل ينا أمكن الكو مة الغر افئة أن تعذف ».وقد رفيش بذلك 
بترجمة باللغة التركية . وبعد أخذ ورد واعتراض على بعض المواد » اقارح 
وكيل الوزارة السيد نعمان منمنجي أن يوجل اتاذ القرار النهائي إلى جلسة 
أخرى . حيث كانت الساعة قد تجحاوزت الاثنبى عشرة » وقال انه سيدرس 
المقاهدة وها لانن ادي وكن ااذلة ين :وزارة الشاريهية الغراقية والسفانة 
البريطانية في بغداد » وكذلك شروط الوساطة الي يرغب العراق فيها . 
والي قال عنها انه وجد فيها كثيراً من المواد المناسبة برعت الملشعل أن 
أنتظر إشارة تلذونية للاجتماع به ثانية . وبعد ظهر اليوم الحادي عشر من أيار 
اتصل في سكرتير الوزارة تلفونياً » وطلب إلي أن أجتمع به فوراً. فلما 
تمت المقابلة قدم إلي قامة بشروط الوساطة محررة باللغة التركية » وقائلا” ان 
هذه هي الشروط الي ترى الحكومة التركية أن في وسعها أن تعرضها على 
الطرفين المتنازعين » وانها ترى من مصلحتيهما قبوها » وأضاف السكرتير 
إلى ذلك قوله : انه يباغجى هذه الشروط بصورة رسمية » وانه قابل السفير 
لبريطاني في أنقرة قبل قليل » وقدم إليه هذه الشروط بعينها ؛ وقد شعرت 
من حديث السكرتير معي أن السفارة البريطانية كانت قد اطلعت على هذه 


2” 


الشروط قبل أن تقدم إلى الطرفين بصورة رسمية » ويحوز أن السفارة اعتبرما 

أساساً مقبولا” المفاوضة . وفيما يليترجمة للشروط الركية : 

. القّوات العراقية المتحددة بأطراف الحبانية تعاد إلى مواقعها الأولى‎ ١ 

؟' ‏ عند قبول هذا الاتفاق من قبل الطرفين » يجب عليهما إنباء المخاصمات 
عقب ذلك حالا . 

© يقدم سفير حضرة ملك بريطانيا العظمى أوراق اعتماده . 

4 - القطعات البريطانية ابي أخرجت (١‏ أنزلت ) إلى البصرة سيباشر بسوقها 
إلى محلاسها المقصودة بلا إمهال . 

ه با أن المعاهدة المعقودة بين إنكلرا والعراق » الي سيم بموجبها تأمين 
تشكيل الروابط الحقوقية بين الطرفين » قد ثبتت حق مرور القطعات 
البريطانية في الأراضي العراقية » فمن المفهوم أن يكون كل نجمع لتلك 
القوى موقتاً لهذا الحد فقط , ولا يشككل ( أويكون ء أو يفيد ) حقاً له 
غاية أخرى . 

١‏ الحكومة العراقية تقبل تزييد القوى البريطانية في القواعد المنوه عنها في 
المعاهدة العراقية البريطانية إلى درجة معقولة . وسيثبت مقدار هذا الترييد 
وأشكاله من قبل اخصائي الطرفين . 

ا - سيبلغ الطرفان قبوهما هذا الائتلاف بصورة رسمية لحكومة الحمهورية 
السركية . اه . 
على أثر مقابلني لوزير خارجية تركية أبرقت إلى رئيس الوزراء العراقية 

السيد رشيد عالي هذه البرقية ني الحادي عشر من أيار ١144م‏ : 


مايل لرئيس الوزراء : 


قابلت وزير اللحارجية التركية » وجرى حديث توسّط تركية لحل 
الحلاف القائم صلحاً ٠‏ بيّنت له سبب الحلاف » والوضع في العراق مفضلا . 


56 


اجتمعت معه ليلا مرة ثانية . بين لي بأن تركية بإمكانها أن تقدم إلى الطرفين 
شروطها لإمباء ا لحلاف » والشروط على ما يظهر هي : : 
١‏ - توقيف الحرب حالا . 
؟ ‏ الاعبر اف بالحكومة العراقية الحاضرة . 
* - المساعدة بمرور الحنود البريطانيين الموجودين في البصرة . 
؛ - انسحاب الحيش العراقي من أطراف الحبانية . 
ه ‏ الموافقة على زيادة القوة البريطانية في الحبانية والشعيبة . 
5 - ليس للحكومة البريطانية نحشيد جنودها في العراق بل إمرار الحنود , 
وتوقف اللحنود مدة للغرض المذ كور . 
سيبلغ وزير الحارجية التركية الشروط إلى سفير بريطانية . أرى قبول 
هذه الشروط . ابرقوا الحواب فورا . 
ناجي شوكت 
فلما تبلّغت بشروط الوساطة التركية بصورة رسمية » أبرقت إليه هذه 
البرقية الثانية في التاريخ نفسه : ٠‏ 
ما يل لرئيس الوزراء : 
أخبرنا وزير الحارجية التركية بما يلي : 
١‏ تنسحب الحيوش العراقية من ا حبانية إلى مواقعها القديمة . 
؟ ‏ يعتبر الحرب منتهي عند الطرفين هذه الشروط . 
 *‏ يسمح بمرور اللحيوش البريطانية من البصرة إلى محلامها خارج العراق . 
4 - يقدم السفير البريطاني أوراق اعتماده إلى الحكومة العراقية والاعتراف بها. 
ه ‏ بما أن المعاهدة العراقية البريطانية الي ستستمر بموجبها الراباة الحقوقية 
بين المملكتين قد ثبتت حقوق مرور الحيوش البريطانية في العراق » 
لهذا فإن كل تحشد يحب أن يكون لغرض المرور » وأن لا يكون هذا 
التحشد حقاً بذاته . 


نج 


؟ ‏ توافق الحكومة العراقية على تزييد القوة البريطانية في قواعدها اللحوية 

بصورة معقولة » وتقرر نسبة هذه الزيادة باتفاق الطرفين . 
- تبلغ الحكومة التركية من قبل الطر فين موافقتهما على هذه الشروط . 

يعتبر هذا تبليغاً بتوسئط تركية الرسمي على هذه الأسس . وبلغتوزارة 
الحارجية التركية نفس الأسس إلى سفير بريطانية . نرجو مخويلنا الموافقة على 
قبول هذه الأسس ٠‏ وتخشى إذالم توافقوا ستضيع هذه الفرصة الي ربما لاتعود 
ثانية . أبرقوا الهواب فوراً . اه . 

ناجي شوكت 


لم أكتف ببذه المةابلات . ورأيت من المصلحة أن أقابل سفير ألمانية في 
أنقرة للوقوف على رأيه في هذه الوساطة » وبما أن" السفير كان غائباً عنها : 
استصوبت مقابلة القائم بأعمال السفارة المذكورة في دار مفوضيتنا مساء الحادي 
عشر هن أيار » فأطلعته على ما جرى بيى ودين وزارة الحارجية التركية بشأن 
التوسط . وبحثت معه موضوع المساعدات العسكرية الألمانية للعراق . فقال لي 
القائم بالأعمال : ان السفير الفون بابن هو الآن في براين » وانه سيبرق إلى 
وزارة الحارجية الألمانية بما حدثته به عن موضوع الوساطة ٠‏ وأنه يرجو عودة 
السفير إلى أنشترة بسرءة لمقابلي . وبعد ختام هذه المقابلة أبرقت بما يلي  :‏ 

أنقرة 1١١‏ ه- ١94١‏ 
رئيس الوزراء -- بغداد 

قابلي لقانم بأعمال السفارة الالمانية وأبلغني ما بأني : 

ان الطيارات الالمانية ستقصف القواعد البر يطانية ف العراق خلال أيام قلائل 
وقال: اذا تمكن الحيش العراقي من المقاومة مدة اسبوعين» ستصلكم الاسلحة . 
ولم يبين مقدار.ها ونوعها وطريق الايصال . أخبر ناه عن توسط تركية واحتمال 
الصلح بين الطرفين » أجاب ان الحكومة الالمانية لا تريد الضغط على العراق » 


7ع 


وللعراق أن يقرر ما يشاء . يظهر أن الالمان لا يرون مانعاً في تفاهم الطرفين . 

أرجو أن تبتوا بأمر التوسط حلا" . ان اقتراحات وزير خارجبة تركية كل لا 

بتجزأ . مصلحة العراق تقضي بقبول الاقتراح أبرقوا الحواب فوراً . 

ناجي شوكت 

ولما عاد السفير الفون بابن الى أنقرة بعد يومين » اجتمعت به في دار 

المفوضية العراقية في نحو الساعة العاشرة صباحاً » وكان خلاصة الحديث الذي 

دار بيننا هو: 

. قرر الفوهرر ابداء كل ما يقتضي من المساعدات للعراق‎ ١ 

. اتفقت المانيا مع فرنسا على إمرار المساعدات الالمانية للعراق عبر سورية‎ - ١ 

ان السفير فون بابن يعتقد ان في استطاعته اقناع تركية بامرار المساعدات 
الحربية ال العراق عبر تركية . 

4 - ستكون المساعدات الالمانية ا حر بية للعراق جاهزة وواصلة الى العراق بعد 
اسوفين:. 

ه ‏ ستكون المساعدات الالمانية من الطيارات بعد يومين في العراق وسيكون 
أقل عدد ها ثلاثون طائرة . 

. ستشيرك ايطاليا مع المانيا في المساعدات » ولا سيما بالطيارات‎ ١ 

سيكلم فون بابن وزير خارجية تركية ليضيق على انكليرا في موضوع 
النفاهم مع العراق ٠‏ بغية الحصول على الوقت لاجراء الثر نييات الاصولية» 
وليجعل تركية تشعر ضد بريطانية . 

أشار علينا ألفون بابن بأن لا نقطع حبل المفاوضات بغية الاستفادة من 
الوقت:. 

9 سيكلم الفون بابن وزير خارجية تركية للضغط على بريطانية بأن لا تشكل 


"ع4 


جبهة حربية بريطانية في العراق » لأن هذا يهم المانية في الدرجة الاولى . 
٠‏ - تعترف المانيا باستقلال البلاد العربية » وانه ليس لا أية غاية هناك وسيبلغ 
وزير خارجية تركية بذلك . 
١‏ أشار علي بالبقاء هنا مدة من الزمن . | 
وعلى هذا فقد أبرقت البرقية الاني نصها الى بغداد ني الرابع عشر من أيار 
.١94١‏ 
لرئيس الوزراء - بغداد 4ه !4و١‏ 
رجع سفير المانيا الى أنقرة وزارني حين وصوله . بينت له ا حالة في العراق 
وتوسط تركية » يهيء اللحيش العرائي لمقاومته . قال ان المانية ستساعد 
العراق بثلائين طيارة تصلكم قريباً » كما انبا ستساعدكم عسكرياً . ألمانيا تعترف 
باستقلال البلاد العربية . قال لي انه سيخبر وزير خارجية تركية بذلك » كما 
أشار الى أن توسط تركية لتفاهم. الطرفين مناسب . أجبته بأني أؤيد هذا الرأي 
لجعل بريطانيا مسؤولة » اذا رفضت التوسط الركي » ولاحراج موقفها ازاء 
تركية » ولنؤمن حياد تركية نحو العراق . أيد سفير ألمانية هذه ا لخطة . واجهت 
وزير خارجية تركية » بناء على رغبته » بعد أن قابلت سفير المانية » فأخير ني 
الوزير يحواب الحكومة البريطانية على التوسط وهو : 
"١‏ - المباشرة بامرار جنودها الموجودة في العراق فوراً الى خارج العراق . 
”” - تقبيد موضوع زيادة حرس المطارات بقوة بريطانية . 
ما يخالف المعاهدة العراقية ‏ البر يطانية . هما ان الحكومة البريطانية تشك 
في حسن نيات الحكومة العراقية الحاضرة نحوها . 
وكان جواب وزير خارجية تركية على الرد البريطاني هو إصراره على 
لزوم حل اللحلاف بدون اراقة دماء » والطلب الى سفير بريطانية أن تبين 
حكومته ما تريده من العراق بصراحة . 


نفد 


ان أسباب اصرار تركية على بريطانية بقبول الصلح » هو اعتقاد وزير 
خار جية تركية بأن بريطانية غير محقة باعتر اضها على الاقتراح التركي للتوسط . 
سألني هل وصلكم رد الحكومة العراقية بالموافقة ؟ أجبته اني قد علمت بأن 
الاقتراح تحت الدرس في بغدادء الامر الذي يجعلني أستنتج ان العراق سيقبل 
الاسس التركية . رأيت وزير خارجية تركية ساخطاً على بريطانية لعدم تقدير ها 
للعواقب » كما فهمت ان رجال تركية يعتبرون حركة العراق حركة قومية . 
وليس للاجانب يد فيها » ويعلمون ان الشعب العراقي يؤيد الحكومة . 
وتعاضدها الامة العربية » لقد أفهم وزير الحارجية قناعته هذه الى سفير 
بريطانية »اه . 

ناجي شوكت 

وبينماكنت أنتظر جواب رئيس الوزارة العراقية على برقياتي بالموافقة على 
شروط التوسط الي عرضتها الحكومة الركية بصورة رسمية ؛ اذا في أفاجاً 
بتسلم هذا الرد المقتضب العجيب : 

« لتعلق الموضوع بالحيش فهو نحت الدرس في وزارة الدفاع » . 
خيبة أمسل : 

لما قدم وزيرنا المفوض في أنقرة السيد كامل الكيلاتي الي هذه البرقية 
المقتضبة » أصابتي حالة من الذهول لا يمكن تصورها » وقد وقع الحواب 
على رأسي وقع الصاعقة فقلت لكامل متسائلا” : هل فقد الجماعة في بغداد 
رشدهم ؟ وهل أن مثل هذا الحجواب يصح أن يكون رداً رسميآً على جميع 
المساعى الى بذلتها أنا وأنت شاهد عليها ؟ وماذا سأقول لوزير خارجية تركية 
باكامل بعد ادي هذا الرد © وهل قدر خوك ماذا سيكون موقفى ازاء وزيز 
الخارجية التركية وازاء الرئيس عصمت اينونو وازاء سفير المانية الفون بابن ؟ 
اذا لم يرفضوا الوساطة بصورة نبائية ويطلبوا إلي أن أتصرف بابلاغ قرارهم 
الى الحكومة التركية بالصورة الي أراها مناسبة ؟ ماكان يفعل أخوك لو .انه 


ع5 


كان يمكاني وتلقى مثل هذه البرقية العجيبة ؟. 
بعد أن درست الحالة بهبدوء أعصاب وببرودة دم » قررت أن أتصرف 
في الموضوع بصورة تنقذني من الحجل أمام الاتراك » وأمام سفير المانية الفون 
بابن » ومن دون أن أعطي ايا من الطرفين شعوراً بأن الوزارة العراقية تصرفت. 
تصرفاً لا يلاثم الظروف المحيطة بها » ولا يتفق مع المصلحة العامة » وان أكتم 
هذه البرقية عن الجميع . 
ولاجل أن يلم القارىء بشروط الوساطة الي كتبتها بيدي ووافق عليها 
مجلس الوزراء مع الاضافة الي خخطها السيد رشيد عالي بقلمه مع الشروط الي 
عرضتها على الطرفين العراني والبريطاني أضع هذا الحدول . 
0 الشروط الي وافق مجلس الوزراء عليها 00 
الفقرة ١‏ 
الفقرة ١‏ 
الفقرة م 
الفمئرةه 
لا يوجد ما يقابل . 
0 الشروط الي قدمتها الحكومة البركية للطرفين 0] 
توافق الفئتمقفرة" 
توافق الفئمقرة 4 
قريبة من الفقرة ه 
توافق الفمفرة " 
الففرة الثانية 
تقول البرقية الي تلقيتها من بغداد ان القضية نحت الدرس في وزارة 
الدفاع » فأية وزارة دفاع تدرس هذا الموضوع وان وزير الدفاع هو القاتم 
بالمفاوضة وقد خول صلاحيات واسعة وصريحة من قبل مجلس الوزراء ؟ وهو 


1/6 


يتوسل إلى ر'.س الوزراء في برقياته أن يقبل شروط الوساطة الي أقرها حتى 
السفير الالماني » ورأت تركية ان من مصلحة العراق أن يقبلها ؟ وان لا ينجرف 
مع العاطفة فيتلكا في فبولها وإذا لم يكن في قبوها إلا" كسب الوقت فان ذلك 
من مصلحة العراق أيضاً حيث تكون الحكومة الالمانية قد أتمت استعدادها لمد يد 
العون والمساعدة له ؟ 

لقد تغلبت العاطفة على الواجب في بغداد حبى صارت تتحكم في سياسة 
العراق الحارجية » فلم تكن لدا العقداء الاربعة ‏ رحمهم الله أية خبرة 
بالسياسة العالمية » ولم تكن لديهم الثقافة الديلوماسية الي تمكنهم من التغلب 
على الصعاب البِي كانت تعتر ضهم . لقد كانوا نحت تأثير بعض الشخصيات 
التي كانت تنظر الى العراق بغير المنظار الذي كان ينظر به العراقيون المتمرسون 
في السياسة الوطنية الى بلادهم . 

قالوا ان الحكومة البريطانية هي الي أسرت الى تركية ان تتوسط لحل 
ال حلاف البريطاني العراقي لكسب الوقت . فان صح هذا الزعم فلماذا لم يقوموا 
بعمل حامم ما بين 8 نيسان و 4 أيار سنة ١14١‏ للاستيلاء على القاعدة 
العسكرية في الحبانية » وليضعوا الامور في نصابها الصحيح ؟ 

وقالوا لتبرير رفض الوساطة التركية : امهم كانوا بأملون وصول المساعدات 
الالمانية . فلماذا لم يقبلوا التوسط النركي وقد أقرته ألمانية وأوصت بقبوله حى 
يتسبى للالمان مد يد المساعدة للعراق ؟ 

لما كانت الظروف مواتية لنا لاستخدام القوة » خدعنا كورنواليس 
بديلوماسيته ومراوغته فأعرضنا عن استخدامها » ولما سنحت لنا الفرصة. 
للاستفادة من الطرق الدبلوماسية » فضلنا انتظار وصول المساعدات الالمانية اللي 
لم نكن متأكدين من تاريخ وصوها » ولم يكن لنا علم بمقدارها وكيتهاء 
وهكذا بقينا نتخبط خبط عشواء » منتظرين نزول المعجزة من السماء . فلو 
أنا قبلنا مبدئياً توسط تركية» لكان في الامكان أن نجعل المسئر تشرشل رئيس 


كا 


الوزارة البريطانية يفكر كثيراً قبل أن يرفض هو هذا التوسط » إذ لم يكن 
من صائع : بطانية أن تغيض تركية وترفض وساصطتها » وهي تعلم بمقدار 
اهتمام تركية بهذا التوسط . ثم ان الحئرال ويثل » قائد القوات البريطانية في 
الصحراء الغربية؛ كان يلح على حكومته بوجوب قبول التوسط اللركي» فهو 
بقول في برقيته الي أبرقها الى المستر تشرشل في الحامس من أيار : 

١‏ أشعر ان من واجي أن أحذركم بأقسى العبارات الممكنة . اني أرى 
ان استمرار القتال في العراق سيؤدي الى مهديد الدفاع عن فلسطين وعن مصر 
كثيراً » وستكون التأثيرات السياسية غير محدودةء وقد يؤدي الى اضطراب 
داخلي خطير في قواعدنا » وهو ما صرفت جهوداً جبارة خلال العامين لتفاديه. 
هذا أكرر اقتراحي بصورية جدية أن تتوصلوا الى تسوية عاجلة » [ ه . 

م يعود الحئرال ويقل فيبرق الى رئيس الوزارة البريطانية في الثامن من 
أيار قائلا” : 

الاجل آنه تيجب تورلا عكري خط قي. منطقة عب ستيوية: .ارين 
الآن وجوب ايجحاد حل سلمي بكل الطرق الممكنة » . 


نعود الآن الى تتبع الاحداث حى تاريخ مغادرتي لأنقرة فأقول : 


أولة : - 
أعدت الزيارة للسفير الالماني الفون بابن في السفارة الالمانية يوم ١5‏ أيار 
0١‏ وهذا ملخص الحديث الذي دار بيننا » ودونه وزيرنا المفوض كامل 
الكيلاني » قال بابن : 
١‏ - بالامس قابلت رئيس الحمهورية النركية وقلت له بأن : 
أ لا غاية لالمانية في البلاد العربية غير الرغبة في استقلالها نحت زعامة 
العراق . 


يفف 


ب - رجوت رئيس الحمهورية أن يطلب الى أصدقائه الانكليز أن يخرجوا 
جندهم من العراق حالا” لأن المانية لا تريد أن ترى جبهة انكليزية 
في العراق . 

ج - طلبت الى رئيس الحمهورية أن توافق تركية على إمرار مواد حربية 
الى العراق. ان رئيس الحمهورية وإن ذكر الصعوبات الي ستحصل 
هم من طلب هذا السماح » فانه لم يرفض طلب المانية . وأعتقد ان 

تركية توافق على إمرار المواد الحربية الالمانية الى العراق باسم آخخر . 

د أخبرت رئيس الحمهورية التركية ان العراق طلب مساعدة المانية 
مادية ( يعني مواد حربية ) عندما يحتاج العراق إليها » وإنّا وعدنا 
العراق بذلك وقد كررت عليه طلب الموافقة بامرارها عبر تركية . 

؟ - لم ألحظ على رئيس اللحمهورية التركية وضعاً ضد العراق . 
لقد كانت بياناتي للفون بابن كالآني : - 

بين لي موافقته على الطلب.الى تركية في التفاهم على المسائل الاقتصادية وهو 
لا يرى بأساً من وعد تركية بزيادة حصتها في نفط العراق » مقابل موافقتها 
على إمرار المعونة الالمانية المادية بطريق تركية الى العراق » ومقابل تفاهمها 
مع العراق عن المناسبات العراقية ‏ التركية في المستقبل . 

4 وعدني انه سيكلّم رجال تركية حول امكان التفاهم بين العراق وتركية» 
وتبديل وضعها مع بريطانية» وانه سيطمن تركية بما تقتضيه منافعها » 
ويؤمنها من المخاوف المستولية عليها اذا ما أرادت تركية تبديل موقفها 
الحاضم . 
أما مقابلة الفون بابن مع وزير خارجية تركية فهي  :‏ 

ه - بين له موقف المانية من الحركة العسكرية في العراق » وصرح له بأن ليس 
لالمانية غاية في البلاد العربية سوى استقلالها كلها تحت زعامة العراق . 

5 أكد على وزير الحارجية بوجوب الاستمرارٍ في الإلحاح على بريطانية لايحاد 


0 


حل للخلاف بينها وبين العراق"» بشرط أن يترك الحنود البريطانيون العراق 
حالات . لأن ألمانية لا تريد أن ترى جبهة بريطانية في العراق . 
طلب إليه إمرار المعونة المادية الى العراق عبر الاراضي البركية » ولم 


رقص .+ 
م بين له ان من مصلحة تركية أن ترى العراق مستقلا” استقلالا” تاماً لا تدخل 
لبر يطانية فيه . 


وصرح له بأنه لا يمكن لألمانية أن تبقى مكتوفة اليدين اذا أصرت بريطانية 

على فتح جبهة حربية في العراق . أه . 
و طلبت اليه أن يعجل في ارسال المواد الحر بية الآتية : 

أ بد الطيسار اكه 

ب - مدافع ضد الطيارات . 

5 مدافع ضد الدبابات . 

د رشاشات ومدافع عيار 16 . 

وان يحري نل هذه المواد بالطيارات . فأجاب غلى طلباتي هذه : ان 
الطيارات ربما تكون قد وصلتكم الآن . أما المواد المتبقية فانه سيبرق إلى برلين 
لارسالها بالسرعة الممكنة . وطلبت اليه أيضاً أن ترسل المواد ا حربية الي غنمها 
لالمان في اليونان من الانكليز » لامها لا تختلف عن نوع السلاح المستعمل في 
العراق » فوافق على ذلك وأبرق إلى برلين ما يجب . 
ثانياً: 

لما تأكدت الحكومة العراقية من نيات بريطانيا العدوانية تجحاهها منذ أواخر 
نيسان » رأت من مصلحتها تأسيس العلاقات الديلوماسية مع الانحاد السوفياتي » 
ولا فهمت من كامل الكيلاني وزيرنا المفوض في أنقرة ان السفير السوفياتي 
فيها أعرب له عن استعداد حكومته للاعتراف بالعراق » وان كاملا" استمزج 


لحف 


رأي الحكومة العراقية ني الموضوع » رأيت من مصلحة العراق أن يتم هذا الامر 
في مثل هذه الظروف » فأبرقت الى بغداد البرقية الآتية في أيار ١44١‏ . 

وزارة ا لحارجية - بغداد 

أرجو الموافقة على تخويل وزيرنا المفوض في أنقرة بتبادل كتب الاعتراف 
لتأسيس العلاقات بين العراق وروسية . أرى من ذلك مصلحة كبيرة لنا . 

ناجي شوكت 

وقد تلقيت الحواب بالموافقة على ذلك في اليوم نفسه » وقام السيد كامل 
الكيلاني بابلاغ السفير السوقياتي بباء فرأى السفير الموما اليه أن يم تبادل الكتب 
في دار السفارة السوفياتية لتكون فرصة ومناسبة حسنة للتعرف علي" » على أن 
أحضر وليمة عشاء بعد التوقيع . وقد اقتصرت الحفلة على أركان السفارة 
السوقياتية » وأركان المفوضية العراقية حيث استقبلنا في دار السفارة المذكورة 
استقبالا" حسناً » وتبودلت عبارات الترحيب والمجاملة فيما بيننا كما تبودلت 
كتب الاعبيراف بعبارات بعبارات التمي والسعادة للشعبين ودوام الصداقة بينهما 
ورفعت الانحُاب وتمت المأدبة بنجاح . 
الفاً: ‏ 

ا ا الالمانية صباحاً » قابلت 
وزير خخارجية تركية سراج أوغلو بعد الظهر » بحسب الموعد الذي حدده لي 
بناء على طلبي . وكانت. هذه المقابلة وداعية » ورأيت من المصلحة ألا أطلع 
هذا الوزير على حقيقة موقف الحكومة العراقية » أو الاصح موقف رشيد 
والمفي والعقداء بل أن أعرض عليه - ان رئيس الوزارة العراقية أحب 
حضوري الى بغداد لدراسة الشروط المقرحة » واستيضاح بعض الفقرات 
الواردة فيها . ولكبي لمحت من حديثه انه كان على علم بما حدث في بغداد , 
وانه لم ير من اللياقة أن يحرجي فيكاشفي بها . وأنا لا أشك في ان وزير تركية 
المفوض في العراق كان على اتصال دائم بمجرى الاحداث » وانه كان يواني 


4 


حكومته بكل ما يطلع عليه آنا فآنَاً » وهذا من واجبات الديلومات . 
كنت وسراج أوغلو صديقين حميمين » وكان أحدنا يعرف الآخر معر فة 
ثامة » بحكم الاتصال الدبلوماسي بيننا خلال السنوات الحمس الي مثلت 
بلادي خلاها في أنقرة » وقد تمتنت صلات الصداقة فيما بيننا حى كنت 
أخاطبه بشكري بك ويخاطبي هو بناجي بك » وكنا نتكلم بصراحة تامة في 
أدق القضايا السياسية . لذا فان في وسعي أن أقول : ان هذه المقابلة الوداعية 
كانت المقابلة الوحيدة الي سادها السكون والحو الدبلومابي الصرف . فلما 
هممت لتوديمه قال لي : لا يصح أن تعود الى بغداد قبل أن تقابل رئيس 
الحمهورية » وأضاف الى قوله هذا : انه كان يطلع الرئيس المشار اليه على 
يحريات الامور بصورة مستمرة » وكذلك على تطورات الموقف والوساطة » 
وان الرئيمس عصمت هو الذي أعرب عن رغبته في ملاقاتك قبل سفرك . وما 
لبث هذا الوزيرأن اتصل بقصر الرئاسة » ونحدث الى رئيس الحمهورية» ثم 
التفت إل" قائلا” : ان الرئيس سيكون في انتظارنا نحن الاثنين في الساعة السابعة 
مساء في ذلك اليوم» فودعته شاكراًء وعدت إلى دارالمفوضية للراحةمن الاتعاب 
المضنية البي أنبكت جسمي. فلماكان الموعد المحدد قصدت رثاسة الحمهورية: 
فأدخلني المرافق الى غرفة الرئيس توا » وكان برفقتي وزير الحارجية سراج 
أوغلو » وبعد المصافحة وعبارات الترحيب اللمعتادة » شرع الرئيس عصمت 
اينونو في الحديث قائلا” : انه لما أخبره السيد سراج أوغلو بالاصطدام 
المسلح بين الحيشين : العراقي والبريطاني » طلب الى الوزير أن يتخذ جميع 
الرتيبات اللازمة لعرض توسط تركية بسين الطرفين » وقد قامالوزير فوراً 
بابلاغ السفير البريطاني في أنقرة برغبة تركية هذه » كا أبلغكم بها وزيرنا 
المفوض في بغداد . وقد سررت حين علمت ان الحكومة العراقية قبلت هذه 
الوساطة » وقررت ايفادكم الى أنقرة . واضاف الرئيس اينونو الى قوله هذا : 
منذ وصولكم الى أنقرة وأنا أتابع أخباركم » وكان سراج أوغلو يطلعني على 
سير الاحداث : كبير ها وصغيرها . ولما اقترحت أنته'شروط الوساطة طلبت 


اليل سيرة وذكريات )8١(‏ 


الى الوزير الموما اليه أن يجعلها أساساً لشروط الوساطة » وأن يسعى للتوفيق 
بينها وبين ما قد يبراءى للجانب البريطاني » وان يلح على السفير البريطاني 
بوجوب حمل حكومته على الاععراف بالتبدل الذيجرى ف العراق » وبالوضع 
القام فيه الآن . ثم أضاف الرئيس الى ذلك : ان شروط الوساطة الركية يا 
عرمت فلكو رامل اكوم الى يلاج ار تيد فيه من الخ وك ابي 
كنت أنت قد عرضتها على سراج أوغلوء هذا فهو يأسف أن يقول : انه لم 
يفهم السبب في تردد الحكومة العراقية في قبولها لهذه الشروط » لها بترددها 
هذا قد أفسحت المجال أمام الحكومةالبريطانية للاعتراض على بعض هذه 
الشروط » ونحن ما زلنا نعتقد أن الشروط الى عر ضناها تضمن حقوق العراق 
الحيوية » كما تضمن المصالح البريطانية المؤمنة في المعاهدة العراقية ‏ البر يطانية 
النافذة في الوقت الحاضر . 

كان الرئيس عصمت اينونو يتحدث إلي" بود واخلاص » على الرغم من 
آثار الحيبة الي لمحتها على قسمات وجهه » نتيجة لتخوفه من فشل الوساطة » 
وما يمكن أن يتبع ذلك من أحداث قد نخل بسلامة العراق وأمنه . وقد قال انه 
لا يعرف بالضبط قوة العراق العسكرية ومدى قدرته في مقاومة الموات 
البريطانية » وانه لهذا السبب يلح علي أن أنصح الوزارة العراقية بأن نحكم العقل 
بدل العاطفة » والا تعتمد مساعدات خارجية من الصعب تقدير فائدمها ومداهاء 
ولا على وعود لا يمكن معرفة درجة امكان نحقيقها . وقد توسع في حديثه حى 
قال : انه كان قد اشترك في الثورة الكمالية كضابط » ثم زاول السياسة وخبر 
أساليبها » وانه عندما انتدب لتمثيل الحمهورية التركية في مؤتمر لوزان » 
اضطر الى التنازل عن بعض ماكانت حكومته تود من المؤتمر أن يقره » على 
الرغم من نجاح الثورة الكمالية لأن للسياسة ظروفها . وأخيراً قال الرئيس 
التركي : انه ينصح العراق بأن لا يقفل باب الوساطة » وأن يتذرع بالحكمة 
وضبط الاعصاب لتتمكن الحكومة التركية أن تبذ ل كل ما في وسعها ‏ حسم النزاع 
العراقي - البريطاني بطريقة سلمية » وعلى الحكومة العراقية أن تثق من صداقة 


يك 


ركية واخلاصها . ثم تمى لي سفراً موفقاً ناعتاً اياي بالصديق العزيز . 
لا شك ان القارىء الكريم يلاحظ على أقوال الرئيس التركي في مقابلي 
اياه عدة أمور هامة » من ذلك : 
ولت - انه هو الذي طلب من وزير خارجيته عرض وساطة تركية في النزاع 
القائم بين بريطانيا والعراق . 
ثانبآ ‏ سروره واغتباطه لقبول العراق هذه الوساطة » وانتداني شخصياً للتوجه 
الى أنقرة لهذا الغرض . 
الثاً ‏ انه كان على اتصال دام بوزير خارجيته لتتبع سير المفاوضات منذ وصولي 
أنقرة. 
رابعاً - طلبه الى وزير خارجيته أن يتبى شروط الوساطة النركية على الاسس 
المقترحة من قبل » والمقدمة الى سراج أوغلو . 
خامساً ‏ طلبه الى السفير البريطاني أن ينقل الى حكومته رغبة تركية باعثر اف 
بريطانية بالعهد الحديد في العراق . وعلينا الآن أن نبحث في العوامل 
والاسباب الي حملت الرئيس عصمت اينونو على الاهتمام شخصياً بنجاح 
توسط تركية » وهو رئيس جمهورية . ظ 
لقد ذكرت من قبل أسباب اهتمام الوزارات التركية المتعاقبة بسلامة 
العراق وأمنه واستقلاله » فلا يسعني الآن إلا" أن أذكر بعض العوامل الشخصية 
النائجة عن الصداقة الصميمية» الي كانت تربطي بالرئيس عصمت اينونو » 
والي كانت قائمة بين عائلتينا أيضاً. فقد كانت زوجتانا صديقتين متقاربتين في 
الاخلاق والعادات » وكانت والدة الرئيس المسنّة متدينة للغاية . تؤدي الفرائض 
الدينية » وكنت أقدم إليها في كل شهر رمضان مقداراً من أنفس التمور العراقية 
فكانت تفطر على التمر تبركاً » وقد تلقيت في احدى المرات البطاقة التالية من 
الرئيمس عصمت : 


“مع 


اكسلائنس ناجي شوكت 
نفيس خورمالر ايحن تشكر اتنزي وقيمتلي عائلة وجوجوقلر ايجي صحت 
وسعادت تمنيلر نري قبول بيورنر . 
١١1١‏ -_ل/امو١ا‏ 


وهذه ترجمة البطاقة : 
أرجو أن تتفضلوا بقبول تشكراتنا من أجل هدية التمور النفيسة ونحياتنا 
من أجل صحة وسعادة عائلتكم الكريمة وأولادكم . 


1١‏ -١١-لامو١1‏ 2 ع.اينونو 


وكانت نجمعبي والرئيس التركي عاهة « ضعف السمع » مما يسميه العراقيون 
ب(الطرش ) فعندما كنت أقابله في ديوان مجلس الوزراء -- يوم كان 
يشغل منصب رئيس الوزراء قبل أن يتتخب رئيساً للجمهورية كان سكرتيره 
الخاص يغلق علينا باب مكتبه بصورة محكدة » لثلا تتسرب أصواتنا الى الحارج 
عندما نتحدث الى بعضنا » وكان يصف مقابلتنا هذه د« مقابلة الطرشان» 
ولما اضطر عصمت الى الاستقالة من منصبه هذا بسبب اختلافه مع الرئيس 
أتاتورك في موضوع الاسكندرونة « حيث كان الرئيس يريد احتلانها عسكرياً» 
في حين كان عصمت يرتئي أن محل قضيتها بالطرق الدبلوماسية » إنزوى 
عصمت في داره بأنقرة . لكني لم أنقطع عن زيارته » على الرغم من الرقابة 
الشديدة الي كانت قد فرضت عليه وعلى زواره » لان زياراتي هذه كانت 
شخصية ولا علاقة لها بالقضايا السياسية لا من قريب ولا من بعيد » ولهذا فلم 
ينس هذه المجاملات » ولا سيما الزيارات ا لحارجة على الاعراف الديلوماسية . 

قد يلاحظ القارىء اني خرجت عن الامور العامة في عرض هذه الأمور 
الشخصية » ولكي مضطر لذلك لاني أكتب مذاكراتي الشخصية وليس تاريخ 
الدولة العراقية » ولاني أسجل خدماتي لبلادي العزيزة » وأنا معز بها » ولاني 


م1 


أريد أن أذكر.العلاقات الشخصية الي أسستها مع تركية» فكان لها الاثر البارز 
في نجاح الكثير من أمور بلادي . 

وبعد انتهاء مقابلني للرئيس عصمت اينونو » الي استغرقت أكر من 
ساعة » عدت الى دار المفوضية لأهيء نفسي للسفر في اليوم التاللي فقد غادرت 
أنقرة مساء اليوم السادس عشر من أيار وبلغت بغداد ي صباح اليوم التاسع 
العودة إلى بغداد : 

كان في استقبالي - يوم وصلت بغداد ‏ وزير الحارجية السيد موسى 
الشابندر . وقد استقلينا السيارة معآً فحدثئي في أثناء الطريق عن كل ما جرى 
في غياني » الذي استغرق أحد عشر يوماً » من أحداث سياسية وعسكرية . 
وبينما كانت سيارتنا تعبر الحسر » قابلتنا السيارة الي كانت تقل السيد رشيد 
عاللي الكيلاني » والي كانت متجهة” الى المحطة لاستقبالي . وعند توقف 
السيارتين شكرت للشابندر لطفه » ووعدته بأن أزوره في ديوان وزارته 
لاستكمال الحديث الذي كنا به» ثم ركبت مع السيد الكيلاني نزولا" عند رغبته» 
فأوصلي الى داري » ولم أرّ من المناسب أن أحدثه فيالطريق عن أي شي ء» 
لاننا اتفقنا على أن نلتقي بعد الظهر . 

كان الموقف العام في بغداد ‏ على ما اطلعت عليه وما سمعته من موسى 
الشابندر » وعلي محمود الشيخ علي » وناجي السويدي ورشيد عالي ‏ يتلخص فيما 
يللي: ‏ 

لا تلقت وزارة الحارجية برقياني المعنونة الى رئيس الوزراء » اجتمع 
مجلس الوزراء في ديوان وزارة الحارجية » فأقر شروط الوساطة المقترحة من 
قبل تركية » ولم يعبر ض عليها إلا وزير الاقتصاد السيد يونس السبعاوي . 
وقد كلف المجلس وزير الحارجية أن يعد برقية الحواب بالموافقة » مع اسداء 


1/6 


الشكر للحكومة التركية على موقفها الودي وتوسطها السليم . وبينماكان الشابندر 
منهمكاً في اعداد صيغة الحواب » طلب اليه رئيس الوزراء السيد الكيلاني 
أن يتريث قليلا” ليتمكن من استشارة قادة الحيش في الموضوع . وما لبث 
الكيلاني ان عاد وطلب الى الشابندر صرف النظر عن برقية الموافقة » وأمل 
عليه البرقية الي تقول ( ان القضية نحت الدرس في وزارة الدفاع ) فلماذا غير 
الكبلاني رأيه وعدل عن اقرار الوساطة التركية ؟ مهملا" بذلك قراراً مجلس 
الوزراء امخذه قبل ساعات ؟ 

تختلف الروايات الي سمعتها من السيد علي محمود الشيخ علي ٠‏ عن تلك 
اللى سمعتها من السيد موسى الشابندر بعض الاختلاف » ولكن الظاهر أن" 
رك عالي بعد طلبه إلى موسى الشابندر العريث في إعداد برقية الموافقةو الشكر . 
انصرف إلى الاجتماع بالحاج محمد أمين الحسيني مفني فلسطين . وبالعقيد 
صلاح الدين الصباغ » وقد جرت مناقشة حادة حول الموضوع فكان من رأي 
صلاح الدين رفض مشروع الوساطة » والتذرع بالصبر والثبات » حبى تصل 
المساعدات العسكرية الألمانية . على حين أن" رأي الكيلاني كان منصباً على 
وجوب الاستفادة من الفرصة الي يبيوها التوسّط التركي » ولا سيما الاعئراف 
بالوضع الحديد » وشرعية الحكومة القائمة . وقد أغضب إصرار رشيد عالي 
على رأيه هذا العقيد الصباغ . بحيث ه«لى يده إلى مسدسه في حركة عفوية ء 
مهدداً بذلك رشيداً » فحال وجود يونس السبعاوي دون حصول الكارثة . 
ولكن هناك رواية أخرى لأسباب مبديد الصباغ للكيلاني هي أن رشيداً كان 
يعتزم إخراج السبعاوي من الوزارة » لقيامه ببعض الأعمال المخالفة لقوانين 
الحدمة المدنية وأنظمتها » ولمواقف عاطفية ونهورية أخرى » فعارض الصباغ 
في إخراجه والتجأ إلى التهديد الذي نوهت عنه » فحال دون ذلك كل مسن 
العقيدين : فممي سعيد و محمود سلمان . 

إن هذه الرواية الثانية هي الي أثبتها السيد رشيد عالي الكيلاني في رسالته 
ابي وجهها إلى المورخ العراتي السيد عبد الرزاق الحسي بتاريخ ١8‏ كانونالأول 


ك3 


١0م‏ ونشرها الأخير فيص 154 .من كتاب « الأسرار الحفية » في حركة 
سنة ١451‏ التحررية » المطبوع في صيدا بلبنان في عام 1979م + إلا" انيأرجح 
الرواية الأولى » وقد يكون لكلا الحادثين علاقة بالتهديد موضوع البحث . 
هذا ما أحطتبه علماً عن أسبابٍ رفض الوساطة التركية . أما بخصوص 
زميلى وزير اللمالية السيد ناجي السويدي إلى الرياض ٠»‏ فإن معلوماني عنها 
9 من المريي قف وقد اللديك طنيا سالا خا لتكراره . 
لكن الذي أود أن أثبته هنا هو اني لاحظت أن السويدي كان منهار الأعصاب . 
غاضباً أشد” الغضب ٠‏ يائساً من كل أمل . رحمه الله برحمته الواسعة . فقَدكان 
من فحول الساسة في العراق » ومن الوطنيين المخلصين الصادقين . 
هكذا رأيت الوضع السياسي في العراق عندما عدت إليه من تركية . 
أما الوضع العسكري فقد كان سيئاً للغاية . فقد كانت طلائع الرتل البريطاني 
الآلي التي من فلسطين إلى العراق . لنجدة القاعدة البريطانية في ال حبانية قد 
بجح ني احتلال « قلعة الرطبة » في ١١‏ أيار » وأخذ يستعد لاحتلال الفلوجة . 
وبغداد . وقد ثم" احتلال الفلوجة فعلا” في التاسع عشر من هذا الشهر » وهو 
يوم وصولي إلى بغداد عائداً من تركية » ولم يقم الحيش العراقي بنسف الحسور 
القائمة على الفرات - مع الأسف - فسهل ذلك زحف العدو على العاصمةبيسر. 
يا لهول الواقع المرير . في مثل هذه الظروف الحرجة الي كانت نحيق 
بالعراق » وي مثل هذا الوضع المردي بي جبهات القتال » وفي غمرة اضطرار 
الحيش العرائي إلى الانسحاب من البصرة إلى القرنة » وترك مدينة الثغر 
الانكليز؛ في مثل هذه الأوضاع المزرية تتفتق العبقر ية في بغداد فتكتب إلى : 
( ان الموضوع نحت الدرس بي وزارة الدفاع لتعلّقه بالحيش ) فأي جيش هذا؟ 
وأية وزارة دفاع تتوللّى البت في أمر وساطة تقدمت بها حكومة صديقة ومحبة 
وهي تريد بذلك سعادة العراق وأمانة استقلاله ؟ في الوقت الذي كان الحيش 
راع ل جنيع الدادن # وتفكك ادن برست دزي ومن يدلا ندري 
م نتدخل في الأمور السياسية الصرفة » ونهدد رئيس الوزراء المسوول عن 


ينك 


تسيير دفة السياسة » وتملي عليه إرادتها » فتضيع على البلاد فرصة لا تعرّض » 
وتتعلق بآمال وهمية ووعود خلا بة » مصدقة أضاليل' غروبا تمثل الألمان في 
بغداد » وضاربة ببرقياني وتوسلاني عرض الحائط ‏ كما يقولون - مع أن 
سفير ألمانية في تركية » الرجل السياءيي الحكيم » كان برى في توسّط تركية 
خدمة للعراق ولألمانية مع » كان ينصح بشدة بقبول هذه الوساطة لكسب 
الوقت على الأقل . إذ لو كنا قبلنا التوسط التركي وأوقفنا القتال بيئنا وبين 
الإنكليز » لكنا كسبنا الوقت اللازم على الأقل حتى تصلنا المساعدات 
العسكرية الألمانية الي كانوا يعلّةون عليها أكبر الآمال . 

لقد كنت وما أزال ‏ معتقداً بأنا لو كنا قبلنا بتوسط تركية فوراً » 
لأصرت الحكومة التركية على إنكلرا بوجوب قبول هذه الوساطة » وإن 
أدخلت عليها بعض التعديلات الطفيفة الي لا تضر بمصا حنا الحيوية والأساسية . 
هذا من جهة» ومن جهة أخرىء ما كان في إمكان المستر تشرشل أن يضغط 
على الحرال ويقل » قائد القوات البريطانية في مصر » لإمداد الحيش البر يطاني 
المحصور في قاعدة الحبانية » ذلك لأن الحثر ال المذكور كان قد رفض الإمداد 
المطلوب مراراً وتكراراً . وهناك دليل آخر فإن الإنكليز بعد أن فقدوا كل" 
أمل في العراق » ونقلوا عبد الإله وطغمته إلى فلسطين ‏ أسرّوا إلى هؤلاء أن 
يختاروا الحهة الي يريدون أن يولوا وجوههم شطرها » وقد ذكروا لمم الهند 
على سبيل المثال . فقد ذكر السيد الحسني في ص ١1/١‏ من كتابه « الأسرار ؛ 
قولا” سمعه من علي جودت نفسه . وكان نص هذا القول : ( انه شعر أثناء 
مقامه في فلسطين مع عبد الإله وصحبه بأن الحكومة البريطانية عازمة على تسوية 
خلافها مع الحكومة العراقية تسوية قد تؤدي إلى خذلان الأمير عبد الإله » 
وانه أعرب عن رغبته في العودة إلى سورية » مع زميله جميل المدفعي » للإقامة 
فيها بدلا" من الذهاب إلى الهند » ( كما أسرّت بذلك الحهات البريطانية ) . 
وما يزيد في هذه الرواية الي يرويها السيد الحسي صحة وتوكيداً » اني عندما 
كنت في اسطنبول عام 1881م وكان الملك فيصل الثاني . والأمير عبد الإله: 


84 


ونوري السعيد » وداود الحيدري ى موجودين فيها بمناسبة عقد قران الأميرة 
على الملك الشاب » كنت أتحداث مع داود الحيدري ني الحادثات الماضيات 
المتعلقة بحركة السنة ١144م‏ وأسبابها ونتائجها » فأسر إلي" قائلا” : لولم ترفض 
الحكومة العراقية الترسط الركي يومئذ فلا يعلم إلا الله ماذا كان سيكون 
مصير "عبد الإله . أي انه ب وكد ما قاله علي جودت للسيد الحسيني بكل صراحة ؛ 
عن اعتزام بريطانية إرساهم إلى الهند . 


مقابلة رشيد عالي : 


زرت رشيد عالي في مساء يوم وصولي بحسب الوعد المحداد . وكان في 
بي أن أعاتبه عتاباً مراً على البرقية المخجلة الي ذكرت أمرها » واي كانت 
قد جعلتني في حيرة من أمري » ولكني لما وجدته منهار الأعصاب » وفاقد 
الأمل من كل شيء » غيرت رألي وقلت له : أخي رشيد لا أريد أن أزيد 
في همومك فقد أحطت علماً بكل” ما جرى أثناء غيابي من قبولكم التوسّط 
الركي ؛ ثم رفضكم إياه بعد مقابلة الممبي والصباغ » وما لاقيتموه من صلاح 
الدين من إساءة فما مضى مضى وانتهى » ولا فائدة من بحثه وتعداد الأخطاء 
الي ارتكبت عن عمد أو غير عمد » بحيث سقطت الفلوجة ولم تخرب الحسور 
لإعاقة الزحف البريطاني . وقد أصبحت العاصمة وشيكة السقوط . أجل أنا 
لا أريد نبش الماضي وتعداد الأخطاء السياسية والعسكرية الي ارتكبت . 
ولكن أقول أن شروط الوساطة الي عرضتها تركية كانت قريبة جداً مسن 
الشروط الي وضعتها » وأنت وافقت عليها » وأضفت إليها ما أضفت . 
فكيف استسغت سماع من قال : ( ان قبول التوسط خيانة ) وبما افي أنا الذي 
اقترحت شروط الوساطة وطلبت إقرارها بالحاح ثم كان ماكانء فلا يسلؤة 
بعد الآن أن أبقى وزيراً في وزارة تعتبر عملي خيانة . وسوف لا أذب || 
وزارة الدفاع » ولا إلى ديوان مجلس الوزراء » وسأبعث إليك بكتاب استقالني 
من منصبي الوزاري -تالا” » تاركا للتاريخ تقدير عمل كل شخص منا » 






لحف 


وسأغادر ب:داد في أول قطار يسافر إلى اسطنبول بِإِذْن الله . 
كان رشيد يصغي إلى كلماتي إصغاء” تاماً ؛ فالتفت إليء وقال : انه يقدر 
موقفي 4د يل قارف )او لكنة بر جر مني أن أكتم خبر الاستقالة لأن شروعها 


سير بلك 2 ولاعت لقامة مرانيها أخيا عل اد يقال الى ساعوه إلى درقة 


وقبل أن أختم هذا الحديث المولم » أرى من واجبي وما يحتمه عل يتضمير ي 
أن أوكد هنا للمرة الثانية بأن" الذين أوصلونا إلى هذه الحالة الموسفة والنهاية 
المحز نة » بارتكابهم الأخطاء العسكرية والسياسية » كانوا شر فاء فوميين »2 
لا غبار على وطنيتهم » وان إخلاصهم لبلادهم و لأمتهم لا طعن فيه ؛ 
أما عيبهم الوحيد فإنهم لم يكونوا مؤهلين لتحمل الأعباء الحسيمة الي شاءالقدر 
أن يلقيها على عواتقهم . فقد كانت خبر نهم في السياسة الدولية محدودة » وني 
أغلب الأحيان كانت العاطفة دون العقل تتحكلم في أعمالهم » وكانوا قد وثقوا 
بإحدى الشخصيات العربية وثوقاً أعمى » وانساقوا وراءها دون رؤية وتبصر » 
وكانوا توفئون باراء هذه الشخصية حى وإن لاحت هذه الآراء لا تتفق 
والصالح العام . فرحمة الله عليهم جميعاً . وقد رأيت من المناسب أن أخم 
هذا الفصل بنقل الفقرة الاتية من الصفحة الثامنة من مذكرات المرحوم 
صلاح الدين الصباغ » فهي أصح دليل وأوضح بيان على شخصية صلاح 
ورفقاوه : 

قال : (أيها العرني . هذه الصفحات أقرب إلى الاعتر افات منها إلى 
المذكرات » أضعها بين يديك لتطعن لي و بإخواني ما تشاء » ولتناقش أخطاءنا 
م محلو لك . ولست أريد منك الشفقة بل الإنصاف » ولا أسألك الرحمة بل 

الحكمة . لا تنس أن التارد يخ ظلم » وان الضعيف إذا حالفه النصر » حيط 
الات المجد وأكاليل الغار » وإذا لازمه الفشل ؛ كيل له الذم وأوقع عليه 
اللوم) 


حاشا يا صلاح أنا لا أكيل لكم“لذم » ولا أدفع عنكم اللوم » وكل ما 
أردت أن أوضحه إنما هو تثبيت للحقائق ومجريات الأمور بحسب ما رأيتها 
وتلمّستها واشئركت فيهاء وأنا لا أبرىء نفسى من الأخطاء فإني قد 
أخطأت كثيراً ولكن دون عمد أو سوء تمدعنا أن أخطاءكم كانت عذوية 
ذون “قضد. أل إماءة. 


اليوم الآخير في بغداد : 

كان يوم ١94‏ أيار يوما أليماً لا يمكن أن أنساه لأني كنت سمعت أن القادة 
فقدوا رشدهم » وأن رشيداً ني حالة من الارتباك لا توصف ٠‏ ففكرت بأني 
حتى لو عدلت عن الاستقالة وبقيت مع الحماعة » فإن بقاني هذا لن يحدي 
نفعاً لا لي » ولالهم » ولا حى للبلاد » وسوف يضيع صوني بين الأصوات 
كما ضاع من قبل . وكانت زوجبى قد اداخرت شيئاً من المال لوقت الحاجة 
- كما هي عادتها - وكان ما أدخرته يساوي نحو ألف دينار فحوله عديلي 
كامل الجادر جي إلى ليرات ذهبية بواسطة الحاج محمد جعفر أبو التمن » ثم 
جمعنا ما نحتاج إليه من أمور السفر » وتركنا الدار إلى عهدة عديلي الثاني السيد 
أحمد الكتيلاني. وني نمو الساعة التاسعة مساء غادرنا بغداد بقطار طوروس 
إلى استنبول ثم إلى مستقبل مجهول . 
استانبول : 

وي اسطنبول بدأت تصل إلينا أخبار بغداد المزعجة خلال الأيام العشرة 
الي تخللت تاريخ «غادرتي لها ني 19 أيار١‏ 144١م‏ وتاريخ تسلل القادة والساسة 
إلى إيران في 94؟ من هذا الشهر . فقد دلّت هذه الأنباء على أن" الأمور كانت 
تع امن اس تق نوا + حى: اضطر المبوولون عن :هذا الارتدى إل اللمخوه 
إلى إيران » على أمل أن يجدوا الحو الملائم لنشاطهم . وكانوا يتوقعون أن يعاونهم 
الشاه رضا ببلوي على تحقيق أحلامهم على أساس أن" الشاه يكره الإنكليز » 


١ 


ولكن ساء ما كانوا يتوقعون . 
لآ أدري ماذا أقول عن هذه الأيام العشرة » ولاذا ترك العقداء الأر بعة 
أرض الوطن حتى تبعهم رشيد عالي والمفتي وجماعتهما ؟ على الرغم من أني 
كنت أتوققع مثل هذا النزوح . وفي الحقيقة اني لم أكن ٠سؤولا‏ عن هذا الفصل 
الأخير المولم من تاريخنا » وعلى من أراد الإلمام بذلك ماما تاماً فلي جع إلى كتاب 
السيد الحسي الأسرار الحفية في حركة السنة ١44١‏ التحررية » في طبعته 
الثالئة لعام الاؤام من ص 7396 إلى ص 3175 . 


أسباب الحركة ونتائجها : 

من حق أي عراتي أن يسأل مثل هذا السؤال » ومن واجبي أن أرد عليه 
بإسهاب » وأن أوضح العوامل الي أدت إلى حوادث نيسان وأيار ١194م‏ » 
وأن آني على نتائجها بصفة كوني أحد المسؤولين عن بدايتها » وكانت لي اليد 
الطولى فيها . ولو افي كنت أتيت على بعض هذه الأسباب في الصفحات المتقدمة » 
وبيّنت رأبي في العوامل الي أدات إلى فشلها » فإن إعادة ذكر هذه الأسباب 
- كلا أو بعضاً ‏ مما تحتمه أمانة التاريخ . 

كان الأمير عبد الإله يتظاهر بالوداعة والسذاجة » ولكنه لم يكد يتولى 
الوصاية على ابن أخته الملك فيصل الثاني » حى انقلب إلى دكتاتور سافر يرى 
نفسه انه الكل ني الكل . وكان يويد هذه الدكتاتورية فيه تشجيع نوري السعيدله ؛ 
وتخاذل رجال السياسة الموالين للإنكليز أمامه ؛ ودعم السلطةالبر يطانية لتصرفاته. 
فكان يحتقر أبناء الشعب » ويالي الإنكليز ني كل ما يريدون ويرغبون . 
دون أن يلتفت إلى انتفاضات الشعب السابقة » ودون أن نحاول درس أخلاق 
هذا الشعب وعرة نفسه وإبائه . ولما أعلنت الحرب العالمية الثانية في أيلول9 197١م‏ 
أخذ يمالي الإنكليز وينفذ رغباهم حى تلك الي كانت لا تتفق مع المعاهدة 
المعقودة معهم في "٠‏ حزيران من عام ٠م‏ . وهكذا بقي مستهتراً بالعراق 
وشعبه » مستهيناً بوزاراته ويجيشه » حبى إذا بلغ السيل الزبى » اضطر مجلس 


1 


الأمة إلى عز له عن منصب الوصاية بعد عامين من توليه إياها . 

كانت سركة ١944١‏ موجهة في أساسها ضد عبد الإله وضد أعوانه ‏ 
ولما شعر الإنكليز أنم سيققدون سيطرتهم على العراق بالمرة » إذا هم يدمو 
هذا الوصي المعزول » قرّروا التدخل لصالحه ؛ ؛ فكانت الحرب سجالاة بينهم 
وبين العراقيين . على أن" حركة عام ١441١‏ كانت امتداداً لثورة العراق العظمى 
في عام 4م تلك الثورة الحبارة الي كانت ضد الاحتلال البريطاني » 
وضد الاستعمار . 

فقد كانت بريطانيا نحاول جعل العراق مستعمرة تابعة للتاج البر يطاني 
وتديرها حكومة الحند » على الرغم من الوعود الي كالتها للعرب عامة » 
وللعراقيين خاصة » بمنحهم الاستقلال الذاتي » وتأليف حكومات وطنية تستمد 
سلطتها من رغبة الشعب » فكانت اتفاقية ( سايكس - بيكو ) الي جزأت 
البلاد العربية إلى مناطق نفوذ إنكليزية وفرنسية » وكان وعد بلفور الذياعتبر 
فلسطين العربية وطناً قومياً لليهود » من جملة البراهين الساطعة على كذب تلك 
الوعود . ولهذا كانت ثورة العشرين عارمة . عرفت الإنكليز أن في العراق 
شعباً لا يضام » وأمة لا تقهر . فقد استطاع العراقيون أن يجالدوا القوات 
البريطانية بأسلحتهم ابدائية » وأن يوقعوا فيهم خسائر جسيمة في الأرواح 
والأموال » وأن يأسروا بعض ضباطهم وجنودهم» وأن يقهروهم في ميادين 
عديدة من القتال » كما نطقت بذلك التقارير الرسمية . 

وعلى هذا يمكن أن تعتبر حوادث نيسان وأيار من عام 1441م امتداداً 
لتلك الثورة العارمة » للأسباب الي تقدم عرضها . وعلى الرغم من أن" هذه 
الحركة قد فشلت في النهاية » ولكن هذا الفشل كان حافزاً للسير قدماً بغية 
التخلّص من الاستعمار وأذنابه» فة فتسلسلت الانتفاضات » وكرت الانقلابات. 
ولعل الإطاحة بمعاهدة يور تسموث وعاقدبها في كانون الثاني من عام /1914م» 
تعد" برهاناً ساطعاً على استمرار روحية الكفاح في الشعب العراتي . فقد كانت 
معاهدة ٠١‏ حزيران ٠97١م‏ توشلك أن تنتهي مدتما القانونية » فأراد الإنكليز 


54 


وأذنا. بهم أن يعقدوا هذه المعاهدة لاستمرار هيمنتهم » ولكن لم يكتفالمستعمرون 
اال كا بير ان عافن بور سرت دل استنكار » فجدادوا السعي 
لعقد ميثاق بغداد سنة 968١م‏ ليكون بديلا” لمعاهدة 1970م »2 وكانت الغاية 
من عقد هذا الميثاق عزل العراق عن الركب العررني » وإلحاقه بدول بعضها 
تبطن. العداء للعرب » ولكل آمال العرب » والبعض الآخر لد بر ينون من 
العراق إلا" الاستغلال » فكان مما كان أيضاً . وهذا ما جعل الشعب العراي 
يقف وقفته الحبارة أمام الاعتداء الثلالني الآثم على مصر العربية في أخريات عام 
5م ء عندما اتفقت بريطانية وربيبتها إسرائيل مع فرنسا على «هاجمة 
الشعب المصري الآمن » لحمله على السير في ركب الاستعمار . فقدكانت وزارة 
نوري السعيد القائمة مسرورة بهذا الاعتداء» وكانت تتوقع استسلام المصريين 
للقوى الغازية » وكانت إذاعة بغداد تذيع أغاني الشماتة بذلك في الوقت الذي 
كان العسن الممتري: يساتقيية) بالعزية + طال) التتجدة والمناعدة د يد مانت 
نتيجة استبساله في الدفاع عن أرض النيل الباركة » أن ارتدات قوى البغي 
والعدوان تحر أذيال الفشل . 

وفي مثل هذه الظروف كان قد سافر نوري السعيد إلى طهران في انتظار 
أخبار انتصار حملة العدوان » فلما علم بصمود الشعب المصري وفشل العدوان 
المذكور » أسقط في يده وأيدي جماعته . فلما تمت الوحدة بين سورية ومصر 
طاشت عقول هولاء المناكيد » وتخيلوا أن في إمكانهم القيام بعمل ممائل , 
فابتدعوا فكرة الاتحاد الماشمي بين العراق والأردن » وما كان هذا في الحقيقة 
إلا اتحاداً مزيفاً قصد به تقوية البيت الحاشمي ني كلا القطرين. ثم جاءتأحداث 
لبنان الدامية في ربيع عام 1408م لتثبت للشعب العراتي الباسل أن" الاستعمار 
ما يزال يخطط لمشاريع الاستعباد والإذلال » والسيروراءه بكل خشوع . 
وهنا انتفض هذا الشعب الشجاع الأصيل فبادر جيشه الباسل للقضاء على نظام 
الحكم الملكي المهترىء » الذي فرض عليه فرضاً » فكانت ثورة ١4‏ تمسوز 
4م المظفرة » تلك الثورة اللي قضت على الملكية بكل" أوضاعها وأوضارها 


للك 


وأعلنت نظام الحكم الحمهوري الذي كنت أريده وأتمناه منذ كنت طالب بكلية 
الحقوق بباءعة اسطنبول . وهذا فقدكانت فرحبي مزدوجة بانتصار شعبي 
وانتصار مبدثي » وها هو العراق الآن يسير سيراً مطرداً بفضل سياستهالمتحررة 
من كل نفوذ أجنبي» وبحنكته الي قضت على الإقطاع والرجعية » وباتباعه 
النظام الاشتراكي السليم » بحيث أصبح له مركز دولي مرموق في نظر العالم ؛ 
وأصبح رائداً لأشقائه الدول العربية . 


أيامي الأخيرة في استانبول : 

أمضيت 3 وعائلي » صيف عام ١م‏ في دار استأجرناها في جزيرة 
( ببوك آطه ) إحدى الحزر القائمة في ( بحر مرمرة ) القريبة من اسطنبول »؛ 
فلما حل" شهر تشرين الأول » انتقلنا إلى شقة في بناية تقع في محلة أياس باشا » 
بالقرب من أوتيل بارك » وقد استأجرناها بالاشتر اك مع الأخ الدكتور صائب 
شوكت وأقمنا فيها سوية . وكنت خلال هذه الإقامة اتسققط أخبار بغداد 
بالرجوع إلى الصحف التركية وكذا العراقية الي كنا محصل عليها . وكنت 
أقضي فترة الصباح ني المسيرة تارة » وني ارتياد إحدى المقاهي تارة أخرى . 
م أعود إلى الشقة لتناول طعام الغداء مع الأهل . وبعد قيلولة الظهر كنت أنجه 
إلى نادي و سوكل دوريان » في نحو الساعة الحامسة ‏ ويقع هذا النادي بالمرب 
من أوتيل توقاتليان ‏ فكنت ألعب (البريج ) مع بعض الأصحاب ثم أعود 
إلى منز لي حوالي الساعة التاسعة فأتناول عشاء” خفيفاً وآوي إلى الفراش حو 
الساعة الحادية عشرة لأمبض مبكراً في السابعة . 

وفي أواخر أيلول من هذه السنة » طالعتنا صحف اسطنبول » وكذا 
الصحف العراقية » بنبأ استقالة وزارة جميل المدفعى » وتأليف الوزارة الحديدة 
برئاسة نوري السعيد في أوائل تشرين الأول » فصرنا نتوقع مزيداً منالمفاجآت. 
وفعلا. فوجئنا بالأحكام الغيابية الي أصدرها بحقنا المجلس العرفي العسكري 
الذي قام ني بغداد » بعد مغادرتنا إياها » وتقضي هذه الأحكام بإعدام كل 


560: 


من رشيد عالي » ويونس السبعاوي » وعلي محمود الشيخ على » والعقداء 
الأربعة » ووكيل رئيس أركان الحيش » كما تقضي بالحكم علي" بالأشغال 
الشاقة مدة خمس عشرة سنة » وحبس الآخرين مدداً مختلفة . 

ولم تكتف المحكمة بإصدارها هذه الأحكام » فقررت تضمين المحكومين 
مبلغاً قدره مليون و0,774٠٠‏ ديناراً تستحصل بطريق التكافل والتضامن من 
أمولهم المنقولة وغير المنقولة» كما أن الوزارة طلبت إلى مجلس النواب اعتباري » 
أنا ؛ ورشيد عالي » ويونس السبعاوي » مستقيلين من المجلس على أساس عدم 
حضورنا جلساته » وقد أقر المجلس طلب الحكومة هذا على الرغم من اعتراض 
بعض النواب من أن هذا التغيب لم يكن اختيارياً » ولم يكن في وسعنا حضور 
الملجلس . 

لقدكانت لي أملاك ورثتها عن آبائي وأجدادي . وهذه الأملاك عبارةعن 
بساتين وأراض زراعية تقع بناحية الدورة » بحوار بغداد » وني (عميةالباشا) 
في ناحية المحاويل التَرببة من الحلة » إذ لم أكن من الوزراء والساسة الذين 
استولوا على آلاف الدوتمات من الأراضي الأميرية باللزمة . وكانت لي دار 
ولكنها كانت مسجلة باسم زوجي . أما أثائي البيتية » وأما سيارتي االحاصة » 
فقد هربها الأقارب إلى دورهم فلم تقع في يد السلطة . وحتى راتبي التقاعدي 
فقد حرمت منه حى عام 1987م حين أعيد النظر في قضايا السنة ١9414١م‏ 
واعتبرت الحرائم الي ارتكبت فيها سياسية لا نجوّز مصادرة الأملاك الخاصة» 
ولا حجب الرواتب التقاعدية . ولما زيدت رواتب الموظفين » وزيدت معها 
رواتب المتقاعدين » لم تسر الزيادة على رواتبنا التقاعدية على أساس أننا أحلنا 
على التقاعد قبل التعديل المذكور. 

وهكذا أصبح تقاعدي مع مخصصات غلاء المعيشة عبارة عن 48 ديناراً , 
في حين نتجاوزت رواتب المتقاعدين الحدد المثة واالحمسين ديناراً بينما أشغلت 
أنا مناصب وزارية ء ونيابية » ورئاسة وزراء » وغيرها ء لمدة نجاوزت الهم 


عاماً » بضمنها ضمائم الحرب . 


حوادث الاعتقال المفزعة : : 

كانت أخبار بغداد الموؤذلة 0 عن سوق الأعيان ؛ واللسوات ء 
والوزراء » والأطباءء والمحامين » والأدباء » والمولفين » والضباط . 
وسائر الطبقات إلى معسكرات الاعتقال الي أقامتها الحكومة ‏ بطلب من 
الإنكليز - في الفاو » والعمارة » ونقرة السلمان » وكانت إحالات الموظفين 
والضباط على التقاعد تحري بمقياس واسع . وإذا بمجلس الوزراء يتخذ القرار 
الناليي في جلسته المنعقدة في يوم ١4‏ كانون الثاني 1147م ننقله عن الصفحتين 
م«9؟ و44؟ من كتاب ١‏ الأسرار الحفية » للسيد الحسبي . 


( انعد مجلس الوزراء في الساعة الحادية عشرة قبل ظهر اليوم 1١-١4‏ - 
5م برئاسة فخامة السيد نوري السعيد رئيس الوزراء ووكيل وزير الدفاع , 
وحضر الحلسة كل من أصحاب المعالمي والسادة : صالح جبر وزير الداخلية 
ووكيل وزير الحارجية » وعلي ممتاز وزير الالية » ووكيل وزير المواصلات 
والأشغال » وصادق البصام وزير العدلية » ونحسين علي وزير الممارف , 
وعبد المهدي وزير الاقتصاد » وجمال بابان وزير الشؤون الاجتماعيةء 
وأمعن النظر ني وضع الأشخاص المحكومين والمتهمين عن الحراكم الي حدئت 
خلال شهري : نيسان ومايس سنة ١44١م‏ من رجال الإدارة السابقة , 
غير المشروعة » كما دقق الحكم الصادر من المجلس العرئي العسكري المنعقد 
في معسكر الرشيد المرقم 584-1788 والمورخ في 1١-5‏ -1945مء 
وكذلك اطلع على سير التحقيق الذي أكملته السلطات القانونية بحق المتهمين » 
واستعرض الوضع الحاضر على ضوء هذه الأحكام وتلك التحقيقات » فقرر 
بالإجماع امحخاذ التدابير الآتية : ب 


__- توسيط وزارة الحارجية باسيرداد المحكومين وهم : 
١‏ رشيد عالي الكيلاني . 
؟ - صلاح الدين الصباغ . 


/41 سيرة وذكريات (؟0) 


. محمد حسن سلمانك‎  "“ 
. ؛ - علي محمود الشيخ علي‎ 
. ه - يونس السبعاوي‎ 
. أمين زكي سليمان‎ 5 
. صديق شنشل‎ - 
: ب - وكذلك التوسط بحلب بقية المتهمين ني الحراكم المذكورة » وهم‎ 
. محمد علي محمود‎ ١ 
. رووف البحراني‎  * 
2 دهومى اأشابندر‎ 4 
. ه - ناجي شوكت‎ 
. كامل شبيب‎ 5 
؟ - بالنظر الحطورة أولئك المحكومين جميعاً » والمتهمين جميعاً » ولما كان‎ 
بقاوؤهم مطلقي السراح عند ثبوت براءة أحد منهم يعتبر مضراً بالمصلحة؛‎ 
ومقلقاً للسلامة العامة» فقد قرر المجلس تطبيق مرسوم صيانةالأمنوسلامة‎ 
. الدولة رقم 05 لسنة ٠151م بحق من قد تثبت براءته منهم .اه‎ 
وبلّغت السلطات البريطانية في ( ساليسبوري ) في أفريقية الحنوبيةالسادة:‎ 
محمود الشيخ علي . - يونس السبعاوي .2 7# الفريق‎ يلع-5١‎ 
. أمين زكي . 54 العقيد فهمي سعيد. © العقيد محمود سلمان‎ 
محمد صديق شنشل» بالأحكام الغيابية الصادرة بحقهم في السادس من‎ 5 
كانون الثاني 147١م ء وما لبثت أن نقلتهم إلى العراق » ضمن المدة المسموح‎ 
بها الاعتراض على الأحكام الغيابية » وهي ستة أشهر » فأصدرت الحكومة‎ 
: العراقية هذا البيان‎ 


لولح 


بناء على طلب الحكومة العراقية » وافقت الحكومة البريطانية على تسليم 
المجرمين في حوادث شهري نيسان ومايس سنة ١114م‏ وقد وصل بغداد قسم 
منهم » والقسم الآخر في طريقهم إليها » . 
بغداد ١١‏ آذار 1947م مدير الدعاية العامة 


وقبل نشر هذا القرار علمنا من والي اسطنبول أن الحكومة العراقية قد 
تطلب من الحكومة التركية أن تسلمنا إليها » وكان مذي فلسطين قد فر من 
تركية بصورة غامضة » مع بعض موظفي السفارة الإيطالية في طهران . فوصل 
روما في التاسع من شهر تشرين الثاني1441١م»‏ كما أن رشيد عالي الذيكان قد 
النجأ إلى تركية من قبل » وأقام في دار أخيه كامل الكيلاني ني اسطنبول مدة من 
الزمن» قد هربه الألمان إلى برلين ني الحادي والعشرين من تشرين الثاني ١‏ 144م. 

وني أواسط شباط 447١م‏ أخبرني السي دكامل المذكور بأنه تلقى رسالة من 
أخيه رشيد » بواسطة السفارة الألمانية في اسطنبول » يطلب إليه فيها أن يترك 
اسطنبول إلى روماء وأضاف إلى ذلك قوله : ان أخاه طلب إليه أن يخبرني وبقية 
العراقيين الموجودين في تركية» أن في إمكاننا أن نلجأ إلى إيطالية وألمانية ‏ إذاشئناء 
وانه - أي كامل - مستعد لتسهيل سفر نا بواسطة السفارة الألمانية . ولم يكن في 
نيبي - في الحقيقة ‏ أن أترك اسطنبول وألتجىء إلى إيطاليا وإلى ألمانياء 
ولكني بعد أن تأكدت من أن الحكومة العراقية عازمة على طلب تسليمي إليها 
لتنفذ في حكم السجن الصادر بعقي من قبل المجلس العرني العسكري » 
أخذت أفكتر في أي من الحالين أصلّح لي : البقاء في تركية أم الهرب منها 
واللجوء إلى الألمان أو الطليان ؟ 

كان البقاء في تركية يجعلبي ويجعل الحكومة التركية في موقف حرج بالنسبة 
إلى الصداقة المتينة ابي تربطي مع الساسة الأتراك؛ ولا سيما مع الرئيس اينونو » 
فإن وافقت الحكومة على تسليمي إلى الحكومة العراقية » فسأكون كمن وضع 
القيد الحديدي في يديه » وإن رفضت هذا التسليم » فمعبى ذلك أني سأبقى 


6 


طوال حياتي مديئآً لهذا الحميل . وكان والي اسطنبول رجلا عراقياً من أسرة 
قيردار المعروفة في كركوك » وكان زميلا لي في الدراسة في المدرسة الإعدادية 
في بغداد » كما كان من المقربين إلى رئيس الحمهورية التركية » فقرّرت أن 
أزوره وأستطلع رأيه في موضوع بقائي وعدمه . وما تمت المقابلة بيي وبينه 
قلت له: اني أفكر بالذهاب إلى إيطالية مع كامل الكيلاني » وعائلة أخيه 
رشيد عالي » فهل لدى السلطات التركية ما بمنعنا من ذلك ؟ فكان جوابه : 
لا يوجد أي مانع من هذا القبيل » واننا إذا قررنا الرحيل فسيطلب إلى دوائر 
البوليس أن تمنحنا تأشير جواز السفر . فلما ضمنت هذه الموافقة شرعت في 
بيأة عدة السفر » كما شرع في إعداد عداته كل من كامل الكبلاني وعائلته » 
وسامي سعد الدين وعائلته » وعائلة رشيد عالي وشقيقها جزمي » وحكمت 
سامي سليمان » شقيق زوجة سامي سعد الدين » وفي أواسط شباط غادرنا 
اسطنبول بالقطار سمبلون ني قاطرتين ( واغونين ) أعدا لنا بصورة خاصة , 
وقد تركت عائلي وأولادي في اسطنبول لدى أخي الدكتور صائب شوكت » 
في الشقة الي كنت وإياه قد استأجرناها سوية. وكان السبب في ترك العائلة 
والأولاد » التحاق ولدي طلال بكلية الطب الملكية في اسطنبول » وحرصي 
على تجنيب زوجي آلام الغربة والمستقبل المجهول » ولا سيما بعد أن ارتكب 
أدولف هتلر أعظم خطأ في حياته بإعلانه الحرب على روسية السوفياتية . 
وبمناسبة التحاق ولدي طلال بكلية الطب التركية » أرى أن أشير الى 
الصعوبات الي لاقيتها في سبيل دخوله هذا . فمديرية الصحة العامة في بغداد 
أب تأن تزودنا بوثيقة تؤيدكون ولديطلال أحد طلاب الكلية الطبية في بغداد» 
على الرغم من توسط المعارف والاصدقاء » وعلى الرغم من انه كان أحد 
طلابها فعلا” » لان المديرية المذ كور ة كانت محشى أن تفسير غضب عبد الاله 
عليها » فيما لو سمحت باعطاء الشهادة المذكورة . فيا لحا من سفالة وحطة 
أخلاق . وقد كان موقف الكلية الطبية في اسطنيول نبيلا” وشريفاً فقد وافقت 
على قبول ولدي في الصف الثاني من الكلية » مكتفية بشهادة أخي الدكتور 


صائب » وبوساطة الدكتور خليل سزاني الحراح الذي كان قد داوى جروحي 
في بغداد » إذ كان طبيباً في المستشفى العسكري في الحرب العالمية الاولى فكان 
جميلا” لن أنساه . 

بعد مغادرتنا اسطنبول توقفنا في صوفيا عاصمة بلغاريا يومين » وفي 
بوذابست عاصمة المجر نحو اسبوع , ثم تابعنا المسير فبلغنا روما في آخر يوم 
من شباط ١1547‏ وكان ي استقبالنا كل من رشيد عالي » والمفي الحسيبي . 
وكانت الحكومة الايطالية قد وضعت نحت نصرف كل من المفني الحسيي 
ورشيد الكيلاني داراً في احدى ضواحي روما » وكانت الداران متقابلتين في 
شارع واحد كما كانتا قريبتين من ( فيلا ) الانسة كلارايتيا نجي عشيقة السنيور 
موسوليي المشهورة الي أبت أن ترك عاشقها في أواخر أيامه وحيداً فرافقته 
عند هربه من قصره في شمالي ايطالية الى سويسرا بقصد الالتجاء » بعد ان قرر 
القائد الالماني في شمالي ايطالية الاستسلام مع جيشه في نيسان من عام ١448‏ . 
ويشاء القدر أن تلحق احدى مفارز جيش الميليشيا الايطالي بالعشيقين » وان 
تتعرف على موسوليي الذي كان متنكراً بزي أحد الحنود » فأطلقت النار عليه 
فاحتضنته عشيقته لدرء ا حطر عنه » ولكن الرصاص الذي أطلقه ضابط المفرزة 
كان قد مزق جسدي اهار بين معاً فكان وفاء نادراً» وكانت العشيقة كلارا لاتزال 
في الثلائين من عمرها . وان قائد المفرزة لم يكتف بهذا القتل فنقل الحثتين الى 
ميلانو » حيث علقتا من الارجل على عمود الكهرباء » فكانت أبشع معاملة 
يعامل بها زعيم من قبل شعبه « وسأنحدث فيما بعدكيف ان الباري جل" جلاله 
أنقذني من موت أكيد لاني رفضت الالتحاق بموسوليني حين قرر الحرب الى 
سويسرا ) . 

كنت فضلت الاقامة في أحد الفنادق المشهورة يوم وصلت روما لاني كنت 
وحيداً بعد أن تركت العائلة في اسطنبول . فقد خصصت لي دائرة مستقلة في 
فندق أمباسادور الواقع على شارع وينتو المشهور في روما » وكنت أتزاور مع 
رشيد والمفني في معظم أيام الاسبوع . وفي حفلة خاصة أقيمت في فندق 


ةهم١‎ 


كر ائد اوتيل في الثاني من أيار 14417 بمناسبة مرور عام على الحرب العرافية ‏ 
الانكليزية » تكلم كل من رشيد والمفني بعض الكلمات الي أذيعت من محطة 
الاذاعة الايطالية . وني الحامس من هذا الشهر سمعنا نبأ تنفيذ احكام الاعدام 
في العقيدين : فهمي سعيد » ومحمود سلمان » وفي الوزير يونس السبعاوي . 
م أطلعنا على الاحكام الوجاهية الي صدرت بحق الآخرين. فقد أبدل حكم 
الاعدام الغياني الصادر بحق علي محمود الشيخ علي الى السجن الشديد لمدة سبع 
سنوات » والذي صدر بحكم وكيل رئيس أركان الحيش محمد أمين زكي الى 
السجن لمدة خمس سنوات . وبعد أن قضينا في روما شهري آذار ونيسان » 
تقرر السفر الى برلين فتركنا روما في الحادي عشر من أيار ١9447‏ بقطار 
خاص » وعند وصولنا برلينانتق لكل من رشيد والمفتي الى الدار الي معت 
لهما » وأقمت أنا في الدائرة الخاصة المعينة لي في أوتيل آدلون » وتوزع الباقون 
الذين جاءوا من اسطنبول الى روما . ولم تدم اقامتي أنا في برلين أكثر من 
خمسة أسابيع فقد فضلت العودة الى روما لأسباب يطول شرحهاء علما بأني 
لا أرى بأسآ من ذكر أهم هذه الاسباب : 


أولاة - بدأ التنافس على الزعامة الاولوية بين رشيد عالي والمفي الحسيي » 
وأصبح المنتمون الى كل من هذين الزعيمين يكيل الشتم والنعوت البذيئة 
أحدهما الى الآخر . كانت جماعة المي مكونة من أبناء فلسطين وسورية 
ومصر » وكان لبعض هؤلاء ماض معروف ومقام مرموق » وهم وزمهم 
في بلادهم وبين ذويهم » بينما كان العراقيون ملتفين حول رشيد عالي ؛ 
وكان فيهم المثقف والسياسي والاديب » وكان على رأس هؤلاء كامل 
الكيلاني » شقيق رشيد عالي الكيلاني . وقد دلت الحوادث على أن كاملا” 
هذا كان السبب في كل ما ساد بين رشيد والممي من سوء تفاهم » وتزاحم 
امتد الى أعوان الطرفين . وكانت جماعة كل من الزعيمين المتنافسين 
تنقل الى زعيمها الطعون ونحوها » وكان أصحاب رشيد يقولون عن 


6_5 


لمفني : انه لم يكن أكثر من لاجيء سياسيي في العراق» وانه لم يكن 
له حول ولا قوة في كل ما جرى . وقد وصلت هذه المنافسات الى حد 
نحريض المذيع يونس بحري على أن بمس كرامة المفي » وبحط من مقامه» 
بماكان يذيعه من محطة الاذاعة » الامر الذي اضطر المي أو جماعته أن 
يطلبوا ايقافه عند حداه » فكفمت الحكومة الالمانية يده عن الاذاعة 
وأبعدته من برلين الى ميونيخ . أما جماعة المي فكانت تشيد بفضله 
وجهاده » و بمواقفه الوطنية والقومية من دون أن باجم رشيداً أو تكيل 
التهم اليه . 
كانت اتصالات رشيد عالي مع وزارة الحارجية الالمانية نحري عن طريق 
( غروبا ) ووساطته . بينماكانت اتصالات المفي نحري مع قيادة الحيش 
الالماني مضافاً الى بعض اتصالاته مع وزارة الحارجية . 

ثانياً كانت القيادة العسكرية الالمانية قد جمعت لفيفاً من الشباب العرني » من 
المتطوعين لتأليف فرقة عسكرية عربية يقودها أحد ال يئر الات الالمان » 
وقد اتخذت من اليونان مقراً لها . وفي صباح أحد أيام حزيران ١447‏ 
( لا أتذكره ) أخبر في سكرتير الفندق الذي كنت أقيم فيه » ان رشيداً 
والمفني يننظراني في صالة الاستقبال » وانهما يودان مقابلي » فذهبت 
إليهما حالا” » واذا بهما يقدمان إلي وثيقة بشروط الاستخدام في الفرقة » 
موضوعة البحث » وكان من بين هذه الشروط أن يكون لباس المتطوعين 
شبيهاً بلباس الحنود الالمان على أن توضع علامة خاصة على الاكتاف 
مكونة من أربعة ألوان هي ألوان العلم العربي » وأن يؤدي كل متطوع 
بمين الولاء للقضية العربية » والاخلاص للزعيم هتار. وقد سألاني رأبي 
في هذه الوثيقة وشروطها » فقلت هما ان الشروط من حي ْالعموم صا حة 
إلا إجبار المتطوعين على اداء مين اللاخلاص لازعيم أدولف هتلر : ولم 
مض على هذه المقابلة أكثر من ثلاثة أيام حتى زارني السيد فوزي 
القاووقجي وقال لي : انه كصديق لي بريد أن يخبرني عن أمر هام بخصي 


م.ه 


شخصياً . وأضاف الى ذلك قوله : ان أحد ضباط الاستخبارات الالمانية 
في جيش !!(اس . اس ) زاره وأخبره ان القيادة العسكرية الالمانية قد 
علمت ان ناجي شوكت لا يوافق على أن يودي العرب المتطوعون ني 
الفرقة العربية يمين الاخلاص للفوهرر . ثم نصحي القاووقجي أن أكف 
عن هذه المعارضة » لاني سأعرض نفسي الى خخطر النفي أو الاعتقال اذا 
بقيت هكذا . فشكرت الرجل على هذا الاخبار وقلت له : هذا الرأي 
الذي أبديته لم يطلع عليه غير رشيد والمفني فهل بمكن أن يكون أحدهما 
قد نقله الى الحهات الي تذكرها ؟ اني لا أتصور ان أحد الرجلين يمكن 
أن يقوم بهذا الاخبار » والذي يتبادر الى ذهبي ان رشيداً قد يكون أخبر 
كاملا" أخاه بما جرى فنقل الحبر هذا ١‏ الكامل » لأنه كان منز عجاً من 
تمسكي بمصادقة المفبي فأراد الوقيعة بي . وقد تلفنت الى غروباً في نفس 
البوم اطلب اليه أن يقابلني في دائرتي في الفندق لأمر هام » فلما حضر » 
نقلت اليه ما سمعته من فوزي القاووقجي من دون أن أذكر اسمه ‏ 
وأضفت الى ذلك اني عارضت أن يؤدي العرني بمين الاخلاص لرئيس 
دولة أجنبية » حى وان كانت هله الدولة صديقة وحليفة . ثم قلت 
لغروبا : اذاكانت الاستخبارات الالمانية تريد اعتقالي لهذا السبب فليكن 
ها ما تريد » ولكنك تعلم جيداً بأني كنت أول مسؤول عراتي اتصل 
باحكومة الالمانية عن طريق سفير ها في اسطنبول الفون بابن » وافي لست 
عدواً لكم . ولكي كصديق صادق» وقد اقتنعت بأن مصلحة بلادي 
تقضي أن تكون صديقة لالمانية » وعليك الان أن تبلغ من تراه مسن 
رؤسائك بأني قررت مغادرة الاراضي الالمانية في أول فرصة الى بلد 
محايد آخر . وقد دهش غروبا من هذه المفاجأة » ورجاني أن أتريّث 
ولا أستعجل الامور » وانه سيعمل كل ما وسعه حتى لا تتكرر مثل هذه 
الامور المؤسفة » ولكبي أكدت عليه بأني مصمم على ترك المانية بصورة 
نبائية » م صرت أفكر في الحهة الي اختارها فهل أعود الى اسطنبول ؟ 


6 


إن هذا غير صحيح وغير مجحد. 

أما السفر الى بودابست عاصمة المجر » فحيث ان المجر صديقة لالمانية » 
فان ذهاني اليها لا يغير من وضعي شيئاً » فلم يبق إلا" السفر الى روما . 
ولكني قبل أن أبت فيه اتفق أن أقام سفير ايطاليا في برلين حفلة عشاء 
حضرها رشيد والمفي » وكنت أنا من بين المدعوين » فلما فرغنا من 
تناول الطعام اقرب صاحب الدعوة مي وقال : انه سمع بأني متزعج 
من البقاء في المانيا لأسباب مختلفة » واني أفكر في السفر الى بلد آخر . 
وانه نقل ما سمعه الى وزارة ا لحارجية الايطالية فتلقى تغليمات منها بأن 
أطلب إليكم التوجه الى روما على الرحب والسعة » حيث تقيمون فيها 
معز ز'ين مك رامين . فلم أتردد في قبول .هذه الدعوة الكريمة مع مزيد من 
الشكر والامتنان . وعلى الرغم من معارضة رشيد عالي لسفري وترضية 
غروبا لي » فقد غادرت برلين بعد اسبوع واحد من ذلك » وكان في 
في المحطة سماحة المي ولفيف من أتباعه » ورشيد عالي مع بعض 
العراقيين » وكذلك كان فيها غروبا موفداً من قبل وزارة الحارجية 
الالمانية . وقد شكرت المودعين كافة على عواطفهم النبيلة نجاهي . 
وبلغت روما في السابع عشر من حزيران ١947‏ حوالي منتصف الليل » 
فوجدت ف انتظاري بالمحطة كلا" من سفير ايطاليا السابق في بغداد السنيور 
غبريه لي وملليي » الذي كان مديراً عاماً في وزارة الحارجية الايطالية 
يومئذ » فأوصلاني الى فندق امباسادور وأنزلاني في الدائرة التي خصصت 
لي فيه » وتمنيا لي اقامة طيبة في ايطالية بامم الحكومة الايطالية . 

وبعد وصولي الى روما بمدة قصيرة » وصل اليها الدكتور محمد حسن 
سلمان هارباً من جو برلين الحانق» والمشحون بتنافس الزعيمين العربيين : 
رشيد عالي واللفي الحسيي على الزعامة والاولوية » وكان من رأي الدكتور 
أن يبقى محايداً مثلي . وني أواخر آب 1447 عاد الى روماكل من رشيد 


6٠06© 


والممي » ونزلا في الدور المعدة لهما من قبل . 

وكانت الحكومتان : الالمانية والايطالية قد خصصت لكل منهما مبالغ 

كبيرة وضعت نحت تصرفه لتصرف من قبلهما على أتباعهما » وعلى 

العرب الموجودين في أوربا . وقد وضعت البالغ الي نحت تصرف رشيد 

عالي باسم الحكومة العراقية » بينما وضعت الي نحت تصرف المفي 

الحسيي باسمه » فكانت لبقية العرب من سوريين وفلسطينيين ومصريين 

وغيرهم . وببذه الطريقة أمنت عدم اتصال العرب مباشرة بالحكومتين 

وطلب المعونة المالية منهما . 
الهيأة العربية العليا : 

اقتر حت الكومتان : الالمانية والأيطالية تأليف هيأة عر بية عليا تتولى الاشراف 
على ادارة البلاد العربية » عند احتلالها من قبل الحيشين : الالماني والايطالي ؛ 
حى يتم تأليف حكومات وطنية مستقرة في هاتيك البلاد ٠‏ مع الأعتراف 
بوضع خاص للعراق هو ان حكومته ما تزال قائمة ومعئرف بها . وكانت النية 
متجهة الى أن تؤلف هذه الميأة العليا من السيدين رشيد عالي ومحمد أمين 
الحسيي » ومن الوزيرين العراقيين : ناجي شوكت ومحمد حسن سلمان » 
وشخصين آخرين يختارهما المي » أحدهما سوري والآخر فلسطيني » على 
أن ينضم إلى هذه الحبأة العليا بالتدريج رجال السياسة البارزون من سائر البلدان 
العربية » وقد ذكرت أسماء الامير عادل ارسلان » والعميد الركن طه 
الهاشمي » وحكمت سليمان » ومزاحم أمين الباجهجي الي كان في أوربا 
يومئذ . وقد جرت فعلا” مراسلات واتصالات بين الذوات المشار إليهم . 
ولكن الذي يؤسف له ان التفكير في تأليف هذه الهيأة أدى الى ازدياد التنافس 
بين رشيد عالي والمفي الحسيي . وكان هذا التنافس منصباً على الرئاسة وهل 
تكون لرشيد أو للمفبي ؟ فاقئرحت أن لا تكون هناك رئاسة دامية بل يكون 
لكل اجتماع دوري رئيس » وأن يكون للهيأة سكرتير دام ينظم الاجتماعات 


كه 


واقئرحت اسم الدكتور محمد حسن سلمان لمنصب السكرتارية . وقد بذلت 
جهداً صادقاً لاقناع الطرفين بايحاد طريقة للتفاهم » ولكن جهودي باءت 
بالفشل » حتى صار رشيد عالي يعتقد بأني أميل الى جانب المي » وأحاول 
الابتعاد عنه . وفيما كانت المنافسة على أشدها قال لي السنيور مليي : ان أمركم 
لعجيب أيها العرب» فعندما أراد الانكليز أن يفرقوا شملكم اتفقتم فيما بينكم 
عليهم . ونحن نريد منكم الآن أن نتفقوا على خطة معينة لصالح أمنكم 
وبلادكم ولكنكم تأبون إلا" التفرق . وكانت النتيجة ان الهيأة العليا لم تؤلف » 
وان فكرة تكوينها مانت . 
مغادرة رشيد عالي لروما : 

لم تستغرق إقامة رشيد عالي في روما مدة طويلة » فقد غادرها بصورة 
بائية في أواخر شهر أيلول 147١م‏ . فبعد فشل تأليف اليأة العربية العايا 
المقتر حة » “ازدادت إساءات العراقيين الضالعين في ركاب كامل الكيلاني إلى 
فجي الحسيني » وأخذوا يدّعون مرة أخرى بأن المفي لم يكن إلا" لاجثاً سياسياً 
في بغداد » أو انه لم يكن له أي دور في كل ما جرى في العراق أثناء مكوثه فيه؛ 
حبى تركه بغداد هارباً إلى إيران . وقد فات هولاء المغفلين بأن مثل هذه 
الدعايات لا يمكن أن تنطلي على أقطاب الحكومة الإيطالية » لآن الوزيرالمفوّض 
والمفوضية الإيطالية في بغداد كانتا على علم بالصغيرة والكبيرة من حقائق 
الأمور » وكانا يزودان حكومتهما بكل الأمور حتى أواخر أيار من عام١ ١54‏ 
ومن الغريب أن يبلغ التنافس حداً أن" رشيد عالي صار يتكر أمر اللجنة السرية 
الي سعى الفني إلى تأليفها في العراق في شباط من عام ١154م‏ » وينكر 
اليمين الي أداها أعضاء اللجنة » مما سأعود إلى ذكره في الصفحات الآتية » 
بعد أن أذكر الآن حادثين غريبين ومؤسفين حدثا قبل أن يغادر رشيد عالي 
روما إلى برلين بصورة نمائية» وهو غاضب غضباً شديداً على المفني وجماعته » 
وعلى الحكومة الإيطالية نفسها » وعلى الناس أجمعين . 


مه٠ا/‎ 


وأول الحادئين هو أن السنيور ملليبي دعاني وبعض الأصدقاء العرب 
والطليان إلى تناول طعام العشاء » و عمضية السهرة في مطعم إيطالي قديم مشهور 
بأكلاته الشعبية و بموسيقاه الوطنية » وذلك بمناسبة أحد الأعياد الوطنيةالإيطالية. 
وفيما كان الحديث الودي يدور حول الأعياد الوطنية » وأهميتها بالنسبة إلى 
الشعوب ٠»‏ سألي ملليني عما إذا كنت أرى من المناسب أن أبرق برقية مهنثةإلى 
موسوليني بهذه المناسبة » فرحبت بالاقتراح » وأعددت البرقية المناسبة حالا". 
وقد ضمنت برقيي التهنئة والتمنيات الطيبة له وللشعب الإيطالي » ودوام 
الصداقة بين العراق وإيطالية . وبعد يومين تلميت برقية جوابية بتوقيع موسوليبي 
نفسه يشكرني فيها على شعوري » ويتمى لي الإقامة الطيبة في روما . 
حدث هذا يوم كان رشيد عالي في برلين قبل أن يأني الى روما . وكنت قد 
نسيت البرقية وجوابها على أساس انها ليست من الأمور المهمة الي تبقى 
عالقة بالذهن » فلما جاء رشيد إلى روما - بعد حادثة البرقية بنحو ثلائة 
أسابيع ‏ سألي عما إذا كنت قد أبرقت برقية نمنثة إلى موسوليي وأخذت 
الحواب عليها ؟ فلما أجبته بالإيجاب قال لي : هل يجوز صدور مثل هلهالبرقية 
في الوقت الذي أنا رئيس الوزراء المعترّف به والممثل الرسمي للعراق المقيم في 
أوربا ؟ 'فسألته عما إذا كان لديه شي ء آخر يقوله في هذا الموضوع؟ فأجاب : 
لا بحق لأحد أن يقوم بمثل هذه الأعمال بوجودي » ولا سيما وأنت وزير في 
وزارتي . وعند هذا الحد بلغ بي الغضب منتهاه فأجبته : أولا” اني لست وزيراً 
الآن عندك لأني كنت قد استقلت من منصبي الوزاري قبل أن أغادر بغداد . 
وثانياً اني أشغلت منصب رئيس الوزراء قبل أن تشغله أنت . وثالثاً اني أبرقت 
البرقية » موضوعة الع ؛ بصفي الشخصية » وبصفي رئيس وزراءسابق» 
وقد أقدمت على عملي هذا من قبيل المجاملة لأني ضيف الحكومة الإيطالية : 
وأضفت إلى ذلك قولي : ألا يكفيك التنافس مع المي على الصدارة حنى 


ممه 


:وجهت إلي بهذا العتاب ؟ مع أني لم أنافسك » وان عليك أن تتخلص من عقدة 
حب التفوّق » وئتذكر الماضي والأحاديث الي جرت فيما بيننا » يوم كنا في 
سطنبول » حين سردك بكر صدتي . وعلى هذا فسوف لن تراني بعد اليوم . 
لت هذا وخرجت من الدار فوراً ول أره بعد ذلك إلا" مرة واحدة عندما 
جاء ليودعبي ويستر ضيي قبل عودته إلى برلين » حنى كان اجتماعنا في بغداد 
عد مضي نحو ستة عشرة سنة حين أطاحت ثورة 14 تموز 1488م برجال 
لحكم الملكي في العراق . 

وقد علمت أن" رشيد عالي ‏ قبل أن يغادر روما بصورة نبائية ‏ أظهر 
حكومة الإيطالية عدم ارتياحه الجواب موسوليي على برقية التهنئة الي كانهو 
د وجهها إليه » فقد كان الحواب يحمل توقيع الكونت شيانو وزير خخارجية 
بطالية وليس توقيع الدوتشي نفسه » في حين أن الحواب الذي تلقيته أنا كان 
نوقيع موسوليي نفسه . كما علمت أن الوزارة الإيطالية ردت على اعتراض 
شيد عالي : بأن موسوليي كان غائباً عن روما <بن وصلت برقيته » ولأجل 
ن لا يتأخر الرد عليها كان توقيع الحواب باسم وزير الحارجية الإيطالية 
كونت شيانو . 

أما الحادث الثاني الذي وددت التحداث عنه في هذه المذكرات فهو نهديد 
نزمي مراد سلمان لي » والقصة هي كالآتي  :‏ 

إن حكمت سليمان هو عم والدتي ؛ وان زوجة رشيد عالي هي بنت 
راد سليمان » شقيق حكمت سليمان » أي أن رشيد عالي هو زوج بنت عم 
ي . ولمراد بك ولد هو جزمي » أي أن حكمت سليمان هو عم جزمي مراد 
ليمان » وان رشيد عالي هو زوج أخت جزمي » وكان حكمت سليمان هو 
ذي توسط لدى أخخيه مراد ليزوج كريكته من رشيد عالي في عام ١197م‏ ؛ 
د تعراف حكمت على رشيد يوم كان حكمت عميداً لكلية الحقوق » وكان 
شيد عالي أحد تلامذة هذه الكلية البارزين . ولما نيطت به - أي بحكمت - 
كالة مديرية الأوقاف . خلال الحرب العالمية الأولى » عين رشيد كاتباً أول 


4ه 


في المديرية المذكورة . 

بينما كنت في أواسط أيلول 147١م‏ أستمع إلى الراديو في غرفي بفندق 
الامباسادور في روماء تلفن لي بواب الفندق أن شاباً يدعىمسيو جزمي سليمان 
يريد مقابلي ؛ فقات للبواب : إرسله مع أحد الخدم ليوصله إلي" » فلما دخل 
علي جزمي » وجدته يبر نح من آثار السكرء ومن دون أن بجحلس خاطبي قائلاة 
انه مرسل من قبل العراقيين الموجودين في روما ليطلب باسمهم قطع كل علاقة 
لي بالمفي الحسيي . فلم أتمالك نفسي فنهرته قائلا : أنا أعرف من أرسالك ! 
لم يرسلك العراقيون بل أرسلك زوج أختك ( وأقصد به كامل الكيلاني شقيق 
رشيد وعديله ) أنت جئت تهدادني . أنسيت أنك كنت في يوم من الأيام تريد 
أن تقتل زوج أختك الأولى رشيد عالي ؟ يوم سيق مك حكمت سليمان إلى 
الديوان العرفي العسكري في نيسان 1914م من قبل نوري السعيد بموافقة رشيد 
نفسه وحكم عليه بالإعدام ؟ أنسيت كيف أن الشرطي الموكل بحراسة دار 
رشيد عالي أوقفك في إحدى الليالي من عام 1914م عندما هممت في الدخول 
إلى دار رشيد لتقتله وكان موقفي من قضية توقيفك ما تعلمه ؟ والان جئت 
إلي مهد”داً ؟ إذهب إلى من أرسلك » و بلّغه بأن المفني صديق عزيز » ووطني 
مخاص » وزعيم عربي » واني سأبقى صديقاً مخلصاً له . 

لا سمع المي هذه الحادثة زارني في دائرتي » وأظهر شديد أسفه لماحدث؛ 
وأعرب عن استعداده للطلب من وزارة الحارجية الإيطالية إبعاد جزمي عن 
روماء فرفضت عرضه شاكراً » وقلت له : كفانا ما نشرناه من غسيل 
وسخ أمام الغرباء . 
اللجنة السرية ونفي وجودها : 

لل أعربت الحكومتان : الألمانية والإيطالية عن رغبتهما في تأليف الهيأة 
العربية العليا » على نحو ما شرحته من قبل » تطرق حديي إلى اللجنة السرية 
الي تألفت في بغداد برئاسة المي الحسيي » وعضوية كل من رشيد عالي 


ه٠‎ 


وناجي شوكت » ويونس السبعاوي » والعقداء : صلاح الدين الصباغ 5 
وفهني تعيد © وحمود سلمان » وكيف أن" رشيداً أنكر في روما وجود مثل 
هذه اللجنة عندم اخنتدل” التوتر بين المفي وبين رشيد إذ لم يبق شيء يسيء إلى 
اللني إلا" ونسب إليه من قبل أنصار رشيد وجماعته . وبعد أن تيقئن المفني 
أن" رشيداً ما يزال ينكر وجود مثل هذه اللجنة » وأنه يصر على عدم وجود 
أي علم له بها » ولم يشئرك فيها » اضطر المفي إلى كشف الستار عن الحقيقة 
فزارني في محلي وطلب إل" -#نصفة كوني أحد المشتركين في هذه اللجنةالسرية ‏ 
أن أكتب إليه حقيقة أمر اللجنة ؛ وأسماء المشتركين فيها واليمين الذي أدوه 
لتأبيدها فتبادل بيني وبينه هذان الحطابان : 

حضرة صاحب الفخامة الأخ ناجي بك شوكت المحثر م 

لأسباب. تتعلق بالقضية العربية » أرجو منكم » بما عرفتم به من الصراحة 
والصدق ني جميع أدوار حياتكم » أن تتفضلوا بإجابتي على ما بلي : 

هل تذكرون في اجتماعنا المنعقد في منزلي في شارع الزهاوي ببغداد في 
شباط 1447م أنه حضر ذلك الاجتماع » عدا حضرتكم » كل من السادة : 
رشيد عالي الكيلاني » وصلاح الدين الصباغ » والمرحومين يونس السبعاوي » 
وفهمي سعيد » ومحمود سلمان » وأنا » وهل تتذكرون أنني عرضت على 
للع يو ع اج ل يده على 
ا و ا ا يي و حر ا 

ها ولبرنامجها وللمنتسبين إليها مدى الحياة ؟ كما أو قسم الجميع نفس القسم » 
وانه دفع الحرب ل ذلك الاجتاع تلم مان فير جرال ليد لي . وان 
الاجتماعاتلهذه التشكيلات الحزبية توالت بعد ذلك » وان كل الشوون اهامّة 
المتعلقة بالحزٍ » بما فيه شوون الحكومة العراقية » كانت تقرر في هذه 
الاجتماعات » وانه تقرر أن يتخذ كل منا.اسمآ غير. اسمه الحقيقي ليعرّف به 
في التشكيلات السرية . وقد اختار كل منا اسم جد من أجداده » فكان اسم 


ألما 


كل واحد كما يلي : 
ناجي شوكت : أحمد - وصلاح الدين الصباغ : رضوان - ورشيد 
عالي الكيلاني : عبد العزيز - ويونس السبعاوي : فرهود ‏ وفهمي سعيد : 
نجم ‏ ومحمود سلمان : فارس - واسمي أنا : مصطفى . 
وهل تذكرون أن كتلة الحيش العراقي وكذلك الشبيبة كانوا مرتبطين بهذه 
التشكيلات ومن الذي ربط كتلة االحيش مبذه الهيئة ؟ 
وتفضلوا بقبول فائق التحية والاحتر ام . 
أيلول 1947م الإمضاء - محمد أمين الحسيبي 
حضرة صاحب السماحة الأخ أمين الحسيبي المحتر م 
جواب كتاب سماحتكم المؤرخ 58 أيلول 1947م : إنني أتذكر جميع 
ما جاء في ذلك الكتاب على النحو الذي ذكر فيه . وقد حضرت الاجتماع الذي 
عد بي منزلكم قُ شارع الزهاوي ببغداد في شهر شباط ١1م‏ . والذي 
حضره أيضاً كل من السادة : رشيد عالي الكيلاني » وصلاح الدين الصباغ » 
والمرحومين : يونس السبعاوي » وفهمي سعيد » ومحمود سلمان » وأتذ كر 
جيدا أنكم عرض فيه نص القسم المقرر في تشكيلاتنا الحزبية السرية مع رشيد 
عالي بك الكيلاني؛ فوضع يده على المصحف الشريف ٠»‏ وأقسم على الاتخراط 
في هذه التشكيلات والإخلاص ا ولبرنامجها » وللمنتسبين إليها مدى الحياة » 
كما أنني وأنم جميعاً أقسمنا عين القسم » وانه دفع للحزب ني ذلك الاجتماع 
مبلغ مائة دينار عرائي سلمه إليكم » وان الاجتماعات هذه التشكيلات الحز بية 
توالت بعد ذلك » وان كل الشؤون اللمتعلّقة بالحزب » با فيه شوون الحكومة 
العراقية » كانت تقرّر في هذه الاجتماعات » وانه تقرر أن يتخذ كل منا اسماً 
غير اسمه الحقيقي » فكان إسم كل واحد كما يلي : 
أمين الحسيي : مصطفى ورشيد عالي الكيلاني : عبد العزير . 


"اه 


وصلاح الدين الصباغ : رضوان - ويونس السبعاوي : فرهود - وفهمي 
بتعيكة: جم - ومحمود سلمان : فارس - وإسمي أنا أحمك:. 

وأتذكتر أن كتلة الحيش العراتي » وكذلك تشكيلات الشبيبة » كانت 
مرتبطة هذه التشكيلات ٠‏ وانكم كثم العامل الأول في ربط كتلة االحيش 
هذه اليئة . 

وتفضلوا يا صاحب السماحة بقبول حياني واحيراماني الحالصة . 

٠‏ أيلول سنة 1947م الإمضاء ‏ ناجي شوكت 


وتما يوْسّف له أن الصراع بين رشيد والمفي لم ينته في ديار الغربة » 
فقد تحدأد بعد مرور نحو خمس عشرة سنة حيث انتقلا إلى مصر . إذ نشرت 
جريدة «وأخبار اليوم » المصرية 5 عددها الصادر ي "١‏ آب /اهوام برقم 
8 » قسماً من وثائق هتلر الخاصة باتصالاته بالعرب » والأدوار الي لعبها 
بعض الساسة العرب » ولا سيما عن اتصال صاحب هذه الذكريات بالفودبابن 
سفير الألمان في تركية . وقد جاء في هذه الوثائق ما يشير إلى تأليف الهيأة السرية 
- موضوعة البحث - . ومضت جريدة الأخبار المذكورة في نششر هذه الوثائق 
حى فاجأت قرالها بالكتاب الذي كان المفني قد وجتهه إلي حول اللجنة 
المذكورة وكذا جوابي عليه » وقد اتصلت الحريدة برشيد عالي وسآلته رأيه 
في هذين الكتابين فإذا به يقول أن دهشته كانت عظيمة حين قرأ خبر تأليف 
هذه اللجنة السرية » وسبق تعاو نه معها . فادعى بأنه لم يسبق له أيعلم بتكوان 
هذه اللجنة » وأن ما جاء بكتاب السيد ناجي شوكت حقيقته أن وزير المجر 
المفوض » وصديق ناجي شوكت » كان قد دعاه إلى دار السفارة فوجد ناجي 
بعض المسوولين الألمان فيها فجرى حديث ودي عن العلاقات بين ألمانيا 
والعراق ولم يصدر أي بيان » ولم يكتب أي اتفاق » وأضاف رشيد إلى مائقد"م 
قوله : إني أود” أن أشير إلى أن" السيد أمين الحسيني مفتي فلسطين كان لاجناً 
بالعراق من 1948 إلى ١144م‏ وإذا جريدة « أخبار اليوم » تنشر في عددها 


د سيراة وذكريات (70) 


4 الصادر في ؟ أيلول 1981م حديثاً للمفتى يقول فيه : ان ما جاء فى 
مذ كرات هتلر صحيح إلى درجة كبيرة» وإذا كانت ذاكرة السيد الكيلاني قد 
خانته فأنا مستعد لتذكيره. وقد رد رشيد عالي على تصريح المفتي في حديث 
آخر قال فيه: انه لم يقبل العمل نحت رئاسة مفبي فلسطين السابق لآنه لا يثق به . 

وبمناسبة البحث هرة أخرى في موضوع اللجنة السرية » وتأييد أو نفي 
وجودفا» ودوت مالكل يا بل ره عر عدو للجلا وو اللي مان 18 
من مذكرات صلاح الدين الصباغ » وأترك للقارىء أن يحكم بنفسه ٠١‏ إذا 
كانت اللجنة موجودة وقائمة في الحقيقة » كما يقول المفى » أو انها كانت من 
8 من كتاب « فرسان العروبة في العراق ) للصباغ : 

دي الوم اكامق والغشرين من شهر شباط عام ١94١م‏ اجتمع السادة : 
مصطفى . وعبد العزيز ؛ وأحمد : ورضوان » وفرهود » وجاسي ؛ وفارس 
وهذه اميا مستعارة لكرام لعمين بو سعي الان أن أذ كر أسماءهم ٠‏ طممكانة 
سامية بين أرباب القوة الإجرائية والسياسية في العراق وفلسطين وسورية » 
ولهم ارتباط وثيق ببائي الوطنيين هن أحرار العرب في تلك الأقطار » والذين 
يرتبط معهم الحاشمي ( يعني طه الهاشمي ) بعهد وميثاق . أما العمدة وموضوع 
الثقة فكان مصطفى ( يعبي المفي ) وقد ارتبط الحيش به منذ بضع سنين : 
وهو الذي كفل عبد العزيز ( يعبي رشيد عالي ) وربط به الحيش ٠»‏ وكاذقسم 
عظيم تلاه كل واحد من المجتمعين جهراً » يعاهد الله على أن يجعل من “مون 
القسَسم نبر اساً يسير على هديه قي كل تدمرفاته » وأن يعمل بكل ما أوتي من 
قوة لإنقاذ البلاد العربية » وأن ينبذ الحلافات الناشئة عن الأآنانية والحزازات 
الشخصية . وأن يكون مصطفى ناظماً لنا » ووئيساً مطاعاً » اه . 


إصابي بفقر الدم : ٠‏ 
نعود الآن الى الاستمرار في تدوين ما جرى لي شخصياً » وما صادفته 


5ه 


من أحداث خخطيرة وهامة في روما حتى.يوم مغادرني اياها مضطراً في ١6‏ آب ٠‏ 
1944 . 


أصبت بمرض فقر الدم » وأنا في روماء وما ليثت ان ابتليت بمرض 
الكل أيضاً . وكان سبب اصابي بفقر الدم هو ان استمرار الحرب لمدة طويلة ؛ 
واضطرار السلطات العسكرية الى تزويد جنودها بالطعام في محختلف ميادين 
القتال » جعلا المدن تعاني من نقص ف المواد الغذائية وانعدام أنواع كثيرة منها. 
فقدكان اللحم في مطعم الفندق الذي كنت أقيم فيه لا يقدم ألا" مرة واحدة في 
الاسبوع » وكانت وجبات الطعام تقتصر على الرز والمقرنة المسلوقة والفاصولية 
اليابسة وكذا البطاطا مع قليل من الحمار البحري » والاسماك الصغيرة » واحياناً 
لحم الأرانب المحفوظ ني العلب » ولما قيل لي ان هذا اللحم المعلب يشبه الحم 
القطط » عافته نفسي ولم أعد أطيق رؤيته على المائدة . أما البيض فقد كان 
معدماً» وأما الحليب فكان يقدام قليلا" مع فنجان مسحوق الشعير المحمص 
مضافاً اليه الكافائين ليقال عنه اندقهوة . أما الحبز فكان خليطاً مسن حبوب 
مختلفة » وكانت كية الحنطة فيها لا تنجاوز 551 في المئة » وكان لون اللحبز 
ترابي . ولكن الاهم من ذلك كله هو فقدان الملح في الطعام . أما السكائر فكان 
في الامكان الحصول على مقدار منها . وكان الطعام في برلين » خلال المدة الي 
أقمت فيها » أردأ وأقل من الناحية الغذائية والضرورية . ولهذه الاسباب كلها 
صرت أشعر باءبيار في قواي » بعد مرور خمسة أشهر » وصرت أشكو من 
من التهاب في الفم والانف مضافاً الى الدوخان . فلما راجعت الطبيب المختص 
اتضح له اني مصاب بفقر دم شديد » نتيجة لسوء التغذية فضلا عن طراز 
حياني .ولا تعرف على شخصى وعرف أمري » قال انه سيتصل بوزارة 
المحارجية الايطالية » وينقل لها حالني الصحية » وما يقتضي ها من توفير الغذاء 
المناسب » فشكر ته عل عاطفته وعنايته . وقد استمر يداويى نحو شهر فتمائلت 
حو الشفاء ولا سيما وبعد ان نقلت الى القيلا الحالية الي كانت مخصصة لرئيس 


هزه 


وزراء العراق بعد أن ترك رشيد عالي روما بصورة بائية . فلما حل الشتاء 
واشتد البرد » تركت الفيلا المذكورة الى روما » حيث استأجرت شقة في 
احدى العمارات ولبثت فيها الى أن غادرت العاصمة الايطالية . 


كانت المواد الغذائية الضرورية تنقل الى مسككي من قبل وزارة الحارجية 
الايطالية مرة في الاسبوع . وكانت العناصر الضرورية للغذاء الصحي متوفرة 
في .هذه المواد . وكان سائق السيارة المخصصة لي من قبل الحكومة من سكان 
احدى القرى المجاورة » فكان يذهب الى قريته بين الحين والحين » ويأتيني 
بالكثير من المواد الغذائية الاضافية ولا سيما الفواكه . وكنت أعطيه لقاء ذلك 
مقداراً من السكاير » ولا سيما النوع المعدوم وجوده فكانت ال حياة بالنسبة لي 
في مثل هذه الظروف لا بأس بها . وكانت المراسلة بيني وبين عائلي المقيمة 
في اسطنبول نجحري بواسطة وزارة الحارجية الايطالية بصورة منتظمة » وكانت 
العائلة ترودني بين حين وآخر بالصحف العراقية» وبالسجاير والقهوة ٠‏ وأحياناً 
بالليرات الذهبية. .وكنت أتزاور مع الحيران وأدعوهم أحياناً لتناول الطعام 
معي » ولا سيما في الايام الي كان يرجع سائق سيارتي من القرية مزوداً بالمواد 
الغذائية مثل اللحوم » والآرز » والحلويات» والقهوة الحقيقية . كماكنت ازاول 
واياهم لعبة البريج حى منتصف الليل . وكان من بين هؤلاء أحد لحر الات 
المتقاعدين » وأحدالمديرين المتقاعدين » ونائب رئيس نحرير جريدة الحزرب 
الفاشسبي وزوجته الماركيزة الأديبة والحميلة » وعائلة أخرى مؤلفة من زوج 
وزوجته وأختها » ومؤلف موسيقي وزوجته وقد مرت هذه الايام كلها 
كالاحلام , 
أ وني أوائل الصيف بدأت الاخبار السيئة تتوالى من جبهات القتال الدائر 
بين الروس والالمان» وبين الانكليز والطليان » وقد سقطت تونس بأيدي 
الحلفاء » كما استولى هؤلاء على الحزر القريبة من سواحل جنوب ايطاليه وغر بها 
ولهذا ساءت الحالة الحربية والسياسية . 


كته 


وفي مساء أحد الايام من شهر أيار 19447 شعرت بآلام مبرحة في جني 
الابمن » ولما فحصي الطبيب المختص قال انما حصوة صغيرة خرجت من 
الكلية اليمى وبدأت تسير نحو المثانة » وان الالم الذي أشكو منه كان ناتجاً 
عنها . ولكن درجة الحرارة كانت ما تزال ترتفع حبى بلغت الاربعين في احدى 
اللبالي الحالكة . وكانت راهبتان ممرضتان نحرساني بالتناوب لمدة اسبوعين » 
الاولى في النهار والثانية أثناء الليل » فكانتا تحقناني بالمورفين لتهدثة آلامي حى 
استقرت الحصوة في المثانة . 

كانت هاتان الراهبتان الممرضتان كملاكي الرحمة . تتلوان علي آيات 
الانجيل » وتناولاني الطعام والعلاج بحسب أوامر الطبيب » وتسبحان بمسبحتين 
طويلتين تنتهيان بالصلبان. وني احدى اللياليي حدثت لي حادثة لا يمكن أن أنساها 
ما دمت حياً فبعد أن حقنتي الراهبة بابرة امور فين بغية خفيف آلامي نمت نوماً 
عميقاً » ولم أفق من نومي إلا" قرب الفجر » واذا بي أجد نفسي مبتلا” بالعرق 
الذي كان يتصبب من جسمي » وقد فارقتني الاوجاع » وأرى الراهبة قد 
وضعت الصليب على صدري وهي تستمع الى دقات قلي . وبينما هي على هذا 
الحال » دخل الطبيب المداوي فجأة » وقد علمت فيما بعد ان هذه الراهبة 
الحنون لما رأت أحوالي على أسوأ ما تكون » تلفنت الى الطبيب المذكور طالبة 
حضوره » وقد أرسلت إليه سيارتي لتأمين هذا الحضور » فلما فحصني فحصاً 
دقيقاً » ظهرت سيماء الغبطة والانشراح على نقاميم وجهه وقال بصوت رقيق : 
لقد بجوت والحمد لله وقد زال كل خخطر عنك » وما عليك إلا" أن ترتاح لمدة 
شهر واحد . ثم فهمت من الحديث الذي جرى بينه وبين الراهبة انه كان يعاتبها 
لوضعها الصليب على صدري أثناء غيبوبي لآني مسلم ولست مسيحيا مثلها . 
ولم تكن الراهبة لتقصد الاساءة بعملها » واما كانت تؤدي فريضة يحتمها 
عليها واجبها الديني » لهذا رجوت الطبيب ألا يؤنبهاء وأن يشكرها معروفها 
وسهرها على راحتي وقلت له اني مدين لها بالشكر العميق . 


ااه 


وبعد أن استئرحت شهراً كاملا" كما أمر الطبيب - نصحيي المومى اليه 
بالسفر الى شمال ايطاليا لقضاء فترة النقاهة لبعض الوقت » وعلى هذا تركت 
روما إلى مدينة البندقية ( وينيسيا ) وبعدها سافرت الى بلدة كاردونه على بحيرة 
كومو لاقضي فيها اسبوعين . وكانت كار دونه هذه قد اتخذها موسوليبي عاصمة 
للجمهورية الايطالية مؤخراً » بعد ان أنقذه الضابط الالماني من معتقله على 
صورة حيرت العالم . وي البندقية أقمت في فندق دانيى مدة اسبوع . وني 
اليوم الباكر من مغادرني اياها » شعرت بحاجة ملحة للتبول فلما خرج الادرار 
رأيت شيثاً غريباً يخرج من الحالب مع البول » فطلبت الحادمة ووعدتها بألف 
لير إيطالي اذا هي استطاعت أن تبحث عن هذا الذي خرج » وشعرت مخروجه 
لا بل اني شاهدته . وبعد بحث من قبل الحادمة عرت على حجر بميل لونه إلى 
السواد . 

وقد احتفظت به حبى اذا عدت الى روما وأطلعت الطبيب عليه » قال 
ان هذا الحجر هو الذي كان يلق لك كل هذه الالام والاوجاع الي عانيت 
منها نحو اسبوعين » وقد نخلصت من ذلك الان . 


أيامي الأخيرة في روما : 

لم يبق" في روما من العرب في أوائل صيف عام ١947‏ غير بعض الافراد. 
فقد سافر معظمهم الى المانية » أو الى شمال ايطالية » لأن ال حالة كانت تزداد 
سوءاً يوماً بعد يوم » ولا سيما بعد أن احتل الحلفاء جزيرة صقلية » وأخذت 
طائراهم تظهر في أجواءبا. وكانت صفارات الانذار المزعجة تدعو الناس 
للالتجاء الى المخابميء بين الفينة والفينة . وخلال "٠ ٠١‏ تموز من هذه السنة 
أخذت الطائرات توالي الغارات على روما والقاء القنابل على الاهداف العسكرية 
وعلى المطارات » ومحطات السككك الحديد . وقد لاحظت في بعض الغارات ان 
عدد الطائرات قد نجاوز االحمسمثة طائرة . وبا اي كنت أسكن في عمارة لا 
تبعد عن مدينة الفاتيكان » مقر البابا » إلا" قليلا” فقد آثرت مشاهدة احدى 


مه 


الغارات على النزول إلى الملاجىء .. وبعد الغارة الكبيرة بثلاثة أيام » استجوب 
يحلس الفاشيست الاعلى السنيور موسوليي عن الوضع العام الذي كان محفوفاً 
بالمخاطر ؟ ثم طلب إليه التخلي عن الحكم . فلما قابل هذا ملك ايطاليا أيد 
الطلب » والتمس منه أن يعتزل الحكم لأن البلاد أصبحت في حالة لا محمد 
عليها . وبينما كان السنيور يهم با حروج من السراي » قبض عليه وأبعد الى 
إلى محل لم يكتشف عنه في حينه » ثم ألف الملك وزارة موالية للحلفاء , 
فانقلبت الامور رأساً على عقب » وأصبحت أنا في وضع لا أحسد عليه , 
فقررت مغادرة روما الى شمالي ايطالية » وقابلت السنيور ملليي في وزارة 
الحارجية » وأعربت له عن رغبي هذه . وعلى الرغم من ان الرجل طمأني 
كثيراً » وأكد لي ان وضعى سيبقى كما كان في روما ء ولا يمكن للحكومة 
الابطالية أن تسلمني للانكليز » فضلت الابتعاد عن العاصمة الايطالية والسفر 
الى الشمال لأكون قريباً من الحدود الالمانية . 

وبعد ظهر اليوم ا حامس عشر من شهر آب 1447 غادرت روما بالقطارء 
وبصحبي السيد واصف كمال أحد أصحاب المفي الحسيي المقريين » متجهين 
نحو الشمال » ولكنا اضطررنا الى التزول منه بعد حين » والالتجاء إلى كهو ف 
ا حبال مرتين لاتتققاء خخطر القصف اا حوي » والغارات المتسلسلة على خطوط 
السكك الحديدية . وصادف بعد مرور قطارنا في مدينة بولونيا بنصفق ساعة 
ان أغارت الطائرات على هذه المدينة فجعلت عاليها سافلها » وقد نجونا بأنفسنا 
والحمد لله » وبلغنا فلورانس المسماة فرييزه بالايطالية » وهي مدينة مشهورة 
بكنائسها ونجارتها وسوق الصاغة القائم على جسر بر الارينوا » وبشاعرها العظيم 
داني البجيري وبرجل السياسة الداهية مكيافلئي مؤلفرسالة الامير . 

أقمنا في فندق اكسلييور مدة اسبوعين » ثم درسنا الاوضاع المحيقة بنا 
وبايطاليا » فتوصلنا الى ضرورة الانتقال الى محل يكون بعيداً عن الدمار 
والغارات الحوية في احدى القرى النائية . وقد ساعدنا مكتب السياحة (جيت) 
وهو شعبة لشركة توماس كوك الانكليزية » ساعدنا على تحقيق مبتغانا فتركت 


6 


والسيد واصف كال مدينة فلورانس في الثالث من أيلول الى قرية صغيرة تسمى 
( مولفينو ) تقع فوق جبل يقرب من بحيرة صغيرة وجميلة » ونزلنا في الفندق 
القريب من القرية » والمقام على ضفاف البحيرة المذكورة . 

وقد وجدنا الغرف الي حجزت لنا من قبل ( جيت ) مهيأة لاستقبالنا . 
لقد استمرت اقامى في هذه القرية الحميلة البعيدة عن ويلات الحرب والغارات 
اللتوية نح "أوال انون الثاني ١444‏ » أي نحو أربعة أشهر » كان واصف 
كمال يسافر خلاها الى المانية » م يعود ويطلععي على الاوضاع والاحوال السائدة 
هناكك. 

كان الفندق الذي حللنا فيه غاصاً بالتزلاء من الحنسين في أوائل أيام وصولنا 
إليه » لأنه كان من الفنادق المعدة لاستقبال العرائس لقضاء أشهر العسل » 
وكانت السهرات فيه تبدأ بعد العشاء مباشرة » وتستمر ححى منتصف الليل : 
وكانت مليئة بالالعاب المختلفة فكان الناس بحق كأنهم في جنة بعيدين عن 
أوضار الحرب وويلاما » وكأنهم في اقامتهم هذه يحاولون أن يعوضوا عن 
المستقبل المجهول . 

كانت وزارة الحارجية الايطالية قد أهدتني راديواً فاخراً يمكن الاستماع 
بواسطته الى جميع المحطات العالمية » وقد جئت به من روما الى هذه القرية 
الحميلة لاستمع الى الاحوال العامة . وفي أحد الايام استمعت الى خبر هزّني 
وحيرني وسرني » بقدر ما أدهشي . وخلاصة الحبر ان أحد الطيارين الالمان 
هبط بطائرته على الحبل الذي كان قد اعتقل موسوليي في أحا. بيوته » وانتشله 
مع الحنود الالمان العشرة الذين كانوا معه » على الرغم من كثرة أفراد الحرس 
الطلياني » وطار به الى شمال ايطالية » حيث استقر في قصر يقرب من بلدة 
كار دونه الكائنة على ضفاف بحير ة كاردا فلما سمعت هذا احبر الحطير » ترئكت 
غرفي ونزلت الى الصالون وأخبرت النزلاء بالذي حدث » ثم عدت الى متابعة 
الاخبار حبى منتصف الليل . فلما حل اليومان الثاني والثالث على هذا احبر 


7ه 


الحام » شرع نزلاء الفندق يغادرونه كل يذهب الى بيته ليتدارك أمره ومستقبله 
لأن الحادث خطير » والمستقبل مظلم » ولم يبق' غير ي وغير واصف كمال » 
وزوج وزوجته حيث كانا ما يزالان في شهر العسل » مع سيدة وابنتها ورجل 
رسام » وآخر كان يملك نصف الفندق » لكنه باع حصته فيه لقَاء اقامته 
واعاشته فيه مدى الحياة » يضاف إلى هؤلاء صاحب الفندق وزوجته » وابنته 
وولده » وسكرتيره الاول وخادمة واحدة تدعى ايربا لها لحية وشارب فكان 
منظرها الى الرجل أقرب منه الى الامرأة فلما خلا الفندق من نزلائه » سادته 
الوحشة والكآبة » ولكنا تعودنا هذا النمط من العيش . 

وبعد تناول طعام العشاء في احدى اللياللي » دار الحديث حول وضعنا نحن 
الذين بقينا في الفندق » فإتفقنا على أن نكون ععائلة واحدة فننسى الحرب 
وأهوالها » وما يخبئه المستقبل لنا » وان نعيش ليومنا . فالفندق يقع في موضع 
جميل على بحيرة صغيرة » والطعام المتوفر فيه ممتاز بفضل العناية الفائقة اللي 
يبذها صاحبه » اذكان يبعث أحد المستخدمين الى القرى المجاورة ليأتي بأنواع 
اللحوم واحضر والفواكه » وبفضل زوجته الي كانت طاهية ممتازة » وكذا 
المشروبات المتنوعة المعتقة والمتوفرة ي محزن الفندق السري. وكان لدينا راديو يمكننا 
من الاستماع الى أخبار العالم بأسره » كما كنا نتئزه بالقوارب الصغيرة في البحيرة 
في صباح كل يوم » ونقضي السهرات.بالرقص تارة » وبلعب البريج تارة 
أخرى » وهكذا نسينا الدنيا وما فيها من مزعجات ومضحكات » وعشنا ثلائة 
أشهر في نعي م كأنه حلم من الاحلام . 

وفي أوائل تشرين الاول سلمي صاحب الفندق برقيتين وردنا إلي من 
وزارة الحارجية الايطالية » الاولى معنونة لي وفيها تقول : اما علمت بمقر 
اقامي » وامها سرت لذلك » وهي ترجو أن أتصل بها دوماً » وأنقل إليها عن 
رغبي في كل ماأريده واحتاج إليه . أما الثانية فكانت موجهة إلى صاحب 
الفندق : وفيها تطلب إليه أن يوفر لي أسباب الراحة وتنفيذ كل طلب أطلبه 
منه ؛ وقد أجبت على لطف الحارجية ببرقية شكرت فيها عنايتها بي » وأظهرت 


آ“اه 


امتنائي بما أنا فيه من راحة . وهكذا كانت الايام تمر مر السحاب حى اذا حل 
عيد الميلاد وعيد رأس السنة » أخبرنا صاحب الفندق ان القيادة الالمانية قررت 
أن تجعل الفندق دار استر احة ونقاهة للضباط الالمان » وان علينا أن نغادر الفندق 
قبل العاشر من كانون الثاني 1444 . وبمناسبة قرب تفرّق شملنا » قررنا أن 
نحتفل احتفالا” ببيجاً بحلول العيد المذكور » فأعدت لنا زوجة صاحب الفندق 
طعاماً خاصاً مؤلفاً من الدجاج الرومي ٠‏ والأرز » والحلويات » كنا جلب لنا 
الزوج أعتق الأنبذة والشمبانيات من مخبئها السري » وتقرر أن يبدأ العشاء 
بالساعة التاسعة مساء » وان تبتدى السهرة بأزياء تنكترية يلبسها نزلاء الفندق » 
ولا يبوح بها الواحد للآخر قبل ذلك . فاخترت أنا أن أكون راجا هندي » 
وأن تكون لي لحية وشارب وكرش بارز » وكان حلاق القرية قد دبر لي اللحية 
والشارب » ووضعت على بطي محدة لتقوم مقام الكرشة » وارتديت بدلة 
البونجور ( أي البدلة ذات الاذيال الطويلة ) » ووضعت على رأمي عمة متعددة 
الألوان » وسميت نفسي ( راجا راج يوتانا ) واتخذت من ابنة السيدة شاباً 
وضع له شارب صغير وارتدى احدى بدلاني ليكون ابني من أمه الانكليزية اللي 
تركتها في لندن » وأطلقت عليه اسم ( نورجهان ) فلما حل الموعد» استصحبت 
ولدي المذكور ونزلت الى قاعة الطعام المزينة بأنواع الزينة » فوجدنا الشاب 
السيد فرججو وزوجته الحميلة» وكانا يقضيان شهر العسل واضطرا للبقاء في 
الفندق . استعار الزوج بدلة نسائية من الحادمة فأصبح مدام ايرما » وارتدت 
سرينا الزوجة الحسناء زي ( آباش باريس ) أي القبضاي بلغة لبنان » وارتدت 
جاكيت وبنطلون زوجها ووضعت على رأسها برنيطي الي كانت معلقة في 
مدخل الفندق » أما الرسام فانه لم يغير زيه » ولكنه ارتدى أوسخ بدلاته 
القديمة » وأما ساكن الفندق الدائم فقد اتخذ من نفسه سائحاً فقد ذاكرته وصار 
يتكلم دون معى . وأما السيدة الاخرى فقد لبست أحلى بدلاما » ومثلت دور 
الغانية ليقع في شراكها ابن الراجا والاباشي الباريسي . وهكذا استمر العشاء 
حى الساعة الحادية عشرة » .حيث انتقلنا الى صالون الفندق » وبدأ الرقص 


"ىه 


على أنغام الحاكي ( والس وتانغو ؤفوكس تردت ) وعندها دق تالساعة الثانية 
عشرة ايذاناً بانتهاء السنة وبدخول السنة الحديدة فتبادلنا القبلات المعتادة ؛ 
واستمرت السهرة حتى ساعة متأخرة من الليل حتى صار كل منا لا يستطيع 
السير من جراء التعب » وكثرة الشرب » واستمرار الرقص » ثم تف رقنا وصعد 
كل منا الى غر فته ليقوم بعد الظهر . 

ملاحظة : قد يرد على ذهن القاريء الكريم سؤال عن السبب في ايرادي 
مثل هذه الامور الشخصية » في مذكرات يجب أن تكون بعيدة عن هذا 
النهج .. وجواني عن ذلك ان الحياة ليست كلها جد » وعلى الانسان أن يخلط 
بين الحد واهزل ليرفه عن نفسه » وأن بأني على كل ما صادفه في حياته من 
ذكريات » واعتقد اي مدين لهذا الاسلوب بعمري الذي بلغ الثانية والثمانين. 
فقد كنت أنتهز كل فرصة لأ شمتع بمباهج ال حياة ونسيان الامور الصعبة الي 
تمر بي » وكذا المتاعب الي أصادفها في حياتي ٠‏ كما اطلع قارثي على محي في 
الحروب » والحرمان من أطايب الحياة أحياناً » كالتشرد والسجن ني اسطبل 
الحيل ( الذي أعداه لنا عبد الاله في أبي غريب ) . 

غادرت وواصف كال فندق موليفو بعد اسبوع » بعد أن ودعنا من بقي 
فيه مع عائلة صاحب الفندق » ورجوت صاحب الفندق أن يخبر وزارة الحارجية 
الايطالية بأمر مغادرتنا لفندقه » وان يوافيها بعنواني الحديد في مدينة ميرانو . 
'وكان صاحب الفندق هذا قد حجز لي دائرة في اوتيل يارك في تلك المدينة 
الجميلة . وميرانو هذه مدينة كان يقطنها زهاء عشرة آلاف نسمة خلال 
الحرب ؛ وحيث اها مشتى عالمي معروف لممارسة ألعاب التزحلق على الحليد . 
فقد كان فيها أكثر من عشرين فندقً» وقد حجزت كلها من قبل اميش 
الالماني , وانخذت مستشفيات ودور نقاهة الحرحى الحرب » وهي تقع الى 
جنوب الحدود النمساوية » وتقرب من نفق برنر في التيرول الايطالي ٠‏ وفي 
شرق الحدود السويسرية الي لا تبعد عنها أكثر من خمسين كيلو متراً . وقد 
وصلت إليها قي أول اسبوع من كانون الثاني 1444 ولم أغادرها إلا" في آخر 


وفك 


اسبوع من تموز لعام ١446‏ أي اني قضيت فيها سنة ونصف السنة أقمت نحو 
تمانية أشهر ني اوتيل بارك » ولما تقرر نتحويل هذا الاوتيل الى مستشفى الدرحى 
الحرب » انتقلت الى سناتوريوم اشيفاني » أي مصح ستيفاني وذلك بتوجيه 
من وزارة الحارجية الابطالية » وكنت مرتاحاً كل الارتياح من هذا المصح . 
فالغذاء صحي » والعناية متوفرة » والاطباء والممرضات كر » وهم يلبون 
طلبات النزلاء في الليل وني النهار . ولكن على الرغم من ذلك كله » كنت اشعر 
اني في مستشفى فكنت أقضي أوفات النهار صباحاً وبعد الظهر في المدينة مع 
واصف كمال » ومع اخوان من الفلسطينيين من جماعة المي . وحيث ان 
ميرانو كانت مدينة هي أشبه الى المستشفى المخصص لحرحى الحرب » منها 
لمدينة يسكنها الناس » فقد أعلنت اها مكشوفة فلم جر أية غارة عليها إلا" مرة 
واحدة » حيث ألقيت بعض القنابل على موضع في الضاحية كان قد اتمخذ مخبئاً 
السلاح والعتاد . وأما بعد العشاء فقد كنت أمضي السهرات بمزاولة البريج مع 
بعض العوائل الي تعرفت عليها على التوالي» كان بينها ضابط متقاعد برتبة مقدم 
مع عائلته» وسيدة تسكن بالقرب من المصح» وسيدتان أخريان متقاعدتان . 

وكانت الصداقة الي أسستها ووطدتمها مع بواب المصح قد أفادتي كثيراً 
عندما اعتقلي الحيش الامريكي فيما بعد . فقد كان هذا البواب رب عائلة 
مكونة منه ومن زوجته وثلاثة أولاد » وكانت حصص المواد الغذائية الي 
توزع على الافراد أيام الحرب ضثئيلة وغير كافية » فتبرعت له بكل حصصي 
من تلك المواد » وكانت مجموعها تساوي أربعة أضعاف حصص الفرد حيث 
اعتبر وني ديلوماسياً » فكان هذا البواب يخبرني بكل ما يحدث في المدينة » وما 
يقع مما قد يكون لصا حي أو لغير صا حي » ولا سيما بعد ان اقتربت الحيوش 
الامريكية من هذه المدينة » وشرعت المليشيا الشيوعية الايطالية تغير على المدينة 
وتنتقم من أعداء الحلفاء . 


لقد شحت المواد الغذائية في الاشهر الاخيرة . ولو لم تكن في المنطقة 


لفك 


بسانين مثقلة بالفواكه » ولا سيما التفاح» وتوفّر الذرة » لبقي الكثير من 
السكان جياعاً . وقد أصبحت السيكارة الواحدة أعز شيء عند الانسان » كما 
انعدم وجود السكر . والشاي » والقهوة » ولا سيما الملح . فكان منقذي 
وساعدني - بواب المصح ‏ حيث كان يشتري كل شيء » ولا سيما السكاير 
من السوق السوداء الي راجت حيث كانت تأني من الحدود السويسرية القريبة . 

كانت خادمات السناتوريوم يتسابقن لتنظيف غرفي بغية التقاط أعقاب 
السكاير الي كنت أدخنها وأرمي أعقابها . وقد لمحت دات يوم في الطريق 
رجلا" هرماً ينتحي ليلتقط عقب سيكارة رميتها على الارض فقدمت إليه ما بقي 
لدي من السيكاير فكان كن طار لبه لا يصدق ما فعلته معه » فلما كان اليوم 
التالي ناولبي بواب المصح لفة ورق فيها تفاحتان تزن الواحدة منها نصف كيلو 
وقائلا” عنها ( هدية من الشخص الذي مننت عليه بالسيكاير ) . 

كنت كلما ذهبت الى تناول الطعام في صالة المصح . أخذت معي علبة 
صغيرة فيها مقدار من الملح . وكنت بعد أن أكتفي بحاجني منه » أعطي الباقي 
الى الندل ليوزعه على من كانوا يتناولون طعامهم في الصالة نفسها بالقرب مي ١‏ 
حنى ان السيدات اللاني كن يتهيأن للعودة الى بيوسبن » بعد حفلات البريح الي 
كنت أقيمهاء كن يجمعن أعقاب السيكاير المتبقية في المنافض ويضعنها فيحقائبهن” 
دون أن تحجلن ممن كان ينظر اليهن . 

هكذا كانت الاحوال نجري ف المدينة الي كنت أعيش فيها » ولا سيما 
بعد اقتراب الحيوش الامريكية منها زاحفة نحو الشمال . وفي أوائل نيسان 
6 قامت تشكيلتان في كل منها خمسمئة طائرة بالاغارة على بولزانو 
القريبة من ميرانو » وجعلت عاليها سافلها . وكانت تمر فوق رؤوسنا في كل 
يوم أكثر من ألف طائرة لتقصف مديني ويانه وبودابست بغية مساعدة االحيش 
الرومي في زحفه عليهما من الشرق » وتيسير احتلاله لمما . وكثيراً ما كنت 
- وواصف كال وبعض الاخوان من العرب - لتك المقهى الذي كنا مجتمع 


"6 


فيه ومخرج الى حدائق المدينة لمشاهدة أسراب الطائرات وهي تمر فوق رؤوسناء 
ويستمر مرورها نحو أربع ساعات » حتى اذا كان المساء استمعنا الى الاذاعة 
الحارجية وهي تنقل أخبار الدمار الي كانت تلحقها هذه الاسراب بالمدن 
والسكان. 

وي أوائل هذا الشهر أيضاً , وصل الى ميرانو أحد موظفي وزارة 
الخارجية الايطالية » وكان عربياً من أصل ليي ٠»‏ ليبلغي ان الموقف خطر 
وخطير» وان لدىالوزارة اخباراً يوق بها » هي أن قائد الحيش الالماني في 
شمالي ايطاليا يوشك أن يستسلم هو وجيشه الى االحيوش الامريكية الزاحفة من 
الحنوب » لأنه لا يرى أية فائدة من الاسئرسال في القتال » ولا سيما وان 
الروس يوشكونأن يحتلوا برلين » وان جيوش الحلفاء الزاحفة قد احتلت القسم 
الغربي من المانية » وقد قرر موسوليي ان يلتجيء الى سويسرا مع من يحب من 
اتباعه في أول فرصة » ولذا فان وزارة الحارجية الايطالية تود أن تستمزج 
رأبي فيما لو كنت أوافق على الالتحاق بهذا الركب » أو اني افضل الحاذ قرار 
آخر قد يكون أكثر ملاءمة لظروني المحيقة لي. كما ان الوزارة طلبت الى فرع 
بنك روما في المدينة أن يضع نحت تصرني المبالغ المتبقية لديه من الاموال الي 
كانت مخصصة للحكومة العراقية إن كنت محاجة إليها . فلم يسعني إلا" ان أعرب 
هذا الموفد عن شكري وامتناني لموقف وزارة ال حارجية الايطالية مي في مثل 
هذه الظروف الحرجة » وطلبت اليه أن بمهلني لبعض الوقت ححتى أفكر في 
هذا الاقتراح . فلما كان اليوم التالي بلّغت الموفد اني أفضل التفكير في طريقة 
أخرى قد تساعدني على اهرب » وكررت رجائي بنقل شكري وثنائي للوزارة 
على ما لمسته منها من لطف وكرم » وعلى الضيافة ابي اتاحتها لي مند عودتي من 
برلين الى روما حتى الآن . وما زلت حتى الآن أذكر تلك العناية الفائقة من 
الحكومة الايطالية . ويشاء القدر أن ينجيي من نهاية حزنة كانت ستحل لي فيما 
لو طاوعت السنيور موسوليي بالسفر معه » فقد قتل وعشيقته الانسة كلارا من 
قبل أحد ضباط المليشيا الشيوعيين من الطليان بالقرب من الحدود السويسرية » 


كله 


أثناء هربه متنكراً بزي جندي ألافي . 

ووصل أحد أتباع الحاج محمد أمين مفبي فلسطين الى ميرانو في تلك 
الاثناء » وزاربي ف محلي » وقدم إلي مظروفاً مرسلا” من قبل المشار اليه » 
واذا بي أجد في داخله كمية محر مة من النقود الورقية الصعبة كالدولارات وغيرها 
مع رسالة وداعية موجزة . وقد فهمت من هذا الرسول ان لمفني أهدى كلا" 
من اخوانه العرب الفلسطينيين الموجودين في ميرانو مبالغ كافية مع جوازات 
سفر مزيفة ليتمكنوا من النجاة بأنفسهم . 

وكنت في هذه الاوقات الصعبة والايام المزعجة احتفظ بالراديو» واستمع 
الى الاذاعات المختلفة باستمرار » واذا لي أفاجأ بخبر استسلام قائد الحيوش 
الالمانية في شمالي ايطاليا » حيث تمع مدينة ميرانو » وكذلك خبر انتحار 
أدولف هتلر في برلين . وني صباح اليوم التالي تركت دائرني ونزلت الى الطابق 
الاسفل من المصح أتصيد الاخبار » واذا ببواب المصح يناديي ويحذ رني من 
الحروج الى الشارع » لأن المليشيا الطليان احتلوا المدينة وأخذوا يعيثون فيها 
الفساد » وان أحداً لا يدري ماذا ستؤول الامور اليه وماذا ستكون العاقبة ؟ 
وقد دام احتلال هؤلاء يوماً وبعض يوم . فقد علمنا ان قائد حامية ميرانو 
الالماني اتصل بالقيادة الامريكية » وطلب اليها أن تدخخل القوات الامريكية في 
وقت قريب » وهكذا اصطدم الالمان مع الطليان بأن طلبت اليه مقاومة 
الشيوعيين والحفاظ على أرواح الناس حتى تدخل القوات الامريكية في وقت 
قريب » وهكذا اصطدم الالمان مع الشيوعيين وتمكنوا ان يخرجوهم من البلدة؛ 
فلما كان اليوم الثالث » دخلت طلائع اليش الامريكي . وكانت هذه الايام 
الثلائة من أسوأ الايام والحمد لله الذي نجى المصح من الاعتداء حيث اعتير 
عثابة مستشفى فلم يمسنا سوء . وكنت لازمت دائرتي فيه ثلائة أيام أي الى أن 
دخل الحيش الامريكي المدينة » حبى الي كنت أتناول وجبات طعامي في 
الدائرة » وكان البواب يزودني من آن لآخر بما يدور فيها . 


/ا؟ه 


لقد اعتر تي حالة شديدة من توتر الاعصاب فجمعت أشياني » وحزمت 
حقائبي » ووضعت كل ما أملكه من نقود في محفظة صغيرة أخفيتها في احدى 
خزانات غرفة منامي » واتفقت مسع بواب المصح على أن ينقل جميع 
هذه الاشياء الى دار السيدة الي تسكن بالقرب من المصح » ويسلمها إليها اذا 
ما اعتقلي. اليش الامريكي » وفي الوقت نفسه أحيطت السيدة المشار اليها علماً 
بهذا الاتفاق » وسأرمز الى اسم هذه السيدة المحترمة با حرفين أ . ح فيما أكتبه 
عنها . وبعد هذه الايام الثلائة العصيبة نزلت الى بهو المصح لاطلع على ما استجد 
من الامور » ثم قصدت البواب » وشكرته على ما غمرني به من جميل . 


ثلاثة اقنراحات لتهريبي 

الاقمراح الأول : 

كان بين نزلاء المصح رجل من جيكوسلوفاكيا قصير القامة يبلغ من العمر 
حوالي الأربعين عاماً » وكنت أبادله التحية عندما نلتقي في غرفة الطعام » أو 
في المصعد » أو في البهو » دون أن يكلم أحدنا الآخر » وكنت أشاهد معه على 
مائدة الطعام أحياناً بعض الضباط الالمان . وفي مساء اليوم التالي لدخول الحيش 
الامريكي المدينة » صعد بواب المصح الى دائرتي وأخبرني بأن الرجل 
الحيكوسلوفاكي موضوع البحث كان جاسوساً أمريكياً » وانه طلب اليه أن 
يخبرني عن رغبته في مقابني بصورة منفردة وسراية فلم أرّ مانعاً من ذلك . 
وني نحو الساعة العاشرة مساء جاء الى غرفني وشرع في الحديث قائلا” : انه كان 
قد تعرّف علي وعلى سلوكي من بعيد » وانه عرف هويي ولم ير سوى ان 
ظروف الحرب أطاحت برجل لم يكن يقصد غير خدمة بلاده ووطنه » وعليه 
فانه مستعد ليتوسط لدى شخص آخر هو دكتور يالصليب الاحمر الدولي يقيم 
في نفس المصح. الذي نقيم فيه نحن » فيهربي الى سويسرا بسيارات الصليب 
الاحمر لقاء مئة ليرة انكليزية . فشكرت الرجل على شعوره » ورجوته أن 


يك 


مهلي الى اليوم الثاني لأفكر في هذا الاقتراح فلماكان اليوم المذكور ؛ طلبت 
الى بواب المصح أن يخبر الرجل بعدم موافقتي على هذا الاقتراح مع شكري 
لموقفه . وكان السبب الحقيقي لهذا الرفض هو عدم اطمئناني الى عمل يقوم به 
جاسوس يمخدم في الصليب الاحمر الدولي . وقد علمت فيما بعد ان هذا الطبيب 
الذي كان قد هرب سفير اليابان في ايطاليا مع بعض الحثر الات والديلوماسيين 
الطليان قد قبض عليه وعلى زوجته فيما بعد من قبل الشرطة العسكرية الامريكية؛ 
ووجدت بحوزتمما كثيراً من النقود الامريكية والمجوهرات . 


الاقعراح الثاني : 

زارتي في احدى الامسيات شقيقة الضابط الايطالمي الذي كان يشير ك معنا 
في لعبة البريج وقالت لي « ان أخاها قد فكر طويلا في وضعي » وهو يقارح 
أن نقوم أنا وزوجته بتهريبك الى دار خالتنا الكائنة في قرية قريبة من ميرانو 
بصورة سرية ليلا" » فتكون هناك في أمان وطمأنينة حجى ينجل الموقف . فكان 
اقتراحاً يستحق الدرس » ولكن الحطر الكامن فيه ان الضابط المذكور كان 
من الحزب الفاشسي » الامر الذي سيجعل وضعي يزداد سوءاً فيما لو عير 
الامريكان علي" بعدئذ » كما اني سأكون سبباً في تعريضه الى عذاب الامريكان. 
ولهذا شكرت السيدة المذكورة على لطفها واعتذرت عن قبول الاقتراح . 


الأقتراح الثالث : 

وهو من أغرب الاقتراحات . كان للسيدة .١(‏ ح. ) المارّ ذكرهاء خالة 
راهبة ندير أحد الأديرة بالقرب من ميرانو . وقد زارتتي هذه السيدة ‏ بعد أن 
علمت أني رفضت الاقتراحين ماري الذكر ‏ وعرضت استعدادها لأن تفاتح 
خالتها في أمر قبول إيواني في ديرها لمدة شهرين , أو ثلاثة أشهرء حتى ينجلي 
الموقف العام . ثم عادت إل" بعد يومين لتنقل إلي' موافقة الحالة على هذا الأمرء 
وامها مستعدة لتهيء لي غرفة خاصة تتوفر فيها الراحة » وتقوم إدارة الدير في 


55 سيرة وذ كريات (64) 


تدبير أمر إعاشي لقاء تبرع للدير هو مئة ألف لير إيطالمي » أي نحو مئة ليرة 
إنكليزية . فكرت في هذا الاقتراح ملياً » وتصورت وضعي. وما سيكون عليه 
في الدير » وأنا محاط بالأخوات الراهبات من كل صوب » وأنا الرجل الوحيد 
بينهن” فيما إذا استثنينا بواب الدير والبستاني فيه » ولهذا شكرت لعمة السيدة 
نبلها وكريم عطفها » وتبرعت للدير بعشرة آلاف لير » واعتذرت عن قبول 
الاقير اح الذي لا حلو من طرافة . 


« * ٠ 


كانت هذه الاقتراحات تتوالى علي" خلال الأيام العشرة من أيار 1448م 
وكنت أترقّب اعتقالي من قبل الحيش الأمريكي » وأتوقعه بين ساعةوأخرى» 
ولكن شيئاً من ذلك لم يقع . وي ذات يوم جازفت بنفسي وزرت الأنسة 
صاحبة محل الخلاقة القريب . وكانت هذه الا نسة صداقة مع أحد الاخوان 
الفلسطينيين » فعلمت منها أنها رأت على باب مديرية شرطة الحيش الامريكي 
إنذاراً يطلب فيه إلى الذين وردت أسماوهم ني الإنذار أن يسلموا انفسهم إلى 
السلطة . وكان من بين الأسماء إسم صديقها الفاسطيي » فأخبرته بذلك فهرب 
إلى مدينة ميلانو » وأضافت إلى ذلك قوها انما لم تر إسمي بين الأسماء 
مساء كل يوم فأنجول في ضواحي المدينة » وأتجدب المواضع الي يعرفني 
احا عاو كنت أتناول طعامي في دائرتي فلا أنزل إلى المطعم ولا أختلط 
بالناس . 

وني آخر شهر مايس »2 ألقي القبض على سفير جمهورية أيرلندة لدى 
الفاتيكان » وكان يقيم في السناتوريوم » وبعد نحو شهرين من دخول اللحيش 
الأمريكي مدينة ميرانو » أو في الحامس من تموز 948١مء‏ بينما كنت في 
قيلولة بعد الغداء » وكانت الساعة نحو الثالثة من بعد الظهر » سمعت طرقاً على 
باب غرفي فلما فتحت الباب » فوجئت بضابط أمريكي ومعه جندي برتبة 


ته 


عريف بدخلان الغرفة » فسألني الضابط : هل أنت ناجي شوكت ؟ فأجبته : 

نعم أنا هو » وقد طال انتظاري هذه الساعة . فطلب إلي” أن آخذ معي شيئاً من 
الألبسة » وأمهلني بضع دقائق وضعت نخلالها ما أحتاج إليه في حقيبة صغيرة» 

ورافقته إلى باب الفندق » ولما مررت بالبواب » غمزت له بطرفة عيبي فحى 
رأسه إشعاراً منه بأنه فهمني . وهكذا غادرت السناتوريوم إلى السجن المعد 
لرجال السياسة المعادين للحلفاء . 


السجون الثلاثة : 
أولا” : السجن الأمريكي- الإيطالي في ميرانو 


لا وصلنا إلى بناية السجن سلمي الضابط الذي استصحببي من المصح إلى 
مدير السجن » وتسلّم منه وصلا” بتسليمي إليه . وبعد أن سجل المدير هويني 
وأخذ توقيعي ٠‏ أصعدني إلى الطابق الثاني من البناية » وأدخلني إحدى غرفها , 
فوجدت في هذه الغرفة رجلين مع شاب لا يتجاوز عمره السادسة عشرة ؛ 
فقدام إلي” أحد الحراس وسادة مع بطانيتين مع الحقيبة الي سبق للمدير أن 
فحصها . وكانت سعة الغرفة 4 في 4 أمتارء وها نافذة واحدة مرتفعة تطل على 
فناء السجن . وكان بي الطابق المذكور ست غرف على طرقي ممشى عرضه 
ثلاثة أمتار » فكان الحلوس على الأرض الحشبية المليئة شةوقها بالحشرة الملعونة 
الي يسميها اللبنانيون ( بق" ) والآتراك ( نخته موزرى ) وهي غير معروفة 
في العراق ولله الحمد . ومن عادة هذه الحشرة الحبيئة أنها تمختفى مهارأ وتظهر 
ليلا" فتهاجم الناكم باللسع الذي يكاد يكون أشد من النار . فتترك بقعا حمراء 
لا يشعر با المرء إلا وهي نحكه باستمرار . فإذا تمكن الملسوع من مسكها 
بين أصابعه وسحقها » انبعثت منها راحة كريبة لا تطاق . وكان علينا نحن 
الأربعة أن نتبوّل إذا اقتضى الأمرني صفيحة من التنك وضعت خصيصاً لهذا 
الغرض ٠»‏ تنبعث منها روائح البول طوال الليسل . وكانت الغرف الخمس 


امه 


الأخرى معدة لأغراض أخرى» واحدة كمغسل » والثانية للحرس من جنو 
المليشيا الإيطالية الشيوعية » واثنتان لبقية السجناء . أما الغرفة الحامسة الي كائد 
تقابل غر فتنا فمعدة للنساء . وكان السجناء خليطاً من ديلوماسيين » وسفراء 
وموظفين كبار » وجبرالات » وضباط متقاعدين » وبعضهم من الطليان 
ومنهم إفرنسيان . أما النساء السجينات فك أريعآ . واحدة سيدة إيطاليةمسنة 
وآنستان فرنسيتان من جماعة حكومة فيشي » انمتا بالتجسس مساب الألمان 
أما الرابعة فكانت ماركيزة طليانية من عائلة فبيلة » وكانت على جانب ,مسر 
الحمال » وفي نحو الخامسة والعشرين من العمر » وكانت التهمة الموجهةإليم 
امها كانت نكم عن القيادة محل اختفاء خطيبها الضابط الإيطالي الفاشسي . 
هذا هو وصف موجز للسجن ولنزلائه ونزيلاته في الأسبوع الذي قضية 
فيه . وقد كانوا يسمحون لنا برك الغرف والتجوال في الشمس وقضاء الحاج 
في المحل المعد لهذا الغرض ساعة في الصباح » وأخرى في المساء . أما الطعا 
الذي كان يقدم لنا صباحاً » فعبارة عن قطعة خبز مع قليل من الزيتون» أو الحين. 
والحليب المخلوط بالشاي . وفي الظهر كانوا يقدمون بي الساعة الثانية بعد الظهر 
قطعتين من الحبز » مع كأس من شوربة هي خليط من الرز » والمقرنة. 
والفاصولية » وبعض الحضر . وقد بقيت مساء اليوم الأول بلا عشاء . فله 
كان صباح الوم الثاني ناداني مدير السجن » وسلمبي رسالة صغيرة مطوية ف 
ترموس ملي ء بالحليب والقهوة الصحيحة »؛ مع لفة ورق فيها قطعتان ساندويع 
من الحبن قائلا” : ان بواب المصح أرسلها إليك مع غلام من المصح » فلم 
عدت إلى غرفة سجي وقرأت الورقة » حمدت الله على لطفه وشكرت لبواب 
المصح والسيدة (!. ح ) ألف شكر على معروفهما . أما الرسالة غير الموقه 
فكانت تقول : انه تم الاتفاق بين المصح وإدارة السجن على أن أزود بطعامي 
البومي من المصح . وقد علمت فيما بعد أن السيدة .١(‏ ح ) هي اللي رشت 
مدير السجن عبلغ من المال » ويسسرت لي هذا الترتيب . وني الساعة الثانية عشر 
والنصف من هذا اليوم نفسه ناداني أحد الحراس إلى ممشى السجن » وبعد أ 


ف 1 


أغلق باب الغرفة حدثت لي مفاجأة لطيفة وحلوة » فقد وجدت أن الغذاء 
المرسل من السناتوريوم » وقد وضع على طاولة خشبية » وإلى جانب من 
الطاولة جلست سيدة جميلة جد » فقدامت نفسي إليها فأجابت ألما الماركيزة 
(شي ) . وقد قير لقاونا على الطعام أربعة أيام فكنا نتجاذب أطراف 
الحديث . وقد ذكرت أمر خطيبها » كما عرفتي على عائلتها » وانمها تخمل 
مدالية ذهبية في لعبة المبارزة بالسيف ( ايسبكرم ) ولا اليد الطولى في الفروسية 
الحاصة بالنساء الإيطاليات لفاشسنيات . فهي قارسة ونبيلة وجميلة جد . وكم 
كان أسفي شديداً حين لم أجد هذه الماركيزة في اليوم الحاهس على مائدة الطعام , 
فقد علمت في المساء أثناء اختلاط السجناء من إحدى الانسات الفرفسيات الي 
كانت تق معها في نفس الغر فة » أن ضابطاً أمريكياً جاءها مساء الأمس وسأها 
هل توافق افق أو لاتوافق » وهد دها بالانتقال إلى سجن المجرمين العاديين إذا رفضت 
مطاوعته . وأضافت محدثتي إلى ذلك قوها : الها علمت من المركيزة أن" 
الحئر ال قائد الحيوش المرابطة في مير انو أرادها أن تكون سكرئيرة له فرفضت 
قبول العرض » على الرغم من وسائل التهديد والإغراء » وعلى هذا طلبوا إليها 
الإفصاح عن محل خطيبها وإلا فستعتقل » ففضلت الاعتقال على أن تكون 
سكرتيرة لقائد جيش هو عدو في نظرهاء» وهي تعلم الغرض الحقيقي من 
اتخاذها سكرتيرة للقائد . وكنت في الحقيقة أسمع أخباراً مختلفة عسن كيفية 
اختطاف الآنسات والسيدات الطليانيات من قبل الضباط والحنود الأمريكان » 
حى أن جنديين أمريكيين اختطفا أجمل آنسة من أوانس المدينة وإرغامها على 
أن تركب سيا رهما » ولما شرعت في الصراخ والعويل لإنقاذها من برائن هذين 
الكاسرين » ارتبك السائق فاتحرفت السيارة عن الطرزيق العام واصطدءت 
اصطداماً قوياً أدى إلى مقتلها . ْ 


لقد أمضيت في هذا السجن الأمريكي سبعة أيام . فلما حل اليوم الثامن . 
أخبرني المدير أن مدير الشرطة العسكرية للجيش الأمريكي ينتظرني في غرفة 


فد 


بحسن اللغة الفرنسية » فخاطببي قائلا"” : ان طبيب السناتوريوم قدم تقريراً 
رسمياً إلى القيادة الأمريكية ذكر فيه أن حالتك الصحية لا تتحمل البقاء في هذا 
السجن مدة أطول » وعليه قرّرت القيادة إعادتك إلى السناتوريوم على أن تتعهد 
بشرفك انك لا تغادر المدينة » وانك ستكون نحت مراقبة الشرطة العسكرية 
يومياً إلى أن يتقرّر مصيرك . وفعلا" أخذني بسيارته إلى المصح المذكور . وقد 
علمت من البواب أن السيدة .١(‏ ح ) هي الي ديرت حمل الطبيب على 
تقديم هذا التقرير الطبي » فشكرت الطبيب وشكرمما على هذا الحميل الذي 
لا أنساه. هذا وقد أخبرني القائد المذكور بأن القيادة الأميركية على اتصال 
مستمر مع القيادة البريطانية في جنوب إيطالية لتقرير الحهة الي ستستقر فيها 
في ضوء هذه الاتصالات الي قد تمتد إلى أسبوعين . 

وبينما كنت عائداً إلى السناتوريوم من تجوالي الاعتيادي اليومي في آخر 
يوم من تموز » لمحت شخصين يشير ان إلي » فلما اقتربت منهما - وقدعلمت 
فيما بعد أنهما من الشرطة ‏ قال لي أحدهما : ان مدير الشرطة العسكرية 
الأمريكية يطلب حضورك تفي الحال » وقد استصحباني إليه . فلما قابلته ؛ 
فهمت منه أن ينبغي علي أن أهيء نفسي خلال ساعتين لسفر بعيد » دون أن 
يذكر لي الحهة الي سأرسل إليها . ثم أصدر أمره إلى أحد أفراد الشرطةالسرية 
بمرافقي إلى المصح بغية جمع أمتعبي » فرجوت أن يسمح لي بالمرور على 
السيدة .١(‏ ح ) أي السيدة الي كان بواب المصح قد أرسل إلى دارها جميع 
ما كان عندي من أثاث أثناء اعتقالي لأول مرة . فلما أذن لي بذلك ومررت 
عليها » فهمت منها أن" البواب كان قد أخبرها بكل ما جرى لي . وبعد أن 
شكرنها على ما رعتي به من عناية ولطف وجميل ؛ قلت لها : اني ساخذ معي 
بدلتين فقط مع بعض القمصان واللوازم الضرورية » وأترك لديها البقية . 
فإن اتصلت بك في المستقبل » فبها » وإلا” فإن لك أن تتصرني بها تصرّف 
المالك بملكه . وبعد أن أخذت المحفظة الصغيرة الي كان فيها كل ما أملكه 
من نقود وأوراق نقدية» طلبت إلي' أن أفحص المحتويات وأتأكد منسلامتها. 


2 


وبعد قيامي بذلك قدمت إليها مثة ألف لير إيطالي » أي نحو مئة جنيه [نكليزني » 
كهدية متواضعة » ومع الما رفضت قبوطا بكل إباء » فقد حملتها على قبرها 
ثم أعطيتها عنوان زوجي في اسطنبول لتخبرها بالذي جرى لي » وقبلت 
تاردنا 4 عدت إن اللطاوريي لالع قا ؛ وعدت مع الشرطي 
إلى مديرية الشرطة . 
ملاحظة : لم تكتف هذه السيدة الحليلة النبيلة .١(‏ ح ) بكل ما صنعته 
معي من لطف وجميل » فأضافت مكرمة أخرى إلى ألطافها » وذلك بأنها 
كتبت إلى زوجي ف اسطنبول عن كل ما جرى لي منذ اعتقالي من قبل االحيش 
الأمريكي حتى تسفيري إلى الحهة المجهولة لديها » كما انها تكرّمت فأرسلت 
ما أودعته لديها من أسباب إلى السفارة البريطانية في العراق » بواسطة القيادة 
الأمريكية » وبعد وصولي إلى سجن أبي غريب في العراق بستة أشهر ٠‏ جاءني 
موظف من السفارة المذكورة يحمل إلي' الأثاث موضوعة البحث » مع رسالة 
من السيدة (ا. ح ) تقول فيها : اها قررت الالتحاق بزوجها في روما , 
اه » وكان قد انهم بالانتماء إلى الحزب الفاشستي » وانها 
هذا السبب رأت أن تبعث إلي" أسباني إلى بغداد وهي تأمل أن أتسلّمها . 


ان اهتمام السيدة .١(‏ ح ) لي » واللطف الذي رأيته من الحكومة الإيطالية 
مدة بقامي ضيفاً عليهاء والصداقات الي لمستها من جميع من تعرّفت عليهم من 
أطباء » ورجال جيش » وسياسة » ونبلاء » ونبيلات » وماركيزات » 
أو سائر أفراد الطليان » كل ذلك ترك في نفسي ذكريات لا تنسى وما علي" إلا 
أن أدونها بمداد الشكر والامتنان . 

تركت «ميرانو » حوالي الساعة الحادية عشرة صباحاً بسيارة جيب 
عسكرءة يمودها جندي أمريكي » ويحرسي ضابط » ومعه جندي برتبة 
عريف » ووصلنا إلى مقر الجيوش الحليفة في ( كاردوناد ) في الساعة الرابعة . 
وتقع هذه المدينة على ضفاف بحيرة كاردا . وبعد أن اتصل الضابط بالقيادة 


ومع 


العامة في مقرها » استأنفنا السير إلى «لدينة روما » بعد استر احة قصيرة في مدينة 
بولونيا » ثم نقلت في سيارة إلى المطار فتسلمي ضابط بريطاني برتبة مقدم , 
وخاطبي قائلا” : ( أو ناجي بك كيف الحال ؟ أخيراً تواجهنا ) وكان الرجل 
يتكلم العربية بطلاقة لكي لم أعرفه ثم سافرت بنا الطائرة من روما إلى 
« نابولي » ومنها بطائرة عسكرية إلى « أثينا » ومنها إلى « القاهرة » حيث 
حطت الطائرة في مطارها مساء . 


السجن البريطاني في معتل المعادي : 

بعد اسير احة قصيرة في مطار القاهرة » حملتي سيارة عسكرية خاصةإلى 
معسكر المعادي . ومعي ضابط بريطاني » مخترقين المدينة البي كانت لي فيها 
ذكريات لطيفة قبل ربع قرن من الزمن . أي بعد ختام الحرب العالميةالأولى » 
فإذا بي أعود إليها وأنا أسيراً بيد أعداني وأعداء بلادي وأمي ٠»‏ فلم يزدني 
ذلك إلا" اعتزازاً بمبدثي » وإصراراً على التضحية في سبيل إسعاد بلادي . 
وبعد أن أنزلوني من السيارة في المعتقل» تسلّمي الضابط المختص" فيه وأدخلني 
غرفة سعتها 4 في 4 أمتار لها باب على الممشى فيها كوة صغيرة مفتوحة على 
الدوام » ويقابل الباب نافذة تطل على حديقة . وقد أخذوا مني المحفظة الصغيرة » 
وتركوا لي جامة و احدة » كما انتز عوا ساعي من بدي وحلقة زواجي . وكان 
في الغرفة سرير حديدي عليه شلة ووسادة وبطانية واحدة مع طاولة خشبرة , 
وكرمبي واحد » ووعاء وضع في الزاوية للتبول فيه » وبناء على التماسي 
الشخصي ؛: سمحوا لي بالاحتفاظ بالقرآن الكريم ؛ الذي كان معي على الدوام » 
فكنت أستفيد من قراءة آياته الكريمة قراءة متأمل مدقق , لا أثر للترتيل فمها » 
ولا سيما في الآبات المتعلقة بالفرائض والأحكام . وكنت كلما أمعنت النظر في 
هذه الآيات البيّنات » كنت أحمده تعالى لأني ولدت عربباً مسلماً » واني 
ما زلت متمسكاً بهذا الدين الحنيف » دين محمد نبي العرب » وقائدهم , 
وموجههم . فالفرائض » ومنها الصلاة بعد الوضوء . توجه الإنسان نحو 


كلو 


خالقه جسماً نظيفاً مومناً » والصوم الذي يجعل المرء يشعر بالجوع والحرمان 
اللذين يعاني منهما الفقير والمعدم » والزكاة الي تفرض على المسلم أن يقاسم 
اخاه المسلم في ماله » فهذه هي الاشتراكية الحقيقية الي يسعى البشر إلى نحقيقها 
اليومء وكذا الحج إلى بيت الله الحرام فإنه بجمع بين الاخوان المسلمين » 
ويشعرهم بأنهم أخوة دين واحد » نقيم في بلد واحد » محرمة بلياس الإحرام 
الواحد » لا فرق بين كبير وصغير » والكل يلبي تلبية واحدة . فكنت كلما 
تعمقت في آي الذكر الحكيم وأنا في السجن » إزددت قناعة واطمثناناً . 
وكانت سلواي الوحيدة التمثل بالابة الكريمة : ( من المومنين رجال صدقوا 
ما عاهدوا الله علببه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا ' 
تبديلا ) . 

هكذا كانت حالي النفسية في السجن المنفرد » وني قبضة أعدانئي » 
وليس بين أهلي ومعارني من يعرف ملي . حالة هادئة مستسلمة للأقدار , 
ولم يكن ليزعجي مزعج إلا حين يفتح الحندي كوة الباب في الليل والنهار , 
لبر اقبني » وليتأكّد من وجودي عدة مرات في اليوم الواحد . أما الطعامالذي 
كان يقدام إلي" فهو ني الصباح كاسة فيها لثر من الشاي والحليب » يورّع من 
سطل واحد على المعتقلين » مع قطعتين صغير تين من الحبز والحبن . وني الظهر 
صحن فيه خليط من الرز وا لحضرة واللحم » مع قطعة من الحبز . أما في الساعة 
السادسة مساء فقطعتين من الحبز أو الكعك » مع قليل من المربى . وكان على 
كل معتقل أن ينظف غرفته صباح كل يوم » ويحمل وعاء فضلاته بنفسه إلى 
قسم المراحيض . وكنت أوّدي هذا الواجب لمرو لين عل لرسطارة مدو( 
مفر منه إلا" إذا شاء الحندي ( وكان ابن حلال ) أن يرى حالي » وكبر سني » 
وضعف بنيي » فيقوم ببذه المهمة بالنيابة عبي . 

كان الحندي الموكل إليه أمر حراسبي يأخذني في الساعة الثالثة من كل يوم 
إلى غرفة مدير المعتقل » الذي كان يحيد العربية ليجري استجواني » وكان هذا 
المدير مبودياً على أكثر الظن » فكان استجواني بمتد حبى الساعة السادسةأحياناً» 


يفك 


وأذكر اني في اليوم الثاني لوصول المعتقل » استصحبي أحد الضباط صباحاً 
إلى غرفة مجللة بالسواد من جميع أطرافها وقد تصد'رها كرسي كبير على ملصة 
قائلا” : اعتباراً من هذا المساء سيجري استجوابك كمجرم حرب . فقلت له : 
إذا كان قصدكم إرهاني وتحطيم أعصابي » فسوف لن أتفوه حبى ولو بكلمة 
واحدة » وإذا به ينقلني إلى غرفتي » حتى إذا كانت الساعة الثالثة » أخذني 
الجندي إلى غرفة المدير الي أشرت إليها آنفاً » لا إلى هذه الغرفة الملعونة . 
فبدأ استجوابني الذي امتد" اسبوعين كاملين كنت خلاهما أمضي نحو ثلاث 
ساعات في الاستجواب كل يوم . 

لقد سجتّلوا سيرة حيائي من يوم ولادتي إلى يوم اعتقالي . وكا نالاستجواب 
بحري كالاني : 
أولا” ‏ لماذا أصبحت خصماً لبر يطانيا وعدواً لها بعد أن كنت من رجال السياسة 

المسايرين لسياستها ؟ 
ثانياً ‏ مناسباتي مع نوري السعيد وعبدالإله » وكيف كانت في أول الأمرحسنة» 

وللاذا توترت بعدئذ ؟ 
ثالثاً ‏ مناسباتي مع المفني الحسيي » والعقداء الأربعة » ولا سيما العقيد 
رابعاً ‏ مناسباتي مع رجال تركية » وهل كانت لي صداقات مع بعضهم ؟ 
خامساً ‏ لماذا تركت تركية وذهبت إلى برلين أولا” » وإلى إيطاليا أخيراً ؟ 
سادساً ‏ ما الذي فعلته في ألمانية وإيطالية ؟ وما الذي فعله كل من المفني 
ورشيد عالي ؟ 

كانت هذه الأسئلة الستة تتكرر في كل يوم تقريباً » ثم يضاف إليها بعض 
الاستفهامات . وقد ظهر لي أن" الغرض من هذه الإطالة في الاستجواب » 
ومن نكرّر هذه الآسئلة ؛ هو تحطيم أعصابي » وقد تأيد هذا الاستنتاج عندي 


اورف 


حين رجوت ضابط الاستجواب أن يسمح لي يبعض الصحف والكتب العربية» 
فإذا به يبعث إلي" بكتابين : أوهما عن كيفية إعداد المأكولات الشرقية والغربية 
والحلويات ونحوها , والثاني فيه حكايات جنسية على غرار كتاب «رجوع 
الشيخ إلى صباه » » فقد استنتجت من إرسال هذين الكتابين أن الجماعة 
بريدون تحطيم أعصابي بتذكيري بتلك الأكلات الشهية » وأنا أجد نفسي 
سجيناً في غرفة ليس عليها غير جندي المراقبة » وبتهييج النزوات البشرية » 
وأناالا أملك من نفسي أمرأ» لا سيما وقد نقص وزني من ١1‏ كلغ إلى 47 كيلغ 
نتيجة لسوء التغذية والإرهاق . لهذا أعدت الكتابين إلى من أرسلهما إلي بعد 
أن اطلعغت على مضمونبها » وأظن” أن أية عبقرية ما كان في إمكانمها أن تتفتق 
عن هذا الأسلوب اللحبيث غير العبقرية البريطانية . 
كنت قد أطلت حيبي بعد أن كان الحارس يزعجي بالمراقبة أئناء الحلاقة 
لئلا أنتحر بموس الحلاقة . فقد كانت الرقابة هذه شديدة ومزعجة حتى اني 
كنت أذهب لقضاء الحاجة » وكان ينظر إلي' من وراء الباب إمعاناً في المراقبة 
والإزعاج » وقد تحمّلت كل هذه المضايقات فلم أفقد عقلي » ولم نتحطم 
أعصاني » وكان القرآن الحكيم سلوتي في خلوتي » ومنقذي م نكل أوهام كانت 
نسيطر على ذهي . وقد فوجئت بخبرين بعد يومين : 
أولا" ‏ انتهاء الحرب مع اليابان بعد إلقاء القنبلتين الذريتين على هورشيما 
وناكاساتي . 
ثانياً ‏ نحية من الحئرال كلايئن لي » وهو شقيق السر جلبرت, كلايئن المندوب 
السامي البريطاني الأسبق في العراق » وكنت تعرفت على هذا الحتر ال 
عندما كان ضابطاً برتبة مقدم في البعثة العسكرية الاستشارية فيالعراق 
في العشرينات » فقد طلب هذا اللحئرال إلى مدير المعتقل أن بحسن 
معاملي ويحقق لي من الرغبات ما لا يتعارض مع أنظمة السجن 
والمعتقلات العسكرية فكان كل ما طلبته من مدير السجن شيئين . 


ولاه 


أ- تزويدي بقليل من ماء الشرب في كل يوم , 
ب - بعض صحف القاهرة » وقد لبى الطلبين . 


تصويري في ظل العسلم البريطاني :" 

في صبيحة أحد أيام تموز الأخيرة فتحت باب غرفي » فإذا لي أشاهد 
ضابطاً بريطانياً لم أره من قبل » وقد طلب مني أن أسير معه . وكان بمعيته 
جندي يسير خلفي » وبيده بندقية مصوبة نحوي ٠‏ وبعد أن اجتزنا عدداً 
من الساحات المحاطة بالأسلاك الشائكة » بلغنا محلا" فيه بناية صغيرة » وعلى 
الحائط المقابل للبناية علم بريطاني كبير الحجم » وأمام العلم كرسي خشي 
صغير وقديم » كان نصفه محطماً» فأمرني الضابط بالحلوس على الكرسي موجهاً 
وجهي شطر البناية المذكورة » وإذا برجل يخرج منها وبيده آلة تصوير ليصورني 
وأنا على هذه انذالة الرونة 6 قدالكت أعما و على 2 تصويري فلما اقتادني 
الضابط ليعود بي إلى غرفي » طلبت مواجهة مدير السجن وقلت له : كنت 
أتصور أن أواجه أوضاعاً مزرية أكبر مما واجهته حتى الآن» فإن كان القصد من 
تصويري على الصورة البي تراني مها » وفي ظل العلم البريطاني الذي حاربته من 
أجل حرية بلادي » فلا أظن أن هذا يدل على عظمة بريطانيا » ولا سيما وأنا 
أسين. نين يديكم تستطيعون أن تفعلوا بلي ما تشاوون . لقد كان في إمكاني أن 
أقاوم تصويري على هذا الشكل المزري » ولكني أردت بمطاوعتي للأمر أن 
أتأكد الدرجة الي وصلت إليها تلك العظمة » ورجوت المدير أخيراً أن يسمح 
لي بنسخة من هذه الصورة لأحتفظ بها الذكرى وتجعلي أشد بغضاً لكم . 
فرد” الرجل علي قائلا” : ان هذا أصول ا 
نحتوي على تصاوير جميع الذين يدخلون سجنهم أو يعتقلون فيه . وقد علمت 
في اليوم لني من هذه القابلة وهذه الهزلة انهم سيسفروني إلى العراق . 

© تسفيري. إلى بغداد .: 

أعيدت إلي”" محفظي الصغيرة وما فيها من محتويات خاصة » وهيأت نفسي 


فى 


لسفر فغادرت المعتقل إلى مطار القاهرة برفقة ضابط برتبة ملازم أول » ثم 
حلّقت الطائرة بنا متوجهة إلى دمشى فبغداد فبلغناها مساء . ولما حطت الطائرة 
على أرض المطار » تخرج منها المسافرون جميعاً: وطلب إلى" الضابط أن أنتظر 
ليلا » ثم خرج و بعد دقائق معدودات دخل الطائرة ضابط عرائي برتبة مقدم 
علمت بعدئذ انه آمر معتقل أبي غريب - فطلب إلي' أن أرافقه » فلما 
نزلنا السلم » وجدنا في انتظارنا سيارة عسكرية ونحو عشرة جنود » فركبنا 
السيارة حيث جلس الضابط بجوار السائق» وأجلسوني في القسم انلحخلفي منها ) 
يحف بي ثلاثة من الحنود المسلّحين بالبنادق » ولم أسأل أحداً إلى أين ستتجه هذه 
السيارة ؟ لأني لاحظتها تخرج من المطار وتتجه نحو الحهة المعاكسة للمدينة ؛ 
أي انها اتجهت نحو جسر الحر . وبعد أن اجتزنا هذا الحسر » صادفنا سيارة 
أشارت علينا بالتوقف » وإذا بها تقل" زوجة محمد على محمود » فقالت : 
الحمد لله على السلامة . وكانت عائدة من زيارة بعلها في معتقل ألي غريب . 


وصلنا معتقل أي غريب بعد مسيرة قصيرة فوجدت أن قد سبقنا إليه كل 
ن : الشريف شرف » وحلي محموذ الشيخ علي » ومحمد علي محمود , 
رووف البحراني . فكان عناق » وكان لقاء » بعد خمس سنوات . وبعدأيام 
عي إلينا بالدكتور محمد حسن سلمان » فاجتمع شمل الزملاء » وم يكن 
مصنا إلا رشيد عالي الذي استطاع أن يلتجىء إلى المملكة العربية السعودية . 
بلوذ بحماية العاهل الملك عبد العزيز آل سعود . أما ناجي السويدي فقد توفاه 
له في منفاه بروديسيا الحنوبية» وأما يونس السبعاوي فقد أعدم وار معتقلنا 
زم 8 أيار 1441م مع العميدين : فهمي سعيد : ومحمود سلمان » وأما 
ومى الشابندر » فكان قد أخلي سبيله قبل وصولي إلى هذا السجن . 


© السجن العراني- سجن أبو غريب : 
كانت بناية هذا السجن ني الأصل دار ولادة للأفراس العائدة إلى لواء 
أنيالة للجيش العراقي . وهو بناية مستطيلة الشكل » قاعدتها ٠١‏ في ٠١‏ أمتار » 


هئ؟١‎ 


وها بابان واسعان في جهي الشمال والحنوب » وفيها عشر غرف سعة كل 
منها 4 في ه," مثر » خمس منها إلى اليمين واالحمس الأخرى إلى جهة اليسار, 
وها ممشى بين الغرف عر ضه ثلاثة أمتار . أما ار تفاع البناية فكان أربعة أمتار , 
وأما سقفها فجمالي من صفائح الزنك ( الحينكو ) مما يجعل درجة الحرارة 
مرتفعة في موسم الصيف حتى تبلغ ا لحمسين ظهراً . وأما الحدران بين الغرف 
فلا تعلو حتى السطح ما يجعل أصوات الساكنين فيها تسمع بكل سهولة . 
وكانت ستة من غرف البناية العشر قد خصّصت للسجناء » وغر فتان لالحرس : 
واستعملت الغرفتان 'المتبقيتان كحمام ومرحاض . على طراز المراحيض 
الإنكليزية ( دكتان مرتفعتان بينهما صفيحة تنك ) فإذا امتلأت الصفائح 
با حروج والبول » وأراد أحدنا أن يستعملها » أصابه الرشاش القذر » فكان 
في إمكاننا أن نتحمل كل مساوتىء السجن ومضايقاته إلا" قضية المرحاض هذه 
الي كنا نجابهها بمرة أو مرتين في اليوم الواحد . 

كانت كل غرفة من غرفنا تطل" على الممشى » وا شباك يطل" على الفضاء 
المحيط بالبناية » وكانت أمام البناية ساحة كبيرة ليستفاد منها في لياللي الصيف » 
وكانت الأسلاك الشائكة تحيط بذل ككله» وهي مزدوجة» وكان الحراس يفون 
5 أكشاكهم آناء الليل وأطراف النهار للمراقبة» ول تكن البناية منارة بالكهر باء 
ولاكان فيها ماء إسالة » فكنا نغتسل بالماء الذي يوتى به من ترعة أي غريب . 
أما مياه الشرب فكانت تأتينا مع طعامنا من بيوتنا .وكانت لنا مصابيح غاز أو 
شموء نستضيء بها » وكانت غرفنا جميعاً مستودعاً لأنواع الحشرات مسن 
العناكب الكبيرة الي تلسع لسع العقارب » والصراصير الحمراء الكبيرة ؛ 
والنمل » والنجرس ؛ والحرذان » وأبو بريص القذرء ومختلف أنواع الذباب 
والبق ونحوها . وكنا نحتمي بقطع من الأقمشة وضعناها تحت سقوف الغرف 
المسقوفة بالحينكو لاتقاء حرارة الصيف المهلكة أو تخفيف شدتما على الأقل . 

كان الغداء يرسل إلينا من بيوتنا بواسطة سيارة السجن المركزي في الساعة 
الثانية عشرة من ظهر كل يوء » وهذا كنا نعطي الغذاء الذي يقدم إلينا من 


دك 


قبل إدارة السجن إلى الحنود » وكان الشريف شرف يرفض أن يساهم معنا في 
لأكل » مكدذياً بطعام السجن الذي يقد م إليه » إذ لم يكن في بغداد من 
يستطيع تدبير أمر إرسال طعام خاض إليه . وكان يسمح الأقارب والأصدقاء 
أن يزورونا في الأسبوع مرة أو مرتين » وأذكر أن بين الأصدقاء الذين زارونا 
أرشد العمري » وعلاء الدين النائب » وكامل الجادر جي : ونشأت السنوي » 
والسيدين : أمين خالص » ويوسف أوفى » وعبد الرزاق الحسي » وغيرهم 
من لا تحضرني أسماوهم . وكان الأصدقاء يغرقونا بهداياهم من الفواكه ؛ 
والسكاير ؛ والمجلات » والصحف ونحو ذلك . 
وكان حرس السجن مكو نا من الحنود التابعين لفوج الحراسة الملكي . 
وكان يحري تبديل هولاء مرة كل أسبوع » فيرسلون من قصر الرحاب » قصر 
عبد الإله » الذي سمي بعد الإطاحة بحبروته بقصر النهاية » فكان عددهم 
إثنا عشر جندياً يقودهم عريف ونائب عريف » وكان رئيس العرفاء يقيم في 
السجن بصورة دائمية كمعاون لمدير السجن الضابط . وقد استمر اعتقالي على 
هذا المنوال » وي هذا الى » مل ” أيلول 144١م‏ حبى آب 1941م » وهذه 
أهم أحداث تلك الفسرة : 
أولا” - في اليوم الثاني لوصولي معتقل أي غريب زارني في غرفي مدير السجن 
المركزي » ومعه طبيب السجن » وجندي يحمل ( زنبيلا ) مليء 
بالقيود الحديدية » وطلب مني أن أساعد الطبيب لفحصي » لأن إدارة 
السجن علمت بأني مصاب بالكلى فإن تحقسق هذا لدى الطبيب فسأعفى 
من وضع القيود المفروض وضعها في أرجل المحكومين بالأشغال 
الشاقة . وكان الطبيب مهذباً » كمدير السجن » وأفهماني كلاهما أن 
هذا ما اتفق عليه لتفادي تكبيل . فقلت لما : أود أن أجرّب هذا 
اليد ولو لحظة واحدة لتكون ذكرى دائمة فلم يوافقا على ذلك » 
وودعاني بعد أن أخذا توقيعي على التقرير الذي كتبه الطبيب » 
وصادق مدير السجن على توفيعي 


اذك 


ثانياً - عادت زوجي وولداها من اسطنبول إلى العراق في أواخر أيلول بعد 
أن علموا بوصولي واعتقالي في بغداد . 
ثالئاً ‏ كان عبد الإله خارج العراق » يوم جيء بلي إلى بغداد» فلما عاد إلى 
العاصمة في ٠١‏ أيلول 1448م من زيارته لأمريكا مار بتركية , 
دخل علي" ني غرفي مدير السجن والضابط المقدم ني نحو الساعة 
الرابعة من بعد ظهر اليوم الثالث والعشمرين من الشهر المذ كور, 
وقالا : ان لديهما أمراً بأخذي إلى قصر الرحاب لمقابلة الوصي , 
وأن علي أن أرتدي لباس السجن المخطط والخاص بالمجرمين 
الاعتياديين المحكومين بالأشغال الشاقة المؤبدة . وحيث لم تكن لدي 
بدلة سجن من هذا الطرازء أعارني علي محمود الشيخ علي بذلته ابي 
كان يحتفظ بها في غرفته » ورجاني أن ألبسها . واجتمع زملائي وهم 
ينظرون إلي" وماذا سأفعله . 
فكرت ني أمر ارتداء بزّة السجن فوجدت ان من العبث ألا أفعل ذلك » 
ولا سيما وان الغرض من هذا التكليف هو أن يقابلي عبد الاله وأنا بهذه البرَة 
فيشفي غليل حقده ونزواته » فارتديتها لأرى ما سيكون . وقد أوصاني زميلي 
علي محمود ان أمتلك أعصاني في أثناء المقابلة » وأن لا يصدر مي ما يزيد 
الوضع حراجة . وكذلك كان رأي الزملاء فوعدت هؤلاء الكرام اني سأكون 
عند حسن ظنهم في » وسأمتلك زمام أمري فلا يصدر مي 00 
إلا اذا تعمد عبد الاله إهاني » غاني سوف لن أصبر ا 
بعثلها . وقد تقصدت اسماع مدير السج نكلماتي هذه ليكون على بينة من الامر. 
كنت في وضع مضحك وغريب » فق د كانت بذلة علي حمود واسعة لأن 


المومى إليه كان أطول مني وأثخن» وكانت أذيال بنطلونه الذي إرتديته تكنس 
الارض كنساً» وكنت الى هذا حاسر الرأس» فركبت السيارة وجاست الى أحد 


مقاعدها الحلفية » وركب معي ثلاثة جنود ببنادقهم » وجلس مدير السجن 


665 


إلى جانب السائق . وهكذا وصلنا قصر الرحاب في نحو الساعة الخامسة فأنزلوني 
من باب القصر الى قاعة الاستقبال الي كنت أعر فها تمام المعرفة » حيث يستقبل 
اها لقع مدطر دري السنه ارس ,وسقي . وأرجو أن 
بثق قا ري اني لا دخلت هذه القاعة الآن » وأنا ببذلة السجن ؛ كنت أشعر 
بنفسي بأني ارفع مقاماً وأسمى منزلة من ذي قبل » فقد دخلت هذه القاعة الآن 
بهذا اللباس لاني قمت بواجي نحو بلدي وأمي . 
دخل عبد الاله » ومن ورائه عبيد بن عبد الله المضايفي ا حجازي ‏ وقد 
أصبح عبيد هذا عفيداً في اميش العراقي - يقطر حقدا وغضبآ » وأرنبتا أنفه 
تر نجفان فبادرني قائلا (وين تركت الزيي جم وكيف حاله ! ) وكان يقصد بالزعيم 
رشيد عالي بالطبع ١‏ لح ١‏ ل الضف ان اقرف دا من أمره . لأني 
فارقته في أواخر أيلول 1147 في روما . 
ع - أرأيت العاقبة الآن ؟ من كان المخطىء ومن كان المصيب ؟ من الذي خدم 
بلاده ومن الذي خخحامها ؟ 
ج - لا يصح ا هكم الأن لآن التاريخ هو الذي سيقرر ذلك في المستقبل . 
ع - لا تأمل مني أية رحمة . 
ج - ان الله هو الرحمن الرحيم » ولن أطلب الرحمة من أي أحد سواه . 
كنت أثناء هذا الحوار هادثاً تمام الهدوء » وكنت أنظر الى عينيه بتحد 
وهكذا انتهت المقابلة وأعدت الى سجي في أني غريب حيث كان زملائي 
بتتظروني » فلما رأوني ابتسم لم عند نزولي من سيارة السجن» ظهرت عليهم 
أمارات الارتياح » فق دكانوا قلقين يخشون أن يحدث حادث لا ير تضونه كما سبق 
ان حدث للشريف شرف أثناء أخذه لمقابلة عبد الاله مع زميل آخر . فاذا به 
بجينهما ويبصق في وجه الشريف شرف . 


هه سيرة وذكريات (0”) 


( ملاحظة ) : بعد ان دخلت غرفي » واستبدلت ملابس السجن لابسي , 
تأملت في الحاضر والماضي » وتذكرت كيف اني كنت منحت عبد الاله 
الحنسية العراقية » بعد مقتل الملك غازي , والمساعي الي بذلت لتعيينه وصباً 
على الملك فيصل الثاني» حي ثكنت وزيراً للداخلية» ولي الصلاحية المطلقة في 
منح هذه الحنسية أو حجبها . فقد كانت السلطة العليا ‏ بعد مقتل الملك - في 
بد مجلس الوزراء » فلو أني رفضت منح عبد الاله الحنسية المذكورة في تلك 
الفرة من تاريخ العراق » فما كان في استطاعة رئيس الوزراء نوري السعيد 
آنئذ أن يعمل شيئاً » إذ لو فرضنا انه طلب إل" الاستقالة من منصبي ليأخذ 
وزارة الداخلية الى عهدته » وبمنح الحنسية المطلوبة لعبدالاله» ورفضت الاستقالة) 
فهل كان في الامكان أن تستقيل وزارة نوري ليشكلها من جديد بعد إخراجي 
منها؟ كلا" ان ذلك لم يكن في الامكان» لآن الوزارة كانت قائمة مقام الملك فإلى 
من تقدم استقالتها اذا كان الملك غير موجود ؟ لا شك انه كانت محصل هناك 
حالة هي الفريدة من نوعها في تاريخ العراق الحديث ووضعه الدستوري » 
ولكانت أن تضطر الوزارة الى ترشيح رجل عراتي الاصل لمنصب الوصاية 
وتقديمه الى مجلس الامة ليق انتخابه ويصبح عبد الاله صفراً الى اليسار . 


©» رابع : وصول صلاح الدين الصباغ : 

في حوالي الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم الثالث عشر من تشرين الاول 
سنة 14146 طلب إلينا عريف الحرس أن نغلق أبواب غرفنا ولا نغادرها لفيرة 
قصيرة . فلما انتهت هذه الفيرة وفتحنا الابواب » علمنا بوصول العقيد صلاح 
الدين الصباغ الى المعتقل ومنع مواجهتنا له . فلما كان اليوم الثاني لوصوله . 
نقلوه الى قصر الرحاب لمقابلة عبد الاله . وقد علمنا ان هذا أهانه إهانة” بالغة» 
ثم علمنا في مساء يوم ١6‏ من هذا الشهر ان صلاحاً سيشنق عند صباح اليوم 
التالي . وقد ثم ذلك قبيل الفجر » وبقي جثمانه معلقاً على باب وزارة الدفاع 
حبى الساعة التاسعة » حيث مر به عبد الاله في طريقه إلى البلاط وشاهده معلقاً 


كن 


من رقبته بحبل المشنقة » بدلا" من أن يعدم رمياً بالرصاص بصفة كونه جندياً 
وضابطا » وهو ما تقضي به الاصول المتعارف عليها . 

كانت ليلة اعدام هذا العقيد الباسل من أحلك الليالي وأفجعها لنا » نحن 
ززلاء سجن أني غريب فقد كان الرجل يتلو القرآن طوال الليل » ويصلي 
باستمرار حنى ساعة أخذه إلى المشنقة . رحمه الله برحمته الواسعة» وشكراً 
للجمهورية العراقية الحالدة اللي نقلت جثمانه مع زملائه الشهداء الى مقبرة 
الشهداء في جامع أم الطبول في عام فاستحقت بعملها هذا شكر الشعب 
العرائي وتقديره . 

©» خامساً وفة والدتي : 

زارتني والدتي ني سجن أبي غريب مرة واحدة تصحبها زوجي الي كانت 
قد عادت من اسطنبول في أواخر أيلول 1440 . وقد كانت أمي عجوزاً ناهز 
عمرها الثمانين عاماً » ولم أرها بعد تلك الزيارة الواحدة حبى وافاها أجلها 
المحتوم في الرابع والعشرين من شهر نيسان 1445 . وكنت أتوقع أن يسمح 
لي بالقاء نظرة عليها في أيامها الاخيرة ولو لبضع دقائق » ولكن عبثاً أن يأمل 
المرء مثل هذه الانسانية من رجال مائت قلوبهم با حقد واللوم والكراهية . لقد 
كتموا عبني خبر وفاما ثلاثة أيام حتى رأى زميلٍ علي محمود الشيخ علي » أن 
من الحماقة كم هذا الحبر أكثر من هذه الايام الثلاثة » فقصدني الى غرفي » 
وبعد أن واساني في مصيبي » بكيت بكاء مرا عليها . رحمها الله . 

للأقدار أحكام غريبة وعجيبة » فقد توني والدي في اسطنبول أيام الحرب 
العالمية الاولى » في عين الاسبوع الذي وقعت فيه جريحاً في معركة الشيخ سعد . 
الي دارت بين الحيشين : العثماني والبريطاني اذكنت ضابطاً في الحيش الاول» 
فحرمت من مشاهدته قبل وفاته » وحرمت من مشاهدة وفاته » وها اني الآن 
أحرم من القاء النظرة الاخيرة على والدتي لأني سجين فلم أتمكن مسن 
رؤيتها . 


1ه 


بعد أن صادرت حكومة عبد الاله جميع ما أملكه من منقول وغير منقول, 
مما ورثته عن الآباء والاجداد » أبقت لنا دار سكنانا في كرد الباشا على شارع 
أني نؤاس » وقد اضطررت لبيع هذا الدار لتسديد ما ترتب علي" من ديون ) 
ولتأمين ما نحتاج إليه العائلة من نفقات كنا بنيت داراً جديدة على أرض تبرع 
بها الاخ الدكتور صائب شوكت في الكرادة الشرقية من ثمن هذه الدارء وبقيت 
فضلة اشتريت بها قطعة الارض الي ورثتها عن أي فباعتها الحكومة بالمزايدة 
العلنية حيث رسبت على عديلي السيد أجمد الكيلاني » وهي القطعة الي أسكن 
فيها الآن في دار صغيرة بعيداً عن بغداد . 


نبذة عن سيرة من حكتم العراق عشرين عاماً 

تر ددت كثير أ في كتابة هذه الاسطر عن حياة عبد الاله الشخصية » وعن 
وقاحته الي تعدت كافة القيم الاخلاقية » والمخازي الي ارتكبها أثناء حكمه 
الغراق حكماً ديكتاتورياً فاسداً زهاء العشرين عاماً » ولكن أمانة التاريخ 
حتّمتٍ علي تدوين ما أعرفه عن خيانته وسفالته وحطة أخلاقه » على الرغم 
من ترفّعي عن ذكر مساوىء الناس . 

على أثر اطاحة السلطان عبد العزيز آل سعود بالحكم الحاشمي في الحجاز 
عام 1١97©‏ م2 اضطر الملك علي » أكبر أنجال الملك حسين » أن يلجأ الى أخيه 
الملك فيصل بي بغداد» وقد اصطحب معه عائلته ونجله عبدالاله» فخصص له 
فيصل راتباً شهرياً قدره أربعة آلاف ربية ( نحو ”٠١8‏ باون ) لآنه كان معدماً ؛ 
وفي حالة يرئى لها . وللحق أقول ان الملك علي كان متواضعاً ولطيفاً في معشره 
وسلوكه » ولكنه لم يكن بمقدرة أخيه الملك فيصل » ولا بحنكته السياسية . 


وقد رأى عبد الاله ان الأمير غازي » ابن عمه الملك فيصل ولياً للعهد » 
وان أباه الملك علي يعيش عالة على أخيه فيصل » وان الامور لا تبشر 


4ه 


مستفبل له » فتملكته عقدة الحقد والحسد لأنه كان محروماً من كل جاه أو 
سلطة . ولما اضطر والده لالحاقه بكلية فكتوريا الانكليزية في الاسكندرية 
بجمهورية مصر » كان مضرب الثل في الكسل وسوء الحلق . وكانت تقارير 
عمادة الكلية لا تبشر بخير له فأعيد الى العراق » قبل أن يتم دراسته فيهاء 
فانزروى ولم يتصل بأحد من الطبقة الكادحة والفلاحين والعمال لمعرفة نفسية 
الشعب العرائي ٠‏ أو تاريخ العراق القديم منه والحديث » واقتصر همه على 
الاسهام في سباق الحيل » فأسس عصبة من الأسافل اضراب : منفي الجاكي 
وزمرته » على حين ان غازي ابن عمه التحق بالكلية العسكرية في بغداد . 
واختلط بطلابها » وكون صداقات مع أفراد الشعب فأحبهم وأحبوه . 

بي عبد الاله عاطلا” منزوياً حى اصطفاه نوري السعيدء وأخذ يبيؤه 
للمستقبل » بدلا" من ولي عهد العراق الامير غازي . وكان غازي يكره نوري 
السعيد كرهاً شديداً » ويرى في ثقته العمياء بالانكليز » وف استبداده واستهانته 
بكرامة الشعب مالا يتفق مع أحاسيسه الوطنية . وتشاء الاقدار أن يقتل الملك 
غازي - بعد تبوئه عرش العراق في أيلول عام 19 في حادث اصطدام 
سيارته المزعومة بعمود كهربائي ليلة 4 نيسان 148 م » وان يتخذ نوري 
السعيد كل الثدابير الممكنة لتنصيب عبدالاله وصياً على فيصل نجل الملك غازي» 
لأنه كان طفلا” وان يضطر البرلمان العراقي الى تأييد هذا التعيين » ولا سيما وقد 
كان العالم على شفى ا حرب العالمية الثانية . وكان نوري يأمل بأن بماشي عبد الاله 
سياسته الضالعة مع الانكليز . وهكذا أصبح عبد الاله حاكم العراق والوصي 
على العرش » وكان هذا الوصي قد احتفظ يجنسيته احجازية خمس عشرة 
سنة » ولم يتجنس بالحنسية العراقية إلا" بعد نصبة وصياً : وكنت أنا الذي 
منحته هذه الهنسية بصفة كوني وزيراً للداخلية في وزارة نوري السعيد الثالثة » 
المؤلفة في 70 كانون الاول سنة 19488 . 

هذا هو ماضي عبد الاله » وهذه هي قضية تمتعه بالحنسية العراقية » بعد 
احتفاظه بيجنسيته الحجازية خمس عشرة سنة كنا تقدم . وكان يظن - بعد أن 


46 


أصبح وصياً ‏ انه سيكون في مقدوره أن يعمل ما يشاء » وان يحكم حى 
المالك بملكه ما دام هو متمتعاً بثقة نوري السعيد وعطف الانكليز » وما دام 
المنافققون من رجال السياسة يتملقونه ويرجون رضاه . 


مخازي عبد الإله وشذوذه 


بدأت ظواهر عبد الاله وشذوذه الحنسي تظهر مع الذكتون محمد الطبيب 
المصري لدى عائلته» يوم كان ما يزال في السادسة عشرة من عمره » ثم مع 
( منفي الحاكي ) . وكان وضعه مع السايس منفي المذكور حديث الخاص 
والعام » حى بعد صيرورته وصباآ . ولما انتقل الى قصره - قصر رحاب الذي 
سمته حكومة الثورة قصر النهاية ‏ أصبحت مناسباته مع بعض الحنود » ولا 
سيما أفراد الحرس منهم مضرب الامثال » حتى انه اذ من أفراد حرسه هذا 
حراساً علينا » بعد وضعنا في سجن أبي غريب ليطمين الى وضعنا تحت رقابته 
الشديدة » فكنا نلحظ الحنود يتهامسون ويتغازلون وينقلون روايات تكاد 
تكون الى الحيال أقرب منها الى الحقيقة . 

ولا يسعني إلا أن أروي الآن رواية سمعتها من صديق لا يرتقي الشك 
الى صدقه » وكان ذلك في أواسط عام 21145 ففي احدى الحفلات الرسمية؛ 
الي أقيمت في حدائق قصر رحاب » وحضرها الوزراء » والنواب» والاعيان؛ 
ورجال الدولة » كان عبد الاله يحتسي المشروب باسراف » وكانت تقف إلى 
جانيه زوج أعة الورراء المائقق. + واذا:به تعد باذ :ينك عقدار؟ من 
المشروب على بدلتها أثناء الحديث معها » ثم يأخذها إلى داخل القصر بحجة 
ازالة ما علق يثيابها » ثم يعود بها الى الحفل على مرأى ومسمع من الحاضرين 
ولعله أراد أن يقلد بعمله هذا نابليون بونابرت فهناك رواية تروى عن نابليون 
خلاصتها : انه في احدى المآدب الي أقيمت على شرفه في وارشو » عاصمة 
بولونيا » سكب مقداراً من الشراب على سيدة بولونية جميلة » ثم اقتادها الى 


احدى غرف القصر محجة نجفيف ثيابهل. وتذكر الرواية ان هذه السيدة 
اضطرت فيما بعد أن نضحي بأعز ما تملكه في سبيل اقناع نابليون بوجوب 
تخليص بلادها من السيطرة الاجنبية » ؤيساعدها على نيل استقلالها . فأية خدمة 
ارادت هذه السيدة « زوجة الوزير العراتي:» ان تقدمها الى شعبها ار ضاء لحلاعة 
عبد الاله؟. 


مجاورة الشيوعيين لنا 


في السنة الثانية لاقامتنا في سجن الي غريب » قررت الحكومة نقل 
الشيوعيين العراقيين من سجن ( نقرة السلمان ) في البادية احنوبية الى جوارنا 
في أني غريب » تمهيداً لمحا كمتهم » ولكنها وضعتهم في البناية المقابلة لسجننا . 
وكانت بنايتهم أحسن حالا من بنايتناء فق دكانت فيها مراحيض ومغاسل اعتيادية 
على الاقل » وكنا نتبادل واياهم التحيات والمجاملات بقدر ما كانت تسمح به 
الظروف . وكان يسمح لعائلاتهم بزيارتهم مرة في الاسبوع . وكان على رأس 
هؤلاء يوسف سلمان المعروف بفهد . 


الوفاء عند ابعض 

وي ذات يوم زار معتقلنا بعض الوزراء والشخصيات البارزة لزيارة 
الزميل محمد علي نحمود » وطلب يد احدى كر يماته الى أحد أولاد لمر حوم 
جعفر العسكري . وكان بين هؤلاء الذوات أحد الذين اخيم رمم لمنصب الوزارة 
في وزارتي المولفة عام 1917 م2 وقد مر بباب غرفي فلم يتنازل بالدخول 
فيها » حبى ولا كلف نفسه بالسلام علي . وهكذا تكون الاخلاق وتكون 
الشيم . 

ذكرتي حالة هذا الوزير ( الشهم ) بالضابط الطلياني الذي شاء كرم 


زوه 


أخلاقه أن يقترح علي" بأن يخفيني في دار خالته » لما دل اللحيش الامريكي 
مدينة ميرانو شمالي ايطالية لثلا أقع في أيديهم » ولم يكن مديئاً لي بأي عرفان 
أو جميل » ولاكان من أبناء وطي . 


© نقلنا الى مستشفى الكرخ : 
000 
الى مستشفى الكرخ » بحجة المرض » وبعد يومين نقلوني والدكتور محمد حسن 
سلمان الى المستشفى نفسه » وبالحجة نفسها : ولا شك في أن القارىء يستطيع 
أن يدرك الغرض من نقلي والدكتور سلمان الى المستشفى المذكور » في هذا 
الوقت بالذات . 

كانت مساحة غرفة المستشفى الي خصصت لي ٠‏ - ه,؟ فهي صغيرة على 
كل حال » وكانت أمامها فسحة يمكن أن تتخذ بمثشى » ولكن كنا على كل حال 
محط أنظار المرضى والزوار » كأننا كنا حيوانات في قفص بحديقة الحيوانات . 
وفي الوقت نفسه علمت ان علي محمود الشيخ علي - الذي لم يشمله هذا 
اللطف د بكي وحيدا في أني غريب:+ وقد أخعلت: الاوهام تعايه بين حين 
وحين » حتى انه كان يخشى أن يصيبه مكروه . ولهذا فضّلت العودة الى أني 
غريب لأكون على مقربة منه » على الرغم من ممانعة مدير المستشفى الدكتور 
صبيح الوهي هذه العودة . وهكذا بقيت وعلي محمود في هذا السجن المنعزل 
أكثر من شهر . فلما أنم علي مدة محكوميته وخرج من السجن » وبقيت وحيداً 
لا أرى غير جنود ا حرس » شعر هؤلاء بعاطفة نحوي فتقدم مني أحد ال حراس 
ذات يوم » بينماكنت أسير في الممشى وحيّاني نحية عسكرية » واسرّ إلي انه 
وجماعته يفكرون في وضعي » ويتأ مون لذلك أشد الالم » وامهم كلهم يلعنون 
عبد الاله وطغمته الفاسدة . فشكرته على شهامته ونجابته » وقلت له اني سوف 

لا أنسى هذه العراطف » وانبا هي سلوتي في وحدتي . 


6ه 


إعداد سجن ألي غريب اضباط الإيرانيين 


في يوم من أيام العشرة الاولي من شهر تموز 1445 وصل الى سجن أبو 
غريب نحو عشرة من الضباط الكرد الاير انين كانوا قد أسروا بعد القضاء على 
وجمهورية مهاباد» الكردية في « أذربيجان الايرانية » ومعهم شيخ مسن 
الاكراد » وكنت أشكو الوحدة والوحشة حى كدت أفقد عقلي » وأنا في ذلك 
الحر الللاهب » حيث تقارب درجة الحرارة الحمسين سانتيغراد » والروائح 
الكرمبة تنبعث من هؤلاء الزلاء » فتضاف الى رائحة البول والحروج؛ والى 
صراخ الشيخ الكردي وتوسلانه ‏ بعريف الشرطة الذي كان يلازمه في غرفته 
ليعيد إليه نقوده » حيث نيطت الحراسة بالشرطة بدل الحيش كانت هذه 
الحالة الي تستمر من السادسة صباحاً حتى الساعة السادسة مساء تقلقي فتحملئ 
على البقاء في غرفي » ولكنها لم تستمر طويلا لحسن الحظ فقدٍ تقرر بقلي الى 
الدار الي استأج رتها زوجي في شارع طه » إلى جوار دار عديلقٍ كامل 
الحادر جي » لأن الحكومة خصصت سجن ألي غريب إلى هؤلاء الغرباء . 

سجي في داري 

بعد أن تقرر نقلي من أي غريب الى الدار » جاءت إلي" زوجتي 
فاستصحبتني من السجن الى الدار بحراسة عريف من الشرطة » فبقيت نحت 
الحراسة مدة حتى حتى استطاع السيد محمد الصدر أن يستصدر عفواً خاصاً 
باعفائي مما تبقى من محكوميي بعد سنة من هذا الانتقال» وكان الشرطي الحارس 
يستبدل خلالها في كل اسبوع مرة . ولا أتذكر اني حظيت أثناء مقامي في أبي 
غريب إلا" بزيارة عدد ضئيل من المعارف والاصدقاء » فلم يزرني من رؤساء 
الوزراء السابقين غير أرشد العمري لمرة واحدة. واذكر ان صديقاً جاء 
يزورني ذات يوم » فآلمح إلي أنه شاهد أحد الوزراء السابقين يستوقف سيارته 
في الطريق ويسأله عن الحهة الي هو آت منها فلما أخبره بأنه كان في زيارة 


؟وم هم 


فاجي شوّدت » قال له ( شلك إببل دوخة الراس . ارجع أحسن ) فعاد الوزير 
عن تصميمه ولم يزرني . على حين ان بعض الاصدقاء كانوا لا ينفكون عن 
زيارتي أذكر منهم : علاء الدين النائب » ونشأت السنوي » وأمين خالص , 
وعبد الرزاق الحسي » وغيرهم » ممن لا أتذكر أسماءهم فأستمحيهم عذراً , 
كنا لم يزرني في الدار الي انتقلت اليها إلا" القلة القليلة من معاري وأصدقائي . 
ولكن حيث كانت هذه الدار نجاور دار عديلي كامل الحادرجي » فكنتث 
التقي به أحياناً » وأحتسي وإياه القهوة » وكنت أحياناً التقي في داره ببعض 
أخصائه اضراب : الدكتور ناجي الاصيل » وحسين جميل » ويوسف عز 
الدين » ومحمد حديد » ومحمد صديق شنشل » فكنت أجد في هذا اللقاء بعض 
الراحة النفسية » محتفظاً بأعصاي بصفة كوني نصف سجين ومحدد الحرية . 
وكثيراً ما فكرت في الحرب من العراق . ولكن حرصي على البقاء مع الاهل 
والأولاد كان يحول دون ذلك . 

مرت علي" عدة أشهر وأنا على هذه ال حالة حنى اذا قام الشعب العراقي 
بوئبته الحبارة في كانون الثاني 144 م » وأكره عبد الاله على تنحية وزارة 
صالح جبر عن الوزارة » والاستعانة بوزارة جديدة ألفها السيد محمد الصدر 
لاعادة الثقة الى النفوس والامن الى نصابه » انتهت مشكلي وخرجت من 


معاهدة يور تسموث 


كنت أحد المخالفين لعقد معاهدة #٠‏ حزيران ١47٠‏ العراقيةالبر يطانية» 
وكان الملك فيصل الاول قد أطلعني على أسسها قبيل سفري الى أنقرة » كوزير 
مفوض للعراق في تركية » في تلك السنة » وكانت أهم النقاط اللي اعتر ضت 
عليهاء مدتما الطويلة» والقواعد العسكرية » ولا سيما الاتفاقيتين العسكرية 
والمالية . لكن وزارة نوري السعيد الاولى تمكنت من امرارها من مجلس الامة. 


665 


فرع ؛ فأصبحت عهداً دولياً . وبعد ابرام هذه المعاهدة شرعت بعض 
الاحزاب السياسية في المطالبة بتعديلها . وكان من رأبي ان التعديل لا بجدي 
نفع » لأن من عادة الانكليز عندما يطلب إليهم تعديل المعاهدات المعقودة 
معهم » يوافقون على هذه الاعادة ولكن باضافة مواد تكون أشد وأثقل من 
اللو تعديله . لهذا كنت أرى انتظار انتهاء مدة المعاهدة » وعدم عقد أية 
معاهدة أخرى» ولا سيما وأن الظروف السياسية البي كانت سائدة في الثلاثينات؛ 
لم تكن مساعدة على اجراء أي تعديل في المعاهدة المذكورة » اللهم إلا اذا 
قامت ثورة على نظام الحكم الضالع مع السياسة البريطانية . ولم يكن نظام 
الحكم الحمهوري مستساغاً في نظر أككثر رجال السياسة يومثذ » ودليلٍ 
على ذلك ان الذين قاموا بحركة االسنة 194١‏ التحررية» لم يكونوا 
مؤمنين بصلاح نظام الحكم الحمهوري للعراق فلم تسر الحركة ضد نظام الحكم 
الملكى » ولا طالبت بالغاء المعاهدة القامة بين بريطانية والعراق » حتى وان 
كانت الاسرة الي كانت تحكم العراق يومئذ كانت نخاضعة للنفوذ البريطاني . 
ودليل على ذلك ان شخصية محترمة لها ماضيها الحافل بالوظنية. والاخلاص 
كالشيخ محمد رضا الشبيبي » وأخرى قانونية بارعة ونظيفة مثل نصرت الفارسي » 
قبلتا الاشتراك في وزارة جميل المدفعي الي تألفت بعد عودة عبد الاله الى 
العراق على حراب الانكليز في أعقاب فشل تلك الحركة التحررية . أي أنهما 
اشيركا في وزارة كانت ترى ضرورة الاحتفاظ بنظام الحكم الممحي مهما 
كانت شوائبه . وقد تأكد هذا المعنى في نفس عبد الاله » وشعر ان الامور قد 
نقيت لد فمضى في سحق كرامة الشعب وإذلاله؛ مما أدى الى حمله على 
رفض معاهدة يورتسموث . 

لا انتهت الحرب العالمية الثانية حرب ١440 ١94‏ لصالح الحلفاء , 
وخرجت بريطانية منتصرة فيها » على الرغم من فقداءها لمعظم قواتما البحرية 
والبرية » بدأت تصفي امبراطوريتها مبتدثة بمنح الحند استقلالها . غير انها 
كانت حريصة على الاحتفاظ بسيط ربا على العراق » طمعاً في ثرواته الطبيعية » 


ولا سيما النفطُ » ووجوب استغلاها الى أقصى الحدود . ولمذا رأت ان 

الظروف مهيأة لتعديل المعاهدة القائمة بينها وبين العراق » مستفيدة من السيطرة 

الي فرضتها على العراق بعد فشل حركة 144١‏ واحتكار السلطة في أيدي 

الضالعين في سياستها لان أنفاس القوميين والوطنيين كانت ما تزال مكبوتة . 
كان من رأي بريطانية ان عقد معاهدة جديدة بأسماء وتعابير حديثة , 

ومواد خادعة براقة» ستمنحها مركزاً مساوياً لمركزها في المعاهدة السابقة, 

فشرعت في مفاوضة الحانب العراقي في أمر هذه المعاهدة بعد مرور سنة واحدة 

على انتهاء الحرب » واستمرت حتى أوائل عام ١444‏ فلما نضجت الطبخة » 

ولدت - معاهدة بورتسموث - ولكن خاب أمل الانكليز وعملامم لأن 

الشعب أبى الاسئرسال في سياسة الحنوع والاستسلام للاجني ٠‏ فقام بوئبته 

الحبارة واضطر هم للتزول عند إرادته خائفين . 
© نظرة في معاهدة بورتسموث : 

أولاة - قصدت بريطانية بالمعاهدة الحديدة ازالة كل غموض جاء في معاهدة 
٠‏ لغير صا حها » مستفيدة من التجارب الي مرت بها في حركة السنة 
10١‏ . 

ثانيآ ‏ نكاد تكون المعاهدة أبدية المفعول » إذ نصت على ( تعاون الفريقين المستمر 
في الدفاع عن مصا حهما المشتركة ) بعد أي تعديل قد يطرأ عليها بعد 
انقضاء أمدها » وهو 7١‏ سنة . 

ثالئاً ‏ يكون لبر يطانية الحق في إبقاء قوات مختلفة الصنوف في القواعد الحوية » 
بينما لم يكن لحا مثل هذا الحق في المعاهدة السابقة فيما عدا بعض 
التسهيلات والمساعدات» بغية إمرار قواما عبر الارضين العراقية في حالة 
الحرب فقط . 

رابعاً - أبقت قضية حرس المطارات مبهمة في المادة الثانية من الملحق » وهذا 


60605 


يعني ان قوات الليفي ستبقى كما هي على نحو ما ذكرته من أمرها ني 
الما السري الذي عقده نوري السعيد ي ١‏ حزيران وبي 
مكتوماً عن الشعب وبرلانه وحكومتهحبى كشفت وزارتي أمره في 
السجلات السرية في عام 19477 . 

خامسا - ابدل تعبير ( خطر الحرب المحدقة ) بتعبير ( مبديد عداني محدق ) 
وهو تعبير يساعد بريطانية على أن تفسره كما تريد . 

سادساً - أحدثت بلحنة للدفاع مشتركة عراقية ‏ بريطانية » وخولت هذه اللجنة 
تنسيق أمور الدفاع بين الفريقين المتعاقدين . 

سابعاً ‏ جاء في المادة التاسعة من المعاهدة ( يتعهد العراق بأن لا تختلف تسليحات 
قواته وتجهيزانه الاساسية في طرازها عن تسليحات وتجهيزات القوات 
البريطانية ) ومعنى هذا ان العراق لا يستطيع شراء أي سلاح له إلا" من 
بريطانية . 
ان مقارنة سطحية بين مواد معاهدة 147٠‏ م » ومعاهدة بورتسموث » 

موضوعة البحث » تدل القارىء الكريم على ان المعاهدة الحديدة كانت أظلم 

وأدهى من المعاهدة السابقة الي كانت مدتها ستنتهي بعد بضع سنين . 


© الوثبة ووزارة الصدر : 

ما أتم البر يطانيون التمهيدات المقتضاة لعقد معاهدة جديدة نحل محل معاهدة 
“٠‏ حزيران سنة 184170 م » عقد اجتماع في قصر رحاب في 78 كانون الاول 
حضره رؤساء الوزراء السابقون » وبعض الوزراء الموالين وغيرهم ‏ 
ولم أكن من بين المدعوين » وكانت هذه قاعدة جديدة ابتدعها نوري لاشراك 
الساسة الموالين في أمور البلاد العظمى » ومحميلهم مسؤولية ما يحدث . وقد 
بحث في هذا الاجتماع موضوع المعاهدة المقرحة » والمراحل الي بلغتها » 
فأيدت الاكثرية الاسس الي تم التوصل اليها » واستنكفت قلة قليلة عن إبداء 


/أوه6 


الرأي حبى تعلن بنود المعاهدة . فلما سمعت الاحزاب السياسية القائمة مخبر هذا 
الاجتماع » احتجت على عقده في مذكرات شديدة اللهجة رفعتها الى عبد 
الاله » وأنكرت عقد معاهدة من قبل وزارة لا تمثل الشعب تمثيلا” حقيقياً ) 
ودعت الشعب الى التظاهر لاحباط المشروع . فقامت مظاهرات صاخبة اشير ك 
فيها طلبة المدارس العالية » والكليات » فقابلت السلطة هذه المبادرة باجراءات 
قاسية . وسافر رئيس الوزراء صالح جبر الى لندن في كانون الثاني 1454 على 
رأس وفدكان من بين أعضائه السادة : نوري السعيد » وتوفيق السويدي » 
وشاكر الوادي » والدكتور فاضل احمالي . وقد وقع الوفد المعاهدة المعدة في 
« ميناء بورتسموث » في الحامس عشر من كانون الثاني » ودعيت المعاهدة 
+( معاهدة بورتسموث ) وقد نشر النص الانكليزي في الصحف البر يطانية في 
اليوم الثاني » كما نشرت الصحف العراقية ترجمة المعاهدة باللغة العربية . وتبادل 
عبد الاله وملك بريطانية التبريكات بعقد هذا الحاف الحديد. واذا بالاحزاب 
العراقية ( حزب الاستقلال » وحزب الاحرار» والحزب الوطني الديمقراطي ) 
تعد" دراسات دقيقة عن هذه المعاهدة » وتنشرها في صحفها » فيؤدي نشرها 
الى قيام مظاهرات صاخبة » والحاب مشاعر الاهلين . وقد أدى ذلك الى 
اصطدامات دموية وفع فيها عدد من القتلى واحرحى » حبى ان قوات.الشرطة) 
دخلت المستشفى الملكي ووجهت النار على. الطلاب » وتسببت في قتل وجرح 
البعض منهم » مما أدى الى استنكار الاطباء » والاساتذة » هذا العمل الفظيع » 
وتقديم استقالانهم من مناصبهم . وعلى أثر ذلك عقد اجتماع جديد في قصر 
رحاب حضره رؤساء الوزارات » والاحزاب » والشخصيات البارزة » 
وتدارسوا الوضع من جوانبه المختلفة » فلم ير عبد الاله مناصاً من الايعاز 
الى رئاسة التشريفات باصدار بيان بأنه : لن يقبل أية معاهدة لا يرتضيها 
الشعب » ولا نحقق أماني البلاد الوطنية . فهدأت المظاهرات بعض المهدوء » 
وانصرف الناس الى مزاولة أعمالهم » ولكن لم يكد الوفد الوزاري يعود من 
لندن » حبى فاجأ الشعب رئيسه صالح جير ببيان جمع بين اللين والشدة » 


لم66 


أعقبه ببيان آخر فيه وعد » وفيه وعيد , ونكير » فتأكدت الاحزاب والهيئات 
التدريسية وا:2 المحافل والاندية بأن عبد الاله لم يكن صادقاً في بيان 
تشريفاته » وان ووه الأ ككةنها وراءهاء واذا بالمظاهرات تنبعث من جديد ) 
واذا بقوات البوليس المدججة بالسلاح الحفيف تحتل المناطق الاسير اتيجية » 
وتنصب المدافع الرشاشة فوة منارة الجامع المطل على جسر الشهداء » م تفتح 
النار على المتظاهرين العابرين على الحسر » وتوقع فيهم خسائر فادحة » فينقلب 
الوضع رأساً على عقب »؛ ويفلت زمام الامور من يد السلطة التنفيذية » ويضطر 
رئيس مجلس النواب السيد عبد العزيز القصاب الى الاستقالة من منصبه 
احنجاجاً على هذه المجازر الوحشية » ويضطر وزيران من وزراء صالح جبر 
الى الانسحاب من وزارته تخلصاً من مغبة المسؤولية » ويصيب ا حور والذهول 
عبد الاله فيضطر رئيس الوزراء الى تقديم استقالته والفرار بنفسه الى أصهاره 
آل جريان في الحاشمية بلواء الحلة» وهكذا برهن الشعب على أن إرادته لا تقهر » 
وان قوى البغي والعدوان لا تستطيع الصمود إزاء تصميمه وطموحه في الحرية. 
ولكن وثبة العراق الحبارة لم تين عبد الاله عن التوسل بالوسائل الاخرى 
لتحقيق حسن ظن الانكليز فيه » واعتمادهم عليه » فكانت اسطورة ( حلف 
بغداد ) الذي سنفر ده ببحث مفصل . 
وزارة السيد محمد الصدر : 

بعد أن أرغمت الظروف صالح جبر واضطرته الى تقديم الاستقالة 
لوزارته » كان لا بد من تكليف احدى الشخصيات النظيفة والمحترمة بقبول 
تأليبن وزارة جديدة تأخذ على عاتقها إنقاذ الموقف » ونحقيق أماني البلاد 
المشروعة . وكان من العسير جداً إيحاد مثل هذه الشخصية بين العملاء 
المعروفين » كما كان من غير الممكن نكليف أحد الزعماء الوطنيين المتطرفين 
بتحمل المسؤولية في مثل تلك الظروف » فكان السيد محمد الصدر الشخص 
الوحيد الذي يمكن أن يحظى برضى الوطنيين » ولا يوجد من الحهات الاخرى 


4ه 


من لا يرضى به . فللسيد المشار اليه ماض معروف في ثورة العشرين » وله 
حرمة في النفوس أكيدةء فضلا” عن اشتهاره بالاعتدال في الآراء السياسية 
الداخلية منها والحارجية » واخلاصه للاسرة الحاشمية الحا كمة . وهكذا ألن 
الصدر وزارة ي 74 كانون الثاني ١1١954‏ ضمت ذوي السمعة ال حسنة فيما عدا 
واحداً أو اثنين من أعضانما . 

لقد أعلن الصدر في حفلة استيزاره : انه سيكون جندياً من جنود الحق ‏ 
فيخدم الدولة والوطن بكل ما أوني من قوة وايمان » وانه سيتخلى عن الحكم 
في أول ساعة يعتقد فيها ان الشعب قد اكتفى بتحمله المسؤولية . فكان أول عمل 
قامت به وزارته اها قررت في "١‏ شباط ١448‏ عدم الموافقة على اقرار 
معاهدة بورتسموث » ووجوب ابلاغ الحكومة البريطانية بهذا القرار » مع 
بيان رغبة الحكومة العراقية في استبدال معاهدة ١917*٠‏ بمعاهدة جديدة تتماثى 
مع مبادىء هيئة الامم المنحدة » وتببى على أساس المساواة بين الطرفين 
المتعاقدين . ولم يخالف هذا القرار إلا" وزير واحدكان الصدر مضطراً مزاملته ؛ 
وهو عمر نظمي . 

وني 7١‏ شباط قرر مجلس الوزراء حل مجلس النواب القائم » والشروع 
في انتخاب مجلس جديد نتوافر فيه الحرية التامة للمنتخبين » ولكن الانتخابات 
الحديدة الي أجرنما وزارة الصدر لم نمخل ‏ مع الأسف - من تدخلات 
سافرة » وتلاعبات مهينة » على الرغم من نصائح الرئيس بتجنب التدخل . 
وظي ان الوزارة كانت غير متجانسة من الميول والانجاهات مما سبب استقالة 
وزير أو زيرين من منصبيهما بعد ان شرحا - آثار التدخل في عملياتالانتخاب 
في استقالتهما . فقد كنت باتصال داتم مع عديلي كامل الحادر جي » رئيس 
الحزب الوطبي الدبمقراطي » الذي كان لحزبه اليد الطولى في تلك الاحداث » 
وكان ينقل إلي" الحوادث أولا" بأول . وني الوقت نفسه كان يحدوني الأمل بأن 
يتمكن الصدر من حمل عبد الاله على اعفائي ما تبقى من مدة محكوميي » 
فيعيد لي حر يي ؛ ويرفعم عن رأمي الكابوس الذي كنت أرزح نحت ثقله منذ 


مده 


عام 1448 م وقد حقق السيد المشار إليه حسن ظني هذا بأن إستصدر الارادة 
لملكية بهذا الاعفاء في أول مايس 144/8١م»‏ بمناسبة عيد الملك فيصل» وما زلت 
معتقدا بأن لظروفالوئبة الحباره الي وثبها الشعب للاطاحة بمعاهدة بورتسموث 
الأثر البارز في نجاح مسعى الصدر ٠‏ ولولاها لبقيت سجيناً في داري عذاة 
سنوات. وني الثاني من أيار 1444 زارني الصديق العزيز والوفي المخلص علي 
محمورالشيخ علي في داري » وأشار علي' ان أذهب الى البلاط الملكي » وأسجل 
اسمي في سجل التشريفات كمهنىء بعيد ميلاد الملك » وؤشاكراً للتاج لطفه 
بالعفو عما تبقى من مدة محكوميي » فلم أجد غضاضة من القيام بهذا العمل ؛ 
فذهبت وصديقي المومى إليه الى البلاط . وبعد أن سجلنا اسمينا بحسب 
الاصول » رأيت من المناسب أن أمر على نحسين قدري رئيس التشريفات 
وأسلم عليه . فلما دخلت غرفته انتصب قائماً ورحب بي أحسن ترحيب . وقد 
وجدت إلى جانبه رجلا كنت غمرته بمساعداتي واحساني » لكنه تجاهلي ولم 
برَحزح من محله . وكنت على وشك أن أبصتي في وجهه لنكرانه الحميل » لولا 
أن تدارك نحسين قدري الموقف » وجاء بكرسي خاص وأجلسي الى جواره . 

كان هذا المخلوق في عام 1١41784‏ موظفاً صغيراً في أمانة العاصمة براتب 
قدره ١١١‏ ربية لانه يحسن العرجمة من الانكليزية » وكنت يومئذ متصرفاً للواء 
بغداد فنقلته الى المنصرفية براتبقدره ( 16١‏ ) ربية . ولما عينتوزيراً للداخلية 
في عام 14178 أمرت بنقله ترفيعاً الى معاونية سبكرتارية الوزارة » نزولا" عند 
توصية سكرتير الوزارة خليل اسماعيل . فلما أصبحت رئيس للوزارة عام 
"9 » وأدخلت سكرتير مجلس الوزراء السيد عبد القادر رشيد وزيراً 
للخارجية في وزارني » عينت السيد خطليل اسماعيل سكرتيراً لمجلس الوزراء ؛ 
وبتوصية منه عينت ناكر الحميل المنوه عنه معاوناً له » فاستكثر هذا المخلوق 
قبامه وترحيبه بي » ولم يتحرك » ولم يتململ . فيا لضيعة الاخلاق وسقوطها. 
ولقد صادفت الكثير من أمثال هذا المخلوق في حياني ولكني لم أجد ندا له 
جبذه الدرجة . 


5 سيرة وذكريات (1م) 


لقد زارني الكثير من الاقرباء والاصدقاء والمعارف بعد صدور العفو عما 
تبقى من مدة محكوميي . وكان السيد محمد الصدر الرئيس النبيل ي مقدمتهم , 
ولاغرو في هذه الزيارة فقد كنت وإياه في حزب الحرس السري . وكنا نعمل 
سوية في حقل ثورة العشرين » وكانت اجتماعاتنا متصلةلآن أهدافنا الوطنية 
كانت واحدة » وسأذكر للسيد الصسدر جميله ما دمت حياً . 


الانتقال إلى دارنا الحديدة : 

كان الاخ الدكتور صائب شوكت قد تبرع لنا بقطعة أرض من بستان له 
في الكرادة الشرقية » وأقمنا عليها داراً بما تبقى من من دارنا المباعة على شارع 
أني نؤاس فانتقلنا إليها . وقد أمضيت شهري تموز وآب من عام 1148 في 
اسطنبول لاستعادة صحني » والترفيه عن نفسي » بعد أن أمضيت عدة سنوات 
في المعتقلات والسجون . ولما عدت الى الوطن العزيز بقيت قابعاً في داري أراقب:" 
الاحداث عن كثب دون أن أشترك فيها . وقد تألفت اذ ذاك عدة وزارات 
في العراق» فبعد استقالة وزارة الصدرء ألف الوزارة الحديدة مزاحم أمين 
الباجه جي » ثم ألفها نوري السعيد » فعلي جودة » فتوفيق السويدي » وقد وقع 
في بحر هذه المدة انقلابان عسكريان في سورية قام بأولحما حسي الزعيم », 
وبالثاني سامي الحناوي . ثم جاء الانقلاب العسكري الثالث بزعامة أديب 
الشيشكلي » وكانت مأساة فلسطين العزيزة تسير من سيء الى أسوأ » بعد أن 
أصبحت سلعة بيد ا حكومات: وسوء تصرفاتمها » ونذالة ا لحكومة البريطانية 
وتواطثها مع الصهاينة على اغتصاب هذا الحزء العزيز من الوطن العرني الأكبر » 
وتسليمه لقمة سائغة الى متشردي الافاق . فقد تركت البلاد نحت رحمة هيأة 
الامم المتحدة ؛ بعد أن تواطأت مع معظم أعضائها على تقرير المصير الشائن 
لها » وتنصلت من مسؤو ليامها الانتدابية قبل أربع وعشرين ساعة من تقرير 
مصيرها » فكانت المذابح الي اقترفها الصهيونيون بحق العرب أسوأ صفحة 


كه 


الكة من تاريخ بريطانية » وتاريخ هبأة الأمم المتحدة » والدول الضالعة في 
هذه السياسة . ولكن مما يحز في النفوس ويوجب الأسف الشديد بأن بعض 
لدول العربية ما تزال تأمل الحير من هذه المؤسسة الدولية » اللي أصبحت 
ألعوية بيد الامريكان ماكانت عصبة الاهم البائدة ألعوبة بأيدي الانكليز » في 
حين أن أمريكا كانت وما تزال حامية الصهيونية » وصانعة دوام استقلالها , 
ومنعتها العسكرية . 

أجل ما تزال معظم الدول العربية في سبات عميق تنتظر العدالة من هيأة 
الامم : وتكتفي باطلاق البيانات والشعارات الي لا تسمن ولا تغي من جوع » 
وكل يوم يمر عليها هو أسوأ مما سبقه . وهكذا أصبح المستقبل مظلماً » والقوات 
العربية مبعئرة » وهي العدة الي لا بمكن بغير ها استرجاع الارض السليبة . 
ولم يكتف نظام الحكم الملكي الذي كان قائماً في العراق » أيام نكبة فلسطين » 
من الوقوف في اللحط الذي كان يبدد هذه البقعة المقدسة موقفاً متخاذلا” فسمح 
هجرة مئة وثلائين ألف نسمة من يبود العراق الى تلك البقعة هدية للدولة الي 
قامت في فلسطين ليكونوا في المستقبل جنوداً يحاربون الدول العربية» كما أن 
الحكم الملكي في الاردن أهدى المثلث العربي الى هذه الدويلة خلافاً لقرار 
التقميم نفسه . 


كانت وزارة توفيق السويدي الثالثة هي الي شرعت القانون الذي يسمح 
مبجرة اليهود العراقيين الى فلسطين » فهاجر اليها نحو ١"٠.٠٠٠‏ نسمة. 
وكانت الأسباب المبررة لهذا التشريع ( انه لا مندوحة من عدم ا حيلولة دون 
رغبة هؤلاء في مغادرة العراق نبائياً » لأن بقاءهم دون رغبتهم مما يؤدي حتماً 
الى نتائج لها تأثير ها على الأمن العام ) فيا للها من أسباب مضحكة تافهة. 
ومسوغات سخيفة . اذ تعبرف الحكومة بعجزها عن ردع هذه الشرذمة من 
لقيام بالاخلال بالأمن العام في العراق فكان هؤلاء قوة دعم لحيش الدويلة 
المغتصبة » مكنته من شن حربين على العرب في العامين 1١985‏ و ١9517‏ 


0 


غرق داري الحديدة : 

طفى مبر دجلة - على غير عادته ‏ في منتصف شهر أيار من عام 45٠‏ 
فانخذتالدوائر المختصة التدابير المقتضاة لمجاببة هذا الطغيان » واطمأن الناس 
الى هذه التدابير » والى ان الموسم سيمر بدو نكارثة . ولكن حدث ما لم يكن 
في الحسبان . إذ حدثت كسرة في احدى السداد في الكرادة الشرقية » جنوني 
العاصمة » نتيجة عمل خاطىء قام به أحد معاوني مهندسي الري”. ولم بخطر 
على بال أحد أن نحدث مثل هذه الكسرة» وفي مثل هذه المنطقة بالذات . إذ 
لم يسبق كسر مثل هذا منذ عشرات السنين . ومن المؤلم أن لا تكون الثلمة 
اللي حدثت في الحامس عشر من أيار بعيدة عن دارنا الحديدة بأكثر من خمسمئة 
مئر . فقد حرجت الى النهر بنفسي لأراقب السداد المحيطة بنا قبيل الفاجعة 
بقليل » فلم أجد شيئاً يلفت النظر سوى خرير الماء الحادر . ولكني شعرت ان 
السدة الي نحت قدمي تكاد بز من شدة الحريان . وكانت العاذة أن تقوم 
حراسة شديدة من قبل أصحاب الدور والبساتين القريبة من النهر . وفي نحو 
الساعة التاسعة مساء من ذلك اليوم » جاءني أحد هؤلاء الحراس مهرولا” وهو 
يقول : ( عمى انكسرت السدة ) فتلفنت الى دائرة الري المختصة لأنقل اليها 
هذا احبر » وخرجت بنفسي لمشاهدة ما يحري » فلم أتمكن من الوصول الى 
السدة » لآن المياه بدأت تتدفق بصورة جنونية » وتغمر الساحة الي بين السدة 
والدار . ولم مض نصف ساعة حبى أخذ الماء يتدفق الى حديقة الدار الواسعة ) 
ثم أخذ بالارتفاع والصعور فاضطررنا الى ترك الدار في نحو الساعة العاشرة ؛ 
وانتقلنا الى دار عديلي السيد أحمد الكيلاني . وكانت يجوار دارنا موضوعة 
البحث بيوت طين لبعض العمال والمزارعين» فلما جرفت المياه مساكنهم, 
انتقلوا وأطفالهم ونسالهم الى سطح دارنا » فارين من الغرق . وتأبى الصدفة 
الا أن نجعل من هذا اللجوء رحمة . فقد نقلوا معظم أثاث الدار الى السطح » 
ما عدا ألبسبى وأوراتي الخاصة » وتصاوير كانت محفوظة في حقائب وضعت 
في سرداب الدار » فكانت طعمة للفيضان . فلما كان اليوم الثاني » رأيت أن 


655 


أعود إلى الدار لأرى ما استجد » واذا بي أضطر الى ركوب القارب لأتحول 
بن أطراف الحديقة» ملقباً النظر الى داخل الدار لأشاهد بالعين المجردة آثار 
قاد الي لحقت بالدار » وما تبقى من الاثات » وكان ارتفاع الماء في الحديقة 
قد تجاوز المثر الواحد » وغمر جميع الا"كواخ ودور الطين واللإن فبقيت 
المنطقة مغمورة بالمياه أكثر من الشهر . 

كانت هذه النكبة بالنسبة لي عظيمة وأليمة . لأني لم أكن أملك منحطام 
الدنيا شيئاً مهما كان بسبطاً » وكان راتي التقاعدي الذي نستوفيه زوجتي يكاد 
يسد الرمق . وقد استضاف السيد أحمد الكيلاني زوجي وأولادي نحو شهرين» 
وانتقلت الى دار أخي الدكتور صائب شوكت القائمة على شارع الي نؤاس » 
حيث كان هو يصطاف خارج العراق» فكنت أتناول طعامي على مائدة السيد 
الكيلاني يومياً » وأبات في دار أخي صائب . وفي أحد هذه الايام القاسية 
وأنا بين اليأس والرجاء استوحيت الابيات الآنية باللغة التركية اثبتها بنصها مع 
ترجمتها العسر بية . 

بوحياتده قالمدي آرتق بنمجين هيج نه غاية نه سعادةنه أمل 

ملكت خائنلره محكوم وملت فقر ايجنده برسفالت بي أمسل 

كوركه محكوم أولوبده مجحد واقبالدن دوشنجه دوستلر مدن برال 

ياردمه قوشمادى اصلا اقربايسه لااباليي يا جبان واسفل 

اوغورنده ثروت وصحتمي هرشئمي محوابتدكماه كوزل 

او مقدس وطبي قورنا راجق قالما ديمي واأسقا بريوجه ال 

حال قسوتله طولو ماضيه بررؤيا سرابدر غالبا مستقبل 

وطي حر كوره بيلسم صكره وارسين بي طوبر اقلره سرسن اجل 


تر جمة الأآبيات باللغة العربية 
لم يبق لي شيء في هذه الحياة . لا غاية ولا سعادة ولا أمل . فالبلاد 


5ه 


يحكمها الحونة » والشعب يسوده الفقر وا حرمان وفقدان الامل . فمنذ حكم 
علي بالاشغال الشاقة » وضاع المجد والاقبال . لم بمد أحد من الاصدقاء بد 
المساعدة إل . أما الاقارب فان قسماً منهم لم يبال لحاللي » أما الآخر فجبان 
وسافل . ذلك الذي كنت في سبيله فديت صحتي ومالي . وطني الحميل المقدس 
اما بقيت يد قوية تنقذه ويا للاسف ؟ 

الوضع الحالي قاس والماضي أصبح حلماً . أما المستقبل فأظنه سراب , 

هل لي ان أرى يوماً فيه وطي يصبح حراً ؟ فلا همي بعد ذلك ان يواربي 
الاجل القتراب . 

ان في هذه الابيات اشارات وتلميحات الى سفالة وجبن البعض من اقاربي. 
فق فاتس ما اسيك من هذا التعضن عالاا ررد عل نال »حوللا :بد قه انان : 
وأنا مضطر - ويا للأسف - على سبيل المثال انآتي على ذكر هذا الحادث . 

بينما كنت في سجن أبو غريب أعاني آلام السجون » ولاأعلم ماذا سيكون 
مستقبى. واذا بأخى وشقيقى الدكتور سامى شوكت ينشر مقالا” في احدى 
الحراقم اروف 4 أرافاسا ان( لشي الى فيه الذلها» ١‏ الس عل رمق 
الوصاية » ويتملق الانكليز المحتلين المهيمنين على الصغيرة من أمور البلاد » لقد 
المح في المقال انه كلما مر من أمام البلاط الملكي تعتريه رجفة من االحجل » 
وبأسف لأن ني دمه الدم الذي يحري في عروق أحد أقاربه نفسه » وهو يقصدني 
بالذات , فيا لها من مصيبة ما فوقها مصيبة . أخ يبرأ من أخيه الذي أفبى حياته 
في خدمة بلاده بكل جد وأمانة واخلاص . لمجرد ان الخالس على كرهي 
الوصاية غاضب على أخخيه . لعدم اقراره سياسة الغدر الي ار ني ا 
الوصى المتعجرف . وكان أخى سامى هذا قد حضر حفلة استقبال ني احدى 
المناسبات ؛ بعد صدور حكم الاعدام » والسجن . والتشريد . والمصادرة . 
ف حوادث عام ١‏ وكان الحديث العام قِ هذه الحفلة يدور حول هده 
الاحكام وأسبابها وعواملها » وما سيكون لها من آثار في المستقبل . فاذا به 


5ه 


يلتفت نحو أحد الاصدقاء الذين حضروا الحفلة ويقول له : أرأيت عاقبة 
صديقك ؟ - وهو يقصدني ‏ ثم تفوه بكلمات لا يصح صدورها من عدو 
د" عدوه في تلك الظروف » فكيف بها اذا صدرت من أخ ضد أخيه ؟ 
ركان أحد الموظفين البريطانيين المدعوين الى هذه الحفلة يستمع الى هذا 
الحديث » فلم يتمالك نفسه » ودنا من الاخ سامي وقال له : ان أخخاك 
ناجي شوكت » وإنكان قد أصبح عدواً لناء وقد حاربنا ف أضيق أيامناء فانه 
كان رجلا" شريفآء ونزيباء وقد خبرنا فيه هذه السجايا من قبل ) وكان هذا 
البريطاني قد شغل بعض مناصب التفتيش الاداري في بعض الالوية » كما أشغل 
منصب معاون مستشار وزارة الداخلية » الوزارة الي أشغلتها مراراً » واطلع 
المومى إليه على أهداني وميولي فكان تقريع هذا البريطاني لأخي سامي أعظم 
لطمة لقيها انسان في حياته على ما أعتقد . 

ان ذكري لسلوك أخي سامي هذا » يتيح لي فرصة التحداث عن أخي 
الثاني الدكتور صائب شوكت » وما أبداه نحوي من عطف وحنان في أزمي 
وأيام نكبي » وما أظهره من أخوة صادقة وقدامه من مساعدات جمة. كا 
يتبح لي فرصة التحدث عن عواطف بعض المعارف والاصدقاء وأخص بالذ كر 
منهم يوسف أوني » وعلاء الدين النائب » وعلي محمود الشيخ علي » وأمين 
خالص » والسيد عبد الرزاق الحسي الذي لم ينقطع عن زيارتي في كل أسبوع 
منذ أكثر من ربع قرن . 

اعتبار ا حر بمة سياسية 

أجمعت الشرائع على ان كل قيام مسلح ضد أية دولة من دول العالم » 
بستهدف تبديل نظام الحكم فيها بالقوة من قبل أحد مواطنيها » يعد جرماً 
سياسياً يعامل المشتركون بموجبه معاملة المجرمين السياسيين . ولكن حقد عبد 
الاله » وطغيان الفئة الحا كمة كل ذلك الوقت » أوجب اعتبار حركة السنة 


/اكهة 


1١‏ جريمة عادية » فحرم المشتركون بها من أي حق من حقوق المجرمين 
في قضيتنا فصدر الكتاب الآني : 
وزارة العدلية - شعبة ديوان التدوين القانوني العدد | . ح /١‏ 4417 

الملوضوع / جريمة سياسية التاريخ ١١‏ كانون اول ١448‏ 

وزارة المالية 

جواباً لكتاب سكرتير مجلس الوزراء المرقم 447 والمورخ 4 كانون 
الاول 958١ا.‏ 

نرى أن الحر يمة المحكوم من أجلها فخامة ناجي شوكت » تعتبر من ا حرام 
السياسية بالنظر الى شخصيته وهدفه في إرتكابها . 

وزير العدلية 

صورة الى سكرتارية مجلس الوزراء ‏ للاطلاع اشارة الى كتابكم المنوه 
عنه أعلاه . 

وعلى هذا جرت مراسلات مطولة بين الدوائر المختصضة » وروجعت 
محكمة تمييز العراق » حبى أصدرت وزارة الالية أوامرها الآنية الى الدوائر 
المختصة لصرف ما تراكم لي من رواتب تقاعدية  :‏ 


وزارة المالية العدد / “.هم 
مديرية التقاعد التاريخ / ٠؟‏ مارت ١9061١/‏ 
الى مديرية الحزينة المركزية 


استناداً الى قرار محكمة تمييز العراق المرقم 74/ ١ه‏ تقاعد . والمؤورخ 8 
مارت 48١‏ القاضي بمنح فخامة السيد ناجي شوكت راتبه التقاعدي اعتباراً من 
147/1١5‏ فاننا نصادق على صرف استحقاقه التقاعدي من راتب التقاعد 


اكه 


خصصات غلاء معيشة بحسب النسب التالية اعتباراً من 1447/1/5 بموجب 
دذره التقاعدي المرقم 41/ 17714 . 
زنلخة منه الى - فخامة السيد ناجي شوكت - الكرادة الشرقية ‏ الحادرية . 
وهكذا كتب لي أن أتناول راتي التقاعدي بعد سنوات عديدة » وان 
تصرف إلى" رواتي التقاعدية الممراكة بحكم القرار الذي أصدرته محكمة تمييز 
لعراق » وقد بلغ مجموعها 7٠١‏ ديناراً » الامر الذي أدى الى نحسن وضعي 
مالي بالنسبة الى الايام العصيبة الي مررت بها . 


أهم” الأحداث السياسية في بحر هذه المدة 


تسلم الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية » من خاله الوصي عبد الاله 
في الثاني من مايس ١407‏ وقد تعاقبت على الحكم في هذه المدة خمس وزارات 
هي وزارة نوري السعيد الحادية عشرة » ووزارة مصطفى العمري » ووزارة 
نور الدين محمودء ووزارتا جميل المدفعي : السادسة والسابعة» وقد حدثت 
أحداث داخلية وخارجية خلال ذلك » رأيت أن أعرض ملخصاً ها . 

عودتي الى الاشتغال بالسياسة بصورة غير مباشرة واتصالاتي بأصدقائي 
السياسيين » والزعماء الآخرين » كانت غير منقطعة » وأخص بالذكر من 
هؤلاء السادة ‏ كامل الحادر جي » ومحمد حديد ‏ وحسين جميل » ومحمد 
صديق شنشل » وفائق السامرالي . فكنت بواسطة هؤلاء أقف على كل ما يجري 
في البلد » كما كنت أبدي بعض الملاحظات في الامور البي يستمزجون فيها 
رأني . ولم يكن الإحجام عن العمل المباشر نانجاً عن خوف أو مراقبة » ولكني 
كنت أتجنب إحراج مواقف الاخوان والاصدقاء الذين كنت أتحادث واياهم 
في الاحوال السائدة . 

وما عرضت في موضع آخر » كنت لا أدعى الى الاجتماعات السياسية 
الهامة الي اعتاد البلاط الملكي ان يشرك فيها رؤساء الوزارات السابقين 


54 


والبارزين من رجال السياسة . وكان عدم اشراكي في هذه الاجتماعات يريحي 
كثير من الناحية النفسية فقد كنت أفضل على الدوام عدم مواجهة عبد الال 
وجهاً لوجه » كما لم أكن لارتاح الى مقابلة بعض الذين كانوا يلبسون لكل 
حلة لبوسها . أما أهم ما حدث آنئذ فهو : 

7١‏ صدور قانون الانتخابات الحديد » الذي جعل الانتخابات تجحري مباشرة, 
وعلى درجة واحدة » بدلا" من درجتين . 

7 صدور قانون نجميد أموال اليهود الذين أسقطت عنهم الحنسية العراقية , 
ولكن بعد أن هربوا تسعة أعشار أملاكهم المنقولة » وباعوا أكثر من 
نصف الاموال غير المنقولة . 

 ”*‏ اتفاق الزعماء السياسيين الوطنيين في البلد على وجوب اتباع سياسة ال حياد» 
وعدم الانحياز في المنازعات الدولية . 

4" - تأليف الحبهة الشعبية المتحدة » وتوحيد مساعيها مع الحزب الوطني 
الدبمقر ا . 

- التوقيع على اتفاقية تعديل اتفاقيات النفط المعقودة بين شركات النفط 

الاجنبية » والوزارات العراقية المتعاقبة » على اساس مناصفة الارباح , 
كما زعموا » وهي الاتفاقية الي عمدت في " شباط 14687 م » وأبرمها 
مجلس الأمة بأكرية 48 صوتاً » ضد سبعة أصوات » وتغيب عن الحلسة 
اربعرن عضواً اختاروا البقاء ( بين ما بين ) فلا يغضبوا السلطة » ولا 
يخونوا ضمائرهم . وكانت هذه الاتفاقية قد سببت لغ طأكثيرأ » وجرى 
بسببها إضراب عام أدى الى مصادمات قوية » واستقال من نيابته كل 
من محمدصديق شنشل » ومحمد مهدي كبه » وفائق السامرائي » واسماعيل 
غائم » وقاسم المي احتجاجاً على عقدها وعلى ابرامها . وقد اضطر 
نوري السعيد ان يقدم استقاله وزارته في العاشر من نموز ١4817‏ بعد 
ان أفلح في عقد الاتفاقية ‏ موضوعة البحث ‏ وامرارها على الشكل 
المذكور. 


ه٠‎ 


قامت وزارة جديدة » بعد استقالة وزارة نوري السعيد الحادية عشرة » 
وقد رأسها هذه المرة السيد مصطفى العمري » وني أيامها وعلى وجه 
التحديد في الثالث والعشرين من تموز ١167‏ قامت في مصر ثورة بيضاء 
أطاحت بالملك فاروق واضطرته الى التنازل عن العرش الى ولده » ثم 
ما لبثت الثورة أن أعلنت النظام االحمهوري في مصر » بعد القضاء على 
النظام الملكي ومفاسده فيها . 

فكان الساسة العراقيون في اتصال داتم مع بعضهم يتعقبون الاحداث» 
ويتبادلون الاراء» حبى إستقر الرأي على تنظيم مذ كرات سياسية خطيرة» قدمتها 
الاحزاب السياسية القائمة وهي : حزب الاستقلال»؛ والحز بالوطي الديمقراطي » 
وحزب الحبهة الوطنية » الى الوصي عبد الاله» محملة اياه مسؤولية تردي 
الاوضاع في البلاد » ومطالبته باصلاح جذري ». ومنح الحريات الديمقراطية 
الشعب وللصحافة» والتنظيم الحزبي والنقاني » وتعديل الدستور تعديلا يزيل 
التعديل الذي أدخل عليه في عام ١447‏ والقاضي بمنح الملك سلطة إقالة الوزارة 
القائمة» ومن المولم أن يستخف عبدالاله بهذه المذكرات » وان يأمر رئيس 
ديوانه بالرد" عليها رداً جافياً » إذ أن ني بعض هذه المذكرات اشارة من طرف 
خفي الى ان عاقبته قد تكون مشاببة لعاقبة فاروق فد جاء ي نص مذكرة 
الجخبهة الشعبية ما نصه : ل 

( وقد أصبح لنا في الانتفاضات الاخيرة » وني الأحداث اللحطيرة التي 
حدثت في مختلف أقطار هذا الشرق القريب » وخصوصاً في مصر » ولبنان » 
عبرة بالغة لا مناص لنا من الاتعاظ بها » لان الاسباب المتشابهة تؤدي الى نتائج 
متشاببة ) تاريخ الوزارات العراقية 4/ 36١‏ . 

وأغرب بن هذا ان حزب الامة الذي يرأسه صالح جبر » كان شاعراً 
شعور بقية الاحزاب السياسية بالاوضاع الممردية في البلاد» وهو وإن لم يرفع 
الى الوصي مذكرة مشاببة لمذكرات الاحزاب., إلا انه رفع كتاباً الى رئيس 
الوزراء - بدل الوصي - آل مذكرات الاحزاب المذكورة » مع ان المعروف 


ااه 


غن صالح جبر انه كان مشايعاً للسياسة البريطانية » ومؤيداً للوصي عبد الاله , 
حتى انه عرض ننفسه الى التهلكة ني حوادث أيار 144١‏ عندما انحاز الى الوصي 
المذكور » يوم هرب الى البصرة » واحتمى بالدارعة البريطانية الراسية في شط 
العرب ٠‏ والمسماة (كوك شبير ) . 

ان مذكرات الاحزاب السياسية المذّكورة - بما فيها مذ كرة حزب الامة 
المرفوعة الى رئيس الوزراء بدل الوصي- على جانب عظيم من ا حطورة وكذلك 
رد الوصي الحاف الذي حاول أن يتنصل فيه من تبعة تدني الاوضاع » على 
هذه المذكرات السياسية الحطيرة وببذه اللهجة غير المألوفة من عواقب وخيمة» 
على الحكم » ولا سيما في أيام وصايته » وعلى كل عراتي ان يدرسها بامعان 
وتعمق ليدرك الاسباب الكامئة وراء الاطاحة بنظام الحكم الملكي في ثورة ١4‏ 
موز 1468 الحالدة » واعلان نظام الحكم الحمهوري ني البلاد وهي منشورة 
بحذافير ها في ص "٠١/580‏ من الحزء الثامن من تاريخ الوزارات العراقية 
في طبعته الثالثة ا موسعة . 


الانفجار السياسي 


يلوح لي ان بعض السياسيين أو الوزراء » أدركوا ما وراء تقديم هذه 
المذكرات السياسية ا حطرة » و ببذه اللهجة غير المألوفة من عواقب وخيمة . 
فاستنكر وا تسرع عبد الاله برده » وأشاروا عليه بتلافي الموضوع قبل ان يتسع 
ال حرق على الراتق . وهكذا قبل عبد الاله نصيحة رئيس وزرائه بعقد اجتماع 
يحضره الساسةورجال الاحزاب لناقشة ما جاء في تلك المذكرات » والتغلب 
على الوضع المتوتر بالحكمة وطول الاناة . ولم أكن من بين المدعوين لهذا 
الاجتماع بالطبع » ولكي كنت على اطلاع بكل ما جرى فيه تقريباً . 

عقد الاجتماع المذكور في قصر رحاب يوم م تشرين الثاني 19487 م ء 
وقد حضره رؤساء الوزراء السابقون ‏ عداي بالطبع ‏ ورؤساء الاحزاب 


الأه 


الساسية . وبدأ الاجتماع سليماً . فتكلم معظم الحاضرين عما كان يحول في 
خواطرهم » فلما جاء دور العميد طه الهاشمي تساءل قائلا” : - من منا كان 
حرا ني تأليف وزارته ؟ وإذا بعبد الاله يثور غاضباً » ويقول للمجتمعين 
(كلكم مسؤولون عن الوضع القائم » وكلكم تكذبون ) ثم يوجه خطابه الى 
طه الهاشمي بالذات قائلا” ( أنت تنهمي باستغلال النفوذ . أنت كذاب ) ولقد 
تقبل الحاضرون إهانة عبد الاله » ولم ينبس أحدهم ببنت شفع » إلا" طسه 
الماشمي فقد رد على عبدالاله قائلا"  :‏ أنا شريف» أنا شريف . ثم ترك القاعة» 
ولحق به كامل الحادر جي فقط » محتجاً على هذه الاهانات . أما بقية الحاضرين 
فقد نقبلوها لثلا يغضبوا عبد الاله فلم بحرأ أحد منهم على النطق بشيء . وهكذا 
انفرط عقد الاجتماع » وذه ب كل إلى بيته » ثم شعر عبد الاله با لحجل فطاف 
على بيوت المدعوين » وترك لكل منهم بطاقته الشخصية » فيما عدا كامل 
الحادر جي لأنه الوحيد الذي لم يتقبل الاهانة » وخرج من الاجتماع محتجاً 


هذا الذي اكتبه للتاريخ » حدثني به طه الهاشمي نفسه » عندما زرته في 
داره » بعد زيارتي لكامل الحادر جي فماذا كانت النتيجة ؟ 

اشتد" التوتر السياسي » وانقلبت الأوضاع رأساً على عقب » فقد حدث 
إضراب مدرمي ني كلية البيطرة » سرعان ما تطور واتسع فأدى إلى مصادمات 
بين المنظاهرين ورجال الشرطة قتل فيها الكثير من الطرفين » وأحرقت بعض 
السيارات الحكومية والمباني . ولم يكن في وسع الوزارة القائمة أن تصمد في 
البقاء » فتقدمت باستقالتها في *” تشرين الثاني 1107م ولما أفلت زمام الأمور 
من يد السلطة » وعجزت قوات الشرطة عن إعادة النظام إلى نصابه » اضطر 
عبد الإله إلى الاستعانة بالحيش » فدعى رئيس أركان الحيش نور الدين محمود 
إلى تأليف وزارة عسكرية تعيد الأمن إلى نصابه » والأوضاع إلى حالتها 
الطبيعية » فأعلنت الأحكام العرفية » وقبض على المئات:من رجال السياسةوزج 
بهم في المعتقلات » م أغلقت الأحزاب » وعطلت الصحف » وفرض نظام 


اليفك 


منع التجول . وانخذت كل وسيلة للسيطرة على الموقف . ولكن على اارغم من 
يت سا 0 إن الغا 
العسكرية 7499 متهم أ عدم منهم شخصان » وسجن 10/8 شخص ؛ وغرم 
87 آخرون » وربط 554 متهماً بالكفالة . وهذه هي أرقام رسمية أعطتها 
الدوائر المختصة في وزارة الدفاع إلى السيد الحسبي الذي نشرها في كتابه : 
« تاريخ الوزارات العراقية » ص 74" من الحزء الثامن الطبعة الثالئع . 


الانتخابات الحديدة 


في وسط هذا الحو الحانق » وي وقت كانت السجون والمعتقلات ملأى 
بالسياسيين » والأحزاب مغلقة » والصحف معطلة » والأحكام العرفية معلنة: 
شرعت وزارة نور الدين محمود بإجراء الانتخابات الحديدة للمجلس » دون 
أن تراعى الظروف المحيطة بها » والأحوال السائدة في البلاد » ما دام عبد الإله 
راغباً في إجراما ليأني المجلس الحديد طوع إرادته » وان ادعى هو وطفمته أن 
الانتخابات جرت على درجة واحدة » والها جاءت أفضل من الانتخابات 
السابقة الي كانت نجري على درجتين . وعلى أي حال كان من ا أن لا 
تبقى هذه الوزارة مدة طويلة في الحكم فاستقالت في 77 كانون الثاني “1ه19م, 
ودعى جميل المدفعي لواف وزارته السادسة , فألّفها في التاسع والعشرين من 
هذا الشهر » وقد أدخل في وزارته ثلاثة من روساء الوزارات السابقين هم : - 
نوري السعيد » وتوفيق السويدي » وعلي جودة » وني أياءها تسلّم الملكفيصل 
الثاني سلطاته الدستورية » بناء على بلوغه السن القانونية » وقد استقالت هذه 
الوزارة في الحامس من أيار 407١م‏ وأعاد تأليفها السيد المدفعي فلبث في الحكم 
حتى الحامس عشر من أيلول 408١م‏ ثم استقالت الوزارة . 


تولي الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية 
بعد أن بلغ الملك فيصل الثاني السن القانونية الي حتمتها حتمتها المادة 7١‏ من 


لاه 


القانون الأساسي العراقي » وهي 18 عاماً '» وتولى سلطاته الدستورية في الثاني 
بن أبار 468١م‏ أصبح عبد الإله وليا للعهد فقط » فكان المفروض أن يترك 
إن أخته الملك فيصل حرا في التصرف » وأن يفسح له مجال التعردف على رجال 
سباسته » والاسسرشاد بآرامهم » وحل معضلات المملكة . ولكن عبد الإله 
هذا بقي ملازماً لابن أخته في ليله ونهاره » وكان علي عليه إرادته » ويوجهه 
الوجهة الي يرتضيها » وهكذا أصبح فيصل الثاني أسير خاله في حله وترحاله؛ 
ى قضى عليه وعلى نفسه . فقدكان على من يود مقابلة الملك أن يحظى يمقابلة 
ولي العهد أولا” » وكان إذا ركب عبد الإله في سيارته أركب الملك إلى جانبه » 
وإذا زار جهة من الحهات أو بلدة من البلدان » صحبه معه على كل حال » 
وهكذا بقيت السلطة بيد عبد الإله » وأصبح فيصل ( خراعة خضرة ) » ) 
فيكون عبد الإله قد حكم العراق حكماً مباشراً من اليوم الرابع من نيسان من 
السنة 1819م إلى اليوم الثاني من شهر مايس لسنة 1987م ٠»‏ أي أكثر من 
أربع عشرة سنة » وحكم من وراء ستار منذ الثاني من مايس 1467م حى 
الإطاحة بنظام الحكم الملكي في العراق ني الرابع عشر من تموز 1904م » أي 
نحو تمسر سنوات . 

ره الأموال إلينا : 


أراد العهد الحديد ‏ بعد تسلّم الملك سلطاته الدستورية في ” أيار ١908‏ 
أن يفتح صفحة جديدة مع ساسة العراق على اختلااف مشار بهم » ويسدلالستار 
على ا ماضي القريب » فأعد لانحه قانون برد" الأموال المصادرة من الذن أدينوا 
بحوادث ١114م‏ ونفّذت الأحكام فيهم . وتشاء الصدف أن يشترك في الوزارة 
الي أعدت هذه اللاحة وزيران من الوزراء الذن اشتركوا في تلك الحوادث » 
وهما: وزير العدلية محمد علي خحمود)» ووزدر الصحة الدكتور محمد حسن 
سلمان » وهذا هو نص القانون الذي اكتسب صفته التشريعية في السابع عشر 
من أيار 1617م : 


هاه 


رقم ١7(‏ ) لسنة 1981م 
قانون رد" الأموال إلى الذين اشتركوا في حوادث نيسان ومايسسنة ١‏ 114م: 
نحن فيصل الثاني ملك العراق ؛ 
بعد الاطلاع على الفقرة الأولى من المادة السادسة والعشرن من القانون 
الأساسي » وموافقة مجلس الأمة » نصدق القانون الآني ونأمره بنشره : 
المادة الأولى  ١‏ -يعفى من التعويض المحكوم به لحزينة وزارة الدفاع كل 
من أدانه المجلس العرفي العسكري لاشتراكه في حوادث 
نيسان ومايس ١144م»‏ ونُفّن فيه الحكم » أو أعفي 
من العقوبة عفواً خاصاً . وتعاد إليهم أو إلى ورثتهم الأموال 
غير المنقولة الي سجئّلت باسم الحزينة وأنمان تلك الي 
بيعت إجرائياً إلى الأشخاص الثالئة » بعد أن تستوفى «ن 
ذوي العلاقة أو من أتمان الأموال المبيعة كل ما صرفته 
الحكومة لوضع اليد على المال غير المنقول وببعه وتسجيله . 
>" - تعاد أثمان الأموال المنقولة والنقود بعد أن يستوفى من ذوي 
العلاقة أو من أتمامها كل ما صرفته الحكومة لوضع اليد على 
امال وبيعه وحفظه . 
المادة الثانية ‏ يعفى تسجيل الأموال غير المنقولة وأسماء أصحاببا 
الأصليين من رسمي التسجيل والطابع . 
المادة الثالثة ‏ ينفذ هذا القانون من تاريخ " له 1561م . 
المادة الرابعة ‏ على وزراء المالية والعدلية والدفاع تنفيذ هذا القانون . 
كتب ببغداد في اليوم الرابع من شهر رمضان سنة 117/7١ه‏ واليوم السابع 


عشر من شهر مايس سنة 1961م . فيصل 
محمد علي محمود نوري السعيد جميل المدفعي 
وزير العدلية وزير الدفاع رئيس الوزراء 


علي ممتاز : وزير الالية 


كلاة 


لوزارات في عهد الملك فيصل الثاني : 
استمرً عهد الملك فيصل الثاني من الثاني من شهر أيار سنة 1887م إلى 
الرابع عشر من شهر موز سنة 1464م » وقد تولت الحكم في بحر هذه المدة 
نمع وزاراات » كما تألفت في عهده وزارة الاتحاد الماشمي » أما الوزارات 
لنسع فكانت : وزارة المدفعي السابعة '» ووزارتا فاضل الحمالي الأولىوالثانية » 
ووزارة أرشد العمري الثانية » ووزارات نوري السعيد الثانية عشرة » والثالثة 
عشرة » والرابعة عشرة ٠‏ ووزارة علي جودة الأالثة » ووزارة عبد الوهاب 
مرجان » ووزارة أحمد مختار بابان التي أطبح ني عهدها بنظام الحكم الملكي 
في العراق . وكانت الظاهرة البارزة في تأليف الوزارات بي عهد الملك فيصل 
الثاني هو أن عبد الإله حرص على أن يأني بوجوه جديدة للوزارات فاختير كل 
من فاضل الحمالي » وعبد الوهاب مرجان » وأحمد محتار بابان لمنصب رئيس 
الوزراء » واختار هولاء معظم زملاءهم ممن لم يستوزروا من قبل . استوزر 
الدكتور محمد فاضل الحمالي في السابع عشر من أيلول ١19461‏ م» فضمت وزارته 
شباناً مهذيين ومثقفين كانت باكورة أعمالهم أنهم ألغوا الأحكام العرفية » 
وأعادوا الحياة الحزبية » وسمحوا للصحف المعطلة باستئناف الصدور » وقد 
بعثت في هذه الفترة فكرة الانحاد بين العراق وسورية » الي قبرت من قبل » 
ولكن لا غرابة في ذلك إذا علمنا أن" الغرض من بعث هذه الفكرة هو خلق 
تاج وعرش لعبد الإله الذي لم يبق له في العراق غير ولاية العهد . وهي على كل 
حال معرّدة للزوال » بمجرد أن يتزوج الملك فيصل ويرزق صب . 
وكما أخفق الحمالي ني إنجاح فكرة توحيد العراق وسورية أيام وزارته 
الأولى » فقد أخفق ني إشراك العراق في الحلف التركي ‏ الباكستاني أياموزارته 
الثانية» بما سأعود إلى بحثه مرة أخرى . فلما استقالت وزارته بعد هذا الإخفاق » 
شرع في اتحاذ التدابير اللازمة لعقد حلف جديد » فألّف أرشد العمري وزارة 
جديدة تمهيداً لمن سيقوم بالسياسة المنتظرة » وقد قوبلت هذه الوزارة بمعارضة 
الأحزاب السياسية كافة » ولكنها أجرت انتخابات جديدة لمجلس جديد . 


585 سيرة وذكريات (507) 


حصل المعار ضون على أحد عشر مقعداً فيه » على الرغم من المداخلاتالسافرة, 
م سافر العمري إلى تركية بعد أن استبدل بعض وزرائه بغير هم لأسباب شخصية, 
وكانت هذه المعارضة تمثل حزب الاستقلال » والحزب الوطي الديمقراطي , 
والحبهة الشعبية » ثم ضمت إليها أنصار السلام » والحزب الشيوعي » وبعض 
المستقلين » ونظموا ميثاقاً يتضمن المطالبة بإطلاق الحريات الدبمقراطية, 
وتأليف الجمعيات » وحى التنظيم السياسي والنقابي » وإلغاء معاهدة ٠197م‏ , 
ورفض جميع المحالفات العسكرية الاستعمارية بما فيها الحلف النركي ‏ 
الباكستاني » وكل أنواع الدفاع المشترك » ورفض المساعدات الأمريكية الي 
يراد بها ربط العراق بالأحلاف العسكرية الاستعمارية » وإلغاء امتيازات جميع 
الشركات الأجنبية الاحتكارية وإنهاء دور الإقطاع . 
وزارتا نوري السعيد ال ( 1١17‏ و"١‏ ): 

كان نوري السعيد قد ترك العراق إلى بريطانية مستاء من بعض التصرفات» 
ومحتلفاً مع عبد الإله على بعض الأمور الي لا تمت إلى الصالح العام بصلة . 
وكان موضوع ربط العراق بالأحلاف العسكرية يهم بريطانيا أكثر مما يهم 
العراق » فأسر سفير ها في بغداد إلى عبد الإله أن يسافر إلى باريس ويستر ضي 
نوري السعيد لحمله على العودة إلى العراق » وتأليف وزارة جديدة تقوم بتنفيذ 
السياسة المرسومة . وهكذا عاد نوري السعيد إلى العراق وألّف وزارته الثانية 
عشرة في " آب 1484م » مشترطاً حل مجلس النواب الذي أجرت وزارة 
أرشد العمري انتخاباته » ولم يجتمع إلا" مرة واحدة في حفلة افتتاحه . 

أّف نوري السعيد وزارتيه الثانية عشرة » والثالثة عشرة » في الثالث من 
شهر آب 1504م ء وقد امتدت أيامهما حنى الحامس عشر من شهر حزيران 
/او1مء وسأذكر فيما يلي أهم الأحداث وأخطرها » الداخلية منها 
والخارجية » الي حدثت أيام حكم نوري في هذه الفئرة المظلمة من تاريخ 
العراق الحديث » معتمداً في إثبات التواريخ وتسلسل الحوادث إلى كتب السيد 
الحسبي . ولا سيما « تاريخ الوزارات العراقية » منها الي استفدت منها 
كثيراً » وإنكنت أختلف مع صاحبها في بعض آرائه واستنتاجاته . 


ماه 


كان أول عمل أقدام عليه نوري السعيد» بعد توليه زمام الوزارة الحديدة , 
هو أنه استصدر إرادة ملكية بحل مجلس النواب الذي أجرت وزارة أرشد العمري 
انتخاباته » ونجح فيها أحد عششر معارضاً » ولم يجتمع إلا في حفلة الافتتاح فقط 2 
أني بمجلس جديد يسايره في أعماله واتجاهاته » ويتخلص من الأقلية الي 
تتألف منها الأحزاب المعارضة . أما العمل الثاني للوزارة الحديدة فكان 
استصدارها عدة 'مراسيم خطيرة أراد بها القضاء على الأحزاب السياسية » 
والنقابات العمالية » وإسقاط الحنسية العراقية عن خصومه السياسيين » بدعوى 
امهم من الشيو عيين » و إلغاء امتيازات الصحف » وتقييد الاجتماعات العامة 
والمظاهرات بود هي أشد من الود الي كانت موجودة في القوانين العثمانية 
السابقة والنافذة المفعول . ولم يكتف نوري بكل هذه المراسم الحطرة والمخالفة 
لأسط الحقوق الديمقراطية » فسحبت وزارة الداخلية اجازة « الحز بالوطي 
الدمقراطي » بزعم انه كان يتموّل من مصادر مجهولة (كذا )» أما الانتخابات 
الحديدة الي أجرما وزارة نوري السعيد » فقد فاقت جميع الانتخابات الي 
سبقتها من حيث التدخل » والاستهتار بحقوق الناخبين . فقد فاز بالتزكية 
(171) نائباً من أصل ( ه1١‏ ) نائباً » فكان هذا أكبر دليل على أن الشعب 
كان قد قاطع الانتخابات مقاطعة شبه كاملة . 

وليت نوري اكتفى بما اتخذه في السياسة الداخلية من إجراءات صارمة » 
نقد سبق له أن قطع علاقات العراق الدبلوماسية بالاتحاد السوفياتي » والطلب 
إلى هيأة السفارة بمغادرة الأراضى العراقية محجة أن" دار السفارة أصبحت وكراً 
الشوعيين والمتامرين على البلاد . وما من شك في أن" جميع هذه المراسمم 
والإجراءات إنما اتخذت تمهيداً ازج العراق في ( ميثاق بغداد ) على النحوالذي 
سأشرحه بإسهاب . 

ميئاق بغداد 

بعد أن فشلت بريطانية وعملاوها في العراق في تمشية (معاهدة بور تسموث) 

وتأكدوا من أن الشعب العراتي سير فض أي حلف أو معاهدة دفاع مشترك مع 


لاه 


بريطانية » ولما كانت معاهدة عام 1940م قد اقرب أجل انتهالها » تفتقت 
الأذهان عن فكرة خبيثة لإيحاد حلول جديدة تحل” محل هذه المعاهدة » بأن 
يشترك العراق في حلف مع الدول الإسلامية المجاورة له » أو القريبة منه , 
على أن تدخل بريطانية في مثل هذا الحلف من الشباك » بدلا" من دخوها إل 
من الباب . وهكذا أخحذت تعد العدّة لعقد ميثاق بغداد . 

وكان هناك أمر آخر يهم رجال السياسة : فبعد أن تيقنوا من أن بريطانية 
خرجت من الحرب العالمية الثانية وهي منهوكة القوى » ضعيفة الحانب ٠‏ بعل 
أن أضاعت إمبراطوريتها » وسطع في الأفق نحم دولتين عملاقتين هما : 
الانحاد السوقياتي والولايات المتحدة الأمريكية . فأما الانحاد السوقياتي فهو العدر 
الأول في نظر هؤلاء الساسة » وأن خطره يفوق خطر الصهيونية . وأما أمريكا 
فإها الدولة الوحيدة ابي يحب الاستناد إليها حيث تقوم مقام بريطانية , 
أو لتساعد بريطانية على تمثيل أدوارها في العراق » فشرع نوري السعيد يلعب 
لعبته السياسية المعهودة » وهي السعي أولا” لإشراك رجال السياسة العرب في 
دائرة عمله » ونفوذ حليفته انكليرا » فإن فشل في استمالة هولاء إلى جانبه ؛ 
وصمهم بالعداء الذي يستلزم محار بتهم ليتسبى له الإنفراد بالعمل . 

كان الرئيس جمال عبد الناصر » بعد أن أطاح بنظام الحكم الملكي في 
مصر » هو ذلك الرجل الذي يخشاه نوري السعيد فيجب السعي لإدخاله في 
ميثاق بغداد » فإن أخفق في مسعاه وجب القضاء عليه . وقد تمكّن نوري 
بادىء ذي بدء أن يتفاهم مع صلاح سلم مندوب الرئيس جمال عبد الناصر 
والوفد المرافق له ئي اجتماع عقد في ( مصيف سرسنك ) شمال العراق 
ويستميله إلى الاتفاق على إعادة النظر في ميثاق الضمان الجماعي وتقويته : 
ليكون أداة فعتالة تمكن البلاد العربية من مجابهة أي خطر بحيق مها ٠‏ وذلك 
بإجراء الاتصالاات اللازمة مع أمريكا وحليفتها بريطانية في هذا الشأن » والاتفاق 
معهما على مكافحة المبادىء الهد امة بكل الوسائل الممكنة ( وهو بيت القصيد) 
ومن م تقوية جهاز أمانة الدول العربية » وتبادل الزيارات بين روساء أركان 
الحيشين العرائي والمصري ...الخ . فلما عاد الوفد المصري إلى القاهرة حمل 


ثهممة 


هزه الطبخة المريبة» انتبه الرئيس جمال عبهالناصرء فلم يقر الطبخة ) ولم يوافق 
عليها لأسباب سأذكرها فيما بعد » وإذا بنوري السعيد يتوجه إلى مصر بنفسه 
ليحاول إقناع الرئيس المشار إليه على ما اتفق عليه مع وفده » وقد عرض عليه 
أن العراق ينوي عقد ميثاق بينه وبين جارته المسلمة تركية » على أن تنضم” إليه 
كل من إيران» وباكستان » ثم تلتحق بريطانية بهذا الميئاق بشكل من الأشكال 
لإنباء معاهدة :*197م المعقودة معها . ولم يكن عبد الناصر ساذجاً إلى هذه 
الدرجة . فقد أدرك فوراً أن الغرض من هذه المقدمات ٠»‏ اصطياد مصروإدخاها 
في هذا الشرك » فرفض مقترحات نوري معطلا ذلك بما ين مصر وبريطانية 
من «شكلات يحب حلها وتصفيتها قب لكل شيء » وأن مصر لا تستطيع الونوق 
بر يطانية » على الرغم من توصلها معها إلى اتفاقية الحلاء . وهكذا اضطر 
نوري أن يرك القاهرة » ويتوجه إلى لندن ليعرض عل ىأقطاب سياستها معار ضة 
جمال عبدالناصر لمشروعه» ثم ما لبث أن اتفق مع هولاء على أن يزور تركية؛ 
ويجتمع بالسيد عدنان مندريس رئيس وزراء تركية» ويدعوه إلى زيارة العراق ؛ 
والدخحول في المفاوضات التمهيدية لتنفيذ فكرة الميثاق » الذي تقدم ذكرهء» 
وهكذا توجه مندريس إلى العراق في ” كانون الثاني 1908م يرافقه وزير 
خارجية تركية فواد كوبروللو ؛ واتفق مع نوري السعيد على عقد اتفاق دفاعي 
مشترك بين الحكومتين : العراقية والتركية لصد” أي اعتداء خارجي يقع على 
أحد الطرفين المتعاقدين من داخل المنطقة الي يقيمان فيها » أو من خارجها . 
وامهما يعتبران أن من الضروري أن تنضم إلى هذا الميئاق بعض الدول الي 
تستطيع أن تعمل معهما بحكم موقعها الحغراني وإمكانيانما » وكان يقصدان 
بالموقع الحغرافي الدول المجاورة » ومن إمكانياتها بريطانيا وأمريكا . 

كان في الإمكان عقد هذا الاتفاق في بغدام فوراً » بعد زيارة عدنان 
مندريس للعراق » ولكنه أرجىء إلى فرصة أخرى بلحس نبض الدول المعنية » 
ومعرفة صدى ما جاء بي البيان الذي نشر بمناسبة هذه الزيارة » عن : 
الحكومتين : العراقية والتركية على عقد مثل هذا الميثاق » علماً بأن تركية كانت 
مرتبطة يحلف دفاعي مشيرك مع باكستان » فكان صدى هذا البيان الذي نشر 
في الرابع عشر من كانون الثاني 58م سلبياً ومخيباً للآمال في كل من سورية » 


امه 


ومصر » والمملكة العربية السعودية . أما صدى هذا البيان في العراق فكان أر» 
وأدهى » لولا بعض السياسيين المعروفين بولاتهم للانكليز . 

( ملاحظة ) : - لقد مثلت بلادي في تركية مرتين لمدة ست سنوات , 
وأصبحت لي علاقات متينة مع ساستها البارزين » بحيث أن في إمكاني القرل 
بأني كنت من المساهمين في وضع الحجر الأساسي للصداقة العراقية ‏ اللركية, 
ولكني كما كنت معارضاً لسياسة حكمت سليمان وبكر صدتي في تقوية هلم 
الصداقة إلى. درجة حلف » عار ضت كذلك عقد هذا الاتفاق لني رأيته أولا: 
انه يتنافى مع مصالح العراق الأساسية الي تربطه مع أشقائه البلدان العربي 
الأخرى ٠»‏ وثانياً لأني كنت مقتنعاً بأنه خدعة يراد منها إدخال بر يطانية فيه), 

ولا أصر نوري السعيد على عد هذا الميثاق » على الرغم من معارضا 
الرأي العام له في العراق وني العالم العرببي » دعت الحكومة المصرية روساء الدول 
العربية إلى مومر عقد في القاهرة لدرس هذا الموضوع » وقد لبى الروسا 
المذكورون هذه الدعوة » وتَخلّف العراق عنها . فقد أصر نوري على علم 
الحضور » رغم نصح الجميع له بضرورته » وأخيراً اكتفى بإرسال وفد يرأ 
الدكتور محمد فاضل الحمالي المعروف برعوتته . فبدلا” من أن يسعى الحمال 
لتهدئة الوضع فإنه صرح بقوة : ( ان الحكومة العراقية مصممة على توقيع 
اتفاقها مع تركية رغم معارضة العالم العر.ني ) . مما اضطر الحكومة المصرية إل 
أن تطلب طرد العراق من جامعة الدول العربية . وهكذا أصر نوري » وبعناد 
على المضي في عمله » ولم بهم برأي أحد » ولا بمعارضة الحكومات العربة؛ 
حتى أنه رفض تأجيل التوقيع على الاتفاق مدة من الزمن . فقد تم" ذلك ل 
الرابع والعشرين من شهر شباط 1408م» فوقع الميثاق كل من نوري السعيد 
وبرهان الدين باش أعيان عن العراق » وكل من عدنان مندريس وفوا 
كوبروللو عن تركية » فلما قام العراق بثورته الحبارة في صبيحة الرابع من شهر 
تموز 1408م قضى الشعب العراتي على نوري السعيد »كما قضى الشعب البرك 
على زميله عدنان مندريس بعد سنين قلائل . 

كانت حفلة التوقيع على الميثاق الذي سمي بميثاق بغداد على جانب عط 


امه 


من الأعبه . فقد زار العراق جلال بايار رئيس جمهورية تركية زيارة رسمية 
1 بي المامس من آذار هوم ؛ بناء على الدعوة الي وجهها إليه ملك العراق 
فيصل الثاني » وأقيمت على شرفه مأدبة عشاء فخمة كنت مسن بين الذين 
حضروها » بصفة كوني رئيس وزراء سابق » فكان ثما جلب نظري في الحطب 
الي ألقيت أثناء المأدبة » أن الملك فيضل ذكر قضية فلسطين أثناء خطابه قائلا” : 
إن اتفاقنا على العمل لقضية فلسطين وفق مقررات هيأة الأمم المتحدة واجب 
التقدير » غير أن جلال بايار لم يذكر كلمة فلسطين في رده» وكل ما قاله انه 
يتمى ال حير للعالم العر بي . 

من العادات المتبعة عند إقامة أمثال هذه المأدب أن يقوم مدير التشريفات » 
بعد الفراغ من الطعام » بتقديم وتعريف رجال السياسة المدعوين إلى المأدبة إلى 
ضيف الشرف » فتجري بينهم وبينه بعض الأحاديث العابرة لبضع دقائق 
وفي هذه المأدبة بالذات لما جاء دوري » وقف جلال بايار ومد يده لمصافحجى 
ثم جلست إلى جانبه » وبعد أن سأل عن صحبي » ذكترني بزيارته الأولى 
للعراق على عهد وزارة حكمت سليمان عام 1810م » إذ كان يومئذ وزيراً 
للاقتصاد في وزارة عصمت اينونو » وكنت قد تعرفت على جلال المشار إليه 
من قبل يوم كان مديراً ! (إيش بنك ) أي ( مصرف العمل ) التركي في أوائل 
لثلاثينات » ثم أصبح وزيراً للاقتصاد » فرئيساً للوزراء حى انتخب رئيساً 
للجمهورية . أما معرفبي بعدنان مندريس فكانت معدمة تقريباً » إذ لم يكن من 
الشخصيات السياسية المعروفة أو المرموقة من قبل » أي أيام تمثيليٍ للعراق في 
تركية » وكل ما أتذ كره عنه » أنه كان نائباً أمئال عشرات الشبان النواب . 

م بحر أثناء حديي القصير مع جلال بايار بحث ميثاق بغداد » ولكني 
لاحظت على محياه ومحيا مندريس» أنمهما كانا على علم بأني كنت من المعار ضين 
هذا الميثاق . غير اني انتهزت فرصة وجود أحد محرري الصحف التركية 
المرافقين لاوفد المركي من ذوي الزوجات الحميلات الذين كانوا يدعون إلى 


امه 


الحفلات ني السفارات الأجنبية ‏ وكنت تعرفت عليه من قبل يوم كنت أمثل 
بلادي في تركية ‏ فحداثته عن عقد هذا الميئاق » وأكدت له أن تركية إن 
تربح شيئاً منه لأن نوري » أراد أن يتخذ من تركية جسراً بين العراقو بريطانية 
على الرغم من معارضة الرأي العام في العراق . وأضفت إلى قولي هذا : ان 
الشعب العراني لا يئق بنوري السعيد ولا بسياسته الاستعمارية » وسيرى قرياً 
عواقب عقد هذا الاتفاق الذي لا يبشر يخير للطرفين . 

لقد انضمت بريطانيا إلى الاتفاق العرافي- المركي في الحامس من نيسان , 
وانضمت إليه باكستان في الثالث والعشرين من أيلول 468١م‏ ثم انضمت إلبه 
إيران في الثالث من شهر تشرين الثاني 1988م » وقد اجتمع في بغداد روساء 
وزارات كل من تركية وبريطانية وباكستان وإيران في أواخر تشرين الثاني 
66م »ء وقد ارتبطت أمريكا بالميئاق لا بصفة كونها عضواً عاملا” فيه ؛ 
بل ارتبطت بارتباط سياسبي وعسكري في المجلس الدائم للحلف » وكان 
غرضها من ذلك أن تبقى فوق الجميع » وتسيطر على دول الميثاق سيطرة تامة ) 
دون أن يكون لها حقى التصويت عند اخاذ القرارات . 

أكتفي بهذا القدر في بحي عن ميثاق بغداد » وأشير على من يريد التوسع 
في الموضوع » والاطلاع على الوثائق والمستندات الرسمية الخاصة بالميئاق ؛ 
وكذا الاحتجاجات الي رفعت ضده » ويدرس التصوص ونحوها درساً علمياً 
دقيقاً » أن يراجع الحزء التاسع من « تاريخ الوزارات العراقية » للسيد الحسبي 
في طبعته الثالثة الموسعة . ولكن علي أن أشرح وأوضح أمرين هامين أعتقد أنه 
كان قد اتفق عايهما بصورة سرية بين بريطانية وأمريكا من جهة ‏ رالحكومة 
العراقية من جهة أخرى » وهذان الأمران هما : 

أولا” - بعد معارضة جمال عبدالناصر لدخول مصر في الميثاق» موضوع 
البحث» بل ومعارضته القوية حى لعقده من قبل الحكومات الي اشي رك فيه: 
أصبح من الضروري - من وجهة النظر البريطانية ومن كان مهيمناً على أمور 
العراق من العملاء م وو 3 السعي للإطاحة بعبدالناصر و بنظام 
حكمه في مصر بكل الطرق الممكنة . 


84 


انياً - بذل كل جهد ممكن لضم سورية إلى هذا الميثاق » إذا تعذار ضم” 

ور للعراق باتحاد أو وحدة بغية خلق عرش عبدالإله » فيكون للأسرة 
الهاشمية ثلائة عروش في العراق » والأردن » وسورية » وتكون المنطقةبرمتها 
نمت سيطرة الأمريكان والإنكليز » وهي المنطقة المكونة من الدول الإسلامية : 
تركية » وإيران » وباكستان » والعراق » والأردن » وسورية . وقد فشلت 
هذه المخططات كلها وأصبحت أضغاث أحلام على نحو ما سأشرحه . 


العدوان الثلاثي على مصر : 

في الوقت الذي كان العراق يبتعد عن الركب العر بي بخطى واسعة » ويعقد 
أحلافاً تتنافى مع مصالحه ومصالح الأمة العربية » وينفّذ المخططات الي اتفق 
عليها نوري وعبدالاله مع بريطانية » وينسى أو يتناسى واجباته القومية نحو 
أمته » في هذا الوقت بالذات كانت مصر تشق طريقها بقيادة الرئيس جمال 
عبد الناصر لتتولى زعامة العالم العربي » ونحقق طموحه في الحرية والاستقلال . 
وفي الوقت نفسه بدأت سياستها الحارجية » المستندة على الحياد وعدم الانحياز » 
ونتقبل كل معونة خارجية من أية دولة شرقية كانت أو غربية »كما اباشرعت 
في بناء السد العالمي بمساعدة مادية وفنية من الاتحاد السوفياتي » بعد أن سحبت 
كل من أمريكا » وبريطانية » وحتى صندوق النقد الدولي » الوعد بالإنفاق على 
هذا المشروع الحبار . كما انها بدأت في : لميح جيشها بأسلحة من الدول 
الاشتراكية دون قيد أو شرط » وما لبثت أن أمّمت قناة السويس » مما أذهل 
الاستعمار وأذنابه . وكان المستعمرون يتوهمون أن مصر ستعجز عن إدارة 
القناة » وإذا بأبناء النيل الأباة يديرون أمور اللملاحة في القناة بنجاح » لم يكن 
يتوقعه الحصوم » فاستولى الذعر على بريطانيا وأمريكا وعلى عملامما فيالعراق 
من جراء هذه الأعمال الحبارة الي أقدمت عليها مصر ونجحت فيها نجاحاً 
باهرا . وكانت فرنسا مستاءة من مصر أشد الاستياء للمساعدة التي كانت 
تقدامها هذه إلى ثوار الحزائر » ضى المحتلين الفر نسيين » فإذا بانكلترا تتواطأ 


همه 


مع فرنسا على غزو مصر للإطاحة بنظام جمال عبد الناصر » وقد ضمتا إليهما 
إسرائيل » ولقيت فكرة الاعتداء هذه تأبيداأ وتشجيعاً من عملاء الاستعمار في 
العراق . وإن نسيت فلن أنسى ما سمعته من السيد صالح جبر - وهو أحد 
مويدي السياسة البريطانية في العراق دون شك بعد عودته من لندن» عندما 
سألته عماا سمع ورأى هناك » إذ قال لي بفصيح العبارة : ان وزير تخارجية 
بريطانية أكّد له شخصياً : ان نوري السعيد نصح الحكومة البريطانية بأنتعمل 
كل ما في وسعها للقضاء على عبد الناصر » قبل أن يقضي على المصالحالبريطانية 
ونفوذها في البلدان العربية . وأضاف صالح إلى ذلك قوله انه متأكّد من أن" 
نوري السعيد كان على علم مسبق بحادثة العدوان الثلاني على مصر وقت وقوعه . 

بدأ العدوان الثلاني بالفعل ٠.‏ ولكنه ما لبث أن فشل فشلا” ذريعاً لأسباب 
عديدة » منها  :‏ 

. صمود الشعب المصري صموداً مذهلا » وظهور بطولته الفائقة‎ -7١ 

77 تدخل الاتحاد السوفياتي ونهديده لبريطانية . 

”ند موقف الدول المحايدة وهيأة الأمم . 

وأخيراً موقف الحكومة الأمريكية بشجبها العدوان » لا حباً ببقاء 

عبد الناصر في الحكم » وإنما خشيتها من أن يكون انتصار بريطانية 
وفرنسا سبباً للقضاء على نفوذها في هذه المنطقة . 

أجل : هكذا كان الوضع العربلي أثناء العدوان . فقد وقف إلى جانب 
مصر . أما الشعب العرائي فقد أيّد الموقف المصري برمته » فيما إذا استثنينا من 
ذلك القلة القليلة التي أعماها حقدها وأنساها حتى إنسانيتها . حى أن نوري 
السعيد سافر إلى إيران ليبقى بأمان في انتظار نجاح العدوان والإطاحة بعبدالناصر: 
فيعود إلى العراق مسروراً ومتشفياً » ولكن تطور الأمور خيتب آماله » فعاد 


ىم 


كانت أوضاع الحكومة العراقية » أثناء هذا العدوان » مخزية» فقد وصلت 
النذالة إلى حد التشويش على الإذاعات المصرية والسورية » فيما كانت إذاعة 
مصر تذيع أخبار المعارك في بورت سعيد » وتنشد الأناشيد الحماسية لتستصرخ 
الضمير العا ىى » وتطلب المساعدة والنجدة من العرب . 

كانت إذاعة بغداد تذيع تسجيلات لأغان خليعة . وإن نسيت فلن أنسى 
طوال عمري ذلك المذيع الوقح » الذي كانت آثار الشماتة والاستهزاء بكلالقيم 
الإنسانية تنطلق من فمه كالمسعور ». في الوقت الذي كان الشعب العراقي برمته 
بغلي كالبركان الثائر » طالباً مساعدة مصر في محنتها » ووجوب مساعدتها 
بالأموال والأرواح . ولعل من سخريات الأمور أن يعبر مجلس الوزراء العرائي 
عن هذا الاعتداء الأثيم بالإجراءات الي لا تتفق مع المبادىء الصحيحة المعروفة 
دولياً » ثم يحصر الاعتداء بإسرائيل دون بريطانية الغدارة الي خططتطت 
للعدوان » وأسهمت فيه بكل إمكانياتها ففشلت . 


لقد أعلنت الحكومة العراقية الاحكام العرفية في طول البلاد وعرضها . 
بحجة: التدابير العسكرية المنوي انخاذها لمساعدة شرق الاردن » في حين كان 
الاعمى والبصير يعرف ان الغرض من اعلاها اما هو حماية الحا كين من 
انقضاض الشعب عليهم . والأنكى من هذاء ان يعقد ني يروت اجتماع بحضره 
ملوك ورؤساء الدول العربية لدرس موضوع الاعتداء الغاشم على مصر » دون 
ان يسفر عن أي شيء هو ني صالح مصر » حتى ان العراق امتنع عن قطع 
علاقاته الدبلوماسية مع بريطانية » مكتفياً بقطعها مع فرنساء وأبقى ميثاق بغداد 
قائماً كماكان» فيما عدا اجتماعاته الى انتحصرت بالدول الاسلامية لمدة موقتة » 
ولكن الانكليز كانوا يراقبون هذه الاجتماعات عن كثبا . 


كنت على اتصال دام مع الساسة العراقيين » ورؤساء الاحزاب السياسية 
منذ بدأ الغزو الثلاني على مصر . وكانت اتصالاتي مستمرة بالسادة : محمد 
صديق شنشل » وفائق السامرائي » ومحمد حديد » وحسين جميل . وكانت 


امه 


اكثر اللقاءات ثم قي دار عديلي كامل الحادر جي » اذكانت مثل هلهالاتصالات 

يمري في هذه الدار منذ خروجي من سجن أني غريب» ولكن لم اكن لاشترك 

في الاعمال السياسية بصورة ظاهرة وفعالة . أما بعد ان وصلت الحالة الى هذا 

الحد من السوء » فقد رأيت من واجبي عدم السكوت على ما يجري في بلادي 

العزيزة » فقررت العودة الى الميدان والاسهام مع رئؤساء الاحزاب والساسة 

بصورة فغالة وجلية . 

ا عن 0 » قال لي كامل متسائلا” لماذا لا تقابل عبد الاله أنت 

ايضاً بعد أن زاره الكثير من رجال السياسة ونقلوا الى مسامعه ضر ورة الاعتدال ؟ 

وعدم النهالك على المضي في ركاب الانكليز ؟ فقلت له متسائلا ما الذي يرضي 

الاحزاب ويرضي الرأي العام في العراق ؟ فأجاببي بما يلي  :‏ 

أولا" - اقصاء نوري السعيد عن الحكم » والطلب اليه الابتعاد عن العراق ولو 
لمدة محدودة من الرمن . 

ثانيً ‏ قطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانية ولو لمدة موقتة . 

الثاً ‏ نجميد ميئاق بغداد » وعدم اشتر اك العراق في اجتماعاته المقبلة . 

رابعاً ‏ تأليف وزارة محايدة برئاسة رجل لا مانع من ان يكون متمتعاً بثقة عبد 
الاله كأحمد محختار بابان مثلا . 

خامساً ‏ اجراء انتخابات حرة دون أي تدخل من أية جهة من الحهات» ليكون 
المجلس القادم حائزاً على ثقة الشعب » فيعالج أمور المملكة وشؤوما 
الداخلية واللحارجية . 


مقابلة عبد الإله : 


لم أكن من المترددين على زيارة عبد الاله » بعد خروجي من سجن أي 
غريب » وانماكنت ألتقي به لقاءات عابرة أثناء الحفلات الكبرى الي كنت 


ممه 


أدعى إليها » فكان اذا لمحني في حفلة ما » قصدني بنفسه ليصافحي ويسأل 
عن صحي . يطلب إلي ان أكون من بين زواره وزوار الملك فيصل الثاني » 
ماكان ينكر على ابتعادي عن الحكومة ويقول : لننس" الماضي ولنفتح صفحة 
جديدة . فكنت أشكره على هذه المجاملات » وأكرر عليه اني أرى من الحير 
ان ابتعد عن الاشتراك في أمور الدولة . أما بعد الحديث الذي جرى بيني وبين 

كامل الحادر جي فقد رأيت من المصلحة ٠‏ بل ومن المفيد ايضاً ان أزور 
عبد الاله وأقص عليه ما عندي من حديث ٠»‏ وإ ن كنت لا أتوقع خيراً من ذلك . 

قصدت البلاط الملكي» وطلبت مقابلة الامير عبد الاله . وعندما منت 
المقابلة » شرحت له الوضع على النحو الذي اتفقت عليه مع كامل الحادر جي » 
وأضفت الى شرحي : اني لم اكن موفداً من قبل الاحزاب » ولكن في 
استطاعني اقناع رؤساما على قبول الاسس الي ذكرما فيما لو وعدثم يقبولها 
مسبقاً » وإذا به يقول : انه سيعرض الامر على الملك عند عودته من بيروت » 
اذكان قد سافر اليها للاشتراك مع ر ساء الدول العربية» لأنه هو المسؤول الأول 
عن أمور الدولة » كما أنه سيستشير بعض رجال السياسة وزعماء الأحزاب 
فيما عر ضته عليه » ومن م سيجيبي على معروضاني » وأضاف الى ذلك : انه 
شخصياً يعتقد بأن دور بريطانية في البلاد العربية قد انتهى » بعد ان قضى عليه 
اشتراكها ني العدوان الثلائي» وان انسحاب بريطانيا سيئرك فراغاً في المنطقة 
لا بد من املائه » وانه يرى ان أمريكا وحدها دون غيرها تستطيع أن تملية 
هذا الفراغ . فقلت له : دعنا يا صاحب السمو من اسطورة الفراغ ووجوب 
املاء الفراغ » فالامر يحتاج الى معالحة سريعة » وهذه المعاالحة بمكن ان تقتصر 
على تنفيذ ما عرضته على سموك . وهكذا انتهت المقابلة على هذه الصورة » 
وخرجت من لدنه فاقداً كل أمل بأن يعدل عبد الاله عن غيه» أو يقلع عن 
سياسته الي أوصلت البلاد الى حافة الهاوية » ولم يطلبني مرة أخرى كا 
وعد ليطلعي على نتيجة عرض مقنرحاتي على الملك » واتصالاته برجال 
السياسة الآخرين » وأخذت الامور تسير منميء إلى أسوأ » إذ قررت وزارة 


44م 


نوري السعيد القائمة ان تأخذ الاحزاب بالشدة» فساقت زعاءها الى المجالس 
العرفية » وحكم على كامل الحادرجي بالحبس الشديد لمدة ثلاث سنوات , 
وعلى كل من محمد صديق شنشل وفائق السامر الي بالمراقبة سنة واحدة» فأبعدا الى 
أقصى المنطقة الكردية في الشمال » وعلى آخرين بكفالة آلاف الدنانير . كما أبعد 
الاستاذ عبد الرحمن البزاز وبعض زملائه الاساتذة الى الشمال » ثم الى تكريت 
حتى اذا أتم نوري مهمته الي أوقعت العراق في المتاعب والمصاعب » وربطته 
بالموائيق الضارة بمصاحه » إرتأى ان يرك الحكم الى غيره لمدة موقتة فقدم 
استقالة وزارته في الثامن من حزيران ١9461!‏ ليعود مى طابت له العودة . 

اني أرى من المفيد جداً ان اثبت هنا نصوص بعض الاحتجاجات الي 
رفعها فريق من الساسة » وزعماء الاحزاب الى الملك على عهد وزارة نوري 
المستقيلة » لها تؤلف جزءاً مهماً من الوثائق التاريخية لهذه الحقبة البغيضة وهاتان 
نسختان من احتجاجين وقد نقلتهما من الحزء العاشر من ( تاريخ الوزارات 
العراقية ) الذي سجل أحداث العراق الحديث وبكل تفصيل ) أولاهما 
عريضة السياسيين المرفوعة الى الملك فيصل الثاني في ٠١‏ تشرين الثاني ١405‏ 
والثانية العريضة الي رفعها الى جلالته في الثاني من كانون الاول ١165‏ رؤساء 
الوزراء السابقون » والاعيان » والنواب » والمتمولون . 
١‏ عريضة السياسيين : 

حضرة صاحب الحلالة الملك المعظم 

تتذكرون ولا شك يا صاحب الحلالة - بأن السيد نوري السعيد عند 
تأليف وزارته القائمة » قد رفع الى مقامكم السامي كتاباً بتاريخ "١‏ تموز ١9464‏ 
أشار فيه الى الحطر الصهيوني » وضرورة تعزيز التعاون لدفع هذا الحطر ؛ 
والى امهاء المعاهدة العراقية البريطانية المعقودة عام 147٠‏ كما أشار الى العلاقات 
العربية بالنص التالي : 

( الحرص على تعزيز علاقات الاخوة والصداقة مع البلاد العربية » وازالة 


هوه 


كافة العوامل الني أدت الى الضعف والوهن في علاقاتهاء واي سببت الاحتكاك 
والتوتر ي:. بعضها بعضاً منذ تأسيس الحامعة العر بية ) . 

وقد ثبت فيما بعد أن السيد نوري السعيد ما كان قط جاداً في تنفيذ هذه 
السياسة العربية » فانفرد قب لكل شيء في تكوين حلف بغداد الذي فرضه على 
العراق » ثم حاول فرضه على سائر البلاد العربية » مبتدثاً بالاردن فكان رد 
الفعل عنيفاً أدى الى تكتل العرب ضد حلف بغداد » وتقوية أواصر التعاون 
الحدي بينهم . وانتهى الامر بعزل العراق عزلا” تام عن بقية الدول العربية 
الاخرى. 

ثم تبين واضحاً بأن حلف بغداد » على ما فيه من أخطاء واخخطار سياسية » 
أصبح برد أداة لسيطرة نفوذ بريطانيا على العراق عن طريق الاتفاق الخاص 
المعقود معها في ١4‏ شباط ١408‏ ذلك الاتفاق الذي زعم السيد نوري السعيد 
بصدده في الحلسة المشتركة للاعيان والنواب المنعقدة في "٠‏ آذار سنة ١9488‏ 
فقال (لا يوجد أي الزام على العراق » وان الالتزام ينحصر على الحكومة 
البريطانية فقط » وان الاتفاق هو سياسة الحكومة الي لا يوجد فيها أي النزام 
على العراق لا مالياً ولا عسكريا ) . 

ولم يشرع الاتفاق المذكور » حسب الطرق الدستورية » بل بقي مجرد 
سياسة للحكومة الحاضرة » حسب تصريح رئيسها السيد نوري السعيد ورغبته . 
وقد جاء في نص الاتفاق في المادة ( 4 ب ) ( يكون هذا الاتفاق نافذاً طيلة 
بقاء العراق والمملكة المتحدة طرفين في الميثاق ) . وعليه فان روج العراق 
من ميئاق بغداد يؤدي الى نحرره منه ومن الاتفاق االحاص الذي تذرعت 
بربطانيا به السيطرة على العراق » واستخدام قواعده ومطاراته العسكرية حى 
خلال هذه الفئرة من عدوانبها على مصر والامة العربية . 

يا صاحب الحلالة : ان حلف بغداد كان ولا يزال ‏ من أهم وأخطر 
أسباب وجود التفريق بين العرب » مما ساعد بريطانيا على تثبيت نفوذها » 


هو١‎ 


ونفوذ حليفتها فرنسا » ومحاولة مد سلطاءهما على الوطن العربي كله . وقد اننهى 
الامر بهما أخيراً الى التآمر مع اسرائيل لتضم أجزاء أخرى من وطننا الى ما سبق 
ها اغتصابه من أرض فلسطين . وليس استهلاء اسرائيل غدراً على قطاع غر 
ومنطقة سيناء إلا" خطوة أخرى للتوسع الصهيوني الرامي الى الامتداد من الفرات 
الى التيل . 

وبعد افتضاح خطط بريطانيا العدوانية بتامرها مع فرنسا » واسرائيل, 
ضد الوطن العرني » أصبح من المتعذر قبول فكرة التعاون بينها وبين العراق , 
هذا فضلا” عن وضوح التعارض بين ارتباط العراق بحلف يغداد » وبالاتفاق 
الخاص المعقود مع بريطانيا » وبين التزامات العراق بوصفه عضواً في معاهدة 
الدفاع المشتر ك والتعاون الاقتصادي بين دول اللجامعة العر بية ( الضمان الجماعي 
العربي ) . تلك الالتزامات الي ور د النص على ضرورة مراعاها حى في 
الاسباب الموجبة ليثاق بغداد » كما نصت الادة الرابعة منه بقوها ( ويتعهد 
الفريقان الساميان المتعاقدان بأن لا يدخلا في أية التزامات دولية تتعارض وهذا 
المميشاق). 

لقد اعرف ايدن » رئيس حكومة بريطانية » في أكثر من مناسبة بأن 
حكومته قامت بالهجوم العسكري على مصر انتصاراً لاسرائيل . كنا استخدمت 
حكومة بريطانيا لأول مرة حى ز إلفيتو ) في مجلس الامن » وادعت أمام 
المجلس البريطاني بأنها فعلت ذلك لايقاف القرار المتضمن إعتبار اسرائيل 
معتدية على مصر » وكان آخر تصريح اطلعنا عليه ما قاله ايدن في تاريخ ١7‏ 
تشرين الثاني ال حالي ١9485‏ : 

( لم يكن النزاع العربي - الاسرائيلي هو الوحيد الذي يزعجنا منذ توقيع 
اتفاقية الهدنة في ١444‏ بل أن هناك من أسماه إيدن بالدكتاتور المصري - 
الذي كانت قوته العسكرية في تزايد مستمر »؛ والذي كان يضع الحطط للغزو 
والفقفح ). 


فأي غزو أو فتح يخشى ايدن قيام مصر به ؟ انه صد عدوان اسرائيل ؛ 


”4ه 


وتأمين السبيل لتحرير فلسطين » عملا وليس قولا فقط » ولمنع نحرير فلسطين 
ولاذلال العرب » وتثبيت نفوذ الاستعمار في بلادهم » دبر الانكليز العدوان 
على مصر بالتآمر مع أشد أعداء العرب . 

لفد استنكر العالم كله هذا العدوان الثلاني بشدة»ء إلا" حكومة العراق» 
نقد اكتفت باعلان ( استغرابها ) من التدخل البريطاني الفرنسي مما أثار دهشة 
العراقيين كافة من هذا الموقف المتخاذل . بل ان دعاية نوري السعيد قد أعلنت 
شمانتها بالعدوان على العرب بشكل محجل » ولا سيما عن طريق الاذاعة . 

با صاحب الخلالة : كان موقف كل من ايران » وباكستان » كرياً في 
الامم المتحدة وكانت لهجة المسؤولين فيها أشد من لهجة الحكومة العراقية الي 
اكتفت باعلان ( الاستغراب ) فلما عمد اجتماع طهران » أوجس الناس خيفة 
من محاولات السيد نوري السعيد مبوين أمر العدوان . وقد تحقق ما كان مخشاه 
المخلصون » إذ صدر بيان مؤتمر طهران في 8 تشرين الثاني سنة ١465‏ فاقتصر 
في الفقرة ( أ ) على ذكر ( الاعتداء الاسرائيلي على مصر ) بينما نصت الفقرة 
( ب ) على ( التدخل البريطاني ‏ الفرنسي المسلح في مصر ) . والكلمة 
( التدخل ) هذه اما يراد بها اخفاء فظاعة العدوان والتقليل من خطورة المؤامرة 
المدبرة بين الانكليز والفرنسيين والصهيونيين » وأنكى من ذلك هو ان البيان 
نضمن الدعوى الى الصلح مع اسرائيل . باشارته الى ضرورة ( حلالتزاع 
الفلسطيبي بين الدول العربية واسرائيل بصورة مهائية ) . 

يا صاحب الحلالة : لو كانت حكومة نوري السعيد تشعر بأقل تقدير 
لالتزامات العراق نجاه دول الحامعة العربية » ولروابط العراق القومية » لا 
ترددات لحظة بالانسحاب من حلف بغداد»ء لا سيّما بعد انتهاك بريطانيا قواعد 
القانون الدولي والامم المتحدة » واجماع معظم دول العالم على استنكار 
عدوامبها على مصر والامة العربية » ولو فعلت حكومة نوري السعيد ذلك لأدت 
ما يفتضيه الواجب القومي » وما نحتمه التزامانمها بمقتضى ميثاق الضمان الجماعي 


نود سير وذكريات (8؟) 


الذي تنص المادة الثانية منه ( على ان أي عدوان يقع على أي دولة عر بية » عير 
اعتداء على الدول العر بية كلها » ويلزمها بالمباشرة في نحدة الدولة المعتدي علبي 
مجميع الوسائل الممكنة» بما فيها القوة المسلحة اذا اقتضى الامر ذلك ) ولأعادن 
العراق الى الحظيرة العر بية استجابة لمطالب شعبه ورغبات الامة العربية كلها . 

يا صاحب الحلالة : في الوقت الذي قصرت حكومة نوري السعيد عن 
القيام بواجبات العراق القومية » وما تقتضيه التزاماته مع الدول الكربية » من 
وجوب الانسحاب من حلف بغداد » والعودة الى الحظيرة العر بية»؛ ووضع حد 
لعزلة العراق عن ميدان الكفاح القومي ضد الاستعمار والصهيونية . في هذا 
الوقت نفسه » وبتاريخ ١‏ تشرين الثاني ١405‏ حينما كان اجتماع الملوك 
والرؤساء العرب منعقداً في بيروت » أصدرت حكومة نوري السعيد بيناً 
أوضحته رسمياً بما يأني  :‏ 

( ان رأي العراق قد تغير . وقد تخلينا عن قرارات الامم المتحدة . أما اذا 
طالبت الدول العربية بتطبيق تلك القرارات فان العراق لا يوافق على ذلك 
ويحرص على إزالة اسرائيل . وان الوسيلة الوحيدة لازالة الحطر عن البلاد 
العربية هي ارجاع اليهود الى الدول الي أرسلتهم الى فلسطين ) . 

بصرف النظر عن التحول السريع هذا في موقف نوري السعيد من مسؤول 
يدعو الى الصلح مع اسرائيل » الى مستجيب لبعض مطالب الشعب والامة 
العر بية في نحرير فلسطين من العصابات الصهيونية » فان هذه الاستجابة نفسها 
لا تكون جدية ما لم تقئرن بالعمل على احباط خطط الاستعمار المتآمر مع 
بغداد » والتحرر من الاتفاق الحاص المعقود مع بريطانيا الي عملت على 
ايحاد اسرائيل قبل تصريح وعد بلفور وبعده » واي أعلنت حكومتها تعصبها 
الصهيوني » وحرصها على حماية اسرائيل كما جاء على لسان رئيس وزراما 
نفسه في مناسبات كثيرة . 


نا صاحب الحلالة : ان تقدير خطر الهسهيونية المثآمرة مع بريطانية على 
إرلاد العربية » وواجب العراق القومي ومصلحته الخاصة » كل ذلك كان حرياً 
إن يحفز نوري السعيد وحكومته الى أن يتخذ ما اتخذته معظم دول الضمان 
المماعي العرلي » الي تملك من الامكانيات أقل مما يملك العراق . فقّد قطعت ' 
هزه الدول العربية علاقانها الدبلوماسية ببريطانيا وفرنسا » وامحذت تدابير 
كثيرة للتأثير على مصالح الدولتين المعتديتين في بلادها . فلو ان نوري السعيد 
بادر الى قطع النفط عن المعتدين منذ بداية العدوان » لما اضطر الشعب في سوريا 
الى تريب منشئات البترول في سوريا » ولما ساد الناس الحوف من اعادة ضخ 
انفط الى حيفا » مما حمل بعض أبناء الاردن الى تخريب أنابيب النفط هناك . 

وبدلا" من ان تعترف حكومة نوري السعيد يخطئها في عدم ايقاف ضخ 
الفط عن طريق سوريا في حينه » اتخذت من استنكار العرب لعملها هذا ؛ 
وريبتهم في احتمال اجراء الضخ عن طريق حيفا » ذريعة لشن حملة دعاية 
ظالمة ضد سوريا الي نجابه اليوم اشد أخخطار المؤامرات الصهيونية والاستعمارية » 
في وقت نحتاج فيه الامة العربية الى وحدة الصف . وقد بلغ الامر باذاعة العراق 
الرسمية حد إستعداء الغرب ضد سوريا باهامها با حضوع للنفوذ الشيوعي » 
ما أثار نقمة المواطنين في العراق » وعرّز قناعتهم بأن ولاء حكومة نوري 
السعيد لحلف بغداد » ولحليفته بريطانيا هو الذي يستأثر بجميع جهودهء 
ويدفعه الى تسخير جميع مرافق الدولة هذه السياسة العشواء الي يستنكرها 
الشعب ويأبى استمرارها . 

يا صاحب الحلالة : لقد بدأ نوري السعيد حكمه الاخير منذ شهر تموز 
4 بغمط حمّوق الشعب » ومصادرة حرياته » فعطل ال حياة الحز بية » وألغى 
امتيازات الصحف ٠»‏ وسيطر على جميع وسائل النشر » ومنع دخول الكثير 
من الصحف ولمطبوعات العربية » وحتى الاجنبية للعراق » ومنع عقد 
الاجتماعات العامة » وعطل سائر الحريات الدستورية تمهيداً لعقد ميثاق 

بغداد . واستمر في هذه السياسة خوفاً من انتفاضة الشعب للتحرر من هذا 


46 


الميثاق . فلما نشب العدوان البريطاني الفرنسبي الصسهيوني على مصر والابز 
العربية » أعلن الاحكام العرفية » واتخذها وسيلة للحيلولة دون تعبير الشعي 
عن مشاعره في نصرة مصر » واستنكار العدوان عليها » وقاوم كل تظاهر 
سلمي بقوى الشرطة الي استباحت ضرب المتظاهرين » وقتل عدد منهم , 
وزج الكثير من المواطنين في المواقف والمعتقلات » وساد الحو ارهاب عنين 
وتوتر نخشى عواقبه . 

يا صاحب الحلالة : لا يخفى على جلالتكم انه لابد من وجود تجاوب 
نين سياسة أية حكومة ومطالب شعبها . فاذا انعدم هذا التجاوب أصبح بقاء 
تلك الحكومة خطراً على مصالح الامة وسلامة أهدافها . وقد اتضح من مراجعة 
مختلف الهيئات والجماعات والشخصيات لمقامكم السامي » انعدام التجاوب 
بين سياسة حكومة نوري السعيد ومطالب الشعب في هذه المرحلة الدقيقة الي 
يتقرر فيها مصير الامة العربية » ما جعل تنحي وزارة نوري السعيد عن الحكم 
ضرورة وطنية لتحل مكانها حكومة تتجاوب في سياستها مع مطالب الشعب » 
وي مقدمتها انسحاب العراق من حلف بغداد» والتضامن ا.لحدي مع الدول 
العربية الاخرى » واطلاق الحريات الدستورية» والافراج عن الموقوفين 
والمعتقلين بسبب انتصارهم لحركة التحرير العرني » واستنكار العدوان 
الاستعماري الصهيوني على الامة العر بية . 

وتفضلوا يا صاحب الحلالة بقبول فائق الاحيرام . 

بغداد في ١١‏ ربيع الثاني 5لا١  7٠١‏ تشرين الثاني 1466 . 
صادق البصام مراحم الياجه جي ناجي شوكت كامل الجادرجي 
محمد مهدي كبه عبد الرزاق الظاهر نحسين علي حسين جميل 
محمد رضا الشبيبي فخر الدين جميل محمد محمود الصواف صادق كونه 
رؤ وف البحراني محمد حديد سعد عمر محمود رامز محمد صديق 
شنشل سامي باش عالم فائق السامراي أحمد زكي الحياط صالح 


45ه 


الشالحي رمزي العمري عبد الحبار ا-حومرد طه الفياض جميل أن 
أحمد عبد الغني الراوي نجيب الصائغ“ زكي جميل حافظ محمد بابان 
محمود الدره محمد الطر يحي محمد صالح السهروردي أحمد عارف 
تفطان طاهر عارف خدوري خدوري. 


77 عريضة روساء الوزراء والساسة : 

حضرة صاحب الحلالة المعظم 
يا صاحب الحلالة : 

لقد رفع عدد من المواطنين المخلصين » على اختلاف طبقاتهم » أكثر ٠ن‏ 
مذكرة واحدة الى مقام جلالتكم استنكروا فيها تصرفات الحكومة القامة ازاء 
العدوان المدبر الغادر الذي قامت به بريطانيا » وفرنسا » واسرائيل » على 
الشقيقة مصرء كما انه حظي بمقابلة جلالتكم عدد من المعنيين بالمسائل العامة : 
سياسيين وغير سياسيين للغاية نفسها » مستنكرين سياسة التعسف والتنكيل 
والتقتيل الي اتبعتها » ولا تزال تتبعها الحكومة الحاضرة » نجاه الشعب الذي 
عبر عن شعوره القومى الشريف باستنكار العدوان الاستعماري المدبر : 
والاجراءات الارهابية الي تمرّ بها البلاد » وبتحقيق مطاليب الشعب الي 
تضمنتها المذكرات المار ذكرها . 

وبينما كان الشعب ينتظر بفارغ الصبر انحاذ التدابير اللازمة لوضع حد 
هذه السياسة الغاشمة » واذا بالحكومة تواجه الشعب بمفاجآت تعسفية منكرة 
أخرى » سلكت فيها قوات الشرطة أفظم السلوك : فلم تكتف باعداد نفسها 
للقئل بل لاحقت الطلاب بنار الرشاشات والبنادق الى داخل المدارس » كما 
حدث بي النجف الاشرف » والكوفة » والموصل : وغيرها من المدن العراقية 
ما أدى إلى مقتل عدد غير قليل من الطلاب المواطنين الابرياء » وجرح عدد 
كبير منهم » الامسر الذي استفز الشعب في كل مكان فعمّت الاضرابات 
والمظاهرات في معظم المدن العراقية من الشمال الى الحنوب . 


/1ه 


وبدلا” من ان تقدر الحكومة الحاضرة وخامة العاقبة الي تر نب على مثل 
هذه السياسة الرعناء » وتنصاع الى مطاليب الامة الي رفعت الى جلالتكم , 
واذا بها تزيد في أسباب الشقاق بين العراق والاقطار العربية الشقيقة » وخاصة 
سوريا » وتضاعف من حملة الارهاب على الشعب في العراق » وتقوم بحم 
من الاعتقالات الي شملت عدداً كبيراً من الوجهاء والساسة المعنيين بالشؤون 
العامة » وعمداء وأساتذة المعاهد العالية » وكبار المحامين والشباب المثقف , 
وغيرهم من المواطنين وزجتهم بالمواقف » وملاحقة الآخرين منهم دون ماأي 
مبرر » فانتهكت بذلك حرمة الدستور والقانون » ولم تعبأ بكلمة الشعب الي 
اجمعت على شجب سياسة ال حكومة القائمة » داخلية كانت أو خارجية . 

يا صاحب الحلالة : اننا نعتقد بأن تمادي الحكومة القائمة في سياستها الحرقاء 
هذه سوف تعرض البلاد الى مخاطر وكوارث لا يعرف مداها إلا الله . لذلك 
اننا نود ان نؤكد ما سبق ورفع الى مقام جلالتكم عن خطورة الوضع , 
وضرورة القيام باجراءات حاسمة تتناول تنحية الوزارة القائمة لتأليف حكومة 
حكومة وطنية تستجيب لمطالب الشعب » وتتخذ تدابير عاجلة للكف عن اراقة 
الدماء وازهاق الارواح البريثئة » وتطلق سراح الموقوفين والمعتقلين » وتلغي 
الادارة العرفية الي اخذت منها الحكومة الحاضرة واسطة للامعان في الارهاب 
والتنكيل بالمواطنين » وغير خفي على جلالتكم ان عودة الطمأنينة والاستقرار 
الى نفوس أبناء الشعب يتوقف على الحخاذ هذه التدابير الضرورية لمعاحة الموقف 
الرامن . 

وتفضلوا يا صاحب الحلالة بقبول فائق الاحبرام . 

بغداد في 78 ربيع الثاني 11/5 الموافق ؟ كانون الآاول ١1985‏ . 

محمد رضا الشبيي مزاحم الباجه جي ناجي شوكت فخري الحميل 
سعد عمر| محمد مهدي كبه أحمد عبدالغي الراوي صادق البصام 
محمد حديد جيب الصائغ محمد محمود الصواف22 عبدالر زاق الزبير 


534 


عارف قفطان محمود رامز جميل أمين خدوري خدوري ابراهيم الدركزللي 
احيذ زكي الحباطد محمد بابان محمود الدره محمد الطر. يحي طارق عبد 
الحافد عبد الله البستاني صالح الشالحي رمزي العمري طلعت الشيباني. 


وزارة علي جودة : 

بعد الفراغ من قبول استقالة وزارة نوري السعيد الثالثة عشرة دعي علي 
جودة الايوبي لتأليف الوزارة الحديدة في ٠١‏ حزيران عام 14617 فكانت وزارته 
نالك وزارة يؤلفها المومى اليه » وهو وان كان من الموالين للاسرة المالكة » 
والضالعين في الركب الانكليزي » وصديق قديم لنوري السعيد » ولكنه كان 
رجلا" مسالاً ومختلفاً يمن نوري السعيد من بعض النواحي » وقد اشتدت المؤامرات 
ضد سورية أيام وزارته على الرغم من معارضته لها في بعض الاحيان . 


المؤامرة على سوريا : 

بعد ان فشل العدوان الثلاثي على مصر » وانتصر الرئيس جمال عبد الناصر 
على خصومه وخصوم سياسته فأمم قناة السويس » وأمن الشروع ببناء السد 
العالي » وحصل على الاسلحة الضرورية لبلاده من الدول الاشتراكية» أحذت 
سورية تحذو حذوه في تأمين سلاحها من الدول المذكورة» فاذا بأمريكا تتحرك 
من موقفها خاشية من أن يؤدي تسليح الحيشين: السوري والمصري بالاسلحة 
الحديثة الى القضاء على الكيان الصهيوني في فلسطين ٠»‏ فابتدعت احبولة 
سيطرة الشيوعيين على الحكم في سورية » وتمكنت من اقناع تركية بتصديق 
هذه المراعم . وكانت تعتقد ان من يحكم العراق وبيده السلطة الحقيقية كان 
مستعداً لتأييد التفكير الامريكي والاسهام في كل عمل يرتثيه» ومن الزعم 
بلق عرش لعبد الاله في سوريا فيما اذا بجحت أمر بكا وتركية والعراق بالاطاحة 
بنظام الحكم الحمهوريالقام فيها . ويدفعني الحق والانصاف ان أسجل هنا 
لعل جودة موقفاً قومياً حيث شجب العدوان على سورية بهذا الاسلوب » فكان 
موقفاً سديداً طعن التآمر على سوربة الشقيقة» واستحق الثناء والتقدير من الجميع . 


وه 


لقد بلغ عنف الموامرة موضوعة البحث » درجة من الحطورة بحي 
طلبت أمريكا الى العراق ان يحتل جيش العراق سورية » مسنداً من قبل الاردن 
وان تحشد تركية جيشها على ا حدود السورية لتأمين هذا الاحتلال . وكان الشعس 
العراقي برمته يقف إلى جانب الشعب السوري » كما كانت جميع الاوساط 
القومية والوطنية في العراق تطالب بشدة » الكف عن هذه المؤامرة القذرة, 
حتى أن زعماء الاحزاب والساسة أبرقوا الى هيئة الامم المتحدة مستنكرين هذا 
التدخل » وطالبين تدخلها لمنع وقوع الكارئة . وكنت أحد الذرين اسهموا ني 
هذا الاستنكار » والاحتجاج » فتلقيت برقيتين : احداهما من رئيس بجلس 
النواب السوري السيد أكرم الحوراني » والثانية من رئيس مجلس الوزراء 
السيد صبري العسلي أدرجهما فيما يلي في عداد ما نشرته من وثائق . 

السيد ناجي شوكت بغداد 

اسم تمثلي الشعب العربي في سورية أشكر لكم وللشعب العرني في العراق 
الشقيق ندائكم للامم المتحدة بتأبيد سورية في شكواها في النوايا العدوانية المبينة 
ضد الحكم الوطي في سورية؛» والتدخل المستمر في شؤونها الداخلية . ان الشعب 
العرني في سورية » وقد نذر نفسه للدفاع عن الاستقلال وحرية وكرامة الشعوب 
العربية جمعاء » اما يستمد العون من الله العلي القدير » ونصرة الشعب العربي 


من المحيط الاطلسي ححتى الحليج ؛ للحيلولة دون وقوع العدوان الذي 
يبد الكرامة الانسانية » ويهدد أمن وسلامة شعوب العالم بأمره . 
رئيس مجلس النواب/ أكرم الخوراني 


السيد ناجي شوكت / بغداد 
لقد تركت البرقية المرسلة من قبلكم الى رئيس هيئة الامم المتحدذ» اطيب 
الاثر في نفسي وانه ليسرني ان ابعث اليكم باخلص الشكر على عاطفتكم 
شعباً واحداً كالبنيان ا مر صوص بشد بعضه بعضا . * 
رئيس مجلس الوزراء / صبري العسلي 


5.٠ 


فران الملك فيصل : ْ 
كنت أصطاف في ربوع اوربا في صيف عام 1901 م . ولا امبيت مدة 
اصطياني وقررت العودة الى العراق » فضلت زيارة اسطنبول في طريق عودني 
وقضاء بضعة أيام فيها . وعند وصولي اسطنبول في أوائل أيلول ؛ نزلت في 
اوتيل هلتون » وكان حكمت سليمان قد سبقي إليها ونزل في هذا الاوتيل 
نفسه » وقد لفت نظري وجود عدد من الوزراء والذوات العراقيين في هذا 
الاوتيل ايضاً اضراب : نوري السعيد » وداود الحيدري » ثم علمت ان الغاية 
من يجيء هؤلاء حضور خخطبة الاميرة فاضلة الي تنتمي الى العائلة المصرية 
المالكة من ناحية الاب » والى أسرة آل عثمان من ناحية الام » وما لبث ان 
حضر الى اسطنبول رئيس الوزارة العراقية أيضاً للغرض المذكور . 
وكان نجيب الراوي سفيراً للعراق في تركية » فأعد مأدبة عشاء في اوتيل 
هلتون تكرياً للملك فيصل وخطيبته » وقد تلقيت دعوة من السفير الحضور 
هذه المأدبة»؛ وكنت متردداً بين ا حضور وعدمه» ثم فضلت الاعتذار ورجوت 
من نجيب الراوي ان يحذف اسمي من قائمة المدعوين. ولكني ني الوقت نفسه 
كنت أرغب في مشاهدة العروس لبا كانت مشهورة يجماها فانتحيت ركنا 
من احدى زوايا القاعة الكبرى في انتظار قدوم المدعوين لأرى فيصلا وخطيبته . 
كانت الاميرة فاضلة آية في الحمال » وكانت امها أجمل منها » على 
الرغم من انها كانت في حوالي الاربعين من عمرها . وكان منظر الملك مسع 
خطيبته يلفت النظر . ففيصل قصير القامة جدأ » بينما كانت خطيبته مر بوعة 
القامة وأطول منه إذ كان رأسه يعلو كثفها قليلا” فقلت في نفسي : مسكين يا 
فيصل كم أنت مبيء الحظ لقد سيطر خالك عليك في شؤون الملك كافة » 
فجاءت عروسك أطول منك قامة . ومن المؤسف ان يكون حظه بعد قرانه 
أسوأ منه قبل القران إذ لم تمض عليه إلا" أشهر معدودات » حتى قامت ثورة 
4 تموز لتقضي عليه وعلى خاله الى أبد الأبدين . 


"5١ 


لم تمفر على على جودة : وهو في الحكم , إلا" خمسة أشهر حتى اضطرٌ 
إلى الاستقالة من منصبه » وقد خلفه عبد الوهاب مرجان في رئاسة الوزارة 
لأول مرة . وعبد الرهاب هذا من أسرة تتعاطى تجحارة الحبوب في الحلة . 


موتمر التضامن الآسيوي - الإفريقي : 

تسلّمت من سفارة جمهورية مصر في بغداد بتاريخ ١7 ١19‏ - 61ؤوام 
دعوة « سكرتارية متمر التضامن الآسيوي ‏ الافريقي » للاشتر اك في الموتمر 
المزمع عقده في القاهرة خلال الأيام الحمسة الأخيرة من شهر كانون الأول 
61م ء كما تسلّم بعض رؤساء الأحزاب في العراق مثل هذه الدعوة . 
ولما كنت قد أصبت بالزكام الشديد » والانفلونزا الحادة » وقت تسلّمي 
الدعوة فقد اعتذرت عن تلبيتها وكتبت إلى الحهة المختصة شاكراً ومعتذراً , 
وكان نص كتاب الدعوة هذا : 

إلى فخامة السيد ناجي شوكت - بغداد 

تتشراف سفاره جمهورية مصر ببغداد بإبلاغ فخامتكم أن سكر تار يةموتمر 
الضامن الاسيوي - الافريقي ترحب باشتر اككم في الموتمر الذي يعقد بالقاهرة 
ابتداء من يوم الحيس 7١‏ كانون الأول سنة 1481م إلى أول كانون الثاني 
سنة 1586م . 

وتفضلوا فخامتكم بقبول فائق التحية والاحترام . 

سفارة جمهورية مصر 
(١! ْ[‏ الاهوام 

الإعدادللثورة : 

لم يكن ني العراق حتى أوائل الحمسينات مسن يستسيغ التفكير بالنظام 
الجمهوري ٠»‏ أو يفضله على نظام الحكم الملكي القائم » فيما إذا استثنينا من 
ذلك الشيوعيين » وأفراداً قليلين من المنتمين إلى « الحزب الوطني الديمقر اطي ) 


"5 


والبعض من الساسة الذين كانوا يفضلون النظام الحمهوري هن الناحية النظرية 
نقط » ولكنهم في الوقت نفسه لا يرونه ملائماً لأوضاع العراق في كثير من 
النواحي ؛ ولهذا كانت جهود الوطنيين والمخلصين منصبة على ضرورة إصلاح 
نظام الحكم القائم بإبعاد عبد الإله وطغمته ناتاه عن السيطرة على مقدرات 
ابلاد » ومناهضة تدختّل السلطات البريطانية في أمور العراق الداخلية » والسعي 
لإلغاء معاهدة ااه" 

أجل لم يكن في العراق من يستسيغ المناداة بنظام الحكم الجمهرري حى 
أوائل الحمسينات . حتى أن الذين أسهموا في حركة السنة ١114م‏ لم يكن من 
بينهم من يستسيغ النظام المذكور » فيما إذا استثنينا منهم ناجي السويدي . 
ويتذكر القارىء ‏ دون شك - أن من بين الأسباب الرئيسية للحركة كان 
استسلام عبد الإله » ونوري السعيد » للحكومة البريطانية وتنفيذ أوامرها دون 
قيد أو شرط » والسكوت على خرق أحكام معاهدة ٠147م‏ من قبل الإنكليز 
كما مرا تفصيل ذلك » ولكن بعد أن عاد عبد الإله إلى العراق على أسنّة الحراب 
البريطانية » في خختام تلك الحركة » وسيطر الإنكليز على أمور العراق» استغلتت 
الفئة الموالية هذه العودة لمصاحها » فسلبت الأراضى الأميرية من أصحاءها 
القوطين ف 'منليد عق تعفن القرانان والانظلية عقواناة التتيورةء رو الازمقه 
وواجبات الزراع » فازدادت الفروق بين طبقات الشعب» وانحصرت 
المناصب الوزارية في أيدي جماعة عرفت بخنوعها اشيئة عبد الإله ونوري 
السعيد » ومن ورابما الإنكليز » متجاهلة أن ني العراق شعباً لا يضام . 
ولا يقهر » وهكذا بدأ الشعب العراي يتكتل ويسير وراء أحزابه الوطنية » 
ويقوم بتنظيم المظاهرات » والانتفاضات » والوثبات » وكانت الإطاحة بمعاهدة 
بورتسموث من إحداها . 

وني أوائل الحمسينات بالذات » قام الرئيس جمال عبد الناصر وزمرة من 
ضباط الحيش المصري ٠‏ الملتهبين غيرة وحماسة على مصالح البلاد » قاموا 
بالإطاحة بعرش فاروق ملك مصر » وأعلنوا النظام الجمهرري في مصر ء 


م 


وما لبثوا أن أثموا قناة السويس ء وصمدوا أمام العدوان الثلاني الآ نم على مصر 
فأفشلوه » وسلّحوا الحيش المصري بالأسلحة من الدول الاشتراكية » وحظرا 
عساعدة الانحاد السوقياني » ورفضوا الدخول في ( ميثاق بغداد ) . 

في الوقت الذي كان الرئيس جمال عبد الناصر يقوم ببذه الأعمال الحبارة. 
كان القابضون على زمام الحكم في العراق على النقيض من ذلك . كانوا يحكمون 
عقد المواثيق الضارة مع بعض الدول المجاورة » ويضلعون مع بريطانيةللوقوف 
ضد زعامة عبد الناصر » ويسعون للقضاء عليها . ولكن الأحزاب الوطنية 
كانت تراقب الأوضاع الداخلية والحارجية » وكان زعماها على اتصال داتم 
بفريق من ضباط الحيش العراتي الشباب » الذين كانوا يتّقدون غيرة وحماسة. 
فلما يئس الزعماء ويبئس الناس من إمكان إصلاح نظام الحكم الملكي» وانصياعه 
إلى جادة الصواب ٠»‏ بدأ التفكير في ضرورة التخلص من هذا النظام » وأخذ 
التقارب دين الضباط الأحرار وزعماء الأحزاب يشتد » فتألفت في بادىءالأمر 
ثلاث خلايا للضباط » يتصل كل منها مع حزب من الأحزاب السياسية القائمة 
وهي : حزب الاستقلال » وحزب البعث العربي الاشتراكي » والحزب 
الوطني الديمقراطي » فكان زعماء هذه الأحزاب يتصلون فيما بينهم حى تم 
الاتفاق على تأليف جبهة متحدة باسم ( اللجنة الوطنية العليا ) » وعلى هذا 
الأساس انضمت خلايا الضباط إلى بعضها البعض » وتألّف مجلس قيادة 
للثورة انتخب له رئيساً انتظاراً لأول فرصة تسمح ليضرب اللحيش ضير بته 
القاضية بمؤازرة الأحزاب المذكورة . وكنت شخصياً غير مشترك:في هذه 
الأحداث . لأني لم أكن منتسباً إلى حزب من هذه الأحزاب » لكي كنت 
أطلع عليها آنا آنا . فلما أصدر المجلس العرني العسكري قراره بحبس كامل 
الجادر جي حبساً شديداً لمدة ثلاث سنوات » وأودع سجن بغداد المركزي » 
خصصت له غرفة في هذا السجن » بصفة كونه مجرماً سياسياً » وقد توفّر في 
هذه الغرفة الماء والكهرباء » كما كان ها ملحق فيه حمام ومرحاض » ونحوهما؛ 
كما كان يسمح لأصدقائه بزيارته بدون مراقبة » فكان سجنه هذا بالقياس إلى 


"525 


سجننا الحالي من كل شيء في ألي غريب يكاد لا يذكر ولا يقاس » وكنت 
شخصياً أزرر كاملا" في سجنه مرة أو مرتين في كل أسبوع ؛ وأشهد زيارة 
الزعماء والمعارف والأصدقاء له ع وما كان بحري في أثنائها من أحاديث 
ومخططات ونحو ذلك » فكان المومى إليه يطلع على الصغيرة 00 
في البلد » وما يدور بين روساء الأحزاب » والضباط الشبان » من اتصاللات 
فكان يطلعي على ذلك كله في زياراتي المتعددة له . ولما زرتهني أواخر نيسان 
من عام م وأخبرته عن اقتراب وقت سفري إلى خارج العراق للاصطياف 
قال لي : انه يفضل لي العريث والبقاء في العراق في هذه السنة لأنه قد تم الاتفاق 
على الخطة المرتقبة » وستنتهز الفرصة المناسبة والساعة الحاسمة لإنزال الضربة 
القاهمة . وقد زادني علماً على ما تقدام » أنه تقرر القضاء على عبد الإله » 
ونوري السعيد » وفيصل الثاني » في وقت واحد » وإعلان التظام الجمهوري 
حكماً للعراق . وقد يحتاج الاخوان إليك فتساعدهم في تثبيت مهامهم » فأجبته 
اني الآن في حوالي السبعين من عمري » ولذا أرجح البقاء بعيداً عن ميدان 
لعمل » وأن أكتفي بتأيي دكل عمل يم من هذا القبيل . ثم سألته : لماذا يشركون 
فيصلا الثاني في القتل وهو ما يزال حدثاً لم يظهر منه ما يسيء إلى البلد ؟ 
فرد "علي كامل بأنه هو أيضاً كان يسأل أسثلي هذه » ولكن بعد المفاوضات 
العميقة الي جرت بين مختلف الأحزاب وجماعة الضباط » تقرر القضاء على 
هولاء الثلاثة مرة واحدة لثلا تتكرر مأساة عام ١144م‏ فيعود فيصل الثاني 
-في حالة نجاته من الموت - على أسنّة الحراب الإنكليزية » كما عاد خاله 
من قبل . 

ومن المفارقات الغريبة » اني كنت مدعو على مائدة العشاء الي أقيمت 
في قصر الرحاب يوم ” أيار 148١م‏ بمناسبة ذكرى ميلاد الملك فيصل الثاني » 
وصادف جلوسي على مائدة الطعام » أن كنت بين توفيق السويدي » وسفير 
تركية » وكان يقابلنا عليها علي جودة » فكان الحديث يحري باللغة التركية فيما 
لا علاقة له بالسياسة » ولكن السفير التركي أحال الحديث إلى ما بحري في 


ه56 


سورية وانحادها مع مصر » وعن زعامة الرئيسجمال عبد الناصر للعالم العربي, 
وما ستجره هذه الزعامة على منطقة الشرق الأوسط من ويلات» وإذا بالسويدي 
ينثي علي" ويقول في صوت خافت : ( انت ما تجوز من سوالفك ما يكفيك 
ما لاقيته من تشرد وسجون ؟ ) وكان يشير بذلك إلى البرقية الي بعئت بها إلى 
عبد الناصر مهنا بقيام الوحدة بين مصر وسورية » وإلى البرقية الثانية الني هنأنه 
بها على إعادة انتخابه رئيساً للجمهورية » وما سببته هاتان البر قيتان من. امتعاض 
في نفس عبد الإله » فسكت ول أرد عليه » لكي قلت في نفسي : لو كنت 
تعلم يا مسكين ماذا سيحل” بك » وبعبد الإله » وبالطغمة الضالعة في ركاب 
الإنكليز » لما تفوّهت بما تكلمت . فقد يحدث مالم يكن ني الحسبان » إذكنت 
أخشى أن يم قتل هؤلاء الثلاثة في تلك الليلة لأن الطبخة نضجت » ولكن 
الذي ا نوري السعيد ما كاد يفرغ من تناول الطعام حى غادر قصر 
الرحاب » ولم يحضر حفلة السهرة الي اشيررك فيها المدعوون بأجمعهم . 
وها أنا أنشر البرقيتين اللتبن قصدهما السويدي » كما أنشر جوالي الرئيس 
جمال عبد الناصر على هاتين البرقيتين » وكذا البرقية الي تلقيتها من رئيس 
مجلس الآمة المصري » عبد اللطيف البغدادي » ورئيس وزراء سورية صبري 
العسلي بهذه المناسبة . وها هي بنصوصها متسلسلة : 
سيادة الرئيس جمال عبد الناصر ‏ القاهرة 

أخلص التهاني بمناسبة إعادة انتخابكم لرئاسة الحمهورية . حفظكمالباري 
وأعزكم رائداً وناصراً للعرب » يا من جمع شملهم وأعاد مجدهم . وأضرع 
إليه تعالى أن يحقق أمانيهم بالوحدة الشاملة على يدكم وبقيادكم أيبا البطل . 

ذاجي شوكت 
السيد ناجي شوكت - بغداد 

أشكركم أخلص الشكر على مشاعركم ونبانيكم الرقيقة » مناسبة إعادة 

انتخاني رئيساً للجمهورية » والله أدعو أن يكتب لنا جميعاً السداد والتوفيق لا 


3 


فيه عزة العروبة ومجد العرب » وأعرب لكم عن أطيب التمنينات بالصحة 


والسعادة 1 
جمال عبد الناصر 


السيد ناجي شوكت وزملاوه زعماء العراق ‏ بغداد 

تلقيت ببالغ السرور وعظم التقدير برقيتكم الرقيقة التي حملت إل 
باسمكم 2 وباسم الشعب العرائي » كريم المعاني ونبيل المشاعر يعناسية الا نحاد بين 
مصر وسوريا » ويطيب لي أن أنوه أن اتحاد الأمة العربية أمنية غالية تخالج 
نفوسنا ونفوس العرب جميعاً ؛ وإنا لعرقب اليوم الذي تم فيه هذه الوحدة 
الشاملة فيتحقق بذلك ما نرجوه جميعاً للشعوب العربية من مكانة سامية رغم 
كبد الكائدين ومآرب المستعمرين . واني لأبادر بالإعراب لكم جميعاً والشعب 
لعراني الشقيق عن أجمل عبارات الشكر القلبية على هذا الشعور الأخويالكريم» 


ونتمى لكم جميعاً كل سعادة وعزة وهناء . جمال عبد الناصر 
السيد ناجي شوكت ‏ بغداد 


أشكر لكم ولإخوانكم برقيتكم الكر يمة الحافلة بأسمى معاني القوميةالعربية. 
وإنا لنسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً إلى ما نصبو إليه من وحدة عربية شاملمة 
بفضل الوعي العربي المتحفز وموازرة رجالات العرب المجاهدين . 

رئيس مجلس الآمة المصري 
عبد اللطيف البغدادي 
الأستاذ ناجي شوكت - بغداد 

لقدكان لتهنئتكم الطيبة بالقرار التاريخي بتحقيق ١‏ لانحاد بين مصر وسورية 
أطيب الأثر . واني إذ أشكر اككم هذه العاطفة النبيلة أسأل الله أن يقرب اليوم 
الذي تم فيه وحدة العرب جميعاً » ويحقق لهم ما يصبون إليه من مجد وسودد. 


صبري العسلي 


"1 


ومن الغريب العجيب أن أتلقى بالبريد التهديد الآني » أنشره للاطلاع على 
العقلية الي كانت تسير أمور البلاد وسط ذلك اللهيب المتقد » والفوران الذي 
كان يعم كافة الأوساط : 

إلىمن 0000 

يعد" نفسه وطنياً وعارضاً نفسه للمهالك في سبيل خخدمة هذا الوطن إلا أنه 
يأني بأعمال مخالفة لمصلحة هذا الوطن العزيز » وجاء يؤيد أناس ضد وطنه , 
ولكن يعتقد بأنه بهذا التأبيد يخدم بلده . لقد كتبتم البرقيات الحمال عبد الناصر 
قبل زيارته لموسكو » وكان الشعب يعتبر بأن هذا التأبيد من مصالح العرب , 
ولكن الان عرفنا جميعاً بأن جمال عبد الناصر » هدفه إنزال الشيوعية في 
جميع البلاد العربية الي هذا العمل ضدها اما . 

وقد اطلعم على اتصالاته قُ روسيا » وتصرنحاته » وعرفم أهدافه ع 
فنحن الآن على استعداد لمحاسبتكم حساباً عسيراً يودي بحياة كل واحد منكم 
إذا ارتكب أي عمل ميد للجبهة الشيوعية بإعطاء البرقيات والتصريحات 
بالصحف » أو بإصدار النشرات السرية . فإننا عاهدنا الله بإنز ال عقوبة القتل 
لكل من يخون هذا الوطن » ولا يخلص للمليك والوطن والدين . واننا نعتير هذه 
الرسالة بمثابة إنذار لككم وسترون اللحائنين أي منقلب ينقلبون . 

الموؤمنون برسالة ( محمد ) 


كان العنوان : 
بغداد_الكرادة الشرقية الزوية 
إلى فخامة الأستاذ ناجي شوكت المحتر م 
وكان التاريخ على الطابع الملصى على الظرف 7؟ ٠ايس‏ 1988م 
نعود الآن إلى متابءة الأحداث في الحقلين : الحارجي والداخلي فنقول : 
لم تتوقف ألاعيب ومغامرات نوري وعبد الإله الخاصة بالتآهر على سوريةلحلق 


"4 


عرش لعبد الإله » بل ازدادت شراسة بإلقرار الذي انحخذ بصورة مبدئيةلاحتلال 
سورية من قبل الحيش العرائي » بحيث نحقق لدى زعماء سورية بأن هذه الموامرة 
وشيكة الوقوع » وأن إلحاق سورية: بالعراق ٠عناه‏ أن يتوسّد عبد الإله عرش 
سورية » وتتقيد سورية بالقيود والموائيق الي قيد العراق بها » فلم يروا مناصاً 
من الالتجاء إلى الرئيمس جمال عبدالناصر لتوحيد مصر وسورية . وإذا بالرئيس 
عبد الناصر يرحب بالفكرة » وتقوم الوحدة بين الللدين في 4 شباط 1588م . 
وقد قابل الرأي العام العر بي قيام هذه الوحدة بالر حاب والتأبيد والتقدير » 
بينما وقعت على عبد الإله ونوري السعيد وقوع الصاعقة » بحيث أفقدتهم 
رشدهم . وجعلتهم يتخبطون في ظلام دامس » ولم يحدوا ما يردوا به على 
هذا العمل العربي الحبار إلا بالإسراع ‏ بعد أقل من عشرة أيام - إلى قيام 
اتحاد آخر بين العراق والأردن للوقوف في وجه الوحدة الي قامت بين مصر 
وسورية » وعدم الاعتراف بها » ولم يكتفوا بذلك فحسب » فطلبوا إلى الدول 
الإسلامية الداخلة قُ ميثاق بغداد عدم الاعثر اف بشزعية هذه الوحدة » 
في الوقت الذي كانت حبى الدول الغربية ولا سيما بريطانية وأمريكا قد 
اعترفت بها » مضافاً إلى اعتر اف المملكة العربية السعودية ولبنان » وعلىالرغم 
من كل هذه المواقف المخجلة الى وقفها العراق . فإن عبد الناصر انتهز فرصة 
قيام الوحدة بين العراق والأردن فباركها » وتمى دوامها وازدهارها » لكن 
العراق لم يرد على هذا التبريك بالرد اللائق » بل كان رده إلى الهزوء والسخرية 
أقرب منه إلى الرد” الأخوي » حبى أن رئيس الوزراء عبد الوهاب مرجان » 
الضالع مع عبد الإله ونوري السعيد في سياستهما » لم يتحمل هذا الوضع 
المزري ٠‏ فقد م استقالة وزارته في الثامن من آذار 408١م‏ ليخلفهنوري السعيد 
بتأليف وزارته الرابعة عشرة » التى اتخذت الإجراءات اللازمة لإضفاءالشرعية 
على هذا الاتحاد من تعديل القانون الأساسي العرائي » وحل المجلس النياني » 
وإصدار البيانات والتشريعات » وصار يشي على هواه دون أن يرى من أتباعه 
من يقف في وجهه أو ينتقد سياسته . ولما شعر الزعماء السياسيون وروساء 


نا سيرة وذكريات (78) 


الأحزاب أن الوضع قد وصل إلى حد لا يطاق » رأوا أن ينذروا نوري لآخر 
مرة» وينقلوا إليه رغبات الشعب » فرفعوا إليه الكتاب التي أنقله من الصفحات 
/6 و86١7‏ وؤ١7امنالحزرء‏ ء العاشر من « تاريخ خ الوزارات العراقية » : 
فخامة رئيس الوزراء المحرم 

عددثم إلى الحكم في ظروف يقف خلاها العراق في مفترق الطرق , 
ويتوقف على سلوك الطريق الويم منها مصير الأجيال المقبلة . وقد اخثرتم من 
قبل سياسة معينة أدات إلى ويل وجهة العراق من الأمة العربية إلى الارتباط 
بحلف بغداد » والاتفاق الخاص مع بريطانية . وني سبيل تمشية تلك السياسة 
عطلت جميع حقوق الشعب الدستورية » وأصبح من المتعذر قي هذا الحو 
الحانق الذي يسود العراق أن يعلن أبناء الشعب وجهة نظرهم وهم آمنون من 
الأذى » لذلك رأينا نحن الموقعين أدناه أن نصارح فخامتكم بالحقائق التالية 
أملا” ني أن تحمل الحكومة على سلوك الطريق الوحيد الذي يتفق مع مصلحة 
الشعب ومطالبه الوطنية » وأمانيه القومية . 

إن العراق يا صاحب الفخامة لا يمكن أن ينفصل عن الأمة العربية فهو 
جزء لا يتجزأ منها . وقد رأيتم تجاوب الأمة العربية معه في استنكار حلف 
بغداد » كما رأيتم استحالة مد الحلف المذكور إلى أي بلد عرني آخر فلا بدا 
أولا” من خروج العراق من هذا الحلف ». وتحريره من الاتفاق الخاص مع 
بريطانية؛ ليشعر العراق أنه أصبح مستقلا من التبعية الأجنبية الي كانتوستظل 
مصدراً لجميع متاعبه الداخليه » ومشاكله مع سائر الدول والبلاد العربية . 

وبإقرار هذه الحطوات الأولى ننتفي أهم العوامل الي أدات إلى تعطيل 
حقوق الشعب وحرياته . فما مر في العراق عهد انعدمت فيه هذه الحقوق , 
وهدرت فيه هذه الحريات » كالعهد الذي رافق عقد حلف بغداد » والاتفاق 
الخاص مع بريطانية . ونحن واثقون أن الشعب حين يجد نفسه حرأ من القيود 
اني كبلته بها الروابط المصطنعة المذكورة طليقاً من الأأصفاد التي 0 
سيتجه بكل قواه نحو الاتحاد الشامل مع سائر الدول العربية » ولن يرضى أن 


ا 


برعم بضعة أشخاص أنهم يمثلونه » حين يدعوه جهرة إلى تفريق الصف العربي 
بإعلان عدامهم السافر لتحقيق خطوة كان العرب يعتبرونها حلماً بعيد المنال ؛ 
ألا وهي اتحاد مصر وسورية في دولة عربية واحدة . فما كان لمواطن مخلص 
أن بتمى شيئاً أعز من أن تتحمل مصر مسؤوليتها في بناء الوحدة العربية . 
وقد أعلن المسوولون عن ميثاق الوحدة أن بابها مفتوح لأي دولة عربية بأي 
شكل تختاره من أشكال الاتحاد » وقد بدأت فوراً «فاوضات الاتحاد بين 
الحمهورية العربية المتحدة وبين المملكة اليمنية المتوكلية » وإتما «سير نحقرق 
الوحدة بين مصر وسورية في ممارسة كل منهما لحقوق السيادة الكاملة . 
المجردة من أبة تبعية » لأية دولة أجنبية » فالقول بأن الوحدة دين مصروسورية 
بعتبر تحدياً للعراق » قول لا يقره عاقل لأن وحدة العرب لجميع العرب ضدا 
أعداء العرب كافة » وإثما هي حدر لسياسة التفريق الي لم يعد في مقدور 
واحد ولا في استطاعة دولة أجنبية حمل المواطنين في أي بلد عربي على 
الاستسلام لها . 

ومن عجب حقاً أن يتظاهر البعض برغبته في إقامة اتحاد بين سورية والعراق » 
وينكر إقامة اتحاد بين العراق من جهة وسورية ومصر معاً من الحهة الأخرى » 
وكذلك الحال بالنسبة الى الأردن» فإن دخوله مع العراق في انحاد يشمل اللحمهورية 
العربية المتحدة أدعى الى تعزيز وحدة الصف العربي 5 

إن العراقيين يا صاحب الفخامة قد موا العهد الذي يبيح لبضعة أشخاص 
أن يدّعوا التعبير عن إرادة الشعب » في وقت لا يجد فيه هذا الشعب أية وسيلة 
للإفصاح عن رأيه في صحف حرًة » أو اجتماعات عامة » أو انتخابات 
سليمة بعد أن عطلت أحكام الدستور الي هي كل لا يتجزأ . 

لذلك نرى من واجبنا أن بيب بفخامتكم الالتفات إلى رغبات الشعب » 
وهي رغبات صريحة توجب توحيد الصف العر بي » والتحرر من ميثاق بغداد» 
والاتفاق الحاص مع بريطانية » وإطلاق الحريات الدستورية بما فيها حرية 
التنظيم الحز ني » والنقافي » وحرية الصحافة » والاجتماعات العامة » والإفراج 
عن المحكوم عليهم في القضايا السياسية ليستطيع الشعب الحهر بآرائه الرامية إلى 


"1١ 


نحقيق الانحاد المنشود بين العرب كافة وتفضلوا يا صاحب الفخامة بقبول فائن 
الاحترام : 
بغداد في 4؟ شعبان /الا*1ه الموافق ١6‏ آذار 1968م 
صورة إلى : - رئيس الديوان الملكي العرائي 


محمد مهدي كبه ناجي شوكت مز اسعم الباجه بي 
حيين حمل فائق السامرالي سعد عمر 

حسن عبدالرحمن نحسين عي عمد رضا الشبيبي 
من دري شل سامي باش عالم جمال حمر نظمي 
فيك ماق لجسل كله محمد أحمد العمر 
محخيسد: ناحنان فيصل حبيب الحيزران علي الصائي 

محمود رامز حت العاسية ‏ «فجالح الثاني 


كامل الشالحي أحمد زكي الحياط 2 مظهر العزاوي 
رمزي العمري ناجي يوسف عواد علي النجم 
عبد الحميد الياسري هديب الحاج حمود زكي بحافظ جميل 
جميل أمين ابراههم عطار باثي 2 محمود الدرة 
عبد الشهيد الياسري نعمان العاني فواد الركاني 
الدكتور عباس الصراف محمد الطريحي الدكتور مصطفىكامل 
الدكتور فيصل الوائلي عبد الرحمن البزاز ياسين 
الدكور عد الله الشنانق 

وقد رأيت من المناسب أن أنشر خلاصة لمشروع الاتحاد بين العراق 

والأردن ».وهي د 

. الوحدة السياسية والحارجية مع التمثيل السياء.ي‎ - "١ 

؟"ت وتئحدة ابديشين الغراق والأرادي:: 

م" -. جعل عَلَم الاتحاد عَلّم الثورة العربية . 


51 


,*- وزارة اتحادية تتولى الشوون الحارجية للإتحاد . 

و“ توحيد النقد وتنسيق السياسة المالية . 

و يكون للاتحاد حكومة واحدة تولّفٌ في مجلس يضم عدداً متساوياً 
من الطرفين . 

يكون ملك العراق ملك الانحاد » وتكون بغداد مقر حكوهة الانحاد . 
وعلى هذا الأساس عدل القانون الأسامبي العرائي » وصادق مجلس الآمة 

على هذا التعديل » كما صادق مجلسا الأعيان والنواب عسلى دستور حكومة 

الاتحاد . وقد قاطع الشعب العراتي الانتخابات الي جرت للمجلس الذي أقر 

التعديل ودستور الانحاد . 


محاولة ضم الكويت إلى العراق : 

الأردن بلد فقيرء وقدكان ‏ مما يزال ‏ يدير أموره معتمداً على المساعدات 
الحار جية : أجنبية كانت أو عربية » فكان دخوله في اتحاد مع العراق » يعني أن 
بقوم العراق بأموره » ويتحمل كافة نفقاته الضرورية . لذا فقد ارتؤي ضم” 
الكويت إلى الاتحاد الهاشمي الذي يمجمع بين العراق والأردن » نظراً لما تملكه 
الكويت من أموال طائلة بسبب النفط الغزير النابع ءن أرضها . وعلى الرغم من 
أن الحكومة البريطانية أيَدت فكرة ضم الكويت إلى هذا الاتحاد » لتتخلتص 
هي من استمرار مساعداتها للأردن الفقير » فإن أمير الكويت أبى الإذعان إلى 
هذا الرأي » مالم يستشر العائلة المالكة من آل الصباح » وكذا الرأي العام في 
الكويت . وهكذا بقيت القضية مطروحة على بساط البحث ٠دة‏ من الزمنحبى 
قضت عليها » وعلى القائمين بها » والضالعين في ركابها » ثورة الرابع عشر من 
مور 1ام. 


وزارة الإنحاد والوزارة العراقية : 
تنفيذاً لأحكام دستور الاتحاد الحاشمي . قدام نوري السعيد استقالةوزارته 


1 


الرابعة عشرة ليتولى رئاسة وزارة الانحاد الي ضمت ثلاثة وزراء عرافين , 
وثلاثة أردنيين » في التاسع عشر من أيار 4م . وي هذا اليوم نفسه أن 
الوزارة العراقية أحمد مختار بابان»ء وقد ضمت أحد عشر وزيراً فيما عدا 
وزيري ا حار جية والدفاع حيث بقي المنصبان لوزارة الانحاد . 

وني الوقت الذي كانت مباهج الأفراح والأعراس تعم" العراق والأردن . 
كان الحيش العراني يعد عدانه لينزل ضر بته القاسمة. وليحيل الأأفراح والأعراس 
إلى مآتم وأحزان . فقدكان من حسن حظ العراق » وكان من سوء طالع من 
أراد الوقيعة بالعراق والأمة العربية أن جعل الغرور والطيش يغرقان عبد الإل 
ونوري السعيد في بحر من الأوهام فلا يلتفتان إلى ما كان يحري في أوساط 
الحيش . 
بين العراق ولبنان : 

كانت الأوضاع الداخلية في لبنان مبعث شكوى وتذمتر اللبنانيين» وقد 
جاءت فكرة تعديل الدستور اللبنافي لتسويغ إعادة انتخاب كميل شمعون إلى 
رئاسة الحمهورية ضغنئاً على إبالة » فتضاعفت الشكوى » وازداد التذمر. 
ولما كان انجاه شمعون السياسي وميله نحو الغرب لا يتلف عن اتجاه العراق 
والأردن » فقد رأت حكومة الاتحاد أن تمد" شمعوناً بأسباب القوة » فقدامت 
إليه المساعدات الالية الكبيرة » و بعثت إليه بكميات دن الأسلحة العراقية لمتاومة 
الثائرين في وجهه ٠‏ وأبلغته بأن الحيش العراتي على استعداد للإطاحة بنظام 
الحكم في سوريا بأول فرصة » وهو النظام الذي كان يناوىء شمعوناً أيضاً . 
ومن ثم مساعدته على قمع الثورة . وقد صدرت الأوامر فعلا" إلى بعض قطعات 
الحيش العراتي للسفر إلى الأردن لتحقيق هذه الغاية . وقد شاءت الأقدار أن 
بيء نوري السعيد الفرصة بنفسه للإطاحة به » وبنظام الحكم الملكي الذي كان 
يسنده , ويشد ازره. 


سفري إلى سويسرة : 

غادرت بغداد إلى سويسرة عن طريق روما ني أواخر أيار 1444م على 
عادني في كل عام تقريباً . فلم أشترك ني الحفلات الي أقيمت ني غيابي » 
حى أني لم أبرق أية برقية تبنثة على سبيل المجاملة . ولما كان يوم ١4‏ تموز من 
كل عام يصادف عيد الحمهورية الفرنسية » ونجحري احتفالالات ومباهج قي 
كافة أنحاء الحمهورية » فقد حجزت في أحد المطاعم في ضواحي مدينة لوزان 
السويسرية » المقابلة لمدينة اقيان الفرنسية » وتقع « لوزان »و «افيان » على 
ضفي بحيرة « لمان » » وقد دعوت بعض الأصدقاء لتناول طعام العشاءمعي , 
وتمضية السهرة لمشاهدة الألعاب النارية » والأسهم الي تطلق من الساحل 
الفرنسي إلى الحو . وني حوالي الساعة الواحدة والنصف » وأنا أتناول الطعام 
في اليوم المذكور » جاءني ندل الفندق ( الكارسون ) وأخبرني بنبأ أذاعته 
المحطة السويسرية » ويتضمن حدوث ثورة بي العراق قام بها الحيش ٠‏ ومقتل 
فيصل وعبد الإله » وفرار نوري السعيد إلى محل مجهول » فصعدت إلى غرفي 
بعد أن تركت صالة الطعام وفتحت الراديو لأستمع إلى مزيد من الأخبار . 
وقد بقيت على هذه الحالة حبى الساعة الخامسة » ثم ركبت سيارتي إلى مقهى 


١ 


الامباسادور ٠»‏ حيث ملتفى الأصدقاء العرب هن مصريين» وسوريين ٠‏ 
وعراقيين » وما لبث أن وافانا مزاحم الباجهدجي » وهو جد فرح مثلي» 
وفك حر رت برقية نبنئة إلى عبد الكريم قاسم الذي فهم من الإذاعات بأنه هو 
الذي ترأس حركة الحيش الذي قام بالثورة » وان رتبته كانت جترال » 
وهذا هو نص برقيي : 
الحير ال عبد الكريم قاسم بغداد ‏ العراق 

أحيتيكم وزملائكم أيها الأبطال الكرام . لقد أعدثم للعراق كرامته وعزته 
وأنقذتموه من دور الرق" والاستعباد . 

أتضرع إلى الباري أن يسداد خخطاكم ويحقق الوحدة العربية الشاملة في 


506 


عهذ الحمهورية المباركة . 

ناجي شوكت 

بف د موسر 

5 تموز 1968م 
وبينما كنت في اليوم الثاني أتسقط الاخبار لمعرفة مصير نوري السعيد , 
إذكنت أخشى ان يفلت من يد الحيش » كما فلت في عام 114١‏ فيعود على 
أسنّة الحراب الانكليزية » كما عاد من قبل » واذا باذاعة لندن تذيع خبر العثور 
عليه وهو بزي امرأة » وانه قتل في ا حال . وهكذا أخذت الاخبار تتوالى عن 
إنزال أمريكي في لبنان » وآخر بريطاني في الاردن » لاجهاض ثورة العراق 
الحبارة » في حين سعى الرئيس جمال عبد الناصر لدى الانحاد السوقياتي وحمله 
على التدخل لاحباط كل مؤامرة يراد القيام ببا ضد ثورة العراق » فاستقرت 
الامور في العراق » واضطرت دول الاستعمار أن تعترف بواقع الحال تباعاً . 
فعندما عدت الى الوطن العزيز في أواخخر ايلول ٠» ١488‏ واتصلت 
بعدد من المعارف والمشتغلين في القضايا السياسية العامة » سواء من اشترك في 
الوزارة الي قامت في البلاد بعد اعلان الحمهورية » أو بقي في خارج الحكم 
يراقب الاحداث» نحمق لدي ما كنت دونته في الصفحات السابقة من ان 
تكتلات الحيش كانت قد اخذت مجلساً للقيادة » وان الاتصالات بين بعض 
زعماء الاحزاب وبين هذه التكتلات » كانت نحري بانتظام » وكان من المتفق 
عليه ان تنتهز أول فرصة للقضاء على نظام الحكم الملكي القائم » وقتل كل من 
فيصل » ونوري » وعبد الاله » لأن إفلات أي من هؤلاء يقلب الاوضاع 
رأساً على عقب » كنا حدث ذلك في ختام حوادث عام 144١‏ م . وقد شاءت 
الاقدار ان يعمي الله أبصار هؤلاء في الوقت المناسب » حيث صدرت الاوامر 
الى اللواء الذي يرأسه الزع يم عبد الكريم قاسم ؛ الذي كان يرأس نكتل الضباط 
الذين قررو الام بالثورة والقضاء على نظام الحكم الملكي باعلان الحمهورية ؛ 
ان يعد نفسه للحركة نحو الاردن » بغية الاستيلاء على سورية وضمها الى الانحاد 


535 


الماشمى » بحسب الحخطة الي رسمتها الحكومات الثلاث : تركية » وانكلرا : 
والولايات المتحدة الامريكية » فكانت فرصة من الفرص النادرة الي قلما يحود 
الدهر بمثلها . اذ ما كادت بعض قطعات اللواء - موضوع البحث - تمر 
بالعاصمة في فجر الرابع عشر من شهر موز 1988 م » بقيادة العقيد عبد 
بعض المواقع الاستر اتيجية » وقصفت قصر الرحاب الذي يقيم فيه فيصل وعبد 
الاله وقتلهما ومن معهماء ولكنها لم تعبر على نوري السعيد في داره » إذ فر 
منها الى شاطىء النهر » ثم ركب الى الكاظمية وقضى ليلته فيها » حتى اذاكان 
جنته » كما سحلت جثة عبد الاله . فان احدى الحبازات اعتادت ان تقصد 
القصر الذي يقيم فيه نوري السعيد صباح كل يوم لتخبز لأهل القصر . ولما 
تجمعات وحركات غير مألوفة » أيقظت نوري من نومه » وأحاطته علماً بما 
بحري فكان ماكان مما ذكرناه . 

وزراء تركية وكبار الساسة في تركية . وكذا سفير العراق في أنقره » ينتظرون 
فدوم الذوات الذين قتلوا في بغداد الى مطار ( يشيل كوي ) يحوار اسطنبول » 
في طريقهم الى لندن لاتمام قران الملك فيصل على الاميرة فاضلة . فلما فاجأتهم 
الاذاعات العالمية باستيلاء الحيش العرائي على السلطة» وباطاحته بنظام الحكم 
القائم » واعلان الحمهورية العراقية » أسقط في أيديهم» ووقعت هذه الاخبار 
لعب دوراً رئيسياً في الإعداد ! ( ميثاق بغداد ) وتشاء الاقدار ان يلقى مندريس 
حتفه على يد الحيش التركي » بعد بضع سنوات » فكان هذا الميثاق فانحة شؤم 
عليهما » كما كان فانحة خير على العراق إِذْ كان من أهم العوامل الي فتحت 
عيون الشعب العرائي وجيشه الباسل على ما سيجره هذا الميثاق على العراق من 


"1 


استبعاد وتحكم استعماري » والذي أدى الى نكتل الاحزاب في جبهة واحدم 
وانحادها مع اليش لقلع النظام الفاسد من أساسه ‏ واعلان النظام ابلدمهوري 
في العراق + على الرغم من التدابير الي انمخذها الاستعمار لاجهاض الثورة , 
وذلك بانزال الحيش الامريكي في لبنان » واللحيش الانكليزي في الأردن الى 
آخر ما هو معروف . 


المحاعة 


الآن وقد انتهيت من سرد أهم الاحداث الي عاصرتها أثناء عمري الذي 
نجاوز الثمانين بثلاث سنوات » يسعدني ان أرى جهود المخلصين تتكتل وتتوج 
باعلان االحمهورية العراقية الحالدة في الرابع عشر من موز 1468 م» منهية 
بذلكعهد نظام لم يصغ الى التطورات العالمية » فأخذ يتخبط خبط عشواء . 

وليس بغريب ان تتعر ض جمهوريتنا ا لحبيبة الى نكسات في بعض الاحيان؛ 
والى بعض الردات في أحيان أخرى » فذاك أمر طبيعي في بادىء الامر في كل 
نطور في نظام الحكم . فليس من الطبيعي ‏ أصلا" - أن يرضخ أناس ألفوا 
الاقطاع » والسيطرة » والاستثثار بالسلطة» الى نظام حكم جديد يساوي بين 
الغني والفقير » وتنعدم فيه الفروق الاجتماعية بالشكل الذي كان سائداً في النظام 
السابق . واني على ثقة من ان بتطبيق المبادىء الاشير اكية سيسود الرخخاء أرجاء 
العراق كافة » ما دام القابضون على ازمة الحكم فيه ساعين للنهوض بالبلاد ؛ 
ولا سيما بعد اعلان قانون الاصلاح الزراعي » ومنح الفلاحين والعمال حقوقهم 
المشروعة » ثم تأميمهم لشركات النفط الاجنبية . فان تأميم شركات النفط من 
الامور والاحداث المهمة جداً» فد كانت دوائر هذ طؤشركات أوكاراً للتجسس» 
ونجمعات للافساد والانتقاص على الحكم ٠‏ فضلدة عن احتكار الارباح . 
وكنت وما أزال- اعتبر هذا التأميم أخطر عمل قامت به الثورة» الامر الذي 
حملي على ان اوجه الى رئيس الحمهورية هذه البرقية في ا حزيران 191 


514 


السيد رئيس الجمهورية ‏ بغداد ‏ ى 
بسعدني جداً أن أشهد ‏ وأنا في أواخر أيام عمري - أن من بأيديهم مقدرات 
لوطن والشعب يسد' دون الضربات المحكمة لآخر معاقل الاستعمار» ولا سيما 
لبر بطانية » أعدى أعداء العرب » بتأميم شركة النفط العراقية . أخلص التهاني 
وأقوى التأييد . وفقتم لما فيه خير عراقنا العزيز » والحفاظ على عزته وترائه . 
ناجي شوكت 


وأما على الصعيد العربي فعلى الرغم من وجود بعض الانظمة الرجعية 
السائدة في بعض البلاد العربية » واللى كانت سبباً ‏ وقد تكون في المستقبل 
ايضاً ‏ في تأخر تقدم البلاد العربية نحو النظم الاجتماعية الاشتر اكية الا كثر 
صلاحاً » فاني لست متشائماً من مستقبل أمني . فقبل نصف قرن لم تكن هناك 
أية دولة عربية مستقلة » وكان الوطن العربي ينوء تحت وطأة الاستعمار » ومقسم 
الى أجزاء كثيرة نحكمها أو تتحكم فيها دول استعمارية مختلفة . واذا بنا جد 
للعرب اليوم نسع عشرة دولة مستقلة . ولولا الاختلافات في العمائد » وانحراف 
بعض الحكام عن الطريق السليمة والمفاهيم الاجتماعية الصحيحة . لوجدنا هذه 
الدول صفاً واحداً يخشاه الاجانب » ويحسبون له ألف حساب ؛ ولتمكنت 
من القضاء على اسرائيل » ربيبة الاستعمار » بسهولة» واعادة مشردي الآفاق 
الى الجهات الي نزحوا منها الى هذا الحزء الحبيب من الوطن العربي الكبير . 
وان التاريخ يروي لنا زوال دول كبرى وامبراطوريات عظمى فليس ببعيد 
ان يأني الزمن الذي ينحسر فيه الطغيان الامريكى . كا اتحسرت قبله الطيمنة 
البريطانية . وما على العرب إلا" أن يوحدوا صفوفهم ويصمدوا أمام أعداتهم 
ويتمسكوا بمثل نبيهم العظيم وكتابه المبين والسلام . 
ناجي شوكت 
اس موا 


الإضافات على الطبعة الآولى 


بعد ان ثم طبع كتاني هذا للمرة الاولى » صرت أفكر في أنه قد تضطرني 
بعض الظروف ف المستقبل الى اعادة طبعه ثانية» :اما بسبب نفاد نسخه « وه لم 
تتجاوز الإلف » واما لذكر بعض أمور لم مخطر على البال يوم قررت كتابة 
الكتاب . فلما تحقق السبب الاول ونفدت النسخ في أيام معدودات » شرعت 
في تفتيش أوراتيٍ الخاصة والوثائق اللي جمعتها في أويقات مختلفة وسلمت من 
الغرق الذي تعرضت اليه دارنا في أيار من عام 140٠‏ م . بحيث نجاوز ارتفاع 
الماء فيها المر والنصف من جراء كسرة في السداد القريبة من دار سكي في 
الكرادة الشرقية . وقد عبرت فعلا” على وثيقتين هامتين تستحقان في نظري 
النشر في طبعة الكتاب الحديدة هما : الاولى : مذكرة للملك فيصل الاول 
وجواني عليها » والثانية مذكرة كنت دونتها قبل مغادرثي أنقرة في آخر عام 
لتسلم منصب وزارة الداخلية للمرة السادسة . 


حر مذكرة لللك فيصل 4ه 
بعد ان عدت المعاهدة العراقية البريطانية المؤورخة ٠‏ حزيران ١97٠‏ 
كتب الملك فيصل الاول مذكرةمطولة حول ما يدور في خلده من آراء وأفكار 
بمناسبة قرب امخراط العراق في عضوية عصبة الامم » إذا ماحل عام 191737 م؛ 


5 


وقد ورّع نسخها على السادة ياسين الهاشمي » وناجي السويدي » ونوري 
المعيد » وجعفر العسكري » كما خصّي بنسخة منها وطلب إلى كل منا أن 
بدي ما لديه حولها من آراء سواء كانت هذه الآراء موافقة لما جاء في المذكرة 
أو مخالفة » ورأيت من المفيد الان- وقد مر على المذكرة وجوابي عليها نحو 
ه؛ سنة ‏ ان أنشر نص المذكرة ونص اللحواب إذ لعل" من كان دون الحمسين 
من عمره كان يتوقع أن يرى فيهما آراء وأفكاراً أهم بكثير مما وجده فعلا 
فيهما ولكن مهلا أيها القارىء الكريم . 

لم يكن في العراق في العشرينات » وحتى ولا في الثلائينات أية جامعة أو 
أي معهد عال يعتد” به » اذا استثنينا من ذلك كليى الطب والحقوق . وكانت 
كل من هاتين الكليتين تابعة الى احدى الوزارات كما أن عدد الطلاب في كل 
منهما لا يكاد يبلغ المئة طالب فقد كانت الامية متفشية في الشعب » وكان عدد 
المتعلمين فيها لا يتجاوز السبعة في المئة » وكان عدد المدارس محدوداً » وأبنيتها 
دوراً مستأجرة فيما عدا بعض المدارس الي بقيت من العهد العثماني» كما ان معظم 
موظفي الدولة كانوا من بقايا ذلك العهد » وكان معظمهم يدين بالولاء له . سما 
ان التعصب بالدين والمذهب كان من القوة بمكان » وحتى الاكثرية الساحقة 
في المجليس النياني كانت من الأميين وأشباه المتعلمين كما يدل على ذلك الاحصاء 


الآني :- 
المجلس الذي ثم حاملو الشهادات الذين محسنون الاميون 
انتخابهأيام وزارة العالية فيه 0 القراءةوالكتابة وأشباههم 
وزارة نوري السعيد عام ١84 ١ ٠‏ 00 م /1 2 
وزارة ياسين الهاشمي عام ه11 © / ه721 17 
وزارة ناجي شوكت عام 1١91737‏ 4" ./ 5 / 66 7 


كانت النساء في المدن وبعض القصبات محجبات »؛ وكانت المسلمات منهن 
بلبسن عباءتين تغطيهما من قمة الرأس الى أخمص القدم , إذكن يضعن أولى 


7١ 


العباءتين على الكتف » والاخرى على الرأس» مضافاً الى برقع أسود من الحزير 
يضعنه على الوجه ويسمى « البوشي » . أما المسيحيات واليهوديات فكن” 
يلبسن ازراً فوق ألبستهن” بحيث تغطي كل الحسم مع برقع سميك ذي ثقوب 
للرؤيا يوضع على الوجه وحى الذقن . 

.وما يجحدر ذكره ببذه المناسبة انكريمة المرحوم الشيخ أحمد الداود التحمقت 
بكلية الحقوق في العشرينات فقام النكير على والدها وذويباء واعتبر التحاقها هذا 
مخالفة للدين الحنيف» واهانة للشريعة الاسلامية» ولااسيما وكان الوالد من علماء 
الدين» فأين نحن اليوم وكلية الحقوق» وسائر الكليات رج في كل سنة الالوف 
من الفتيان والفتيات؟ ولان دل هذا على شيء فائما يدل على التقدم الهائ ل الذي بلغه 
عراقنا الحبيب خلال الحمسة وأر بعين عاماً الاخيرة» سواء أكان ذلك في الميادين 
السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية . واني ‏ وقد بلغت الأربعة 
والثمانين من عمري - لفرح ومغتبط جداً لهذا التقدم » وأحمد الله الذي أمد" 
في عمري لأرى هذا الازدهار والانجاه الصحيح نحو الاشتراكية بفضل مزايا 
الشعب وتوجيه المخلصين القابضين على مقدرات الوطن الحبيب . 

ملا حظة : مذكرة الملك فيصل وهي النسخة الاصلية الي تسلمتها من المرحوم 

الملك فيصل ويظهر في بعض السطور كلمات هي خط يده . 


-<ز نص المذكرة 4ه 
كنت منذ زمن طويل أحس بوجود أفكار وآراء حول كيفية ادارة شؤون 
الدولة عند بعض وزرالي ورجال ثقي غير أفكاري وآرائي» وكثيراً ما فكرت 
في الاسباب الباعثة لذلك . وفي الاخير ظهر لي بأن ذلك كان ولم يزل ناشئاً من 
عدم وقوفهم تماماً على أفكاري وتصوراتي » ونظري في شؤون البلاد » وفي 
كيفية تشكيلها وتكوينها والسير بها » نظراً الى ما أراه من العوامل والمؤثرات 
المحيطة بها »؛ والمواد الانشائية المتيسرة » وعوامل التخريب والهدم الي فيها » 


يفن 


كالجهل واختلاف العناصر والاديان والمذاهب والميول والبيئات . لذلك رأيت 
من الضروري ان أفضي بأفكاري وأشرح خطي في مكافحة تلك الامراض 
وتكوين المملكة على أساس ثابت واطلع عليها اخصائي ممن اشتركوا وإياي في : 
العمل . واني أ لخص خطي مختصراً بحملة نحت هذاء وبعد ذلك أتقدم إلى تفصيل 
نظرياني ومشاهداني . 

١‏ ان البلاد العراقية هي من جملة البلدان الي ينقصها أهم عنصر من 
عناصر الحياة الاجتماعية ذلك هو الوحدة الفكرية والملية والدينية . فهي وا حالة 
هذه مبعترة القوى » منقسمة على بعضها » يحتاج ساستها الى ان يكونوا حكماء 
مدبرين» وفي عين الوقت أقوياء مادة ومعنا غير مجلومين لحسيات أو أغراض 
شخصية أو طائفية أو متطرفة. يداومون على سياسة العدل والموازنة والقوة معأء 
على جانب كبير من الاحثر ام لتقاليد الاهالي . لا ينقادوا الى تأثير ات رجعية أو 
الى أفكار متطرفة تستوجب رد الفعل . 

١‏ في العراق أفكار ومنازع متباينة جداً وتنقسم الى أقسام : ١‏ الشبان 
المتجددون بما فيهم رجال الحكومة . ١‏ المتعصبون . 7 السنة . 4 - الشيعة. 
ه-الاكراد. “-الاقليات غير المسلمة. 7 العشائر . 8 - الشيوخ . 
4 -السواد الاعظم الجاهل المستعد لقبول كل فكرة سيئة بدون مناقشة أو 
محاكملة. 

ان شبان العراق القائمين بالحكومة» وعلى رأسهم قسم عظم من المسؤولين» 
يقولون بوجوب عدم الالتفات الى أفكار وآراء المتعصبين وأرباب الافكار 
القديمة لأنهم جبلوا على تفكير يرجع عهده الى عصور خوت » ويقولون 
بوجوب سوق البلاد الى الامام» بدون التفات الى أي رأي كان» والوصول 
بالامة الى مستواها اللائق» والإعراض عن القال والقبل طالما القانون والنظام 
والقوة بيد الحكومة ترغم اللجميع على اتباع ما تمليه عايهم . ان عدم المبالاة 
بالرأي العام بتاتاً مهما كان حقيراً خطيئة لا تغتفر . ولو ان بيد الحكومة القوة 


يفن 


الظاهرة الي تمكنها من تسيير الشعب رغم ارادته لكنت واياهم . وعليه فانن 
لحين ما تحصل على هذه القوة علينا ان نسير بطر يقة نجعل الامة مر تاحة نوعاً ما. 
بعدم مخالفة تقاليدها كي تعطف على حكومتنا في النوائب . 

ان المثل الصغير الذي ضربه لنا الاضراب العام يكفينا لتقدير حسياما 
ووضعها موضع الاعتبار وكذلك يكفينا لتقدير مبلغ قوانا لاخماد هياج مسلح 
ما قاسيناه ابان ثورة الشيخ محمود والنقص العددي البارز الذي ظهر في قواتنا 
العسكرية آنئذ . كل ذلك يضطرني الى ان أقول بأن الحكومة أضعف من الشعب 
بكثير . ولو كانت البلاد خالية من السلاح لمان الامر » لكنه يوجد في المملكة 
ما يزيد عن المائة ألف بندقية يقابلها ١‏ ألف حكومية . ولا يوجد في بلد من 
بلاد الله حالة حكومة وشعب كهذه . 

هذا النتقص يجعلى أتبصر وأدقق وادعو انظار رجال الدولة ومديري دفة 
لبلاد للتعقل وعدم المغامرة . ألمحت فيما تقدم الى أفكاري الخاصة » وأفكار 
رجال الحكومة والشبان » وحالة الشعب كل ذلك » توطئة لما سأقوله فيما بلي ؛ 
وتصوير البلاد كما أراها في الوقت الراهن » وكا أشخص أمراضها. وبعد 
ذلك أبين ايضاً ما أراه ضر ورياً لمعالحتها . 


العراق مماكة كمها حكومة عر ببة سنية مؤسسة على أنقاض الحكم 
العثماني . وهذه الحكومة نحكم قسم كردي أكثر يته جاهلة» بينه أشخاص ذو 
مطامع شخصية يسوقونه للتخلص منها بدعوى الها ليست من عنصرهم ؛ 
وأكترية شيعية جاهلة منتسبة عنصرياً الى نفس الحكومة إلا" ان الاضطهادات 
الي كانت تلحقهم من جراء الحكم اللركي الذي لم يمكنهم من الاشثر اك في 
الحكم » وعدم التمرّن عليه » والذي فتح خندقاً عميقاً بين الشعب العربي 
المنقسم إلى هذين المذهبين كل ذلك جعل مع الاسف هذه الا كيرية أوالاشخاص 
الذين لهم مطامع 2 الدينيون منهم وطلاب الوظائف بدون استحقاق » والذين 
لم يستفيدوا مادياً من الحكم الحديد » يظهرون بأنهم لم يزالوا مضطهدين لكوم 


515 


شبعة » ويشوقون هذه الاكثرية للتخلص من الحكم الذي يقولون بأنه سيء 
بحت . ولا ننكر ما لهؤلاء الدساسين من التأثير على الرأي البسيط الجاهل . 

أخذت بنظري هذه الكتل العظيمة من السكان » بقطع النظر عن الاقليات 
الاخرى » المسيحية ابي يحب أن لا مبملها نظراً الى السياسة الدولية الي لم تزل 
نشجعها للمطالبات بحقوق غير هذه وتلك . وهنا ك كتل كبيرة غير ها من العشائر 
كردية وشيعة وسنة لاير يدون إلا" التخلص من كل شكل حكومي » بالنظر لمنافعهم 
ومطامع شيوخخهم الي تتدافع بوجود الحكومة . نجاه هذه الكتل البشرية المختلفة 
المطامع والمشارب » والمملوء بالدسائس » حكومة مشكلة من شبان مندفعون 
أكثرهم متهمون بأنهم سنيون أو غير متدينين» أو انهم عرب »© فهم مع ذلك 
يرغبون في التقدم ولا يريدون ان يعيرفوا بما يتهمون به » ولا بوجود تلك 
الفوارق وتلك المطامع بين الكتل الي يقدونها . يقودونما بأنهم أقوى من هذا 
المجموع والدسائس الي تحرك هذا المجموع غير مبالين ايضاً بنظر السخرية 
الي يلقيها عليهم جير انهم الذين على علم بلغ قواهم 

اخشى ان أنهم بالمبالغة ا مس سين 
خاصة لعلمي أن سوف لا يقرا هذا إلا" اي 
ومسؤولياهم . ولا أرغب ان أبرر موقف الا كير بة الجاهلة من الشيعة » 
ا ا ا 
أولئك المساكين البسطاء من الاقول الي مبيجهم وتثير ضعفامهم . ان الضرائب 
على الشيعي والموت على الشيعي والمناصب للسبي . ما الذي هو للشيعي حى 
أيامه الدينية لا اعتبار لها ؟ ويضربون الامثلة على ذلك مما لا لزوم لذكرها . 
أقرل هذا على سبيل المثال وذلك للاختلافات الكبرى بين الطوائف الي يثير ها 
المفسدون . وهناك حسيات مشيركة بين أفراد الطوائف الاسلامية ينقمون 
مجموعهم على من لا يحدرمها . وهناك غير هذا دسائس آثورية وكلدانية 
وبريدية زد على ذلك الدعايات الشخصية وا حزبية والاجنبية الي توقد نار الحقد 
والتعصب للتفرقة بين هؤلاء الحهلاء » وتوهن قوى الحكومة جاه البسطاء . كنا 


158 سيرة وذكريات (4.0) 


ان العقول البدوية والنفوذ العشائري الذي للشيوخ » وخوفهم من زواله بالنسبة 
لتوسع نفوذ ا حكومة » كل هذه الاختلافات وكل هذه المطامع والاحتراصات تشتبك 
في هذا الصعيد وتصطدم» وتعكر صفو البلاد وسكونباء فاذا لم تعالج هذه 
العوامل بأجمعها وذلك بقوة مادية وحكيمة معآ ردحاً من الزمن حى تستقر 
البلاد وتزول هذه الفوارق وتتكون الوطنية الصادقة ونحل محل التعصب المذهي 
والديي . هذه الوطنية اللي سوف لا تكون إلا يحهود متمادية وبسوق مستمر 
من جانب الحكومة بنزاهة كاملة» فالموقف خطر . وف هذا الصدد وبالاختصار 
أقول وقلي ملآن أسى انه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراتي بعد . 
بل توجد كتلات بشرية خالية من أي فكرة وطنية مشبعة ينقاليد وأباطيل دينية 
لا جمع بينهم جامعة . سماعون للسوء» ميالون للفوضى » مستعدون دائماً للانتقاض 
على أي حكومة كانت . فنحن نريد والحالة هذه» ان نشكل من هذه الكتل 
شعباً نهذ به وندرّبه ونعلّمه ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل 
هذه الظروف يحب ان يعلم ايضاً عظم الحهود الي يجب صرفها لامام هذا 
التكوين وهذا التشكيل . 


هذا هو الشعب الذي أخذت مهمة تكوينه وهذا نظري فيه وان خطي في 
تشكيله وتكوينه هي كما يلي  :‏ 

في اعتقادي » وان كان العمل شاقاً ومتعباً » الا أنه ليس مما يوجب اليأص 
والتخوف اذا عولج بحكمة وسداد رأي واخلاص . اذا قامت الحكومة بتحديد 
خطة معينة وسارت عليها يجد وحزم ؛ فان في اعتقادي وان كان العمل شاقاً ومتعباً» 
الا انه ليس مما يوجب اليأس وا حوف إذا عولج بحكمة وسداد رأي واخلاص . 
اذا قامت الحكومة بتحديد خطة معينة وسارت عليها يد وحزم» فان الصعوبات 
نجابه » وبارقة الامل ني الرسوخ السياسي تزداد نوراً . وألاحظ ان منهاجاً 
يقرب مما سأذكره أدناه » يكون كافلا” لمعالحة المهمة والنجاح . وإليك 
بالاختصار أولا” ثم بالتفصيل . 


٠‏ - تزويد قوة االحيش عدداً وعداداً وبشكله الحاضر بحيث يصبح قادراً على 
اخماد أي قيام مسلح ينشب في آن واحد على الاقل في منطقتين متباعدتين 

؟ - عقب اتمام تشكيل الحيش على هذه الصورة » تعلن الحدمة الوطنية . 

م وضع التقاليد والشعائر الدينية بين طوائف المسلمين بميزان واحد مهما 
أمكن » واحترام الطوائف الاخرى . 

؛ ‏ الاسراع في تسوية مشكلة الاراضي . 

ه - توسيع المأذونية لمجالس الالوية والبلديات بقدر الامكان على تموذج 
القانون العثماني . 

. الاسراع في تشكيل مدرسة الموظفين‎ ٠١ 

. الاعمال النافعة وحماية المنتوجات‎ ٠0 

+ -الممارفا. 

. تفريق السلطة التشريعية والسلطة الاجرائية‎ - ١ 

. تثبيت ملاك الدولة‎ ٠ 

-1١‏ وضع حد للانتقادات غير المعقولة ضد اجراءات الحكومة في الصحف 
والاحزاب . 

العدل والنظام والاطاعة في الموظفين » والعدل عند قيامهم بوظائفهم . 
بدأت بالحيش لأني أراه العامود الفقري لتكوين الأمة » ولأني أراه في 

الوقت الحاضر أضعف بكثير بالنسبة لعدده وعدده » من أن يقوم بالمهمة الملقاة 

على عاتقه وهي حفظ الامن والاطمئنان الى امكانية كفاءته نظراً إلى ما تتطلبه 

الملكة ونظراً الى العوامل المختلفة الموجودة والبي يحب ان نجعلنا دائماً متيقظين 

بوقوع حوادث وعصيان مسلح في كل وقت . انني لا أطلب من الحيش ان 

بوم بحفظ الامن الحارجي في الوقت الحاضر » الذي سوف نتطلبه منه بعد 


يفف 


اعلان الحدمة العامة . أما ما سأطلبه منه الآن فقط ان يكون مستعداً لاخمار 
ورتين تقعا ( ولا سمح الله ) في أن واحد في منطقتين بعيدتين عن بعضهما. 
انني غير مطمئن الى اننا بعد ستة أشهر » وبعد ان تتخلى انكلترا عن مسؤويته 
في هذه البلاد » 0 لوحدنا ما دامت الموة ا حامية هي غير 
كافية . ولا يمكي ان أوافق على تطبيق الحدمة العامة أو القيام بأي أجراءان 
أخرى هامة أو محركة ومهيجة ما لم أكن وائقاً بأن الحيش يتمكن من حمابة 
تنفيذ هذا القانون أو اي اجراءات أخرى . وعليه أرى من الضروري ابلاغه 
لحد يتمكن معه من اجابة رغببى المار ذكرها وذلك بشكله الحاضر . ارى انه 
بن حورن القيام بانشاءات واصلاحات عظمى في البلاد » قبل أن نطمين الى 
كفاية القوة الحامية لهذه الاعمال . أمامنا حركات بارزان في الربيع القادم ‏ 
ومن الضروري ان أرى بيدنا قوة احتياطية لمجاببة أي طارىء آخر يحدث في 
المملكة . 

؟ ‏ علينا ان نطمن معنويات اخواننا الشيعة بالكيفية الآتية : )١(‏ اعطاء 
التعليمات الى قاضي بغداد كما عمل - بأن يسعى لتوحيد أيام الصيام والافطار 
وهذا ممكن وشرعي . (؟) تعمير العتبات المقداسة حبى يشعروا بأن الحكومة 
غير مهملة لتلك المقامات» الي هي مقدسة لدى الحميع » والبي هي كذلك من 
الآثار التاريخية الي تزين البلاد . فعلى الحكومة من كل الوجوه محافظتها من 
الحراب . (5) ان رجال الدين من الشيعة ليس لهم أي ارتباط مع الحكومة ؛ 
وهم في الوقت الحاضر أجانب عنها » خاصة حيث يزون ان رجال الدين 
السنيين يتمتعون بأموال هم محرومون منها . والحسد ( خاصة في الطبقة الدينية ) 
معلوم اك يم الاوقاف فيما بينهم » ان نفتكر 
في ايحاد أوقاف خاصة . ومن رأ بي ان ذلك مكن بالطريقة لني كنت تشينت 
بها غير ان الظروف حالت بيي وبين تحقيقها . 


ان احير ام الشعائر العامة غير عسير في أيام رمضان » والحيلولة دون 


"8 


نشي الموبقات . واذا تمكنت الحكومة من سد بيوت الحناء لقامت بأكبر عمل 
بربط العامة بها . 

؛ - لم أتكلم عن الضرائب اذ أن قانون ضريبة الاستهلاك قطع قول كل 
مفسد » وانه لأكبر عمل جرى ولسوف نقتطف كمراته انشاء الله . 

ه-ان مشكلة الاراضي وحلها سيربط الاهالي بالاراضي » وهو ذو 
مساس كبير بالشيوخ ونفوذهم » ولا لزوم للاسهاب بمنافعه . ويجب الاسراع 
بنطبيقه على قدر المستطاع . كما انه يحب ان لا يحس الشيوخ والاغاوات بأن قصد 
الحكومة محوهم » بل بقدر ما تسمح لنا الظروف يحب ان نطمنهم على معيشتهم 

5 - ارجو ان تكون قضية المدرسة مطمنة لكل سكان العراق بأنهم 
سبش ركون فعلا” في خدمات الدولة والاشتر اك في خير ها وشرها مع أهل بغداد 
والموصل بصورة متساوية وتزول مبمة ( الحكومة السنية أو العربية ) كنا يقول 
أصحاب الاغراض من من أكراد وشيعة . 

٠‏ - أقول بتحفظ انه اذا امكن اعطاء صلاحيات للالوية شبيهة بمجالس 
الولايات في العهد العثماني » فسيكون ذلك من جملة أسباب تشويق سكان 
الالوية للاشتراك بالحكم . 

4 لقد نحدثنا كثيراً حول تفريق السلطة التشريعية عن السلطة الاجرائية 
ويجب عمل ذلك بتعديل القانون الاساسي . 

4 - علينا ان لا ندع مجالا” للاحزاب ( المصطنعة ) والصحف والاشخاص 
لبقرموا بانتقادات غير معقولة وتشويه الحقائق وتضليل الشعب » وعلينا ان 
نعطيهم مجالا” للنقد النزيه المعقول وضمن الادب . ومن يقوم بأمر غير معقول 
يحب أن بعاقب بصرامة . 

٠‏ - على موظفي الدولة ان يكونوا آلات مطيعة ونافعة حيث هم واسطة 


هل 


الاجراءات . ومن بحس منه انه يتداخل مع الاحزاب المعارضة او يشوق ضد 
الدولة ينحى عن عمله . وعليه ان يعلم بأنه موظف قبل كل شبيء ٠‏ خادم لأي 
حكومة كانت . 

١‏ النافعة  :‏ أتيت بهذا الاسم الحديد ورجعت الى التعبير التركي 
حيث رأيت انه ( أشمل ا للاعمال المختلفة في مرافق الامة . حسناً عملنا ني 
السنة الماضية بتتخصيص مبالغ للاعمال الرئيسية » ولا ننكر ان ذلك القانون 
صدر بصورة مستعجلة على ان يكون قابلا” للتحوير والتبديل في بعض مواده 
عندما نرى ضرورة لذلك . وي اعتقادي انه من الضروري اعادة النظر في 
مواده خاصة قسم الابنية والطرقات. 

أقول بكل اسف ان الزراعة أفلست في بلادنا » بالنظر لبعد مملكتنا عن 
الاسواق . لقد وضعنا الملايين لانشاءات الري » ولكن اذا نريد ان نعمل 
بالمحاصيل . اننا في الوقت الحاضر عاجزون عن تصريف ما بأيدينا من منتوجات 
أراضينا » فكيف بنا بعد اتمام هذه المشروعات العظيمة ؟ هل القصد تشكيل 
اهرامات من تلك المخاصيل االحام والتفرج عليها ؟ ماذا تكون فائدتنا منها اذا 
لم نتمكن من اخراجها الى الاسواق الاجنبية » أو استهلاكها في الداخل على 
الأقل : ما الفائدة من صرف تلك الملايين قبل ان مبيء الها أسواقاً تستهلكها 
ونحن مضطرون الى جلب الكثير من حاجاتنا من الحارج ؟ 


اعتقد انه من الضر وري اعادة النظر من جديد في موقفنا الاقتصادي . نرى 
جيراننا الاتراك والايرانيين باذلين أقصى جهودهم للاستغناء عن المنتوجات 
الاجنبية . وكم هي العقبات الي وضعوهالمنع دخول الاموال الاجنبية بلادهم؛ 
وكيف لا يبالون بصرف الاموال الطائلة لانشاء المعامل لسد حاجاهم . علينا 
ان نقلع عن السياسة الحاطثة ابي أثتنا عن سبيل تقييد الامم المتشبثة وعلينا أننعاون 
المنشبثين من أبناء الوطن بصورة عملية فعالة وعلينا ان نعطي الاتحصارات لأبناء 
البلاد إلى مدد معينة الذين فيهم روح التشبث وإذا لم يظهر طالب أو راغب 


فل 


لانشاء عمل صناعي ترى الحكومة انه مريح فعليها ان ثقوم هي به ومن مالا 
الخاص أو بالاشيراك مع رؤوس أموال وطنية إذا أمكن » وإلا" فأجنبية أو 
كلاهماء معاً . على الحكومة ان تشكل دائرة خاصة لدرس جميع المشاريع 
الصناعية على اختلاف أنواعها » كبيرة كانت أو صغيرة » وتبدأ ببتاء الأهم 
فالمهم» وترشد الاهلين الى كيفية التشبث بالاعمال الصغرى » وتقوم هي 
بالاعمال الكبرى إذا تعذر القيام بها من قبل الاهالي . انه لمن المحزن والمضحك 
المبكي معاً ان نقوم بتشييد أبنية ضخمة بمصاريف باهظة وطرق معبدة لابين 
الربيات ولا ننسى الاختلاسات ونصرف أموال هذه الامة المسكيئة الي لم 
تشاهد معملا” تصنع لها شيئاً من حاجاما . وافي احب ان أرى معملا” لنسيج 
القطن بدلا" من دار حكومة وأود ان أرى معملا” للزرجاج بدلا من قصر ملكي . 


جوابي على المذ كرة 

لي الشرف ان تتاح لي فر صة أمينة أتمكن معها من عرض آرالي حول سياسة 
الدولة بالصراحة الي عودت نفسي عليها منذ الصغر . ولي الفخر ان أكون عند 
ثقة مولاي صاحب الحلالة فيتفضل باطلاعي على آرائه الخاصة . 

قرأت الملاحظة بامعان » وأعدت النظر فيها مراراً » فوجدت ان كل ما 
التشخيص وأسباب المرض : 

في الحقيقة ان أول نقص بارز في البلاد ( الوحدة الفكرية والملية ) وهذه 
بلا ريب من أهم عناصر الحياة الاجتماعية وبدونها لا يمكن أن تتأسس دولة 
ويكون لها كيان . 

وف نظري ان أسباب هذا النقص عديدة أهمها رزوح العراق نحت حكم 


"١ 


الاجني مدة تنوف على الالف سنة » كان يبذل الاجنبي خلاها كل ما ف وسعه 
لبثٌ الشقاق والتفرقة بين مختلف الطبقات والملل والاديان والمذاهب الي يتألف 
منها الشعب العرافي اليوم . 

فالعراق كانت تتنازعه طيلة هذه المدة الاهواء والغايات المختلفة » فكان 
الاتراك يؤيدون السنة » والايرانيون يؤيدون الشيعة » وببذه الصورة توسعت 
شقة الاختلافات المذهبية؛ بيد انه عاش العرب مع كل هذا كاخوان بالرغم من 
تلك الدعايات والدسائس حنى وضعت الحرب أوزارها كما هواغير خاف على 
من اطلع على تاريخ العراق. ان الروح العربية لم تمت ولحسن الحظ في كل هذه 
السنين الطوال رغماً عن كلما بذلته الحكومات الاجنبية من الحهود والمساعي 
المتواصلة » بل العكس فقد أوجد الحكم الاجني فكرة عدم الطاعة في أذهان 
العر اقيين » وغرس في أفئدمهم شعور المت والكر اهية نحو كل حكومة أجنبية . 
وكان هذا بارز جداً للعيان لا سيما عند أبناء الشيعة لهم كانوا أبعد من أبناء 
السئنة عن الحكم » وكان علماءهم لغايات يطول البحث عنها يبثون بين ظهرانبهم 
فكرة عدم الطاعة للحكومة » وبحثو هم على مناهضتها والقيام عليها عند سنوح 
كل فرصة . ومع الاسف ان الحكومة الوطنية الي تألفت منذ عشر سنوات 
قوبلت ايضاً بعين الحس لأن الانتداب ووضع البريطانيين في البلادكان يساعد 
على دوام ذلك الشعور . 


ان ما تفضل به سيدي صاحب الحلالة في الفقرات ١‏ و ”7 و ” في مذ كرنه 
هو صحيح ومطابق لنفس الامر . واني ايضاً أ كد مع كل أسف وأقول بأن 
في اعتقادي ايضاً : انه لا يوجد في العراق شعب عراتي له شدف معين بعد . 
بل جل مما هنالك توجد كتلات خالية من الفكرة الوطنية » ومشبعة بتقاليد 
وأباطيل دينية » سماعة للسوء » ميالة للفوضى » مستعدة للانقاض دائماً على 
أي حكومة كانت . 

نعم ان كل هذا صحيح وواقع . والاسباب كما عرضتها آنفاً هي : ان 


ضر 


ولكن مع كل هذا لا ينكر انه توجد مزايا في العراقيين قل ان وجدت في 
غير هم من الاقوام . فهم مع تفكك الرابطة القومية بينهم » وانعدام الصلة 
لفكربة بين ظهرانيهم , لهم من الصفات والسجايا ما يجعلهم قادرين لتكوين 
شعب من أرقى شعوب الشرق في مدة قليلة ان شاء الله . 

ان العرائي جسور ولكن الحكم الاجني الطويل المدى أضاف الى هذه 
السجية الطيبة نفسية رديئة وهي الحقد والانتقام . والعرائي ذكي إلى در جة كبيرة 
جداً ؛ كريم الطبع ؛ يقدس ا حرية والشهامة » أبي النفس » لا يحتمل الاهانة » 
واذا اضطرته الظروف على السكوت عنها مدة فانه لا ينساها . والعراقي مع 
تأخره وقلة :بذيبه مستعد غاية الاستعداد للاخذ بأساليب المدنية الحديثة » مقلّد 
غير متعصب بطبيعته » ولكن يعوزه التعليم والحبرة . واني معتقد نمام الاعتقاد 
أن الغرائي مزايا عديدة تؤهله لآن: يكون شعبآ في مستقبل قريب من أهم 
الشعوب في الشرق وأرقاها اذا عنيت الحكومة بصحته» وتكثير عدده » وتنمية 
مزاياه الطيبة » و تعليمه تعليماً عصرياً » وسعتلائماء روح القومية وايجاد الوحدة 
الفكرية والملية فيه . 

الطريق وعر » والوسائل غير كافية وكاملة » ولكن الحهدف أمامنا ويجحب 
ان نسير حتى نصل إليه مهما كلفنا الامر . واني مطمان وواثق بأننا سنصل اليه 
في المستقبل القريب بعون الله . ولاجتياز هذا الطريق بسلام وبأقل الصعوبات» 
يحب ان يكون قادة الشعب وساسته متقار بين على قدر الامكان في التعليم والثقافة » 
متفقين في المبدأ » لهم غاية واحدة وهدف واحد هو ايصال البلاد الى مستوى 
الأمم الراقية » وتكوين الوحدة الفكرية والقومية في البلاد ( غير منتقادين لحسبات 
أد اغراف شخضية :وظائفنة وتات رق هل أقصى تحزن من لازا هه لذ تلض 
بم الاهواء والاغراض والنافع الشخصية » أقوياء » ذوي عزم وحزم ء 
مراعين العدل والانصاف » مبتعدين عن أي تأثير ات رجعية أوأفكار متطرفة : 
لا يصداهم أي شي ء عن الوصول الى الغاية المنشودة ) على ان لا يظهروا بصورة 


يفل 


علنية أنهم ضد التقاليد البالية والأفكار السقيمة . ولكن يجب أن يسعوا 
طرف خفي لابادة التقاليد البالية والتعصب الممقوت بصورة حكيمة . 

لو كانت لدينا قوة وطنية » وبتعبير أصح » جيش وطني قوي مسادة 
ومعبى » لكنت في طليعة القائلين بوجوب عدم الالتفات الى آراء المتعصبين 
وارباب الآراء القديمة والاعراض عن كل ما يقال ولكن ليس لدينا من القرة 
المادية في الوقت الحاضر ما لتركية» ولا من الشباب المنور المثقف. تثقيفاً صحيحاً 
بالنسبة للا كثرية احاهلة كما لتركيا » من جيش الشباب المنوّر المتعلدّم . 

فلهذا الى ان تتوفر لدينا هاتين القوتين » من واجبنا ان نسير في البلاد بحذر 
ودقة زائدين » على ان لا مخضع لاراء المتطرفين والمتعصبين الى حد يؤدي بنا 
الى ترك الطريق الذي يوصلنا الى هدفنا الاسمى » ويتحتم علينا أن لا نترك هذا 
الطريق ولكن يحب ان نسير فيه بتؤدة» لثلا تزل اقدامنا فنقع ونوقم البلاد في 
هاوية يصعب علينا انتشالها منها فنضيع المرحلة الي قطعناها . ومع اعتقادي 
وثقي في مزايا رجالنا القليلين:» يوسي ان أقول ان تجا ربنا قليلة » وخبرتنا 
بأحوال بلادنا أقل بكثير » حتى ان البعض منا يعرف عن أحوال البلاد 
الاخرى أكر مما يعرفه عن بلاده . نعم يجب ان نعتمد على أنفسنا ولكن هذا 
الاعتماد يحب ان لا يصل الى درجة الغرور والنهور . ينبغي ان نرى ما هو 
أمامنا ونتأكد من توفر القوة الكافية والعدة اللازمة لدينا للسير فنسير بنسبة 
قوتنا. 
ليس لأحد ان يتهم جلالتكم بالمبالغة اذا بسطم الواقع . وأخعال ان ما تقوله 
الاكيرية الحاهلة من الشيعة هو غير صحيح الى درجة ما . 

فلأجل درس الموضوع بصورة وافية يمكننا ان نقسمم اخخواننا أبناء الشيعة 
الى ثللاث طبقات  :‏ 

. العوام وأفراد العشائر‎ ١ 

؟ - العلماء ومن يتبعهم وقسم من رؤساء العشائر . 

© الشبان المنورين والمتعلمين حديثاً . 


م 


فك 


الطبقة الاولى : - لا يهمها الاشتغال بالسياسة وبأمور الحكومة بل جل 
ما ترومه ان لا تدفع أي ضريبة كانت » وهذه حالة العوام في كل الامم المتأخرة 
تقريباً . وتتأثر هذه الطبقة من الدعايات » لا سيما اذا كانت منبعثة من الطبقة 
الثانية حسب علاقة الدعاية في أمر الضريبة . 


الطبقة الثانية  :‏ لا تريد حكومة قوية » سنية كانت أو شيعية » وطنية 
كانت أو أجنبية » بل تروم ان تكون الحكومة ضعيفة لتبشى الكلمة العليا لها بحر 
المنافم وتطمين الشهوات . لقد قل نفوذ هذه الطبقة الآن بالنسبة الى ما قبل 
عشرة سنوات . وعلى الحكومة ان تسعى بصورة غير محسوسة لتقليل نفوذها 
بل لابادته بالكلية . 


الطبقة الثالثة : - ان المنسوبين لهذه الطبقة يبغون التوظّف ولا يلامون على 
ذلك » لأنه حق من حقوقهم » إذ لا فرق بينهم وبين المتعلمين من اخوانهم 
أبناء السئة سوى امهم يريدون ذلك بطفرة واحدة . وعلى كل فان عدد المتوظفين 
من هؤلاء الآن كثير جداً بالنظر الى ما كانت عليه الحالة قبل عشرة سنوات 
واخال انه سوف لا تمر عشرة سنين أخرى إلا" ونرى ان ثلث الموظفين ان لم 
نقل نصفهم سيصبح منهم . ولكن على ا حكومة ان لا تقدم وترفع هؤلاء بطفرة 
احدة لكونهم من أبناء الشيعة» بل يحب ان تنظر للمقدرة والقدم بلا تفريق 
جنسي أو مذهب . ولا شك في أن الحكومة اذا سارت على خطة تقليل نفوذ 
لعلماء والرؤساء من أي مذهب كانوا » واذا راعت العدالة في وضع الضرائب 
وساوت بين جميع أبناء الشعب في أمر التوظيف » آخذة بنظر الاعتبار المقدرة 
والقدام والاهلية والكفاءة واتبعت سياسة حكيمة عادلة في هذا الامر ستزول 
الفوارق وتنتهي هذه المسألة الي نراها مهمة الآن في زمن ليس ببعيد . وأما 
الاكراد فاني أرى أن ما أعطي لهم من حقوق لحد الآن كاف وواف» ولا 
أرى من المناسب اعطاء حقوق جديدة لحم ؛ بل على الحكومة ان تراعي العدل 
ببنهم وبين اخوانهم العرب وتسوسهم بحكمة وتؤدة . وأما الباقي من اخواننا 


ل 


العراقيين فأظنهم متمتعين بعين الحقوق الي يتمتع بها عموم العراقيين ولا أرى 
حاجة لاطالة البحث في هذا الموضوع . 

فبعد ان أبديت رأبي في تشخيص المرض أود ان ابدي مقدمة مختصرة 
للمعالحة قبل الدخول في التفرعات والتفاصيل . 

رأيناكيف ان البعض من الامم الاوروبية اضطرت لتعديل قوانينها الاساسية 
وكانت الغاية من ذلك إسعاد تلك الأمم وتأمين رفاهها وايصاها الى 
مستوى أرقى من الامم الاخرى . ولا سيما قد جرى هذا في الدول الي تألفت 
حديثاً » والبي كانت شعوبها تابعة لامبراطوريات عظيمة » ومن الدول الي 
كانت شعوبها متأخرة بالنسبة الى الدول الراقية والواصلة الى أوج الكمال 
كانكليره وفرانسة والخ ... فما اضطرت تلك الدول لتعديل قوانينها الاساسية 
إلا لاسعاد بلادها وتنمية روح الوطنية وتوحيد الفكرة الملية فيها » ولأنبا 
وجدت نفسها في حالة متأخرة وجربت فرأت ان اسعاد الشعب لا يمكن إلا 
بتدوير أمور الدولة من قبل حكومة وطنية قوية مععى ومادة . 

فالئر بية الاجتماعية والسياسية اذا كانت ناقصة في تلك الشعوب » واذا 
كانت قد اضطرتها على تبديل قوانينها الاساسية » فكم أحرى بنا ونحن الذين 
أصبحنا في مؤخرة العالم من حيث العلم والثر بية الاجتماعية والسياسية ان ننظر 
الى الواقع كما هو ونجابه الحقائق الناصعة . واذا كان تعدد الاحزاب السياسية 
أصبح مصيبة على تلك البلاد فكم يجدر بنا ان ننتبه ونرى الواقع ني بلادنا ؟ لقد 
قمنا بالتجارب منذ عشر سنوات» وشاهدنا حالة مجالسنا النيابية وأحزابنا طيلة 
هذه السنين . أنا لا أقول ان البلاد لم تستفد قط من مجالسها النيابية ولكن 
تطاحن الاحزاب وعدم بقاء وزارة على دست الحكم أكثر من سنة » اضاعت 
علينا اياماً كان في وسعنا ان نستفيد منها اكثر . فما الفائدة يا ترى من أحزاب 
مؤلفة من أشخاص متبايي النزعة » مختلفي الغاية » لا تناسب بين محصيلهم 
وثقافتهم » ولا وحدة فكرية أو غاية مشتركة لحم . ففي حزب واحد ترى 


فك 


اشخاصاً متضاربة يتمسك الواحد منهم بعقائد وأفكار قديمة باليه . في نضره كل 
تجداد حرام ولو تمكن لحارب حتى التحصيل الثانوي» وف حينه ترى آخراً 
له من الثقافة ولديه من العلم وحرية الرأي ما لأرقىرجال الامم المتمدنة . وقد 
أرئنا هذه السنين القلال كيف ان كثيراً من الاشخاص دخلوا أحزاباً مختلفة ) 
ثم خرجوا منها » وأرتنا كيف ان قسماً مهما من رجالنا انقابوا من حزب الى 
آخر . فالاحزاب عندنا تتألف لغايتان وهما اما لمساعدة الحكومة أو لمعارضتها 
مهماكانت . يقوم احد الرجال بتأليف حزبمن المجلس النيالي ليسند وزارته» 
فتمر السنة الاولى بسلام» ولا يعتم على احد ان تدب التفرقة الى أفراد الحزرب 
في السنة الثانية لغايات غير خخافية على أحد » ولا تأتي السنة الثالثة إلا" وتراه قد 
تمزق وتألف على أنقاضه وأنقاض بعض الاحزاب المعارضة حزب حكومي 
آخر . ويتألف الحزب المعارض من غير الممنونين على الاغلب وليس القصد 
في كلامي هذا انه لا توجد شخصيات لا غاياتها الحسنة إلا" ان هذه الغايات 
تضيع في كثير من الاحيان بين الغايات الشخصية والنتزعات المتضادة . ولهذا 
يجب ان تزول الاحزاب من هذه البلاد مدة من الزمن» وان تتألف الوزارات 
من خيرة رجال البلاد الذين يجتمعون على الوصول. الى غاية واحدة وهم سوية 
متقاربة من الثقافة والتعليم على ان يكونوا ذوي خبرة وممن مارسوا الحكم 
واشتغلوا بوظائف الدولة الكبيرة» ويحب أن تستمد الوزارة قونها من صاحب. 
الحلالة بالدرجة الاولى » وان لا يكون الوزير نائباً » ولا النائب وزيرأء 
وأن يلغى مجلس الاعيان » وأن لا يزيد عدد النواب عن الستين » على ان تعطى 
لهم مخصصات شهري ة كافية وليس سنوية» وعلى ان ينتخبوا بصورة نجعل المجلس 
النياني .مثل جميع الطبقات في البلاد . قد يقال ان هذا رجوع الى الوراء ولي 
واثق من ان أكثر رجالنا متفقون على هذا الرأي» غير ان الظروف وحالة البلاد 
السابقة ووضعها الانتدابي كان يحول دون التصريح بآرائمهم » ولا اظن ان أحداً 
منهم لا يرحب ببذه الفكرة بعد ان يزول الانتداب وتبقى البلاد لأهلها تعتمد 
على ساعدها وقوما . 


فل 


فبعد هذه المقدمة أبدي رأبي بشأن منهاج المعابلحة فأقول انني وان كنت 
اتفق مع صاحب الحلالة في أكثر مواد المنهاج » بيد انني انجاسر ان أذكر المواد 
على الدرجات بحسب أهميتها على ما أرى » مع تقديم وتأخير فيها وأبدي بعض 
الملاحظات على كل منها : - 

١‏ تزييد قوة الحيش ... الخ وبمده 

؟' ‏ الحدمة الوطنية . 

اني أوافق تماماً على ذلك » وأشاطر ما جاء فيهاتين المادتين من شرح وبيان 
الاسباب », لا يسعبي ابداء ملاحظات على وجه اختصاصي حول هذا الموضوع 
لكني أرى أنه ينبغي ان تحرص جد الحرص على المصروفات العرضية والثانوية 
وان تبذل المهمة لصرف أكثر المبالغ المرصدة في ميزانية الدفاع للقوة المحاربة 
والقوات الآلية» وان يجتنب الاسراف والتبذير في الامور الكمالية بالنسبة الى 
حالتنا الراهنة . 

. الاعمال النافعة وحماية المنتوجات‎ ٠ 

أؤيد صاحب الحلالة في هذا الشأن وأضيف الى ذلك بأنني ارتأي ان تأتي 
هذه المادة بعد المادتين المتعلقتين بالحيش » ولست في حاجة لبيان أسباب ذلك» 
اذ ان الحيش لا يمكن تقويته ما لم نكن المبالغ اللازمة متوفرة » وهذا لا يحصل 
إلا" بزيادة مختلف الانتاج والمحافظة على ثروة البلاد وتنميتها وتكثير ها ولان 
ترفيه حالة الشعب واسعاده من أول واجبات الحكومة . 

فأرى ان أول ما يجب عمله هو تشكيل دائرة خاضة أو مجلش اقتصادي 
عال لتدوير دفة أمور السياسة الاقتصادية ويترتب على الحكومة تزييد الرسوم 
المحلية وتفضيلها على ما يرد منها من الحارج ولا سيما تشجيع الصناعة الزراعية 
في البلاد . 


يلين 


ولا بد من التنويه هنا عن تقرير مفتشي الزراعة العام المقدمة صورة منه 
لرياسة الديوان الملكي طي كتاب سكر تارية. مجلس الوزراء المرقم *//ا4 والمؤرخ 
في 7١‏ كانون الاول 14١‏ . ففي هذا التقرير وردت آياء واقتراحات عمينة 
جديرة بالدرس بصورة جدية . 

؛ ‏ الاسراع في تسوية مشكلة الاراضي : 

افي أشاطر صاحب الحلالة في الرأي وأرى أن هذه القضية بالنظر الى 
أهميتها يجب ان تأتي بعد مادتي الحيش والمادة المتعلقة بالنافعة . 

ه-المعارف . 

أرى من الواجب تعميم النحصيل الابتدائي والسعي يجد لتقليل الامية في 
البلاد » وجعل المدارس أول واسطة لايجاد الوحدة القومية والاجتماعية » 
فلا يمكن الحوض فيه . 

؟ - الصحة وحماية الاطفال : 

هذه مادة جديدة أضفتها للمنهاج وأراها مهمة جداً . فالعراق بلاد شاسعة 
وواسعة » نحتاج الى شعب يربو على العشرين مليوناً . ترانا اليوم ويا للأسف 
لا نزيد على الثلاثة ملايين بالرغم من أن تعدا د الزوجات في العراق مبساح 
وميسور . وهذا ناشيء من عدم العناية بصحة الاطفال » فيجب والحااة هذه 
توجيه العناية لهذه الناحية والقيام بتعليم الطبقات الحاهلة والعوام ورؤوس مواد 
حفظ الصحة ومكافحة الاوبئة والامراض السارية وبذل قصارى الحهد لتقليل 
وفبات الاطفال ليزداد عدد أفراد الشعب العراقي في مدة قليلة » ولا أخالني مغال 
اذا قلت انه يمكن ان يزداد الشعب العراقي ضعف ما هو عليه الآن خلال عشرين 
سنة إذا روعي ذلك . وهذه أيضاً مسألة تابعة اللاختصاص وجب درسها بكل 
جد واهتمام . 


عل 


بحثت عن هذه المسألة في المقدمة » وصاحب الحلالة مطلع على آراني في 
هذا الشأن » واني من المؤيدين لذلك . 

4 تشثبيت ملاك الدولة : 

ان هذا لمن الضروري جداً . 

4 - العدل والنظام والاطاعة في الموظفين ... الخ 

نعم يحب ان يكون الموظف أداة نافعة ومطيعة للحكومة كما انه يحب أن 
لا يكون منتسباً لأي حز ب كان » وان لا يشتغل بأمور ليس ها علاقة بوظيفته, 
وينبغي ان يقوم بواجباته الرسمية خير قيام . ان قانون انضباط الموظفين , 
وقانون الحدمة قد حددا حقوق الموظفين وواجباتهم » وأصبح الموظف أمياً 
من مستقبله » كما انه عرف ما له وما عليه من الحقوق والوجائب . وأخخال ان باب 
الالتماس والمحابات قد سد الى درجة لا بأس بها » بعد صدور قانون الحدمة 
المدنية العامة » ولكن أرى من واجبي ان أبدي بعض الملاحظات بشأن الموظفين 
الحاضرين » لا سيما موظفي الداخلية الذين هم عماد الدولة وروح الادارة ؛ 
ولكي لا أرى من الممكن البحث هنا في هذا الموضوع ء على اني مستعد ان 
أعر ض آراني وملاحظاتي بأول فرصة اذا أمرني صاحب الحلالة بذلك وهنا أود 
ان أنوه بأني قد إختبرت حالة أكثر الموظفين ولا سيما ذهنيتهم في المدة الي 
قضيتها متصرفاً في بعض الالوية » وعلى الاخصّ اشتغالمي في وزارة الداخلية 
ثلاث مرات مع هذه المرة . 

: مدرسة الموظفين‎ ٠ 

لقد عرضت آرائي بفرص مُتلفة على سيدي صاحب الحلالة وفي هذه 
الفرصة أيضاً أقول ان أحسن حل لذلك اصلاح مدرسة الحقوق يجعلها ذات 
أربعة صفوف يدرس في الصفين الاولين نظريات الحقوق والادارة والسيانا 


"54 


| 
ا 
ا 


على وجه الاجمال » وأما الصفان الاخيران فيقسمان الى ثلاثة أقسام . حقوق 
وادارة ومالية على اني مستعد لتقديم آرائي على حدة في هذه المسألة اذا أمرني 


١‏ وضع حد للانتقادات غير المعقولة ضد اجراءات الحكومة في 
الصحف ... الخ  :‏ 

ان قانون المطبوعات الاخير لا يفي بالمرام وناقص » ولذا أرى ان يعدل 
هذا القانرن وان يستفاد من القانون التركي الاخير . 

7 - وضع التقاليد والشعائر الدينية بين طوائف المسلمين بمبزان واحد .. 
الخ  :‏ 

ان احثرام الشعائر الدينية واجب ومفيد لكنه يجب ان لا يتعدى الى درجة 
الرياء وان لا يفهم منه ان احكومة تشجع الآراء البالية والتعصب » كا انه يحب 
ان لا يعطى مجال للعلماء والمجتهدين لاعادة نفوذهم الديي الذي بدأ يتقلص 
ظله » بل يجب السعي على ما أرى لابادة نفوذهم بالتدرج لأن بقاء نفوذهم 
لا بأنلف مع أمر قوة الحكومة ولكن ليس هذا معناه عدم احبرام الشعائر 
الدينية . أما تعمير العتبات المقدسة فهذا واجب من وجوه عديدة . وأما مسألة 
ايجاد أوقاف خاصة لرجال الدين فلا بمكني ابداء رأي بشأنها لآني لست 
مطلعاً على التشبث الذي أشار إليه سيدي صاحب الحلالة ومع هذا اني لا أميل 
الى عمل أي شي ء يقوي نفوذهم في نظر العامة ولكن ليس معنى هذا إهلاكهم . 

وهنا اخم ملاحظاتي واخال اني بينت أفكاري وآرائي بصراحة تامة » 
واسترحم من مولاي صاحب الخحلالة ان يسامحي اذا ما رأى أن ما أبديته 
حسب اجتهادي يخالف بعض ما أبداه جلالته » لأن القصد النزول عند رغبة 
صاحب الحلالة في الاطلاع على آراء من يعتمد عليهم ويثق بهم . 


14 سيرة وذكريات (41) 


هذا واني أرفع آيات شكري بحلالته لاني من جملة من وضع ثقته فيهم . 
وفقنا الباري جميعاً لنكون مخلصين دوماً لحلالته خادمين تحت راية بلادنا 
العزيزة. 

ناجي شوكت 
طذحنة اضل 


موتمر الكويت 


كانت العلاقات بين الحكومتين : العراقية والنجدية في العشرينات على 
أسوأ ما تكون » بسبب العداء المستحكم بين العائلتين : الحاشمية والسعودية , 
وغارات الحدود المستمرة » وقد جرت مراسلات ومحابرات مطولة بين العراق 
ويجحد لتنقية الحو واحلال الود" والصفاء بين القطرين المتجاورين » وبذلت 
مساعي حميدة لتحقيق هذا الغرض » حتى ثم الاتفاق على ان يجتمع الملكان 
العربيان : فيصل وعبد العزيز آل سعود على الدارعة البريطانية « لون » في 
صدر الحليج العربي لازالة بواعث الحلاف وانباء الشقاق . ١‏ 

ولما كان لا بد من التمهيد لهذا الاجتماع الحطر » فقد نقرر عقد مؤمر 
في الكويت يحضره ممثلون عن الحكومتين : العراقية والسعودية لوضع الاسس 
والمقترحات لما سيجري البحث فيها في اجتماع الملكين . وقد انتدبتتي الحكومة 
العراقية ‏ لحضور هذا المؤتمر التمهيدي فأصدرت هذا المرسوم : 

بسم الله الرحمن الرحيم 

عموجب مرسومنا هذا » المختوم يحاتمنا » والموقع فيه بيدنا » قد وكلنا عمدة 
رجالنا المخلصين » وزير داخليتنا صاحب المعالي ناجي بك شوكت » وفوضا 
اليه ان يتداول مع من قد يفوضه صاحب الحلالة الملك عبد العزيز آل سعود 
من رجال دولته في الامور الآنية : - 


547 


. مسألة المخافر » وتفسير المادة الثالثة من بروتوكول العجير‎ )١( 

(؟) طلبات التعويض الناشئة عن الغارات الي وقعت منذ غارة بصية . 

(") عقد اتفاقية لتسايم المجرمين ٠.‏ 

(5) عمد معاهدة لتأمين حسن الحوار . 

)0( مسألة العشائر المنازع عليها . ش 

الي ستوضع موضع البحث في الاجتماع التمهيدي » الذي سيعقد في 
مدينة الكويت . على ان لا يوقع في المقررات الي سيم الاتفاق عليها إلا بعد 
مراجعتنا » وأخذ موافقتنا الصريحة على ذلك . ونحن نستخير الله تعالى ان يسهل 
مهمته لتوثيق عرى المحبة والاخاء بين القطرين المجاورين . 

كتب ببغداد في اليوم التاسع من شهر رمضان سنة 14 واليوم الثامن من 
شهر شباط ١97٠‏ . 

فيصل 

بأمسر جلالته 
وزبر الحارجية 

غادرت بغداد في التاسع من شباط 1940 في طريقي الى الكويت مصطحباً 
معي المدير العام لوزارة الداخلية » وهو يومئذ السيد خليل اسماعيل » ليقوم 
مهام السكر تارية » وعدت إليها في السادس عشر من هذا الشهر بعد ان اتفقت 
مع مندوي الملك عبد العزيز وهم يومئذ السادة : حافظ وهبه » وفؤاد حمزة . 
ابراهيم المعمر . وكانت اجتماعاتنا تعقد في دار خصصتها لنا حكومة الكويت» 
كاكان نائب البصرة السيد حامد النقيب قد خصص في داره في الكويت لسكنانا 
وتأمين واجبات الضيافة مدة اقامتنا . 

دلم تكن الكويت في العشرينات والثلائينات مثلما هي اليوم من حيث 
لسعة » والانتظام » وحسن العمارات والمؤسسات وأسلوب الحكم . كانت 
لكويت قرية كبيرة دورها مبنية باللبن» إلا" ما ندرء وكان للشيخ دار لا بأصس 


54* 


جا ٠‏ كما كان للمقيم البر يطافي دار مبنية بالطابوق » مع عدد من الدور الحدبة 
العائدة لبعض المتمولين والتجار . 

وكان شيخ الكويت في السنة الي قصد.ها في مهمبي موضوعة البحث , 
الشيخ أحمد الحابر الصباح » والد الشيخ جابر الاحمد الصباح ولي عهد الكوين 
الحالمي . وكان السفر اليها بالسيارة ‏ إذ لم تكن الطائرات قد استعملت في مثل 
هذه السفرات يومئذ ‏ ولا اجتزنا الحدود وجدنا المرحوم الشيخ أحمد الحابر 
الصباح » وقد خرج لاستقبالنا بنفسه » را كباً سيارته يصحبه حار سان مسلحاز 
من حرسه الحاص ؛ فرحب بنا أجمل ترحيب » وتمنى لنا طيب الاقامة في 
حلنا وترحالنا » ودعا بالتوفيق في مهمتنا » فشكرته على لطفه وتكرف 
باستقبالنا بذاته الكريمة . وقد أقام لنا في اليوم الثاني لوصو لنا مأدبة عشاء خاصة 
كانت معدة لاي عشر شخصاً . 

هذه هي الكويت الي زرا قبل ( 40 ) عامآفأينها اليوم من تلك الايام؟ 
لقد أقيمت فيها العمارات الشاهقة » والقصور الانيقة » والفنادق الضخمة؛ 
والاسواق العصرية » والمعامل والحوانيت » وغير ذلك من معالم الحضارة 
المادية . وكان الفضل في ذلك كله لعائدات النفط الي استغلها الكوتيرن 
استغلالا” حسناً وأمنوا بواسطتها المستقبل الحسن لاجيالهم الصاعدة . 


حادث غريب 


في اليوم الثاني لوصولي الكويت » فوجئت بوصول الكابئن كلوب الم 
كان يومئذ مديراً مديراً للصحراء العراقية الحنوبية » ومشاوراً لمتصرفية لوا 
الديوانية » فقصد مقابني قائلا" : انه سمع بوصوي الى الكويت فأحب أن بقم 
هذه الفرصة فيزورني » ليعرض ما لديه من معلومات وقضايا تتعذ 
بالبادية الحنوبية . فاستمعت الى ما عرضه عن مشكلات الصحراء ومقير حاث 
له حولها فقلت له : 


شكراً لك يا مسئر كلوب على زيارتك وايضاحاتك لكني أرجولكه ان ترك 
لكويت حالا" » وتعود الى مقر عملك » لأني لا أريد أسمع ان يقال انك لم 
نأت هنا إلا" لتكون رقيباً علي ومشاركاً في الامور الي سبجري بحثها بين الملك 
فبصل والسلطان عبد العزيز آل سعود . أما رغبتك في أن تحظى بضيافة السيد 
حامد النقبب فأمر أود أن تتركه الى فرصة أخرى بعد ختام المؤتمر . فلم يسعه 
إلأمغادرة الكويت فوراً فأراحني وأراح نفسه . وهكذا نرى الإنكليز لا يمك 
أن يركوا الأمور تحري على رسلها مالم يكن هم فيها يد وضلع : 


حي مذكرني الي دونتها في أنقرة هه 

بعد ان ألّف نوري السعيد وزارته الثالثة في 9؟ كانون الأول ١98‏ مء 
ووافقت على ان أدخل وزيراً للداخلية فيها » اعتقدت ان الوزارة الحديدة 
ستقوم باصلاحات جذرية تعيد للبلاد زهوها وازدهارها ء وللقانون مقامه 
وحرمته » بعد العواصف الحطيرة الي عصفت بها » ولا سيما بعد ان سبق 
الانفاق مع السيدين : نوري السعيد ورشيد عالي » والى درجة ما مع طه 
افاشمي » على وجوب تأليف جبهة سياسة وطنية نجد السير بالبلاد الى مثلها 
لعليا » بعد الكوارث البي انتابتها من استيلاء بكر صدني على الحكم في أواخر 
نشرين الأول 145مغ ثم سقوط الحكم الذي دعمه في منتصف آب /19887مء 
نسلم جميل المدفعي الحكم مع جماعة ظنّت أن الحو قد خلا لها فأخذت 
نسير بالبلاد على هواها » دون أن تلتفت إلى عشرات المثقفين والسياسيين 
رالقوميين ؛ ومن بينهم رشيد عالي الذي أبعدته الوزارة وصحبه إلى الآلوية 
لبعبدة والأقضية النائية . 

أجل : في الوقت الذي قررت فيه قبول منصب وزارة الداخلية في« وزارة 
'رري السعيد الثالئة » رأيت من المفيد أن أدوّن ما لدي من أفكار وآراء مستمدة 
بن اطلاعي على التطورات السياسية في العالم » وعلى الأوضاع السياسية 


516 


والاجتماعية الي حدئثت في تركية على يد الرئيس مصطفى كمال وأيدي 
زملائه » ولا سيما رئيس وزرائه عصمت اينونو » وعلى ما كان يدور في 
نواح ووجهات أخرى » مثل استيلاء موسوليي على الحبشة » وسبطرته على 
البحر الأبيض المتوسط » وانكماش انجلرا جاه هذا الوضع الحطر ٠‏ وتقلتص 
النفوذ الإفرنسي بعد الأحلاف الي كانت لا : كالحلف الصغير » والحلن 
البلقاني » واي تفككت بفعل هذه الأحداث » وكذلك على سيطرة ستالين 
على روسيا وجبروته » وما كانت له من آراء خاصة نجاه دول أوربا الرأسمالية, 
وعل تنيع تركية وبر بطاتة وفرسة عل الوقوت رجه هيل التاران 
المهد دة لمصالحهم . 

وكنت خلال إقامي في أنقرة مميلاا لبلادي في تركيا على اتصال دام 
بالوطن » وما كان يدور فيه من أحداث وأوضاع ٠»‏ وذلك مما كان يكتبه إلي” 
السادة : ياسين الحاشمي » ونوري السعيد » ورشيد عالي » وأرشد العمري, 
ونصرة الفارسي » وعلي محمود الشيخ علي » وغير هولاء ممن كانوا يكاتبوني 
دوماً » وما زلت أحتفظ برسائلهم » فكنت أفكر في مستقبل أمي العربية 
وبلادي العزيزة » وأرى لزاماً على العراق أن يكون مستعداً للحفاظ على أنه 
واستقلاله» وأن ذلك لا بمكن أن يتحقق إلاإذا تسلّم المخلصون زمامالحكم ؛ 
وقرروا السير على منهاج موحد وصريح » يطلعون الشعب عليه » ويطلبرل 
تأبيده للمضي في تنفيذه » وقد دونت كل ما عن لي من ملاحظات وأفكار ل 
مذكرة مطولة » وأنا ما أزال في أنقرة » حبى إذا حللت بغداد في كانونالاني 
9م »2 وتسلمت منصبي الوزاري » قدمت نسخة من هذه المذكرة إل 
كل من : نوري السعيد » ورشيد عالي » ورسم حيدر » وطه الماشمي ' 
ورجوهم الاطلاع عليها » ومناقشة ما جاء فيها من مقدّر حات » لتكون أمامأ 
للمنهج الوزاري الذي سيذاع على الشعب . ولم يكن في الإمكان نشر هنا 
المنهاج بسرعة » لاضطرار نوري السعيد للسفر إلى لندن . ومذاكرة الحكونا 
البر يطانية في الكتاب الأبيض الذي أعدته حول مشكلة فلسطين » ولذا بف 


55 


الوزارة دون منهاج نحو ثلاثة أشهر حتى إذا عاد نوري إلى الوطن ثم إعداد 
لمنهاج المرتقب » وأذيع في 7٠‏ آذار 1418م وكانت معظم مواده مستقاة من 
مذكرني موضوعة البحث . 

لقد أدى تأخر إعلان المنهج الوزاري للوزارة السعيدية الثالثة إلى أقاويل 
وخر صات كثيرة » ولا سيما في معارضني الوزارة » فرأيت من المستحسن أن 
أجتمع بالصحفيين » وأطلعهم على الأسباب الي أدت إلى تأخير نشر هذا 
المنهاج طوال ثلائة أشهر » وقد نشرت ١‏ الأهرام » المصرية ملخص ما أدليت 
به والحاص بسياسة العراق الحارجية . 


عطف العراق على سورية في تصريح وزير الداخلية : 

بغداد في ”١‏ : - قال فخامة السيد ناجي شوكت وزير الداخلية » 
وكيل رئيس الوزراء » في خلال اجتماعه بالصحافيين في مكتبه الرسمي يوم 
الأحد » ما ملخصه : 

( إن العراق بلد مستقل يتمتع بوحدته الوطنية بين أبناء الشعب العرائي 
سواء فيهم العربي وغير العربي» وأكثرية العراق عر بية وسياسته القومية يمكن 
إفراغها في عبارة العراق يشعر أنه في وحدته الوطنية هو جزء من مجموعة 
الأقطار التي تتكون منها الوحدة العربية في أنحاء الدنيا . 

وأن العرب في أقطارهم» متوجهة أنظارهم نحو العراق» يرون فيه موثل. 
افكرة العربية » ويعتبرونه في طليعة الشعوب العربية . لهذا فالعراق مسؤول 
عن الواجبات المثرتبة على هذا المركز الحطير الذي يتبوأه في بلاد العروبة . 

إن هذه عقيدة يعتنقه كل عراقي » وليس هناك عراقي ينزع نزعة تخالف 
هذه العقيدة » إذ فيها نحقيق مصلحة العراق بوجه عام ومصلحة كل عراني . 

لذلك لا بمكننا أن ننظر إلى قضايا العرب الحيوية كقضية فلسطين وسورية 
لا كقضية لها مساس جوهري بالقضية العربية العامة » الي نحن مكلّفون 


554/ 


بتعهدها ورعايتها » فإذا ما اهتممنا نحل معضلة فلسطين » و بذلنا ما في وسعنا 
لمساعدة اخواننا عرب فلسطين . فإنما نحن نؤدي أول واجباتنا القومية . وهكذا 
نقف مما تعانيه سورية الشقيقة من الصعاب في مشكلتها القومية » فما يمحل" 
بالأقطار العربية من نكبات » يعتبره العراق حالا" به » ويبذل جهده لدفم 
العرادي عن البلدان العربية بقدر ما استطاع إلى ذلك سبيلا” ) . انتهى . 

لم تكن الأمور الي صادفتي » بعد وصولي إلى بغداد » سهلة وهينة : 
فرشيد عالي الذي كان يتوقع أن يصبح وزيراً للداخلية في الوزارة الحديدة , 
بقي خارج الحكم » فعالحت أمره بتعبينه رئيساً للديوان الملكي ٠‏ أثناء قيامي , 
بوكالة رئيس الوزراء بعد سفر نوري إلى لندن » بعد أن ضمنت موافقة كل 
من رصم حيدر وطه الهاشمي على هذا التعيين » ثم كانت قضية إحراج موقف 
الوزارة نجاه مجلس النواب ٠‏ واضطراري حله » لفقدان التآزر بين القوتين : 
التشريعية والتنفينية . حبى إذا عاد نوري إلى العراق » بدأت الألاعيب 
والمؤامرات » فامهم حكمت سليمان بتدبير مؤامرة ضد صاحب العرش ١‏ وهو 
يريد الانتقام منه لمصرع صهره جعفر العسكري . وقد ثم ذلك مع الأسف , 
بموافقة كل من طه الهاشمي : ورسم حيدر ٠‏ وموافقة رشيد الضمنية . م تبع 
ذلك حادث مقتل الملك غازي المفتعل » على نحو ما شرحته في موضع آآخر من 
كتاني هذا . 

كان علي" بعد الذي شاهدته وحدث - إما أن أستقيل وأترك لنوري 
أن يعمل ما يشاء بموافقة رسم وطه » وحبى رشيدء أو أن أبقى وأصمد لأحول 
دون التصرفات الكيفية ‏ على قدر الإمكان ‏ حتى إذا دبر نوري أمر سفري 
إلى أنقرة بمهمة رسمية قومية ليتخلّص مني » وعرض علي إما مفوضية أنقرة 
وإما مفوضية القاهرة » وجدلا الفرصة الناسبة للاستقالة من منصبي » 
والتخلص من ألاعيب نوري على نحو ما شرحته » ومن المؤسف حقاً أن أحداً 
من وزراء نوري » الذين زاملتهم بضعة أشهر » لم يشأ أن يقف في وجهه. 
أو يحدة من تصرفاته . وحبى رشيد عالي اللدي كنت العامل الوحيد لتعيينهرئياً 


514 


للديوان الملكي » لم يشأ أن يبدي اعتراضاً عليه » فتسلسلت الأحداث , 
ونطوّرت الحركات حتى كانت ثورة 14 ثموز 1488م الحبارة الي عصفت 
بنظام ذلك الحكم المهترىء . 

وفيما يلي نص المذكرة الي أعددما في أنقرة ووزعتها على زملائي في 
بغداد وتضمن المنهاج الوزاري معظم فقراما . 


نص المذكرة 4ه 
أنقرة /ا١‏ كانون الأول 1978م 

بعد أن زالت حكومة الاحتلال وتسلّم الملك فيصل زمام الحكم في 
العراق » كان هدف العراقيين وغايتهم المثل هو الاستقلال . والتخلص من 
الانتداب البريطاني . 

ورغم الاختلاف ني الاراء على الطريقة الي يحب تعقيبها للوصول إلى 
الغاية المطلوبة » فإن الكل كانوا متفقين على أن الغاية هي الاستقلال . 

ركان المرحوم الملك فيصل هو القائد الأعلى والزعيم » وكان جميع رجال 
العراق يؤيدونه بالرغم من حدوث بعض الاختلاف بينهم وبينه بي الآراء 
أحياناً . وكان العراقيون يسير ون من وراء هؤلاء الرجال . 

ولقد نال العراق استقلاله في سنة 1877م فعلا” » وبعد مدة وجيزة من 
نبله ذلك الاستقلال آمن به حبى أشد الناس تطرفاً » وكذا الذين ينعتون 
ا معاهدة بوئيقة الاستعباد أو الاستعمار . وقد توي الملك فيصل - ويا للأسف 
بعد الاستقلال بأقل من سنة . وي وقت كان العراق في أشد الحاجة إليه . 
ولو إلى مدة خمس سنوات أخرى على الأقل . 

نفي عهد الانتداب كانت الغاية (أو الهدف ) كما تقدم ذكره» 
الاستقلال وان تعددت الأحزاب 5 ذلك الحين 2 ولم يكن يي و سع أحد 


56 


أو في مقدوره أن يفكر في شيء آخر غير استقلال العراق » وكانت أمور 
الدولة نسير بتقدم مطرد نحو الغاية المقصودة . إلا أن الملك فيصل لم يكن 
ليكتفي باستقلال العراق » بل كان مثله الأعلى الانحاد العربي » وكانت ل 
للوصول إلى هذا الهدف : خطة معينة . ولهذه الأسباب فإن تشكيل الأحزان 
في زمنه كان عبثا لأن المرحوم الملك فيصل فضلا” عن أنه كان رئيساً للدولة ‏ 
فإنه كان في نفس الوقت رئيساً للحزب الذي يمثل فكرته » وإن لم يوجدحزب 
في الظاهر . 

ولهذا فقد كنت معارضاً لفكرة تأليف الأحزاب في العراق على عهد 
الملك فيصل ٠‏ وهذا السبب ألّفت أول كتلة نيابية في عهد رياسي للوزارة. 


ولكن بعد وفاة الملك فيصل » أصبح من الواجب على رجالنا أن يتحدوا 
ويتكاتفوا ويؤلفوا حزباً واحداً » يختارون له الرئيس المناسب ( وكانت الآمال 
منجهة نحو ياسين الحاشمي ) على أن تكون غاية الحزب تحقيق المثل الأعلى 
للمرحوم الملك فيصل » وهو الاتحاد العربي » وأن يسن" برنايجاً للحز ب تنترع 
من دروسهم الي تلقوها على املك فيصل » ومن نجار بهم العديدة في ممارستهم 
الحكم ني البلاد. ومن مزايا الشعب العراقي ومؤهلاته وأخلاقه وعاداته 
وحاجاته » ولكنا رأينا أن الأمر قد آل إلى العكس . فبعد أن مات الملكفيصل 
حلت الأحزاب . أن أكبر خطأ ارتكبه المرحوم ياسين الحاشمي هو حل 
حزبه » وعدم تأليفه حزباً آخر يحل" محله . وقد لفت أنظاره إلى ذلك ني 
كتاب أرسلته إليه على الرغم من أني كنت مخالفاً له في بعض آرائه . 

والذي أراه أن هذه ال حالة كانت نايحة عن عدم وجود اماه معين ؛ 
وهدف معين » ومبادىء معينة لبعض هؤلاء الرجال ٠»‏ أو أنه وإن كان لبعضهم 
انجاهاً وهدفاً معينين » إل" أ: نهم كانوا ضعيفي الإيمان بالوصول إل ذل كالهدف؛ 
أو انه كانت تعوزهم ا ان لور للا ؛ أو امهم لا يعتقدوذ 
بأهلية الشعب العراقي هذا النوع من الحكم المبني على تنظيم الرأي العسام؛ 


56٠ 


وسوفه نحو غاية معيئة . أو ان البعض منهم مع مقدرته وتجاربه لم تكن له 
فكرة واضحة أو هدف معين . 
وفي اعتقادي أن السبب في كل ما تكبده العراق من مصائب » وما لازمه 
من جمود وتوقف ( بعد وفاة الملك فيصل ) ناتج من عدم وجود حز ب واحد 
( له هدف معين وانجاه واضح ) يرشد الشعب إلى الطريقة اللمثلى » الي جب 
اتباعها وتعقيبها لتقدم العراق ورقيه » وليكون قدوة للأمم العربية » وليقوم 
بالرسالة الي شاء الله أن يتحملها العراق بالنظر لوضعه الحغراني » وسبقهالأمم 
العربية في نيله الاستقلال » تلك الرسالة البي اعتقد بأمها مبوض العراق مهضة 
شاملة كاملة » وتقد مه خطى واسعة نحو النور والمدنية والقوة الأدبية والمادية » 
وبث الروح الوطنية والقومية في البلاد العربية » ومساعدبها للم شعبها » ونيل 
استقلاها » وانحادها وتكو ينها كتلة واحدة . 
ولهذا فقد رأيت من المفيد أن أدون هذه المذكرات الي هي نتيجة لدراسة 
وضع العراق وحالته وارتباطه بالبلاد العربية » وبالبلاد المجاورة » وكذا 
الدول الأخرى والوضع العالمي في مدة العشرين سنة الأخيرة » ودروس أخرى 
ونجارب عديدة اكتسبتها : 
١‏ في الثورة العربية الكبرى . 
١‏ في الثورة العراقية . 
إن في عهد حكم الانتداب البريطاني . 
/ - لي عهد الحكم الوطبي في العراق منذ تولي الملك العظيم الراحل فيصل 
عرش البلاد الى تاريخ وفاته . 
5 - من نجاربي ودرومي في الوظائف الادارية العديدة . 
' - في الوزارات الي أشغلتها . 


"56١ 


م في اتصالاني ومباحثاني مع رجال بريطانيا » ومستشاريهم في العراق في 
عهد الانتداب » وني العهد الوطي » واطلاعي على نواياهم وآراتهم 
وغاياهم . 

4 من مراقبة ا حالة الداخلية والوضع السيامي ف العراق » بعد وفاة الملك 
فيصل » وتتبعي سياسة المرحوم ياسين الهاشمي في وزارته الاخيرة » 
وأعماله المفيدة » وأخطائه الني كانت السبب المهم في التامر على حكومته 
واسقاطها » وتدقيقي أسباب الازمات الي حلت بالعراق في زمن ثلاث 
وزارات أتت الى الحكم بنتيجة قلب الحكومة إما من قبل لفيف من 
رجال العشائر » أو من قبل قسم من رجال الحيش العراقي . 

. من نحقيق وسبر غور اللحمود المستحوذ على العراق منذ سنتين تقريباً‎ - ٠ 

١‏ من تتبع حالة تركيا ووضعها » وكيفية تقدمها العظيم خلال اقامي في 
تركيا » واتصالي مع أكبر رجاها مدة تربو على الست سنوات . 

١‏ - من تتبع ا حالة السياسية العالمية » ولا سيما الاوربية » والتطورات 
الي حدثت في سياسة محتلف الدول الحارجية والداخلية . 

١‏ من مقايسبي وضع العراق بأوضاع الدول الممائلة لها في ضوء اختباراني 
أحوالنا الداخلية وتطوراتها . 

- من القناعة التامة الي حصلت عندي من أن العراق يحب ان يعقّب سياسة 
قومية عربية » وأن لا ينكمش في قشرته » إذان ذلك لا يمخلّصه 
من المخاطر » بل الحلاك في أول صدمة خارجية . 

من وضع بريطانيا العظمى الاخير » وضعفها في السياسة العالمية . 

5 - من إفلاس الشيوعية والاشيراكية » وعدم الاستقرار والضعف المستولي 
على السياسة الداخلية والحارجية في البلاد الديمقراطية لا سيما في انكليرا 
وفرنسة وسيطرة اليهود عليهما وعلى اميركا . 


56 


١١‏ - من ايمافي برسالة العراق العربية.» ومن ثقي في أن العراق أهل لأن يكون 
نواة الانحاد العرني : 
وبالاخير اعتقد بأن ما جاء في هذه المذكرة من مواد أساسية يجب ان يببى 
على ضو مها كياننا الوطي والقومي » وانها عبارة عن منهاج معين للمعحافظة على . 
سلامة العراق وتقدمه ورقيه , وتصميم واضح لبناء صرح الا نحاد الغربي . 


نز النهج كه 


حزب واحد يبمثل الآأمة ويكون رائدها ومستند حكومتها 


امم الحزب ‏ الاتحاد العرني ‏ أو الانحاد الشعبي . 

؟ ‏ غاية الخزب - الوحدة الوطنية العراقية ضمن الانحاد العربي ( أي غاية 
معينة وهدف ) . 

*“'- مقاصد الحزب - الوطنية العراقية » القومية العربية » النهضة الشعبية العامة 
( في جميع مناحي الحياة ) . 

4 شعار الحزب ‏ الإ يمان بالقومية العربية» السير بعزم وثبات لتحقيق الا حاد 
العربي , حب النظام » الاستناد على الحق والقوة فلا نحكم » ولا إستبداد» 
ولا فوضى ( ان الحكومة الي تمثل ارادة الامة يجب ان تطاع » لها هي 
المسؤولة من ايصاها الى غايتها ) . 

ه تقبل الحزب النقد التزيه المستند على الثقافة والاختصاص » ولكن لا يقبل 
الدعايات الهدامة والمعارضة لغايات شخصية ) .. 

أ-ستأمين الوحدة العراقية : 
١لا‏ طبقات اجتماعية في الامة . الشعب واحد » وأفراده متساوون 

في نظر القانون » وخاضعون لقانون واحد » ولنظام واحد . 


برا 


١‏ - محافظة حقوق الاقليات مواطنين متساوين في الحقوق » يتمتعون 
بخيرات البلاد ( بنسبة عددهم لا سيما في الوظائف والمدارس ) . 

"' - توحيد القوانين الشخصية» ووضع قانون مدني عصري ( يتلام مع 
الشريعة الاسلامية على قدر الامكان ) الغاء المحاكم الشرعية » والخصوصية » 

4 - تعديل قانون العشائر بصورة تدريجية الى أن يكون في الامكان الغائه 
بتاتاً. 
ه ‏ جعل اللغة العربية لغة جميع الدوائر الحكومية والموسسات الملحقة بها . 
حمل المحلات التجارية والبنوك الاجنبية على ان تنتخذ اللغة العربية اللسان 
الرسمي . 

ب - النهضة الشعبية العامة : 

( نحن الآن نشبه جوق موسيقى يقوم أفراده بالعزف على آلاهم بلا نوطه 
معينة ومشتركة ولا ترتيب ولا مدير أوركسترا ) . 

الاعتماد على الشباب المثقف » وتنظم الحهود وتوجيهها الى غاية الحزب؛ 
ليصبح العراق قدوة للامة العربية » وتكون مبضة إجتماعية شاملة جميع مناحي 
الحياة » والاخذ يجميع أسباب الرتي والتقدم العصري» وما يفيد الدولة والشعب 
والفرد في أخلاقه ومبضته وقوته . 

١‏ - تثقيف المرأة ورفع مستواها » وجعلها عضواً نافعاً الوطن » لتتمكن 
من القيام بواجبانها نحو الاسرة والهيئة الاجتماعية والوطن ( اذ أن الامة الي 
تثرك المرأة فيها مهملة غير مهذبة ومثقفة كالانسان المفلوج نصف جسمه ) . 

 "‏ اصلاح حال العائلة » ورفع مستواها الصحي والاجتماعي والاقتصادي 
( الصحة والعناية بالاطفال . المربية الاجتماعية . الوطنية والقومية . التوفير 
الماللي . مبذيب الاولاد ) . 


564 


انشاء دور صحية للفلاحين والعمال » بمساعدة الحكومة واعانتها » 
ومساعدة البلديات وأصحاب الاراضي وأصحاب رؤوس الاموال . 

4 - بث روح الفرح والسرور والابتهاج في أبناء العراق . ايمان الشباب 
بالقومية العربية » وثقته في المستقبل » وي عظمة أمته وتقدمه التاريخي وماضيه 
وحيه لبلاده وتعرفه بنعم وسعادة ولطافة بلاده . 

بث روح الشهامة والقوة والرجولة والثفة في الشعب » وتعويده على 
الاعتماد على النفس . 

الاهتمام بالرياضة والموسيقى » نشكيلات للشبيبة . 

ه ‏ أيام الاعياد القومية والدينية . حفلات قومية شعبية حكومية . (اعتبار 
بوم ولادة الرسول محمد صلعم يوم قومي بلجميع العرب « يوم واحد» ) . 

؟ ‏ العشائر : 

أ حل معضلة الاراضي على أساس ان يكون لكل عائلة قطعة أرض 
زراعية » ومسكن صحي أولا” من أراضي الاميرية » وثانياً من 
اقناع رؤساء العشائر على ترك قسم من أراضيهم لافراد العشيرة 
لقاء تمليكهم الباني من أراضيهم . 

ب - حسم اختلافات رؤساء العشائر ومنازعاهم المهمة السابقة من قبل 
مجلس محكيم عام » يؤلف من رؤساء العشائر » وحكام تمييز » 
وكبار موظفي الادارة والالية . 

القرى العصرية - بناوها . مساكن صحية ومراقبة الغذاء الصحي . 
مدرسة مستوصف وطبيب . ماء للشرب » حديقة للاطفال (كيفية ادانبها ) . 

6 التنظيم الاجتماعي - ازالة الفوارق بين طبقات الشعب في العربية 
رالثقافة والصحة » وفي مستوى المعيشة على قدر الامكان » وتوحيد الازياء 
ل المدن على الاقل . 


"66 


4 توحيد مناهج التعليم في المدارس الحصوصية والاقليات . 

مكافحة الامية في المدارس » ودور الشعب والحيش . 

ربط المعلمين بتشكيلات مركزية ثقافية » تبث فيهم الروح الي يحب ان 
تسود في المدارس » وتراقب تدريسهم الثقافي » مع ابدامبها التسهيلات اللازمة 
لهم من حيث الدراسة والتقدم في مضمار التدريس . 

الاستفادة من الاوقاف النبوية للبعئات العر بية الآتية الى العراق من الامارات 
الساحلية العربية » والحجاز » واليمن » وبث الروح القومية والرئي العصري 

ايجاد دعاية قومية في تلك الامارات » بواسطة مدرسين وضباط متطوعين 
يقومون ببذه الواجبات بوصفهم نجاراً أو أصحاب مهن . 

دراسة ما عملته بيوت الشعب اللركية والمعسكرات الالمانية للشباب . 
وتشكيلات الفاشست والنازي لربط الالمان المغبر بين عن بلادهم . 

العناية في انتقاء البعئات العلمية » لا سيما للتخصص ف الامور الاقتصادية 
والزراعية والتجارية والطب والهندسة والشرطة واالحيش .. الخ والسعي لارساهم 
الى البلدان التي تتوقد فيها روح الحماس الوطي القومي » أمثال تركياء وألمانيا. 

: توسيع التشكيلات الصحية والمعاونة الاجتماعيا'‎ - ٠ 

أ اما بتشكيل وزارة أو ربط مديرية الصحة العامة برياسة الوزراء . 

ب - مكافحة الأمراض وتجفيف المستنقعات وردمها . 

جٍ ‏ دعاية صحية . التغذية . اللباس . المسكن . الحياة العائلية . 

د تمقوية جمعيي : الهلال الاحمر » وححماية الاطفال . مرشدات 

العائلاات . ملاجىء للاطفال والنساء الحوامل . جلب اخصائين 
لتحقيق هذه الاغراض . 


"5 


ه ‏ اسبوع الطفل وحمايته ( مسابقة لأقوى وأجمل طفل ) اسبوع 
الصحة والمعاونة الاجتماعية ١  .‏ 

١‏ تكثير النسل ‏ قانون تشجيع الرزواج . سلفة للموظفين . اعانة 
سنئوية للطفل الثالث . اعانة لمرة واحدة للمنز و-جين دون السن الحامسة والعشرين . 
تزييد ضريبة الدخل على العزاب , واعفاء المتزوج وممن له أولاد من قسم منها . 

- النظر في امر ايحاد تشكيلات جديدة ( المحاسبة الخاصة ) تفرض 
ضرائب محلية للمدارس الابتدائية والمتوسطة وللصحة والمعاونة الاجتماعية 
ولادارة المستشفيات وردم المستنقعات . 

تشكيل مجالس عمومية محلية في الالوية للنظر في هذه الامور » ووضع 
ميزانية اللواء .. الخ . تشكيل مصرف للبلديات . 

١‏ - محطة اذاعة قوية للدعاية في الداخل والحارج . والدعاية في الحارج 
بواسطة الصحف والبعثات . 

4 - الاستفادة من الاخصائيين الاجانب » من مختلف الامم » لتحقيق 
المشاريع المذكورة . 

والخلاصة عمل كل ما في الامكان عمله لتأمين مهضة اجتماعية عامة شاملة 
+ الإصلاحات الحكومية : 

أولا” - الاقتصاد والتجارة والأمو ر النافعة والمشاريع المفيدة : 

والبيطرة . تعديل قانون التجارة . 
الداخل ) : 
أ - بوضع رسم شركي بدرجة عالية على أمثالها الواردة من الحارج 


/1 "> سيرة وذكريات (؟4) 


ب - اعفاءات مختلفة لالمصنوعات الوطنية . 
وي الخارج بعد معاهدات نجارية مع الدول » يحدد يموجبها الادخحاللاتن 
من تلك الدول بنسبة الصادرات العراقية» أو بنسبة أوطى وفقاً لما تقتضيه مصلحة 
الللاد. 
تأمين نقل المنتوجات العراقية الى الخارج » عن طريق سورية وفلسطين 
بالقطار » وعلى طريق البحر بشراء بواخر عراقية من قبل الحكومة » أو تشجيع 
ذلك من قبل الاهالي على ان تساهم الحكومة العراقية في هذه الشركة . 
 “‏ توسيع البنك الزراعي الصناعي » وجعله مماثلا” للبنوك التركية والمصرية 
( البنك الاهلي المصري » إيش بانقه سبي التركي ) للقيام بأعمال 
مفيدة للبلاد » وفتح المعامل ( ودرس هذا الموضوع جيداً ) . 
جلب اخصائيين من تركيا ومصر لتنظيم شؤون البنلك » وللنظر 
في المشاريع الممكن القيام بها بالدرجة الاولى . 
المنتوجات الرئيسية العراقية ‏ اصلاحها » وتنسيقها » وتغليفها , 
ومن ثم” تصديرها «التمور والحبوب والصوف والقطن .. الخ . 
وحماية الملاكين والمستهلكين من نحكم التجار ( يقوم البنك الزراعي 
بذلك ) أو لحنة خاصة في وزارة الاقتصاد . 
ه ‏ امحصار التبغ والمشروبات الروحية . الاستفادة من اختصاصيين في 
تر كبياء 
١‏ دائرة إحصاء عام ( درس الوضعية في تركيا ومصر » والاستفادة 
منها). 
1 اسطول نجاري ( قضية خط طوروس وتمديده بواسطة البواخخر الى 
كراجي ) وان يلحق بادارة ميناء البصرة أو بالبنك الزراعي الصناعي. 


>54 


الاسراف والتبذير في الامور غير الضرورية » وتشجيعهم على التوفير 
المفيد » وتنمية أموالهم الموفرة للاستفادة الشخصية » ولاستعمال هذه 
الاموال في ميادين مفيدة ومثمرة للبلاد وللهيئة الاجتماعية . 

4- ترييد ضريبة الدخل بصورة مطردة . 


ثانباً - الدفاع الوطي : 
وشرفها وفخرها » وهذا ينبغي ان يكون دوماً بعيداً عن السياسة ٠‏ ويأتمر بأمر 
فائده الأعلى » وحكومته الحائزة على ثقة الملك والامة . 

؟الامة المسلّحة ‏ تدريب تلاميذ المدارس والتلميذات ايضاً . 

سن" منهاج للدفاع الوطي » يشمل التحكيمات المقتضية على الحدود ؛ 
ونقوية الحيش » والاستفادة من المملكة العربية السعودية ( تقوية جيشها بارسال 
بعثات عسكرية ومعدات حر بية . 

4 - نحديد وتعيين وحدات اللحيش الضرورية لمحافظة البلاد » والشروع 
حلا" في تأسيس معامل لصنع العتاد » من مختلف الانواع » وبالتدريج الاسلحة 
ابضاً . 

ه - مجلس شورى عسكري أعلى برياسة رئيس الوزراء » ووزير الدفاع 
الب الرئيس . 

. تقوية الطيران المدني والطيران الشراعي‎ ١ 

الثا - الشرطة : 

. -اعادة النظر في العدد الموجودة الآن والتشكيلات‎ ١ 

. قضية الدرك والشرطة‎ - ١ 

4-ايفاد بعثات الى ايطاليا وانكلترا واللمانيا . 


564 


رابعاً - تشكيلات الدولة وشوون أخرى : 

١‏ - تعيين نائب لرئيس الوزراء » أو مستشار له » يعين مستشارين داتمين 
اخصائيين الى الوزارات . 

اعادة النظر في تشكيلات الدولة والدوائر من حيث الحاجة 


والاختصاص 3 
وضم ملاك ثابت ( إعادة النظر في رواتب الموظفين ) رواتب 
المعلمين . 


هو اصلاح دواوين الوزارات وتشكيلاتها » وتعديل أنظمة الوزارات . 
5 - جلب اختصاصيين أوربيين الى الدوائر الفنية ذات الاختصاص ؛ 
سواء أكان من انكلترا 3 أو المانيا » أو ايطاليا 2 حسب اللزوم . 
ا اختصار اعمال مجلس الوزراء عوميم صلاحيات الوزراء ومستشاريهم 
واعطاء صلاحية لنائب رئيس الوزراء للقيام بالأعمال الثانوية في مجلس الوزراء. 
م الداخلية واصلاح الدائرة العامة : 
د النظر في أمر التفتيش الاداري» وإمكان احداث مقتشيّات 
عامة مثل تركيا . 
ب - وضع قوائين وأنظمة لانتقاء وتعيين الموظفين الاداريين» 
وترقيتهم » وعزلهم ( مراجعة النظام المعدل والموجود الآن في 
وزارة الداخلية ) . 
جٍ ‏ فحص واختبار الموظفين الاداريين الموجودين الآن؛ 
وامتحانهم بعد اعطائهم مهلة معينة » وبعدها مهلة أخرى مع 
منهاج الامتحان . الاستغناء عن الذين لا ينجحون في 
الامتحان » واعطاء أراض لهم ( اللطيفية ) . 


)ل 


د - تنزيل مدة التقاعد إلى 8٠7١سنة‏ » ومدة العمر إلى 08 سنة 
لإمكان الاستغناء عن نخدمات الموظفين القدماء » وإفساح 
المجال لير قية الموخلفينالشبان . 
ه ‏ إصلاح البلديات » وتوديع الرياسة إلى شبان مثقفين . 
و - توسيع مديرية الدعاية والنشرء وتقوية علاقاما بالمفوضيات 
والقنصليات في الحارج . 
ز - محطة إذاعة لاسلكية قوية . 
4 - تعديل قانون العقوبات البغدادي . 
٠‏ - إصلاح مديرية الأوقاف العامة » وجعلها مفيدة لمساعدة الثقافة 
العامة في البلاد » ومساهمتها في العمران . 
١‏ -النظر في تعديل الدستور : 
أ إلغاء المواد الشاذة » والي تتعلق بزمن الانتداب . 
ب - رفم المواد المخلّة بالوحدة العراقية . 
5 - وضع الوزارة والحكومة نجاه المجلس . 
١١‏ -البر لمان : 
أ - تعديل قانون الانتخاب ‏ يكون عدد النواب أقل من الآن ‏ 
نواب اليهود والنصارى . 
ب - إعادة النظر في كيفية المناقشة في المجلسين في اللوائح القانونية» 
تصويت على الكل » لا مادة فمادة » والميزانية كذلك 
أو فصلا" فصلا . 
3 - مدة عضوية الأعيان وعددهم . 
١١‏ - اليهود في العراق وسياسة الحكومة نحوهم - في وظائف الدولة . 


ك5ك١‎ 


في المدارس . في البعثات . التملّك في الأملاك . في الأراضي الزراعية 
( الحوف من الأموال اليهودية الحارجية لا سيما الصهيونية والفلسطينية ) . 
تلاعبهم بتجارة البلاد ومواردها . الغرف التجارية . البورصة . 
د السياسة الحارجية وما يتبعها : 
١‏ - السياسة حار جية العر بية : 
أ مع المملكة العربية السعودية : 
١‏ - تقوية الروابط الموجودة بين المملكتين » وتقوية االحيش السعودي , 
والثقافة » هناك بكل وسيلة ممكنة . 
؟ ‏ إقناع الملك ابن السعود ( بواسطة سفير العراق الذي يحب أن يكون 
من الشخصيات البارزة » والحائزة على ثقته » أن يقبل بعثة عسكرية 
عراقية ( ومساعدة عراقية للجيش السعودي لا مالا" » بل بأسلحة 
وعتاد ولوازم حربية . 
0 إعمار الحجاز ونجد ولا سيما الطرق ( طريق بغداد ‏ المدينة ) من 
قبل العراق » وجعله صا حاً للحج » والاستفادة منه بصورة عسكرية 
إذا مست الحاجة . 
- الاعتناء بالمعارف والصحة في الحجاز ونجد , وتشجيع الحكومة 
العربية على إرسال بعثات علمية إلى العراق . 
ب - الامارات العربية الأخرى الي نحت وصاية انكلثرا أو حكمها : 
١‏ - دعاية قوية في تلك البلاد . 
؟ - إرسال بعثات خاصة للدعاية هناك » وكتب ورسائل عن العراق 
وعن النهضة العربية . 
إقناع الأمراء في بادىء الأمر لإرسالهم بعئات علمية مجانية للعراق . 


ذف 


غ - إرسال بعثات للتدريس » وفتح مدارس هناك . 
ه- بث الروح القومية العربية في تلك الامارات و : 
أ- لفت أنظار الأمراء إلى الحطر المحدق بهم » وإلى ا حالة السيئة 
الي هم فيها من جهة . 
ب - إثارة الأهالي ضد الأمراء الحونة من جهة أخرى . 
ج - الاعتماد على شبيبة منورة هناك وخلقها وتدريبها . 
؟ - يبدأ أولا” من الكويت» دون إثارة خواطر الملك ابن السعود وشبهاته؛ 
وبعده مسقط والبحرين » وعمان » وعدن » وحضرموت .. الخ . 


هش مصير ٠‏ 

. توئيق العلاقات الثقافية و الاقتصادية والتجارية والسياسية‎ - ١ 

١‏ - جلب اختصاضيين مصريين كثيرين » ومعلمين للاستفادة منهم في 
العراق » وبث الروح العربية في هؤلاء ليكونوا رسل الفكرة العر بية 

*" - السعي قُ مصر 2 مع رجال مصر الذين يؤيدون الانحاد العر ني ' 
ومع البعئات العلمية العربية هناك لبث روح القومية العربية في 
الشباب المصري . 

4 - إعطاء أهمية خاصة لحعل مصر تشعر بأمها عربية بكل' واسطة » 
ولا سيما بتعيين سفير للعراق هناك من رجالنا القديرين » ومن غلاة 
القوميين » على أن يعرف كيف يحبب مصر للفكرة العربية » بأطناب 
المدح لحا » ولمليكها » ولفت أنظارها على الأخطار المحدقة بها من 
جميع أطرافها إذا لا تنضم إلى الانحاد العربي . 


يل 


و - سورية وفلسطين وشرقي الآردن ولبنان : 
( البحث في علاقاتنا مع تلك الدول سبأتي في محل آخر بصورة 
مفصلة على أنه يحب المباشرة في الأمور المذكورة آنفاً تمهيداً لما سيأني 
ذكره). 
١‏ - مساعدة سورية وفلسطين بكل ما يمكن لتنالا الاستقلال . 
١‏ - السعي لتحسين العلاقات بين العراق ولبنان ( قضية الاصطياف ) 
وبث الروح القومية وتقريرها هناك » والاستناد على الرجال الذين 
لهم فكرة عرببة قوية هناك . 
“على القنصل العام العرائي واجبات عظيمة في لبنان » وكذلك على 
الوزير المفوض الذي بمثل العراق في سوريا ولبنان . 
4 - السعي لتحسين العلاقات بين لبنان وسورية » وإقناع رجال سورية 
بالعدول عن آرائهم بشأن ضم لبنان إلى سورية . 
همد رجال فلسطين بالاراء الصائبة » وحثهم على الانحاد حى بعد 
أن تنال فلسطين استقلالها » لكي تتخلّص من الحطر اليهودي . 
 "‏ مواد عامة عر بية : 
تمهيداً للانحاد العربي ( العراق » سورية » لبنان » فلسطين » شري الأردن 
أولا ) يعمل بالأمور الآتية » ويسعى لإنجحازها بكل الوسائل الممكنة : 
١‏ - توحيد بزامج التعليم في المدارس الأولية والثانوية » وإن أمكن في 
العالية ( هذا تشبّث به حسين هيكل » يجب تأييده والسعي لإنجازه ) . 
؟ ‏ تزاور رجال هذه البلاد ولا سيما وزارها بصورة متمادية . 
"م تبادل بعثات علمية . 
4 -زيارات متقابلة بين النواب » ورجال الاقتصاد . والأطباء؛ 
والمحامين » للتعارف وتوطيد الصلاة بين هذه البلاد.. 


"34 


ه ‏ مؤتمرات ثقافية » علمية » ضحية » اقتصادية » صحافية . 
؟ - العراق يحب أن يأخذ على عاتقه التشبث والتقدم في هذه الأمرر . 
والقيام والعمل بهذه المهمة يقع على عاتق رئيس الوزراء » الذي سيعمل لذلك 
بالاتفاق مع وزير الحارجية . 
," - تركيا وإيرات : 
أ توطيد الصلات والعلاقات بين العراق وبين الدولتين المذكورتين » 


والسعي لتقوية ميثاق الحلف الشرفي يجعله دفاعياً . 
- المراقبة بدقة كل تطور يحصل في سياسة تركيا أو ايران الحارجية 
والداخلية . 


ج- اقناع الدولتين بشتى الطرق بلزوم تأييد الانحاد العرني » أو على 
الاقل بعدم وجود خخطر منه عليهما » وأخذ موافقتهما مبدئياً على ذلك . 

د حل قضية الاسكندرون مع تركيا » بتقسيمها بينها وبين سورية » 
وإخراج فرنسا من الوسط إن أمكن . 
4 - إنكليرا وفرنسة : 

أ افهام الانكليز والافرنسيين بأن العرب دعامة قوية لهما » وان قوة 
العرب وانحادهم مما يفيد الدولتين . 

ب هذا على الدولتين المذكورتين أن تثقا بالعراق والبلاد العربية 
الاخرى » وأن لا تقفا في طريق الانحاد » بل عليهما الموافقة والمؤازرة . 

ج- وأعتقد ان الحالة العالمية في المستقبل القريب ستضطر الحكومتين 
على قبول هذه الملاحظات ٠‏ وإلا علينا ان نسير في طريقنا » مستفيدين من 
وضع العالم زمن كل فرصة سانحة . 

د ويجب ان نستفيد نستفيد ايضاً من توسيع علاقاتنا مع ألمانيا » وعلى قدر 


ل 


الامكان مع ايطالياً ايضاً » على أن لا نعتمد قط على ايطاليا . اما على المانيا 
فبدرجة ما تقتضيه مصا حنا بدون ان تثير ريب انكلترا وفرنسة . 


و - والحلاصة على العراق بعد أن تتفق مع سوريا وفلسطين بعد استقلال 
هذين البلدين » ان تبدأ بالسعي لوضع الحجر الاسامي للخطة الي سيأتي 
ذكرها فيما بعد . 


ناجي شوكت 


مع رئيس البعثة العسكرية 


بعد أن نادى مجلس الامة العرائي بالشريف شرف وصياً على العرش في 
يوم الحميس الموافق ٠١‏ نيسان 1441١‏ م » وتوليت منصب وزارة الدفاع في 
« الوزارة الكيلانية الرابعة » البي تألفت في الثاني عشر من هذا الشهر » زارني 
مفتش البعثة العسكرية البريطاني الحترال ووتر هاوس زيارة بنئة وتعريف » 
على جاري العادة » فاستصوبت حضور أحد الضباط العراقيين الذين بحسنون 
اللغة الانكليزية هذه المقابلة ليقوم بواجب اليرجمة بيي وبين المفتش . فحضر 
أحد ضباط رئاسة الأركان لهذا الغرض » وصار يدون الحديث الذي جرى بين 
الطرفين بطريقة الاختزال » فرأيت ان أنقل هذا الحوار كما دونه الضابط 
العراقي : ل 

ان غرضي من تسجيل الحديث » الذي جرى بي وبين الحبرال ووتر 
هاوس في هذه الذكريات » إطلاع القارىء الكريم على ذهنية الانكليز » الذين 
كانوا مستخدمين في الحكومة العراقية سواء أكان ذلك في الحيش » أم في دوائر 
الدولة » تلك الذهنية الي إن دلت على شيء » فاتما تدل على العجرفة الي 
كانت في مقدامة الاسباب الي أدات الى امبيار الامبر اطورية البريطانية » الي 
ما كانت الشمس لتغيب عن أملاكها في يوم من الايام . 


51 


وببذه المناسبة رأيت ان آي على ذكر مقابلة أخرى جرت لي مع أحد 
الساسة البريطانيين المعروفين في العالم العربي » وأعبي به الكولونيل نيوكب 
الذي أوفدته حكومته البريطانية الى العراق أي صيف عام 144٠‏ ليقنع المفني 
الحسيي بقبول الكتاب الابيض الذي أصدرته حكومته لحل” مشكلة فلسطين » 
وتثبيت سياستها فيها . 


فقد اتصل بي هاتفياً الصديق السيد عبد الرزاق الحسي » والتمسي ان أحدد 
وقتاً لقبول زيارة هذا الزائر لي » فتمت المقابلة في حديقة داري الواقعة بالقرب 
من نادي العلوية البريطاني في كرد الباشا على شارع أبي نؤاس في الاسبوع الاول 
من آب 144٠‏ م وقد حضر المقابلة السيد الحسي » ودار الحديث حول 
الاسباب الي أدات الى فشل مؤتمر الطاولة المستديرة الذي عقد في لندن في 
السابع من شباط ١19478‏ , ثما حمل ا حكومة البر يطانيةعلى إصدار الكتاب الاييض 
لابضاح سياستها المقبلة في هذا الحزء العزيز من الوطن العرني الكبير » وإذا 
بالكولونيل نيوكب يستحثني على اقناع السيد محمد أمين الحسيي الذي كان قد 
وصل إلى بغداد مع صحب له في ١6‏ تشرين الاول 198 للرجوع الى فلسطين 
والدخول في محادثات مع المندوب السامي البريطاني فيها » حول هذه القضية . 
فقلت له ان المفي لا يطمئن الى المندوب المذكور» ولا إلى حكومته البريطانية) 
فكيف يمكنه أن يخاطر بنفسه للذهاب والمفاوضة في مثل هذا الوقت العصيب ؟ 
واذا بنيوكب يقول : انها قضية ثقة قبل ان تكون قضية مخاطرة وعلى المفي ان 
يثق بحسن فية الحكومة البريطانية . 

فهل يوجد أيها القارىء اقبراحاً أسخف من هذا الاقتراح ؟ رجل جليل 
حرم » يعيش في كنف بلد عرب ألي » يستضيفه وصحبه على الرحب والسعة» 
يحب عليه أن يثق بالبريطانيين الغدارين فيرجع الى القدس ليضع نفسه بنفسه 
ف الفخ وبين فكتي الأسد البريطاني » وهو الذي بذل المستحيل حنى استطاع 
الفرار الى سوريا فالعراق . 


33/ 


لقد نقلت التكليف لى سماحة المفّي فقال إلي حسناً فعلت . 

دل[ نص" الحذيث الذي دار بييي وبين الحترال ووتر هاوس كا سجل في حينه 4ه 
في بدء المواجهة -كان الحديث باللغة الافرنسية والعربية » ثم قال فخامة 

و - الوزير انه كان ضابطاً أربع سنوات (" ) في الحيش التركي و ١(‏ ) في 

اليش الحجازي وله علاقة بالحيش » ولكن الحرب الآن غير الحرب الي كنا 

نعرفها » فهي تختلف بالوسائط والوسائل . 

م - وبالحركة بصورة خاصة . الحرب كلعبة الكرة » كل جهة تسجل هدفاً 
حى يم النصر للذين يسجلون أكثر الاهداف » واني متأكد من أننا 
سنفوز . 

و - نتأمل ذلك ان شاء الله . 

و- نحن المسلمون دائماً نقول ( إن شاء الله ) ولو كنا متأكدين . 

م - أعارتني الحكومة البريطانية لتدريب الحيش العراتي » وجعله قادراً على 
الدفاع عن المملكة » حبى تعاونهالقوات البريطانية ‏ ونظهر ان اعمالي 
ذهبت عبئاً نظراً لاشتغال اليش بالسياسة » وتركه واجبه الاصلي . 

و - الحيش ليس صخرة بل يحب أن يكون له شعور وطني » وهذا لا يعني 
تداخله بالسياسة في كل وقت » ويجحب أن لا يكون التدمّل من كل فرد 
بل متمثلا” بأركانه وقواده . 

م - انكليره . وتمثل فرنسا . 

و نحن لسنا كانكلره لأننا ناشئين » وبلادنا صغيرة . في حالة بناء الكيان 
يمكن تشبيهنا ببلاد تركيا » واليونان » وصربيا » وبلغاريا » وهل لم 
تدخل جيوش هذه الممالك بسياستها . وحنى في إنكلتره اعتقد أنه يؤخذ 
رأي الحيش ف المسائل الحطيرة . 


"64 


م - الحديث عن انه لم يشاهد جندي أصبح زعيماً سياسياً جيداً عدى مصطفى . 
كمال ( سير مان ) . 

و معرفة فخامة الوزير البلاد الركية » وكيف قام مصطفى كمال بالحركة » 
ثم حديث فخامة الوزير عن رأي عصمت اينونو عن الحيش » وتدخله 
بالسياسة . وقال يجب ان لا يهمل الحيش » وأن رأي فوزي باشا يؤخذ 
في كثير من المسائل . وفوزي باشايجمع قواد الحيش ويأخذ رأيهم .. 

م - منذ سنة ونيف ان قسماً من الحيش كان رأيه المداخلة بالسياسة » وهاملا” 
التدريب » بينما القسم الآخر يشتغل بالتدريب فأيهما قاكم بواجباته ؟ 

و - أناكجندي أعرف ان البلاد تعطي الراتب الى السياسي لقيادة البلاد سياسياً 
وتعطي الراتب الى الحندي للدفاع عن المملكة خسب خخطة السيامبي . في 
هذه البلاد القضية محتلفة . 

و اذا تصور الحئرال نفسه عراقياً وقائداً لهذا االحيش » وشاهد وصياً مندفعاً 
مع ارشادات أناس صغار ليس هم شأن بالمملكة » وأيقنوه بأن االحيش لا 
يعتمد عليه » بل يحب ان يعتمد على العشائر » ويجحب ان يحطم اليش 
فهل يقف مكتوف الايدي ؟ 

م - بما ان السؤال يحتوي على بعض النقاط الي لا يعلم فيما اذا كانت حقائق 
فلا يتمكن من الحواب . 
ما هو موقف الحيش تجاه البعثة البريطانية العسكرية ؟ 

و - كالسابق يحب أن تبقى باحترام وحب متبادلين . 

م - منذ خلال سنة لم يكن قسم من الحيش يعامل البعثة بما تتفضلون به . 

و - الرجاء نسيان الماضي » ومن الآن فصاعداً علينا جميعاً ان نوجه االحيش 
نحو التدسريب . 

م - اني أرى في قسم من الحيش شعور ضد روح المعاهدة العراقية البر يطانية. 


564 


و - ارغب أن اطمن ارال بأن لا في الحيش» ولا لدى السياسيين » روح 
ضد الصداقة البريطانية » بالصراحة والصفاء منذ وقت المرحوم الملك 
فيصل » ولكن تأكد - ولا أرغب ان أقول ان السفير البريطاني السابق ‏ 
بل المسؤولين عن السياسة البريطانية في العراق ولم يعرفوا ولم يقدروا 
الشعور العراتي فالمباذىء بالبرودة هم . لا أنا » ولا رشيد عالي » ولا طه 
الهاشمي » بأي وقت كان شعرنا بروح ضد الصداقة البريطانية . 

م - أنا لا أعرف السياسة ولم أتدخل في السياسة لا في انكلرة » ولا هنا . 
ولكبي كجندي اقول اني كتبت مراراً الى الوزير السابق ان احدى بنود 
المعاهدة العر اقية البريطانية تنص" على وجود خط مواصلات يهم بريطانيا. 
وما يسمى على خط المواصلات هذا شبكة من جواسيس أعدائنا . 

و - ان حل" جميع المشاكل يستند على الصرامة والتفاهم » والآن بما أن الواقع 
حدث وأصبح في البلاد حكومة دستورية واستقرار » فكل شيء سيكون 
على ما يرام . انكل ما حدث هو ليس من مسؤولية االجيش » بل مسؤولية 
اخطاء المسؤولين السياسيين ‏ أصبح البلاط محاطاً بمستشارين واجبهن 
الفين والاشتغال لاغراض حزبية لا وطنية . 

م - ما هو الذي يؤكد لنا بأن حركة الحيش ما كانت لأغراض غير حزببة 
وأغراض فردية ؟ ‏ ماكان السبب في حركة تشرين أول ١915‏ وحركة 
كانون أول ١98‏ ؟ 

و - ماكنت هنا في السابق » وعلى كل فالحئرال يعلمبأني لماكنت مع وزارة 
نوري السعيد في بدء سنة ١979‏ كنت قد اثفقت مع رئيس الوزراء ؛ 
وطه الحاشمي » على السعي على ابعاد اليش من السياسة وعدم زجه بها . 

م القضية الآن هي ليست إبعاد الحيش من السياسة » بل كيف يمكن ان 
تخلصه منها . ربما تداخله في السياسة في المستقبل يخشى منه ان يكون 
فخامتكم وأقرانكم ني قائمة المنسقين ؟ 


5 


و اذا قام ايش بحركة وطنية تدعم كيان البلاد فلا أخشى ان أكون في 
قائمة المنسقين بل ولا أحشى ان أكون في قائمة المحكوم عليهم بالاعدام . 

م اني مستعد ان اشتغل في واجبي المنصوص عليه في المعاهدة ‏ وان بريطانيا 
دائماً وقفت يجاب معاهداتها » إلا" اذا فرقت الورقة من اللحانب الآخر . 


و - أشكركم على هذه الفرصة . 
رسائل من بعض الساسة الأصدقاء 


كنت نوّهت في الكلمة الي قدمت بها المذكرة المدرج نصها أعلاه » وني 
المذكرة نفسها , بأني كنت على اتصال دام بمعظم رجال السياسة وببعض 
الاصدقاء في بغداد واني كنت أتلقى منهم رسائل باستمرار فأقف منها على ما 
كان بحري في الاوساط السياسية وماكانت تتمخض به البلاد من أحداث عامة 
وماكان بحري بين بعض الساسة وبعض رقساء القبائل في الفرات وكذا الحلافات 
الي كانت تحدث فيما بينهم ومعظمهاكانت تنشأ عن التنافس على كراسي الحكم 
وما يؤدي إليه هذا التنافس من كوارث تصيب البلاد . 

وقد نشرت في الفصول المتقدمة من ذكرياني قسماً من. الرسائل البي تسلمتها 
من السادة باسين الهاشمي ونوري السعيد ورشيد عالي الكيلاني وها أنا أنشر الآن 
قسما آخر من رسائل بعض الساسة الذين كانوا يكاتبوني باستمرار في تلك 
الحقبة لآن فيها ما يكشف الستار عن بعض خفايا تاريخنا الحديث الي بقيت 
مستورة عن الكثيرين ولا سيسما من كان في سن الطفولةأو الصبا من جيل الأولاد 
والاحفاد وقد اخمرت رسالتين ائنتين من رسائل كل من جعفر العسكري 
وأرشد العمري وأربع رسائل للسيد نضرة الفارسي وخخمس رسائل للسيد علي 
حمرد الشبخ علي 


لفن 


رسالة السيد جعفر العسكري الآولى : 
لندن في ١؟/‏ ؟/ ١9171‏ 
عزيزي ناجي بك 

تحبة وشوقاً وبعد لا يسعي إلا ابداء شكري الحزيل لما رأيته منكم من 
' الحفاوة والمودة إبّان وجودي في الاستانة وأتمى ان أقوم بكل خدمة تحبوما 
بقدر استطاعي . 

وصلت لندن بعد ان راجعت الاطباء في ويانة وباريس ونصحوي ان 
اكتفي بالتداوي البسيط وأخذ الادوية المحلاة للحامض البولي والمحافظة على 
صحة شديدة مع الامتناع عن شرب المواد الكحولية وها أنا متبع تلك النصايح 
والى الله المشتكى . 

كتبت الى بغداد مزجا رأي العائلة لأجل المصيف في الاستانة وعند ورود 
الحواب بالموافقة سأخبر نعمة الله أفندي ليدبر لنا محلا" مناسباً ولا بد أخبركم 
عن يوم حركي من لندن ووصول استانبول لنحظى برؤياكم ونقضي مدة من 
الزمن معكم بالسرور والناء . هنا مع الاسف اضطررنا ان تيرك المنبع 
والبزايز ونكتفي بزرع الديوم . 

هذا وفي الحتام دمم لأخيكم . 

سلامي واحير امي للسيدة المصونة قرينتكم مع تقبيل نواظر طلال وحارث. 

المخلص : جعفر العسكري 
رسالة السيد جعفر العسكري الثانية : 
لندن في /٠١‏ حزيران/ ١91١‏ 
عزيزي ناجي بك 
نحية وأشوافاً وبعد كم كنت متأثراً من أخبار انحراف مزاجكم قبل كم 


يف3 


بوم والآن بشرني الاخوان العراقيين الذين وردوا الى لندن عن طريق تركيا 
عن اكتسابكم الصحة والعافية أدامها الله عليكم . 

لا يوجد عندنا حادث مهم سوى حضور رئيس وزراء المانيا ووزير 
خارجيتها الى لندن للمداولة مع الحكومة البريطانية عن حالة المانيا الاقتصادية 
فجرت هما الاحتفالات الرسمية بكل ودية وطنطنة فهمت من بعض الرجال 
السياسيين ان القصد من هذا التقارب هو جعل فرانسه ان تقف عند حدها لأن 
سلوكها السيامبي ف الأونة الاخيرة جعل انكلتره تغضب عليها نوعما . وما 
هو معلوم من تاريخ انكلتره السياسي » ان هذه المناورة ليست من الامور 
الغريبة وكلما نتأمله ان يزداد الحلاف لنستفيد نحن في فرصة مستقبلة هذا اذا 
ساعدتنا الفرص . 

كنت مفكر ان احضر الى الاستانةي هذا الصيف ولكن سبق للعائلة وأتت 
عن طريق مارسيليا الى لندن فانتهى الامر على هذا المنوال إذ لا يسعبي مالياً 
ان أجلبهم وهم ما شاء الله نصف طابور .... الى الاستانة وأما تركهم لوحدهم 
في لندن يزيد في الطين بلة فعليه تركنا القرار الى السنة القادمة انشاء الله عند 
رجوع العائلة الى العراق . 


سلامي وأشواتي الى من حولكم من الاأصحاب واللاخوان وخصوصاً 
منهم توفيق رشدي بك و كال عزيزي بك ( قلم مخصوص مديري ) وتوفيق 
بك ( سكرنير الغازي ) واسماعيل حقي بك ( في ا حارجية ) مع تقبيل نواظر 
المح وسين . 
أقدم اخلص التهاني بمناسبة انعام صاحب الحلالة عليكم بوسام الرافدين . 
المخلص : جعفر العسكري 


وذ سيرة وذكريات (47) 


رسالة السيد أرشد العمري الآولى : 
موا 
أخي العزيز ناجي بك 

وبعد سكوت طويل بمناسبة عيد الفطر أكتب هذه الاسطر وأهنيكم بالعيد 
وأتمى أن يكون سعيداً انشاء الله وأهنيكم جميعاً ايضاً برأس السنة . 

نحن هنا ساكتتين والهواء دائر الماكينة والحمال قاعد تمشي ٠‏ من البديبي 
انني ارتكبت أكبر الغلطات بقبولي الوزارة وسيما عندما زجيت نفسي ممع 
جماعة غير متجانسين وهذه الغلطةكونت سلسلة أغلاط ومن ثم وحدت جبهة 
شنيعة ضدي في العام الماضي واستمر ا حال الى ان انكشفت الحقائق الآن وكل 
واحد رجع الى صوابه والذين كانوا يباجموني انقلبوا الى مدافعين فاني لم 
أرض منهم على كلا ال حالتين والصحيح يا عزيزي ناجي بك انكل احد تقرياً 
هنا يلفظ ويقول نحن نريد لنا حكاماً نزهاء ليس لديهم وجهين » وج هفي 
الحكم ووجه خارج الحكم ولم يغتنوا على حسابنا ويسعوا لحر المغم من وراء 
الحكم فالكل تقريباً متهمين بأشنع التهم ما عداك أنت الذي لا غبار على نزاهنك 
وأخلاقك وأعمالك وعليه أنت اليوم المثل الذي قد يؤتى به واني دائماً أجاهر ببذه 
الحقيقة ومن بعدك يني نوري ولكن ببذه الايام قد أحاطوا به بعض دعاة السوء 
ومع ذلك انه أحسن الموجودين . حسناً كان ابتعادك عن الوزارات هذه المدة 
والمستقبل سيكون للمخلصين انشاء الله ولكن دون ذلك أهموال وألاعيب 
ودواليب إلى ما شاء الله . 

اني مرتاح في داري ولقد اعتدت على الكسل وظهر لي ان ذلك شيء 
لطيف . هنا حكمت سليمان وجعفر علي وبعض الذوات مكونين جبهة شابه 
وتايه الى حل الوضع الحاللي وعدم الاخذ بالاوضاع السابقة ولهم جماعة 
وشيء من الكلم وأما حزب الوحدة فان الحكومة أبلغت الجماعة بأنه غير 
موجود بنظرها واني لم أشأ ان اشتغل فعلياً ضمن هذا الحزب ولا أجد ما 


038484 


بشرفي اذا قذفت به واستقلت رغم كوني فاهم جداً بأن لا نجانس بي وبين 
بعض الجماعة بهذا الحزب » وعليه اخئرت السكوت وتقريباً العزلة بالوقت 
الحاضر . 

ان البلاد بدأت تتأخر تدريجياً وذلك اعتباراً من يوم دار دولاب الاستقلال 
جلالة المغفور له نحو الى الورا لا الى الامام ذلك اليوم الذي أقسم على ان وزارتك 
ستبقى في الحكم أربعة سنوات ويعين اليوم فاتح رشيد عالي لتشكيل وزارته 
بعد اتجازكم الانتخابات واستمر الدولاب يدور الى الورا الى الآن وعليه وصلنا 
الى در جة سقيمة مؤسفة بينما لا يجعلها تستمر أكير من هذا ور بما ل و كم قر رتم 
أنم الثلائة يوم استقالة رشيد عالي فأن يتولى الحكم نوري السعيد عوضاً عن 
المدفمي لوقف الدولاب وبدء يدور نحو الصواب أو لوكنت أنت توليت الوزارة 
اذا كان في ذلك الزمان شيء من الاشكال لتولية نوري رياسة الوزارة وعلى 
كل رغم اصراري على نوري لتشكيله الوزارة عوضاً عن جودت لم يوافق 
نوري على ذلك وانني أقول ربما لو كان نوري مشكل الوزارة عوضاً عن 
جودت لما حدثت جميع هذه المأسي ني البلاد والآن انه لا يريد الاقدام على 
شي ء وهذا ما شجع الغير والنتيجة هي هي لابد من أن الوضع لايستمر ولكن ينتقل 
من سيء الى أسوأ إذا لا يفتكر بالأمر ملياً . لقد صدعتك بكتاني هذا ولكن لا 
بد لي من ان أبث شكواي لذي مروءة مثلك . ان حالة الدواوين الرسمية في 
نقهقر مستمر كنا وان روحية الموظفين منزعزعة ولقد أصبح الشعب ناقم من 
كل شخص تولى الوزارة كان بالحكم أو لم يكن باستئناء ما قل وندر وهذه 
حالة لا تبشر خير ولقد قامت نبائياً ضرورة التخصص والعلم والمقدرة لتولي 
وظائف الدولة الهامة والحبل على الحرار . 

هنا السنة تعتبر من السنين الممطرة تماماً ومع ذلك الطقس جميل على الغالب 
الاخ خير الدين من المحبين المخلصين جد إليكوكنت خلال مومم الصيف معه 
ل الموصل خلال أشهر تموز» آبء أيلول ونم عدت إلى بغداد كنا دائماً تتحرى 
بي الاوضاع والاشخاص وكنت أنت يا عزيزي دائماً المحطة النهائية الي نستقر 


"1/6 


نها ونجدها تمثل جميع مزايا المرحوم عبد المحسن وأكثر منها ثقافة . 
أولادي يقبلون أياديكم هذا وأقدم احثر امائي إلى والدة طلال وأقبل عيون 
أنجالكم الاعزاء أخخي العزيز . 
المخلص 
أرشد العمري 


رسالة السيد أرشد العمري الثانية : 
يفذية اشكدل 
سيدي الاخ العزيز ناجي بك 

تشرفت بكتابكم وسررت كثيراً بعباراته الصميمة الصريحة الي ذكرتني 
تلك الايام البي كنا نفكر للعمل فقط بدافع المصلحة العامة الامر الذي أصبح 
الآن مفقود بالمرة اذ الانانية والحشع تغلبت على الاكثرية الساحقة فسحقت 
بذلك الشعور الحي للخدمة الحقيقة دون مراعاة عوامل النفع الذاتي هذا 
ويسرني ان أراكم مرتاحين من الوضع العام بالعراق رغم كونه كما يقول 
المصريون ( زي الزفت ) وذلك لأنني أعلم درجة حر صكم على مصلحة العراق 
وحسناً ان لا تصلكم الاخبار الحقيقية عن وضع البلاد العام وا حالة السيئة اللي 
حاربت الاخلاق الشريفة والعمل الصالح وشجعت الشعوذة والتضليل إذ لو 
تطلعوا على ا حقيقة لحالكم الامر ولتألم عظيماً دون جدوى إذ ماذا يمكنكم أن 
تصنعوا في الوقت الحاضر للاصلاح طبعاً » لا شيء » وعليه الأوفق ان تبقى 
الحقائق مغموطة حبى تطلعوا عليها عندما يمن الله على هذا البلاد ويجعلكم 
بوضع معه تتمكنون من القيام يخدمتها الداخلية وسوف تدهشون حقاً مما مبير ونه 
وتتحققون منه وسوف ببيلكم الامر عندئذ وأما الآن أرجح ان تبقوا مطمثنين 
على أن وطنكم يسير بالتقدم وهذا يزيد بقوتكم ويبيئكم لليوم الذي ينتظره 
معظم أبناء البلاد المدركين . 


كاك 


حسنآ فعلم بعدم الاصغاء الى طلبات توغلكم في السياسة الداخلية بالوقت 
الحاضر لأني أرى ان ذلك كان يضيع جهودكم ويزيل الشيء الكثير من حسن 
السمعة العظيمة الي عادت إليكم وستزداد يوماً فيوم وطلما العراق غاطس 
تدريجياً بهذه الأدران لا يحق لأنظف شخصية بين جميع رؤساء الوزارات 
وخليفة عبد المحسن السعدون الذي يسبقه علماً وتثقيفاً ان يزج نفسه في ثناياها . 

ليس هذا فكري وحدي أنا بصفني صديقكم وأخوكم بل هذا فكر 
الاكثرية الساحقة الحامة في المملكة » ان اندماج نوري باشا مع جميع الوزارات 
مهما كانت ونطورات الايام الاخيرة حطمت من سمعته الشيء الكثير وذلك 
ما بعز علي كثير أ لأنهصاحب الايادي البيضاء الخدمة بلاده ومهما كان الامر 
اني كنت استغرب منكم ومن بعض الرفقاء عندما كانوا لا يرتاحون الى جعفر 
باشا فالآن تأكد عندي بعد نظركم وتقديركم للامور لآن المشار اليه هو الذي 
بزجنوري باشا بأمور تؤثر على سمعته وتضعه أمام الرأي العام و هذا ما شاهدته 
خلال السنة المنصرمة ولم يكن جلالة المرحوم الملك فيصل غافل عن هذه النقطة 
اذكان دائماً يفرق بينهم ويبقى جعفر باشا في لندن ... انني قانع بأن نوري إذا 
من" الله عليه بصحة صباح التامة وإذا شدينا أزره يتمكن معكم من إيقاف التيار 
الحارف الذي سيخرب البلاد وكلناننتظر ذلك اليوم ولكن دونه أهوال وعقبات 
وانئريكات ومطامع ومنافع ومزايا و .... الخ ولكن الظلم والشعوذة لا يدوما 
أبداً . 

أما أنا شخصياً رغم الضيق المستولي علي مرتاح لأني لم أكن موظف 
بالوقت الحاضر لأآننا هنا ونرىما لا يراه الغائب ونسمع ما لا يمكن أن تسمعوه 
ولو نشرت حقيقة مذاكرات النواب وما يقال عن الموظفين بوجه عام وعن 
الوزراء المفوضين ومثلين العراق في الحارج لهالكم الامر وقلم الذي أبعدته 
افظروف ني الحاضر عن الوظيفة عليه ان محمد ربه ولو اطلعم على الترويرات 
والاكاذيب عن الشرفاء » وعن غمط الحقائق وسوء الاستعمالات الاتباع 
الادنياء » لدهشم وهذا ما بلينا به والحمد لله . 


يفف 


كنا في مجلس حافل به أعيان ونواب وذوات: محترمين فكان جمع غير 
حزبي ولكن جمع شاعر بما انتاب البلاد من ارهاق فسألتهم بعد أن فشلنا معظمنا 
في ادارة الدولة وأكير نا من الامتلاك على حساب الامة الفقيرة وبعد كل هذا 
الذي تشاهدوه ولم تكتب عنه أي جريدة لأسباب تعلموها من بقي بمكن ان 
تقولون عنه انه أشرف وأحسن من تولى هذه الامور فكان احواب بالاتفاق 
تقريباً بأن ذلك ( ناجي شوكت ) . فأردت ان ألطف الموقف وأخدم الحقيقة 
فقلت لا ننسى خدمات نوري السعيد فبعد حوار أقروا رأي ايضاً . 


اني مسرور مما أراه و انتقعة وأشاهده من وقت الى وقت فيما خصكم 
ودعني ان أهنيك كثيرا أيها الاخ العزيز . 

يقال ان الحاشمي يريد ان يعدل عن الحطة والوزارة ويعود الى الصواب 
فاذا صح ذلك وروجعم ورأيم التعديل سيكون من نتائجه امكان لايقاف نيار 
الفساد الذي عبث ني الاواسط عندئذ لا يحق لكم التجنب بل أرى ان تقدموا 
لانتشال الوضع وهذا هو فكري فإذا لم يقدم الهاشمي على عمليةحقيقية من 
هذا القبيل سيكون التدهور وستعاني الامرين الوزارة الذي تخلف هذه الوزارة 
لأن المرض قد يتفاقم مع الايام . 

ان كتاني هذا يصلكم مع العيد وعليه دعوني أهنيكم به وأتمنى لكم الصحة 
واهناء الدائم وأقدم احتراماتي الى خانم اوض وأقبل أولادكم النجباء وأولادي 
يقبلون الايادي والاخ خير الدين يعرض الاحرام مع جميع الاصدقاء وبضمنهم 
الاخ أمحد واخوانه سيدي العزيز . 

ان نوريابن جميل مريض بالتيفو في بيروت والعائلة في هرج ومرج الآن 

المخلص : أرشد العمري 


>14 


رسالة السيد نصرة الفارمي الأولى ؛ ١‏ 


بغداد في 15/ ه/ ه91١‏ 
أخي العزيز المحير م 

من يكثر الاعذار فلا تبقى لأعذاره قيمة طبعاً . ولملاحظي هذه الحهة 
أصرف النظر من صرف الكلام في هذا الموضوع . أني على سبيل اعلامكم 
بفسم من مسائل الحادثةأتذكر ان الوفد العرائي الى جنيف قد ذهب فكان من 
اللازم - وقد ذهب مع الوفد وزير الحارجية ‏ ان اجهد نفسي للاحاطة 
بالمسائل الي أجاببها أثناء غياب الوزير. ثم ان الموسيو اوليفان وهو 
رئيس اللجنة الي تشتغل بقضية الاثوريين قد وصل بغداد وهو 
لازال فيها وهذه قضية أخرى كان لا بد من الانشغال بها . ثم في هذه 
الظروف المتعبة والمزعجة في الزمن نفسهلا أريد ان أشغل يس باشا وكيل وزير 
الحارجية بأكثر الامور . والذي يؤسف انه لم تتخذ خطة ني السابق تكفل 
نولي رؤساء الشعب في ديوان هذه الوزارة مسؤولية بعض الاعمال والمخابرات 
وهكذا أجد نفسي كل يوم أمام سيل من الاوراق حرفي ويجعلي ماكنة عملها 
التوقيع . على اني أومل انتهاء هذه الوضعية فقد قبلت اق احاتي المتعلقة 
بنشكيلات ديوان الوزارة وكيفية العمل فيها . 

لاحظت القلق الذي تشعرون به من مآل برقياتكم بشأن الحوادث الحارية 
هنا الآن . يؤسفي ان لا تنزودوا يجميع المعلومات المقتضية في زمن أنا قائم 
بادارة أعمال ديوان الحارجية . أي خطة كهذه لم تتخذ في السابق وعليه فلم 
ترتب مصادر المعلومات الرسمية الممكن اذاعتها . ومع ذلك أخبرنا كم ببخصوص 
ما جرى وأزيدكم علمآ الآن اكثرية الاقسام من ثلاثة عشائر في منطقة الرميثة 
بي زريح والظوالم - نجاوزت من غير سابق علم بذلك على السكة الحديدية 
فخربت بعض أقسامها ضمن مسافة ٠‏ كيلو مر وهاجمت محطتين وتجاوزت 
على قصبة الرميثئة ومبهبت ,السوق وحاصرت قوة الشرطة . والحطة اللي انمحخذت 


5 


نجاه هذه الحركة هي جمع ونحشيد القوة في منطقة الديوانية والمباشرة بالقصن 
الحوي على المنطقة الحادث فيها التمرد . وقد كان للقصف الذي اعتبر العمل 
التمهيدي الاثر المطلوب بحيث عندما ككل التجمع وباشر الزحف منذ يومين 
لم تبق- مقاومة خطيرة تجاه هذه الحركة . وبينما أنا الآن أكتب إليكم هذه 
الكلمات خابرني يس باشا فأخبرني بأن حل نجمع أهمقسم من المتمردين ف هذه 
المنطقة قد أشغل . وان ( وام ) الذي كان بطل الحركة قبض عليه بعد 
تضحيات كثيرة من جانب المتمردين وقد أخذت عشي ري الظوالم وبي زربح 
تسلّم . فيمكن ان تعتبر منطقة الرميثة الآن نحت سيطرة الحكومة .. 
هذا فيما يخص الرميثة وقبل أ بعة أيام حدث تمرداً ممائلا” في سوق الشيوخ . 
والمؤسف ان الوضعية كانت غير مساعدة للحكومة بالنسبة الى هذه الحركة , 
حيث حركة الرميثئة قطعت المواصلات بين المركز ومنطقة سوق الشيوخ من 
أقصى الطرق ولهذا جاببت قوة الشرطة هناك وضعية محرجة ومؤلة . الي 
ارغمت الحكومة بالتدابير وباشرت بالتحشيد في طريق الكوت ‏ شطرة- 
الناصرية والآن فبالتتيجة الي حصلت في منطقة الرميئة سهلت المشكلة حيث 
ستم المواصلة بأقصى الطرق وستخمد الحركة خلال الأيام القليلة المقبلة . 

ان الحكومة أعلنت في منطقة التمرد الادارة العرفية وتدبير كهذا كان 
ضرورياً لما له من التأثير الادني على النفوس الي قد تدفعها مقاصد سيئة . 

ان طلب نقل طالب مشتاق الذي اقبرن بموافقة منكم لم يغيب عن ذهي 
انماكانت أمامي مشكلة قد زالت الآن وهي انناكنا ملزمين بملاك 4" الذي لقلته 
شل" يدنا » والآن قبل اقتراحي بالتوسع في الملاك وسأخبركم ني البريد المقبل 
ما أقترح اجرائه . 

نحياتي وأشوائي للأخ صائب بك ودمتم لأخيكم . 

.المخلص 
نصرة الفارسي 


"5-4 


رسالة السيد نصرة الفارسي الثانية : 
بغداد 74/ مايس/ ه91١‏ 
أخي العزيز المحر م 
كتابين قدمتهما إليك لم يحظيا يحواب منك. ويلوح لي ان هذا لا يخلو من 

أحد أمرين . اما انك ( زعلان ) علي" » وهذا ما لا أميللقبول امكان حدوثه . 
واما انك تريد اجراء التقاص بين الماضي والحاضر » وهذا ما أخشى منه » 
لأني هدين بدين كبير لا أعلم مى أتمكن من وفائه بطريقة التقاص . 

وعلى كل فقد انتهزت فرصة سفر ممدوح زكي أفندي الى أنقره وقدمت 
هذا الكتاب مؤملا” انه يفي يجزء مهم من الدين المذكور . 

لقد نصرفت في أمر اجازة الموما اليه وابقائه هنا مدة طويلة بالنسبة. ولا 
اظنك تحسب هذا نحدياً مي . لأني اعتبر ما يعود إليك يعود إلي"» ولآن المسكين 
قدأصيب بمصيبة مرض والده » ثم وفاته » وبضرورة تصفية الاعمال الي لا 
مناص منها عندما تنتقل مسؤولية عائلة برمتها على عاتق شاب مثله . 

ان الحوادث المزعجة الاخيرة أخذت تقرب من الزوال تماماً فبعد ان 
انتهت. قضية الرميثة حسبما علمم بها لم يبق غير جهة الناصرية . ومن بواعث 
الارتياح ان الحركة هناك بالرغم من خطورمما بقيت محصورة في منطقة سوق 
الشيوخ » وكان القائمون بها غمروا أطراف المنطقة بالمياه بقصد احداث 
المشكلات لحركات الحيش . إلا ان كان نتيجة الي حدثت في الرميثة الاثر 
المحمود حيث امتنع غير القائمون بالتمرد مبدئياً من الاشتراك معهم وهكذا 
سهل الامر يوم أمس ودخل الحيش الحبايش وثم تعمير السكة الحديدية ويؤمل 
وصول القطار إليهم وغلى هذا يصح أن تعتبر القضية منتهية . 

الانصاف يدعو الى تقدير خدمة الحكومة الى جمع القوى وتحشيدها 
ونحريكها بسرعة وانتظام » والسياسة الي أبرزما في تقليل جمع المتمردين 
وجعلها غير هم ضدهم . 


"58١ 


اتذكر اني كنت لحصت إليكم نقطة نظري في الوضع الحاضر ومتطلباته 
وهي : التهدئة » تئمية القوى » الاصلاحات الاساسية . وكنت أوضحت هذا 
المنهج نفسه الى يس باشا ويسرني ان أرى ان الأمور سائرة على نفس الحطة 
اللي لا زلت أعتقد بصحتها ' في الظروف الحاضرة . فقد أخذت التهدثة تتم 
بالرضاء و القوة مع . وجائت الفلروف الحاضرة خير دليل لاقتناع رجال الحكم 
بصحة العقيدة الي جه رتم بها على الدوام وهي تقوية أسباب الدفاع والسيطرة » 
وبوشر بتنفيذ هذه الحهة من الآن ويؤمل انجاز قسم مهم منها في القريب . 

أجد في يس باشا الآن ذلك الانجاه الذي كنا نتمناه » والذي يبعث الى 
التفائل عن المستقبل فيما اذا استمر . لا يتمكن الانسان من منع اعجابه با 
أظهره الرجل في الظروف الحاضرة . كان قائماً بأعمال وزارتي الحارجية 
والداخلية ‏ لأن رشيداً كان في الديوان - بل وبأعمال اكثر الوزارات علاوة 
على مهام مركزه الاصلي . وكان لا يحد راحة من كثرة الأعمال ولا يحد ارتياحاً 
من كثرة الاخبار المزعجة ومع ذلك فقد بقي هادىء الاعصاب وقاد الذهن . 

وفي الفرص القليلة الي تمكنًا من أن نتداول الكلام حول الوضع العام 
والمستقبل وجدنا ما يفكر القيام به بعد هذا الدور يتفق وما ترغب 0 
أرغب به أنا . وقد دار الحديث حول شخصك الكريم . فذكر لي ما دار حين 
تأليف الوزارة مما ليس له متسع هنا . وعلى كل فقد شعرت منه نحوك التقدير 
الذي هو وغيره من رجال البلد بقوا مستمرين بالشعور به على الدوام . 

منذ اسبوعين تقريباً لم أتمكن من مقابلة الاخوان » فقد كثرت الاشغال 
بدرجة حجزني في الدائرة حى بعد الغروب . على كل فقد عاتبتهم . حيث 
ذهبت الى دورهم ولم أجدهم . انهم يحتجون بأنهم لا يرغبون بمنعي مسن 
الاشغاك الرسمية » وأخيراً تقرر الصلح بيننا على شرط اجابتهم ذعوتي حالما 
اكون في داري وغير مشغول . ولا أدري هل انهم بمكثون في بوهم بحيث 
يحيبوا دعوني فيما اذا طلبتهم . وعلى كل فيما اذا ظهرت شكوى من جانب 


نك 


أحد الطرفين لا يتفق الطرفين على حسمها فشتعرض عليكم لتحكموا.بما يمليه 
عليه انصافكم . 

اي انكم تسيئو تفسير كتاب أرسلته الى وزارة الاقتصاد وا مواصلات 
فيما بخص مبلغ التعمير للبناية ا لحاضرة وكلفة بناية جديدة» فقد سبق لي الكلام 
شفهباً مم وزير الاقتصاد والمواصلات وقلت له ان الحكومة اذا توافق على 
صرف المبلغ المخصص للبناية الحديدة قبل حلول موسم الشتاء القادم فيمكن أن 
نكتفي بتعمير جزل للبناية الموجودة وقبل ارسال الكتاب الذي حررته بهذا 
لآل اشترطت عليه ( وقبل شرطي ) بأن لا يقلل المبلغ اللازم للتعمسير عن 
)٠٠٠١(‏ ما لم تقرر الحكومة المباشرة بانشاء البناية الحديدة قبل الموسم 
المذكور » فتقدرون والحالة هذه انني أردت ان أبين للحكومة المنافع الي 
تسوقها على تسريع المباشرة بالانشاء » وقد اتفمّنا ووزير الاقتصاد والمواصلاات 
ان نعمل ما نتمكن في هذا الشأن . 

اليوم الجمعة ومع ذلك عند مباشرني بتحرير هذه الصحيفة من الكتاب في 
الساعة العاشرة طلببى يسن باشا جمهمة تتعلق بمواجهة هيئة اللجنة السداسية المشرفة 
غل شي ١ل‏ الوارنيان والني هي الآن هنا. 

وها اني رجعت الآن منهم الساعة .١,٠‏ ذكرت هذا كي لا أستحق 
مؤاخذاتكم القلبية ‏ إذ لا يوجد احتمال لمثل هذه المؤاخذة ‏ فيما اذا قصيرنا 
أحياناً في ارسال الكتب . 

لم تبعثوا إلي' عن حالتكم الشخصية » استراحتكم » رغبانكم في الكتب 
السابقة . فهل تتصوروني محب نفسه بحيث نجعلون كتبكم لانحتوي من الناحية 
الشخصية إلا" البحث عن اصح وأريد ان تخبروني عن هذه المهات . 

والآن بودي ان أجعل صحائف هذا الكتاب عشرات . ولكن اشعر 
بالجوع ولذا أكتفي بما ذكر وأرجو التوسط بعرض احترامات رفيقي الى 


1 


والدة طلال وتبليغ سلامي الى الاخ صائب بك وتمنياني الطيبة لطلال بك 
وحارث بك . وأخيراً اقبلوا التحيات القلبية مي . 
اخيكم المخلص 
رسالة السيد نصرة الفارسي الثالثة : 
بغداد 15/ 5/ ه91١‏ 
أخي العزيز المحتر م 

أرجو عفوك لتأخري في الاجابة على كتابيك الاخيرين . لقد اطلع يسن 
باشا على كتابك الاول . فكان يقرأ به بامعان زائد وكان الارتياح يبدو عليه 
كلما انتقل من سطر الى آخر . أشاركك الشعور في تشجيعه » انه جاد في عمله 
والعمل الذي أمامه خخطير والفرصة نكاد تكون الاخيرة بالنسبة إلينا جميعاً . 

عندما بان الحماس من خلال سطور كتابك تمنيت لو أننا ايضاً في وسط 
وظروف من يزكيان الحماس .. ولكن.. يجد الانسان بنظره فأكثر ما يراه 
باعث للتألم . الناس منقسمون الى طوائف وشيع » أحاطهم الجهل فلا يخيرون 
بين النافع والضار . انتابهم الكسل لا يحركهم في الحطر. ثم يتوقف صلاحهم 
على هيئة أشخاص يعملون وأكير الاشخاص هم خلو الطريقة الصحيحة ومانت 
فيهم خصائص الاطاعة واحرأة الادبية والرأي الصائب المتين والانكباب على 
العمل . 

هذا ما دعاني الى وصف مهمة الرجل بالمهمة. الشاقة . 
الكلام بيننا حول ما تفكر وما ترغب به . وقال لي امهم اليوممشيركون معك في 
الرأي وامهم ينظرون الى ناجي ورفقائه كنظرهم الى أنفسهم . وأكد لي افتكارهم 
واهتمامهم بتنفيذ ما ترغب في قضية الانتخابات . 


541 


ألاحظ شيء من الانحراف ني سياسة تركيا نحونا أرجو ان تكون أمر توهم 
عندي . انك ولا ريب قد اطلعت على خطاب توفيق رشدي آراس في جلسة 
عصبة الامم حول الحلاف العراتي الايراني الذيأرسلناه الى المفوضية في البريد 
الماضي . 

عند امعانك النظر فيه يتضح لك انه تضمن ثلاثة نقاط لم يكن التصريح 
بها من صالح العراق وهي : (() بحطئة العراق لتقديمه قضيته الى عصبة الآمم . 
(؟) عدم العزام العهود . (") التوصية بمراجعة ايران في هذا الموضوع . ألقى 
هذا المحطاب من غير حاجة تستدعيهطالما المتنازعين حص راًكلامهما بالتسليم بقرار 
المجلس . ودون ان ألفت نظرك الى هذا عسى انك ترى من المناسب ان تنتهز 
فرصة الحعل المعاتبة مسببة كفيلة لفائدتنا في المستقبل . ان العراق لا ينتظر طبعاً 
من تركيا بادرة كهذه . فصدورها من دولة يرتبط بها العراق بكل روابط 
لصداقة الصميمية ويأمل منها كل خير هي اثي تستوجب الألم أكثر مما لو 
بدرت من جهة أخرى . 

ثم لاحظت ان السلطات التركية متباعدة من التعاون في قضية عصابة (خليل 
خهشوي ) وبباونه في الاجابة على مراجعتنا في هذه القضية . ان فسح المجال 
لعصابة شقية ي حدود المملكتينليس من صالح اللحهتين . لا شك وان هذه 
القضية ايضاً ستنال عنايتك . 

سبق لي ان أخبر تك بأن المخصصات اللازمة لانشاء بناية جديدة للمفوضية 
فد أدخلت ف المقترحات المالية» حادثت يس باشا للنظر في الموضوع . الااضمن 
ان بحري الاستعداد لذلك بالتحقق عن محل مناسب للبناية » كلفة البناء » المتعهد 
دكيفية بيع البناية القديمة » ارجو ان معنو النظر في تعبيري وهو التحقق وليس 
التورط الذي قد لا تصاح كفالة تصرف بشأنه .. 

أظن و صلكم كتاب الوزارة المنضمن تعيين الشريف حسين بن ناص ركلحق 
خاص ف المفوضية . لا شك وأنك قدرت الاسباب الي استدعت ذوي الشأن 


5/60 


الى هذا الرتيب . انه يتقاضى راتبه من الحزينة الخاصة . وعنوانه ايضاً 
مفوض طبعاً وسيقوم بما أنت تراه مناسباً من الاشغال الكافلة لتفانيه على العمل 
ومن الحهات الاخرى سيكون في وضع موظف طبعاً . 

ان نوري يتحرك من لندن يوم ” تموز ويصل في 7 . أخذت الحكومة 
الاير انية تستعمل لهجة ودية ولا شك قد اطلعت على خطاب العرش في مجلسها 
هو تمهيد واحضار جو للمفاوضة المباشرة . تأمل ان ينتج ذلك شيئاً موافقاً ‏ 

أرجو ان نذكرني اذا أنت فيحاجة الى أية معلومات أو أي أمر آخر اني 
حاضر للخدمة حاضر ما دمت حياً . 

لي أمل المجيء اليك والتمتع برؤيتك واني منتظر وصول نوري لتقرير هذا 
الامر . احترامات من رفيقتي الى والدة طلال ونحيات وأشواق مي . 

الآن كان عندي يس باشا. أطلعته على بعض ما جاء في هذا الكتاب . 
وقلت له اني أريد التحدث إليك بصفني الشخصية وارجو ان تتذكر رغبة 
ناجي في نجل قضية اخوانه في الانتخابات . قال لي لا حاجة لهذا التذكير وقد 
كتبت اليه انه كان بودي لو لم نكتب إلي' في هذا الشأن إلا" بعد ان ترى النتيجة. 
قلت لا نتلق كلامي كتوصية منه اما أنا شخصياً أرى من واجبي ملاحظة رغباته 

أرجو التوسط بابلاغ نحيات رفيقني الى عقيلة صائب بك . 

اخيك المخلص 
رسالة السيد نصرة الفارمي الرابعة : 
بغداد /7٠١‏ 5/ ه91١‏ 
أخي العزيز المحترم 
نحيات خالصة وأشواق حارة . وبعد فقد وردتنا برقيتكم الرسمية الاخيرة 


55 


ووردت في الزمن اللازم كما تلاحظونه من كتاني الخاص السابق والكتب الرسمية 
المرسلة إليكم في هذا البريد. 

كتابكم الاخير الرسمي الذي أكدثم فيه لزوم انخاذ ما يلزم لتجنب ما قد 
وسيتخذ ما يلزم . 

كنت أخبرت نوري باشا بأني سأرجو ملاحظتكم الحطية الي ورد ذكرها 
في كتاني السابق . 

وردني كتاب نوري باشا الآن ويذكر فيه ان المسألة ليست جوهرية . 
ووددت ان تطلعوا على هذا كي تتصرفون حسبما ترونه مناسباً . 

يوم أمس دارت شايعة تبدل في الوزارة ومن جملتها وزارة الداخلية . 
فانحت يس باشا فقال لي ما أود ان أطلعكم عليه لتعلقه بكم وهو قد يحصل 
تبدل ما . إلا ان هذا التبدل سوف لا يكون إلا ماكان يحب ان يكون يوم 
تأليف الوزارة وهو مجيء ناجي بك الى وزارة الداخلية ) . 

اما الآن موسم ا حر الشديد ولا موجب لاتعابه بتكليفه الحضور هنا الآن 
مع انه هو في منطقة معتدلة » . 

ان الامور فيما يخص قضية الاخوان سائرة حسبما أكد إلي" وذكرته لكم 
فقد دخل علي محمود وعوني الهيئة التفتيشية للانتخاب وعلى ما يظهر الهم 


الاعضاء الفاعلة فيها . 
الاشغال أمامي كثيرة . أؤجل كتاني الحقيقي الى البريد القادم . أشواق 
واحير امات مي . 
أخيكم. المخلص 
نصرة الفارسي 


ينك 


رسالة السيد علي محمود الشيخ علي الأولى : 
١٠‏ 
يلل 
مولاي أبا طلال : 


كنت أرجو ان أكون انا بدل كتاني هذا لأنعم بحضرتك وأتنور بطلحتك » 
واستأنس بقدسية روحك » وطهارة سريرتك وليس علي الا ان اغبط هذا 
الكتاب الصامت الذي ستنبعث فيه .الحياة حين تلمسه يداك وتنتلخط عبارته 
عيناك والذي ستنبع الفاظه زهواً وعجباً لما يسبغه عليها مقامك المنيع من الحلالة» 
ويكسوها قدرك الرفيع من المهابة. ففي هذا الكتاب؛ سكبت عاطفبي وسفكت 
روحي» وبين ثنايا كلمه وألفاظه ذئرت مودتي وسفحت اخلاصي . ولأن 
شكوت أمرآء فلا أشكو إلا" من تأخر رسائلك الي عودتنا بها . فهي شكوى 
عنك » ارفعها اليك. على ان عذرك مقبول قبل ابدائه » وقولك مسموع قبل 
القائه » لأني اعتقد بأنك لست ممن ينأى عن الصديق قلما ولا ممن يجفو الرفيق 
من دون جريرة يأتي بها أو ذنب عظيم يرتكب . 

وليس في العراق الان ما يوجب الاهتمام . فقد انتهت الانتخابات فجاءت 

بشر ما تمى به الاوطان . ففي هذا المجلس انحشر ذوو العاهات حشرا فمن 
أعمى » الى أعورء الى أعرج » الى أقرع ؛ الى مسلول لا يرجى شفاؤه » وفي 
هذا اتحشر ايضاً المعروفون بسلوكهم الشائن » وسوابقهم المفضوحة » وفي 
رؤوس أغلبية المنتخبين الحددء مجمعة الحهالة » والغباوة فانك اذا فتشت عن 
الثقافة والفهم بينهم » واهتديت بسراج « زيوجونيس » لما استطعت أن نجد لها 
أثراً إلا" في بعض الرجال الذين قرروا الاستقالة عندما يلتم المجلس » ويستقيم 
أمره . كنت يوم الدمعة الماضية » وهو اليوم الذي تلا يوم الانتخابات» جالساً 
في مكتبي اذ زارني صديق شاعر » فبعد ان أوضح رأيه في المجلس وأعضاله 
قال لي اسمع هذين البيتين : 


5184 


لفّى في بغداد مجلس باطل 2 2 كما لفق الثوب العتيق المرقع 

تجمعت العاهات فيه فأعور وعي وأعمى ثم آخخر أقرع 

فقلت له؛ انك انصفت المجلس لأنك لم تذكر بقية ذوي العاهات » 
من مسلول على وشك الاحتضار 4 وأعرج بغيض ظ وأعضب وما إلى ذلك » 
فقال ان وصف المجلس وصفاً دقيقاً يفتقر الى انشاء قصيدة كثيرة الأبيات » 
واني لم أورد في هذين البيتين العيوب إلا" على سبيل المثال. فهذا رأي شاعر, 
وأما الرأي العام وحنى الاندية الحكومية تبرمت بالنتيجة تبرماً شديداً » وني 
هذه الايام» بدأت الألسنة تنطلق بالحير عن عهد ناجي شوكت وانتخاباته . 
واني أعد نفسي مسروراً لنجوني من هذه الغمرة واذا استئت من شيء فائما كان 
استيائي من تصرفات أرشد وارساله كلماته البذيئة ضدي » وض دكل من انتمى 
اليك » أو اتصل بك . 

لقد أظهر جميل المدفعي استياؤه من تصرفات أرشد » غير مرة » واني 
لأشهد أمام الله وأمامك بأن جميل قد أبدى شهامة متناسبة مع اسمه. 

طلبي اليوم جمال بك بابان وأبدى تأسفه الشديد » لعدم فوزي بالنيابة 
وكلفي بوظيفة عدلية رفيعة» ولكن أتدري ماذا كان جوابي له . 

لقد اطلع عليه نصرت بك الفارسي وهنأني عليه . 

افي أجبت جمال بابان بأني لم احتج في يوم من الايام الى الوظيفة» وأريته 
واردي الشهري» وقلت له لوكنت أرغب في التوظيف لكنت قبلت الوظيفة 
لي عهد ناجي بك » على اني رابح في عملي كمحام » والي غير مستاء من النتيجة» 
وائما مستاء من عبارات تلفظ بها بعض الوزراء » كنت أربأ بهم أن يكونوا 
مصدرهاء فكلمة طيبة واحده نجعل الانسان مديئاً لقائلها طوال حياته؛ بعكس 
الكلمة الحبيئة فامها نظل تسعر في الفؤاد. ألاترى الحرح بالسلاح يندمل في يوم من 
الابام» وجرح اللسان يبقى يتقيّح على مر الايام وكرّ السنين» ثم قلت له كيف 
أريد مني ان أكون موظفاً في عهد وزارة يقول ني احد أعضائها يجب ان نعطي 


5/64 سيرة وذكريات (44) 


نباية لغرور علي محمود ؟ وان نلقي عليه درساً قاسياً ؟ اني خاصمت وزارات 
متعددة ؛ بل ان حياتي جميعها خصام وكفاح » فلم تستطع وزارة من الوزارات 
ان تلقي علي" درساً قاسياً . فاذا كان يريد أرشد العمري ان يلقي علي" دربا 
قاسياً باقصائي عن النيابة اللي أصبحت مبتذلة لكل مأفون » فاني قد ألقيت عل 
في عهد وزارته درساً قوباً في عزة النفس» فكل الوزراء » يشهدون بأني لم 
أكلمهم بشأن الثيابة وما مآها شيئاً » وكلهم يشهدون حت الذذين أظهر وا صدافة 
وعطفاً نحوي كالمدفعي » بأني لم أفاتحهم بشي ء حتي و لا التماس أحد منهم أر 
طلب شي ء . واني في هذه الساعة أكرر هذا الدرسّ وأرفض التوظف سيما في 
عهد هذه الوزارة . 

ان جمال بك برغم اظهاره شعوراً حسناً فقد ببت من جوابي وسكت لا 
حير جواباً . 

امم ألفوا حزباً يدعى «حزب الوحدة » قد أرسلت لك منهاجه » فهر 
سيمشي بالبلاد الى الامام» - على ما يقولون - وبعناصره ستتقدم القضية 
العراقية » وبتصرفات وزرائه ستتحد القلوب » وتتضافر الايدي . 

ألا بئس ما صنعوا وما يصنعون : 

أقبل نواظر المحروسين » وأرجو لهما اطراد التقدم »واسلم سلاماً خاصاً 
للاخ طالب مشتاق . وبالاخير أرجو لك كل خير » لأنك أهلله ودمت موفقا. 


المخلص 
علي محمود الشيخ علي 
رسالة السيد علي محمود الشيخ علي الثانية : 
5 */ 6و١‏ 
سيدي الأعز : 


ان فراقك أوجع قلوب أصدقائك» وأدمى أفئدتهم » وانما سؤالنا في 


و 


الحهد الذي ستبذله وأنت بعبد عن الوطن »في سبيل الوطن » وي الغيرة اللي 
ستتجلى في تصرفاتك الحكيمة » وخدماتك الثمينة لصالح العراق » وانا لعرجو 
لك خيراً عميما لأنك حب للخير » وتوفيقاً مطرداً » لآن التجارب قد أثبتت 
اخلاصك ٠‏ للبلاد » الي أرضعتك لباها » وأدرت عليك خيراتها » وحملتك 
يافعاً » وفى وكهلا” » ومن عاش مثلك نقي الصفحة عفيف الماضي » لحدير 
ببركة الله وحقق بالامه ونعمائه . 

اي » مهما قيل في عقيدتي الدينية» ما زلت » ولا أزال » معتقداً بعدل 
الله » ورحمته» فالله لا ينسى عباده الذين فضّلهم بعفة الضمائر» والنييات 
الحسنة» كما انه لا يتجاوز عن خطبأت المذنبين » وعورات المنافقين الظالمين . 
وان الرجال » الذين أضمروا سوءاً » وانطوت نفوسهم على الحبائث» قد 
سنا آثار عدل الله فيهم ؛ فهم صرعى اليوم » يتغامز عليهم الناس » وتتلاقفهم 
الألسنة » حبى أصبحوا لا يطيقون رفع أبصارهم » أو الدفاع عن أنفسهم . 
منزوين في جحور بيومهم » متلذذين بالعجاف المهازيل من حثالة القوم؛ وحى 
هؤلاء » قد نفروا منهم» وابتعدوا عنهم . ليتك ني العراق تشهد ذلتهم . 
وهوانهم » وانما هذه الفقرات القصيرة » كافية لتصوير ما هم عليه اليوم . 

ان الوزارة الهاشمية قد تألفت بين حماسة الشعب وهتافه» وبالفعل , 
عادت الأمور الى مجاريها بعدما تعقدت » وكادت تتحطم الاماني والآمال . 
وكأن هذه النتيجة المسرة قد جاءت خلاف ماكان يصبوا اليه أولئنك العجاف 
المهازيل » فأتمروا بالوحدة العراقية » وكادوا لما » فأحدثوا في صباح الامس 
فتنة' رعناء في قصبة الكاظمية غير ان موقف الحكومة الحازم قد أعاد الأحلام 
الطائشة الى صوابهاء فسيطرت الحكومة على الوضع » سيطرة تامّة بعد ان 
دقع من المتآمرين قتلى وجرحى » وإن وصل المستشفى منهم ما يقارب الحمسة 
والعشرين» غير ان عددهم الحقيقي » كان قد نجاوز الستين » لأن الباقين قد 
عرحوا » أو دفنوا » بصورة سرية » والحكومة قد سهلت هذه المعالحة : 
والدفن السريين» لأنه ليس من المصلحة ‏ ان يزاد في عدد القتلى والحرحى : 


51١ 


ولأجل ان تعلم موقدي هذه الفتئة» يكفي ان أعرضص لك بأن من جملة القتلى ؛ 
كان ابن أخت السيد محمد الصدر» وأن من جملة الذين أوقفوا عبد الهادي 
الحلي ابن الوزير السابق » وصادق حسين الاسير بادي وحمد باقر الحلي , 
وهم من أعوان وشركاء رسم بك حيدر » وان موقف رسم بك موقف دقيق 
وفي غاية الحراجة . وبعد هذه الصدمة ا حريئة» قبع جودت بك وجميل بك 
ومن إليهما في دورهم» وأما اعوانهم فقد تشتتوا مذو لين مقهورين . 
إنّا في الحقيقة نأسف لثل هذه الحوادث» سيما استعمال القوة» مسن 
الحانبين ولكن اذا كان ركوب الاسنة أصبح ضرورة لا مناص منها فما حيلة 
المضطر إلا" ركوبها . 
اذا لم تكن غير الأسنة مركباً ‏ فما حيلة المضطر إلا" ركوببا 
إني آمل ان يحل المجلس قبل ان ينصرم هذا الشهر » والحكومة الحديدة 
قوية تؤآزرها الطبقات الوطنية جمعاء. ان ا حالة في الفرات كما عرضت فهي 
مستقرة» وقد ظن أعوان جودت بك » ان بامكانهم استغلالها لاغراض نفعية؛ 
سيما بعد استقالة وزارة المدفعي » غير ان اتعابهم ذهبت أدراج الرياح . 
كان الرأي السائد » ان تستدعى لوزارة المالية» غير ان دقة الموقت فد 
اضطرت الوزارة الى ان نجيء بوزير جعفري » ولا كان اصدقائرك يعرفون 
فيك التضحية في سبيل الصالح العام » فقد اعتقدوا بحصول رضائك عن الأمر 
الذي ثم سيما وان المتولين أزمة الحكم اليوم » هم من تفاهمت معهم ٠‏ واتفقت 
واياهم . وانا ننتظر رأيك الصريح في الموضوع . 
اننا لم نظهر تأييداً تام للوزارة الحاضرة » كنا اننا لم يجاهرها العداء. وان 
ما كتبته اليك » في هذه الرسالة » انما هي خلجات نفس » ورغبات قلب ليس 
إلا" » ومعنى ذلك ان الجماعة اذا سارت على ضوء الأسس المتفق عليها » حبن 
وجودك في بغدادء فهي مؤيدة من قبلنا وإلا فبوسعنا ان نجافيها » اذا اقتضت 
المجافاة . 


514 


أقبل عيول الاخوين ن المحر وسين 2 وأقدم ا شواقي للاخ طالب مشتاق 4 
وأسأل للك الموفقية 3 من صمي القلب . 


المخلص 
00 علي محسردالشيخ علي 
رسالة السيد علي محمو د الشبخ علي الثالثة : 
5/ ول ه"مو١‏ 
سيدي المحترم 


ان الايضاحات الشيقة » والعواطف النبيلة» الي حملها إلي كتابك الكريم » 
فد أنستني حرقة الفرقة » وشددت من عزيمي » ان رفائيل يعرف الآن بأنه 
كان مسيئاً لك » وانه ماكان على حق » حينما كان يسدد سهام انتقاداته » وقد 
جاء اعتذاره هذا عند تذكيري له بموقفيه المتناقضين ازاء الكتلة النيابية في 
الامس ٠»‏ والهيأة النيابية اليوم » ولم أذكره بذلك لو لم يرد ذكره في كتابك 
الذي جمع من غرر الحقائق ما ينوء به كاهل ضعيف » ككاهل رفائيل . ان 
أمرك لي ولرفاتي بتأييد الوزارة القائمة قد وقع وقعاً حسناً لدىالهاشمي والكيلاني» 
وكم مرة قالا للي : ألا تصدق بأنا على اتفاق مع ناجي بك . 

اليوم قبلت استقالة الشبيي من وزارة المعارف ٠»‏ وحل محله في الوزارة 
نفسها صادق البصام . وان ترشيح صادق البصامكان قد وقع في اجتماع عقده 
الفاشمي أمس » كنت أنا وداود السعدي ومحمد علي محمود من جملة الحاضرين 
فيه » وسبب ترشيح الموما اليه هو لأنه أقرب إلى تلقي أوامر الحاشمي وايعازاته 
من غير ه » ألا بوبجداثاقت أو عدن عفري لخن يطل الجلاه الوزار ةر 
فالسيد عبد المهدي » أو باقر الشبيي ». أو عبد الحسين جلي , لا يمكن الارتياح 
إليهم كما ان السيد سعد جريو ليست له مكانة تذكر إلا في نظر جميل بك 
المدفعي » وجميل بك المدفعي اليوم خصم للوزارة. وليس من المصلحة الإتيان 
بوزير يعارض الوزراء ورئيسهم إلى مقام المسؤولية . وسبب الاستقالة الشبيبيئة» 


1 


هو لأن الشبيي لا يرى بأساً من استخدام الر جال الذين حكم عليهم المجلس 
العرئي وشملهم العفو العام من وظائفهم الي كانوا يشغلوبها قبل صدور الحكم 
عليهم » وانه للآن لم يفصلهم عن وظائفهم برغم صدور الاحكام ضدهم 
وتنفيذها بحقهم وان رواتبهم قد سويت حنى عن المدة الي قضوها في الحبس . 
ان الاستهانة بهذه الدرجة قد أغضبت الحهاشمي الحلهم نفسهء فضلا عن انه ( أي 
الشبيبي ) أراد ان يحري في سياسته الطائفية الى أقصى حد ممكن » حتى انه جاهر 
الحاشمي باشا بأنه لا يقبل بطه ال حاشمي ان يكون وكيلا لمدير المعارف العام 
وبصورة مؤقتة لأن طه باشا في نظره لا يصلح ها » ولأنه يعارضه في استخدام 
هؤلاء المحكومين وغيرهم بمن ظهرت تصرفانهم المؤسفة. لذلك أصبح الحاشمي 
مضطراً لاستبدال الشبيبي بصادق البصام . وفعلا" اليوم باشر طه باشا بوظيفة 
المديرنة العامة للمعارف بالوكالة » وقرر الاثنان الوزير وهو » فصل أولئك 
المحكومين من وظائفهم الي كان قد أسندها إليهم الشبيي . والآن بدأآ يسيران 
في طريق التنظيف والتطهير عساهما يتوفقان الى ذلك . 

ان وزارة العدلية ما زالت شاغرة» والمفهوم انه من المنتظر ان يقبل حكمت 
بك بعد عودته من استانبول بالوزارة المذكورة » غير اني استبعد ذلك لأن 
حكمت بك اذا أصر في أمر » وأبدى رأيه في موضوع » لا يمكن ارجاعه عن 
رأيه بسهولة . 

ان الوزارة تسرعت باصدار العفو العام عن المجرمين ي فتنة الفرات » 
ولكن ما العمل ؟ لم نر مجالا” للمعارضة لذلك أيدنا لائحة العفو العام و نحن على 
مضض غير اني كتبت رسالة الى الماشمي بك في الموضوع وأسهبت فيها اهام 
لتكون وثيقة يوالمستقبل . وكما ان الوزارة تسرعت باصدار العفو العام ؛ 
كذلك اها تسرعت في اصدار التعديل لقانون التقاعد المدني » الذي أحدث 
ضجة" في الاندية والمجالس . فضلا” عن مجلس الامة . وسترون اعتراضاتي 
مدونة في ضبط المجلس . اني مهماكنت مؤيداً للوزارة لا أستطيع ان اسكت 
او ان لا أعارض الامور الي لا أعتقد بصحتها. ربما هذه ا حالة تسيء إلي » 


"555 


ولكني لا أستطيع ان اختار غير ها مهما كلفني الامر . 

اني لما جئت نائبآ » وحلفت اليمين القانونية بشأن قيامي بالواجبات النيابية 
كما يمليه علي" اعتقادي » كأني تعهدت برعاية المصلحة العامة » قبل رعايي 
لالصداقة الشخصية . اني أفهمت الماشمي والكيلاني بسلوكي هذا » وقلت لما 
أهما لا يحب ان يطمعا مي في تأييد الوزارة في كل شبي ء أو في الاشياء والامور 
الي أراها مخالفة للقانون أو للروح الدستورية . فللتأييد حدود » كا للمعارضة 
حدود . لذلك تجدون اني اصطدمت مع الوزارة بموقفين مهمين » الأول في 
قضية تأجيل المجلس اللامبرّر قانوني له » والثاني حين مناقشة لائحة تعديل 
قانون التقاعد المدني » الي جاءت أشد وطأة من ذيل قانون الانضباط الذي 
جاءت به وزارة نوري السعيد في سنة 197١‏ . 

ان نصرت بك سافر الى جنيف بصحبة نوري باشا ولا أظنهما سيمران 
باستانبول وفي خلال هذا الاسبوع سيتقصى أثرهما محمد زكي رئيس المجلس 
النياني ليتصل بالوفد العرائي في جنيف . وأظن اتصاله سيكون بصورة غير 
رسمية . ولا يبعد ان يسافر ا هاشمي باشا اذا اقتضى الامر ذلك . ولكن للاسف 
لم تتحقق الضرورة القاضية بسفره . ان ال هاشمي أخبرنا بصورة خصوصية 
قرب انتهاء مشكلة السكك الحديدية وفقاً للرأي العراتي . أما ا حالة في العراق 
فامها مستقرة ولا تدعو الى القلق » وعملية التجنيد جارية بنشاط . 

ارجو ان تلاحظوا الشيخ عبد الله المحمد الياسين ونحيطوه بعنايتكم فانه 

أقبل نواظر طلال بك وحارث بك اللذين أتمبى هما كل توفيق وتقدم في 
ظل أبيهما الهمام . وسلامي للاخ طالب مشتاق ودمت موفقاً . 

المخلص 
علي محمود الشبخ علي 


"016 


رسالة السيد علي محمود الشيخ علي الرابعة : 
01/5 
مولاي الأجل : 

تلقيت بيد السرور كتابك اللطيف لفظه » والشريف مقصده ٠‏ والبليغ 
معناه » واني وأخي داود السعدي نقدم جزيل شكرنا » على التعزية الرقيقة 
بمناسبة وفاة هاشم » ونرجو من الله عز وجل أن لا يريك مكروهاً وأن لا 
يفجعك بعزيز . 

اني أقدم طي كتاني هذا ورقتين اقتطفتهما من جريدة البلاد» الأولى من 
النسخة الي تعر ضت بك وهي مؤرخة 4١تشرين‏ 7 سنة ه191 » والاخرى من 
النسخة المورخة /ا١‏ تشرين ” سنة ”19417 وفيها اعتذار عما كتبته احريدة . 
وكان نشر هذا الاعتذار بنتيجة الضغط الذي أجري على رفائيل بطي . كنا 
أخبر تك سابقاً . والحريدة الي تعرضت لها جريدة البلاد » عند اعتذارها , 
هي جريدة الطريق لأني عندما أطلعت على مهجم البلادء خابرت بباء الدين 
الشيخ سعيد وطلبت إليه أن يذكر كلمة في جريدة الطريق » يعاتب فيها جريدة 
البلاد » وينتصر لك » بل ينتصر للحقيقة. وعلى كل" فأني اعتقد بأن الجماعة 
ليست سالمة النية حيالك سيسما زكي بك الذي يطمح دائماً ان يكون وزير عدلية. 
فهذا لا يروق عينيه » ان تبصرا غيره في وزارة العدلية» سيما اذاكان المرشح 
لها ناجي بك شوكت . فهو يعارضه و يعارض كل من ينتمي إليه بسبب . وتأكد 
يا أبا طلال لو لم يكن في الوزارة الكيلاني ونوري وجعفر » لكان موقفنا 
حرجاً نظراً للدسائس الي يدسها زكي بك ضدنا. على ان الحاشمي ايف] قد بدأ 
يشعر بأخلاق هذا الرجل . 

ان الوزارة لا مبمك » هذا معتقدي » غير اني أقول ان الوزارة الي كان 
يتقلدها رجال هم أثر في سياسة البلاد » كطرازك» فهي مهم العراقيين كافة بل 
تم المصلحة العامة . فاذا أردناك وزيراً» فائما نريدك لوجود المصلحة فيك ؛ 


5145 


نفيك وأمثالك كسب للقضية الوطنية » لاما يقول الأثوري رفائيل . 
وأما رستم فعى كل حال يكون بمنونآً من كل تحرش تكون أنت موضوعه 
فالحالة ليست طيبة ونحن باذلون جهدنا بالحفاء  »‏ طبعاً ‏ لتنظيم جبهة قوية 
تقوم بوجه المفسدين » ولكن وقت ظهورها لم يحن بعد بل قد يجيء الوقت 
عندما يتناقش المجلس ف موازنة الدولة لعام 19417*5 الي ما زالت غير منظورة 
في اللجنة المالية وقد آلينا على أنفسنا ان لا نتكلم في موازنة ه67١‏ لا خيرا ولا 
شراء واتما نرقب في هذه المرة الحالة عن كثب ؛ ونلم شملنا » ولا بد انك 
ستتطلع على وضعنا بعد قليل من الزمن لأني على كل حال قبل التحفز لا بد وأن 
أبعث إليك كتابنا استطلع فيه رأيك الاخير . 
أفبل نواظر المحروسين ودمت موفقاً لكل خير . 
المخلص 
عل مود التبخ علي 


رسالة السيد على محمود الشيخ علي الحامسة : 
فداه اشلل 


مولاي : 

وصلي كتابك الكريم المفعم بالنصائح الثمينة » والحكم الغوالي . وقد كنت 
آمل ان تنقشع عن سماء العراق » تلك الغيوم السوداء الي تلبدت فيها وتركتنا 
في ظلمة حالكة لا نتيين فيها الحيط الاسود من الحيط الابيض » لأكتب لك 
كتاباً فيه شي ء من السلوانعما أصاب العراق ٠‏ وفيه قليل من وميض الأمل في 
المستقبل . ولكن الظروف شاءت » وارادة الله عز وجل أرادت ان يظل العراق 
يضطرب من الألم » ويضطرم بالثورات والفئن » وان تشل فيه الحركات 
الأصلاحية » والحطط التقوبمية » فيتأخر » ويتأخر بينما أشقاؤه من البلاد 
المجاورة تتقدم وتتقدم بسرعة ء وباطراد وبانتظام . 


يف 


أن حوادث فلسطين أدمت قلوبنا » وهزت فيها الاعصاب القوية : 
وأوقدت في جوانحنا ناراً لا يخبو لحيبها ولايخفت أوارها . والفضيحة الي أصابت 
الاسلام والعرب بصورة عامة والعراق بصورة خاصة» تلك الفضيحة الي 
شنعت بها الصحف الاجنبية » سواء كان منها المتشفية أو المتأسفة قد ألقتنا نحن 
العر اقيين في حيرة وارتباك » وتركتنا لا ندري ماذا نعمل » وأي سبيل نسلك . 
وأطارت منا الافهام والرشد . 

ففي كلدار مأثم » وف كل زاوية من زوايا العراق مناحة » وستظل حالتنا 
هذه على ما هي عليه حبى يغسل العار . 

وأما الدسائس في الداخل » والفورات الي ترفع رأسها من حين إلى حين 
فقد أوجبت استياء الجميع » وأسف الجميع . والله نسأل ان بمدنا بروحه , 
ويلهمنا الصواب . 

لقد مرت بالعراق أيام سوداء » ملأى بالفواجع ومزدحمة بالمصائب , 
وإلى لآن الديوان الحربي يصدر أحكامه » ويحري نحقيقه » والى الآن كثير من 
الميوش مرابطة ني المناطق المشبوهة » والى الآن الاحكام العرفية معلنة في صقع 
من أصقاع الوطن . واني أعتقد بأن هذا الحزم الذي أبدته السلطة ضروري 
لقمع دابر المفسدين » وا نكانوا هم من أبناء الوطن » ولكن هذه الحالة كانت 
متنظرة نظراً للتساهل الذي كانت تبديه السلطة سابقاً » وكثير من المخلصين 

كانوا قد نبهوا المسؤولين الى مخاطره » ولكن لم يفد تنبيههم شيئاً فوقعت 
الواقعة » وذهبت الاموال من كلا الطرفين » والارواح منكلا الحانبين وكلهم 
علينا عزيز » ( الذي يلي اصدقائك المخلصين لك » ويسري عنهم الهم والغم ؛ 
هو أنك كنت في نجوة من المسؤولية ) مما حدث في العراق » وكان. بعدك عن 
المركز خيراً لك ء وخيراً للقضية العامة » حيث بقيت مرموقا بعين التجلة 
والاحترام من جميع مواطنيك » أولئك المواطنين الذين ستخدمهم في يوم من 
الايام المقبلة . وان ذلك اليوم لقريب نظراً الى سرعة التطور الحاري في وطنك. 


554 


أمس توي السيد أحمد الكيلاني والد شهاب الدين الكيلاني وان النقيب 
محمود أفندي ما يزال مريضاً طريح الفراش . 

ان شعلان العطية شيخ الاكرع . الذي ثار في الدغارة » قد سلّم نفسه الى 
الحكومة بلا قبد ولا شرط وقد حكمه المجلس ا حربي بالاعدام غير ان جلالة 
لملك استبدل الحكم المذكور بالنفي المؤبد الى لواء الدلم . كنا ان جياد الشعلان 
رئيس الظوالم قد سلّم نفسه للسلطة وهو رهين المحكمة أمام المجلس ا حرني 
مع موجد الشعلان نائب الديوانية وجل شعلان العطية » ولم يصدر المجلس 
حقهما حكمه للآن . ان منطقة الثورة » كاد أن تطهر وعما قريب ستترك 
الجبوش أماكنها عائدة الى محلاتها الاصلية . وستنهى الاحكام العرفية» واعمال 
المجلس الحرني . 

اني أعتقد من المستحسن ان تؤلف الحكومة لحنة من الخبراء للتحقيق في 
أسباب الثورات وعواملها وتبحث عن كيفية معالحة الوضع ف المستقبل واتحخاذ 
ما يلزم اتخاذه من التدابير » لمنع وقوع أمثالها في الايام المقبلة . لأن مثل هذه 
اللجنة ضرورية اذا أريد استتباب الأمن والسلام . واذا رغب يمعرفة النواقص 
والموجبات الموجبة للتذمر والتشكي غير ان ظاهر ال حال لا يدل على ان المسؤولين 
آخذون ببذه الفكرة . 

ان من جملة من أصابهم رذاذ المجلس الحربي » السيد خليل علي مدير 
شرطة الديوانية السابق » حيث أصدر حكمه عليه بالحبس الشديد لمدة خمس 
سنوات لأنه كان مهملا" في وظيفته » ومسبباً لهذه الحوادث . وقد أسف عليه 
كثير من عار فيه . 

ان التنظيفات في البلاط الملكي قائمة على ساق وقدم فقد أبعد عن البلاط 
كثير من الخدم وعدد غير يسير من المرافقين » وفي طليعتهم كان رئيس 
اتشريفات نحسين قدري » والألسنة ما زالت تسلق رمم حيدر » وتطلب من 
المسؤولين تنحيته لأن الزمان قد أثبت ان هؤلاء الذين عاشوا بنعمة فيصل » 


514 


وتمتعوا بمحبته وعطفه كانوا أول الكافرين بتلك النعمة » والعابثين بتلك 
المحبة » وذلك. العطف » بل كانوا أول المتجاوزين » على كرامة الملك الراحل. 
ان الله عظيم » ولا بد أن ينتقم . 
ليس لي ان اتكهن عن المستقبل ولكن الذي يبدو لي ان الحالة تتطلب 
حضورك الى بغداد لتساهم في الخدمة» واني اعتقد بأن الواجب الوطني يفرض 
عليك تلبية نداء الوطن إذا دعاك. لأنه في أمس ا حاجة اليوم الى مخلصين عفيفين 
قديرين مثلك . فالتنصل من المسؤولية المنتظرة » لا تتناسب مع ما عرف عنك 
من الشجاعة والاقدام . 
أقبل نواظر المحر وسين وسلامي ا حار للاخ كامل بك الكيلاني . ودمت 
رافلا يحلل العزة والمجد . 
المخلص لك من صمي قلبه 
علي محمود الشبخ علي 


خاتمة الكتاب 


رأيت ان خير ما اختم به الطبعة الثانية من ذكرياني هذه » ان أنقل فيما يلي 
نص الرسالة الي تلقيتها بمزيد من الشكر والتقدير والاعتزاز من الصديق العزيز 
وزميل النضال السيد محمد صديق شنشل الذي كان :احد أقطاب حز ب الاستقلال 
وأبرز شخصية فيه . 

ولكن أرى من واجبي » وأنا مسؤول أمام الله والتاريخ كشخص اشترك 
في حوادث الشهرين نيسان ومايس من عام ١44١‏ وفي حربنا مع الانكليز , 
واطلع على كل كبيرة وصغيرة من احداث تلك الايام الحرجة الي كانت فيها 
مقدرات البلاد بأيدي رجال لا شك في وطنيتهم. وني اخلاصهم وتفانيهم في 
سبيل اعلاء شأن وطنهم الحبيب ١‏ العراق » ولكن كانت تعوز البعض منهم 
الحبرة في الامور العسكرية بالنسبة لرجال السياسة وبي الامور السياسية بالنسبة 
لرجال الحيش . 

واني مع تقديري لوجهة نظر الصديق محمد صديق لا يسعي إلا ان أ كرر 
ما دونته في كتابي المشار اليه بشأن حوادث الشهرين نيسان ومايس 1441 ولا 
سيما فيما يتعلّق بترد دنا وتأخرنا في احتلال قاعدة الحبانية إذ لا شك في أنه كان 
في مقدورنا ني يومي 74 و "١‏ نيسان احتلال هذه القاعدة » وكان المرحوم 
صلاح الدين الصباغ في هذا الرأي ايضاً ولكن أغلبية اليأة الوزازية كانت 


7*٠ 


ترجح الاكتفاء بالمظاهرة خشية ان يقال ان العراق هو الذي شرع في العدوان 
فكان هذا التردد والتأخر - ويا للأسف - هو الذي مككن الانكليز من تقوية 
القاعدة المذّكورة » ومدها باللوازم الحربية والعتاد والرجال ثما جعل احتلالها 
صعباً بل ومستحيلا” بعد ذلك . فلو كان قد ثم هذا الاحتلال في الفرصة الي 
كانت مؤاتية خلال اليومين 78 و 74 نيسان لكان بامكاننا اعاقة اسير دادها من 
قبل القوات البريطانية مدة ستة أشهر على أقل تقدير وحينئذ يكون توسط تركية 
قد نمجح بقبول مقترحانها من قبل الحكومة البريطانية , واضطرت بريطانيا 
للاعتراف بالوضع الراهن» أي بالتبدل الذي حصل في اشغال منصب الوصاية 
على العرش وني الحكم القاتم . 

وعلى فرض ان الاعتراف البريطاني بالوضع الحديد سوف لا يكون بصورة 
دائمة » وان انكلثرا انما تجاري الوضع لتستفيد من الوقت انتظاراً لدخول 
روسية الحرب الى جانبها » ففي هذه اللحالة أيضاً  »‏ الي لم تكن مستبعدة 
في نظري كان التاريخ يسجل للجيش العراتي الباسل بمداد الفخر شرف تمكلنه 
من احتلال قاعدة حربية هي من أهم معاقل الاستعمار البريطاني في الشرق 
الاوسط . 

هذا هو رأبي ومن واجبي ان أبسطه مرة أخرى عبرة للاجيال القادمة من 
أبناء العراق والعروبة الذين تقع على عواتقهم أعباء كبيرة وكثيرة في المستقبل 
والله أسأل ان يوفقهم ويرعاهم بعنايته والسلام . 

الدورة 5/18/ ه1١‏ ناجي شوكت 

بسم الله الرحمن الر حيم 

بغداد في /١‏ ه/ ه/ا9١‏ . 

الاخ الكبير الاستاذ ناجي شوكت حفظه الله . 

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته » وبعد: ‏ 

تلقيت بالشكر والتقدير تفضلكم بتقديم نسخة لي. من كتابكم وسيرة 


١7 


وذكريات تمانين سنة » و بمناسبة ما علمته اليوم منكم بأنكم تعتزمون اعادة 
طبع الكتاب » الي توشك نسخه على النفاذ» اخبرتكم بأني سأبعث لكم 
رسالة عنه » راجياً أن تكون هذه الزسالة تعبيراً عما يحول مخاطري حول 
الحوانب الايجابية البي هي الغالبة في الكتتاب » وهي الي حملتي على الخروج 
من صمت طويل آثرته حبى نجحاه بعض التفسيرات غير الصحيحة لبعض وقائع 
تأربخ العراق الحديث» الي سبق لغيركم نشرها بقصد الاساءة المتعمدة الى 

بعض الذين خدموا القضايا الوطنية والقومية » وضحوافي سبيلها بكل نجرد 
واخلاص» ذلك لأني كنت وما أزال راسخ الابمان بأن احقائق لا بد ان تنجلي 
بعد توالي نشر ماكان خافياً من صفحات هذا التاريخ » وعندئذ تنفضح أغراض 
المسيئين . 

ومع حبي لكم فاني أجد لزاماً علي ان أنوه بأن الكتاب -كتابكم ‏ 
لم يخل من الاشارة في أكثر من موضع الى جوانب سلبية من حياة أشخاص 
لعبوا أدواراً في ميادين السياسة في العراق » مما أدى الى كشف فضائح ان كان 
بعضها معروفاً لدى بعض الناس » فامها لم تكن معروفة من قبل الجميع ) ولا 
في النطاق الأوسع الذي بسطه الكتاب . 

لقد أثار هذا النش راعتراض فريق من القراء الذين يميلون بحسن نية إلى طي 
صفحات لماضي المحزن » وتناسي مخازيه المؤسفة» وأثار استنكار فريق ثان لم 
نمسسهم نار المظالم الي امتد لهيبها الى حياة الكثير من أبناء العراق وأسرهم ‏ 
ولا سيما بعد حركة 114١‏ الوطنية بينما استبد الغضب أخيراً بفريق ثالث من 
الذين انتفعوا من فساد ذلك العهد بفضل ما ضمن هم من أمن وترف على حساب 
بؤس الشعب وتعاسته . 

لقد آثرت طيلة حياني السياسية ان أمحمل الاذى » بل وأدفعه عن غير ي 
حى لو كان من خصومي السياسيين ما وجدت إلى ذلك سبيلا” » وان اغض” 
الطرف عن المسيئين حنى يحكم الله بيننا بالحق » وهكذا قدر لي ان أشهد ني 


07 


غير شماتة مصارع عدد من كبار الطغاة وصغار الظالمين » ولكبي أقر مخلصاً 
بأن ليس من حقي ان أجعل من مزاجي الشخصي أو نظرني المستهينة ببذه الحياة 
الدنيا مقياساً للحكم » وخاصة نجاه رجل شذ عن كثير من أقرانه فلم يحرص 
على مناصب ا حكم كنا حرص غير ه؛ ولو شاء مجاراة الظالمين لأصبح من حكام 
العراق التقليديين » ولكن تمسكه بمبادىء وقيم آمن بها قد عرضه الى عدم 
ارتياح الاستعماريين إليه » ثم الى نقمتهم عليه بعد وقوفه ضد الاحتلال 
البريطاني الثاني » واذا بالأتباع - أتباع الاستعمار - بمعنون في احور عليه ؛ 
الى حد محاولة المس بكرامته وتحطيم مقاومته النفسيه بتغذيبه معنوياً » وهضم 
أبسط حقوقه الانسانية اللي يحب أن تصان ف أي مجتمع متحضر احتر امآ لقواعد 
العدل » وإلا” نحم زوال دولة الظلم كنا وقع ذلك فعلا . 

ولست أشك ان القارىء المنصف سبلاخظ ان مؤلف الكتاب قد اختار 
لنفسه فيما نشر أسلوب عرض ما شهده في حياته بكثير من الصراحة حتى ما 
يتصل من ذلك شخصياً به وبأقرب الناس اليه » ولم يبرىء نفسه من الحطأ » 
ولا ادعى العصمة » وما ينبغي له » وحسبي ان اشير الى ما جاء في تعليقه على 
أقوال الشهيد صلاح الدين الصباغ وموقف اخوانه الشهداء » إذ يقول : 

« حاشا يا صلاح انا لا أكيل لكم الذم . وكل ما أردت ان أوضحه هو 
تثبيت الحقائق ومجريات الامور بحسب ما رأيتها وتلمستها واشتركت فيهاء 
وانا لا أبرىء نفسي من الاخطاء فاني قد أخطأت كثيراً » ولكن دون عمد أو 
سوء قصد ء كما ان اخطاء كم كانت عفوية دون قصد أو اساءة » . 

وسيجد القارىء في الكتاب بحثاً حول الوساطة التركية ودور المؤلف فيهاء 
وأعتقد شخصياً ان هذا الموضوع جوانب أخحرى قد يكون من المفيد عرضها » 
في موضع آآخر من هذه الرسالة مبيناً وجهة نظري في نطاق ما عرفته من خلال 
دوري المتواضع في حركة ١14١‏ الوطنية » مطمئناً الى ان الاخ الكريم سيتلقى 
مناقشي للموضوع بطيبة خاطر . 


وبعد هذه المقدمة أعرض ما يلي : - 

لقد أهدى المؤلف كتابه الى جيل الاحفاد » جيل الثورة » مبيئاً بذلك هدفه 
من النشر وحافزه إليه » بعد ان جاوز الثمانين من عمره . وقد قيل : 

« ان الثمانين وبلغتها قد احوجت سمعي الى ترجمان » فضلا عن ان حاجة 
الاخ الاستاذ ناجي شوكت الى هذا الرجمان قديمة : 

لقد راعه أخيراً ان الاجيال الصاعدة تجهل الكثير من تأريخ العراق وتطوره» 
فأراد بكتابه أن يلقي شيئاً من النور على الماضي لعل الاحفاد يأنسون به ويفيدون 
منة . 

لقد عرفت المؤلف منذ سنة ١44١‏ وتوثقت صلي به منذ سنة 1444 لا 
لمسته فيه من صمود لم توهنه الاحداث والمناي وضروب التعذيب والتعرض 
السجن على يد الاميركيين ثم البريطانيين خارج العراق واتباع الاخيرين في 
العراق . 

وقد بقي على الرغم من ذلك كله صاني الذهن . فكنت أستشيره فيما كان 
بشغلنا من الشؤون العامة » و تحن في صفوف المعارضة » وهو معنا قلبياً في تحدي 
الفئة الحا كمة » غير هياب ولا نادم لما أصابه » ولا خائف من ان يتعرض مرة 
أخرى لبطش المتسلطين على الحكم » فكان يبدي النصيحة خالصة من شوائب 
الحقد الشخصي والوهن الذاتي » وظل يتطلع الى مستقبل أفضل لأمتنا العر بية 
مؤمناً بقدر :ها على الانبعاث واستعدادها لاعادة يجحدها وتخليد ترائها » بعد 
أن تميزت بقدرتها على الاحتفاظ بوجودها طيلة القرون الماضية على الرغم مما 
تعرضت له من غزوات الطامعين » والى جانب ذلك كله » فأنه كان وما زال 
بعتقد بأن العراق مهبأ للاضطلاع بدور فيادي في خدمة الامة العربية وني العمل 
على انتصار ثور مها على أعدامها . واذا كانت الامبراطورية البريطانية على الرغم 
من كل ما عرف عن ساستها من مكر ودهاء قد انبارت وضعف مكوتها في 
الوطن العرني كلهء فلا بد من انحسار النفوذ الاميركي الذي تدفعه الصهيونية 


21/6 سيرة وذكريات 6 


المجرمة دفعاً الى مواقف متناقضة نم عن حمق كثير ؛ وجهل مطبق بطبيعة 
الانسان العربي واعتز ازه بكر امته واستعداده للفداء في سبيل أمته ومثلها العليا . 

ان أقصى ما يتمناه المؤلف ان يأخذ شبابنا من كتابه ‏ بعض الدروس والعبر» 
وان يتحملوا المسؤولية بايمان وثقة بالنفس ليبلغوا: الاهداف السامية » أهداف 
هذه الأمة الي تميزت على مر التأريخ بتعاقب مواكب المجاهدين والشهداء من 
أبنائها الذين « صدقوا ما عاهدوا الله عليه » فمنهم من قضى نحبه ومنهم من 
ينتظر » وما بدلوا تبديلا "2 . 

ولست أشك ان شبابنا الواعي سيجد عند امعان النظر في الكتاب سيرة رجل 
اَم خط وطي وقومي معين » ودفع من التزامه به كاملا”» وأخيرآ جاء 
يستعرض الماضي الذي عاشه بحوادثه المتباينة » ومفارقاته العجيبة» وأحداله 
العنيفة » ليقول لمعاصريه : 

هكذا كنا حنى الأمس القريب » فانظروا كيف وأين صرنا بعد هذه السنين 
ابي عشتها شخصياً ؟ فتدبروا مسؤولياتكم تجاه المستقبل القريب والبعيد واوفوا 
بالعهد ان العهد كان مسؤولا . 

سيتبين للقارىء ان المؤلف صاحب السيرة لم يفضل حياته الخاصة عن 
الحياة العامة حيث لا يحوز الفصل وإلا كان انفصاماً ذاتياً » منذ كان طالاً في : 
مدارس بغداد ثم في معاهد استانبول العليا قبل الحرب العالمية الاولى حين كانت 
الدولة العثمانيةمبوي الى ادنى درجات انحلانها » وهي نحمل دوليا اسم « الرجل 
المريض » فأخذت أجزاء من امبراطوريتها - ومن ضمنها بعض الاقطار 
العر بية ‏ تتساقط كا تتساقط أوراق ا حريف بتأثير عواصف العدوان الاورني ؛ 
فتحاول الدولة المر نحة ان تصحو فإذا هي صحوة الموت » ولا نجد غير العنك 
العنيف سبيلا” لتصفية الحساب بين قادنها » واذا بصاحب السيرة بعد ان يتاح 
له قضاء ليالي الجمعة في دار عم والدته محمود شوكت باشا ليفيد من « جلوسه 
على مائدة العشاء حيث كانت تحري أحاديث مختلفة في السياسة والاحوال العامة 


ك7 


في مختلف البلدان العالمية » يسمع بتعاقب حوادث الاغتيال السياسبي بسرعة 
مر عبة حبى تفتك ,محمود شوكت نفسه » فيشيع جثمانه #احتفال مهيب يشتر ك 
فيه صاحب السيرة بوصفه قريباً للفقيد . 

م يحد المؤلف نفسه محارباً في صف جيش «كان جنوده شجعاناً على الرغم 
من سوء تغذيتهم » وألبستهم أسمالا” بالية » ولكته يستبسل في الققال ضد 
الاحتلال البريطاني الأول للعراق حنى يحرح في ساحة المعركة» وأخيراً يقع أسيراً 
بيد الانكليز فينقلونه الى الهند » ومنها يلتحق بالثوزةٌ العربية بقيادة الشريف 
حسبن مؤملا” ان يجد ؤ, سادينها يالا" الخدمة أهداف أمته العربية في الاستقلال 
والوحدة . ظ 

وحين يحطم غدر بريطانيا وحلفاما آمال العرب في ثورتهم يرحب المؤلف 
بالانتماء الى تنظيم سياسي يعمل على رفع مشعل الثورة العراقية في وجه المحتلين 
لبريطانيين . 

وحين حاول بريطانيا تغليف احتلالها بالانتداب الذي ينص ميثاقه على 
وجوب انبائه باستقلال البلد المنتدب عليه » يصبح الصراع مكشوفاً بين السلطة 
المنتدبة وبين الداعين لامبهاء انتدابها » فينخرط المؤلف في ساك الادارة العراقية 
ويسلك في اداء واجبه الطريق الذي يراه منسجماً مع التزامه بالمحط الوطي والقومي 
فهو يقول : 

تنك تظدا بانتوعوة لين تاسينى مكف امن قبل القهب من ٠‏ شأنه 
ان يؤدن الموازنة بين الملك فيصل وحكومته من جهة'» » ودار الاعتماد البريطاني 
من الحهة الاخرى . حبى وان احتوى هذا المجلس أقلية ضئيلة من النواب 
الذين يستطيعون التأثير على الاكثرية الساحقة فيه » لمهم ببذه الصفة يكونون 
فد نبهوا الرأي العام للوقوف ضد أي مقررات تريد الحكومة ان تفرضها ضد 
مصلحته . » 

ولا يفوت المؤلف ان يعرض الى جانب الاوضاع السياسية والادارية 


07١0 


صوراً شُنى من الحياة الاجتماعية وبعض الحوانب الاقتصادية مبرزأ رواسب 
التخلف الي تركها الحكم العثماني في نفوس رجال الدولة الناشئة وي حياة 
الشعب نفسه الى حد معار ضة وجوه مدينة الحلة لمحاولته فتح مدرسة واحدة 
للبنات إلى جانب المدرسة الحكومية الوحيدة للبنين .. 

وحين حرص على تنفيذ القانون باصداره الاوامر بتوقيف من تسبب في 
احداث كسرة في سدة البلاط » مما أدى الى !متداد مياه الفيضان الى حد كاد 
« يفصل الاعظمية عن بغداد ». وبينما كان المؤلف يعتقد انالملكسيأمر «بمحاكة 
مدير مزرعته وانزال العقاب الصارم بحقه » اذا به يطلب فصل المؤلف من 
من الحدمة ارضاء لموظفي البلاط من ورثة الذهنية العثمانية « ولكن رئيس 
الوزراء عبد المحسن السعدون التمس منه ‏ أي من الملك - تأخير ذلك حبى 
يتنهي التحقيق الحاري في هذا الشأن ومعرفة المسؤول عن الكارثة » . 

وحين يصبح المؤلف وزيراً » يرى من واجبه العمل على امهاء خدمة 
الموظفين الاجانب لاحلال العراقيين محلهم » واذا > جابه بمعار ضة شديدة من 
جانب المعتمد السامي البريطاني الذي يقول ني رسالته الى الملك فيصل الاول : 

« افهم ان النقطة الحقيقية الي يدور عليها الحلاف . هي ادعاء الحكومة 
العراقية بأنها حرة في امباء خدمات جميع الموظفين البريطانيين » بدون اجراء 
المذاكرة عنها مقدماً مع المعتمد السامي . ومعنى ذلك ان الحلاف الذي حدث 
في الرأي اما هو خلاف مبدأ » وليست له علاقة بمسألة استبقاء بضعة موظفين) 

فالميدأ في عرف المعتمد السامي هو ألا تتخذ الحكومة العراقية قراراً يمس 
مصالح برنطانيا أو مناصب ممثلي هذه المصالح في أجهزة الادارة العراقية إلا 
اذا سبق صدوره موافقة المعتمد المذكور عليه . 

. ان هذه الذهنية الاستعمارية ستظل سائدة حبى بعد انتهاء الانتداب رسماً 
بدخول العراق عصبة الامم » انتهاء افترض ميثاق الانتتداب نفسه ان يم 
استناداً الى بلوغ العراق الاهلية التامة للاستقلال وممارسة حقوق السيادة ؛ 


104 


ولك نمعاهدة 191*٠‏ قيدت هذه الممارسة تقيبه كان لا بد ان يؤدي الى التصادم 
حين يريد الانكليز احتلال العراق ثانية عام 144١‏ . وبدلا” من أن يكون العرش 
الى جانب الشعب في الدفاع عن حقوق العراق. في السيادة » هرب الوصي 
على العرش الى خخارج العراق ليعود اليه مجروساً بحراب الانكليز . 

ويقول المؤلف نحت عنوان « الحرب العراقية البريطانية » ما يأفي  :‏ 

« منذ شبت نيران الحرب العالمية الثانية في (”) ايلول ١91*4‏ كنت وزملائي 
السياسيين نسعى لمعرفة ما سيكون عليه وضع بريطانيا فيما لو انتصرت في هذه 
الحرب ٠»‏ وذلك فيما يتعلق بمعاهدة ١470‏ وما سيكون موقف الانكليز من 
وضع فلسطين ووعد بلفور الحائر واللحجرة الصهيونية » وكذاك وضع سورية 
واستقلانها » وقد أجمعت الحهود على وجوب اننزاع وعد من الحكومة 
البريطانية بتعديل المعاهدة المذكورة » وكذلك اقامة حكومة في فلسطين لا تكون 
للصهيونية هيمنة عليها » والموافقة على اعلان استقلال سورية . وكان العراق 
مستعداً فيما لو وافقت بريطانيا على هذه المطالب العادلة للدخول في هذه الحرب 
الى جانب الانكليز » ولارسال فرقتين من جيشه للقتال في صفوفهم في الحبهة 
المصرية » ولكن بريطانيا لم تعر هذه المطالب أية رعاية أو اهتمام . وكان كل 
ما فهمنا من المفاوضات الطويلة انها ستنظر ي هذه المطالب في ختام الحرب 
لاي الظروف الراهنة . فلم أخذت بريطانيا تشك في أوضاع القوميين والوطنيين 
في العراق » وضعت كل ثقلها في عملانبا » . 

واذا أضفنا إلى ما ذكره المؤلف آنفاً مطلب القادة العسكريين في وجوب 
استكمال تسليح الحيش العرائي » اتضحت أمامنا الصورة الشاملة لمطالب العراق 
العادلة الوطنية والقومية ابي مسك بها المخلصون قيل قيام حركة ١44١‏ وبعدها. 

وكان نوري السعيد قد كلف بعرض هذه المطالب على لهات البر يطانية 
فاتصل في مصر باحر ال « ويقل » الذي راجع حكومته وجاء ردها «انبا 
ستنظر أي هذه المطالب في ختام الحرب لا ني الظروف الراهنة »كنا ذكر المؤلف. 


7 


وقد علل ( ويقل ) ذلك بحاجة بريطانيا لدعم الولايات المنحدة الاميركية 
الي تلعب الفئات الصهيونية دورأ في الضغط على سياستها , لذلك فان بريطانيا 
لا تستطيع الاستجابة لمطالب العراق المذكورة أعلاه . 

وهكذا لم بنرك للعراق مجال الاختيار » فاما الانصياع للسياسة البر يطانية, 
واما التصادم الذي أصبح مسلحاً بعد قيام حركة ١44١‏ المعروفة مطالب قادما . 

وبعد انتهاء التصادم المسلح مع بريطانيا وعودة الامير عبد الاله الى العراق 
أصبح هذا البلد الاني خاضعاً لاحكام الاحتلال الثاني الذي أراده الانكليز وسعوا 
لبلوغه بكل الوسائل الحبيثة الي برع بها ساستهم . 

ولتخفيف نقمة الشعب لم يحد نوري السعيد في مذكرته المرقمة ١١9‏ 
والمورخة 1147/١/١١‏ ما يبرر به دعوته لاعلان الحرب على دول المحور 
في ظل الاحتلال الثاني » غير الاشارة الى وثيقة الاطلسي الموقعة في ١4‏ آب 
0 من قبل نشرشل ور وزفلت -خاصة ما جاء في مادتيها الثانية والثالثة حول 
عدم احداث تغييرات اقليمية لا نتفق ورغبات سكان كل اقلم » واحيرام 
حقوق جميع الشعوب في اختيار نوع الحكومة الي يبغون العيش في ظلها . 

ويضيف نور السعيد الى ذلك قوله : 

د ان هاتين المادتين تنيران الطريق أمام رجال العرب العاملين على خدمة 
القضية العربية » . ش 

أما الضمانة لتحقيق ذلك » ولا سيما بالنسبة لحقوق العرب في فلسطين » 
فانه يجدها في الولايات المتحدة الاميركية نفسها الي يعلم علم اليقين مدى تأثير 
قرى الضغط الصهيوني فيها منذ الحرب العالمية الاولى وخلال الحرب العالية 
الثانية » وعلى الرغم من ذلك فانه يقول في غير وجل في مذكرته المذشكورة 
أعلاء : 

فعودة الولايات المتحدة الاميركية الآن الى التدخخل في شؤون السياسة 


ولف 


العالمية » من شأنه ان يسهل ازالة الكثير من المشاكل ٠‏ ويضمن سير العدالة في 
الشؤون الدولية . وقد أصبح مستبعدا جداً ان تنفض حكومة الولايات المتحدة 
الاميركية يدها من الشؤون الدولية العامة عقب انتهاء الحرب الحاضرة » . 

وقد نحققت توقعات نوري السعيد بمخصوص تمسك الولايات المتحدة 
الاميركية بسياسة التدخل في شؤون السياسة العالمية في جميع أرجاء العالم بما 
فيها آسيا من جنوبها الشرني في فيتنام الى شرقها الادنى في فلسطين حيث أقامت 
الكيان الصهيوني وظلت تمده بأسباب الحياة المصطنعة بتجهيزه بكل ما يحتاجه 
من الحبز والزبدة » الى المدفم والطائرة » وتلك هي الضمانة لسير العدالة 
الاميركية في الشؤون الدولية الي أبى قادة حركة ١14١‏ الاتكال عليها . 

وفيما تقدم عرض شامل للاطار الدولي الذي أحاط العراق قبل حركة 
١‏ وبعدها. 

وي ضوء ذلك كله يمكن طرح السؤال عن مدى ما كانت الوساطة التركية 
نستطيع تحقيقه لتسوية الحلافات المستحكمة » منذ غدر الانكليز بالعرب في 
الحرب العالمية الاولى » وأعلنوا تصريح بلفور ما يجعل الأمر أوسع نطاقاً من 
موقف تركيا المحبذ لدفع الاذى عن العراق» الذي ظل متمسكاً بمطالبه العادلة ؛ 
وبقي وحيداً أمام قورى وخطط الامبر اطورية البريطانية المدعومة بالولايات 
المتحدة الاميركية وقوى الضغط الصهيوني فيها . 

يقول الاستاذ ناجي شوكت : « في خضم القتال الدائر بيننا وبين الانكليز» 
ونحن نأمل الاستيلاء على قاعدة الحبانية بين حين وآخر » طلب وزير تركيا 
المفوض مقابلة وزبر الحارجية وعرض توسط تركيا بيننا وبين الانكليز : 
فاجتمع مجلس الوزراء وقرر قبول هذه الوساطة مبدئياً . كما قرر ايفادي الى 
أنقرة للمفاوضة في شروط هذه الوساطة ... فلماكان اليوم الثاني وهو يوم (ه) 
أيار ( مايس ) 144١‏ قابلت رئيس الوزراء وودعت زملائي الوزراء وركبت 
القطار فبلغت أنقرة صباح ( 8 ) الثامن من هذا الشهر » . 


و/لا١‎ 


ثم يستعرض المؤلف الحهود الي بذلا لصياغة أفضل الشروط هذه الوساطة 
ويشير خلال ذلك الى ان « الجر ال ويقل كان يلح على حكومته بوجوب قبول 
التوسط التركي ... لأجل ان تتجنب تورطاً عسكرياً خطيراً في منطقة غير 
حيويدة ). 

فالعراق لم يكن من الوجهة العسكرية في ذلك الوقت ٠‏ منطفة حيوية, 
في نظر ( ويقل ) ويبدو ان نفس النظرة كانت لدى دول المحور الي ثبت انها 
كانت مشغولة عن العراق وشجونه في الاستيلاء على جزيرة «كريت » في الوقت 
الذي كان القتال يدور فيه بين الحيش العرافي والقوات البريطانية المعتدية . بل 
ان تعاقب الاحداث قد دل على ان المانيا ا متلرية لم تعر ميادين الصراع العسكري 
في المنطقة العر بية كلها كبير اهتمام » بما فيها حملة رومل في ليبيا » لامها كانت 
منصر فة كاياً نحو الاعداد لهدفها الاساسي والاكبر وهو ارتكاب حماقة غزو 
الانحاد السوفياني غير معتبرة بمصير حملة نابليون الاول ضد روسيا القيصرية 
في القرن الماضي . 

فحين أوفد المؤلف لتولي المفاوضة حول شروط الوساطة التركية : «كنا 
نأمل الاستيلاء على قاعدة الحبانية بين حين وآخر » كما سلف ذكر ذلك . أما بعد 
ان اتضح عدم رجحان كفتنا في القتال على أعدائنا » أصبح قبول الوساطة اقراراً 
ما آل إليه أمرنا من ضعف يبعدنا عن نحقيق مطالبنا العادلة ٠.‏ والضعيف 
ال حر يص على كر امته حين بحر ج لا بملك إلا وسيلة واحدة وهي الاصرار على 
الرفض والاستبسال في مقارعة أعدائه منتظراً فرصاً أخرى للوثوب الى أن 
يظفر بحقه مهما طال الزمن وعظمت النضحيات حبى يحنتب الله أمرأ كان 
لفلا 

ان قبول الوساطة البركية على فرض مضي الانكليز في طريقها لم يكن 
ليؤدي الى أكبر من هدنة مؤقتة مفروضة في ظل الانكسار على الحانب الوطي 
الذي سيتعرض حتماً الى الانقسام داخلياً بين المسؤولين العراقيين أنفسهم » 


اا 


وبينهم وبين غالبية الشعب العرائي وأكبرية أبناء الأمة العربية في أرجاء الوظطن 
العرئي الاخرى الذين نتحمسوا جميعاً -حركة ١44.1‏ على اعتبارها انتفاضة"سياسية 
جريئة ضد امبر اطورية عظيمة وحلفالها . 

أما مبادرة الانكليز الحفز الامير عبد الاله وزمرته » في حالة قبول الوساطة 
التركية فأمر ميسور وطبيعي لأن لهؤلاء دوراً معيناً ذليلا” ظل قاصراً على خدمة 
مصالح بريطانيا والانصياع لأوامر ساستها » ولكن هذا الأمر ليس بذي بال 
ولا خطر في تقدير الموقث . ولا شك ان الانكليز كانوا سيتخذون من هؤلاء 
فصيل 'احتياط نحت ام رهم » يحركونه كيفما شاؤوا ليعؤدوا به مبى احرجوا 
مرة أخرى وعاد التوتر بينهم وبين السلطة الوطنية في العراق . 

ان اختلاف وجهات النظر في أمر يتصل بتقييم جوانب من حركة وطنية 
أصبحت عنواناً للاقدام على نحدي الاستعمار في الوظن العربي كله ٠‏ وحافزاً لما 
تلاها من ثورات عربية » ائما هو اختلاف طبيعي » ما دام منحصراً في نطاق 
البحث عن الحقيقة بعيداً عن الانهام الباطل . وحسبنا من الاخ الكريم قوله ني 
كتابه : 

« ان الذين أوصلونا الى هذه الحالة المؤسفة كانوا شرفاء قومرين لا غبار على 
وطنيتهم » وان اخلاصهم لبلادهم وأمتهم لا طعن فيه » . 

واني بدوري استطيع ان أو كد جازماً ان احداً من رافضي قبول الوساطة 
- بعد نز عزع وضعنا العسكري » لم بخطر له على بال انهام الاستاذ 

جي شوكت بالحيانة . وحسبي دليلا على ذلك ما أورده ني كتابه حول تفاهمه 
ل مع المرحوم رشيد عالي الكيلاني على كتمان خبر استقالته 
د « لمتابعة الحديث حول شروط 
الوساطة ») . 

لا شك ان اخطاء قد وقعت خلال قيام حرثة 144١‏ ولكن من الحق ان 
نلاحظ ان منطلق الحركة وهدفها كانا سياسيين ولم يكن لأحد ان يتوقع أكثر 


*ا7ا 


من الافادة من ظروف آنية كانت تمر بها بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية 
لحملها على الاقرار بمطالب العراق العادلة التي أشار إليها المولف ني كتابه على 
النحو الذي عر ضته آنفاً . وقد فرض على الحبهة العسكرية اتخاذ بعض التدابير 
بقصد الضغط السياسي فقطعلى الحانب البريطاني فلما بادر الانكليز بمباغتة 
الجيش العرائي بالغدر حدث الارتباك ولم يمكن تلاني الوضع بوصول 
افدادات عسكرية ذات أثر من الحانب المعادي لبر يطانيا .. 

ان الوقوع في- الاخطاء السياسية والعسكرية لم يقتصر على العراق» فقد 
تورطت باللحطأ دول كبرى ولكن الذي ساعد على تلاني ما وقع العراق فيه 
من اخخطاء انما هو مبهور البر يطانيين بعد الاحتلال الثاني وحقد الامير عبد الاله 
على الشعب العرافي ومسايرة الفئة الحا كمة للبلاط والسفارة البريطانية في 
استهتار هما بالشعب العراقي و تجاهل مصا حه الوطنية وأمانيه القومية حهى جاءت 
ثورة 14 تموز ١404‏ لتصحّح بعض الاخطاء ابتداء من الاستيلاء على قاعدة 
سن الذبان في الحبانية منذ الناعات الاولى للثورة . وهذا ما أثلج قلب المخلصين 
وفي مقدمتهم الاخ الكبير الاستاذ ناجي شوكت . 

فشكراً له على جهده ومعذرة منه ان رأيت من حقي مخالفته في بعض 
اجتهاداته راجياً ان نمده الله بعونه ولطفه وله مني أطيب الثناء . 

المخلص 


محمد صديق شنش| 


45ؤوى, 


مضامين الكتاب 


الموضوع رقم الصفحة الموضوع رقم الصفحة 
الاهداء #« وفاةةوالدي أضل 
مقدمة الطبعة الثانية ه نقلي الى الطير ان الالماني يض 
كلمة باللغة الركية » وترجمتها بالعربية ١)‏ حفلات وسهرات ليان 
موجز لرجمة الحياة 0١‏ عودة الى عالمالحرب ‏ وقوعي في 
حادئان طريفان ١‏ الأسر ل 
اخوني ودراسي 6 الالتحاق بالثورة العربية الكبرى ١‏ ”4 
اعلان المشروطية 0٠ ١‏ مفرزةالتخريب 3 
عردة الى الدراسة و الانتقام ١‏ انتداني لمهمة خطيرة 45 
رصف بغداد *17 اعلانالهدنة ‏ العودة الى العراقي 58 
أجيل الامتحانات المدرسية ‏ سكناي 20١‏ تكليفي بوظيفة ‏ واجباني نحو أسرتي 0.ه 
في سق ري كوى "0 واجباتي نحو وططي ١ه‏ 
أول طائرة - مقتل ناظر الحربية ‏ *01 عضويني في للحنة 5 
أحداث مختلفة ‏ الدخول في خدمة إشعال نار الثورة 4ه 
الحكومة تأليف حكومة موقتة /اه 
لالتحاق بالحدمة العسكرية 064 قضية زواجي مه 
اصابي يجر ح خخطير 8# في نخدمة الحكومة 64 


د لفى 


ا مو ضوع 
عودلي الى الحدمة 
في متصرفية لواء الكوت 
في متصرفية لواء ال حلة 
في متصرفية لواء بغداد 
المعاهدة العر اقية ‏ البر يطانية 


القانون الاساسى - قانون انتخاب 


التنيوات 


تأليف وزارة جديدة 


وزارة عبد المحسن السعدون الاو لى ‏ 


حادثة غرق بغداد 
انتققالي الى متصرفية الموصل 
نبذة عن جغر افية الموصل 
يزوران الموصل 
فاه لل لمفين : رمشزه للاهلين 
أموق. .: 
لحنة الحدود 
اسطورة القصر الملكي 
سحب يدي عن العمل 


أثر احتجاجي يهالاوساط - مقابلي 


للمعتمد السامي 
مقابلي لرئيس الوزراء 
مقابني بحلالة الملك 
مراسلاات حطيرة 


رقم الصفحة 


5١ 
54 
3 
رف‎ 
,/6 


كلا 
اا 


,> 
١م‏ 
الله 
ىق 
/ع/ 
/1 
6 
1 
1 


١٠ 


1١٠١ 1* 


٠٠١6 


الملوضوع 
في متصرفية لواء بغداد 
من الادارة الى السياسة 
رسالة من العم طالب الثقيب 
مهام وزارة الداخلية 
القناصل الايرانيون 
الاتفاقيتان : المالية والعسكرية 
وزارة السعدون الرابعة 
منهاج الوزارةالحديدة 


- خطاب العرش 


فاجعة انتحار السعدون 
تخليد ذ كرى السعدون 
وزارة ناجي السويدي 
كلق نذا الاصطدام : 
نصوص رسمية 

في مجلس الوزراء 

النفاق بعد استقالة الوزارة 
بعد استقالة الوزارة 


المظاهرات الصاخبة 


وزير مفوض في تركيه 

أول سرب طيران عرائي 
استدعائي لمنصب وزارة الداخلية 
أخبار منوعة ‏ حوادث بارزان 
تأليفي الوزارة الحديدة 

منهاج الوزارة 


7/15 


رقم الصفئز 


١١١ 
*ا‎ 
6 
1 


حل 
نا 
١ /‏ 
ذل 
ناولا 
لزنا 


11 
كل 


كا 
١/4‏ 
4١‏ 
دل 


4 
14 
م 


و1 


الموضوع ركم الفح 
حل مجلس النواب ١‏ 
زسة حرس المطارات 66 
الاننخابات النيابية الحديدة يفف 
صعود الاخائيين الى دست الحكم "١١‏ 
رناة املك بعد تمر د الاثوريين الفا 
عاولة اغتيالي نوفا 
بي وبين السفير البريطاني - وزارة 
رشيد غالي شف 
تريج الملك غازي يا 
سبيل تأليف وزارة جديدة 14 
زان الملك غازي 1 
شروع الغراف واستقالة الوزارة 2 44" 
فرضيي الثانية في أنقره 6" 
زبارة شاه ايران لتركيا حل 
الموادث في الوطن العزيز 1 
<ركات التمرد والاطاحة بالوزارة  ١#“‏ 
ابه جديدة للسفارة يفف 
حول قضية فلسطين ييف 
شكلي مع الاسرة المالكة 1 
أراف يتوسط بين سورية وتركية ‏ 0 5/85 
فلاب بكر صدتي ” 
اسشدعالي الى بغداد الك 
“رادث متنوعة ا 
اللاهدات بين العراق وايران .م 


اموضوع رقم الصفحة 


مقتل بكر صدقي 

نعلي الى القاهرة 

زيارة توفيق السويدي لأنقرة 

وفاةأتاتورك 

رشيد عالي يحل ضيفاً علي 

نوري السعيد يشكل الوزارة 

تعيين رشيد عالي لرئاسة الديوان 

زيارة ولي عهد ايران للعراق 

أسلحة الى فلسطين 

قضية الكويت 

حل مجلس النواب 

مقالة هاءة لسر ار يلاق 

عودة الى بحث الاقطاع 

عودة نوري وبداية الحوادث الحسام 

مقتل الملك غازي 

ايفادي في مهمة خطيرة 

حيرة ودهشة 

الحرب العالمية الثانية ‏ وصول المفني 
الحسيبي 

مقتل رسم حيدر 

الوزارة القومية 

دخول ايطالية الحرب 

في محطة قطار حلب 


ينف 


م 
0 
١‏ 
ال 
يض 
شف 
افق 
يفل 
6 
84 
0 
هم 
8 
ل 


ينض 
لام 


للدكنا 
امداق 
15 


ارم 
وم 


اقر اح نوري المشبوه ‏ مقابلي مع 


فون يابن 7 
اجتماعي الثاني بالفون بابن 405 
مقابلة فون بابن الاخيرة 4٠‏ 
تدخل البلاط السافر افيف 
اشتداد الازمة وتوالي الاستقالات 13 
وزارة طه الفاشمي كرف 
تأليف حزب سري ناد 
بدء العاصفة ياف 
احداث الشهرين : نيسان وأيار ١954١‏ 4/8 
حكومة الدفاع الوطي 4 
التفكير في انتخاب وصي ئظ4 
اجتماع مجلس الامة 44 
كيفية تألدف الوزارة الحديدة ؟ 146 
رئاسة أركان االحيش لد 
الحرب العراقية - البر يطانية 160 
تو سط ت ركية “ع 
لما عر ضت تركيا وساطتها ؟ 525 
خيبة أمل ث3 
العودة الى بغداد نظ 
مقابلة لرشيد عالي 61 
اليوم الاخير في بغداد 44١‏ 
أسباب ا حركة ونتائجها 1:47 
أيامي الاخيرة في اسطنيول 4ك 


الملوضوع رقم الصف 

حوادث الاعتقال المفزعة /4 4 
الهأة العر بية العليا 60 
مغادرة رشيد عالي لروما /امة6 
اللجنة السرية ونفي وجودها ٠ه‏ 
اصابي بفقر الدم 01 
أيامى الاخيرة في روما 1ه 
ثلاثة اق احات لتهر يبي 3 
السجون الثلاثة اله 
السجن البريطاني في معتقل المعادي ١‏ "اه 
تصويري في ظل العلم البريطاني ‏ 

تسفير ي الى بغداد 06 
السجن العراقي - سجن أبو غريب 
نبذة عن سيرة من حكم العراق 

عشرين عاماً 1 
مخازي عبد الإله وشذوذه 3 
مجاورة الشيوعيين لنا - الوفاء عند 

البعض 6ه 
اعداد سجن الي غر يب للضباط الايرانيين!00 
سجين في داري نا 
معاهدة يو رتسموث - 
وزارة السيد محمد الصدر 8 
اتق شر من أحسنت اليه 3 
غرق داري الخديدة 31 
اعتبار الحريمة سياسية 9 


74 


اموضوع رقم الصفحة المؤوضوع رقم الفح 


اهه الاحداث السياسية في بحر هذه 
المدة 

الانفجار السياسي 

الاتتخابات الحديدة 

ل الك فيصل النباني سلطاته 
الدستورية 

بناق بغداد 

العدوان الثلائي على مصر 

فابلة عبد الله 

رزارة علي جودة - المؤامرة على 


مرره 


قران الملك فيصل 
464 مؤمر التضامن الاسيوي ‏ الاعداد 
"لاه لالشفنورة 


34 محاولة ضم الكويت الى العراق 
وزارة الانحاد والوزارة العراقية 
4/لاه بين العراق ولبنان 
ولاه الحاتئمة 
هم الاضافات على الطبعة الأولى 
8 مذكرةالملك فيصل 
مضامين الكتاب 
4 جدول الحطأ والصواب 


076 


"ه١‎ 


5 
يلل 


511 


511 
514 
5 
الل 
716 
7 


الوثائق والتصاوورر 





رقم الصورة )2022 رقم الصفحة (؟١)‏ 
تصويري في عام ١897‏ واأنا في السادسة عن العمر 





رقم الصورة (؟) رقم الصفحة )١1(‏ 
صورة والدي المرحوم محمد شوكت ناشا 










انوت تا نايتى َّ 


1 
لز عر نل لس لذ افا ل ددر وف يبلط هرو ( لقان 5 
افر كيك بثر. ‏ ىل (نز رسن فت ها شارك فطنك إرء سل ماسب أ 








سيكت اموق" حا عاضر 
0 


رقم الصورة (*) رقم الصفحة )١8(‏ 
شهادة (ديلوم) التخرءج في كلية الحقوق بجامعة استنبول عام ١96٠١‏ 


رقم العدورة 6 رقم الصفحة (؟"؟) 
تصويري عام ١6١1‏ وانا في الصف السادس الاعدادي ( لثاني من اليمين؛ 








رقم الصورة (5) رقم الصفحة )١٠"6(‏ 
تصويري عام ١91١١‏ اثناء دراستي بجامعة استثبول 





رقم الصورة (3) رقم الصفحة (58؟) 
تصويري عام ١9١١‏ وانا ضابط احتياط في الحيش العثماني 





0 وز 00 0 
رقم الصورة (/7) رقم الصنفحة (؟0) 
تصويري عام ١91١1‏ وانا اسير حرب في لهند (بامرى) 


ضحم وتنم رن سر و مع كج لمن سس 09م اماالا لبو كوم مور 


(9) ومصسمن ليع (/) مع6سس نيم 





مس عو سكع إن بيلس بير يحتهه 


١ 6 13‏ عدو - 
“يا وحور > ج23 + ممصم اجتوجيم رجم 2 ,الور لبو وعجر 
0 وصصحي ليع (0) عمسم لنوم 









رقم الصورة )٠١(‏ رقم الصفحة (44) 
أصوبري عام ١610‏ في ماردين هع لجنة الحدود التركية العراقية الدائمة 





رقم الصورة )١١(‏ رقم الصفحة )١١4(‏ 
تصويري عام ١958‏ يوم أصبحت وزيرا للداخلية 





رقم الصورة (؟١)‏ رقم الصفحة )١97(‏ 
تصويري عام ١97١‏ وانا وزير هفوض في انقرة يوم زار 
املك فيصل تركية مع الغازي اتاتورك 


7 0 


بتو عاط ا 
0 « 24> , بيضصي”7 بإدمرا» 
و0 
2 اد فل مه 

م “هن مع رام مده ى زر 

_ ممة نممو ره ريده با 
سم نه وب سمس ده 4/ 
امه عم >كعسريك/ مع 
له .سر ترد مسرملمر 


- امامل 2ل وب لل 5 


و 4 0 02 


0 
به )الله ملح ع-2/ كبن أ 
| طوع مها ”7 / 

اعطبع مهيا 1 

١ 7 42١ 8‏ 
كلا اله 24 ١‏ إس 72 م[ 

تم 7 0 ا 00 2 


لاع كوم 6ج 4 6 7 ايعان 
, 


1 0 ١ ؛ ياليه 4 7 ير و امت‎ | ٠ 
. 0 ل شسيهط‎ 

514 
ابت 6 1 مع لهت 


بمعسلعاصه راع - 2 
سما مور 2 


مسييرورى 614.1 + ع > ورا ار 
2 60م 20 1 
بو 
ا 1 7ت »4 لان 6( 23 
عن عا عر وكيد ا 6# 7 
م2636 امه 02 امه ااي يوه 
+ فراعم ادر ل ا 
مهوز خاد/ت © لسو ق ) سعد للك 
لل ا ده لومسرامع دلت إيا -- 4 
يمن يدك أن / 6 2 لغ لاد 
و 
احم عشنه ١‏ ملهو ع 2 يبه و جدود 
1ر١‏ مقاة أ 
م عدر مرا 
0 م١‏ بال 8 عم , 72/4 6ه 
لن اممسسب/ ١‏ ./ 3 سدم ور ميا 
8 72 
سسسيير )لقون بي م 
4 00 
س6 سين من كر جد صسظا هط 
1 7 
سا انام لما حمله عا 


رقم الصورة )١19(‏ رقم الصفحة (؟149) 
نص ما انفقت عليه مع وزير خارجية نركية حول النزاع 
السوري ‏ التركي على لواء الاسكندونة وهي بخط الوزير 


الحا يجيي وعج عن بمسمع لوسلى حو ميس مر سيى ا جميين ميجو وج 
#كرو ‏ “بوكر سرض قحم لص الاضا لو كوم مير 


)١01(‏ وصصحم لفو ( و) وعمس ليم 





تصوبر 


يُ عام ١944٠‏ مع و 
زرت انر 


كية 


زير خا 
وانا و 


رجبة 
زير 


تركية 
العدلية 


سراج اوغلو يوم 


رقم الصورة 


)4٠١( رقم الصفحة‎ )١5( 





١‏ جر متسي كوم جم عرتيى ممم 
عم #م#جع6 06 عم الزال” بت )هم ع6 5-2 أله 2 وم صم 


(1/:3) صصح نوم 0 وعمسمن لموم 





4 كامس تمع دساهر 30 

4 اولي لدوم امام ناير السرم رنعرها 3-4 
8 عن انال جك سه ل القع طوات. 00 

3 > سح عردالف ترا على ىم لد رداد ١‏ بن عرإضقه اليلد 


8 < ' 2 كمال في بره صصص بعر ابر طرعا عن سل بم 
اى داكن اللكمارم ليزن للها كس ردم 
سب اناس عر نز سع لز عان لم وار ان ستول : ' دعوت 


د 1 





متءانسا _ء اضاويق هل مركا 
5 سلر 5 
رقم الصورة )١7(‏ رقم الصفحة (454) 

شروط النسوية بين العراق وبريطانية التي عرضتها على الحكومة التركية 


اثناء توسطها التي وافق عليها مجلس الوزراء مع الفقرة السادسة 
المضافة دخط رشيد عالي 





رقم الصورة (184) رقم الصفحة )07١(‏ 
تصويري عام ١95‏ وار اود : : 
بري عام وانا في يارك اوتبل بمديئة مولفينو شمالي ايطائية 





1 رقم الصورة )١95(‏ رقم الصفحة (655) 
ا#سويري من عام ١457‏ وانا سجين في سجن (ابو غريب) بجوار بغداد 


2 118 


. ١ 16 
. ١ الكسسة‎ # 53 ١ 
تدا‎ 10 6 


9 
7 





رقم الصورة )٠١(‏ رقم الصفحة (045) 


وبري عام 14417 في سجن ابي غريب والى يميني علي محمود الشبيخ على 
ذالى شمالي الدكتور محمد حسن سلمان وخلفنا الجندي الحارس 





رقم الصورة )5١(‏ رقم الصفحة (875) 
تصويري عام 1937١‏ .وان في السبعين من العم 





تصو بر 


رقم 
طلاب 1١‏ 


الصورة 5 


الرابع من 


1١ رقم‎ ) 
١ كلبة‎ 


ّ 
« 
٠ 

« 
آ- 
5 
5 

ذٌّ 
3ق 


ق »> » 


بجامعة 1 


)016( 


ل ل 








رقم الصورة 74 أمام الصفحة (/5710) 


تصو ير ي قِ عام ها ١‏ 





رقم الصورة )١5(‏ 
تصويري في السفارة اليابانية في اسطنبول 
والى بميني سفير اليابان والى شمالم؛ سفير الافغان 


عل 
هم 
وقد دعو 


1 
50 
2 
1 ف 
7 
5 - 


14 
ا كل 
ا 
في فز 
دود 
البق 
فق 











رقم الصورة (7؟) 
الر صاصتان اللتان أصابتا صاحب الذ كر يات في معركة شيخ سعد عام ١9415‏ 





رقم الصورة )١8(‏ 


المغفور له الملاث فيصل الأول عام ١977‏ 
في اسير احة بجنديان بعد القضاء على تمرد الشيخ احمد بارزان 


تر جمة الوئيقة رقم )١(‏ الحاصة بتخرجي في كلية الحقوق بجامعة اسطنبول 
السنة الدراسية ١74-178‏ 
الرقم 491/4569 
الدولة العالية العثمانية 
شهادة التخرج في كلية الحقوق 
منحت هذه الشهادة الى السيد محمد ناجي بن شوكت باشا » البالغ من 
العمر 7١‏ عاماً » الذي ألم محصيله في كلية الحقوق يجامعة استنبول العثمانية 
وأثبت الكفاءة والاهلية باحرازه درجة جيد جداً . 
ربيع الاول ١17‏ - 54 كانون الثاني ١174‏ 
خم مدير الكلية خم المدير العام خم وزير المعاردف خم وزارة المعار ف 
تر جمة الوليقة رقم (؟) الحاصة بقضية الاسكندرونة 
7١‏ حل مسألة الاسكندرونة ( هاتاي ) على اساس ان تتر ك انطاكية الى تركية ؛ 
وايحاد حدود طبيعية بين الطرفين . 
"” - نبادل السكان العرب والاتراك بطريقة المبادلة . 
9 منح سورية تسهيلات خاصة في ميناء الاسكندرون ؛ على أن تبقى الحا كلية 
المطلقة فيها لنركية . 
4“ - تقرر ‏ على أساس المواد الثلاث المدرجة أعلاه ‏ أن يشرع في المفاوضات 


بين الاطراف الثلاثة ( تركية. وسورية؛ وفرنسا ) وان تبلغ فرنسا بذلك 
فورا. 
ه"- كا تقرر ان تحدد الحدود ابخديدة على اساس هذا التقسيم . وان يكون لكل 
من الطر فين ا حا كلية المطلقة في القسم الذي سيتر ك له ٠‏ وبذلك تكون قضية 
هاتاي قد حلت بصورة قطعية ونبائية . 
استناداً الى شعور الاخوة الذي تضمره الحكومة العراقية لكل من طرفي 
المزاع ٠‏ تقوم ببذه الوساطة ؛ وتأمل ان تقابل وساطتها بالشعور نفسه . 


هذا هو نص الاتفاق الذي ثم بيي وبين السيد توفيق رشدي آراس » 
وزير خارجية نركية الذي تقرر ان يقوم العراق بتقديمه الى تركية وسوريا 
بخصوص تقسيم لواء الاسكندرون: وهو بخط الوزير اللركي . وقد وافق عليه 
السيد عادل ارسلان الذي انتدبته الحكومة السورية لمفاوضة الحكومة التركية 
بمخصوص حل مشكلة الاسكندرونة . 


رقم الصورة صفحة وذكرها موضوعها 





. تصويري في عام 1845 وأنا في السادسةمن العمر‎ 204 ١ 

065 صورة والدي المرحوم محمد شوكت باشا . 

0 ششهادة ( ديلوم ) التخرج في كلية الحقوق يجامعة استنبول 
سام .١41١١‏ 

1 0677 تصويري عام 14017 وأنا في الصف السادس الاعدادي 
( الثاني من اليمين ) . 

ه 05 تصويري عام ١11١‏ أثناء دراسبي يجامعة استنبول . 

. 4 تصويري عام ١41١6‏ وأنا ضابط احتياط في الحيش 
العثماني . 


فى 


رقم الصورة صفحة وذ كرها موضوعها 


١ 





4 


/ 


يض 


4 


14 


1 


١1 


يذلحل 


تصويري عام 1411 وانا أسير حرب في اند (بللارى). 
تصويري عام 1414 وأنا مساهم ني الثورة العربية الكبرى 
با حجاز . الملك فيصل بير صد مواقع الاتراك ٠‏ ومن 
خلفدكل من نوري السعيد » ومولود مخلص » وأنا . 
تصويري عام 1١9717‏ مع حنة مخطيط الحدود بين تركية 
والعراق » حيث كنت متصرفاً للواء الموصل . 
تصويري عام 19171 في ماردين مع للحنة الحدود العركية 
العراقية الدامة , 

تصويري عام 19478 يوم أصبحت وزيراً للداخلية . 
تصويري عام 1911 وأنا وزير مفوض في أنقرة يوم زار 
نص ما اتفقت عليه مع وزير خارجية تركية حول النزاع 
السوري -ِ الركي على لواء اسكندر ونة » رفي نحط 
الوزير . 

تصويري عام 1١95‏ أمام بناية المجلس الوطي في أنقرة . 
وعن بميي الملحق الشريف حسين الذي أصبح رئيس] 
للوزارة الأردنية . 

تصويري عام ١15٠‏ مع وزير خارجية تركية سراج 
اوغلو » يوم زرت تركية وأنا وزير العدلية . 

السعيد أثناء ايفادنا . 


7 1* 


رقم الصورة صفحة وذكرها ‏ موضوعها 





1١7/ 


١14 


"3" 
يف 
ارفا 


31> 
لا 


ها 


يفا 


54 


"54 


06 


هاه 
كاه 
6١48‏ 


511 


شروط التسوية بين العراق وبريطانية الي عرضتها على 
الحكومة التركية » أثناء توسطها الي وافق عليها بحاس 
الوزراء » مع الفقرة السادسة المضافة بخط رشيد عالي . 
تصويري عام 1447 وأنا في « بارك اوتيل ٠‏ بمدينة 
مولفينو شمالي ايطالية . 

تصويري عام 1447 وأنا سجين في سجن ( ابو غريب) 
بجوار بغداد . 

تصويري عام 14417 في سجن أني غريب ٠»‏ وإلى يمني 
علي محمود الشيخ علي » والى شمالي الدكتور محمد حسن 
سلمان .» وخلفنا الحندي الحارس . 

تصويري عام 1451 وأنا في السبعين من العمر . 
تصويري عام وا وأنا في الثمانين . 

تصوير طلاب الصف الرابع من كلية الحقوق يجامعة 
استنبول عام 1404 وأنا من بينهم . 

تصويري في عام ه/اوا . 

تصويري في السفارة اليابانية في اسطنبول وإلى بيني سفير 
اليابان والى شمالي سفير الافغان . 

تصويري مع الطلاب العراقيين في بيروت وقد دعوتمم 
على مأدبة غذاء في البردوني بزحلة عام 19178 . 

الر صاصتان اللتان أصابتا صاحب الذكريات في معركة 
شيخ سعد عام 1555 . 

المغفور له الملك فيصل الأول عام 147 في اصتراحة 
بجندبان قرب راوندوز بعد القضاء على تمرّد الشيخ أحمد 
بارزاث. 


7 


لكتاب سيرة وذكريات 
تمانين عاماآ 
من اوراق ناجى شوكت 


وثائق ورسائل عراقية وبريطانية 


اعتادت الحكومة البر بطانية ان تسمح بنشر الوثائق السرية العائدة لوز ارة 
الخار جية البر يطانية في كل نصف قرن » ثم أنزلت هذه المدة إلى ثلاثين عاماً , 
فاستطاع السيد محجدت فتحي صفوت ان ينقل ويصور القسم الحاص من تلك 
الوثائق الي لها علاقة بالعراق . وقد تفضل مشكوراً وأهداني القسم الذي ورد 
فيه اسمي بعد أن ترجمه إلى اللغة العربية . وبما أن هذا القسم يزيح الستار عن 
آراء الحكومة البريطانية في بعض الاحداث المامة الى وقعت في العراق » كحركة 
مايس ١94١‏ م بطرت الزوكلا نه الخواقية : وانقلاب بكر صدي سنة 
5 م واسباب استقالة وزارة نورى السعيد الثانية في سنة 1977 بعد توقيعها 
على المعاهدة العراقية البريطانية في ١‏ حزيران 190 وقيامي بتأليف الوزارة 
ومارافقت هذه الاستقالة من تدخلات السفارة البريطانية حبى في الامور الداخلية 
لبلاد فقد رأيت من اللمفيد ان اقدم على طبع هذه الوثائق مع تعليقاني شخصياً 
على ما جاء فيها ليكون ذلك ملحقاً لكتاني ( سيرة وذكريات ثمانين عاماً ) . 
وها انا ابدأ بنشر الوثائق مسلسلة ثم اتقدم بالتعليقات اللازمة . 


يفف 


الوثيقة الآولى : 
برقية رمزية من العراق : 
4 0 مه 


المرسل : السر هيوبرت يونغ ( بغداد ) . 


الرقم هما" التاريخ 9 تشرين الاول ١9737‏ 


على الفور : 

وصل نوري باشا بغداد مساء الاربعاء » وكان قد اخبره في الاسكندرية 
قنصل العراق العام الذي هو شقيق رئيس التشريفات الملكية بأن الملك قد 
قرر أن يطلب اليه ان يستقيل وان يدعو ياسين باشا لتأليف حكومة يكون فيها 
هو وزير للخارجية . مساء الاربعاء حينما واجه نوري باشا الملك فيصل بهذا 
أبدى الملك انه طلب استقالته فعلا” ولكنه انكر انه قرر تكليف ياسين باشا. 
صبح الحميس استدعاني الملك فيصل واخبرني ان نوري اعلن استقالته مبين 
اسبابها وانه شعر انه مضطر إلى قبوها وكذلك إلى حل" المجلس لأن أي رئيس 
وزراء جديد سيطلب اجراء انتخابات جديدة ؛ وان البرلمان إذا اجتمع قِ 
اول تشرين الثاني ولو ليوم واحد فان الدستور يستوجب صرف مخصصات 
الاعضاء لدورة كاملة . ذكرته بوعده إلى السر همغريز بألا يقوم بأي تغيير 
قبل عودته فأجاب ان وعده كان قد اعطى حينما كان يظن ان همغريز ونوري 
سيعودان معاً قبل افتتاح المجلس . سألني أن أتأكد له من الناحية الدستورية وان 
اراه في اليوم التاليي . وخلال ذاك استقال نوري ووزارته . في تلك الليلة زارني 
نوري واخبرني بالحقائق المتعلقة باستقالته مبيناً انه كان من الواضح انه فقد ثقة 
الملك ٠‏ ولذلك فانه لا يستطيع الموافقة على التكليف الرسمي الذي اعقب ذلك 
بتأليفه وزارة جديدة . الملك فيصل أجل مقابلي من الجمعة إلى هذا اليوم بحجة 
ان الجمعة يوم عطلة . وني هذه الاثناء قبل استقالة نوري في وقت متأخر من 


908 


ذلك المساء . وني المقابلة صباح اليوم حذرته بكل جد من أي عمل متسر 
وعررضت عليه ان اتوسط بينه وبين نوري": فأخبرني بما لا قام به ولكنه وافق 
على أن يستدعي نوري مرة أخرى . اليوم كله انقصى في محاولات غيرة مثمرة 
قمنا بها أنا وكورنواليس مجمعهما . ويبدو من الواضح ان الملك فيصل كان 
قد قرر الانفصال عن نوري . وان نوري كان يشعر انه لا فائدة من تظاهر هما 
بالوئام . وقد غادرت الملك فيصل الآن بعد مقابلة ثانية أخبر ني فيها انه سيكلف 
ناجي شوكت بتأليف وزارة . وانه الا اذا طلب ناجي شوكت » او من سيقبل 
أليف الوزارة الحديدة » حل المجلس . فان المجلس سيجتمع للاستماع إلى 
تفرير نوري بصفته وكيلا ارئيس الوزراء حول مهمته في جنيف . يؤكد لي 
الملك فيصل ان يسين قد أخرج نفسه من حظوة البلاط بامتناعه عن التخلي عن 
موقفه المعادي للمعاهدة » ولكنه لم يكون سعيداً حقيقّة الا إذا جاء ياسين إلى 
الحكم » وانني لا أستطيع ان اضمن عدم تكليفه من قبل الملك . 
الوثيقة الثانية : 

هن العراق "لاه 
برقية رمزية من السر هيوبرت يونغ "١‏ تشرين الاول ١9177‏ 


على الفور : 

برقي المؤرخة 54" تشرين الاول رقم ه78 : 

اخبرني كورنواليس ان الملك كلف ناجي شوكت مساء السبت بتأليف 
وزارة » ولكنه عاد وطلب اليه الآن ان يعتبر التكليف لاغياً على اساس ان 
نوري باشا قد وافق بصورة غير منتظرة على قبول منصب وزير الحارجية 
برئاسة ياسين باشا اذا تمكن الاثنان من الاتفاق على منهاج . فهمت ان الملك 
سحب اشتراطه على ياسين بأن يعلن تراجعه عن معارضة المعاهدة . اذا وافق 
نوري ان يعمل برئاسة ياسين فان ذلك سيكون فقط بهدف الحد من المخاطر 


7" 


الى مهدد البلاد والملك الذي عامله بهذا القدر من قلة المجاملة . انه على أي حال 
ولكنه بطبيعة الحال قد يفشل في أحد الشرطين أو كليهما . علمت أنه اذا م 
التوصل إلى اتفاق فأن نوري سيرسل الي ليستفهم مبي آراء الحكومة البريطانية 
واني اقترح اجابته بأني سبق ان حذرت الملك بصيغة عامة عن الآثر السىء 
الذي سيخلقه في لندن والعواصم الاخرى أي اجراء متسرع او عدم مجاملة 
علنية تجحاه نوري . ( جملة غير واضحة ) .. وي لندن بأن يعيّن في أي منصب 
عال شخص يحوم أي شلك في نياته لاحترام المعاهدة نصاً وروحا » وانه ليس 
لدي ما اقوله اكثر من ذلك . هل توافقون ؟ . 
الوثيقة الثالئة : 
ل فس 
من العراق 6 

برقية رمزية من السر هيوبرت يونغ . 
* تشرين الثاني ١917‏ الرقم /” 
على الفور : 

البرلمان افتتح في اول تشرين الثاني : 

خطاب الملك لم يكن فيه شيء استثناني » ونوري قدم تقريره » حسب آخر 
المعلومات لم يتوصل ياسين ونوري إلى اتفاق وكلّف ناجي شوكت مرة أخرى 
بتأليف وزارة . انه يقترح ان يستبقي الداخلية لنفسه » وان قائمته الحالية نحتوي 
على اسماء اشخاص هم وزير العدلية الحالي من الموظفين الذين ليست هم 
ارتباطات حزبية ولا تجربة وزارة . اني اراقب الوضع عن كثب وسأكلم 
الملك حينما اتناول العشاء معه غداً لأنى اشعر في الظروف الراهنة ان أي تدخل 
من جاني قبل ذلك سيكون ضرره أكثر من نفعه . اذ ظهر ياسين باشا إلى الميدان 


7. 


تضمنتها التعليقات . 

تعليقات وزارة الحارجية البريطانية على الوثيقة الثالثة . 

حى لو تجح ناجي شوكت في تأليف وزارة #ودلكت ٠‏ فيما أظن #سيكون 
مستحيلا” بدون تأبيد نوري باشا وجعفر باشا في البرلمان » فانني لا اعتقد 
ان وزارته ستدوم اكثر من بضعة اشهر . او حي انيع . ولا يمكن ان يكون 
الملك فيصل قد للحأ اليها الا لغرض ملء الفراع الى أن يتمكن من تدبير الامور 
لحلب ياسين باشا رئيساً للوزراء . ان ذلاك سيعطينا على الاقل فرصة للتنفس "كما 
يعطى السر فر نسيس همدر دز الفرصة لممارسة نفوذه مع الماك من اجلى سياسة 
اكثر تعقلا" وصواباً . 

ان ناجي شوكت لا يسمع جيداً » ولا يتكلم اية لغة غير العربية ( وتتذكرون 
ان السر ج كلارك وجده زميلاً صعباً بدرجة جعلته يطلب من السر فرنسيس 
قر ارم لكل نالجر فقن لاي سيد ون قرام ران لال جو 
السنوات الاخيرة محل عداوة الملك فيصل الي لم مخف » وني أكثر من مناسبة 
حاول جلالته ازاحته من الوزارة ( حيث ادى واجبه بصورة ممتازة وزيراً 
للداخلية وفي مناصب أخرى) وي كل مرة كان المندوب السامي او نوري باشا 
نفسه يتدخلان لاحباط محاولات الملك . 

ولا استطيع ان اعتقد ان الملك كلفه بتشكيل الوزارة الا بقصد تشويه 
سمعية . 

هول 
/011 01 

اطلع السر الكسندر كادوغان الوكيل الداتم لوزارة الحارجية على البرقية 

والتعليق . 


ضف 


الوليقة الرابعة : 
من تقرير للاستخبارات البريطانية 
الشؤون الداخلية 
شوكت ( وزير الداخلية في وزارة نوري ) وان الارادة الملكية الي صدرت 
بتأليف الوزارة على النحو الآني نشرت يوم " تشرين الثاني : 


رئيس الوزراء ووزير الداخلية ناجي بك شوكت 
وزير المالية نصرت بك الفارسي 
وزير الحارجية عبد القادر بك الرشيد 
وزير العدلية جميل بك الوادي 
ييه رشيد بك الحوجة 
وزير الاقتصاد والمواصلات جلال بك بابان 
وزير العارف عباس بك مهدي 


4 ليست لي من الوزراء الحدد ‏ باستثئناء رئيس الوزراء ‏ اية 
خبرة وزارية سابقة او اية صلة مع المنظمات السياسية القائمة . ولكنهم جميعاً 
ذو سمعة بأنهم موظفون ممتازون . نصرت الفارمي محام جيد السمعة وله خبرة 
قٍ وزارثي المالية والعدل ,» وآخر منصب شغله كان رئاسة التدوين القانوني 
في وزارة العدل . عبد القادر الرشيد كان يقوم منذ سنوات عديدة بكفاءة 
ودأب بوظيفة سكرتير مجلس الوزراء . وجميل الوادي اثبت كفاءة كدير 
عام للطابو . رشيد بك الحوجة ( وهو ضابط ركن سابق في الحيش الركي ) 
خدم كتصرف ف الموصل وبغداد كا انه شغل مناصب القنصل العام في القاهرة 
وبيروت ومدير المعارف العام . 

جلال بابان متصرف ذو خبرة طويلة وسمعة عالية في التزاهة والاستقامة » 


7 


وعباس مهدي - بالرغم من كونه موظفاً صغيراً نسبياً - شخص محبوب 
في طهران الي كان يشتغل مؤخراً وظيفة سكر تير المفوضية فيها . وربما كان 
السبب في ادخاله الوزارة هو كونه شيعياً . ' 

6 - الاعتقاد العام ان الحكومة الحديدة ستحمل مسؤولية بينما يتنافس 
ياسين باشا ونوري باشا على السلطة في الانتخابات . ومن جهة أخرى علم 
بصورة موثوقة ان ناجي شوكت يعتزم تأليف حزب جديد يضم انصاره » وانه 
اذا نجح في ذلك فانه سيعمل على عودة المرشحين الذين سيؤيدونه ايضاً عند 
اجتماع المجلس الحديد . 


الوليقة الحامسة : 


١40 ”م 417/ ص‎ ١/6 
السفارة البريطانية‎ 
بغداد‎ 
774 : الرقم‎ 
) "49/١ ١9170 تموز‎ * 
: سيدي‎ 


ان الازمة السياسية الي تشرفت يتقديم تقرير عنها اليكم ببر قياني المتعددة 
مؤخراً قد انتهت الآن » وان حكمت سليمان قد بدأ مرة أخرى مع مجموعة 
من خمسة وزراء جدد » واصبح ناجي الأأصيل وعبد اللطيف نوري الوزيرين 
الوحيدين اللذين احتفظا عنصبيهما . 

"ان استقالة زملائه الاربعة كانت صدمة شديدة لرئيس الوزراء . ويبدو 
انه لم تكن لدية أية فكرة بأن جعفر ابو التمن لا يتعاطى معه » وبالرغم من انه 
كان يعلم ان صالح جبر وكامل الحادرجي كانا غير مرتاحين منذ مدة من 


7 


الزمن . فان الثورة المتفق عليها بين وزرائه فاجأته تماماً . والواقع انه كان 
في السفارة يتحدث إلى" بثقة واطمئئان حول مستقبل حكومته حين نجاءت 
الصدمة . 


 *‏ يبدو ان وزير المالية الذي اغاضته المعارضة في البرلان لمشروع القانون 
الذي قدمه حول ضريبة الدخل » قد صعق للخسائر الكثير : الى مبى بها ابناء 
طائفته من الشيعة في الحجوم العشارى على السماوة دوا و انا امبالغ بها عن 
قسوة متصرف الديوانية ( انظر برقيبي رفم ١75١‏ ) وقد تصرف في فورة من 
السخط . وانه الآن ‏ "ا قيل لي نادم على تسرعه بعد ان انزوى متقاعداً . 
اما كامل الحادرجي فقد انضم اليه لأنه كان يقدر انه على أي حال سيعفى من 
منصبه قريباً ؛ ويوسف عز الدين تبع كاملا الحادرجي كصديق مخلص » 
وصالح جبر ربما كان مسروراً حترمة ان ينسحب من الوزارة مع رفقة طيبة 
من منصب لم يكن سعيد! فيه قط . 


4 ان جعفر وكامل هما اللذان قادا الركة مؤملين ‏ فيما استنتج - 
اهما باحتجاجهما على سفك الدماء » ان ينالا تأبيداً شعبياً واسعاً . وان ما فعلاه 
هو اهما وزعا على نطاق واسع في المدن المقدسة وفي منطقة الفرات نسحا من 
كتاب استقالتهما الذي امبما فيه رئيس الوزراء باللجوء إلى القسوة لا مبرر ها 
في معالحة الاضطرابات في الديوانية واعلنا اهما لا يستطيعان ان يبقيا مرتبطين 
عثل هذه المظالم . 

ه - ولم يكن حكمت سليمان ليعبأ كثيراً بفقدان كامل الحادرجي او 
بو سف عز الدين او صالح جبر ٠‏ ولكنه مع ذلك » ولأسباب عديدة منها المودة 
الشخصية والصادقة لحعفر الي التمن : اراد الاحتفاظ بوزير المالية . ولكن 
توزيع نسخ كتاب الاستقالة خلق فجوة واسعة . وان محاولاته لرأبها كان لا 
بد من التخلى عنها حينما اكتشفئان جعفراً وكاملا قاما بمحاولة جدية للتحريض 
على اضر اب عام في اليوم التالي . ان هذه المحاولة ‏ الي فشلت لحسن الحظ - 


76 


جءات من الواضح ان التسوية مستحيلة . 
١‏ 

- وعلى اثر ذلك كلف رئيس الوزراء كلا من ناجي شوكت ( الذي 
جاء من انه رة مع وزير خارجية تركية ) وسجميل المدفعي » ونصرت الفارسي . 
000 ارة . اخبرني ناجي شوكت ان ثلاثتهم كانوا سيوافقون لو 
وافق رئيس الوزراء على ان يهعد بوزارة الدفاع إلى جميل المدفعي .. واوضح 
الهم كانوا متأثرين بما سمعوه من تدخل رئيس اركان الحيش في الامور السياسية 
الحارجة عن نطاق اختصاصه ؛ واعهم شعروا با هم لا يستطبعون الاشتراك في 
الوزارة الا اذا فرضت رقابة عليه . وقد فكروا 8 طريقة لذلك هي ان 
بصبح جميل المدفعي وزيراً للدفاع . وحسب قول ناجي شوكت ان رئيس 
الوزراء قال انه لا يستطيع ان يوافق على هذا الاقراح لان معناه خيانة عبد 
االطيف نوري الذي هو الان باجازة مرضية في اوربا . ولكن ناجي شوكت 
يرى ان السبب الحقيقى هو ان :بكر صدتي كان قد هدد بالاستقالة في حالة 
تنفيذ هذه الفكرة . ْ 

- اننى اميل إلى الظن ان ناجى شوكت كان مصيباً » ولكننى أجد من 
الصعوبة بمكان ان :اعرف تا كثر من التتآولات العامة السبب الذي جعله هو 
والاخرين يعتقدون بضرورة فرض رقابة على بكر صدثي . وقد اكد لي وزير 
ال خارجية بكل مظهر من مظاهر الاخلاص ». خلال حديثه عن اللاحداث الاخيرة 
بأن الاقاويل الراخنة عن تدخلات بكر صدتي في الامور الى ليستمن اختصاصه 
لذ أساسن ها من الضبحة : .وقال. ان رئيس اركان الحيكن منل تلم الوزارة انلهكم 
لم بحاول ولا مرة واحدة ان يفرض ارادته على الوزراء . واخبرني ناجي 
شوكت من جهة أخرى » انه قانع بأن نفوذ بكر صدتي في السياسة كان أكبر 
من نفوذ رئيس الوزراء نفسه . ويحتمل الا" يكون هذان التقديران متناقضين 
كا يبدو في الوهلة الأولى . وقد تكون الحقيقة ان بكر صدثي يمارس نفوذه 
خفية . وعلى أي حال فليس هنالك شك بانه كان من القوة بدرجة تكفي لاحباط 
الحطة الي دبرها ناجي شوكت وجميل المدفعي للحد من نفوذه . ولا شك انكم 


9٠ 


تنذكر ون انه كان يدعي دائاً ان اهتمامه الوحيد كان يكمن في الحيش العرائي. 
وبمكن ان نجد شيئاً من التبرير في قصة سمعتها لهذا من الدكتور رشدي آراس 
( وزير خارجية تركيا ) الذي سمعها بدوره من ملك العراق . حينما كان 
حكمت سليمان يحاول تأليف وزارته الحديدة أفهم الملك غازي بكر صدتي 
انه مستعد ان يقبل به رئيساً للوزراء » ولكن بكر صدتي ١‏ عتذر قائلاً انه 
مرتاح ومشغولا"انشغالا تام تمنصبه الحالي . 

8 - حينما اخفق رئيس الوزراء في اقناع الرجال الثلاثة الذين اختارهم 
للاشئراك في وزارته - اضطر إلى التخلي عن فكرة تأليف وزارة من شخصيات 
مهمة والتراجع إلى رجال من الدرجة الثانية . وفي موقف كهذا ريبما كان 
من الحكمة ان يختار بصورة رئيسية موظفين ذوي خبرة بدلا" من سياسيين غير 
مجربين - وبالرغم من ان المجموعة الحديدة - كما سبق ان بينت في برقيي 
رقم ١79‏ ليست مثيرة للاعجاب بصورة خاصة » واما لا تبشر بالدوام 
لمدة طويلة » فامها قد تؤدي عملها بصورة مرضية إلى ان يمكن اقناع شخصيات 
ذات وزن أثقل بأن يحلو محلهم . ان اشراك مصطفى العمري قد جلب دون 
شك خبرة ادارية تمينة إلى وزارة نحتاجها كثيراً بعد سبعة أشهر من ادارة حكمت 


سليمان المتشنجة والمتصلبة برأها . 
ه ان الوزارة بشكلها ا حاللي » تتألف من : 

ريمن الوزراء حكمت سليمان 

الداخلية تشتطفى لمر 
المالية محمد علي محمود 

الخارجية ناجي الأصيل 

الاقتصاد والمواصلات عباس مهدي 

العدلية علي محمود الشيخ علي 

الدفاع عبد اللطيف نوري 

المعاروف جعفر .حمندي 


هرف 


ان الوزراء الحدد » باستثناء وزير العدلية » هم رجال يعتمد عليهم وان لم 
يكونوا بارزين جداً » وعلي محمود الشيخ علي بالرغم من كونه في السابق قومياً 
متطرفاً في كثير من الأحيان عنيفاً » فانه » كما علمت » قد نضج مع الزمن » 
ولعل المنصب سيروّضهء كا هي الحالة:مع كثيرين غيره . ان زملاءه الانكليز 
يالوزارة يطرون على كفاءته الطبيعية . 

٠‏ ليس من السهولة تقدير الاثر الذي تركته الاحداث المذكورة في 
الرأي العام » وهنالك بطبيعة الحال شي من التخوف من ان تشعر عشائر 
الفرات بالسرور والتشفي بسبب استقالة اربعة وزراء على حسابها بصورة 
واضحة » ولكن الوقت لا يزال مبكراً للحكم على ذلك . وفي الوقت الحاضر 
يبدو ان جميع الحركات البرية في الرميثة والسماوة ( وهما أسوأ نقاط الحطر ) 
قد انتهت » كا ان الطائرات الي كانت تقوم بواجبانها هناك قد سحبت . ان 
وزير الداخلية قد يستطيع ان يوصي معالحة جديدة للاضطرابات المزمنة في 
الديوانية » واعتقد ان رئيس الوزراء سيكون مستعداً للموافقة على قيامه بتجربة 
ذلك » وي بغداد ‏ كما استنتج ‏ فان جعفر ابو التمن 5 قد خسر بدلا من 
ان يكسب في سمعته بسبب الطريقة يقة الي استقال بها . وليس هنالك كثيرون 

ممن اسفوا على خروج كامل الحادرجي . ان هذين الوويرين » وزميليهما 
الاخرين ؛ قد علقت عليهم الصحافة تعليقات سيئة » كما القي عليهم كثير من 
اللوم لمحاولتهم احراج رئيس الوزراء خلال زيارة وزير خارجية تركيا . 
ويصعب التكهن بالقوة الي سيستطيعون جمعها حوهم اذا ارادوا ان ينتقلوا إلى 
جهة المعارضة الفعالة . 

» قابلت ثلاثة منهم ي حفلة مسائية في اليوم التالي لاستقالتهم‎ - ١ 
ووجدهم مسرورين بما قاموا به ومعتزين بالاعتقاد الحاطىء بان الرأي العام‎ 
سيكون إلى جانبهم وكانت لكل منهم زاويته الخاصة في انتقاده الحكمت‎ 


يشفا 


سليمان » ولخنهم كانوا متفقين على ان رئيس الوزراء كان في يد رئيس اركان 
الحيش » وصرحوا جميعاً بأن ذلك لا يحتمل . ولم يظهر أحد منهم مهتماً 


بأن يعرف عنه هذا الرأي . 


5١‏ - ليس من غير الطبيعي أن أكون في جميع الاوقات متنبهاً لأية 
ظواهر تشير إلى تضاؤل قوة بكر صدثي البي تكمن بصورة رئيسية ني الحوف 
منه . واود ان اشاهد بوادر هذه الظاهرة في كون اولئك الرجال الثلاثة لا 
يكتمون استنكارهم للنفوذ الذي بمارسه في شؤون البلد » وان ثلاثة آخرين » 
وعم ناح بشراكت وخبيل المدفي ونضرت الفارني »يصرجون باجم امتتهوا 
المكشوف يعنى في » احسن الاحوال » اجازة خارج العراق » وني اسوتما , 
رصاصة في الظهر . وان امكانية التعبير عنه اليوم بدون تخوف » فيما أرى » 
هو ذو مغزى جدير بالاهتمام . وبنفس الوقت سمعت مؤخراً عن كثير من 
الارتياح في الحيش عن حكم بكر صدتي » وان ذلك قد يصبح مخطرا اذا وجد 
زعم آخر منافس له . الزعبم ( العميد ) حسين فوزي » آخر موقع بغداد ( الذي 
م يشرك في الانقلاب ) هو ضابط ذو نفوذ ويقال انه على وفاق مع رئيس اركان 
الحيش . 

٠‏ - بي الشمال » وني البصرة » بالرغم من انه كانت هنالك اشاعات 
وتقولات كثيرة » يبدو انه لم يكن عمة اهتمام كبير بالازمة الوزارية . 

14 في الحلسة الاخيرة الى عقدها مجلس النواب قبل عطلة البرلمان 
الصيفية القى رئيس الوزراء خطاباً مهما وذا مغزى حول استقالة زملائه الاربعة . 
قال ان سياسة حكومته هي سياسة وطنية وانها تعارض جميع الافكار والآراء 
الهدامة » واءها مصممة على الحكم على أسس المبادىء الديموقراطية ومقاومة 
المحاولات الرامية إلى تحطيم الدستور » وانها تطالب الأمة جمعاء اولا” وقبل 
كل شيء بمعاقبة اولئك الذين حاولوا تعكير النظام العام . وانه يرك للتاريخ 


ايارف 


00 امح ل وده يوتري 
606 - 0 مرسل نسخة من هذا التقرير إلى وزير جلالته المفوض في 
ان 
اتشرف بأن أكون » مع فائق الاحترام » 


الوثيقة السادسة 


(5-7375/1419/93) 
من المستر مورغان الى المستر ايدن 
السفارة البر يطانية 
انقرة 
١١‏ تشرين الثاني ١9175‏ الرقم : ٠"‏ 
سيدي : 


اغارة إل تفريري المرقم :688 والمورخ في ا تشيرين ن الثاني حول السياسة 
الحارجية للحكومة العراقية » اتشرف باعلامكم أن السيد ناجي شوكت » وزير 
العراق المفوض هنا . اخبرني انه » بعد الانقلاب . اكد على حكمت سليمان 
رئيس الوزراء العرائي الحديد الذي هو أحد أقربائه » الاهمية الحيوية لاجتناب 
أي اجراء يعكر صفو العلاقات بين العراق وبريطانية العظمى من جهة» وبينه 
وبين تركية من جهة أخرى . وان حكمت سليمان رحب ببذه النصيجة وخول 
السيد ناجي شوكت اصدار بان اذاعته وكالة انباء الاناضول في ١‏ تشرين الثاني» 
ارفق بطيه نسخة منه . وهو يتضمن تأكيدات بعدم حدوث ما يعكر تلك 


353 


العلاقات نتيجة تغيير الحكومة في العراق . وان بقية الممثلين الدبلوماسيين 
العراقيين في الحارج ‏ "كما قال السيد ناجي شوكت - ابلغوا بمضمون البيان من 
قبل حكومتهم . 
؟ ‏ وصف وزير العراق المفوض السيد حكمت سليمان بانه رجل معقول 
ذو آراء معتدلة » ولكنه مع ذلك من النوع الذي يفضل الاستقالة على أن يقاوم 
بشدة اية سياسة قد يفرضها عليه غيره » ولا يكون هو موافقاً عليها . 
- انني مرسل نسخة من هذه الرسالة إلى سفير جلالتكم في بغداد . 
واتشرف ..... الخ . 
جيمس مورغان 
الوثيقة السابعة : 
برقية من انقرة إلى وزارة الحارجية 
الحكومة العراقية سيرسل ناجي شوكت إلى هنا « لشرح الوضع » . اخبرني 
السكرتير العام انه يتتظر وصوله في /ا مايس ١447‏ . 
٠٠.١‏ .(انطوني ايدن ) 
ناجي شوكت هو وزير الدفاع في حكومة رشيد عالي » وواحد من أهم 
أعضائها » كان رئيساً للوزراء في سنة ١917‏ وقد شغل مناصب أخرى . وهو 
شخص مناسب جداً ليكلف بالمحادئات مع تركية لانه كان وزيراً مفوضاً في 
انقرة مرتين » ويبدو انه ترك انطباعاً جيداً هناك . 
كر وسئوايت 
//ره/ ١1‏ 
كان قد ارسل إلى انقرة قبل بضعة اشهر من قبل رشيد عالي لاجراء 


مك91 


محادئات مع فون بابن » وقد يكون ذلك هو الغرض في هذه المرة اا أي 
ليبدأ اتصالا” بالالمان . 


با كسير 
إه 


لا اشك في انه يرسل للاتصال بالالمان » وقد ارسل شخص آخر إلى 
طهران لهذا الغرض . 


سيمور 
اه 


( وقد وقع على هذه المطالعاتالسر الكسندر كادوغان » وكيل الوزارة 
والمستر ايدن » تثبيتاً لاطلاعهما عليها ) . 
الوثيقة الثامنة : 
من انقرة إلى وزارة الحارجية 
سري للغاية : 
من السر ناتشبول - هكسن 
الرقم / ١١179‏ التاريخ 94 مايس ١441١‏ 
مكررة إلى القاهرة ٠»‏ القائد نعام لقوات الشرق الاوسط » حكومة الهند 
استدعاني وزير الحارجية صباح اليوم ليخبرني عن محادئتين اجراهما يوم 


8 مايس مع ناجي شوكت . السكرتير العام لوزارة الحارجية كان حاضراً في 
احداهما . 


١‏ - وزير الحارجية تكلم بجدية وصرامة شديدة » كا ان السكرتير العام 


71 


م استفسر وزير اللحارجية فيما اذا كان اتصال رشيد عالي بالالمانَ 
صحيحاً . اجاب ناجي شوكت ان ذلك لم يكن صحيحاً حبى بدء اعمال العدوان 
ولكن الحكومة العراقية الان ترغب في استئناف العلاقات مع المانيا وروسيا . 
ابدى ان رشيد عالي يتمتع بتأييد البلاد كلها . 


- بعد حديث طويل وصريح من جانب وزير الحارجية والسكرتير 
العام طلب ناجي شوكت مقبرحات الحكومة النركية من اجل تسوية . اقرح 
وزير الحارجية شفوياً نقاط معينة مستنداً إلى تصر يحكم في مجلس العموم . وقد 
قرأها لي » وسيرسلها إلي مكتوبة بأسرع وقت . 


ه - قلت له بأنني لا استطيع ان الزمكم بأي وجه » ولكني سأبرق لكم 
هذا المآل . وقد اضفت نقطتين بدتا لي منطقيتين : ١‏ - انه اذا ثم التوصل إلى 
أي ترتيب فاننا بعد الآن يحب ان نتخذ جميع الحطوات الضرورية لنض من 
عدم تكرر الاحداث الاخيرة . ! - يجب ان نتأكد اننا سنعامل من قبل الحكومة 
العر اقية باستقامة وصدق وانه لن يكون هنالك اتصال بالمانيا . وقد ذكرت 
ايضاً انه قد تكون هناك صعوبة في استمرار العلاقات مع روسيا . 


5 - سأبرق مرة أخرى حال تسلمي مقترحات وزير خارجية تركيا 
نحريرياً . 


7*1 


الولبقة التاسعة : ١‏ 
. من نركيا 
من انقرة إلى وزارة الحارجية 
من السر ناتشبول - هكسن 
الرقم : ١١417‏ التاريخ ٠١‏ مايس ١941١‏ 
( مكررة إلى القاهرة وحكومة الهند ) 

برقيي المرقمتين ١١79‏ و ١١8‏ 

السكرتير العام نحدث إلى ناجي شوكت بكل صراحة فيما يتعلق بكل من 
خطل سياسة الحكومة العراقية الي ستؤدي بهم مباشرة إلى السيطرة الالمانية » 
وحقوقنا عموجب العاهدة . يعتقد انه ترك بعض الانطباع لديه . 

" - انه حريص للغاية على ان لاا نرفض » على الاقل » وان نتقدم ولو 
قليلاً نحو تبي المقترحات التركية كأساس . هذا يعود بصورة رئيسية إلى ما 
يعركه استمرار القتال من تأثير على وضع تركية . 

 *‏ نسخة من الورقة المشار اليها في برقيي ١١5‏ اعطيت إلى ناجي 
شوكت » وقد اشرت مرة أخرى إلى النقطة ( ه ) من تلك البرقية . السكر تير 
العام قال اذا اقتضت الضرورة فان الحكومة التركية تستطيع ان تتفادى هذا 
بأن تأخذ المسؤولية على عاتقها . وقد اتغق مع تعريفي في الفقرة ( 4 ) من 
البرقية ذانها . 

؛ - ناجي شوكت قال ان المقترحات التركية تمثل اقصى ما يستطيع ان 
يذهب اليه . اعتقد ان السكرتير العام لا يعتير هذا نبائياً . 


5 


ه - ناجي شوكت لا يزال هنا » ويبدو ان هناك احتمالاً ببقائه حى يتم 
تسلم جوابكم . 
الوثيقة العاشرة : 

إلى تركيا 
من وزارة الحارجية إلى انقرة 
الرقم : ه/ا١١٠‏ التاريخ :هايس ١44١‏ 
مكررة : القاهرة : حكومة اند 
على الفور : 

برقيتيكم المرقمتين ١١79‏ و ه١١‏ ( ني 4 مايس : العراق ) . 

أ يدكم فيما ذهبتم اليه في محادنتكم . 

٠‏ شما تعلمون اننا واثتقون من ان رشيد عالي كان على صلة وثيقة بالالمان 
منذ مدة طويلة » ولدينا احسن الاسباب الي تحملنا على الاعتقاد بأن ناجي 
شوكت نفسه قام بدور الوسيط حينما كان في انقرة للمرة الاخيرة » ولكن 
خارج الموضوع في الوقت الحاضر . ناجي شوكت يعترف بأن رشيد عالي 
برغب في استئناف العلاقات مع المانيا . ان أي عمل من هذا القبيل من جانب 
الحكومة العراقية هو بطبيعة الحال خرق صريح للمادة 4 من المعاهدة البر يطانية 
العراقية » ولا بمكن قبوله اطلاقاً من وجهة نظر الحكومة صاحب الخحلالة . 

١١ه من برقيتكم رقم‎ ١ المقئرحات الواردة في الفقرتين 4 و‎  * 
. ستفر ض قيوداً مهمة جداً على حقوق حكومة صاحب الحلالة بموجب المعاهدة‎ 
وانه ليس من الممكن ان توافق على نحديد كهذا لحقوقها . خاصة بالنظر إلى‎ 
الاعتداء على الحبانية من قبل انصار رشيد عالي في الحيش العرائي بدون استفزاز‎ 
. من جانبنا‎ 


2,15 


؛ لم تكن لحكومة صاحب الحلالق ولن تكون لا اية نية في القضاء على 
استقلال العراق » ولكنها لا تستطيع ان تتخلى » ولن تتخلى » عن أي حبق من 
حقوقها بموجب المعاهدة ( وبالمناسبة قان الحفاظ على تلك الحقوق فيه أعظم 
فائدة لتركية)وانها يحب الا تصبح هذه 'الحقوق عرضة اهجوم بعدالان . 

ه - يرجى ان تقولوا لوزير خارجية تركية ان هذه هي آراء حكومة 
صاحب الخلالة المدروسة » وان تضيفوا اننا نكبت هجوماً داخلياً ضد العناصصر 
غير الموالية في العراق » وني رأينا ان الجل الوحيد الذي سيقضي على الحطر 
الالاق ويضمن تخطوط المواصلات الآمنة لبلدينا عير العراق + هو :ان تتغيل 
حكومة رشيد عالي » وحلما تؤلف في العراق حكومة صديقة فاننا لا نتوقع 
اية صعوبة جدية في الوصول إلى تسوية مرضية لكلا الطرفين . يحب ان تؤكدوا 
لالحكومة النركية على اهمية امتناعهم عن قول او عمل كل ما من شأنه 
تشجيع رشيد عالي في مواصلة نضاله . وله لعلى جانب عظم من الاهمية ايضاً 
امهم يحب الا يعطوا العراقيين أي سبب للأمل بامهم يستطيعون الحاءنا في مناقشات 
معقدة بينما هم يتتظرون وصول القوات الالمانية . 


الوئيقة الحادية عشرة : 
من لصن 
من القاهرة إلى وزارة ا حارجية 

من السر مايلز لامبسون 
الرقم ول التاريخ ؟ حزيران ١541١‏ 
سري : 

المعلومات التالية من ( ا ) 

حينما ذهب ناجي شوكت إلى انقرة قد نصح بان يستعمل كل نفوذه 


80ىى,> 


لوقف ثورة العراق » واذالم ينجح في ذلك ان يستقيل . 

؟ - لدى عودته اخبر ناجي شوكت رشيد عالي بذلك . بعض زملاء 
الاخير ايدوا هذه النصيحة » ولكن رشيد عالي والضباط الكبار رفضوا وهددوا 
ناجى شوكت اذا استقال . 

“ا - ناجي شوكت كان يحاول كسب الوقت » وكخطوة اولى ارسل 
زوجته إلى انقرة » وخطط ان يتوجه هو ايضاً إلى هناك « لأجل المعالحة ' 
ليسحب نفسه بذلك من الحركة . 


11ىق2, 


تعليقاتي على الوثائق 


تعليقاني على الوثائق المتقدمة 


التعليق على الوثيقة الثالئة : 


بدأت مشكلاني مع السمارة البريطانية في انقرة بعد تقديم اوراق اعتمادي 
الى رئيس الحمهورية الركية بمدة وجيزة. فعند وصولي إلى انقرة» فهمت من 
سفارتنا فيها ان اسلائي كانوا على اتصال داتم بسفراء بريطانية إلى درجة انهم 
كانوا يستشير ون هؤلاء السفراء عن عافة الامور الى لها علاقة بسياسة العراق 
الحارجية » ولا سيما تلك الي كان لما مساس مناساتنا مع الحكومة التركية 
حبى ان سفراء بريطانية كانوا يعتبرون السفارة العراقية في انقرة كجزء ملحق 
بسفار مهم ؛ فشعرت ان من واجبي ان اصحح هذا الانطباع قبل كل شيء 
وان اقضى على هذه العادة ااسيئة . الماسة بكرامة بلادي فكان اول عمل قمت 
به - دون ان استشير السفير البريطاني ‏ هو الي قمت بزيارة سفير الانحاد 
السوفياني كما زرت بقية السفراء والممثلين الدباوماسيين الأجانب في الحمهورية 
التركية على الرغم من اني كنت عالاً بأن احداً من اسلائي لم يسبق له ان زار 
نمثل الاماد السوفياني من قبل . 

فقّد جرت العادة ان يبدأ الوزير المفوض لأية دولة بزيارة زملائه السفراء 
والوزراء المفوضين في العاصمة البي يمثل بلاده فيها ولما كان سفير الاتحاد 
السوفياتي ني انقرة اقدم السفراء فيها فقد بدأت بزيارته فاستقبلت من قبله ومن 


"2 


قبل اركان سفارته وبقية موظفيها بحفاوة بالغة فكان لاقدامي هذا وقع مثير 
في الاوساط السياسية في انقرة الامر الذي عزّز مركز العراق كدولة مستقلة 
وليست كدولة واقعة تحت الانتداب البريطاني ولكن زيارتي هذه كانت سبباً 
لامتعاض السفير البريطاني مني . 


هذا من جهة ومن جهة أخرى فاني تلقيت برقية من وزارة الحارجية 
العراقية تطلب فيها مبى السعى لدى الحكومة التركية لاسناد موقف العراق 
ووجهة نظره في قضية الاقليات في العراق التي كانت مطروحة يومئذ امام 
مجلس عصبة الامم ولزوم استشارثي للسفير البريطاني في انقرة قبل ان افاتح 
الحكومة التركية في الموضوع . اما انا فقد تجاهلت هذه التعليمات ففانحت وزير 
خارجية الحمهورية الركية في الموضوع قبل ان استشير السفير البريطاني او ان 
اتصل به وقد وفقت في الحصول على وعد من وزير الحارجية'التركية بتأييد 
وجهة النظر العراقية على قدر الامكان . 


وهناك حادثة أخرى » فان السفارة البريطانية في انقرة كانت قد أقامت 
حفلة رسمية ذات يوم بمناسبة احد الاعياد البريطانية ولم اتلق انا ولا تلقى احد 
من موظفي المفوضية العراقية اية دعوة لحضور هذا الحفل على الرغم من ان 
العرف والتقاليد الرسمية كانت نحم توجيه مثل هذه الدعوة إلى كافة السفراء 
واركان السفارات الموجودين في عاصمة الدولة الى نجحري في عاصمتها امثال 
هذه الحفلات » اما الحفلات الخصوصية الاخرى فيقتصر الحضور فيها على 
من يرغب السفير في دعوته اليها . 

وم انمكن ي بادىء الامر ٠ن‏ معرفة الاسباب الي ادت إلى عدم دعوتنا 
إلى هذه الحفلة حبى علمت ان همساً وتساؤلات سادت بين الحضار من جراء 
عدم حضورنا » وان السفير البريطاني واركان سفارته اصبحوا في موقف حرج 
من جراء هذا الهمس وهذه التساؤلات وقد اراد السفير ان يتلافى الحطأ فوجه 
لي ني اليوم التالي كتاباً يعتذر فيه عما حدث ويعلل ذلك ببعض العلل التافهة 


.و97 


كان عدم توجيه الدعوة الينا لحضور الحفل موضوع اللبحث مقصوداً او اله 
كان ناشئاً من اهمال او خطأ ارتكبه احد“موظفي السفارة البريطانية او احد 
مستخدميها » اما انا فأميل إلى الاعتقاد بأن الامر كان مقصوداً اذ لا يعقل 
ان بقع خطأ او اهمال في مثل هذا الأمر وقذ عزز هذا الاعتقاد مبي اطلاعي 
الآن على هذه الوثيقة واعتبار السفيز اياي شخصاً مزعجاً بحيث انه كان يريد 
سحبي من انقرة فقد استمرت مناسباته مع السفارة البريطانية في انقرة على هذا 
المنوال مدة بقائى وزيراً مفوضاً للعراق فيها وفيما يلى نص الاءتذار الذي تلقيته 
من السفارة المذكورة مبذه المناسبة : ْ 
عزيزي الوزير : 

لا حاجة لي ان ابين شدة اسفي عندما لم اركم لا انتم ولا أياً من افراد 
معيتكم في هذا المساء . فعندما انتهت حفلبي بدون ان بحضرها أي ممثل من 
العراق » شعرت بأن اوراق الدعوة ذهبت إلى غير محلها لاني لم اتصور أي سبب 
آخر لعدم حضوركم . 

وبعد البحث تأثرت عندما فهمت ان هذا هو الواقع ولو اني حتى الآن 
لا استطيع ان اتبين كيف ان هذا الحادث الغريب قد حدث . ان هذا الحادث 
هو من سوء الحظ جداً ولم اشأ ان يحدث ولو ملكت العالم ( تعبير انكليزي ) 
ولا استطيع سوى ان ارجوكم ان تقبلوا اسفي الحالص والشديد . والي واثق 
من انكم عرفم انه يحب ان يكون هناك خطأ » واني متأثر لأن لا احداً من 
كتاب سفارتي او من كتاب سفارتكم لم يلفت نظري إلى هذه المسألة . 

ونظراً إلى العلائق بين بلادكم وبلادي فأنكم والسيدة ناجي شوكت وافراد 
معيتكم هم ( وارجو ان تتحققوا ذلك ) اقدم من اؤمل ان اراهم في سفارني 
في مثل هذه المناسبة . 

ارجو ان تعتقد باني محصلكم بكمال الاعتذار . 

جورج كلارك . 


اها 


التعليق على الشق الاخير من الوثيقة رقم " : 

كوني كنت موضع سخط الملك فيصل الاول وغضبه أمر معروف وغير 
خاف على أحد مدة طويلة ولكن كان ذلك يوم كنت متصرفاً . نيس بعد ان 
اصبحت وزيراً . 

وكانت الاسباب الي جعلت الملك فيصل يرتاب مبي وسببت غضبه علي 
كثرة ومنها انه كان يعتقد بأني بحسب كوني جمهوري التزعة كنت انتهز 
كل فرصة للحط من كرامته وقد تعزز هذا الاعتقاد لديه بعد ان اقدمت على 
توقيف مدير المزرعة الملكية السيد توفيق المفتى وسوقة الى المحكمة لأنه كان 
قد تسبب في غرق بغداد سنة ١94175‏ كنت يرمق متصرفاً للواء بغداد وقد 
فصّلت ذلك في ص ( 7/8 ) من الطبعة الثانية من مذكراتي كما تعزّز لديه هذا 
الاعتقاد للمرة الثانية عندما وافقت على أن نجحرى امتحانات طلاب المدارس 
الثانوية في الموضل في القصر الذي كان نحت استيجار الحزينة الملكية عندما 
كنت متصرفاً ثلواء الموصل سنة ١41717‏ على نحو ما فصلته ايضاً في ص ١١/84‏ 
من مذ كرابي في طبعتها الثانية . 
وفيما بلي صور المخابرات الحارية بين دار الاعتماد في بغداد ووزارة المستعمرات 
في لندن . 

(2842-:18) 0.371/12259.]آ 
برقية رمزية 
من المندوب السامي البريطاني في العراق السر هري دوبس 
إلى وزيب المستعمرات 
التاريخ "١‏ حزيران ١93717‏ 

الرقم : 781 

اخذ الملك فيصل في الآونة الاخيرة يسير على سياسة جعل الموظفين » بما 
فيهم المتصرفين » يعتمدون عليه شخصياً . ولهذه الغاية رفض قبل عدة اسابيع 


7 


الموافقة على عرض لانحة قانون للإخضسباط يوفر للموظفين ضمانات كافية ضد 
الفصل الكيفي . استقال فرنون وبيورى من عضويتهما في حنة الميزانية احتجاجاً 
على عمل الملك ٠»‏ وكانت اند المهمات الي انيطت ببذه الاجنة هي اعداد 
مسودة تلك اللانحة . حاول فيصل ان يبرر موقفه جواباً عن احتجاجي مدعياً 
انه لا يزال هنالك عدد كبير من الموظفين السيئين الذين تاءربوا في العهد المركي . 
نحيث سيكون من المستحيل ازاحتهم بالاساليب التقليدية . وقد حاول الملك 
ووزير الداخاية قبل شهرين ان يفعملا بطريقة الاستعجال جميل العزاوي . 
وهو واحد من انزه الموظفين واكترهم كفاءة » بحجة انه زود وزير الداخلية 
ععلومات مضللة خول قضايا غشائرية معينة دون ان يكلف نفسه عناء التأكد 
من صحتها . وقد كان الامر تافهاً » ويمكن تلافيه بتوبيخ رسمي بسيط في 
ظل أي نظام متمدن . وقد تمكنا » كورنواليس وأنا » من استخلاص وعد 
باعادة المتصرف المعزول بعد ثلاثة اشهر . ومع ذلك » فاني اشك فيها اذا كان 
الوعد سيتفذ عند حلول الموعد . ان ثقة جميع موظفي العراق قد ترعزت بسبب 
هذا الفصل . والآن تأتي الحادثة الثانية والبي هي أسوأ من سابقتها » وهي قضية 
متصرف الموصل الممتاز ناجي شوكت . ان ناجي متطرف نوعاً ما في آرائه » 
وربما ضد الانكليز قليلاً » ولكنه نزيه » وشغول ٠»‏ وكفوء . وهو ينتمي إلى 
فئة الشباب العرب الذين هم جمهوريون في ميولهم ٠‏ ولذلك فانه غير محبوب 
من قبل فيصل . وكان قد اخبر ما.ير المعارف في الموصل مؤخراً ان الامتحانات 
المدرسية السنوية: يمكن اجراؤها في دار الملك في الموصل ٠‏ وارسل نسخة من 
كتابه إلى ناظر الل يئة الملكية الخاصة للتأييد . ان الملك يقضي حوالي اسبوع 
واحد فقط من السنة في هذا البيت المهجور جداً في الموصل . وقد اعتاد ان 
يعيره للاغر اض العامة كلما تطلب الامر . ان الاجراء الذي اتخذه المتصرف. كان 
بدون لباقة ومحالفاً للاتيكيت » ولكنه لم يكن بدرجة تستوجب الفصل .. وقد 
وجد وكيل مستشار وزارة الداخلية الملك في ثورة من الغضب لا يمكن كبحها 
بسبب هذه الاهانة » وانه كان يقول ان الملكية الدستورية هي امر سخيف 


97 


ويطالب بفصل ناجي فوراً . ولم يكن الملك ليصغي لأي تدخل » وقد اجبر 
رئيس الوزراء على عرض موضوع فصله على مجلس الوزراء . كتب مستشار 
وزارة الداخلية بالوكالة ما يأني : يبدأ . الاسلوب ني القضيتين الاخيرتين كان 
متمائلاً . حادث تافه للغاية قلب بعد تشويهه إلى اهانة شخصية » وهكذا خرج 
عن نطاق المعالحة الادارية غير العاطفمية . ان اجراءات فصل اولئك الموظفين 
الصغار كالقائمقامين والمديرين »؛ ومعظمها بوحي من الدسائس المحلية » كان 
لها أثر مفجع على معنويات موظفينا الاداريين » واختفى كل شعور بالضمان 
ومعه كل شجاعة ادارية . لقد بلغنا مفترق الطرق » وعلينا ان نتصدى لحماية 
ناجي او ان نتوقم حدوث حادثة أخرى . انتهى . اني اتفق مع المستشار في 
اعتبار الوضع جدياً » وحلما يصدر قرار مجلس الوزراء بفصل ناجي » وهي 
نتيجة يبدو انها مفروغ منها » فانني سأطلب إلى فيصل عدم المصادقة عليه . 

وعندئذ ستثور الاسئلة التالية : ( ١‏ ) هل ان ضمان مدة خدمة كبار 
الموظفين » وكونهم بمنجى من الفصل الكيفي امر تستطيع حكومة جلالته ان 
تصر عليه بوصفه ضرورياً لتحقيق الاستقرار والتنظيم الحيد لمالية حكومة 
العراق استناداً إلى المادة الرابعة من المعاهدة ؟ 

)١(‏ اذا كان الجواب على )١(‏ هو بالايجاب ». فهل من الحصافة الاضرار ؟ 
اني اعتقد ان الجواب على )١(‏ هو بالامجاب » اما فيما يتعلق ب (؟) فان الملك » 
بصورة مؤكدة تقريباً » سيجعلها مسألة كرامة شخصية » وانه قد يذهب إلى 
حد التهديد بالتنازل عن العرش . ومع ذلك فاني اشعر ان الادارة بصورة 
عامة قد تدهورت مؤخراً بدرجة من السرعة كتتيجة للسياسة الشخصية للملك 
ولبعض الوزراء المعينين بحيث يجب علي" ان اضع قدمي مصراً » واواجه النتائج. 
سأكون ممتناً لو تلقيت تعليماتكم برقياً . وفي الظروف الاعتيادية كنت ابلغكم 
بما تقدم بالبريد . ولكن التأخير في امر من هذا النوع سيفرضص توترا لا يطاق 
على العلاقات بين الملك فيصل وبي . 


6 


برقيق رمزية 
جواب وزير المستعمرات إلى المندوب السامي في العراق 
4 حز يران ١91717‏ 
(8-2842) 371/12259 .8.0 
الرقم 515 
اوافق على رأيكم فيما يتعلق بحواب كلا السؤالين المثارين في القسم الاخير 
من برقيتكم المرقمة 587 والمؤرخة أي 7١‏ حزيران » وامنحكم تخويلي وتأيبدي 
الكاملين في اخاذ الاجراء الذي تجدونه مرغوباً فيه لمعالحة الموقف . ولا شك انه 
لن تغيب عن بالكم هبيه انائعة الفرضة ااانه نر جع بصورة مشرفة عن 
الموقف الذي امخذه وانكم ستعملو نكل ما في وسعكم » فيما اذا كان الملك 
فيصل راغبآً في قبول المنطق » لتضمنوا بأن يكون تغييره لموقفه في الظاهر 
وكأنه حدث تلقائياً . 
بعري 


: التشسفرات 7 
(8-2842) 371/12259 .58.0 
القع الح 
أخَاولت بكل طريقة ممكنة ان اسهل الطريق على فيصل في قضية متصرف 
الموصل الذي استدعي إلى بغداد مسحوب إليد . لم اخبر احداً حتى الآن تدخل 
فو الوضوع باسنا ريس الإرزاء يدري عن الخال الوب راي .لد 
ولتي الآن كلمة من فيصل بصورة خاصة بواسطة ادموندس بأنه سيتنازل 





1 نانفا 
7 


عن العرش اذا ضغطت عليه أكثر من ذلك . اخشى ان يكون جاداً في قوله . 
يدعي جلالته الآن ان الاحتجاج الساخط الذي كتبه ناجي محماً هو دليل على 
التمرد يستحق عليه الفصل . سأجري مقابلة مبائية صباح اليوم ( السبت ) ولكن 
رأيت من الضروري ان احذركم حالا” اذ قد تمد الاحداث طريقها إلى الصحف 
قبل ان يتسى الوقت لاعداد بيان . 

ان ما جاء اعلاه هو بالاشارة إلى برقيتكم رقم 7١5‏ والمورخخة في 4؟ 
حزيران . 

ولكن بعد كل هذا العداء والحفاء رأى الملاك فيصل ان من المصلحة نسيان 
الماضي والتعاون على ما فيه خير البلاد ومصلحتها فم التفاهم بيننا بعد ان دعاني 
إلى تناول طعام الغذاء على مائدته على نحو ما شر حته في الفصول السابقة في كتاني 
( سيرة وذكريات ثمانين عاماً ) . 


التعليق على الوليقة 5 : 


الانكليز يقولون ان رشيد عالي هو الذي ارسلي إلى انقرة للاتصال بسفير 
المانية فيها الفون بابن ورشيد عالي ينفي ذلك نفياً باتاً في بياناته الي ادلى بها إلى 
جريدة الاخبار القاهرية في 1481/4/١‏ اذ يقول : 

في الحقيقة كان ناجي شوكت يقوم بزيارة لانقرة»حدث اثناء ذلك ان 
اتصل وزيرالمجر المفوض هناك بالسيد ناجي الذي كان وزيراً مفوضاً لش.ران في 
تركيا قبل توليه منصب وزير العدل الذي تربطه بوزير المجر صداقة وقد دعاه 
هذا السفير إلى دار السفارة المجرية»وبالصدفة كان هناك بعض المسؤولين 
الالمان وجرى حديث ودي عن العلاقات بين المانيا والعراق ولْم يصدر أي بيان 
او اتفاق كما جاء بالمذكرات والوثائق الالمانية الي وجدت في اوراق هدتار 
الحاصة ١1ه.‏ 


كبا 


والحقيقة انه لا الذي قاله رشيد عالي ولا الذي قاله الانكليز كان صحيحاً » 
اما الحقيقة فهي كما دونتها بالتفصيل في كتاني ( سيرة وذكريات تمانين عاماً ) 
فأني انا الذي اتصلت لأول مرة بفون بابن اثناء زيارتي لانقرة وذلك بصفي 
الشخصية وليس بصفمي وزيراً للعدلية . 

وبعد هذه المقابلة ( الأولى ) جرت اتصالات أخرى مع فون بابن وكانت 
هذه المرة بعلم من رشيد عالي وموافقته وقد انمرت تلك الاتصالات ببيانات 
| لحكومتين الالمانية والايطالية الي اذاعتها محطتا اذاعة الدولتين في حينه على 
ما شرحته أي كتاني آنف الذكر ( ص 418-407 ) من الطبعة الثانية . 


7» 


نارية 


اهو سرك نر 
دراسة 
الما ست يتا : 


24 


تاليف , 
ريه ره 


١ درا‎ 


4 نال 3 


(١؟84١‏ ا 


و 2000 
صا عد 





«. 


الككؤر. كيز 
اما سن .امع معاد 


رقم الايداع في دار الكتب والوثائق ببغداد( 8/ا” ) لسنة ١994٠‏ 


4 
بغداد ‏ هاتف 8441175 


لعراق من الانتدانت البريطاني 
حصاكة الرآي. وبُعد النظر: 


َك 


,وأب ها عن الأنانية والتاويل :فرحم 
ة البقظبة العرنية التي تولت طبع 


السيد عبدالرزاق الحسني 


آذار وا